رقابة الهيئات الدولية ومنظمات المجتمع الدولي على عملية تسجيل الناخبين
المؤلف:
سعد مظلوم عبدالله العبدلي
المصدر:
ضمانات حرية ونزاهة الانتخابات
الجزء والصفحة:
ص142-144
2025-12-13
29
نظرا لازدياد اهتمام المجتمع الدولي بتقصي ضمانات نزاهة العملية الانتخابية في العديد من دول العالم باعتبارها المدخل لنشر المبادئ الديمقراطية وخصوصا في الدول حديثة الاستقلال أو الدول حديثة العهد بالديمقراطية ، تزايدت الفرق التي يبعثها المجتمع الدولي أو منظمات المجتمع المدني والتي تقوم بمراقبة مجمل العمليات الانتخابية وفي مقدمة تلك العمليات مرحلة تسجيل الناخبين ، ومن ثم نشر التقارير الخاصة بالمراقبة ، والاتصال بالسلطات المعنية للوصول إلى حلول للمشاكل التي تعترض سير العملية ، وتبادر هذه الجهات في بعض الأحيان إلى تقديم المساعدة سواء على شكل خبرات أو مساعدات مادية أو لوجستية ، مع الإشارة إلى ان المراقبة الدولية ليست مجرد رفع تقارير عن العمليات الانتخابية ، بل إنها مهمة لإثراء العملية كلها ، ومنع التزوير ، ولبناء الثقة لدى المشاركين عند ظهور النتائج(1) .
ففي سنة 1997 ، أنجز ( المعهد الديمقراطي العربي ) ، وهو منظمة غير حكومية ، برنامجاً غير حزبي شـاملاً لمراقبة الانتخابات التشـريعية باليمن ، وقد ركز جزء من هذا المجهود على لائـحة الناخبين ، التي أوصى هذا البرنامج بعرضها ليطلع عليها عموم المواطنين(2) .
وتعتبر عمليات الرقابة التي أجرتها المنظمات الدولية لأول انتخابات تشريعية ديمقراطية في ( جنوب إفريقيا ) والتي أجريت في نوفمبر 1995 من أهم التجارب الدولية في هذا الخصوص ، فقد تمت برمجة عملية تسجيل الناخبين لتستمر من (28) يناير لغاية (28) أبريل من السنة نفسها ، وعند انتهاء فترة الـ (90) يوماً التي خُصِّصت للتسجيل ، تبين أن نسبة 29٫9٪ فقط من الهيئة الناخبة المحتملة تم تسجيلها ، وأمام ضعف نسبة المسجلين ، قررت وزارة الشؤون الإقليمية وتنمية الشأن الدستوري بمعية مجموعة العمل المكلفة بالانتخابات المحلية تمديد فترة التسجيل إلى غاية (5) يونيو ، ومع انتهاء فترة التمديد ، ارتفعت نسبة المسجلين إلى 72٫5٪ واعتبر هذا الرقم تعبيرا عن تحسن هائل لمستوى التسجيل رغم أنه بقى بعيدا ًعن الهدف المرسوم ، وأمام ضعف مستوى تسجيل الناخبين ، قررت منظمة ( project vote ) ، وهي عبارة عن مبادرة تتوخى تثقيف الناخبين في جنوب إفريقيا ، القيام باستطلاع للرأي للوقوف على الأسباب الكامنة وراء عزوف المواطنين عن التسجيل ، ومن أهم النتائج التي توصل إليها الاستطلاع ان 41٪ من الذين لم يسجلوا أنفسهم صرحوا عن نيتهم التسجيل يوم الانتخاب ، حيث لم يدركوا أنه لن يسمح لهم بالتصويت ماداموا غير مسجلين ، وعلى أساس نتائج هذا الاستطلاع ، تقرر تنظيم عملية تسجيل إضافية في فترة مابين 11 و 25 سبتمبر ، أي شهر قبل موعد الاقتراع ، وخلال هذه الفترة الجديدة استطاع ما يناهز (400٫000) ناخب مؤهل من بين الأشخاص غير المسجلين أن يسجلوا أنفسهم للتصويت(3) .
أما في العراق ، ورغم إن القوانين والأنظمة المنظمة للعملية الانتخابية سمحت بوجود فرق المراقبة الدولية والمحلية التابعة لمنظمات المجتمع الدولي بمراقبة عملية التسجيل(4) ، إلا إن هذا النشاط كان محدودا جدا وذلك بسبب الأوضاع الأمنية التي شهدها العراق قبل وأثناء فترة الانتخابات مما أعاق وصول فرق المراقبة الدولية عدا عدد محدود منها(5) ، لكن منظمات المجتمع المدني المحلية مارست دورا أكبر في هذا المجال عبر العديد من شبكات المراقبة مثل شبكة ( عين ) لمراقبة الانتخابات وشبكة ( شمس ) وغيرها من فرق المراقبة .
أما الأمم المتحدة فقد قامت في كانون الأول من سنة 2004 بتشكيل ( البعثة الدولية للانتخابات العراقية IMIE ) ، وقد قامت هذه البعثة بالعديد من النشاطات منها مراقبة العملية الانتخابية بجميع مفرداتها ، بما في ذلك مرحلة تسجيل الناخبين ، وقد قامت هذه البعثة بإعداد تقرير بعد كل عملية انتخابية بينت من خلالها ملاحظاتها عن مجمل الفعاليات الانتخابية(6) .
أما فيما يتعلق بوكلاء الكيانات السياسية والذين سمح لهم القانون بالتواجد في مراكز تسجيل الناخبين لمراقبة سير العملية وأداء الجهة المشرفة على قيد الناخبين فثمة ملاحظة تلفت الانتباه ، وهي إن الكيانات السياسية العراقية أهملت تماما إرسال وكلائها إلى مراكز تسجيل الناخبين لمراقبة عملية التسجيل ، في الوقت الذي أرسلت أعدادا مبالغ فيها جدا إلى مراكز الاقتراع لمراقبة عملية التصويت(7) ، وهذا يعد مؤشرا سلبيا يدل على عدم تفهم الكيانات السياسية لأهمية عملية التسجيل وان بالإمكان تزوير نتائج الانتخاب ليس في يوم التصويت فقط وإنما يمكن ذلك عبر التلاعب بعملية تسجيل الناخبين وقبل فترة بعيدة من يوم الاقتراع .
_____________
1- الاتحاد الأوربي ، مرشد الاتحاد الأوربي لمراقبي الانتخابات ، بدون مكان طبع ، 2004 ، ص 3 .
2- رتشارد . ل. كلاين وباتريك مرلو ، بناء الثقة في عملية تسجيل الناخبين ، المعهد الديمقراطي الوطني للشؤون الدولية ، لبنان ، 2001 ، ص 29 .
3- Jeffrey Fischer , Previous reference , p.55 .
4- المادة (2-2) من النظام رقم (2) لسنة 2005 " تسجل المفوضية فرقا عراقية ودولية لمراقبة كافة جوانب عمليات الاستفتاء والانتخابات ، وتعين الفرق المسجلة مراقبين لتمكين الفريق من أداء عمله بفعالية " .
5- بلغ عدد المراقبين المحليين في انتخابات مجلس النواب التي جرت بتاريخ 15 كانون الثاني 2005 ، (130,000) مراقب ، بينهم (949) مراقب دولي ، وبلغ عدد وكلاء الكيانات السياسية ما يزيد على (270,000) وكيل ؛ ينظر : المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في العراق ، ثلاث عمليات انتخابية تاريخية في عام واحد ، مصدر سابق ، ص 38 .
6- المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في العراق ، ثلاث عمليات انتخابية تاريخية في عام واحد ، بغداد ، أيلول 2006 ، ص 96 .
7- مثال ذلك ، لم يتجاوز عدد وكلاء الكيانات السياسية التي أرسلتهم الكيانات السياسية ـ والبالغ عددها (67) كيان ـ في محافظة القادسية لمراقبة عملية التسجيل في المراكز التسعة عشر التي افتتحت لهذا الغرض ، الـ (50) وكيل ، بينما تجاوز عدد الوكلاء الذين أرسلتهم نفس الكيانات في يوم الاقتراع لمراقبة عملية التصويت (25000) ألف وكيل .
الاكثر قراءة في القانون الدستوري و النظم السياسية
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة