الوسيلة إلى معرفة أسباب النزول
المؤلف:
الدكتور عبد الرسول الغفار
المصدر:
الميسر في علوم القرآن
الجزء والصفحة:
ص161 -163
2025-07-05
507
لفهم الآية والإحاطة الكاملة بشأنها وسائل عديدة ربما أهماه تلك الروايات الصادرة من النبي (صلى الله عليه وله وسلم) والمنقولة عنه بطرق معتبرة ومتواترة. بمعنى أن معرفة أسباب النزول يتوقف على المنقول في أغلب الأحوال ولا يحتاج أن نعمل عقولنا في ذلك طالما يوجد إليها سبيل من حيث الأدلة النقلية.
نعم قد يحتاج إلى الدليل العقلي فيما لو تضاربت الأخبار المنقولة وتعددت الطرق واختلفت الأقوال في شأن النزول وفيمن نزلت وبأي مكان هبطت فهنا لا بد من ترجيح أحد تلك الروايات مع دراسة السند والتعريف برجاله ثم الاهتمام بمضمون المتن على أن لا يخالف عقيدة ولا يخالف أصلا ولا يعكس الحقائق ولا يبرأ مذنبا أو يخطأ بريئا. لهذا قال علماء العامة لا بد أن يعتمد في درك أسباب النزول على أخبار الصحابة أو التابعين فقط وما عداهم فليست أخبارهم مورد قبول أو اطمئنان قال الزركشي: معرفة سبب النزول أمر يحصل للصحابة بقرائن تحتف بالقضايا والحوادث التي كانت تنزل فيها الآيات [1].
بينما تساهل البعض في شأن السند فأهمله قبال الاهتمام بالجانب العقيدي قال الشيخ معرفة. هناك وسيلة أخرى لعلها أدق وأوفق للاعتبار وأكثر إطرادا مع ضوابط دراسة التاريخ: أن يكون المأثور في شأن النزول مما يرفع الإبهام عن وجه الآية تماماً ويحل مشكلة تفسيرها على الوجه الأتم. على قيد أن لايكون مخالفا لضرورة دين أو متنافرا مع بديهة العقل الرشيد الأمر الذي يكفي بنفسه شاهد صدق على صحة الحديث أيا كان الإسناد. (التمهيد 1/ 245).
هذا الذي ذكره لا يتم مع قوله في ص 61 الذي صرح بأن عمدة الأخذ ينحصر فيمن عرفناه صادقاً في لهجته ثقة في أخباره.. فلو كان ما ينقله هذا الصادق في لهجته ثقة في أخباره معارضاً لأصل أو عقيدة أو حقيقة من حقائق الدين فماذا نعمل إذن ...؟ ولو عكسنا القضية فأخبرنا غير الصادق وغير الثقة وخبره يطابق أصول الدين وحقائق تسالم عليها المسلمون وأن ما يخبره هذا وفق العقائد فهل تقبل منه أم نرد أخباره؟
الحقيقة التي نريد أن نذكرها أن الاعتماد على صحة الحديث لا بد أن يؤخذ بنظر الاعتبار ما كان ينتهي إلى رواة أهل البيت والأئمة الأطهار غير منفكين عن دراسة سند هذه النقول من الأخبار. ونحن لا نشك أن الكثير من الأخبار والروايات التي اعتمد عليها الواحدي النيسابوري والسيوطي في الاتقان وفي لباب النقول وما أورده البخاري وأصحاب المسانيد والصحاح في شأن النزول أن أسانيدها ضعيفة وفيها من الوضاعين والكذابين الكثير أمثال عكرمة وأبي صالح والكلبي والسدي الصغير وأشعث بن سعيد السمان وأبي هريرة ...
قال السيوطي في شأن نزول الآية {وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا} [البقرة: 14] أخرج الواحدي والثعلبي من طريق محمد بن مروان والسدي الصغير عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس قال نزلت هذه الآية في عبد الله بن أبي سلول وأصحابه ... ثم يقول:
هذا الإسناد واه جدا فإن السدي الصغير كذاب وكذا الكلبي وأبو صالح ضعيف. لباب النقول بهامش تفسير الجلالين ص 8).
وفي ص 10من الهامش قال: عبد الغني واه جدا وهو عبد الغني بن سعيد الثقفي.
إذا كان شأن الأسانيد يدخلها الضعف والإرسال بل والتدليس وغير ذلك إذن لا بد أن نجهد كي نحصل على أتم وأصح الأسانيد وهذه على قلتها فهي لا تقدم بل كونها في طرق أهل بيت العصمة أوفق من غيرها قال الميموني: سمعت الإمام أحمد بن حنبل يقول: ثلاث ليس لها أصول المغازي والملاحم والتفسير وقال المحققون من أصحابه أن الغالب أنها ليس لها أسانيد صحاح متصلة الإسناد[2].
[1] وقد ذكرنا فيما تقدم قول الواحدي بهذا الصدد.
[2] الزركشي في البرهان 2/ 156.
الاكثر قراءة في أسباب النزول
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة