أسباب النزول
المؤلف:
الدكتور عبد الرسول الغفار
المصدر:
الميسر في علوم القرآن
الجزء والصفحة:
ص159 -161
2025-07-05
559
من البحوث المهمة التي يعتنى بها في علوم القرآن هو موضوع أسباب النزول، وقد ألف القدامى تصانيف مستقلة فيه كما أدرجه البعض ضمن بحوث أخرى في كتاب واحد تحت عنوان (علوم القرآن) ثم هناك فريق ثالث تعرض لأسباب النزول في معرض تفسيره القرآن الكريم.
ولا يخلو لكل قسم خصائصه المعينة إلا أن استيعاب موارد النزول قد نجده عند طائفة من المفسرين لذا يجدر بالباحث أن يستقرئ كتب التفاسير كي يلم بأطراف الموضوع.
من التفاسير المعتبرة قديما: مجمع البيان للطبرسي. حاول فيه المصنف أن يورد المناسبات والأحداث والقصص التي نزلت بشأنها آية أو مجموعة آيات تحت عنوان (النزول) أو (سبب النزول).
وفي أثناء تفسيره لتلك الآيات يذكر بعض الروايات المتعلقة بالنزول كما يذكر سند الرواية في الأعم الأغلب وربما ذكر المصدر الذي ينقل منه.
وقد اقتفى أثر الطبرسي أغلب المفسرين الذين جاؤوا من بعده كما أن النيسابوري هو أبرز من كتب (في أسباب النزول) بحثا مستقلا منفصلا عن بقية مواضيع علوم القرآن [1].
(معنى سبب نزول)
هو ما نزلت من أجله آية أو مجموعة آيات أو سور حاكية له أو مجيبة عن سؤال قد سبق أو بيان لحكم شرعي وهذا ينحصر في طائفة من الآيات الكريمة لا كل القرآن. لهذا يمكن تقسيم آيات القرآن الكريم إلى قسمين:
القسم الأول: آيات نزلت ابتداء دون أن يسبقها سبب خارجي أو قل أنهانزلت لأسباب عامة مثل هداية الناس وإذعانهم بتوحيد الله ذاتا وصفاتا. وتنزيه أنبيائه وطائفة من الآيات تشير إلى الاعتقادات الكلية ومنها تشير إلى ترك الطاغوت والظلم والفساد ومنها تحكي عن قصص الأولين وتكذيب الأمم للرسل والسنن الألهية فيهم ثم طائفة من الآيات أشارت إلى الأمور الغيبيه كعذاب القبر وعالم البرزخ والبعث والنشور. وأحوال يوم القيامة من حساب وعقاب و ... وعلى هذا فإن جملة من الآيات تحكي عن أحداث قد حصلت قبل عصر الوحي كقصص الأولين وآيات أخر تحكي عن أمور غيبية لم تقع فهي عبارة عن آيات مستقبلية.
القسم الثاني: آيات نزلت لأسباب خاصة وهذا ينقسم إلى عدة فروع:
1- النزول بسبب حادثة: من ذلك الآية {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ} [آل عمران: 100] نزلت في الأوس والخزرج لما أغرى قوم من اليهود بينهم بذكر مفاخرهم وأيامهم في الجاهلية.
معرفة السبب طريق إلى فهم الآية
فيما تقدم أن القرآن نزل منجما طيلة 23 سنة [2] وكان النزول وفق المناسبات والأحداث التي صادفت حياة النبي (صلى الله عليه وله وسلم) والمسلمين. فلو سلمنا أن الصحابة الأوائل كانوا يأخذون معالم دينهم وأجوبة مسائلهم من النبي (صلى الله عليه وله وسلم) مباشرة أو بواسطة فإن هؤلاء أدرى من غيرهم في معرفة السبب وما يسبق نزول الآية من حدث أو سؤال وهكذا ما يشير عليهم النبي (صلى الله عليه وله وسلم) من أوامر ونواو فالذي صاحب الرسول في مكة وهكذا في المدينة في سفره وحضره في سلمه وحربه .... أنه أقرب إلى فهم الآية ونشوئها وسبب نزولها من غيره ... لهذا لم نجد من الأوائل كبير اهتمام [3] في شأن النزول وسببه نعم إنما كان ذلك الاهتمام في أواخر القرن الأول الهجري وكما قيل أن أول من صنف في هذا العلم الشريف: ضحاك بن مزاحم الهلالي البلخي الخراساني سماه (نزول القرآن) وكما نقل أن عكرمة صنف كتابا سماه كذلك (نزول القرآن).
ومن أوائل المصنفين شيخ وأستاذ البخاري علي بن مدين المتوفى سنة 234هـ له كتاب بعنوان أسباب النزول. وليس بعيدا إذا قلنا أن الاهتمام بتدوين التفسير قد رافقه نفس الاهتمام بعلم أسباب النزول وذلك لأن كثيرا من الآيات يتوقف تفسيرها على فهم السبب ولا بد من الإحاطة الكاملة بشأن الآية والقصة التي نزلت فيها آية أو سورة لهذا تعد معرفة أسباب النزول إحدى المقدمات المهمة التي ينبغي للمفسر أن يلم بها وإلا سوف يغيب عنه المعنى الحقيقي ومن ثمة يخرج تفسيره عن الاعتبار بل قد يقترف الخطأ إن لم نقل الذنب الكبير الذي تترتب عليه كثير من المفاسد. قال الواحدي النيسابوري - وهو يبين أهمية هذا العلم وخطره - قال الأمر بنا إلى إفادة المبتدئين المتسترين بعلوم الكتاب آبانة ما أنزل فيه من الأسباب إذ هي أوفى ما يجب الوقوف عليها وأولى ما تعرف العناية إليها لامتناع معرفة تفسير الآية وقصد سبيلها، دون الوقوف على قصتها وبيان نزولها ولا يحل القول في أسباب نزول الكتاب إلا بالرواية والسماع ممن شاهدوا التنزيل ووقفوا على الأسباب وبحثوا عن علمها وجدوا في الطلاب وقد ورد الشرع بالوعيد للجاهل ذي العثار في هذا العلم بالنار.[4]
[1] سنفرد بحثا مستقلا في أسباب النزول إن شاء الله تعالى.
[2] قال الواحدي بسنده عن أبي رجاء قال سمعت الحسن يقول في قوله تعالى ذكر {وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ} [الإسراء: 106] لنا أنه كان بين أوله وآخره ثماني عشرة سنة.. أسباب النزول من.
[3] قال الواحدي بإسناده عن ابن سيرين قال سألت عبيدة عن آية من القرآن فقال اتق الله وقل سدادا ذهب الذين يعلمون فيما أنزل القرآن وفي عبارة أخرى له قال الواحدي - والسؤال الماضون رحمهم الله كانوا من أبعد الغاية احترازا عن القول في نزول الآية (أسباب النزول ص 4).
الاكثر قراءة في أسباب النزول
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة