إذا أسلم الذمي سقطت عنه الجزية سواء كان إسلامه قبل حلول أجل الجزية عليه أو فيه أو بعده وقد قيل إنه إن أسلم قبل الأجل فلا جزية عليه وإن أسلم وقد حل فعليه الجزية رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (ع) أَنَّهُ سَأَلَهُ عَنْ خَرَاجِ أَهْلِ الذِّمَّةِ وجِزْيَتِهِمْ إِذَا أَدَّوْهَا مِنْ ثَمَنِ خُمُورِهِمْ وخَنَازِيرِهِمْ ومَيْتَتِهِمْ أَ يَحِلُّ لِلْإِمَامِ أَنْ يَأْخُذَهَا وتَطِيبُ لِلْمُسْلِمِينَ فَقَالَ ذَلِكَ لِلْإِمَامِ والْمُسْلِمِينَ حَلَالٌ وهِيَ عَلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ حَرَامٌ وهُمُ الْمُحْتَمِلُونَ لِوِزْرِهِ (1).
وقَالَ (ع) لَا يَجُوزُ رَفْعُ الْجِزْيَةِ لِأَنَّهَا عَطَاءُ الْمُهَاجِرِينَ والصدقة لأهلها المسلمين في القرآن، وليس لهم من الجزية شيء ثم قال: ما أوسع العدل: إن الناس يستغنون إذا عدل بينهم، وتنزل عليهم السماء رزقها، وتخرج الأرض بركاتها بإذن الله عز وجل (2).
وروى أبو بصير عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: كل شئ قوتل عليه على شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله فإن لنا خمسة، ولا يحل لأحد أن يشتري من الخمس شيئا حتى يصل إلينا نصيبنا (3).
وروى محمد بن مسلم عن أحدهما (عليهما السلام) قال: إن أشد ما فيه الناس يوم القيامة أن يقوم صاحب الخمس فيقول: يا رب خمسي، وقد طيبنا ذلك لشيعتنا لتطيب ولادتهم (4).
وروى ضريس الكناسي قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): من أين دخل على الناس الزنا؟ قلت: لا أدري جعلت فداك. قال: من قبل خمسنا أهل البيت، إلا شيعتنا الأطيبين، فإنه محلل لهم لميلادهم (5).
وروى سالم بن مكرم عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال له رجل - وأنا حاضر - حلل لي الفروج. ففزع أبو عبد الله (عليه السلام) فقال له رجل: ليس يسألك - جعلت فداك - أن يعترض الطريق، إنما يسألك خادما يشتريها، أو امرأة يتزوجها، أو ميراثا يصيبه، أو تجارة. فقال أبو عبد الله (عليه السلام): هذا لشيعتنا حلال، الشاهد منهم، والغائب، والميت منهم، والحي، ومن يولد منهم إلى يوم القيامة، فهو حلال لهم، أما والله لا يحل إلا لمن حللنا له، ولا والله ما أعطينا أحدا ذمة، ولا لأحد منهم عهدا، ولا لأحد عندنا ميثاق (6).
وروى محمد بن أبي عمير عن الحكم بن علياء الأسدي قال: وليت البحرين فأصبت بها مالا كثيرا، فأنفقت، واشتريت ضياعا كثيرة ، واشتريت رقيقا، وأمهات أولاد، وولد لي، ثم خرجت إلى مكة، فحملت عيالي، وأمهات أولادي، ونسائي، وحملت خمس ذلك المال، فدخلت على أبي جعفر (عليه السلام) فقلت له: إني وليت البحرين فأصبت بها مالا كثيرا، فاشتريت ضياعا، واشتريت رقيقا، واشتريت أمهات أولاد، وولد لي، وَأَنْفَقْتُ وَهَذَا خُمُسُ ذَلِكَ الْمَالِ وَهَؤُلَاءِ أُمَّهَاتُ أَوْلَادِي وَنِسَائِي قَدْ أَتَيْتُكَ بِهِنَّ فَقَالَ قَدْ قَبِلْتُ مَا جِئْتَ بِهِ وَقَدْ أَحْلَلْتُكَ مِنْ أُمَّهَاتِ أَوْلَادِكَ وَنِسَائِكَ وَمَا أَنْفَقْتَ وَضَمِنْتُ لَكَ عَلَيَّ وَعَلَى أَبِي الْجَنَّةَ (7).
ورَوَى مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (ع) قَالَ قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (ع) هَلَكَ النَّاسُ فِي بُطُونِهِمْ وفُرُوجِهِمْ لِأَنَّهُمْ لَمْ يُؤَدُّوا إِلَيْنَا حَقَّنَا أَلَا وإِنَّ شِيعَتَنَا مِنْ ذَلِكَ وآبَاءَهُمْ فِي حِلٍ (8).
ورَوَى أَبُو حَمْزَةَ الثُّمَالِيُ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (ع) قَالَ سَمِعْتُهُ يَقُولُ مَنْ أَحْلَلْنَا لَهُ شَيْئاً أَصَابَهُ مِنْ أَعْمَالِ الظَّالِمِينَ فَهُوَ لَهُ حَلَالٌ ومَا حَرَّمْنَاهُ مِنْ ذَلِكَ فَهُوَ حَرَامٌ (9).
وقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (ع) النَّاسُ كُلُّهُمْ يَعِيشُونَ فِي فَضْلِ مَظْلِمَتِنَا إِلَّا أَنَّنَا أَحْلَلْنَا شِيعَتَنَا مِنْ ذَلِكَ (10).
ورَوَى يُونُسُ بْنُ يَعْقُوبَ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (ع) فَدَخَلَ عَلَيْهِ رَجُلٌ مِنَ الْقَمَّاطِينَ فَقَالَ جُعِلْتُ فِدَاكَ تَقَعُ فِي أَيْدِينَا الْأَرْبَاحُ والْأَمْوَالُ وتِجَارَاتٌ نَعْلَمُ أَنَّ حَقَّكَ فِيهَا ثَابِتٌ وأَنَّا عَنْ ذَلِكَ مُقَصِّرُونَ فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (ع) مَا أَنْصَفْنَاكُمْ مَا أَنْصَفْنَاكُمْ إِنْ كَلَّفْنَاكُمْ ذَلِكَ الْيَوْمَ (11).
وسُئِلَ (ع) عَنْ رَجُلٍ اكْتَسَبَ مَالًا مِنْ حَلَالٍ وحَرَامٍ ثُمَّ أَرَادَ التَّوْبَةَ مِنْ ذَلِكَ ولَمْ يَتَمَيَّزْ لَهُ الْحَلَالُ بِعَيْنِهِ مِنَ الْحَرَامِ فَقَالَ يُخْرِجُ مِنْهُ الْخُمُسَ وقَدْ طَابَ إِنَ اللَّهَ تَعَالَى طَهَّرَ الْأَمْوَالَ بِالْخُمُسِ (12).
وسُئِلَ الرِّضَا (ع) عَنْ مِقْدَارِ الْكَنْزِ الَّذِي يَجِبُ فِيهِ الْخُمُسُ فَقَالَ مَا يَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ مِنْ ذَلِكَ فَفِيهِ الْخُمُسُ ومَا لَمْ يَبْلُغْ حَدَّ مَا يَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ فَلَا خُمُسَ فِيهِ (13).
وسُئِلَ الصَّادِقُ (ع) عَنْ مِقْدَارِ مَا يَجِبُ فِيهِ الْخُمُسُ مِمَّا يُخْرَجُ مِنَ الْبَحْرِ كَاللُّؤْلُؤِ والْيَاقُوتِ والزَّبَرْجَدِ وعَنْ مَعَادِنِ الذَّهَبِ والْفِضَّةِ فَقَالَ إِذَا بَلَغَ قِيمَتُهُ دِينَاراً فَفِيهِ الْخُمُسُ (14).
وقَالَ: الذِّمِّيُّ إِذَا اشْتَرَى مِنَ الْمُسْلِمِ الْأَرْضَ فَعَلَيْهِ فِيهَا الْخُمُسُ (15).
وقَالَ: فِي الْعَنْبَرِ الْخُمُسُ (16).
وَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ الطَّبَرِيُّ قَالَ: كَتَبَ رَجُلٌ مِنْ تُجَّارِ فَارِسَ مِنْ بَعْضِ مَوَالِي أَبِي الْحَسَنِ الرِّضَا (ع) الْإِذْنَ فِي الْخُمُسِ فَكَتَبَ إِلَيْهِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ إِنَّ اللَّهَ وَاسِعٌ كَرِيمٌ ضَمِنَ عَلَى الْعَمَلِ الثَّوَابَ وَ عَلَى الْخِلَافِ الْعِقَابَ لَا يَحِلُ مَالٌ إِلَّا مِنْ وَجْهٍ أَحَلَّهُ اللَّهُ إِنَّ الْخُمُسَ عَوْنُنَا عَلَى دِينِنَا وَ عَلَى عِيَالاتِنَا وَعَلَى مَوَالِينَا وَمَا نَبْذُلُ وَنَشْتَرِي مِنْ أَعْرَاضِنَا مِمَّنْ نَخَافُ سَطْوَتَهُ فَلَا تَزْوُوهُ عَنَّا وَلَا تَحْرِمُوا أَنْفُسَكُمْ دُعَاءَنَا بِمَا قَدَرْتُمْ عَلَيْهِ فَإِنَّ إِخْرَاجَهُ مِفْتَاحُ أَرْزَاقِكُمْ وَتَمْحِيصُ ذُنُوبِكُمْ وَمَا تُمَهِّدُونَ لِأَنْفُسِكُمْ لِيَوْمِ فَاقَتِكُمْ وَالْمُسْلِمُ مَنْ يَفِي اللَّهَ بِمَا عَهِدَ إِلَيْهِ وَلَيْسَ الْمُسْلِمُ مَنْ أَجَابَ بِاللِّسَانِ وَخَالَفَ بِالْقَلْبِ وَالسَّلَامُ (17).
ورَوَى أَيْضاً مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ قَالَ: قَدِمَ قَوْمٌ مِنْ خُرَاسَانَ عَلَى أَبِي الْحَسَنِ الرِّضَا (عَلَيْهِ السَّلَامُ) فَسَأَلُوهُ أَنْ يَجْعَلَهُمْ فِي حِلٍّ مِنَ الْخُمُسِ فَقَالَ مَا أَمْحَلَ هَذَا تَمْحَضُونَّا الْمَوَدَّةَ بِأَلْسِنَتِكُمْ وتَزْوُونَ عَنَّا حَقّاً جَعَلَهُ اللَّهُ لَنَا وجَعَلَنَا لَهُ وهُوَ الْخُمُسُ لَا نَجْعَلُ لَا نَجْعَلُ لَا نَجْعَلُ أَحَداً مِنْكُمْ فِي حِلٍ (18).
وَرَوَى إِبْرَاهِيمُ بْنُ هَاشِمٍ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أَبِي جَعْفَرٍ الثَّانِي (ع) إِذْ دَخَلَ عَلَيْهِ صَالِحُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَهْلٍ وَكَانَ يَتَوَلَّى لَهُ الْوَقْفَ بِقُمَّ فَقَالَ لَهُ يَا سَيِّدِي اجْعَلْنِي مِنْ عَشَرَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ فِي حِلٍّ فَإِنِّي أَنْفَقْتُهَا فَقَالَ لَهُ أَنْتَ فِي حِلٍّ فَلَمَّا خَرَجَ صَالِحٌ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ (ع) أَحَدُهُمْ يَثِبُ عَلَى أَمْوَالِ آلِ مُحَمَّدٍ وَأَيْتَامِهِمْ وَمَسَاكِينِهِمْ وَفُقَرَائِهِمْ وَأَبْنَاءِ سَبِيلِهِمْ فَيَأْخُذُهَا ثُمَّ يَجِيءُ فَيَقُولُ اجْعَلْنِي فِي حِلٍّ أَ تَرَاهُ ظَنَ أَنِّي أَقُولُ لَا أَفْعَلُ وَاللَّهِ لَيَسْأَلَنَّهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَنْ ذَلِكَ سُؤَالًا حَثِيثاً (19).
واعلم أرشدك الله أن ما قدمته في هذا الباب من الرخصة في تناول الخمس والتصرف فيه إنما ورد في المناكح خاصة للعلة التي سلف ذكرها في الآثار عن الأئمة (ع) لتطيب ولادة شيعتهم ولم يرد في الأموال وما أخرته عن المتقدم مما جاء في التشديد في الخمس والاستبداد به فهو يختص الأموال.
وقد اختلف قوم من أصحابنا في ذلك عند الغيبة وذهب كل فريق منهم فيه إلى مقال فمنهم من يسقط فرض إخراجه لغيبة الإمام وما تقدم من الرخص فيه من الأخبار.
وبعضهم يوجب كنزه وتناول خبرا ورد أن الأرض تظهر كنوزها عند ظهور القائم مهدي الأنام (20) وأنه (ع) إذا قام دله الله سبحانه وتعالى على الكنوز فيأخذها من كل مكان.
وبعضهم يرى صلة الذرية وفقراء الشيعة على طريق الاستحباب ولست أدفع قرب هذا القول من الصواب.
وبعضهم يرى عزله لصاحب الأمر (ع) فإن خشي إدراك المنية قبل ظهوره وصى به إلى من يثق به في عقله وديانته ليسلمه إلى الإمام ع إن أدرك قيامه وإلا وصى به إلى من يقوم مقامه في الثقة والديانة ثم على هذا الشرط إلى أن يظهر إمام الزمان (ع). وهذا القول عندي أوضح من جميع ما تقدم لأن الخمس حق وجب لغائب لم يرسم فيه قبل غيبته رسما يجب الانتهاء إليه فوجب حفظه عليه إلى وقت إيابه أو التمكن من إيصاله إليه أو وجود من انتقل بالحق إليه.
وجرى أيضا مجرى الزكاة التي يعدم عند حلولها مستحقها فلا يجب عند عدمه سقوطها ولا يحل التصرف فيها على حسب التصرف في الأملاك ويجب حفظها بالنفس والوصية بها إلى من يقوم بإيصالها إلى مستحقها من أهل الزكاة من الأصناف.
وإن ذهب ذاهب إلى صنع ما وصفناه في شطر الخمس الذي هو حق خالص للإمام (ع) وجعل الشطر الآخر في يتامى آل الرسول (ع) وأبناء سبيلهم ومساكينهم على ما جاء في القرآن (21) لم تبعد إصابته الحق في ذلك بل كان على صواب.
وإنما اختلف أصحابنا في هذا الباب لعدم ما يلجأ إليه فيه من صريح الألفاظ وإنما عدم ذلك لموضع تغليظ المحنة مع إقامة الدليل بمقتضى العقل والأثر (22) من لزوم الأصول في خطر التصرف في غير المملوك إلا بإذن المالك وحفظ الودائع لأهلها ورد الحقوق.
وللإمام قبل القسمة من الغنيمة ما شاء على ما قدمناه في صفو الأموال وله أن يبدأ بسد ما ينويه بأكثر ذلك المال وإن استغرق جميعه فيما يحتاج إليه من مصالح المسلمين كان ذلك له جائزا ولم يكن لأحد من الأمة عليه اعتراض.
وليس لمن قاتل معه شيء من الأرضين ولا ما غلبوا عليه إلا ما احتوى عليه العسكر.
وليس للأعراب من الغنيمة شيء وإن قاتلوا مع الوالي لأن رسول الله صلى الله عليه وآله (23) صالحهم على أن يدعهم في ديارهم ولا يهاجروا فمتى دهمه من عدوه داهم استفزهم فقاتل بهم وليس لهم في الغنيمة نصيب.
والأرضون المأخوذة عنوة فهي موقوفة متروكة في أيدي من يعمرها وأبناء سبيلهم ومساكينهم على ما جاء في القرآن (24) لم تبعد إصابته الحق في ذلك بل كان على صواب.
وإنما اختلف أصحابنا في هذا الباب لعدم ما يلجأ إليه فيه من صريح الألفاظ وإنما عدم ذلك لموضع تغليظ المحنة مع إقامة الدليل بمقتضى العقل والأثر (25) من لزوم الأصول في خطر التصرف في غير المملوك إلا بإذن المالك وحفظ الودائع لأهلها ورد الحقوق.
وللإمام قبل القسمة من الغنيمة ما شاء على ما قدمناه في صفو الأموال وله أن يبدأ بسد ما ينويه بأكثر ذلك المال وإن استغرق جميعه فيما يحتاج إليه من مصالح المسلمين كان ذلك له جائزا ولم يكن لأحد من الأمة عليه اعتراض.
وليس لمن قاتل معه شيء من الأرضين ولا ما غلبوا عليه إلا ما احتوى عليه العسكر.
وليس للأعراب من الغنيمة شيء وإن قاتلوا مع الوالي لأن رسول الله صلى الله عليه وآله (26) صالحهم على أن يدعهم في ديارهم ولا يهاجروا فمتى دهمه من عدوه داهم استفزهم فقاتل بهم وليس لهم في الغنيمة نصيب.
والأرضون المأخوذة عنوة فهي موقوفة متروكة في أيدي من يعمرها ويحييها ويقوم عليها على ما يصالحهم الوالي عليه بقدر طاقتهم من النصف والثلث والثلثين أو دون ذلك حسب ما يراه أصوب في تدبير عمارة الأرض واستقرار ارتفاعها كما تقدم شرحه.
فإذا خرج منها شيء بدأ الوالي فسلم إلى عمارها والعاملين فيها ما صالحهم عليه مما سميناه ثم أخرج مما يبقى بعد ذلك العشر مما سقت السماء أو شرب سيحا أو نصف العشر مما سقي بالدوالي والنواضح إذا كان قدره المبلغ الذي يجب فيه الزكاة على ما قدمناه فوجهه في الجهة التي وجهها الله تعالى على ثمانية أسهم ((لِلْفُقَراءِ وَالْمَساكِينِ وَالْعامِلِينَ عَلَيْها وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقابِ وَالْغارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَ ابْنِ السَّبِيلِ)) (27) فيقسم بينهم في مواضعهم بقدر ما يستغنون به في سنتهم بلا تضيق ولا تقتير فإن فضل من ذلك شيء رد إلى الوالي وإن نقص من ذلك شيء ولم يكتفوا به كان على الوالي أن يمونهم من عنده بقدر مؤنة سنتهم حتى يستغنوا ثم يأخذ ما بقي بعد العشر أو نصفه فيقسمه بين شركائه من عمال الأرض وأكرتها فيدفع إليهم أنصباءهم على ما صالحهم عليه ويأخذ الباقي بعد ذلك يكون أرزاق أعوانه على دين الله عز وجل وفي مصلحة ما ينويه من تقوية الإسلام وإقامة الدين وفي وجوه الجهاد وغير ذلك مما فيه مصلحة العامة ليس لنفسه من ذلك قليل ولا كثير.
والأنفال على ما قدمناه للإمام خالصة إن شاء قسمها وإن شاء وهبها وإن شاء وقفها ليس لأحد من الأمة نصيب فيها ولا يستحقها من غير جهته رَوَى السَّيَّارِيُّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَسْبَاطٍ قَالَ: لَمَّا وَرَدَ أَبُو الْحَسَنِ مُوسَى (ع) عَلَى الْمَهْدِيِّ وَجَدَهُ يَرُدُّ الْمَظَالِمَ فَقَالَ لَهُ مَا بَالُ مَظْلِمَتِنَا لَا تُرَدُّ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَقَالَ لَهُ وَمَا هِيَ يَا أَبَا الْحَسَنِ فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمَّا فَتَحَ عَلَى نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ فَدَكَ وَمَا وَالاهَا وَلَمْ يُوجَفْ عَلَيْهَا بِ خَيْلٍ وَلا رِكابٍ أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى نَبِيِّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ) وَآتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ (28) فَلَمْ يَدْرِ رَسُولُ اللَّهِ (ص) مَنْ هُمْ فَرَاجَعَ فِي ذَلِكَ جَبْرَئِيلَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) فَسَأَلَ اللَّهَ تَعَالَى عَنْ ذَلِكَ فَأَوْحَى إِلَيْهِ أَنِ ادْفَعْ فَدَكَ إِلَى فَاطِمَةَ (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهَا) فَدَعَاهَا رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ) فَقَالَ لَهَا يَا فَاطِمَةُ إِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ أَمَرَنِي أَنْ أَدْفَعَ إِلَيْكَ فَدَكَ فَقَالَتْ قَدْ قَبِلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مِنَ اللَّهِ وَمِنْكَ فَلَمْ يَزَلْ وُكَلَاؤُهَا فِيهَا حَيَاةَ رَسُولِ اللَّهِ (ص) فَلَمَّا وُلِّيَ أَبُو بَكْرٍ أَخْرَجَ عَنْهَا وُكَلَاءَهَا فَأَتَتْهُ فَسَأَلَتْهُ أَنْ يَرُدَّهَا عَلَيْهَا فَقَالَ لَهَا ايتِينِي بِأَسْوَدَ أَوْ أَحْمَرَ يَشْهَدُ لَكِ بِذَلِكِ فَجَاءَتْ بِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) وَالْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ) وَأُمِ أَيْمَنَ فَشَهِدُوا لَهَا فَكَتَبَ لَهَا بِتَرْكِ التَّعَرُّضِ لَهَا فَخَرَجَتْ وَالْكِتَابُ مَعَهَا فَلَقِيَهَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فَقَالَ لَهَا مَا هَذَا مَعَكِ يَا بِنْتَ مُحَمَّدٍ فَقَالَتْ كِتَابٌ كَتَبَهُ لِيَ ابْنُ أَبِي قُحَافَةَ قَالَ أَرِينِيهِ فَأَبَتْ فَانْتَزَعَهُ مِنْ يَدِهَا وَنَظَرَ فِيهِ وَتَفَلَ فِيهِ وَمَحَاهُ وَخَرَقَهُ وَقَالَ هَذَا لِأَنَّ أَبَاكِ لَمْ يُوجِفْ عَلَيْهَا بِ خَيْلٍ وَلا رِكابٍ وَ تَرَكَهَا وَمَضَى فَقَالَ الْمَهْدِيِ حُدَّهَا لِي فَحَدَّهَا فَقَالَ هَذَا كَثِيرٌ وَأَنْظُرُ فِيهِ (29).
ورَوَى مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ (ع) يَقُولُ الْأَنْفَالُ هُوَ النَّفَلُ وفِي سُورَةِ الْأَنْفَالِ جَدْعُ الْأَنْفِ (30).
وقَالَ: وسَأَلْتُهُ عَنِ الْأَنْفَالِ فَقَالَ كُلُّ أَرْضٍ خَرِبَةٍ أَوْ شَيْءٌ كَانَ يَكُونُ لِلْمُلُوكِ وبُطُونُ الْأَوْدِيَةِ ورُؤوسُ الْجِبَالِ ومَا لَمْ يُوجَفْ عَلَيْهِ بِ خَيْلٍ وَلا رِكابٍ فَكُلُّ ذَلِكَ لِلْإِمَامِ خَالِصاً (31).
ورُوِيَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (ع) أَنَّهُ قَالَ: أَكْبَرُ الْكَبَائِرِ سَبْعَةٌ فِينَا نَزَلَتْ وبِنَا اسْتَحَلَّتْ أَوَّلُهَا الشِّرْكُ بِاللَّهِ عَزَّ وجَلَ والثَّانِيَةُ قَتْلُ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ والثَّالِثَةُ عُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ والرَّابِعَةُ قَذْفُ الْمُحْصَنَاتِ والْخَامِسَةُ أَكْلُ مَالِ الْيَتِيمِ والسَّادِسَةُ الْفِرَارُ مِنَ الزَّحْفِ والسَّابِعَةُ إِنْكَارُ حَقِّنَا أَهْلَ الْبَيْتِ. فَأَمَّا الشِّرْكُ بِاللَّهِ تَعَالَى فَقَدْ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وجَلَّ فِينَا مَا قَالَ وأَنْزَلَ فِينَا مَا أَنْزَلَ وبَيَّنَ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ (ص) فَكَذَّبُوا اللَّهَ ورَسُولُهُ ورَدُّوا عَلَيْهِمَا.
وأَمَّا قَتْلُ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ فَقَدْ قُتِلَ الْحُسَيْنُ عَلَيْهِ السَّلَامُ ظُلْماً فِي أَهْلِ بَيْتِهِ.
وأَمَّا عُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ فَقَدْ عَقُّوا رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ) وأَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) فِي ذُرِّيَّتِهِمَا.
وَ أَمَّا قَذْفُ الْمُحْصَنَاتِ فَقَدْ قُذِفَتِ الزَّهْرَاءُ (عَلَيْهَا وَآلها السَّلَامُ) عَلَى مَنَابِرِهِمْ وَأَمَّا أَكْلُ مَالِ الْيَتِيمِ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَعَلَ لِنَبِيِّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ) الْأَنْفَالَ وَهِيَ مِنْ بَعْدِهِ لِلْإِمَامِ وَأُحِلَّ لِذُرِّيَّتِهِ الْخُمُسُ فَعُدُّوا عَلَيْه فَأَخَذُوهُ وَمَنَعُوهُمْ حُقُوقَهُمْ مِنْهُ وَأَمَّا الْفِرَارُ مِنَ الزَّحْفِ فَقَدْ وَاللَّهِ بَايَعُوا عَلِيّاً طَائِعِينَ ثُمَّ فَرُّوا عَنْهُ وَأَمَّا إِنْكَارُ حَقِّنَا أَهْلَ الْبَيْتِ فَوَ اللَّهِ مَا يَتَعَاجَمُ فِي هَذَا أَحَدٌ (32).
_________________
(1) الوسائل، ج 11، الباب 70 من أبواب جهاد العدوّ، ح 2، ص 118 نقلا عن الكتاب.
(2) الوسائل، ج 11، الباب 69 من أبواب جهاد العدو، ح 1 و2، ص 116 مع تفاوت.
(3) الوسائل، ج 6، الباب 2 من أبواب ما يجب فيه الخمس، ح 5، ص 339 مع تفاوت والباب 3 من أبواب الأنفال، ح 9، ص 378 عن الكتاب.
(4) الوسائل، ج 6، الباب 4 من أبواب الأنفال، ح 5، ص 380.
(5) الوسائل، ج 6، الباب 4 من أبواب الأنفال، ح 3 ص 379 بتفاوت.
(6) الوسائل، ج 6، الباب 4 من أبواب الأنفال، ح 4، ص 379 مع تفاوت.
(7) الوسائل، ج 6، الباب 1 من أبواب الأنفال، ح 13، ص 368 مع تفاوت.
(8) الوسائل، ج 6، الباب 4 من أبواب الأنفال، ح 1، ص 378.
(9) الوسائل، ج 6، الباب 3 من أبواب الأنفال، ح 4، ص 376.
(10) الوسائل، ج 6، الباب 4 من أبواب الأنفال، ح 7، ص 380.
(11) الوسائل، ج 6، الباب 74 من أبواب الأنفال، ح 6، ص 380.
(12) الوسائل، ج 6، الباب 10 من أبواب ما يجب فيه الخمس، ح 4، ص 353 مع تفاوت.
(13) الوسائل، ج 6، الباب 5 من أبواب ما يجب فيه الخمس، ح 6، ص 346 نقلا عن الكتاب.
(14) الوسائل، ج 6، الباب 3 من أبواب ما يجب فيه الخمس، ح 5، ص 343 مع تفاوت.
(15) الوسائل، ج 6، الباب 9 من أبواب ما يجب فيه الخمس، ح 2، ص 352 نقلا عن الكتاب.
(16) الوسائل، ج 6، الباب 7 من أبواب ما يجب فيه الخمس، ح 3، ص 347 نقلا عن الكتاب.
(17) الوسائل، ج 6، الباب 3 من أبواب الأنفال، ح 2، ص 375 مع تفاوت.
(18) الوسائل، ج 6، الباب 3 من أبواب الأنفال، ح 3، ص 376.
(19) الوسائل، ج 6، الباب 3 من أبواب الأنفال، ح 1، ص 375.
(20) روى في كمال الدّين ص 368- 369، ح 6، ما لفظه (... يسهّل اللّه له كلّ عسير ويذلّل له كلّ صعب ويظهر له كنوز الأرض ويقرّب له كلّ بعيد ...) وفي ص 394، ح 4 ما لفظه (... ويظهر اللّه عزّ وجلّ له كنوز الأرض ومعادنها ...)
(21) الأنفال- 41.
(22) راجع الوسائل، ج 17، الباب الأوّل من أبواب الغصب، ص 308. وج 13، الباب 1 و2 و3 من أبواب الوديعة، ص 218.
(23) الوسائل، ج 11، الباب 41 من أبواب جهاد العدوّ، ح 2 و3، ص 84- 85.
(24) الأنفال- 41.
(25) راجع الوسائل، ج 17، الباب الأوّل من أبواب الغصب، ص 308. وج 13، الباب 1 و2 و3 من أبواب الوديعة، ص 218.
(26) الوسائل، ج 11، الباب 41 من أبواب جهاد العدوّ، ح 2 و3، ص 84- 85.
(27) التّوبة- 60.
(28) الآية في سورة الإسراء- 26.
(29) الأصول من الكافي، ج 1، ص 543، والتّهذيب، ج 4، ص 148، ح 36.
(30) الوسائل، ج 6، الباب 2 من أبواب الأنفال، ح 1، ص 373.
(31) الوسائل، ج 6، الباب 1 من أبواب الأنفال، ح 22، ص 371 نقلا عن الكتاب.
(32) الفقيه، ج 3، ح 4931، ص 561- 562. والتهذيب، ج 4، ح 39، ص 149- 150 مع تفاوت.
الاكثر قراءة في مسائل في احكام الجهاد
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة