الهدى والايمان على اربعة وجوه
المؤلف:
علي بن إبراهيم
المصدر:
تفسير القمي
الجزء والصفحة:
ج1، ص30 -32
2025-11-10
64
قال تعالى: {ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ} [البقرة: 2]
سورة البقرة وهى مائتان وست وثمانون آية .
بسم الله الرحمن الرحيم {الم (1) ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ} [البقرة: 1، 2] قال أبو الحسن علي بن ابراهيم حدثنى ابي عن يحيى بن ابن عمران عن يونس عن سعدان بن مسلم عن ابي بصير عن ابي عبدالله (عليه السلام) قال الكتاب علي (عليه السلام) لا شك فيه هدى للمتقين قال بيان لشيعتنا قوله {الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ} [البقرة: 3] قال مما علمناهم ينبئون ومما علمناهم من القرآن يتلون.
وقال الم هو حرف من حروف اسم الله الاعظم المتقطع في القرآن الذي خوطب به النبي ( صلى الله عليه واله وسلم) والامام فاذا دعا به اجيب والهداية في كتاب الله على وجوه اربعة فمنها ما هو للبيان للذين يؤمنون بالغيب قال يصدقون بالبعث والنشور والوعد والوعيد.
والايمان في كتاب الله على اربعة اوجه فمنه اقرار باللسان قد سماه الله ايمانا ومنه تصديق بالقلب ومنه الاداء ومنه التأييد.
(الاول) الايمان الذي هو اقرار باللسان وقد سماه الله تبارك وتعالى ايمانا ونادى اهله به لقوله {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ فَانْفِرُوا ثُبَاتٍ أَوِ انْفِرُوا جَمِيعًا (71) وَإِنَّ مِنْكُمْ لَمَنْ لَيُبَطِّئَنَّ فَإِنْ أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَالَ قَدْ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيَّ إِذْ لَمْ أَكُنْ مَعَهُمْ شَهِيدًا (72) وَلَئِنْ أَصَابَكُمْ فَضْلٌ مِنَ اللَّهِ لَيَقُولَنَّ كَأَنْ لَمْ تَكُنْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ مَوَدَّةٌ يَالَيْتَنِي كُنْتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزًا عَظِيمًا } [النساء: 71 - 73] قال الصادق (عليه السلام) لو ان هذه الكلمة قالها اهل المشرق واهل المغرب لكانوا بها خارجين من الايمان ولكن قد سماهم الله مؤمنين باقرارهم.
وقوله يا {أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ} [النساء: 136] فقد سماهم الله مؤمنين.
(الثاني) الايمان الذي هو التصديق بالقلب فقوله {الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ (63) لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ} [يونس: 63، 64] يعني صدقوا وقوله { لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً} [البقرة: 55] لا نصدقك وقوله {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا} [النساء: 136] اي ياايها الذين اقروا صدقوا فالايمان الحق هو التصديق وللتصديق شروط لا يتم التصديق الا بها.
وقوله {لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ} [البقرة: 177] فمن اقام بهذه الشروط فهو مؤمن مصدق.
(الثالث) الايمان الذي هو الاداء فهو قوله لما حول الله قبلة رسوله إلى الكعبة قال اصحاب رسول الله يا رسول الله صلواتنا إلى بيت المقدس بطلت فانزل الله تبارك وتعالى {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ} [البقرة: 143] فسمى الصلاة ايمانا.
(الرابع) من الايمان وهو التأييد الذي جعله الله في قلوب المؤمنين من روح الايمان فقال {لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ} [المجادلة: 22] والدليل على ذلك قوله (صلى الله عليه واله وسلم) لا يزني الزانى وهو مؤمن ولا يسرق السارق وهو مؤمن يفارقه روح الايمان ما دام على بطنها فاذا قام عاد اليه قيل وما الذي يفارقه قال الذي يدعه (يرعد ط) في قلبه ثم قال (صلى الله عليه واله وسلم) ما من قلب إلا وله اذنان على احدهما ملك مرشد وعلى الآخر شيطان مغتر هذا يأمره وهذا يزجره ومن الايمان ما قد ذكره الله في القرآن (خبيث وطيب ط) حيث قال {مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ} [آل عمران: 179] ومنهم من يكون مؤمنا مصدقا ولكنه يلبس ايمانه بظلم وهو قوله {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ} [الأنعام: 82] فمن كان مؤمنا ثم دخل في المعاصي التي نهى الله عنها فقد لبس ايمانه بظلم فلا ينفعه الايمان حتى يتوب إلى الله من الظلم الذي لبس ايمانه حتى يخلص لله فهذه وجوه الايمان في كتاب الله.
الاكثر قراءة في اشباه ونظائر
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة