مباهاة الله ملائكته بإيثار أمير المؤمنين عليه السّلام رسول الله بنفسه
المؤلف:
السيّد محمّد الحسين الحسينيّ الطهرانيّ
المصدر:
معرفة الإمام
الجزء والصفحة:
ج1/ ص135-136
2025-10-11
283
يروي القندوزي كذلك[1] قال: روى الثعلبي في تفسيره، وابن عقبة في (ملحمته)، وأبو السعادات في (فضائل العترة الطاهرة) والغزالي في (إحياء العلوم) بسندهم المتّصل عن ابن عبّاس، وعن أبي رافع، وعن هند بن أبي هالة ربيب رسول الله وأمّه خديجة أمّ المؤمنين، أنهم قالوا: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: "أوحَى اللهُ إلى جبرئيلَ ومِيكَائيلَ: إني قَد آخيتُ بينكُمَا وجَعَلْتُ عُمْرَ أحَدِكُمَا أطوَلَ مِن عُمرِ صَاحِبِهِ، فَأيُّكُمَا يُؤثِرُ أخَاهَ عُمْرَهُ؟ فَكِلاهُمَا كَرِهَ الموتَ، فَأوحَى اللهُ إليهِمَا: إني آخَيتُ بين عليّ وَليّي وبين محمّدٍ نَبِيّي، فَأثَرَ عَلى حَيَاتَهُ لِنَبِيّي، فرَقَدَ عَلى فِرَاشِ النَّبِيّ يَقِيهِ بِمُهْجَتِهِ. اهْبِطَا إلى الأرضِ واحْفَظَاهُ مِن عَدُوِّهِ. فَهَبَطَا فَجَلَسَ جبرائِيلُ عِندَ رَأسِهِ ومِيكَائِيلُ عِندَ رِجْليهِ، وجَعَلَ جبرائيلُ يَقُولُ: بَخٍّ بَخٍّ مَن مِثْلُكَ يَا بنَ أبي طَالِبٍ، واللهُ عَزَّ وجَلَّ يُبَاهِي بِكَ الملَائِكَةَ، فَأنْزَلَ اللهُ: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللَّهِ واللَّهُ رَؤُفٌ بِالْعِبادِ}[2].
وجاء في الروايات أن الرسول صلى الله عليه وآله توجّه عند خروجه من مكّة إلى غار (ثور) مباشرةً فمكث فيه ثلاثة أيّام، فجاءت العنكبوت فنسجت بيتاً على فوهة الغار، وجاءت حمامة فوضعت بيضها في باب الغار، ثم جاء الكفّار يقتفون آثار الرسول صلى الله عليه وآله حتى وصلوا باب الغار، لكنّ الله صرفهم عن الدخول إلى الغار.
وفي ليلة المبيت اجتمع الرجال من العشائر المختلفة يريدون قتل الرسول صلى الله عليه وآله، وأرادوا الدخول إلى بيته ليقطّعوه إرباً إرباً، غير انّ أبا لهب لم يسمح لهم بالدخول وقال انّ في هذه الدار نساء بني هاشم وبناتهم فاقعدوا بنا على الباب نحرس محمّداً في مرقده لئلّا يفلت من أيدينا.
وأصبح الصباح فاقتحم الرجالُ البيت فوثب علي رافعاً البردة الخضراء عن وجهه، فقالوا له: أين محمّد؟ فقال: أجعلتموني عليه رقيباً؟ ثم انهم لما أدركوا خروج النبّي صاروا في صدد البحث عنه وملاحقته، فصان الله نبيّه بحوله وقوّته.
يقول السبط بن الجوزي: قال أحمد في الفضائل: حدّثنا يحيي بن حماد، حدّثنا أبو عوانه، حدّثنا أبو بكر بن محمّد، عن عمرو بن ميمون قال: إني لجالسٌ إلى ابن عبّاس إذ أتاه رَهطٌ يَقَعونَ في علي بن أبي طالبٍ عليه السلام، فردّ عليهم ابن عبّاس قال:
لمّا هَاجَرَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه [و آله] وسلم، لَبِسَ عَلي عليه السَّلامُ ثَوبَهُ ونَامَ عَلي فِرَاشِهِ، وكَانَ المشرِكُونَ يُؤذُونَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه [و آله] وسلّم. إلى أن قال: وَبَاتَ الْكُفّارُ يَرْمُونَ عَليّاً عَليهِ السَّلام بِالْحِجَارَةِ وهُوَ يَتَضَوَّر قَد لَفَّ رَأسَهُ في الثَّوبِ إلى الصَّبَاحِ.
[1] (ينابيع المودّة) ص 92؛ كما ورد أيضاً في (تذكرة الخواص) للسبط ابن الجوزي ص 21، وفي (أسد الغابة) ج 4، ص 25، ورواه ابن الصبّاغ في (الفصول المهمّة) ص 33 عن الغزالي.
[2] الآية 207، من السورة 2: البقرة.
الاكثر قراءة في مقالات قرآنية
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة