خصائص طرح موضوع عام للمناقشة
المؤلف:
محمد عبد الكاظم عوفي
المصدر:
مسؤولية الحكومة السياسية في دستور جمهورية العراق لسنة 2005
الجزء والصفحة:
ص89-91
2025-12-14
32
يمتاز طرح موضوع عام للمناقشة عن وسائل تحريك المسؤولية الاخرى بالخصائص الاتية :-
أولا : طرح موضوع عام للمناقشة وسيلة جماعية :- حيث إن وسائل تحريك مسؤولية الحكومة السياسية يمكن تقسيمها إلى نوعين من الوسائل وفقا للمعيار العددي(1). أي استنادا إلى العدد المطلوب لتحريك أية واحدة منها ، فالنوع الاول هو : الوسائل الفردية ؛ ويكون ذلك بالنسبة للوسائل التي تتطلب النصوص الدستورية أو اللائحية إن يتم تحريكها من قبل أي عضو من اعضاء البرلمان بمفرده كالسؤال. والنوع الثاني هو : الوسائل الجماعية ؛ ويكون ذلك بالنسبة للوسائل التي تتطلب تلك النصوص إن يتم تحريكها من قبل عدد معين من اعضاء البرلمان كطرح موضوع عام للمناقشة ، حيث إنها تعد من الوسائل الجماعية ، إذ إن العدد المطلوب لهذه المناقشة يجب ألا يقل عن (40) عضوا في بريطانيا(2). ولا يقل ولا يزيد عن (5) اعضاء وفقا للنظام الدستوري الكويتي(3). ولايقل عن (25) عضوا وفقا للنظام الدستوري العراقي(4). وعليه فإن طرح موضوع عام للمناقشة لا يؤدي إلى أيجاد علاقة شخصية بين أطرافها كالسؤال ، ومن ثم فإن هذا الموضوع لا يتأثر وجوده أو انعدامه بوجودهم أو غيابهم حيث إنه بمجرد تقديمه إلى رئاسة البرلمان يصبح حقا للمجلس بكامل أعضائه وليس حقا شخصيا لمقدميه ، ويترتب على ذلك عدم سقوط الطلب لعدم حضور مقدميه في الجلسة المحددة للمناقشة ، وكذلك اذا قام هؤلاء الاعضاء بالتنازل عنه كلهم أو بعضهم . كل ذلك بشرط إن يتم تبني ذلك الطلب من قبل عدد من اعضاء البرلمان يقابل عدد الاعضاء الغائبين أو المتنازلين (5).
ثانيا : طرح موضوع عام للمناقشة وسيلة متاحة لكل من البرلمان والحكومة معا :- بعكس وسائل تحريك مسؤولية الحكومة السياسية فإن هذه الوسيلة تنفرد بهذه الخاصية ، وذلك لأن الوسائل الاخرى يقتصر حق استعمالها على اعضاء البرلمان فقط ، ولكن الامر مختلف بالنسبة لطرح موضوع للمناقشة العامة ، حيث إن اغلب الأنظمة الداخلية للبرلمانات لا تقصر الحق في أثارة تلك المناقشة العامة على اعضاء البرلمان فقط ، وإنما تعطي للحكومة أيضا الحق في ان تطلب مناقشة معين ويبقى القرار للبرلمان ، وهذا ما يؤكد الغرض التعاوني للمناقشة العامة باعتبارها أداة للتعاون وتبادل الآراء بين البرلمان والحكومة ، لإنها تؤدي الى نقاش مفتوح امام اعضاء البرلمان والحكومة في الموضوع محل المناقشة ، بما يهيئ لهم جو هادئ لتبادل وجهات النظر ومن ثم فلا ينتج عنها تحريك مسؤولية الحكومة السياسية أو احد الوزراء بشكل مباشر. وإنما من اجل الوصول إلى حل لموضوع المناقشة يكون على أساس الاتفاق والتعاون بينهما بما يحقق المصلحة العامة للدولة(6). هذه الخصيصة معروفة في الانظمة الدستورية محل الدراسة ، فأما بالنسبة للمشرع الدستوري الكويتي فقد نصت عليها بشكل صريح المادة (126) من اللائحة الداخلية لمجلس الأمة لسنة 1963 بقولها " يجوز للحكومة من تلقاء نفسها .... إن تطلب مناقشة موضوع معين يتعلق بالسياسة العامة للدولة لتحصل على رأي المجلس ، أو إن تدلي ببيانات في شأنه ". وبالنسبة لموقف المشرع الدستوري العراقي وفقا لدستور جمهورية العراق لسنة 2005 ، فيلاحظ بإن هذا الدستور وكذلك النظام الداخلي لمجلس النواب لم يتضمنا أية أشارة صريحة إلى تلك الخصيصة . (ومن وجهة نظر الباحث) فإن إغفالهما النص على ذلك صراحة لا يعني إسقاط حق الحكومة في مشاركة مجلس النواب في ممارسة هذه الوسيلة ، وحق الحكومة في ذلك يتأسس على أصل برلماني يعطي لمقترحاتها أولوية المناقشة في جلسات المجلس ولأعضائها الحق في حضور تلك الجلسات وحقهم في الكلام كلما طلبوا ذلك(7). كما إن الواقع العملي يؤكد ذلك(8).
ثالثا : عمومية طرح موضوع عام للمناقشة :- فهي لا تقيم حوارا ضيقا محدودا وإنما تثير مناقشة عامة يشترك فيها اعضاء البرلمان من غير مقدمي الطلب ويمكن خلالها إن توجه أستفسارات إلى رئيس الحكومة أو احد الوزراء . حيث إن هذه الوسيلة تتيح لكل اعضاء البرلمان الاشتراك في المناقشة وأبداء الرأي حول ما يعرض في البرلمان من مسائل وأمور معينة وسياسة الحكومة اتجاهها ، بما ينعكس بشكل ايجابي على الأداء الرقابي للبرلمان من ناحية ، وتحسين الأداء الحكومي من ناحية ثانية(9). وهذه الخصيصة ايضا معروفة في الانظمة الدستورية محل الدراسة ، فأما بالنسبة للمشرع الكويتي فقد نص عليها بشكل صريح في المادة (112) من الدستور الكويتي لسنة 1962 والمادة (146) من اللائحة الداخلية لمجلس الأمة لسنة 1963 بقولهما " يجوز ... طرح موضوع عام على مجلس الأمة للمناقشة .... ولسائر الاعضاء حق الاشتراك في المناقشة ".
وبالنسبة لموقف المشرع الدستوري العراقي وفقا لدستور جمهورية العراق لسنة 2005 ، فيلاحظ بإن هذا الدستور وكذلك النظام الداخلي لمجلس النواب لم يتضمنا أية أشارة صريحة لتلك الخصيصة . و(من وجهة نظر الباحث) فإن ذلك الامر ليس بحاجة إلى نص وذلك لان عمومية المناقشة تعد جزء لا يتجزأ من طبيعة هذه الوسيلة ، ومن ثم فلا يمكن إن تنصرف هذه الطبيعة إلا إلى طرح موضوع عام للمناقشة والتي يتم من خلالها التعاون والرقابة بين البرلمان والحكومة . ويترتب على هذه الخصيصة وجوب إن تجري المناقشة العامة بصورة علنية وليست سرية ، الا اذا كان هناك مقتضى مقبول أو مبرر معقول لأجرائها بشكل سري وفقا لتقدير البرلمان كأن يكون الموضوع المطروح من المواضيع السرية التي يؤدي إفشائها إلى الاضرار بالمصلحة العامة للدولة ، كالمواضيع العسكرية والخطط الدفاعية والمسائل الاقتصادية وغيرها(10).
______________
1- د. محمد باهي أبو يونس ، الرقابة البرلمانية على أعمال الحكومة ، دار الجامعة الجديدة ، الإسكندرية ، 2012، ص 99.
2- د. حسان محمد شفيق العاني ، الأنظمة السياسية والدستورية ، شركة العاتك ، القاهرة ، 2011 ، ص 349.
3- ينظر المادة (112) من دستور الكويت لسنة 1962 والمادة (146) من اللائحة الداخلية لمجلس الأمة لسنة 1963.
4- ينظر المادة (61/سابعا/ب) من دستور جمهورية العراق لسنة 2005 والمادة (55) من النظام الداخلي لمجلس النواب لسنة 2007.
5- ينظر المادة (151) من اللائحة الداخلية لمجلس الأمة الكويتي لسنة 1963.
6- د. إبراهيم عبد العزيز شيحا ، تحليل النظام الدستوري المصري ، منشأة المعـارف ، الإسكندرية ،2003 ، ص299.
7- ينظر المادة (40/أولا) من النظام الداخلي لمجلس النواب العراقي لسنة 2007.
8- كتقديم رئيس مجلس الوزراء (نوري كامل المالكي) طلب إلى مجلس النواب لإجراء مناقشة عامة لشرح الأبعاد والمبادئ الاساسية لخطة فرض القانون في العاصمة بغداد قبل تنفيذها ، وتمت المناقشة في الجلسة رقم (64) المؤرخة في 25/1/2007 ، د. صفاء الدين الصافي ، مصدر سابق ، ص 83 .
9- د. رمضان محمد بطيخ ، التطبيقات العملية لضوابط الحصانة البرلمانية ووسائل وإجراءات البرلمان الرقابية ، دار النهضة العربية ، القاهرة ،2001 - 2002 ، ص 183.
10- ساجد محمد الزاملي ، وسائل تحريك المسؤولية السياسية للحكومة (دراسة دستورية مقارنة) ، رسالة ماجستير ، كلية القانون - جامعة بغداد ، 1992 ، ص 100.
الاكثر قراءة في القانون الدستوري و النظم السياسية
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة