وفيه فصول أربعة: الأول في العقد: وثمرته تمليك المنفعة ب عوض معلوم و يفتقر إلى إيجاب و قبول و العبارة الصريحة عن الإيجاب آجرتك و لا يكفي ملكتك.
أما لو قال ملكتك سكنى هذه الدار سنة مثلا صح و كذا أعرتك لتحقق القصد إلى المنفعة.
ولو قال بعتك هذه الدار و نوى الإجارة لم تصح و كذا لو قال بعتك سكناها سنة لاختصاص لفظ البيع بنقل الأعيان و فيه تردد.
والإجارة عقد لازم لا تبطل إلا بالتقايل أو بأحد الأسباب المقتضية للفسخ.
ولا تبطل بالبيع و لا بالعذر مهما كان الانتفاع ممكنا.
وهل تبطل بالموت المشهور بين الأصحاب نعم.
و قيل لا تبطل بموت المؤجر و تبطل بموت المستأجر و قال آخرون لا تبطل بموت أحدهما و هو الأشبه.
وكل ما صح إعارته صح إجارته و إجارة المشاع جائزة كالمقسوم و العين المستأجرة أمانة لا يضمنها المستأجر إلا بتعد أو تفريط و في اشتراط ضمانها من غير ذلك تردد أظهره المنع.
وليس في الإجارة خيار المجلس و لو شرط الخيار لأحدهما أو لهما جاز سواء كانت معينة كأن يستأجر هذا العبد أو هذه الدار أو في الذمة كأن يستأجره ليبني له حائطا
الثاني في شرائطها وهي ستة : الأول أن يكون المتعاقدان كاملين جائزي التصرف فلو آجر المجنون لم تنعقد إجارته و كذا الصبي غير المميز و كذا المميز إلا بإذن وليه و فيه تردد.
الثاني أن تكون الأجرة معلومة بالوزن أو الكيل فيما يكال أو يوزن ليتحقق انتفاء الغرر و قيل تكفي المشاهدة و هو حسن و تملك الأجرة بنفس العقد.
ويجب تعجيلها مع الإطلاق و مع اشتراط التعجيل. ولو شرط التأجيل صح بشرط أن يكون معلوما و كذا لو شرطها في نجوم.
وإذا وقف المؤجر على عيب في الأجرة سابق على القبض كان له الفسخ أو المطالبة بالعوض إن كانت الأجرة مضمونة و إن كانت معينة كان له الرد أو الأرش و لو أفلس المستأجر بالأجرة فسخ المؤجر إن شاء.
و لا يجوز أن يؤجر المسكن و لا الخان و لا الأجير بأكثر مما استأجره إلا أن يؤجر بغير جنس الأجرة أو يحدث فيه ما يقابل التفاوت و كذا لو سكن بعض الملك لم يجز أن يؤجر الباقي بزيادة عن الأجرة و الجنس واحد و يجوز بأكثرها.
و لو استأجره ليحمل له متاعا إلى موضع معين بأجرة في وقت معين فإن قصر عنه نقص من أجرته شيئا جاز و لو شرط سقوط الأجرة إن لم يوصله فيه لم تجز و كان له أجرة المثل.
و إذا قال آجرتك كل شهر بكذا صح في شهر و له في الزائد أجرة المثل إن سكن و قيل تبطل لتجهيل الأجرة و الأول أشبه.
تفريعان : الأول لو قال إن خطته فارسيا فلك درهم وإن خطته روميا فلك درهمان صح.
الثاني لو قال إن عملت هذا العمل في اليوم فلك درهمان وفي غد درهم فيه تردد أظهره الجواز و يستحق الأجير الأجرة بنفس العمل سواء كان في ملكه أو ملك المستأجر و منهم من فرق و لا يتوقف تسليم أحدهما على الآخر و كل موضع يبطل فيه عقد الإجارة تجب
فيه أجرة المثل مع استيفاء المنفعة أو بعضها سواء زادت عن المسمى أو نقصت عنه و يكره أن يستعمل الأجير قبل أن يقاطع على الأجرة و أن يضمن إلا مع التهمة.
الثالث أن تكون المنفعة مملوكة إما تبعا لملك العين أو منفردة و للمستأجر أن يؤجر- إلا أن يشترط عليه استيفاء المنفعة بنفسه و لو شرط ذلك فسلم العين المستأجرة إلى غيره ضمنها و لو آجر غير المالك تبرعا قيل تبطل و قيل وقفت على إجازة المالك و هو حسن.
الرابع أن تكون المنفعة معلومة- إما بتقدير العمل كخياطة الثوب المعلوم و إما بتقدير المدة كسكنى الدار- أو العمل على الدابة مدة معينة.
و لو قدر المدة و العمل مثل أن يستأجره ليخيط هذا الثوب في هذا اليوم قيل يبطل لأن استيفاء العمل في المدة قد لا يتفق و فيه تردد-.
و الأجير الخاص و هو الذي يستأجره مدة معينة لا يجوز له العمل لغير المستأجر إلا بإذنه- و لو كان مشتركا جاز و هو الذي يستأجر لعمل مجرد عن المدة.
وتملك المنفعة بنفس العقد كما تملك الأجرة به. وهل يشترط اتصال مدة الإجارة بالعقد قيل نعم و لو أطلق بطلت و قيل الإطلاق يقتضي الاتصال و هو أشبه و لو عين شهرا متأخرا عن العقد قيل يبطل و الوجه الجواز.
و إذا سلم العين المستأجرة و مضت مدة يمكن فيها استيفاء المنفعة لزمته الأجرة و فيه تفصيل و كذا لو استأجر دارا و سلمها و مضت المدة و لم يسكن- أو استأجره لقلع ضرسه فمضت المدة التي يمكن انتفاع ذلك فيها فلم يقلعه المستأجر استقرت الأجرة أما لو زال الألم عقيب العقد سقطت الأجرة.
ولو استأجر شيئا فتلف قبل قبضه بطلت الإجارة و كذا لو تلف عقيب قبضه أما لو انقضى بعض المدة ثم تلف أو تجدد فسخ الإجارة صح فيما مضى و بطل في الباقي و يرجع من الأجرة بما قابل المتخلف من المدة.
ولا بد من تعيين ما يحتمل على الدابة إما بالمشاهدة و إما بتقديره بالكيل أو الوزن أو ما يرفع الجهالة.
و لا يكفي ذكر المحمل مجردا عن الصفة و لا راكب غير معين لتحقق الاختلاف في الخفة و الثقل و لا بد مع ذكر المحمل من ذكر طوله و عرضه و علوه و هل هو مكشوف أو مغطى و ذكر جنس غطائه.
و كذا لو استأجر دابة للحمل فلا بد من تعيينه بالمشاهدة أو ذكر جنسه و صفته و قدره.
و كذا لا يكفي ذكر الآلات المحمولة ما لم يعين قدرها و جنسها و لا يكفي اشتراط حمل الزاد ما لم يعينه و إذا فنى ليس له حمل بدله ما لم يشترط.
و إذا استأجر دابة اقتصر على مشاهدتها فإن لم تكن مشاهدة فلا بد من ذكر جنسها و وصفها و كذا الذكورة و الأنوثة إذا كانت للركوب و يسقط اعتبار ذلك إذا كانت للحمل.
و يلزم مؤجر الدابة كل ما يحتاج إليه في إمكان الركوب من الرحل و القتب و آلته و الحزام و الزمام و في رفع المحمل و شده تردد أظهره اللزوم.
و لو أجرها للدوران بالدولاب افتقر إلى مشاهدته لاختلاف حالته في النقل.
و لو أجرها للزراعة فإن كان لحرث جريب معلوم فلا بد من مشاهدة الأرض أو وصفها و إن كان لعمل مدة كفى تقدير المدة و كذا في إجارة دابة لسفر مسافة معينة ف لا بد من تعيين وقت السير ليلا أو نهارا إلا أن يكون هناك عادة فيستغنى بها.
و يجوز أن يستأجر اثنان جملا أو غيره للعقبة و يرجع في التناوب إلى العادة.
و إذا اكترى دابة فسار عليها زيادة عن العادة أو ضربها كذلك أو كبحها باللجام من غير ضرورة ضمن.
و لا يصح إجارة العقار إلا مع التعيين بالمشاهدة أو بالإشارة إلى موضع معين موصوف بما يرفع الجهالة و لا تصح إجارته في الذمة لما يتضمن من الغرر بخلاف استيجار الخياط للخياطة و النساج للنساجة و إذا استأجره مدة فلا بد من تعيين الصانع دفعا للغرر الناشئ من تفاوتهم في الصنعة.
و لو استأجر لحفر البئر لم يكن بد من تعيين الأرض و قدر نزولها و سعتها و لو حفرها فانهارت أو بعضها لم يلزم الأجير إزالته و كان ذلك إلى المالك و لو حفر بعض ما قوطع عليه ثم تعذر حفر الباقي إما لصعوبة الأرض أو مرض الأجير أو غير ذلك قوم حفرها و ما حفر منها و رجع عليه بنسبته من الأجرة و في المسألة قول آخر مستند إلى رواية مهجورة.
و يجوز استئجار المرأة للرضاع مدة معينة بإذن الزوج فإن لم يأذن فيه تردد و الجواز أشبه إذا لم يمنع الرضاع حقه و لا بد من مشاهدة الصبي و هل يشترط ذكر الموضع الذي ترضعه فيه قيل نعم و فيه تردد و إن مات الصبي أو المرضعة بطل العقد و لو مات أبوه هل يبطل يبنى على القولين كون الإجارة هل تبطل بموت المؤجر و المستأجر أم لا و الأصح عدم البطلان.
و لو استأجر شيئا مدة معينة لم يجب تقسيط الأجرة على أجزائها سواء كانت قصيرة أو متطاولة.
و يجوز استئجار الأرض لتعمل مسجدا.
و يجوز استئجار الدراهم و الدنانير إن تحققت لها منفعة حكمية مع بقاء عينها
تفريع : لو استأجر لحمل عشرة أقفزة من صبرة فاعتبرها ثم حملها فكانت أكثر فإن كان المعتبر هو المستأجر لزمه أجرة المثل عن الزيادة و ضمن الدابة إن تلفت لتحقق العدوان و إن اعتبرها المؤجر لم يضمن المستأجر أجرة و لا قيمة و لو كان المعتبر أجنبيا لزمته أجرة الزيادة.
الخامس أن تكون المنفعة مباحة فلو آجره مسكنا ليحرز فيه خمرا أو دكانا ليبيع فيه آلة محرمة أو أجيرا ليحمل له مسكرا لم تنعقد الإجارة و ربما قيل بالتحريم و انعقاد الإجارة لإمكان الانتفاع في غير المحرم و الأول أشبه لأن ذلك لم يتناوله العقد و هل يجوز استئجار الحائط المزوق للتنزه قيل نعم و فيه تردد.
السادس أن تكون المنفعة مقدورا على تسليمها فلو آجر عبدا آبقا لم تصح و لو ضم إليه شيء و فيه تردد و لو منعه المؤجر من ه سقطت الأجرة و هل له أن يلتزم و يطالب المؤجر بالتفاوت فيه تردد و الأظهر نعم.
و لو منعه ظالم قبل القبض كان بالخيار بين الفسخ و الرجوع على الظالم بأجرة المثل و لو كان بعد القبض لم تبطل و كان له الرجوع على الظالم.
و إذا انهدم المسكن كان المستأجر فسخ الإجارة إلا أن يعيده صاحبه و يمكنه منه و فيه تردد و لو تمادى المؤجر في إعارته ف فسخ المستأجر رجع بنسبة ما تخلف من الأجرة إن كان سلم إليه الأجرة
الثالث في أحكامها وفيه مسائل :
الأولى إذا وجد المستأجر بالعين المستأجرة عيبا كان له الفسخ أو الرضا بالأجرة من غير نقصان و لو كان العيب مما يفوت به بعض المنفعة.
الثانية إذا تعدى في العين المستأجرة ضمن قيمتها وقت العدوان ولو اختلفا في القيمة كان القول قول المالك إن كانت دابة و قيل القول قول المستأجر على كل حال و هو أشبه.
الثالثة من تقبل عملا لم يجز أن يقبله غيره بنقيصة على الأشهر إلا أن يحدث فيه ما يستبيح به الفضل و لا يجوز تسليمه إلى غيره إلا بإذن المالك و لو سلم من غير إذن ضمن.
الرابعة يجب على المستأجر سقي الدابة وعلفها ولو أهمل ضمن.
الخامسة إذا أفسد الصانع ضمن ولو كان حاذقا كالقصار يحرق الثوب أو يخرق أو الحجام يجني في حجامته أو الختان يختن فيسبق موساه إلى الحشفة أو يتجاوز حد الختان و كذا البيطار مثل أن يحيف على الحافر أو يفصد فيقتل أو يجني ما يضر الدابة و لو احتاط و اجتهد أما لو تلف في يد الصانع لا بسببه من غير تفريط و لا تعد لم يضمن على الأصح و كذا الملاح و المكاري لا يضمنان إلا ما يتلف عن تفريط على الأشهر.
السادسة من استأجر أجيرا لينفذه في حوائجه كانت نفقته على المستأجر إلا أن يشترط على الأجير.
السابعة إذا آجر مملوكا له فأفسد كان ذلك لازما لمولاه في سعيه وكذا لو آجر نفسه بإذن مولاه.
الثامنة صاحب الحمام لا يضمن إلا ما أودع و فرط في حفظه أو تعدى فيه.
التاسعة إذا أسقط الأجرة بعد تحققها في الذمة صح ولو أسقط المنفعة المعينة لم تسقط لأن الإبراء لا يتناول إلا ما هو في الذمم.
العاشرة إذا آجر عبده ثم أعتقه لم تبطل الإجارة و يستوفي المنفعة التي تناولها العقد و لا يرجع العبد على المولى بأجرة مثل عمله بعد العتق و لو آجر الوصي صبيا مدة يعلم بلوغه فيها بطلت في المتيقن و صحت في المحتمل و لو اتفق البلوغ فيه و هل للصبي الفسخ بعد بلوغه قيل نعم و فيه تردد.
الحادية عشرة إذا تسلم أجيرا ليعمل له صنعة فهلك لم يضمنه صغيرا كان أو كبيرا حرا كان أو عبدا.
الثانية عشرة إذا دفع سلعة إلى غيره ليعمل فيها عملا فإن كان ممن عادته أن يستأجر لذلك العمل كالغسال و القصار فله أجرة مثل عمله و إن لم تكن له عادة و كان العمل مما له أجرة فله المطالبة لأنه أبصر بنيته و إن لم يكن مما له أجرة بالعادة لم يلتفت إلى مدعيها.
الثالثة عشرة كل ما يتوقف عليه توفية المنفعة فعلى المؤجر كالخيوط في الخياطة و المداد في الكتابة و يدخل المفتاح في إجارة الدار لأن الانتفاع لا يتم إلا بها.
الرابع في التنازع وفيه مسائل :
الأولى إذا تنازعا في أصل الإجارة فالقول قول المالك مع يمينه و كذا لو اختلفا في قدر المستأجر و كذا لو اختلفا في رد العين المستأجرة أما لو اختلفا في قدر الأجرة فالقول قول المستأجر.
الثانية إذا ادعى الصانع أو الملاح أو المكاري هلاك المتاع و أنكر المالك كلفوا البينة ومع فقدها يلزمهم الضمان و قيل القول قولهم مع اليمين لأنهم أمناء و هو أشهر الروايتين و كذا لو ادعى المالك التفريط فأنكروا.
الثالثة لو قطع الخياط ثوبا قباء فقال المالك أمرتك بقطعه قميصا فالقول قول المالك مع يمينه و قيل قول الخياط و الأول أشبه.
ولو أراد الخياط فتقه لم يكن له ذلك إذا كانت الخيوط من الثوب أو من المالك و لا أجرة له لأنه عمل لم يأذن فيه المالك.
الاكثر قراءة في أحكام عامة
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة