ما هو سبب نزول وتفسير أهل البيت عليهم السّلام في قوله تعالى :105-113سورة النساء
المؤلف:
الشيخ ماجد ناصر الزبيدي
المصدر:
التيسير في التفسير للقرآن برواية أهل البيت ( عليهم السلام )
الجزء والصفحة:
ج 2، ص94-97.
2025-05-19
727
ما هو سبب نزول وتفسير أهل البيت عليهم السّلام في قوله تعالى في الاية :105-113سورة النساء
قال تعالى : {إِنَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِما أَراكَ اللَّهُ وَلا تَكُنْ لِلْخائِنِينَ خَصِيماً ( 105 ) وَاسْتَغْفِرِ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ كانَ غَفُوراً رَحِيماً ( 106 ) وَاسْتَغْفِرِ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا (106) وَلَا تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنْفُسَهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا (107) يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلَا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لَا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطًا (108) هَا أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَمَنْ يُجَادِلُ اللَّهَ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَمْ مَنْ يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلًا (109) وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا (110) وَمَنْ يَكْسِبْ إِثْمًا فَإِنَّمَا يَكْسِبُهُ عَلَى نَفْسِهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا (111) وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْمًا ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا (112) وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ لَهَمَّتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ أَنْ يُضِلُّوكَ وَمَا يُضِلُّونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَضُرُّونَكَ مِنْ شَيْءٍ وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا} [النساء : 105 - 113].
الجواب / 1 - قال أبو عبد اللّه عليه السّلام : « لا واللّه ما فوّض اللّه الكتاب إلى أحد من خلقه إلّا إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم وإلى الأئمّة عليهم السّلام ، قال عزّ وجلّ : إِنَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِما أَراكَ اللَّهُ وهي جارية في الأوصياء عليهم السّلام » « 1 » .
2 - قال علي بن إبراهيم القميّ : إنّ سبب نزولها أنّ قوما من الأنصار من بني أبيرق إخوة ثلاثة كانوا منافقين : بشير ، وبشر ، ومبشّر ، فنقبوا على عمّ قتادة بن النّعمان « 2 » ، وكان قتادة بدريّا ، وأخرجوا طعاما كان أعدّه لعياله وسيفا ودرعا ، فشكا قتادة ذلك إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم ، فقال : يا رسول اللّه ، إنّ قوما نقبوا على عمّي ، وأخذوا طعاما كان أعدّه لعياله وسيفا ودرعا ، وهم أهل بيت سوء ، وكان معهم في الرأي رجل مؤمن يقال له لبيد بن سهل « 3 » .
فقال بنو أبيرق لقتادة : هذا عمل لبيد بن سهل . فبلغ ذلك لبيدا ، فأخذ سيفه وخرج عليهم ، فقال : يا بني أبيرق ، أترمونني بالسّرقة ، وأنتم أولى بها منّي ، وأنتم المنافقون تهجون رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم وتنسبون إلى قريش ، لتبيّننّ ذلك أو لأملأنّ سيفي منكم . فداروه وقالوا له : ارجع يرحمك اللّه ، فإنك بريء من ذلك .
فمشى بنو أبيرق إلى رجل من رهطهم يقال له : أسيد بن عروة ، وكان منطيقا بليغا ، فمشى إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم فقال : يا رسول اللّه ، إنّ قتادة بن النّعمان عمد إلى أهل بيت منّا ، أهل شرف وحسب ونسب ، فرماهم بالسّرقة واتّهمهم بما ليس فيهم . فاغتمّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم لذلك ، وجاء إليه قتادة ، فأقبل عليه رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم فقال له : « عمدت إلى أهل بيت شرف وحسب ونسب فرميتهم بالسّرقة » وعاتبه عتابا شديدا .
فاغتم قتادة من ذلك ورجع إلى عمّه ، وقال له : يا ليتني متّ ولم أكلّم رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم فقد كلّمني بما كرهته . فقال عمّه : اللّه المستعان : فأنزل اللّه في ذلك على نبيّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم : إِنَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ - إلى قوله - إِذْ يُبَيِّتُونَ ما لا يَرْضى مِنَ الْقَوْلِ يعني الفعل ، فوضع القول مقام الفعل .
ثمّ قال : ها أَنْتُمْ هؤُلاءِ جادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا - إلى قوله - وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْماً ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئاً ، قال علي بن إبراهيم : يعني لبيد بن سهل فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتاناً وَإِثْماً مُبِيناً « 4 » .
3 - قال أبو جعفر عليه السّلام : « إنّ أناسا من رهط بشير الأدنين ، قالوا :
انطلقوا بنا إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم ، وقالوا : نكلّمه في صاحبنا أو نعذره ، إنّ صاحبنا بريء ، فلمّا أنزل اللّه يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ إلى قوله : وَكِيلًا فأقبلت رهط بشير ، فقالوا : يا بشير ، استغفر اللّه وتب إليه من الذنب . فقال : والذي أحلف به ما سرقها إلّا لبيد فنزلت وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْماً ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئاً فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتاناً وَإِثْماً مُبِيناً « 5 ».
ثمّ إنّ بشيرا كفر ولحق بمكّة ، وأنزل اللّه في النفر الذين أعذروا بشيرا وأتوا النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم ليعذروه قوله : وَلَوْ لا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ لَهَمَّتْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ أَنْ يُضِلُّوكَ وَما يُضِلُّونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَما يَضُرُّونَكَ مِنْ شَيْءٍ وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ ما لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً [ النساء : 113 ] » « 6 » .
4 - قال أبو جعفر عليه السّلام في قوله : إِذْ يُبَيِّتُونَ ما لا يَرْضى مِنَ الْقَوْلِ : « فلان وفلان وأبو عبيدة بن الجراح » « 7» .
5 - قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم : « ما من عبد أذنب ذنبا فقام فتطهر وصلّى ركعتين واستغفر اللّه من ذنبه ، إلا كان حقيقا على اللّه أن يغفر له ، لأنّه يقول :
وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُوراً رَحِيماً » « 8 » .
6 - قال أبو عبد اللّه عليه السّلام : « الغيبة أن تقول في أخيك ما هو فيه ممّا قد ستره اللّه عليه ، فأمّا إذا قلت ما ليس فيه ، فذلك قول اللّه : فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتاناً وَإِثْماً مُبِيناً » « 9 » .
_________________
( 1 ) الكافي : ج 1 ، ص 210 ، ح 8 .
( 2 ) قتادة بن النعمان بن زيد بن عامر بن سواد بن ظفر ، بدري ، عقبيّ ، وهو أخو أبي سعيد الخدري لأمه . ( سير أعلام النبلاء : ج 2 ، ص 331 ) .
( 3 ) لبيد بن سهل بن الحارث بن عذرة بن عبد رزاح ، بدريّ ، فاضل ، وهو الذي اتهم بدرعي رفاعة بن زيد ، وهو بريء ، والذي سرقها هو ابن أبيرق وسرق معها دقيق حواري كان لرفاعة : ( جمهرة أنساب العرب : ص 343 » .
( 4 ) تفسير القميّ : ج 1 ، ص 150 .
( 5 ) تفسير القميّ : ج 1 ، ص 152 .
( 6 ) تفسير العيّاشي : ج 1 ، ص 274 ، ح 267 .
( 7 ) إرشاد القلوب : ج 1 ، ص 46 .
( 8 ) تفسير العيّاشي : ج 1 ، ص 275 ، ح 270 .
( 9 ) تفسير القميّ : ج 1 ، ص 152 .
الاكثر قراءة في أسباب النزول
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة