رسالة النبي يوسف لأبيه يعقوب النبي عليهما السلام
المؤلف:
الشيخ ماجد ناصر الزبيدي
المصدر:
التيسير في التفسير للقرآن برواية أهل البيت ( عليهم السلام )
الجزء والصفحة:
ج 3، ص370-377.
2025-10-03
356
رسالة النبي يوسف لأبيه يعقوب النبي عليهما السلام
قال تعالى : {قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (83) وَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ (84) قَالُوا تَاللَّهِ تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّى تَكُونَ حَرَضًا أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهَالِكِينَ (85) قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (86) يَا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلَا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ (87) فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَيْهِ قَالُوا يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنَا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ وَجِئْنَا بِبِضَاعَةٍ مُزْجَاةٍ فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَا إِنَّ اللَّهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ (88) قَالَ هَلْ عَلِمْتُمْ مَا فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ إِذْ أَنْتُمْ جَاهِلُونَ (89) قَالُوا أَإِنَّكَ لَأَنْتَ يُوسُفُ قَالَ أَنَا يُوسُفُ وَهَذَا أَخِي قَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ (90) قَالُوا تَاللَّهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللَّهُ عَلَيْنَا وَإِنْ كُنَّا لَخَاطِئِينَ (91) قَالَ لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (92) اذْهَبُوا بِقَمِيصِي هَذَا فَأَلْقُوهُ عَلَى وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيرًا وَأْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ (93) وَلَمَّا فَصَلَتِ الْعِيرُ قَالَ أَبُوهُمْ إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْلَا أَنْ تُفَنِّدُونِ (94) قَالُوا تَاللَّهِ إِنَّكَ لَفِي ضَلَالِكَ الْقَدِيمِ (95) فَلَمَّا أَنْ جَاءَ الْبَشِيرُ أَلْقَاهُ عَلَى وَجْهِهِ فَارْتَدَّ بَصِيرًا قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (96) قَالُوا يَا أَبَانَا اسْتَغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا إِنَّا كُنَّا خَاطِئِينَ (97) قَالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (98) فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَى يُوسُفَ آوَى إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ وَقَالَ ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ (99) وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا وَقَالَ يَا أَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجَاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (100) رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ } [يوسف : 83 - 101].
نرجع إلى رواية عليّ بن إبراهيم قال أبو جعفر عليه السّلام : فلمّا رجع إخوة يوسف إلى أبيهم ، وأخبروه بخبر أخيهم ، قال يعقوب : {بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْراً فَصَبْرٌ جَمِيلٌ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ} ثمّ {تَوَلَّى عَنْهُمْ وَقالَ يا أَسَفى عَلى يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْناهُ مِنَ الْحُزْنِ يعني عميتا من البكاء فَهُوَ كَظِيمٌ } أي محزون ، والأسف أشدّ الحزن.
وسئل أبو عبد اللّه عليه السّلام : ما بلغ من حزن يعقوب على يوسف ؟ قال :
« حزن سبعين ثكلى بأولادها - وقال - إنّ يعقوب لم يعرف الاسترجاع ، ومن
هنا قال : يا أَسَفى عَلى يُوسُفَ فقالوا له : {تَاللَّهِ تَفْتَؤُا تَذْكُرُ يُوسُفَ} أي لا تفتؤ عن ذكر يوسف {حَتَّى تَكُونَ حَرَضاً أي ميتا أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهالِكِينَ قالَ إِنَّما أَشْكُوا بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ } « 1 ».
وقال أبو عبد اللّه عليه السّلام قال : « قدم أعرابيّ على يوسف عليه السّلام ليشتري منه طعاما ، فباعه فلمّا فرغ قال له يوسف عليه السّلام : أين منزلك ؟ قال له :
بموضع كذا وكذا . فقال له : فإذا مررت بوادي كذا وكذا ، فقف وناد : يا يعقوب ، يا يعقوب ، فإنّه سيخرج لك رجل عظيم جميل وسيم ، فقل له :
لقيت رجلا بمصر وهو يقرئك السّلام ، ويقول لك : إنّ وديعتك عند اللّه عزّ وجلّ لن تضيع ».
قال : « فمضى الأعرابيّ حتى انتهى إلى الموضع ، فقال لغلمانه : احفظوا عليّ الإبل . ثمّ نادى : يا يعقوب ، يا يعقوب . فخرج إليه رجل أعمى طويل جسيم جميل يتقي الحائط بيده حتى أقبل ، فقال له الرجل : أنت يعقوب ؟
قال : نعم ، فأبلغه ما قال يوسف ، فسقط مغشيّا عليه ، ثمّ أفاق ، وقال للأعرابي : يا أعرابي ، ألك حاجة إلى اللّه عزّ وجلّ ؟ فقال له : نعم ، إني رجل كثير المال ، ولي ابنة عمّ ليس يولد لي منها ، وأحبّ أن تدعو اللّه أن يرزقني ولدا . - قال - فتوضّأ يعقوب ، وصلّى ركعتين ، ثمّ دعا اللّه عزّ وجلّ ، فرزق أربعة بطون - أو قال : ستّة أبطن - في كل بطن اثنان.
فكان يعقوب عليه السّلام يعلم أن يوسف عليه السّلام حيّ لم يمت ، وأنّ اللّه تعالى ذكره سيظهره له بعد غيبته ، وكان يقول لبنيه : إِنِّي أَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ وكان بنوه وأهله وأقرباؤه يفنّدونه على ذكره ليوسف ، حتّى إنه لمّا وجد ريح يوسف ، قال : إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْ لا أَنْ تُفَنِّدُونِ قالُوا تَاللَّهِ إِنَّكَ لَفِي ضَلالِكَ الْقَدِيمِ فَلَمَّا أَنْ جاءَ الْبَشِيرُ وهو يهودا ابنه ، فألقى قميص يوسف عَلى وَجْهِهِ فَارْتَدَّ بَصِيراً قالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ » « 2 ».
نرجع إلى رواية عليّ بن إبراهيم : قال عليه السّلام : « فلمّا ولّى الرسول إلى الملك بكتاب يعقوب ، رفع يعقوب يديه إلى السّماء فقال : يا حسن الصحبة ، يا كريم المعونة ، يا خير كلمة ، ائتني بروح منك وفرج من عندك . فهبط عليه جبرئيل عليه السّلام فقال : يا يعقوب ، ألا أعلّمك دعوات يردّ اللّه عليك بصرك وابنيك ؟ قال : نعم . قال : قل : يا من لا يعلم أحد كيف هو إلّا هو ، يا من سدّ السّماء بالهواء ، وكبس الأرض على الماء ، واختار لنفسه أحسن الأسماء ، ائتني بروح منك وفرج من عندك . قال : فما انفجر عمود الصبح ، حتى أتي بالقميص فطرح عليه ، وردّ اللّه عليه بصره وولده ».
قال : « ولمّا أمر الملك بحبس يوسف في السجن ، ألهمه اللّه تأويل الرّؤيا . فكان يعبّر لأهل السجن ، فلمّا سأله الفتيان الرؤيا : وعبّر لهما ، {وَقَالَ لِلَّذِي ظَنَّ أَنَّهُ نَاجٍ مِنْهُمَا اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ} [يوسف : 42] . ولم يفزع في تلك الحالة إلى اللّه ، فأوحى اللّه إليه : من أراك الرّؤيا التي رأيتها ؟ قال يوسف : أنت يا ربّ . قال : فمن حبّبك إلى أبيك ؟ قال : أنت يا ربّ . قال : فمن وجّه إليك السيّارة التي رأيتها ؟ قال : أنت يا ربّ . قال : فمن علّمك الدعاء الذي دعوت به حتّى جعلت لك من الجبّ فرجا ؟ قال : أنت يا ربّ . قال : فمن أنطق لسان الصّبي بعذرك ؟ قال : أنت يا ربّ . قال : فمن ألهمك تأويل الرّؤيا ؟ قال : أنت يا ربّ . قال : فكيف استعنت بغيري ولم تستعن بي ، وأمّلت عبدا من عبيدي ليذكرك إلى مخلوق من خلقي وفي قبضتي ، ولم تفزع إليّ ؟ فالبث في السجن بضع سنين .
فقال يوسف : أسألك بحقّ آبائي عليك إلّا فرّجت عنّي . فأوحى اللّه إليه : يا يوسف وأيّ حقّ لآبائك عليّ ، إن كان أبوك آدم ، خلقته بيدي ، ونفخت فيه من روحي ، وأسكنته جنّتي ، وأمرته أن لا يقرب شجرة منها ، فعصاني وسألني فتبت عليه وإن كان أبوك نوح ، انتجبته من بين خلقي ، وجعلته رسولا إليهم ، فلمّا عصوا دعاني فاستجبت له فأغرقتهم وأنجيته ومن معه في الفلك ، وإن كان أبوك إبراهيم ، اتّخذته خليلا ، وأنجيته من النار ، وجعلتها عليه بردا وسلاما ، وإن كان أبوك يعقوب ، وهبت له اثني عشر ولدا ، فغيّبت عنه واحدا ، فما زال يبكي حتّى ذهب بصره ، وقعد على الطريق يشكوني إلى خلقي ، فأيّ حقّ لآبائك عليّ ؟
قال : « فقال له جبرئيل : يا يوسف ، قل : أسألك بمنّك العظيم ، وإحسانك القديم ، ولطفك العميم ، يا رحمن يا رحيم . فقالها ، فرأى الملك الرؤيا فكان فرجه فيها » « 3 ».
وقال عليه السّلام : « ثمّ رحل يعقوب وأهله من البادية ، بعدما رجع إليه بنوه بالقميص ، فألقوه على وجهه فارتد بصيرا ، فقال له : { أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ قالُوا يا أَبانَا اسْتَغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا إِنَّا كُنَّا خاطِئِينَ قالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ } قال : أخّرهم إلى السّحر ، لأنّ الدعاء والاستغفار فيه مستجاب .
فلمّا وافى يعقوب وأهله وولده مصر ، قعد يوسف على سريره ، ووضع تاج الملك على رأسه ، فأراد أن يراه أبوه على تلك الحالة ، فلمّا دخل أبوه لم يقم له ، فخرّوا له كلّهم سجّدا ، فقال يوسف : {يا أَبَتِ هذا تَأْوِيلُ رُءْيايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَها رَبِّي حَقًّا وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِما يَشاءُ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ }« 4 ».
ثمّ قال عليّ بن إبراهيم : وحدّثني محمد بن عيسى ، أنّ يحيى بن أكثم سأل موسى بن محمّد بن عليّ بن موسى مسائل ، فعرضها على أبي الحسن عليه السّلام ، وكان أحدها : أخبرني عن قول اللّه عزّ وجلّ : وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّداً أسجد يعقوب وولده ليوسف وهم أنبياء ؟
فأجاب أبو الحسن عليه السّلام : « أمّا سجود يعقوب وولده ليوسف ، فإنّه لم يكن ليوسف ، وإنما كان ذلك من يعقوب وولده طاعة للّه ، وتحيّة ليوسف ، كما كان السّجود من الملائكة لآدم ولم يكن لآدم ، وإنّما كان ذلك منهم طاعة للّه وتحيّة لآدم ، فسجد يعقوب وولده وسجد يوسف معهم شكرا للّه تعالى لاجتماع شملهم ، ألم تر أنّه يقول في شكره ذلك الوقت : {رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ فاطِرَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِماً وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ }.
فنزل عليه جبرئيل ، فقال له : يا يوسف ، اخرج يدك ، فأخرجها فخرج من بين أصابعه نور ، فقال : ما هذا النور ، يا جبرئيل ؟ فقال : هذه النبوّة ، أخرجها اللّه من صلبك لأنك لم تقم لأبيك . فحطّ اللّه نوره ، ومحا النبوّة من صلبه ، جعلها في ولد لاوي أخي يوسف ، وذلك لأنّهم لما أرادوا قتل يوسف قال : {لَا تَقْتُلُوا يُوسُفَ وَأَلْقُوهُ فِي غَيَابَتِ الْجُبِّ} [يوسف : 10] فشكر اللّه له ذلك ، ولمّا أرادوا أن يرجعوا إلى أبيهم من مصر وقد حبس يوسف أخاه ، قال : {فَلَنْ أَبْرَحَ الْأَرْضَ حَتَّى يَأْذَنَ لِي أَبِي أَوْ يَحْكُمَ اللَّهُ لِي وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ} [يوسف : 80] فشكر اللّه له ذلك ، فكان أنبياء بني إسرائيل من ولد لاوي ، وكان موسى من ولده ، وهو موسى بن عمران بن يصهر بن واهث بن لاوي بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم.
فقال يعقوب لابنه : يا بنيّ أخبرني ما فعل بك إخوتك حين أخرجوك من عندي ؟ قال : يا أبت اعفني من ذلك . قال : فأخبرني ببعضه ، فقال : يا أبت ، إنّهم لمّا أدنوني من الجبّ قالوا : انزع قميصك . فقلت لهم : يا إخوتي ، اتّقوا اللّه ولا تجرّدوني . فسلّوا عليّ السّكّين ، وقالوا : لئن لم تنزع لنذبحنّك . فنزعت القميص ، فألقوني في الجبّ عريانا - قال - فشهق يعقوب شهقة وأغمي عليه ، فلمّا أفاق ، قال : يا بنيّ حدثني فقال : يا أبت ، أسألك بإله إبراهيم وإسحاق ويعقوب إلّا أعفيتني . فأعفاه » « 5 ».
ثمّ قال : « ولمّا مات العزيز - وذلك في السنين المجدبة - افتقرت امرأة العزيز واحتاجت حتّى سألت الناس ، فقالوا لها : ما يضرّك لو قعدت للعزيز - وكان يوسف يسمّى العزيز - فقالت : أستحي منه ، فلم يزالوا بها حتى قعدت له على الطريق فأقبل يوسف في موكبه ، فقامت إليه ، وقالت : سبحان من جعل الملوك بالمعصية عبيدا ، وجعل العبيد بالطاعة ملوكا.
فقال لها يوسف : أنت هاتيك ؟ فقالت : نعم - وكان اسمها زليخا - فقال لها : هل لك فيّ ؟ قالت : أنّى ! بعد ما كبرت ، أتهزأ بي ؟ قال : لا . فأمر بها ، فحوّلت إلى منزله ، وكانت هرمة ، فقال لها يوسف : ألست فعلت بي كذا وكذا ؟
فقالت : يا نبيّ اللّه ، لا تلمني ، فإنّي بليت ببليّة لم يبل بها أحد.
قال : وما هي ؟ قالت : بليت بحبّك ، ولم يخلق اللّه لك في الدنيا نظيرا ، وبليت بأنّه لم تكن بمصر امرأة أجمل منّي ، ولا أكثر مالا منّي ، نزع عنّي مالي وذهب عنّي جمالي ، وبليت بزوج عنّين.
فقال لها يوسف : وما حاجتك ؟ قالت : تسأل اللّه أن يردّ عليّ شبابي ، فسأل اللّه ، فردّ عليها شبابها ، فتزوّجها وهي بكر » . قالوا : إنّ العزيز الذي كان زوجها أوّلا كان عنّينا « 6 ».
______________
( 1 ) تفسير القميّ : ج 1 ، ص 350.
( 2 ) كمال الدين وتمام النعمة : ص 141 ، ح 9 .
( 3 ) تفسير القميّ : ج 1 ، ص 352 .
( 4 ) تفسير القميّ : ج 1 ، ص 355 .
( 5 ) تفسير القميّ : ج 1 ، ص 356 .
( 6 ) تفسير القميّ : ج 1 ، ص 357 .
الاكثر قراءة في قصة النبي إسحاق ويعقوب ويوسف
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة