مشكلة تكرير مياه البحر
المؤلف:
أ.د. إمحمد عياد محمد مقيلي
المصدر:
مشاكل البيئة الحديثة والمعاصرة (الطبعة الأولى 2025)
الجزء والصفحة:
ص202-203
2025-05-07
455
تواجه الدول المدارية وشبه المدارية خاصة الواقعة بأقاليم وسط وغرب القارات ]حيث تنتشر القحولة والجفاف] نقصا مزمنا ومتناميا مع الوقت في الموارد المائية. والحلول المتوفرة لهذه الدول قليلة وباهظة التكاليف أيضا، وهي متمثلة في نقل المياه من إقليم إلى آخر بشق الترع في الدول النهرية أو بمد الأنابيب لتقليل الفاقد عن طريق التبخر كما في حالة النهر الصناعي في ليبيا، والحل الثالث يستخدم تقنية تكرير ماء البحر لغرض الشرب والذي تبنته دول الخليج والسعودية. وتعرف عملية تكرير ماء البحر بأنها تحويل الماء المالح إلى ماء نقي خالي من الأملاح.
وأكبر مورد مائي متوفر لدى الكثير من الدول هو البحار والمحيطات. إلا أن هذه البحار مالحة في وضعها الطبيعي تحتوي على تركيزات تصل إلى 36 جزء بالألف. لقد تمكن الإنسان في كثير من الأماكن من تكرير مياه البحار وحولها إلى مياه صالحة للشرب والصناعة. ففي سنة 1966 كان هناك أكثر من 200 معمل تكرير حول العالم .[1] إلا أنه يدخل في عمليات التكرير إضافات كيماوية مانعة للتأكسد والتآكل ومانعة للنمو الطحلبي إلى غير ذلك تجد طريقها إلى الوسط البحري تتسبب في الكثير من المشاكل الإضافية نذكر منها ما يلي:
1- احتواء المياه الراجعة على تركيز عالي من الأملاح والتي تتراكم مع مرور الوقت في المنطقة المحيطة بالمحطة مما يضر بالأحياء غير المتكيفة مع الملوحة العالية ويضطرها للهجرة. لذلك لابد من العمل على نقل المياه الراجعة لأبعد مسافة ممكنة داخل البحر حتى تتمكن من الانتشار ولا يحصل لها تركيز ضار بمكونات البيئة البحرية.
2- تفاعل المواد المطهرة للمياه مثل الكلور ومشتقاته مع الهيروكربونات يؤدي إلى ظهور آثار مسرطنة لدى الحيوان والإنسان.
3- تأكل الأجزاء المعدنية بالمحطة يتسبب في انتقال المعادن الثقيلة إلى الوسط البحري وانتقالها إلى الإنسان مع حلقات السلسلة الغذائية.
4- الأحماض المستعملة في غسل الغلايات وأنابيب التكييف لإزالة الرواسب تطرح في البحر مما يؤدي إلى خفض الأس الهيدروجيني لمياه البحر وتحولها إلى وسط غير ملائم لبعض الأحياء.
5- تزود المحطة بالطاقة المولدة بالنفط أو الغاز أو الفحم أو التفاعل النووي مما يؤدي إلى تلوث البحر بالمياه الساخنة والغازات المنبعثة من عمليات الاحتراق.
5- أثناء فترة بناء المحطة على الساحل يتم إزالة الغطاء النباتي وجرف التربة مما يؤدي إلى عكرة ماء البحر وحجب أشعة الشمس عن النباتات البحرية ويعيق نموها.
وهكذا يتبين أنه ليس هناك تكنولوجيا ننتفع بها في جانب من جوانب حياتنا بدون ثمن تدفعه البيئة في نقاوتها وتوازنها ويدفعه الإنسان في صحته وعافيته.
[1] مجلة آفاق البحار ، ظاهرة المد الأحمر، السنة الثانية، العدد السابع – الثامن، يوليو – أغسطس، 2003. وكذلك: مجلة التقدم العلمي، العدد الثاني والاربعون ، ابريل – يونيو 2003 .
الاكثر قراءة في البيئة والتلوث
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة