x

هدف البحث

بحث في العناوين

بحث في المحتوى

بحث في اسماء الكتب

بحث في اسماء المؤلفين

اختر القسم

القرآن الكريم
الفقه واصوله
العقائد الاسلامية
سيرة الرسول وآله
علم الرجال والحديث
الأخلاق والأدعية
اللغة العربية وعلومها
الأدب العربي
الأسرة والمجتمع
التاريخ
الجغرافية
الادارة والاقتصاد
القانون
الزراعة
علم الفيزياء
علم الكيمياء
علم الأحياء
الرياضيات
الهندسة المدنية
الأعلام
اللغة الأنكليزية

موافق

النحو

اقسام الكلام

الكلام وما يتالف منه

الجمل وانواعها

اقسام الفعل وعلاماته

المعرب والمبني

أنواع الإعراب

علامات الاسم

الأسماء الستة

النكرة والمعرفة

الأفعال الخمسة

المثنى

جمع المذكر السالم

جمع المؤنث السالم

العلم

الضمائر

اسم الإشارة

الاسم الموصول

المعرف بـ (ال)

المبتدا والخبر

كان وأخواتها

المشبهات بـ(ليس)

كاد واخواتها (أفعال المقاربة)

إن وأخواتها

لا النافية للجنس

ظن وأخواتها

الافعال الناصبة لثلاثة مفاعيل

الأفعال الناصبة لمفعولين

الفاعل

نائب الفاعل

تعدي الفعل ولزومه

العامل والمعمول واشتغالهما

التنازع والاشتغال

المفعول المطلق

المفعول فيه

المفعول لأجله

المفعول به

المفعول معه

الاستثناء

الحال

التمييز

الحروف وأنواعها

الإضافة

المصدر وانواعه

اسم الفاعل

اسم المفعول

صيغة المبالغة

الصفة المشبهة بالفعل

اسم التفضيل

التعجب

أفعال المدح والذم

النعت (الصفة)

التوكيد

العطف

البدل

النداء

الاستفهام

الاستغاثة

الندبة

الترخيم

الاختصاص

الإغراء والتحذير

أسماء الأفعال وأسماء الأصوات

نون التوكيد

الممنوع من الصرف

الفعل المضارع وأحواله

القسم

أدوات الجزم

العدد

الحكاية

الشرط وجوابه

الصرف

موضوع علم الصرف وميدانه

تعريف علم الصرف

بين الصرف والنحو

فائدة علم الصرف

الميزان الصرفي

الفعل المجرد وأبوابه

الفعل المزيد وأبوابه

أحرف الزيادة ومعانيها (معاني صيغ الزيادة)

اسناد الفعل الى الضمائر

توكيد الفعل

تصريف الاسماء

الفعل المبني للمجهول

المقصور والممدود والمنقوص

جمع التكسير

المصادر وابنيتها

اسم الفاعل

صيغة المبالغة

اسم المفعول

الصفة المشبهة

اسم التفضيل

اسما الزمان والمكان

اسم المرة

اسم الآلة

اسم الهيئة

المصدر الميمي

النسب

التصغير

الابدال

الاعلال

الفعل الصحيح والمعتل

الفعل الجامد والمتصرف

الإمالة

الوقف

الادغام

القلب المكاني

الحذف

المدارس النحوية

النحو ونشأته

دوافع نشأة النحو العربي

اراء حول النحو العربي واصالته

النحو العربي و واضعه

أوائل النحويين

المدرسة البصرية

بيئة البصرة ومراكز الثقافة فيها

نشأة النحو في البصرة وطابعه

أهم نحاة المدرسة البصرية

جهود علماء المدرسة البصرية

كتاب سيبويه

جهود الخليل بن احمد الفراهيدي

كتاب المقتضب - للمبرد

المدرسة الكوفية

بيئة الكوفة ومراكز الثقافة فيها

نشأة النحو في الكوفة وطابعه

أهم نحاة المدرسة الكوفية

جهود علماء المدرسة الكوفية

جهود الكسائي

الفراء وكتاب (معاني القرآن)

الخلاف بين البصريين والكوفيين

الخلاف اسبابه ونتائجه

الخلاف في المصطلح

الخلاف في المنهج

الخلاف في المسائل النحوية

المدرسة البغدادية

بيئة بغداد ومراكز الثقافة فيها

نشأة النحو في بغداد وطابعه

أهم نحاة المدرسة البغدادية

جهود علماء المدرسة البغدادية

المفصل للزمخشري

شرح الرضي على الكافية

جهود الزجاجي

جهود السيرافي

جهود ابن جني

جهود ابو البركات ابن الانباري

المدرسة المصرية

بيئة مصر ومراكز الثقافة فيها

نشأة النحو المصري وطابعه

أهم نحاة المدرسة المصرية

جهود علماء المدرسة المصرية

كتاب شرح الاشموني على الفية ابن مالك

جهود ابن هشام الانصاري

جهود السيوطي

شرح ابن عقيل لالفية ابن مالك

المدرسة الاندلسية

بيئة الاندلس ومراكز الثقافة فيها

نشأة النحو في الاندلس وطابعه

أهم نحاة المدرسة الاندلسية

جهود علماء المدرسة الاندلسية

كتاب الرد على النحاة

جهود ابن مالك

اللغة العربية

لمحة عامة عن اللغة العربية

العربية الشمالية (العربية البائدة والعربية الباقية)

العربية الجنوبية (العربية اليمنية)

اللغة المشتركة (الفصحى)

فقه اللغة

مصطلح فقه اللغة ومفهومه

اهداف فقه اللغة وموضوعاته

بين فقه اللغة وعلم اللغة

جهود القدامى والمحدثين ومؤلفاتهم في فقه اللغة

جهود القدامى

جهود المحدثين

اللغة ونظريات نشأتها

حول اللغة ونظريات نشأتها

نظرية التوقيف والإلهام

نظرية التواضع والاصطلاح

نظرية التوفيق بين التوقيف والاصطلاح

نظرية محاكات أصوات الطبيعة

نظرية الغريزة والانفعال

نظرية محاكات الاصوات معانيها

نظرية الاستجابة الصوتية للحركات العضلية

نظريات تقسيم اللغات

تقسيم ماكس مولر

تقسيم شليجل

فصائل اللغات الجزرية (السامية - الحامية)

لمحة تاريخية عن اللغات الجزرية

موطن الساميين الاول

خصائص اللغات الجزرية المشتركة

اوجه الاختلاف في اللغات الجزرية

تقسيم اللغات السامية (المشجر السامي)

اللغات الشرقية

اللغات الغربية

اللهجات العربية

معنى اللهجة

اهمية دراسة اللهجات العربية

أشهر اللهجات العربية وخصائصها

كيف تتكون اللهجات

اللهجات الشاذة والقابها

خصائص اللغة العربية

الترادف

الاشتراك اللفظي

التضاد

الاشتقاق

مقدمة حول الاشتقاق

الاشتقاق الصغير

الاشتقاق الكبير

الاشتقاق الاكبر

اشتقاق الكبار - النحت

التعرب - الدخيل

الإعراب

مناسبة الحروف لمعانيها

صيغ اوزان العربية

الخط العربي

الخط العربي وأصله، اعجامه

الكتابة قبل الاسلام

الكتابة بعد الاسلام

عيوب الخط العربي ومحاولات اصلاحه

أصوات اللغة العربية

الأصوات اللغوية

جهود العرب القدامى في علم الصوت

اعضاء الجهاز النطقي

مخارج الاصوات العربية

صفات الاصوات العربية

المعاجم العربية

علم اللغة

مدخل إلى علم اللغة

ماهية علم اللغة

الجهود اللغوية عند العرب

الجهود اللغوية عند غير العرب

مناهج البحث في اللغة

المنهج الوصفي

المنهج التوليدي

المنهج النحوي

المنهج الصرفي

منهج الدلالة

منهج الدراسات الانسانية

منهج التشكيل الصوتي

علم اللغة والعلوم الأخرى

علم اللغة وعلم النفس

علم اللغة وعلم الاجتماع

علم اللغة والانثروبولوجيا

علم اللغة و الجغرافية

مستويات علم اللغة

المستوى الصوتي

المستوى الصرفي

المستوى الدلالي

المستوى النحوي

وظيفة اللغة

اللغة والكتابة

اللغة والكلام

تكون اللغات الانسانية

اللغة واللغات

اللهجات

اللغات المشتركة

القرابة اللغوية

احتكاك اللغات

قضايا لغوية أخرى

علم الدلالة

ماهية علم الدلالة وتعريفه

نشأة علم الدلالة

مفهوم الدلالة

جهود القدامى في الدراسات الدلالية

جهود الجاحظ

جهود الجرجاني

جهود الآمدي

جهود اخرى

جهود ابن جني

مقدمة حول جهود العرب

التطور الدلالي

ماهية التطور الدلالي

اسباب التطور الدلالي

تخصيص الدلالة

تعميم الدلالة

انتقال الدلالة

رقي الدلالة

انحطاط الدلالة

اسباب التغير الدلالي

التحول نحو المعاني المتضادة

الدال و المدلول

الدلالة والمجاز

تحليل المعنى

المشكلات الدلالية

ماهية المشكلات الدلالية

التضاد

المشترك اللفظي

غموض المعنى

تغير المعنى

قضايا دلالية اخرى

نظريات علم الدلالة الحديثة

نظرية السياق

نظرية الحقول الدلالية

النظرية التصورية

النظرية التحليلية

نظريات اخرى

النظرية الاشارية

مقدمة حول النظريات الدلالية

علوم اللغة العربية : علم الدلالة : الدال و المدلول :

ماهية الدلالة (الاصطلاح في الدلالة اللغوية، ونظرية الاعتباطية في الدلالة)

المؤلف:  د. فايز الداية

المصدر:  علم الدلالة، النظرية والتطبيق

الجزء والصفحة:  ص17- 24

16-8-2017

195

 

استقر لدى العلماء العرب مفهوم اجتماعية الدلالة اللغوية وعرفيتها، أي اكتسابها حركتها وفاعليتها بفضل (الاصطلاح) بين أبناء المجتمع اللغوي، وقد مر بنا قول ابن سينا: " إن الطبيعة الإنسانية محتاجة الى  المحاورة لاضطرارها الى المشاركة والمجاورة (1) " وعرف ابن جني (320-392 هـ) اللغة بأنها: " اصوات يعبر بها كل قوم عن أغراضهم (2) ".

وقد رأى أبو حاتم الرازي (ت 332 هـ) " أن كلّ شيء يعرف باسمه، ويستدل عليه بصفته من شاهد يدرك او غائب لا يدرك. وربما دُعي الشيء باسم لا يعرف اشتقاقه من أي اسم هو بل يكون مصطلحاً عليه، قد خفي على الناس ما أريد به، ولأي شيء سمي بذلك الاسم كقولك: الفرس والحمار والجمل والحجر وأشباه ذلك (3) ".
يشير ابن سينا الى السمة الاجتماعية والقيمة الاصطلاحية إذ يقول: " والدلالة بالألفاظ إنما هي بحسب المشاركة اصطلاحية (4) ". ونذكر أن الجدل قد طال في أمر الدلالة، هل هي توقيف وإلهام أم هي اصطلاح وعرف ؟ وأسهب السيوطي (5) في المزهر في عرض آراء المتحاورين الذين كان يذهب جمهورهم الى عرفية الدلالة، ففي (باب القول على اللغة أإلهام هي ام اصطلاح ؟ ) يقول ابن جني: " هذا موضع محوج الى فضل تأمل، غير أن أكثر أهل النظر على أن أصل

ص17

اللغة إنما هو تواضع واصطلاح، لأوحي وتوقيف (6) وقد وضع تفسيرا للوضع اللغوي يوافق الآية الكريمة {وعلم آدم الأسماء كلها} [البقرة 2/31] بأن الله سبحانه أقدر آدم على أن واضع عليها (7). ويفصّل الإمام الغزالي  في كتابه ( المنخول) هذه المسألة بما يقرب من تأويل ابن حبي، مما يجعل قضية ( الاصطلاحية ( قائمة في آفاق الباحثين في اللغة والفكر والاجتماع.

‏أما اعتباطية الدلالة فهي ظاهرة في جانبين في البحوث العربية القديمة:

‏1. ذلك أن هذه الرموز اللغوية ( لفظية وكتابية)  لا صلة بينها وبين مدلولها بشكل مادي أو لازم طبيعي، وإنما تقوم الصلة على أساس العرف اللغوي الاجتماعي، وقد أورد عبد القاهر الجرجاني عبارة دقيقة في هذا المجال عندما قال في دلائل الإعجاز (مما يجب إحكامه أن نظم الحروف هو تواليها في النطق فقط، وليس نظمها بمقتضى عن معن nولا الناظم لها بمقتفٍ في ذلك رسماً من العقل اقتضى أن يتحرى في نظمه لها ما تحراه. فلو أن واضع اللغة كان قد قال  (ربض) مكان (ضرب) لما  كان في ذلك ما يؤدي إلى فساد (8) ويرى في موضع آخر أن الدلالة تغدو متداولة في كل لغة بهذا الترابط الذهني القائم علي العرف بين الدال والمدلول، وعندها لا تفاضل بين دلالة لفظ  (رجل)  على الآدمي في اللغة العربية والكلة الدالة عليه في الفارسية مثلاً، لأن كلأ منهما تؤدي وظيفتها ولها شرعيتها اللغوية في مجتمعها اللغوية (9).

2.  وأما الجهة الأخرى التي تؤكد أخذ جهور الباحثين بمفهوم اعتباطية

ص18

‏الدلالة فهي متمثلة برفضهم وردهم لقولة عباد بن سليمان الصيمري : (بأن الألفاظ تدل على المعاني بذواتها). فالمحققون - ‏يقول السيوطي في المزهر-  متوقفون في الكل إلا في مذهب عباد. ودليل فساده أن اللفظ لو دل بالذات لفهم كل واحد منهم كل اللغات لعدم اختلاف الدلالات الذاتية واللازم باطل، أي النتيجة، وهي أننا لا نفهم الألفاظ الأجنبية العديدة للأمم رغم أنها تدل على أشياء نعرفها، فمن لا يعرف الفرنسية أو الإنكليزية أو الإيطالية يسمع،l'enfant وboy  و Bambino  ويكون أمامه أطفال أو هو إن لم يرهم مباشرة يعرفهم ولا يستطيع الربط بين هذه الأصوات (الكلمات) ومدلولها )الطفل)، إذ لا علاقة طبيعية بين الصوت في كلمة وما يدل عليه، وإنما هو عرفي، لذا اختلفت الكلمات أصواتا وكتابة بين لغات الأمم.  وههنا نذكر الإشارة الهامة التي اوردها ابن سينا وأكدها الغزالي، وهي ان الاشياء في العالم متماثلة، وكذلك انطباع صورها في التصور الانساني والخيال لدى كل منا، اما الالفاظ والكتابة فهي مختلفة. واعتقد ان ايراد هذه الحقائق العلمية في كتب القرنين الرابع والخامس يضع ركيزة نظرية واعية عند علمائنا العرب في مجال التحليل الدلالي وإرساء مفهوماته الجوهرية)، فالملزوم كذلك (10).

ويحاور السيوطي فكرة عباد الصيمري في موضع آخر من المزهر نورده لنظهر العلائق التي تربط الاهتمامات الفكرية بالمسائل اللغوية الدلالية، خاصة في هذا المجال من الدرس، وإثر عرضنا للمحاورة الجدلية ننتقل الى زاوية من البحث تلتبس بفكرة العلاقة بين الدال والمدلول مادة وصوتاً.

يقول السيوطي: " نقل أهل أصول الفقه عن عباد بن سليمان الصيمري من

ص19

المعتزلة أنه ذهب الى ان بين اللفظ ومدلوله مناسباً طبيعية حاملة للواضع على ان يضع، قال (عباد): وإلا لكان تخصيص الاسم المعين بالمسمى المعين ترجيحاً من غير مرجح. وكان بعض من يرى رأيه يقول: انه يعرف مناسبة الالفاظ لمعنيها، فسئل ما مسمى لفظة (إذغاغ) وهو بالفارسية: الحجر، فقال: أجد فيه يبساً شديداً، وأراه الحجر.

وأنكر الجمهور هذه المقالة وقال: لو ثبت ما قاله لاهتدى كلُ انسان الى كل لغة، لما صح وضع اللفظ للضدين: كالقرء للحيض والطهر، والجون للأبيض والأسود (11) ".

وقد التبس أمر الدلالة الصرفية بتصور لدلالة طبيعية للأصوات على المسميات (المدلولات) او على اجزائها لدى عالم جليل له آراؤه الفذة في درس العربية، إلا أنه في متابعة للرغبة العقلية لسبر أغوار اللغة وقع في هذا اللبس ؛ ونقدنا له ههنا يتطلع الى تنقية مبنية على البراهين العلمية التي أوردناها في الفقرات السالفة.

نحن نقول بتحليل للدلالة يجعلها

1- دلالة أساسية أو معجمية

2- دلالة صرفية

3- دلالة نحوية

4- دلالة سياقية موقعية

وهذه الدلالات تأتلف في كل متكامل يتأدى إلينا: فالدلالة الأساسية هي جوهر المادة اللغوية المشترك في كل ما يستعمل من اشتقاقها وأبنيتها الصرفية ؛ فـ (طحن) تدل على حركة وضغط لتحويل الحبوب الى مسحوق ناعم بالرحى

ص20

ويكون حقيقياً مباشراً ومن ثم حمل الدلالات المجازية المتعددة. ويدخل هذا المفهوم في أبنية صرفية كثيرة، ونلحظ فيها اضافة الى هذه الدلالة امراً مكتسباً من الوزن نفسه أي معنى الوزن. فالافعال تحدد بحسب أوزانها الحدث والزمن وتقرن بالفاعلين بعد (طحن، يطحن، سيطحن، اطحن)، و (طحان) المفعول للشيء المطحون، و (الطاحونة، والطحّانة) تدلان على آلات الطحن التي تدور بالماء (أو بسواه من حركة للثيران، أو في العصور الحديثة بوساطة المحركات النفطية والكهربية) ؛ وبعض الصيغ خصصت دالة على أجزاء من الجسم ترتبط بوظيفة التحويل من خشن الى ناعم، فـ (الطواحن) كما يقول صاحب لسان العرب: الأضراس كلها من الإنسان وغيره على التشبيه، واحدتها طاحنة (قال) الأزهري: كلّ سن من الأضراس طاحنة (12).

نلحظ من خلال الكلمات التي أوردناها ان القيمة الصرفية توجه المادة الاساسية وتضعها في مجال وظيفي معين، وهذا أمرٌ نستطيع متابعته وتقصيه في المصنفات الصرفية وكتب اللغة، وفيما تورده المعجمات في أُثناء بسطها لاستعمالات فروع كل أصل من الأصول.

وأما الإضافة الثانية فهي الدلالة النحوية، أي ان الكلمة تكتسب تحديداً وتبرز جزءاً من الحياة الاجتماعية والفكرية عندما تحل في موقع نحوي معين في التركيب الإسنادي وعلاقاته الوظيفية: الفاعلية، المفعولية، الحالية، النعتية، الإضافة، التمييز، الظرفية، فمثلاً: " خاطبت الطحّان في شأن تحسين عمله وزيادة مقدار إنتاجه " فكلمة " طحّان " في موقع المفعول به تبرز في جهة من العلاقة الاجتماعية هي موقع المحاسبة والمسؤولية. وهناك من يحاسبها أو يسألها.

ص21

والإضافة الثالثة وهي الدلالة السياقية، أي ما يكون قد طرأ على الكلمة من تطور دلالي بحسب القوانين التي ترصد حركة الألفاظ والدلالات في الزمان المتتابع بين العصور، وفي المجالات المختلفة من علمية واجتماعية وفنية   فالكلمة تكتسب أبعاداً جديدة، أو تحصر في إطار خاص، أو تنقل إلى مواقع لم تألفها قبل، وهذا كله يتناول في الفصول التالية في كتابنا هذا، ولكننا نورد شواهد سريعة ههنا، فنقول بعضهم: ( إن الأزمة الطاحنة في سوق الأوراق النقدية تجعل أصحاب رؤوس الأموال يحجمون عن تداول جزء من أرصدتهم فيها)، يستوقفنا عند (الطاحنة) ، وندرك مجازيتها التي غدت منتشرة ودالة دلالة معرفية هي (الشديدة).

وكذلك عندما يتحدث أرباب الصناعة فيقولون : ( إن عددا من المصانع المخصصة لمنع الحديد تشمل على مطحنة للسيارات القديمة والآلات المعطلة، وان إنتاجها قد يختلف نوعيا من المؤسسات الصناعية التي لا تدخل في مصنوعاتها الحديد القديم بعد تحويله) ندرك أن (المطحنة) تدل على أجهزة حديثة تستخدم في كل صناعي حديث مواده الحديد مما لم يكن مألوفاً قديما لعمل الطحن.

خصص ابن جني باباً لدراسة العلاقة بن الألفاظ والمعاني وتبيان المناسبة بينهما، وكان التركيز الأول على القيم الصرفية ودلالاتها، فقال في (باب إساس الألفاظ أشباه المعاني) :

‏" هذا موضع شعريف لطيف ؟ وقد نبه عليه الخليل وسيبويه، وتلقته الجماعة بالقبول له، والاعتراف بصحته.

‏قال الخليل: كأنهم توهموا في صوت الجندب استطالة ومداً فقالوا: صرّ، وتوهّموا في صوت البازي تقطيعاً فقالوا: صرصر.

ص22

وقال سيبويه في المصادر التي جاءت على، الفعلان ‌: إنها تأتي للاضطراب والحركة نحو: النقزان، والغليان، والغثيان. فقابلوا بتوالي حركات المثال توالي حركات الأفعال.

‏ووجدت أنا  ابن جني  من هذا الحديث أشياء كثيرة على سمت ما حداه ومنهاج ما مثلاه. وذلك أنك تجد المصادر الرباعية المضعفة تأتي للتكرير نحو : الزعزعة والقلقلة، والجرجرة، ووجدت (الفعلى)  في المصادر والصفات إنما تأتي للسرعة نحو: البشكى والجزى.

‏ومن ذلك. وهو أصنع منه. أنهم جعلوا)  استفعل) في أكثر الأمر للطلب، نحو استسقى، واستطعم، واستوهب...  فرتبت في هذا الباب الحروف على ترتيب الأفعال (13) ".

‏وعندما يتوجه إلى زاوية  مقابلة الألفاظ بما يشاكل أصواتها من الأحداث (14)  يقع في اللبس، وينسب الى الأصوات  الحروف  دلالة تؤديها في الكلمة التي تدخل في تركيبها، وهذا مردود لأن قيمة الرمز اللغوي: الكلمة الدلالية عرفية باتفاق اجتماعي متتابع، ولا نستطيع أن ننسب  قدرة دالة لكل حرف يؤلف هذه الكلمة، ذلك أن العبقرية العربية تجلت في النضج الأبجدي في أوغاريت (*)، إذ غدت الحروف )الأصوات)  التسعة والعشرون أدوات بحق مجردة تدخل في تركيبات صرفية كثيرة، ومنذ الألف الثاني قبل الميلاد استقر هذا النهج اللغوي.

ص23

لابد لنا في هذا المقام أن نميز بن حالتين لا يستري الأمر فيهما. وقد تغيب الفروق عن بعض الدارسين وها:

‏ 1- الدلالة اللغوية بحب العرف اللغوي مع كل التطورات التي تطرأ عليما في الياقات المتعددة. وهذه مرصودة في المعجم وفي الاستعمال، ولا ينطبق عليها أي حديث عن صلة طبيعية بين الدال والمدلول.

‏ 2- ‏ الدلالة الفنية، والسياقية عامة، وههنا نجد أن كثرة  استعمال كلمات بأعيانها في مجال اجتماعي  أو علمي أو فني تورث انطباعاً يربط بين هذه الأجواء والرمز اللغوي توهماً أن هذا الصوت من الأصوات في الكلمة له صلة طبيعية بالحدث أو بالصفة أو الشيء من الأشياء. ومرد الأمر كما نرى إلى الاعتياد لا إلى حقيقة طبيعية كانت الدافع الى تشكيل الكلمة وتأليفها، واستعمالها في حالة الوضع اللغوي، إذ أن هذا الوضع يعتد  الاعتباطية كما رأينا وتابعنا في أحاديث العلماء: ابن سينا، الغزالي...

ص24

_______________

(1) العبارة لابن سينا 1-2، وينظر كذلك في العبارة 5-4.

(2) الخصائص لابن جني (1/33)، تحقيق محمد علي النجار – دار الكتب المصرية.

(3) الزينة، لأبي حاتم الرازي أحمد بن حمدان (1/132)، تحقيق حسين فيض الله الهمداني بالقاهرة 1957.

(4) العبارة لابن سينا 4.

(5) المزهر في علوم اللغة العربية، لجلال الدين السيوطي (ت 911) ج (1/10 – 47).

(6)‏) الخصائص لابن جي   (1/40-41).

‏(7)‏) المزهر للسيوطي ( (1/2 – 23) ‏. وانظر  (المنخول) للإمام الغزالي  (70-71) باب القول في ‏اللغات. تحقيق الدكتور حسن هيتو - دمشق 1٤٠٠/ 1٩٨٠ دار الفكر.

‏(8) ‏) دلائل الإعجاز، لعبد القاهر الجرجاني ٤٢ ‏تحقيق د. رضوان الداية و د. فايز الداية - دمشق 1٩٨٣ ‏.

(9) الدلائل، عبد القاهر ٣٩ .

(10) المزهر، السيوطي (1/16)، والعبارة الأخيرة تعني نقض قول ابن عباد: الملزوم وهو الدلالة الذاتية للألفاظ على المدلولات.

(11) المزهر للسيوطي (1/47). وكان ابن جني قد ناقش هذه المسألة وأورد ما ذكره السيوطي، ينظر الخصائص (2/157).

(12) اللسان مادة (طحن ).

(13) الخصائص، ابن جني (2/152 – 153)، والمزهر (1/48 – 49).

(14) الخصائص (2/157 – 165).

(*) إننا نقول – اعتماداً على الوثائق التاريخية والدلائل اللغوية – بصلة النسب العربية بين الأصول والإيبلائية والأغاريتية واليمنية، والمصرية القديمة، وسائر فروعها موصولة بالفصحى.