المودة والتعبير عنها
المؤلف:
الخطيب الشيخ حسين انصاريان
المصدر:
الاُسرة ونظامها في الإسلام
الجزء والصفحة:
ص 191 ــ 194
2025-11-01
36
لقد أودع الباري تعالى المحبة والمودة في قلب كل من الرجل والمرأة تجاه بعضهما، واعتبر ذلك من آياته، وهذه الحقيقة تمثل تعبيراً عن أهمية قضية المودة بين الرجل والمرأة وعظمتها لا سيما محبة الرجل للمرأة، إذ يقول تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} [الروم: 21] (1).
ان هذه المودة والمحبة تتفتح براعمها وتبلغ ذروتها في مطلع الحياة الزوجية بل وحتى قبل عقد القرآن، وعلى الزوجين المحافظة على هذه النعمة وهذه العاطفة القلبية السامية التي تبعث السعادة في الحياة والمعاشرة، وتنمي الصفاء والطهارة من خلال التودد لبعضهما البعض والتحلي بالحلم والعفو ومكارم الاخلاق والتعاون والتسامح بالحقوق المتبادلة وصيانة شخصية الطرفين وحيثياتهما، والتورع عن أسباب تصدع هذه المودة والمحبة، إذ ان المحافظة على بناء المودة من العبادة، وتهديم عرش المحبة لا ريب في أنه ذنب ومعصية توجب العذاب والعقاب الالهيين يوم المحشر، وسبب في اثارة الشقاء الدنيوي. وقد دعا الصادق (عليه السلام) لمن تمتع بقدرة كسب محبة الآخرين، إذ يقول (عليه السلام): (رحم الله عبداً اجتر مودة الناس إلى نفسه) (2).
ان تبديل المودة والحب إلى بغض وضغينة وعداء دون توفر مبرر عقلي وشرعي لذلك، انما هو تبديل النعمة إلى كفران والمحافظة على المودة وتفعيلها ونقلها إلى الطرف المقابل تعتبر سبباً في تحقق السعادة الدنيوية والأخروية.
قال الامام الصادق (عليه السلام): (ويل لمن يبدل نعمة الله كفراً، طوبي للمتحابين في الله) (3).
وقال أمير المؤمنين (عليه السلام): (أفضل الناس منةً من بالمودة) (4).
والانسان محكوم بأن يبذل المودة لمن يستحق المحبة والود والصداقة فضلاً عن المقربين اليه من الزوجة والاولاد.
ورد في حديث قدسي: (الخلق عيالي فأحبهم الى الطفهم بهم واسعاهم في حوائجهم) (5).
على ضوء ما تقدم فإن المحبة الكامنة في قلب المرأة تجاه الرجل وبالعكس تعتبر من آيات الله سبحانه ومن النعم الالهية الخاصة، وأهم دافع لتشكيل الحياة الصالحة واستمرارها، وشيوع الصفاء والصدق في ربوع الحياة، وعليه من الواجب المحافظة عليها والعمل على اضطرادها وتجنب عوامل زوالها.
قال الصادق (عليه السلام): (من أخلاق الأنبياء حب النساء) (6).
وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): (جعل قرة عيني في الصلاة، ولذتي في الدنيا النساء، وريحانتي الحسن والحسين) (7).
وقال الصادق (عليه السلام): (ما تلذذ الناس في الدنيا والآخرة أكثر لهم من لذة النساء وهو قول الله عز وجل: {زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ} [آل عمران: 14]، ثم قال وأن أهل الجنة ما يتلذذون بشيء من الجنة أشهى عندهم من النكاح. لا طعام ولا شراب) (8).
وقال النبي (صلى الله عليه وآله): (قول الرجل للمرأة أني احبك لا يذهب من قلبها ابداً) (9).
وقال الصادق (عليه السلام): (العبد كلما ازداد للنساء حباً ازداد في الايمان فضلاً) (10).
وبطبيعة الحال لابد من الالتفات لهذه الحقيقة وهي أن لا تأخذ المحبة والمودة تجاه المرأة طابع الافراط فالأفراط بالمحبة يحول دون سلوك المرء لصراط الله المستقيم والقيام بالأعمال الصالحة وبذل الخيرات والمبرات، لا سيما إذا حاولت المرأة التحكم بالرجل من خلال استغلال محبته لها وفرض المزيد من رغباتها عليه.
يجب أن يكون حب المرأة وكل شيء تابع لإيمان الانسان بالله سبحانه والمعاد وان لا يعيق الانسان عن السير نحو الكمالات والقيام بالصالحات.
وإذا ما أراد حب المرأة أن يتحول إلى بؤرة للمعاصي والذنوب والاسراف والتبذير، أو البخل والحرص أو سبب في الامساك عن أداء الفرائض، يجب والحالة هذه تصحيح مساره، فمثل هذا الحب انما خليط مع نفثات الشيطان ويعيد عن رضى الحق تعالى.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- ميزان الحكمة: ج 2، ص 205.
2- المصدر السابق.
3ـ الوسائل: ج 16، ص 171، طبعة آل البيت.
4ـ ميزان الحكمة: ج 2، ص 210.
5- الكافي: ج 2، ص 199.
6ـ الوسائل: ج 20، ص 22 ـ 23، طبعة آل البيت.
7ـ المصدر السابق.
8ـ المصدر السابق، ص 23 ـ 24.
9ـ المصدر السابق.
10ـ المصدر السابق.
الاكثر قراءة في الزوج و الزوجة
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة