النبي الأعظم محمد بن عبد الله
أسرة النبي (صلى الله عليه وآله)
آبائه
زوجاته واولاده
الولادة والنشأة
حاله قبل البعثة
حاله بعد البعثة
حاله بعد الهجرة
شهادة النبي وآخر الأيام
التراث النبوي الشريف
معجزاته
قضايا عامة
الإمام علي بن أبي طالب
الولادة والنشأة
مناقب أمير المؤمنين (عليه السّلام)
حياة الامام علي (عليه السّلام) و أحواله
حياته في زمن النبي (صلى الله عليه وآله)
حياته في عهد الخلفاء الثلاثة
بيعته و ماجرى في حكمه
أولاد الامام علي (عليه السلام) و زوجاته
شهادة أمير المؤمنين والأيام الأخيرة
التراث العلوي الشريف
قضايا عامة
السيدة فاطمة الزهراء
الولادة والنشأة
مناقبها
شهادتها والأيام الأخيرة
التراث الفاطمي الشريف
قضايا عامة
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الولادة والنشأة
مناقب الإمام الحسن (عليه السّلام)
التراث الحسني الشريف
صلح الامام الحسن (عليه السّلام)
أولاد الامام الحسن (عليه السلام) و زوجاته
شهادة الإمام الحسن والأيام الأخيرة
قضايا عامة
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الولادة والنشأة
مناقب الإمام الحسين (عليه السّلام)
الأحداث ما قبل عاشوراء
استشهاد الإمام الحسين (عليه السّلام) ويوم عاشوراء
الأحداث ما بعد عاشوراء
التراث الحسينيّ الشريف
قضايا عامة
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الولادة والنشأة
مناقب الإمام السجّاد (عليه السّلام)
شهادة الإمام السجّاد (عليه السّلام)
التراث السجّاديّ الشريف
قضايا عامة
الإمام محمد بن علي الباقر
الولادة والنشأة
مناقب الإمام الباقر (عليه السلام)
شهادة الامام الباقر (عليه السلام)
التراث الباقريّ الشريف
قضايا عامة
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الولادة والنشأة
مناقب الإمام الصادق (عليه السلام)
شهادة الإمام الصادق (عليه السلام)
التراث الصادقيّ الشريف
قضايا عامة
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الولادة والنشأة
مناقب الإمام الكاظم (عليه السلام)
شهادة الإمام الكاظم (عليه السلام)
التراث الكاظميّ الشريف
قضايا عامة
الإمام علي بن موسى الرّضا
الولادة والنشأة
مناقب الإمام الرضا (عليه السّلام)
موقفه السياسي وولاية العهد
شهادة الإمام الرضا والأيام الأخيرة
التراث الرضوي الشريف
قضايا عامة
الإمام محمد بن علي الجواد
الولادة والنشأة
مناقب الإمام محمد الجواد (عليه السّلام)
شهادة الإمام محمد الجواد (عليه السّلام)
التراث الجواديّ الشريف
قضايا عامة
الإمام علي بن محمد الهادي
الولادة والنشأة
مناقب الإمام علي الهادي (عليه السّلام)
شهادة الإمام علي الهادي (عليه السّلام)
التراث الهاديّ الشريف
قضايا عامة
الإمام الحسن بن علي العسكري
الولادة والنشأة
مناقب الإمام الحسن العسكري (عليه السّلام)
شهادة الإمام الحسن العسكري (عليه السّلام)
التراث العسكري الشريف
قضايا عامة
الإمام محمد بن الحسن المهدي
الولادة والنشأة
خصائصه ومناقبه
الغيبة الصغرى
السفراء الاربعة
الغيبة الكبرى
علامات الظهور
تكاليف المؤمنين في الغيبة الكبرى
مشاهدة الإمام المهدي (ع)
الدولة المهدوية
قضايا عامة
خطورة الإمام الكاظم "ع" على حكم هارون العباسي
المؤلف:
الشيخ علي الكوراني
المصدر:
الإمام الكاظم "ع" سيد بغداد
الجزء والصفحة:
ص215-232
2025-08-08
58
الخطر الأكبر برأي هارون على ملكه !
كان هارون يحكم أكبر دولة وأقوى دولة في عصره ، فقد شملت الدولة الإسلامية يومها بلاد المشرق ، من حدود الصين وروسيا إلى العراق والجزيرة واليمن وإفريقيا ، والى سوريا وفلسطين ومصر وبلاد المغرب .
ولم تخرج عنها إلا تركيا التي كانت دولة روما الشرقية ، وعاصمتها القسطنطينية التي سميت بعد ذلك إستانبول .
وكانت الدول المعاصرة لها : مملكة الروم الشرقية ، وممالك الروم الغربية ، ومملكة الهند ، والصين ، وروسيا ، وممالك متفرقة في مناطق من العالم ، ولكن أياً منها لم تكن بقوة الدولة الإسلامية ، ولا بتنوعها وسعتها .
ولم يزر هارون عواصم مناطق مملكته ، بل اقتصر على بغداد والبصرة في العراق والرقة في سوريا ، ومكة والمدينة في الحجاز ، والري وطوس في إيران .
وكان يقول كما روى عنه عمر بن عباد المهلبي : « الدنيا أربعة منازل ، قد نزلت ثلاثة منها : أحدها الرقة والآخر دمشق والآخر الري في وسطه نهر وعن جنبتيه أشجار ملتفة متصلة وفيما بينها سوق . قال : والمنزل الرابع سمرقند ، وهو الذي ذبقي عليَّ لم أنزله ، وأرجو أن لا يحول الحول في هذا الوقت حتى أحلَّ به . فما كان بين هذا وبين أن توفي إلا أربعة أشهر فقط . ( تاريخ دمشق : 2 / 391 ) .
ومع أن أدوات الدنيا وزخارفها كانت بيد هارون ، لكن مشكلاته كانت كثيرة فكان كما قال أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : « صاحب السلطان كراكب الأسد ، يُغبط بموقعه ، وهو أعلم بموضعه » . ( نهج البلاغة : 4 / 63 ) !
وتبدأ مشكلات هارون من قصره وزوجاته وأولاده ، إلى وزرائه ، إلى عماله ولاة البلاد ، إلى الثائرين عليه في عدة مناطق ، وكان بعضهم أخطر عليه من الروم الذين ضعفت دولتهم وانحصرت رقعتها في قسم من تركيا ، وكانوا يحتاجون في بقائهم إلى مساعدة روم أوروبا .
لكن أكبر خطر برأي هارون عليه ، هو أبناء علي ( عليه السلام ) الذين يعترف لخاصته بأن منهم الأئمة الربانيين ، الذين هم أحق من بني العباس بمنصب الخلافة !
قال ابنه المأمون ، يصف رأي أبيه في الإمام الكاظم ( عليه السلام ) : « وكنت أجرأ ولد أبي عليه فلما خلا المجلس قلت : يا أمير المؤمنين من هذا الرجل الذي قد أعظمته وأجللته وقمت من مجلسك إليه فاستقبلته ، وأقعدته في صدر المجلس وجلست دونه ، ثم أمرتنا بأخذ الركاب له ؟ ! قال : هذا إمام الناس وحجة الله على خلقه وخليفته على عباده ! فقلت : يا أمير المؤمنين أوليست هذه الصفات كلها لك وفيك ؟ فقال : أنا إمام الجماعة في الظاهر والغلبة والقهر ، وموسى بن جعفر إمام حق ! والله يا بني إنه لأحق بمقام رسول الله ( ص ) مني ومن الخلق جميعاً ! ووالله لو نازعتني هذا الأمر لأخذت الذي فيه عيناك ، فإن الملك عقيم » ! ( عيون أخبار الرضا ( عليه السلام ) : 1 / 84 ) .
هارون يعتقد أن التعايش مع الإمام ( عليه السلام ) غير ممكن !
يتساءل الإنسان : ما دام الإمام الكاظم ( عليه السلام ) يزور هارون ويحترمه ويخاطبه بأمير المؤمنين ، ولا يريد الخروج عليه ، فماذا يريد هارون منه ، ولماذا لا يتعايش معه ، ولماذا يعمل على قتله ؟ !
وهذا سؤالٌ لكل الخلفاء العباسيين والأمويين الذين يعتقدون بالأئمة ( عليهم السلام ) ، كما يعتقد هارون بالإمام الكاظم ( عليه السلام ) ؟ !
وكان جوابهم أنه يستحيل التعايش مع الإمام المعصوم ( عليهم السلام ) لسببين : قوة تأثيره على المسلمين ، والخوف من أن يتغير رأيه بعدم الثورة عليهم في المستقبل !
فقد قال هارون لابنه المأمون : « أسكت لا أم لك ! فإني لو أعطيت هذا ما ضمنته له ما كنت أمنته أن يضرب وجهي غداً بمائه ألف سيف من شيعته ومواليه ! فقرُ هذا وأهل بيته أسلم لي ولكم من بسط أيديهم وأعينهم » . ( الإحتجاج : 2 / 165 ) .
ولما رأى معجزات الإمام ( عليه السلام ) قال لوزيره البرمكي : « أما ترى ما نحن فيه من هذه العجائب ! ألا تدبر في أمر هذا الرجل تدبيراً يريحنا من غمه » ! ( الغيبة للطوسي / 24 ) .
ولما سمع قوة حجة هشام بن الحكم ، تلميذ الإمام الكاظم ( عليه السلام ) ، قال : « مثل هذا حيٌّ ويبقى لي ملكي ساعة واحدة ؟ ! فوالله للسان هذا أبلغ في قلوب الناس من مائة ألف سيف » ! ( كمال الدين / 362 ) .
هكذا كان يفكر هارون وقبله خلفاء بني العباس وأمية ، ولا يجب أن يكون تفكيرهم صحيحاً ، لكنه هو الذي حكم مجرى التاريخ !
هارون يحضر مناظرات تلميذ الإمام الكاظم ( عليه السلام ) !
كان هشام بن الحكم ( رحمه الله ) من تلاميذ الإمام الصادق ثم الإمام الكاظم ( عليهما السلام ) ، ونبغ في المناظرة واشتهر في بغداد ، وكان علماء الأديان والمذاهب يحترمونه ويهابونه .
وقد حرص يحيى البرمكي رئيس وزراء هارون ، على عقد مجالس مناظرة في قصر الخلافة وأظهر أنه يتبنى هشام بن الحكم ، وكان يدعو علماء اليهود والنصارى والمجوس والدهريين الملحدين وأئمة المذاهب لمناظرته ، وطلب منه هارون أن يكون خلف الستار فيسمع مناظرتهم ! وكان هدفه أن يسمع من هشام عقيدته بإمامة الكاظم ( عليه السلام ) !
روى الطوسي في رجاله : 2 / 530 : « عن يونس بن عبد الرحمن قال : كان يحيى بن خالد البرمكي قد وجد على هشام بن الحكم شيئاً من طعنه على الفلاسفة ، وأحب أن يغري به هارون ويُضريه على القتل ! قال : وكان هارون لما بلغه عن هشام مال إليه وذلك أن هشاماً تكلم يوماً بكلام عند يحيى بن خالد في إرث النبي ( صلى الله عليه وآله ) فنقل إلى هارون فأعجبه ، وقد كان قبل ذلك يحيى يشرف أمره عند هارون ويرده عن أشياء كان يعزم عليها من أذاه ، فكان ميل هارون إلى هشام أحد ما غير قلب يحيى على هشام فشيعه عنده ، وقال له : يا أمير المؤمنين إني قد استبطنت أمر هشام فإذا هو يزعم أن لله في أرضه إماماً غيرك مفروض الطاعة ، قال : سبحان الله ! قال : نعم ، ويزعم أنه لو أمره بالخروج لخرج ، وإنما كنا نرى أنه ممن يرى الإلباد بالأرض ! فقال هارون ليحيى : فاجمع عندك المتكلمين وأكون أنا من وراء الستر بيني وبينهم لا يفطنون بي ، ولا يمتنع كل واحد منهم أن يأتي بأصله لهيبتي .
قال : فوجه يحيى فشحن المجلس من المتكلمين ، وكان فيهم ضرار بن عمرو ، وسليمان بن جرير ، وعبد الله بن يزيد الأباضي ، وموبذان موبذ ، ورأس الجالوت ، قال فتساءلوا وتكافوا وتناظروا ، وتناهوا إلى شاذ من مشاذ الكلام كل يقول لصاحبه لم تجب ويقول قد أجبت ، وكان ذلك من يحيى حيلة على هشام إذ لم يعلم بذلك المجلس ، واغتنم ذلك لعلة كان أصابها هشام بن الحكم ، فلما أن تناهوا إلى هذا الموضع قال لهم يحيى بن خالد : ترضون فيما بينكم هشاماً حكماً ؟ قالوا : قد رضينا أيها الوزير فأنى لنا به وهو عليل ؟ قال يحيى : فأنا أوجه إليه فأسأله أن يتجشم المجئ ، فوجه إليه فأخبره بحضورهم وأنه إنما منعه أن يحضره أول المجلس اتقاء عليه من العلة ، فإن القوم قد اختلفوا في المسائل والأجوبة ، وتراضوا بك حكماً بينهم ، فإن رأيت أن تتفضل وتحمل على نفسك فافعل ! فلما صار الرسول إلى هشام قال لي : يا يونس قلبي ينكر هذا القول ، ولست آمن أن يكون هاهنا أمر لا أقف عليه ، لأن هذا الملعون يحيى بن خالد قد تغير عليَّ لأمور شتى ، وقد كنت عزمت إن من الله عليَّ بالخروج من هذه العلة ، أن أشخص إلى الكوفة وأحرِّم الكلام بتةً وألزم المسجد ، ليقطع عني مشاهدة هذا الملعون ، يعني يحيى بن خالد ! قال فقلت : جعلت فداك لا يكون إلا خيراً ، فتحرز ما أمكنك ، فقال لي : يا يونس أترى أتحرز من أمر يريد الله إظهاره على لساني أن يكون ذلك ، ولكن قم بنا على حول الله وقوته ، فركب هشام بغلاً كان مع رسوله ، وركبت أنا حماراً كان لهشام ، قال : فدخلنا المجلس فإذا هو مشحون بالمتكلمين .
قال : فمضى هشام نحو يحيى فسلم عليه وسلم على القوم وجلس قريباً منه ، وجلست أنا حيث انتهى بي المجلس ، قال : فأقبل يحيى على هشام بعد ساعة فقال : إن القوم حضروا وكنا مع حضورهم نحب أن تحضر ، لا لأن تناظر بل لأن نأنس بحضورك إذ كانت العلة تقطعك عن المناظرة ، وأنت بحمد الله صالح ليست علتك بقاطعة عن المناظرة ، وهؤلاء القوم قد تراضوا بك حكماً بينهم . قال : فقال هشام للقوم : ما الموضع الذي تناهيتم به في المناظرة ؟ فأخبره كل فريق منهم بموضع مقطعه ، فكان من ذلك أن حكم لبعض على بعض ، فكان من المحكومين عليه سليمان بن جرير فحقدها على هشام ! قال : ثم إن يحيى بن خالد قال لهشام : إنا قد غرضنا من المناظرة والمجادلة منذ اليوم ، ولكن إن رأيت أن تبين عن فساد اختيار الناس لإمام ، وأن الإمامة في آل الرسول دون غيرهم ؟
قال هشام : أيها الوزير العلة تقطعني عن ذلك ، ولعل معترضاً يعترض فيكتسب المناظر الخصومة ! فقال : إن اعترض معترض قبل أن تبلغ مرادك وغرضك فليس ذلك له ، بل عليه أن يتحفظ المواضع التي له فيها مطعن فيقفها إلى فراغك ، ولا يقطع عليك كلامك .
فبدأ هشام وساق الذكر لذلك وأطال واختصرنا منه موضع الحاجة ، فلما فرغ مما قد ابتدأ فيه من الكلام في فساد اختيار الناس للإمام ، قال يحيى لسليمان بن جرير : سل أبا محمد عن شئ من هذا الباب ، فقال سليمان لهشام : أخبرني عن علي بن أبي طالب مفروض الطاعة ؟ فقال هشام : نعم ، قال : فإن أمرك الذي بعده بالخروج بالسيف معه تفعل وتطيعه ؟ فقال هشام : لا يأمرني . قال : ولم إذا كانت طاعته مفروضه عليك وعليك أن تطيعه ؟ قال هشام : عد عن هذا فقد تبين فيه الجواب . قال سليمان : فلم يأمرك في حال تطيعه وفي حال لا تطيعه ؟
فقال هشام : ويحك لم أقل لك أني لا أطيعه فتقول إن طاعته مفروضة ، إنما قلت لك لا يأمرني ! قال سليمان : ليس أسألك إلا على سبيل سلطان الجدل ، ليس على الواجب أنه لا يأمرك . فقال هشام : كم تحول حول الحمى ، هل هو إلا أن أقول لك إن أمرني فعلت فتنقطع أقبح الانقطاع ، ولا يكون عندك زيادة ، وأنا أعلم بما تحت قولي وما إليه يؤول جوابي ! قال : فتمعر هارون ، وقال : قد أفصح !
وقام الناس ، واغتنمها هشام فخرج على وجهه إلى المدائن ! قال : فبلغنا أن هارون قال ليحيى : شُدَّ يدك بهذا وأصحابه !
وبعث إلى أبي الحسن موسى ( عليه السلام ) فحبسه ، فكان هذا سبب حبسه مع غيره من الأسباب ، وإنما أراد يحيى أن يهرب هشام فيموت مختفياً ما دام لهارون سلطان !
قال : ثم صار هشام إلى الكوفة وهو بعقب علته ومات في دار ابن شرف بالكوفة ( رحمه الله ) ! قال : فبلغ هذا المجلس محمد بن سليمان النوفلي وابن ميثم ، وهما في حبس هارون ، فقال النوفلي : ترى هشاماً ما استطاع أن يعتل . . . الخ . » .
ورواه الصدوق ( رحمه الله ) في كمال الدين / 362 ، بتفصيل ، وذكر فيه لزوم اختيار الإمام من النبي بأمر الله تعالى ، وذكر صفات الإمام ، وجاء فيه : « فعند ذلك قال ضرار : فمن هذا بهذه الصفة في هذا الوقت ؟ فقال : صاحب القصر أمير المؤمنين ! وكان هارون الرشيد قد سمع الكلام كله فقال عند ذلك : أعطانا والله من جراب النورة ! ( أي اتَّقَانَا وتكلم بدون مستند ) ويحك يا جعفر ، وكان جعفر بن يحيى جالساً معه في الستر : من يعني بهذا ؟ فقال : يا أمير المؤمنين يعني به موسى بن جعفر ! قال : ما عنى بها غير أهلها ! ثم عض على شفتيه وقال : مثل هذا حيٌّ ويبقى لي ملكي ساعة واحدة ؟ ! فوالله للسان هذا أبلغ في قلوب الناس من مائة ألف سيف !
وعلم يحيى أن هشاماً قد أُتيَ ( أي قرر هارون قتله ) فدخل الستر فقال : يا عباسي ويحك من هذا الرجل ؟ فقال : يا أمير المؤمنين حسبك ، تكفى تكفى ! ( أي أنا أقتله ) .
ثم خرج إلى هشام فغمزه ، فعلم هشام أنه قد أتيَ ، فقام يريهم أنه يبول أو يقضي حاجة ، فلبس نعليه وانسل ، ومرَّ ببيته وأمرهم بالتواري ، وهرب ومرَّ من فوره نحو الكوفة ، فوافى الكوفة ونزل على بشير النبال ، وكان من حملة الحديث من أصحاب أبي عبد الله ( عليه السلام ) فأخبره الخبر ، ثم اعتل علة شديدة فقال له بشير : آتيك بطبيب ؟ قال : لا أنا ميت فلما حضره الموت قال لبشير : إذا فرغت من جهازي فاحملني في جوف الليل وضعني بالكناسة واكتب رقعة وقل : هذا هشام بن الحكم الذي يطلبه أمير المؤمنين ، مات حتف أنفه ! وكان هارون قد بعث إلى إخوانه وأصحابه فأخذ الخلق به ، فلما أصبح أهل الكوفة رأوه ، وحضر القاضي وصاحب المعونة والعامل والمعدلون بالكوفة ، وكتب إلى الرشيد بذلك فقال : الحمد لله الذي كفانا أمره فخلى عمن كان أُخذ به » !
ملاحظات :
1 - بلغ من اهتمام هارون بعقيدة الإمامة ، أنه أمر وزيره بعقد مجالس مناظرة في قصره ، وغرضه أن يسمع كلمة يستحل بها دم هشام ودم الإمام الكاظم ( عليه السلام ) !
2 - يرى هارون أن مجرد اعتقاد أحد بوجود إمام غيره فرض الله طاعته ، يحلل له دم القائل به ، حتى لو يقم بأي عمل ضده !
لذا حركه وزيره البرمكي ضد هشام بقوله : « يا أمير المؤمنين إني قد استبطنت أمر هشام فإذا هو يزعم أن لله في أرضه إماماً غيرك مفروض الطاعة ، قال : سبحان الله ! قال : نعم ، ويزعم أنه لو أمره بالخروج لخرج » !
ولو كان هارون عقلانياً لقال لوزيره : فليزعم هشام أن موسى بن جعفر إمام من الله ، فلا شغل لنا به ما دام لم يخرج علينا !
3 - حاول بعض الرواة أن يبرئ يحيى البرمكي من التحريض على هشام ( رحمه الله ) أو على الإمام الكاظم ( عليه السلام ) ، لكن الصحيح أنه قام بذلك للإيقاع بالإمام وشيعته ، خاصة بوزيره جعفر بن الأشعث ، الذي جعل هارون ولده وولي عهده الأمين في حجره ، وقد نصت على ذلك مصادرنا .
4 - مما يدل على التأثير القوي لمناظرات هشام ، وحساسية الخلافة منها ، أن الإمام الكاظم ( عليه السلام ) أمر هشام بن الحكم في زمن المهدي والد هارون ، بأن يمتنع عن المناظرة لخطورة الظرف ! « عن يونس قال : قلت لهشام : إنهم يزعمون أن أبا الحسن ( عليه السلام ) بعث إليك عبد الرحمن بن الحجاج يأمرك أن تسكت ولا تتكلم ، فأبيت أن تقبل رسالته فأخبرني كيف كان سبب هذا ، وهل أرسل إليك ينهاك عن الكلام أو لا ، وهل تكلمت بعد نهيه إياك ؟ فقال هشام : إنه لما كان أيام المهدي شدد علي أصحاب الأهواء ، وكتب له ابن المفضل صنوف الفرق صنفاً صنفاً ، ثم قرأ الكتاب على الناس فقال يونس : قد سمعت الكتاب يقرأ على الناس على باب الذهب بالمدينة ، ومرة أخرى بمدينة الوضاح فقال : إن ابن المفضل صنف لهم صنوف الفرق فرقة فرقة حتى قال في كتابه : وفرقة يقال لهم الزرارية ، وفرقة يقال لهم العمارية أصحاب عمار الساباطي ، وفرقة يقال لهم اليعفورية ، ومنهم فرقة أصحاب سليمان الأقطع ، وفرقة يقال له الجواليقية .
قال يونس : ولم يذكر يومئذ هشام بن الحكم ولا أصحابه ، فزعم هشام ليونس أن أبا الحسن ( عليه السلام ) بعث إليه فقال له : كفَّ هذه الأيام عن الكلام ، فإن الأمر شديد ! قال هشام : فكففت عن الكلام حتى مات المهدي وسكن الأمر ، فهذا الأمر الذي كان من أمره وانتهائي إلى قوله » . ( معجم السيد الخوئي : 20 / 305 ) .
5 - اشتهر حديث الإمام الكاظم ( عليه السلام ) مع هشام حول مكانة العقل وقيمة الشخصية العقلانية . كما رويت لهشام مناظرات كثيرة مهمة ، ومن نماذجها :
« دخل ضرار بن عمرو الضبي على يحيى بن خالد البرمكي فقال له : يا أبا عمرو هل لك في مناظرة رجل هو ركن الشيعة ؟ فقال ضرار : هلم من شئت ، فبعث إلى هشام بن الحكم فأحضره فقال له : يا أبا محمد هذا ضرار وهو من قد علمت في الكلام والخلاف لك ، فكلمه في الإمامة ، فقال له : نعم ، ثم أقبل على ضرار ، فقال : يا أبا عمرو خبرني على ما تجب الولاية والبراءة أعلى الظاهر أم على الباطن ؟ فقال ضرار : بل على الظاهر فإن الباطن لا يدرك إلا بالوحي .
قال هشام : صدقت ، فأخبرني الآن أي الرجلين كان أذب عن وجه رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) بالسيف وأقتل لأعداء الله بين يديه ، وأكثر آثاراً في الجهاد ، أعلي بن أبي طالب أو أبو بكر ؟ فقال : بل علي بن أبي طالب ، ولكن أبا بكر كان أشد يقيناً !
فقال هشام : هذا هو الباطن الذي قد تركنا الكلام فيه ، وقد اعترفت لعلي ( عليه السلام ) بظاهر عمله من الولاية وأنه يستحق بها من الولاية ما لم يجب لأبي بكر !
فقال ضرار : هذا هو الظاهر نعم . ثم قال له هشام : أفليس إذا كان الباطن مع الظاهر فهو الفضل الذي لا يدفع ؟ فقال له ضرار : بلى ، فقال له هشام : ألست تعلم أن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) قال لعلي : أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي ؟ قال ضرار : نعم . قال هشام : أفيجوز أن يقول له هذا القول إلا وهو عنده في الباطن مؤمن ؟ قال : لا . قال هشام : فقد صح لعلي ( عليه السلام ) ظاهره وباطنه ولم يصح لصاحبك لا ظاهر ولا باطن ، والحمد لله » . ( الفصول المختارة / 28 ) .
6 - يقصد بكلام هشام في العباس الذي أعجب هارون ، ما رواه الشريف المرتضى في الفصول المختارة / 49 ، قال : « أخبرني الشيخ أدام الله عزه قال : سأل يحيى بن خالد البرمكي بحضرة هارون هشام بن الحكم ( رحمه الله ) فقال له : أخبرني يا هشام عن الحق هل يكون في جهتين مختلفتين ؟ قال هشام : لا ، قال فخبرني عن نفسين اختصما في حكم في الدين وتنازعا واختلفا ، هل يخلوان من أن يكونا محقين أو مبطلين ، أو يكون أحدهما مبطلاً والآخر محقاً ؟ فقال له هشام : لا يخلوان من ذلك وليس يجوز أن يكونا محقين على ما قدمت من الجواب . قال له يحيى بن خالد : فخبرني عن علي والعباس لما اختصما إلى أبي بكر في الميراث أيهما كان المحق من المبطل ، إذ كنت لا تقول إنهما كانا محقين ولا مبطلين ؟
قال هشام : فنظرت فإذا إنني إن قلت بأن علياً ( عليه السلام ) كان مبطلاً كفرت وخرجت عن مذهبي ، وإن قلت إن العباس كان مبطلاً ضرب الرشيد عنقي ! ووردت علي مسألة لم أكن سئلت عنها قبل ذلك الوقت ، ولا أعددت لها جواباً ، فذكرت قول أبي عبد الله ( عليه السلام ) وهو يقول لي : يا هشام لا تزال مؤيداً بروح القدس ما نصرتنا بلسانك ، فعلمت أني لا أخذل وعنَّ لي الجواب في الحال ، فقلت له : لم يكن من أحدهما خطأ وكانا جميعاً محقين ، ولهذا نظير قد نطق به القرآن في قصة داود ( عليه السلام ) حيث يقول الله جل اسمه : وَهَلْ أَتَاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَرُوا الْمِحْرَابَ إِذْ دَخَلُوا عَلَى دَاوُدَ فَفَزِعَ مِنْهُمْ قَالُوا لا تَخَفْ خَصْمَانِ بَغَى بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ فَاحْكُمْ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ . . فأي الملكين كان مخطئاً وأيهما كان مصيباً ، أم تقول إنهما كانا مخطئين ، فجوابك في ذلك جوابي بعينه ! فقال يحيى : لست أقول إن الملكين أخطأ بل أقول إنهما أصابا وذلك أنهما لم يختصما في الحقيقة ولا اختلفا في الحكم ، وإنما أظهرا ذلك لينبها داود ( عليه السلام ) على الخطيئة ويعرفاه الحكم ويوقفاه عليه ! قال فقلت له : كذلك علي والعباس لم يختلفا في الحكم ولا اختصما في الحقيقة ، وإنما أظهرا الاختلاف والخصومة لينبها أبا بكر على غلطه ويوقفاه على خطئه ويدلاه على ظلمه لهما في الميراث ، ولم يكونا في ريب من أمرهما وإنما كان ذلك منهما على حد ما كان من الملكين ! فلم يحر جواباً ، واستحسن ذلك الرشيد » .
محاولات هارون قتل الإمام الكاظم ( عليه السلام )
تصل محاولات هارون لقتل الإمام الكاظم ( عليه السلام ) إلى عشر مرات ، وفي كل مرة كانت تظهر له كرامات الإمام ( عليه السلام ) وآياته فيتراجع ، لكنه كان يعود ويكرر محاولته !
وقد مرَّ بعضها في الموضوعات المتقدمة ، وهذا عدد آخر :
1 - قال الفضل بن الربيع : « كنت أحجب الرشيد فأقبل عليَّ يوماً غضباناً وبيده سيف يقلبه فقال لي : يا فضل بقرابتي من رسول الله لئن لم تأتني بابن عمي الآن لآخذن الذي فيه عيناك ! فقلت : بمن أجيؤك ؟ فقال : بهذا الحجازي ! فقلت : وأي حجازي ؟ قال : موسى جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب . . إلى أن قال : فقلت له : استعد للعقوبة يا أبا إبراهيم فقال ( عليه السلام ) : أليس معي من يملك الدنيا والآخرة ! لن يقدر اليوم على سوء بي إن شاء الله تعالى ! قال فضل بن الربيع فرأيته وقد أدار يده ( عليه السلام ) يلوح بها على رأسه ثلاث مرات ، فدخلت على الرشيد فإذا هو كأنه امرأة ثكلى . . . فلما رآه وثب إليه قائماً وعانقه وقال له : مرحباً بابن عمي وأخي . . . ثم أكرمه ، وذكر الدعاء الذي دعا به ( عليه السلام ) » .
2 - « ومن ذلك الدعاء الذي علمه النبي ( صلى الله عليه وآله ) لموسى بن جعفر ( عليه السلام ) في السجن بإسناد صحيح عن عبد الله بن مالك الخزاعي قال : دعاني هارون الرشيد فقال : يا أبا عبد الله كيف أنت وموضع السر منك ؟ فقلت : يا أمير المؤمنين ما أنا إلا عبد من عبيدك ، فقال : إمض إلى تلك الحجرة وخذ من فيها واحتفظ به إلى أن أسئلك عنه ، قال : فدخلت فوجدت موسى بن جعفر فلما رآني سلمت عليه وحملته على دابتي إلى منزلي ، فأدخلته داري وجعلته على حرمي ، وقفلت عليه والمفتاح معي وكنت أتولى خدمته . ومضت الأيام ، فلم أشعر إلا برسول الرشيد يقول : أجب أمير المؤمنين فنهضت ودخلت عليه ، وهو جالس وعن يمينه فراش وعن يساره فراش فسلمت عليه فلم يرد غير أنه قال : ما فعلت بالوديعة ؟ فكأني لم أفهم ما قال فقال : ما فعل صاحبك ؟ فقلت : صالح ، فقال : إمض إليه وادفع إليه ثلاثة آلاف درهم واصرفه إلى منزله وأهله ، فقمت وهممت بالانصراف فقال : أتدري ما السبب في ذلك وما هو ؟ قلت : لا يا أمير المؤمنين قال : نمت على الفراش الذي عن يميني ، فرأيت في منامي قائلاً يقول لي : يا هارون أطلق موسى بن جعفر ، فانتبهت فقلت لعلها لما في نفسي منه ، فقمت إلى هذا الفراش الآخر فرأيت ذلك الشخص بعينه وهو يقول : يا هارون أمرتك أن تطلق موسى بن جعفر فلم تفعل ؟ فانتبهت وتعوذت من الشيطان ثم قمت إلى هذا الفراش الذي أنا عليه وإذا بذلك الشخص بعينه ، وبيده حربة كأن أولها بالمشرق وآخرها بالمغرب ، وقد أومأ إلي وهو يقول : والله يا هارون لئن لم تطلق موسى بن جعفر لأضعن هذه الحربة في صدرك وأطلعها من ظهرك ، فأرسلت إليك فامض فيما أمرتك به ولا تظهره إلى أحد فأقتلك فانظر لنفسك ! قال : فرجعت إلى منزلي وفتحت الحجرة ودخلت على موسى بن جعفر فوجدته قد نام في سجوده فجلست حتى استيقظ ورفع رأسه ، وقال : يا أبا عبد الله إفعل ما أمرت به ، فقلت له : يا مولاي سألتك بالله وبحق جدك رسول الله هل دعوت الله عز وجل في يومك هذا بالفرج ؟ فقال : أجل إني صليت المفروضة وسجدت وغفوت في سجودي فرأيت رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فقال : يا موسى أتحب أن تطلق ؟ فقلت : نعم يا رسول الله صلى الله عليك ، فقال : ادع بهذا الدعاء : يا سابغ النعم ، يا دافع النقم يا بارئ النسم ، يا مجلي الهمم ، يا مغشي الظلم ، يا كاشف الضر والألم ، يا ذا الجود والكرم ، ويا سامع كل صوت ، وما مدرك كل فوت ، ويا محيي العظام وهي رميم ، ومنشئها بعد الموت ، صل على محمد وآل محمد واجعل لي من أمري فرجاً ومخرجاً يا ذا الجلال والإكرام . فلقد دعوت به ورسول الله يلقننيه حتى سمعتك . فقلت : قد استجاب الله فيك ، ثم قلت له ما أمرني به الرشيد وأعطيته ذلك » . ( بحار الأنوار : 91 / 331 ، عن مهج الدعوات ) .
3 - قال علي بن يقطين : « كنت واقفاً على رأس هارون الرشيد إذ دعا موسى بن جعفر ( عليه السلام ) وهو يتلظى عليه ! فلما دخل حرك شفتيه بشئ فأقبل هارون عليه ولاطفه وبره وأذن له في الرجوع ! فقلت له : يا ابن رسول الله جعلني الله فداك ، إنك دخلت على هارون وهو يتلظى عليك فلم أشك إلا أنه يأمر بقتلك فسلمك الله منه ! فما الذي كنت تحرك به شفتيك ؟ فقال ( عليه السلام ) : إني دعوت بدعائين أحدهما خاص والآخر عام فصرف الله شره عني ، فقلت : ماهما يا ابن رسول الله ؟ فقال : أما الخاص : اللهم إنك حفظت الغلامين لصلاح أبويهما فاحفظني لصلاح آبائي ، وأما العام : اللهم إنك تكفي من كل أحد ولا يكفي منك أحد ، فاكفنيه بما شئت وكيف شئت أنى شئت ، فكفاني الله شره » . ( البحار : 91 / 339 ، ومهج الدعوات / 36 ) .
4 - « لما همَّ هارون الرشيد بقتل موسى بن جعفر ( عليه السلام ) دعا الفضل بن الربيع وقال له : قد وقعت لي إليك حاجة أسألك أن تقضيها ولك مائة ألف درهم قال : فخرَّ الفضل عند ذلك ساجداً وقال : أمر أم مسألة ؟ قال : بل مسألة ، ثم قال : أمرت بأن تحمل إلى دارك في هذه الساعة مائة ألف درهم ، وأسألك أن تصير إلى دار موسى بن جعفر وتأتيني برأسه ! قال الفضل : فذهبت إلى ذلك البيت فرأيت فيه موسى بن جعفر وهو قائم يصلي فجلست حتى قضى صلاته ، وأقبل إلي وتبسم وقال : عرفت لماذا حضرت أمهلني حتى أصلي ركعتين . قال : فأمهلته فقام وتوضأ فأسبغ الوضوء وصلى ركعتين وأتم الصلاة بحسن ركوعها وسجودها ، وقرأ خلف صلاته بهذا الحرز فاندرس وساخ في مكانه ! فلا أدري أأرض ابتلعته أم السماء اختطفته ! فذهبت إلى هارون وقصصت عليه القصة قال فبكى هارون ثم قال : قد أجاره الله مني » ( البحار : 91 / 332 ، عن مهج الدعوات ) .
5 - « لما أمر هارون موسى بن جعفر ( عليه السلام ) أن يحمل إليه أدخل عليه وعلي بن يقطين على رأسه متوكئ على سيفه ، فجعل يلاحظ موسى ( عليه السلام ) ليأمره فيضرب به هارون ففطن له هارون فقال : قد رأيت ذلك ! فقال : يا أمير المؤمنين سللت من سيفي شبراً رجاء أن تأمرني فيه بأمرك ! فنجا منه بهذه المقالة » . ( مناقب آل أبي طالب : 3 / 423 ) .
6 - « وروي أن الرشيد فكر في قتل موسى ( عليه السلام ) فدعا برطب فأكل منه ، ثم أخذ صينية فوضع فيها عشرين رطبة وأخذ سلكاً فتركه في السم ، وأدخله في الخياط وأخذ رطبة من ذلك الرطب وأقبل يردد السلك المسموم بذلك الخيط من رأس الرطبة إلى آخرها ، حتى علم أن السم قد تمكن فيها . واستكثر منه ثم ردها في الرطب وقال لخادم له : إحمل هذه الصينية إلى موسى وقل له : إن أمير المؤمنين أكل من هذا الرطب وتنغص لك ( اختار ) وهو يقسم عليك بحقه إلا ما أكلته عن آخره فإني اخترتها لك بيدي ، ولا تتركه حتى لا يبقي منه شيئاً ، ولا يطعم منه أحداً ، فأتاه بها الخادم وأبلغه الرسالة فقال له : إئتني بخلالة فناوله خلالة ، وقام بإزائه وهو يأكل الرطب ، وكان للرشيد كلبة أعز عليه من كل ما كان في مملكته ، فجرت نفسها وخرجت بسلاسل ذهب وفضة كانت في عنقها حتى حاذت موسى بن جعفر ( عليه السلام ) ، فبادر بالخلالة إلى الرطبة المسمومة فغرزها ورمى بها إلى الكلبة فأكلتها ، فلم تلبث الكلبة أن ضربت بنفسها الأرض وعوت حتى تقطعت قطعاً قطعاً ، واستوفى ( عليه السلام ) باقي الرطب !
وحمل الغلام الصينية إلى الرشيد فقال له : أكل الرطب عن آخره ؟ قال : نعم يا أمير المؤمنين . قال : فكيف رأيته ؟ قال : ما أنكرت منه شيئاً يا أمير المؤمنين !
قال : ثم ورد خبر الكلبة وأنها قد تهرأت وماتت ، فقلق الرشيد لذلك قلقاً شديداً واستعظمه ، ومر على الكلبة فوجدها متهرئة بالسم ، فدعا الخادم ودعا بالسيف والنطع ، قال لتصدقني عن خبر الرطب وإلا قتلتك ! فقال : يا أمير المؤمنين إني حملت الرطب إليه وأبلغته رسالتك وقمت بإزائه فطلب خلالة فدفعت إليه خلالة ، فأقبل يغرز الرطبة بعد الرطبة يأكلها ، حتى مرت به الكلبة فغرز رطبة من ذلك الرطب ورمى بها إلى الكلبة فأكلتها وأكل باقي الرطب فكان ما ترى ! فقال الرشيد : ما ربحنا من موسى إلا أنا أطعمناه جيد الرطب وضيعنا سُمَّنا وقتلنا كلبتنا » ! ( دلائل الإمامة للطبري / 316 ، والهداية الكبرى / 264 ) .
7 - « قال إبراهيم بن سعد : أدخل إلى موسى بن جعفر ( عليه السلام ) سباع لتأكله فجعلت تلوذ به وتبصبص له وتدعو له بالإمامة ، وتعوذ به من شر الرشيد ، فلما بلغ ذلك الرشيد أطلق عنه وقال : أخاف أن يفتنني ويفتن الناس ومن معي » !
8 - « عن الأعمش قال : رأيت الكاظم ( عليه السلام ) عند الرشيد وقد خضع له فقال له عيسى بن أبان : يا أمير المؤمنين لم تخضع له ؟ قال : رأيت من ورائه أفعى تضرب بنابها وتقول : أجبه بالطاعة وإلا بلعتك ففزعت منها » . ( نوادر المعجزات / 163 ) .
9 - « كان يتقدم الرشيد إلى خدمه إذا خرج موسى بن جعفر من عنده أن يقتلوه فكانوا يهمون به فيتداخلهم من الهيبة والزمع ! فلما طال ذلك أمر بتمثال من خشب وجعل له وجهاً مثل موسى بن جعفر وكانوا إذا سكروا أمرهم أن يذبحوه بالسكاكين ، فكانوا يفعلون ذلك أبداً ، فلما كان في بعض الأيام جمعهم في الموضع وهم سكارى ، وأخرج سيدي إليهم فلما بصروا به هموا به على رسم الصورة ، فلما علم منهم ما يريدون كلمهم بالخزرية والتركية ، فرموا من أيديهم السكاكين ووثبوا إلى قدميه فقبلوها . . » ( مناقب آل أبي طالب : 3 / 418 ) .
الاكثر قراءة في قضايا عامة
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة

الآخبار الصحية
