الوهّابيّة قائلة بجسمانيّة الله
المؤلف:
السيّد محمّد الحسين الحسينيّ الطهرانيّ
المصدر:
معرفة الإمام
الجزء والصفحة:
ج5/ص141-144
2025-12-16
19
من المفاسد المهمّة للمذهب الوهّابيّ قولهم بالتجسيم؛ ذلك لأنهم يرون أن لا نتجاوز ظواهر القرآن؛ وأنّ المعنى الظاهريّ هو المعنى الاعتيادي والمتعارف الذي يتداوله الناس؛ ولذلك فإنّ الآيات القرآنيّة التي تنسب اليد، والعين، والجَنْب، والوَجْه، وغير هذه الأشياء إلى الله، فالمقصود هو هذه المعاني الظاهريّة المتعارفة. وما يلزم هذا المعنى هو تجسيم الله سبحانه وتعالى.
فهم يقولون: أنّ الآيات القرآنيّة كقوله تعالى: {يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ} (الآية 10، من السورة 48: الفتح).
وقوله: {وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنا}. (الآية 37، من السورة 11: هود).
وقوله: {وَلِتُصْنَعَ عَلى عَيْنِي}. (الآية 39، من السورة 20: طه).
وقوله: {وَلَوْ تَرى إِذْ وُقِفُوا عَلى رَبِّهِمْ}. (الآية 30، من السورة 6: الأنعام).
وقوله: {يا حَسْرَتى عَلى ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ}. (الآية 56، من السورة 39: الزمر).
وقوله: {كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ}. (الآية 88، من السورة 28: القصص).
وقوله: {فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ}. (الآية 115، من السورة 2: البقرة).
وقوله: {الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى}. (الآية 5، من السورة 20: طه).
وقوله: {يَخافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ}. (الآية 50، من السورة 16: النحل).
وقوله: {وَ جاءَ رَبُّكَ}. (الآية 22، من السورة 89: الفجر).
وقوله: {اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ}. (الآية 15، من السورة 2: البقرة).
وقوله: {غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ}. (الآية 93، من السورة 4: النساء).
وقوله: {إِلَّا مَنْ رَحِمَ اللَّهُ}. (الآية 42، من السورة 44: الدخان).
وأمثالها من الآيات الأخرى المبثوثة في القرآن المجيد؛ كلّها لها معنى ظاهريّ؛ فلله يد، وجنب، وعين؛ وهو جالس على العرش؛ ويغضب؛ ويرحم؛ ويستهزئ».
هذه هي عقائد الوهّابيّين؛ {سُبْحانَهُ وتَعالى عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوًّا كَبِيراً}.
والسبّاق إلى هذه الأباطيل والعقائد الكافرة هو ابن تيميّة الحَرَّانيّ الشاميّ؛ وكان من أتباع أحمد بن حنبل. ولم يقرّ له قرار في عناده وعدائه لأهل البيت ولا سيّما لأمير المؤمنين عليه السلام. وهو ينكر الضروريّات والمسلّمات واليقينيّات في كتابه «منهاج السُّنَّة» الذي ألفه للردّ على براهين وأدلّة مفخرة الإماميّة: العلّامة الحلّيّ. يرفض فيه كلّ حديث ورد في فضائل أمير المؤمنين وأهل البيت؛ ويعتبره كذباً وباطلًا: أو مرسلًا أو ضعيفا أو مجعولًا، مهما كان في غاية الإتقان والصحّة، ومهما كان مستفيضاً ومتواتراً، وحتى لو رواه الكبار من حفّاظ أهل السنّة ومشايخهم ورواتهم بطرق عديدة، ونصّوا على صحّة متنه وأسناده ورجاله. لقد كان هذا الرجل حسّاساً إلى درجة لو ورد ذكر لمولى الموحّدين على بن أبي طالب في حديث، فإنّه يرميه بالجعل والاختلاق، ويفترى على الشيعة؛ وحتى لو كان راوي ذلك الحديث من مشايخ «الصحاح الستّة» للعامّة. فإنّ روايته ضعيفة عند ابن تيميّة بسبب ذكر هذا الحديث لا غير؛ وبصورة عامّة، فإنّ الملاك عنده في صحّة الحديث وعدم صحته هو التشيّع ونقل فضائل على بن أبي طالب؛ ثمّ إنّه يتحيّز بكلّ صراحة لسلاطين الامويّين وملوكهم، وحتى لمعاوية ويزيد، وكذلك يتحيّز لسلاطين العبّاسيّين.
أنّ ظلامة أهل البيت. لا تتمثّل في التشريد، والسجن، والتعذيب، والقتل، والصلب، والحرق، والنهب فحسب، بل تتمثّل أيضاً في إخفاء فضائلهم، وإلصاقها بأعدائهم. وهذه من أخطر المؤامرات المكشوفة والخفيّة لقمعهم واستئصال شأفتهم، ومحو اسمهم وذكرهم من الوجود؛ فأمثال هذا الرجل الشاميّ ذي النزعة الامويّة الرافع لواء التأييد والدعم للسياسة السيّئة التي كان يتّبعها سلاطين الجور، من أمثال معاوية ومن حذا حذوه، كان لهم باع طويل في هذه المؤامرات. بَيدَ أنهم لم يقطفوا من وراء ذلك ثمرة على الرغم من كلّ ما قاموا به من أعمال دنيئة. إذ أنّ فضائل علىّ بن أبي طالب قد ملأت الآفاق. واعترف بها الصديق والعدوّ والقريب والبعيد بما فيهم اليهود والنصارى والمادّيّون، فقد أذعنوا كلّهم لعظمة ذلك الرجل العملاق وشخصيّته وأصالته وحقيقته، خضعوا بأجمعهم أمام عظمة ذلك الإمام المظلوم، وجعلوا لحبّه مكاناً في أعماق قلوبهم. ومن بين هؤلاء: وامق النصرانيّ وهو: بقراط بن أشوط، من أهل أرمينيّة، ومن الأمراء العسكريّين المهمّين في عصر المتوكّل. نظم قصيدة عصماء في فضائل أمير المؤمنين عليّ ومحامده، ذكر ابن شهرآشوب شيئاً منها في «المناقب» الطبعة الحجريّة ص 286 و532. وكذلك نظم عبد المسيح الانطاكيّ قصيدته العلويّة التي تربو على 5595 بيتاً، ونظم بولس سلامة قاضي النصارى في بيروت قصيدته المسمّاة: عيد الغدير في فضائل علي بن أبي طالب ومناقبه، وقد بلغت أكثر من 3085 بيتاً، دافع فيها عن حقّ الإمام.
الاكثر قراءة في شبهات وردود
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة