المدخـل السلوكـي لمـفهـوم رأس المـال الاجتـماعـي
المؤلف:
د . سعد علي حمود العنزي د . احمد علي صالح
المصدر:
إدارة رأس المال الفكري في منظمات الاعمال
الجزء والصفحة:
ص336 - 338
2025-10-02
106
ثانياً: المدخل السلوكي لمفهوم رأس المال الاجتماعي
يعد رأس المال الاجتماعي، الذي يرمز له (SC) أحد أبرز مكونات رأس المال الجوهري للمنظمات، والذي لا يقل أهمية عن رأس المال الفكري (IC)، ورأس المال التنظيمي (OC) ، ورأس المال الزبائني (CC). ولقد أخذ نطاقه كمفهوم سلوكي، يتسع ليشمل شبكات الارتباطات الاجتماعية المبنية على الثقة المتبادلة والتفاعل الاجتماعي. وبالطبع، أن تلك الثقة والتفاعل قد تتطلبا وقتاً لتطورهما ونموهمـا فــي منظمات الأعمال، التي تتميز بخاصيتي التقلبية والافتراضية كما أسلفنا. وبتحقيق ذلك التطور والنمو، يكون بالتالي من السهولة بمكان خلق بيئة لتعاون العاملين، التي تصبح شرطاً مسبقاً وضرورياً للصفقات التجارية والاقتصادية الناجحة في السوق، لتكون في نهاية المطاف أداة قيّمة لتحقيق الميزة التنافسية لمنظمات الأعمال.
إن العلاقات الاجتماعية المتطورة في مواقع العمل وخارجه، إذا ما تأصلت بأواصرها بمرور الزمن لتساهم في تعلم العاملين للتعاون الذي يسهل عملية طرح الأفكار ونشر المعرفة والمشاركة في طرح المعلومات التي تحقق التقدم والازدهار الاقتصادي. وهذا الشيء، هو الذي جعل (1998 ,Putnam) أن يشير إلى الإبداع بكونه دالة لحاصل ضرب التعاون والتماسك الاجتماعي، من جهة، والذي سيعد ذلك من جهة ثانية، المادة الأولية للتغيير التكنولوجي. ونحن بدورنا نؤكد أن الطريق من ولادة الفكرة مروراً بالابتكار، ووصولاً إلى المنتج النهائي المتمثل بالإبداع، لابد أن يعبّد بشبكات من الاتصال الفعال، ويرتبط العاملون بعلاقات اجتماعية متماسكة، من أجل معالجة المشكلات التي تعترض سبيل أدائهم لأعمالهم. وعليه تصبح الشبكات الاجتماعية المبدعة هي المصدر الرئيسي لرأس المال الاجتماعي.
لقد أكد 1998 ,Bina Azari & Falatoon أن رأس المال الاجتماعي يتمحور مفهومه في عدد من المعايير أو الأبعاد أبرزها: الثقة، الأخلاق، الولاء، شبكات ارتباطات العمل الفرقي، والتي من شأنها أن تسهل عمليات التناسق والتكامل في تحسين كفاءة أداء المنظمة وعمل أعضائها ككل في إطار نظام تعاوني سليم. وأما (1998 ,Nahapiet & Gashal) فقد أفادا عن رأس المال الاجتماعي، بعده مقدار القابليات التي يتمتع بها الأفراد العاملين الذين يشكلون جماعات عمل متفاعلة على تحقيق مصالحهم وتلبية طموحاتهم، وإنجاز أهداف منظمتهم، من خلال ترسيخ أوجه الاستثمار في مفاهيم التعاون والثقة المتبادلة بينهم. في حين أشار( Cohen & Fields (1999) إلى رأس المال الاجتماعي على أنه شبكة عمل شاملة تحوي جماعات وفرق العمل، لا يمكن تجزئتها، وتوفر الجو المناسب وإطار العمل المتناسق ذو الدلالة والمغزى برأس المال البشري Human Capital. ويتضح من ذلك، وبعبارة أخرى على حسب قولهما أن رأس المال الاجتماعي، يشكل كيان حيوي متماسك، يضم شبكات العمل المترابطة والمتفاعلة، من خلال تعزيز الإحساس بالجماعيـــــة (Collectivism) ، والابتعاد عن الفردية (Individualism). وعلى نفس الشاكلة، أوضح (1996 ,North) أن مفهوم رأس المال الاجتماعي لا يمكن أن يعبر عنه بكون ذو بعد أحادي، وذلك لكون شبكات العلاقات الاجتماعية المتماسكة، تسهم وتشارك بشكل فعلي، في عملية خلق المعرفة ونشرها، عبر ترسيخ مفاهيم الثقة والتعاون والعمل الجماعي. ولكنه من جهة أخرى، أعطى (North) إضافة معرفية بتوكيده أن رأس المال الاجتماعي قد يسهم في صناعة رأس المال الفكري وتنشيطه، لما لشبكات العلاقات الاجتماعية من دور كبير ، يمكن أن تلعبه في زيادة كفاءة عملية اكتساب المعرفة ونشرها وتحويلها وتبادلها بما يسهل من إمكانية بناء وتكوين شبكات عمل فكرية (Intellectual Webs)، قد ربما وعلى الأكثر، أن تسهم في التغلب على مقاومة المتخصصين والمهنيين، وحتى الممارسين للإدارة من ذوي القدرات العقلية والذهنية المتميزة للمشاركة بالمعلومات والخبرات من خلال ترسيخ قيم ومعايير العمل الجماعي، وبناء الثقة، وتطوير علاقات الالتزام الوظيفي.
وأضافا (1998 ,Hellriegel & Slocum) بتعبير شامل إلى أن رأس المال الاجتماعي هو الإطار أو المكون الاجتماعي المحكم الذي يكون فيه أعضاء الجماعات في منظمة ما متوجهين نحو التركيز على الرفاهية العامة لهم والولاء لبعضهم البعض، والإخلاص للرؤية والمصلحة المشتركة بينهم.
في ضوء ما تقدم، يتضح أن مفهوم رأس المال الاجتماعي هو مفهوم متطور من مفاهيم السلوك التنظيمي، يعكس طبيعة العلاقات الاجتماعية السائدة بين العاملين داخل المنظمة وخارجها في المجتمع المحيط بهم، والثقة المتبادلة فيما بينهم التي ينبغي أن تركز على قاعدة القيم والمعايير الصحيحة الحاكمة لعمل الجماعة، وبما يؤمن تحقيق حالة الالتزام الأخلاقي الذي يجعل من أعضائها متآلفين متآزرين فيما بينهم في السراء والضراء، في الخير والشر، وصولاً إلى زيادة مشاعر الولاء للمنظمة بشكل أكثر من كونهم متعاقدين معها. وعليه، فإن التقارب والتودد، قد يجعل من الأعضاء أن يتعلم كل منهم سمات الآخر وخصائصه، وإتاحة الفرص الكافية لتبادل الأفكار ووجهات النظر، وإزالة حالات الضجر والملل، وتوطيد فكرة الرجوع إلى شبكات العمل بأنها المصدر الصادق للمعلومات والملاذ الآمن للمحافظة على خبراتهم، وتقييمها بالعوائد الملائمة.
الاكثر قراءة في مواضيع عامة في ادارة الموارد البشرية
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة