مسألة الشرور غير محلولة لدى المادّيّين فينظرون إلى العالم
المؤلف:
السيّد محمّد الحسين الحسينيّ الطهرانيّ
المصدر:
معرفة الله
الجزء والصفحة:
ج3/ ص138-140
2025-08-11
394
التشاؤم الفلسفيّ: من آثار «مسألة الشرور» الأخرى هي ظهور التشاؤم الفلسفيّ. والفلاسفة المتشائمون هم- عادةً- من المادّيّين، وهناك علاقة وترابط لا يُنكران بين المادّيّة وبين التشاؤم الفلسفيّ. ويرجع السبب في تشاؤم المادّيّين إلى بقاء مسألة الشرور في الفلسفة بدون حلّ.
حسب النظرة الفلسفيّة الإلهيّة فإنّ الوجود يعني الخير، وأمّا الشرّ فهو أمر إضافيّ ونسبيّ، وفي خفايا كلّ شرّ هناك خير كامن؛ ولا وجود لهذا الشيء حسب النظرة المادّيّة.
إن النظرة التشاؤميّة نحو العالم هي أمر مؤلم. إنّها لكارثة كبيرة أن يعتبر الإنسان العالَمَ بلا إحساس أو إدراك أو هدف. عند ما يفكّر هذا الإنسان. الذي يرى نفسه طفلًا صغيراً في هذا العالم وأن له طموحاً، ويتأمّل مع نفسه قائلًا بأنّ الكون الذي أنجبني وأفكاري وعلّمني أن أكون صاحب هدف، هو نفسه بلا هدف، سيسيطر عليه القلق بلا شكّ.
إن مَن يظنّ بانعدام العدالة في الكون، وأن هناك تمييز وظلم؛ سيظلّ على تشاؤمه وعدم ارتياحه ولو اعطي نِعَم الدنيا وكنوزها.
وطبيعيّ فإنّ جهود هكذا فرد لنيل السعادة والنجاح له ولبني البشر لن تكون مقرونة بالأمل والاطمئنان. وعند ما يكون الظلم هو أساس الوجود، فلا معنى من التحدّث عن العدالة.
ولمّا كان أصل العالم عبثاً فمن الحُمق أن نفكّر بأن يكون لنا هدف.
ومن هنا نرى أن المؤمنين يمتلكون الاستقرار والراحة النفسيّة أكثر من غيرهم، لأنّهم لا يَرَون العالم أبلهاً، بل يؤمنون بأنّه (أي العالم) ذو هدف وحكمة، وأنّه عادل وعاقل. وأمّا فيما يخصّ السيّئات والشرور فيعتقد أصحاب الأديان والموحّدون أن كلّ ذرّة منها خاضعة للحساب الدقيق، وهي لا تعدو عن احتمالَينِ، عقابيّة عادلة، أو ابتلائيّة ذات هدف وثواب.
ولكن ما حيلة غير المؤمنين؟ بما ذا يسْلَوْن؟ فهم يلجأون إلى الانتحار، وعلى رأي أحدهم فهم يحتضنون الموت بشهامة.
ومن ناحية أخرى، أعلنت منظمّة الصحّة العالميّة في إحصائيّة نشرتها عن ارتفاع معدّلات الانتحار وخصوصاً بين المثقّفين. وحسب تقرير المنظّمة المذكورة فقد ارتفع بشكل مريع معدّل الانتحار في ثمان دول اوروبّيّة، حيث تأتي سويسرا- التي نحمل تصوراً عنها أنّها غارقة في النعيم في عداد هذه الدول- وجاء في ذلك التقرير أن الانتحار يأتي في المرتبة الثالثة من أسباب الوفيّات. اي أن ضحاياه تفوق ضحايا السرطان، وأن نسبته في الطبقات المتعلّمة، ومع الأسف، أكثر منها في غير المتعلّمة.
ويضيف التقرير بأنّ معدّل الانتحار يرتفع بشكل مضطرد في الدول النامية التي تُضيعُ إيمانَها يوماً بعد آخر. ففي المانيا الغربيّة مثلًا، يموت حوالي 12000 شخص انتحاراً، و60000 آخرون يُقدمون على الانتحار ولكن يتمّ إنقاذهم.
هذا هو الفارق بين من يعتقد بعدم وجود مالك لهذا العالم وبين من يؤمن بأنّ للكون رب عالِم وهو ربّ العالمين.
أمّا المتشرّبون للتربية الإسلاميّة، فحين تحلُّ بهم المصائب وتعصف بهم الأحداث فإنّهم يضعون هذه الحقيقة نصب أعينهم وهي إنَّا لِلَّهِ وإنَّآ إليه رَاجِعُونَ.[1]
[1] ليس لدينا آية في القرآن بهذه العبارة: فالآية 111، من السورة 17: الإسراء، ليست فيها كلمة« صاحبة» فهي تقول: لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً ولَمْ يَكُن لَهُ وشَرِيكٌ في الْمُلْكِ.
و في الآية 3، من السورة 72: الجنّ: مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً ولَا وَلَداً. أي أنّها جاءت مع ما النافية لا مع لَم.
الاكثر قراءة في شبهات وردود
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة