اختيار القطاعات الرائدة في الاقتصاد العراقي وفقا لروابط الجذب الامامية والخلفية ومعاملات الاختلاف
المؤلف:
أ. د. علي مجيد الحمادي
المصدر:
التشابك الاقتصادي بين النظرية والتطبيق
الجزء والصفحة:
ص313 - 321
2025-11-03
37
3-7-ج: اختيار القطاعات الرائدة وفقا لروابط الجذب الامامية والخلفية ومعاملات الاختلاف
تظهر عملية ترتيب القطاعات الاقتصادية وفقا لقيم روابط الجذب الامامية والخلفية ( Ufi ) و ( Ubj ) المرتفعة وانخفاض قيم ( Vfi ) و (Vbj) فيها ان هناك مجموعة اولى متكونة من خمسة قطاعات هي: الصناعات المعدنية الاساسية (25) وصناعة المنتجات المعدنية المصنعة عدا المكائن الثقيلة (26) وصناعة الكيمياويات الصناعية (17) وصناعة عجينة الورق والكرتون (15) وصناعة الدهون والزيوت النباتية والحيوانية (6) على الترتيب، وتلك هيا القطاعات المحورية (الرائدة) تأسيساً على المؤشرات اعلاه فقد بلغت قيمة (Ufi) في هذه القطاعات على التوالي نحو 3.41077، 1.44715، 1.86479، 1.516139، 1.24935 ، كما بلغت قيمة (Vfi ) نحو 2.8366 2.77347، 2.07913، 2.7881 ، 2.6627 . ومن جهة اخرى فقد بلغت قيمة (UPj) على الترتيب نحو 1.14581، 1.056405، 1.099153، 1.14998، 1.19250، في حين سجلت (Vpj) في هذه الفروع قيما على التوالي 1.76621، 3.41742، 2.33877، 3.04667 , 2.65830 .
ان اهم ما يمكن ملاحظته هنا ان الفروع الرائدة في الاقتصاد العراقي وفقا لهذا التصنيف وهو الاكثر قبولا من حيث الدقة والشمولية مقارنة بطرق الاختيار السابقة الذكر، تقع ضمن نطاق قطاع الصناعة التحويلية، الامر الذي يعكس حقيقة مهمة تتمثل بكون هذا القطاع هو القطاع الرائد في اقتصاد القطر، وبالتالي فهو القطاع الذي بمستطاعه تحقيق فرص استثمارية كبيرة. يمتلك هذا القطاع القدرة على خلق الطلب (السوق)، فضلاً عن تمكنه من بناء قنوات الاتصال السريعة والمتعددة، (التشابك القطاعي) بينه وبين نفسه، اي روابطه الذاتية من جهة، وبينه وبين فروع الاقتصاد الأخرى امامياً وخلفياً من جهة ثانية (1) . فعلى سبيل المثال ان قطاع الصناعات المعدنية الاساسية (25) الذي يحتل المكانة الاولى بين القطاعات المحورية، ويتمتع بارتفاع قيمتي روابطه الامامية والخلفية وانخفاض معاملات الاختلاف فيه، يرتبط امامياً بثلاثة وعشرين قطاعاً اقتصادياً كما انه يعتمد على مخرجات ما لا يقل عن ستة عشر قطاعاً اقتصادياً كمدخلات ومستلزمات انتاج. وهكذا الحال بالنسبة لصناعة المنتجات المعدنية المصنعة عدا المكائن الثقيلة (26) التي ترتبط امامياً بستة وثلاثين قطاعاً اقتصادياً كما انها تتغذى على سبعة وعشرين قطاعاً اقتصادياً. لذا يتوجب رعاية هذه القطاعات ومن هو في حكمها ودعمها مع ضرورة تخصيص الاستثمارات الكافية لتنميتها وتطويرها. ووجدنا ان المجموعة الثانية من الفروع الاقتصادية وفقاً للمؤشرات الاربعة المذكورة اعلاه تتسم بانخفاض قيمة (Ufi) و (Ubj) من جهة وانخفاض قيمة (Vfi) و (Vbj) من جهة ثانية، وتتضمن هذه المجموعة اربعة فروع على الترتيب هي: صناعات غذائية اخرى (9)، وصناعة واصلاح السيارات (30) وصناعة الغزل والنسيج وتجهيز المنسوجات (11) وصناعة المنتوجات الكيماوية الأخرى (18). ورغم انخفاض مستويات الروابط الامامية في هذه الفروع مقارنة بمثيلاتها في المجموعة الاولى من القطاعات والفروع الاقتصادية، الا ان معاملات الاختلاف فيها منخفضة ايضاً اي انها تحتفظ بصلات متشعبة مع قطاعات الاقتصاد الاخرى في الاتجاهات المختلفة.


فالصناعات الغذائية الاخرى (9) ترتبط خلفياً بما يقترب من ستة وعشرين قطاعاً كما ان لها صلات امامية مع خمسة عشر قطاعاً اقتصادياً. وهكذا الحال بالنسبة لصناعة المنتجات الكيماوية الاخرى (18) التي تتمتع بتعدد روابطها الامامية والخلفية، حيث بلغ عدد الفروع التي تقوم وتتغذى عليها هذه الصناعة نحو 35 فرعاً اقتصادياً ضمن مجموعة الفعاليات المحورية. وما يدعم هذه الفروع جميعها أنها تقع ضمن اطار الصناعة التحويلية.
واخيراً نتحدث عن المجموعة الثالثة من هذه المجاميع والتي تتضمن فروعاً تتسم بانخفاض مستويات الروابط الامامية والخلفية وارتفاع معاملات الاختلاف فيها. كما في صناعة الزجاج والمنتجات الزجاجية (22) وقطاع الخدمات الشخصية (37) وصناعة واصلاح المكائن والمعدات الزراعية (27) وقطاع استخراج النفط الخام (2) على التوالي.
وما يمكن قوله عن هذه الفروع ان قدرتها على خلق التشابك القطاعي هي دون قدرة المجموعتين الاولى والثانية على ذلك، اذ لم يتجاوز عدد الفروع التي يرتبط بها قطاع استخراج النفط الخام امامياً أكثر من قطاع واحد، كما انه لا يرتبط امامياً بأكثر من 14 فرعاً اقتصادياً وهكذا بالنسبة لبقية الفروع. وعليه فان امكانية وصول هذه الفروع الى مستوى القطاعات الرائدة في الاقتصاد العراقي محدودة الى حد ما.
وتجدر الاشارة الى انه لم تكن هناك مجموعة من الفروع الاقتصادية تمثل الفروع التي ترتفع فيها كل من قيمة روابطها الامامية والخلفية ومعاملات الاختلاف فيها وفقاً لهذا التصنيف.
خلاصة
ان اهم ما يمكن ان نخلص اليه من هذا البحث هو كما يلي:
1 - هناك ثلاثة عشر قطاعا رائداً في الاقتصاد العراقي وفقاً لمؤشر روابط الجذب الامامية الكلية، بحيث ان قيمة >1 ( Ufi) في كل من هذه القطاعات وذلك يعني ان هذه القطاعات تمتلك القدرة على خلق فرص الاستثمار الجديدة بكفاءة عالية.
وباستثناء قطاع تجارة الجملة والمفرد والمطاعم والفنادق وقطاع الزراعة والصيد والغابات فان بقية القطاعات تقع ضمن حدود قطاع الصناعة التحويلية. ونتيجة لقدرة قطاع تجارة الجملة والمفرد والمطاعم على خلق الروابط الامامية القوية، فقد احتل الموقع الاول في هذا المضمار، كما ان فروع القطاع الصناعي المعنية هنـا هـي مـن بـين مجموعة الصناعات الوسيطة والرأسمالية التي ساهمت في تغذية المجهود الحربي ببعض متطلباته، فضلا عن مساهمة عدد من هذه الفروع في تغطية مستلزمات النشاط العمراني في القطر وبخاصة العاصمة. ويقدم قطاع الزراعة مدخلات مهمة لبعض الفروع الاقتصادية وخصوصاً الصناعات الاستهلاكية والوسيطة علماً بان مساهمة هذا القطاع في رفد الفروع الاقتصادية كان بالإمكان ان تكون بدرجة اعلى لتوافر الظروف الطبيعية والطوبوغرافية المشجعة للنشاط الزراعي.
2- ان عملية ترتيب القطاعات والفروع الاقتصادية على اساس روابط الجذب الخلفية الكلية قد اظهر وجود احد عشر فرعاً اقتصادياً رائداً اي ان قيمة 1 > Ubj)) في كل فرع. وتتمتع هذه الفروع بقدرتها على خلق الطلب (السوق) بدرجة كبيرة. واهم ما يمكن ذكره هنا ان مجمل الفروع الرائدة هي ضمن نشاط الصناعة التحويلية وتتسم ببساطة التكنولوجيا المستخدمة فيها، وتوافر مدخلاتها الوسيطة والمساعدة محلياً وانخفاض مستوى حاجتها للخبرات أو الكفاءات المتخصصة مقارنة بالفروع والقطاعات الأخرى. ويتميز مؤشر قيمة (Ubj) بأهمية تزيد عن مؤشر قيمة (Ufi) الأمر الذي تمثل بانحسار عدد الفروع المحورية على هذا الاساس.
3- وعند وضع نظام للأولويات القطاعية لاختيار القطاعات المحورية (الرائدة) في الاقتصاد الوطني تأسيساً على روابط الجذب الامامية والخلفية الكلية، يتضح ان هناك خمسة فروع اقتصادية رائدة اساسية اتسمت بارتفاع روابطها الامامية والخلفية الكلية اي ان قيمة كل من 1 > ( Ufi) و 1 < (Ubj) وهذا يعني بان هذه القطاعات قادرة على خلق فرص استثمارية من جهة، فضلا عن تمكنها من توسيع السوق من جهة اخرى وتقليص عدد هذه القطاعات الرائدة الى خمسة قطاعات فقط يدلل على اهمية استخدام هذين المؤشرين معاً لاختيار القطاعات الرائدة. علماً بان هذه القطاعات جميعا تقع في مجال الصناعة التحويلية مما يؤكد حقيقة كون القطاع الصناعي التحويلي هو القطاع القائد في الاقتصاد العراقي وبالتالي ينبغي ان يستأثر بنصيب اكبر من الدعم في مجال الاستثمار بصفة خاصة مقارنة بالقطاعات الاقتصادية الاخرى.
4- وجدنا بان هناك أحد عشر فرعاً وقطاعاً محورياً في الاقتصاد العراقي بناءً على مؤشرات روابط الجذب الامامية الكلية ومعاملات الاختلاف اي ان تكون قيمة 1 > (Ufi) وقيم (Vfi) دون المتوسط العام لمعاملات الاختلاف، فباستثناء قطاع الزراعة والصيد والغابات كانت جميع هذه الفروع في نطاق قطاع الصناعة التحويلية. ويتضح بأن غالبية هذه الفروع تنتمي لمجموعة الصناعات الوسيطة والرأسمالية. كما انها تتسم بقدرتها العالية على تغذية الفروع والقطاعات الاقتصادية الاخرى بمخرجاتها وبصورة أكثر تعدداً واعتدالاً.
5- وعندما تم ترتيب القطاعات الاقتصادية وفقاً لروابط الجذب الخلفية ومعاملات الاختلاف ظهر ان هناك خمسة قطاعات رائدة في الاقتصاد الوطني، وكانت قيمة 1 > (Ubj) وقيمة (Vbj) دون متوسط الاختلافات في هذه القطاعات. تتميز هذه القطاعات بقدرتها على خلق الطلب الجديد (توسيع السوق)، كما انها تعتمد على الكثير من الفروع الاقتصادية بصورة متوازنة في الحصول على المدخلات. ولابد من الاشارة الى ان القطاعات الخمسة اعلاه تقع ضمن قطاع الصناعة التحويلية، وهذا ايضا يدعم موقع هذا القطاع في كونه القطاع الرائد في الاقتصاد الوطني.
6 - وحين رتبت القطاعات الاقتصادية وفقاً لمؤشرات روابط الجذب الامامية والخلفية ومعاملات الاختلاف تبين ان هناك خمسة قطاعات رائدة في الاقتصاد الوطني. وتتسم هذه القطاعات بارتفاع قيمة هذه الروابط 1> (Ubj) و1< (Ufi) كما ان معاملات الاختلاف (Vbj) و (Vfi) تقل عن المتوسط. فالفروع الخمسة المتمثلة بالصناعات المعدنية الاساسية وصناعة المنتجات المعدنية المصنعة عدا المكائن الثقيلة وصناعة الكيماويات الصناعية وصناعة عجينة الورق والكرتون وصناعة الدهون والزيوت النباتية والحيوانية تمتلك القدرة العالية على خلق السوق في داخل الاقتصاد العراقي حيث ان غالبية هذه الفروع تعتمد بدرجة عالية على مدخلات متوفرة محلياً بصفة لقيم او وقود وترتبط خلفياً بعدد كبير من الفروع الاقتصادية وبنسب متفاوتة تقريباً. وتساعد هذه الفروع على خلق الفرص الاستثمارية الجديدة وبإمكانها تغذية الفروع والقطاعات الاقتصادية الاخرى بمخرجاتها بصورة معتدلة، وهي قادرة على خلق التشابك القطاعي فيما بينها من جهة، وبينها وبين فروع وقطاعات الاقتصاد الوطني الأخرى من جهة ثانية. وطالما ان هذه الفروع تقع ضمن نشاط قطاع الصناعة التحويلية، يمكننا القول بان هذا القطاع هو القطاع المحوري بصورة عامة ويستحق توفير المتطلبات اللازمة لتوسيعه بدرجة تفوق حصص القطاعات الاقتصادية الاخرى.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) د. مدحت القريشي واقع التنمية الصناعية في الجمهورية العراقية، مصدر سابق، ص 62.
الاكثر قراءة في التحليل الأقتصادي و النظريات
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة