1

المرجع الالكتروني للمعلوماتية

علم الحديث

تعريف علم الحديث وتاريخه

أقسام الحديث

الجرح والتعديل

الأصول الأربعمائة

الجوامع الحديثيّة المتقدّمة

الجوامع الحديثيّة المتأخّرة

مقالات متفرقة في علم الحديث

أحاديث وروايات مختارة

الأحاديث القدسيّة

علوم الحديث عند العامّة (أهل السنّة والجماعة)

علم الرجال

تعريف علم الرجال واصوله

الحاجة إلى علم الرجال

التوثيقات الخاصة

التوثيقات العامة

مقالات متفرقة في علم الرجال

أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله)

اصحاب الائمة من التابعين

اصحاب الائمة من علماء القرن الثاني

اصحاب الائمة من علماء القرن الثالث

علماء القرن الرابع الهجري

علماء القرن الخامس الهجري

علماء القرن السادس الهجري

علماء القرن السابع الهجري

علماء القرن الثامن الهجري

علماء القرن التاسع الهجري

علماء القرن العاشر الهجري

علماء القرن الحادي عشر الهجري

علماء القرن الثاني عشر الهجري

علماء القرن الثالث عشر الهجري

علماء القرن الرابع عشر الهجري

علماء القرن الخامس عشر الهجري

الحديث والرجال والتراجم : علم الحديث : علوم الحديث عند العامّة (أهل السنّة والجماعة) :

أقسام طرق نقل الحديث وتحمّله / القراءة على الشيخ

المؤلف:  عثمان بن عبد الرحمن المعروف بـ(ابن الصلاح)

المصدر:  معرفة أنواع علوم الحديث ويُعرَف بـ(مقدّمة ابن الصلاح)

الجزء والصفحة:  ص 254 ـ 257

2025-03-26

94

القِسْمُ الثَّاني مِنْ أقْسَامِ الأَخْذِ والتَّحَمُّلِ القِرَاءَةُ عَلَى الشَّيْخِ، وأكْثَرُ المحدِّثِيْنَ يُسَمُّونَهَا: عَرْضاً، مِنْ حَيْثُ إنَّ القَارئَ يَعْرِضُ عَلَى الشَّيْخِ مَا يَقْرَؤُهُ كَمَا يَعْرِضُ القُرْآنَ عَلَى الْمُقْرِئِ. وسَوَاءٌ كُنْتَ أنْتَ القَارِئَ، أَوْ قَرَأَ غَيْرُكَ وأَنْتَ تَسْمَعُ، أَوْ قَرَأْتَ مِنْ كِتابٍ أَوْ مِنْ حِفْظِكَ، أوْ كَانَ الشَّيْخُ يَحْفَظُ مَا يُقْرَأُ عليهِ، أوْ لاَ يَحْفَظُهُ لَكِنْ يُمْسِكُ أَصْلَهُ هُوَ أوْ ثِقَةٌ غَيْرُهُ. ولاَ خِلاَفَ أنَّهَا رِوَايَةٌ صَحِيْحَةٌ (1) إلّا مَا حُكِيَ عَنْ بَعْضِ مَنْ لاَ يُعْتَدُّ بخِلاَفِهِ (2)، واللهُ أعْلَمُ.

واخْتَلَفُوا في أنَّها مِثْلُ السَّمَاعِ مِنْ لَفْظِ الشَّيْخ في المرْتَبَةِ أوْ دُوْنَهُ أوْ فَوْقَهُ، فَنُقِلَ عَنْ أبي حَنِيْفَةَ (3)، وابنِ أبي ذِئْبٍ (4) وغَيْرِهِما تَرْجِيْحُ القِرَاءَةِ عَلَى الشَّيْخِ عَلَى السَّمَاعِ مِنْ لَفْظِهِ (5)، ورُوِيَ ذَلِكَ عَنْ مَالِكٍ (6) أيْضاً، ورُوِيَ عَنْ مَالِكٍ (7) وغيرِهِ أنَّهُما سَوَاءٌ (8). وقَدْ قِيْلَ: إنَّ التَّسْوِيَةَ بيْنَهُما مَذْهَبُ مُعْظَمِ عُلَمَاءِ الحجَازِ والكُوفَةِ، ومَذْهَبُ مَالِكٍ وأصْحَابِهِ وأشْيَاخِهِ مِنْ عُلَمَاءِ المدينةِ، ومَذْهَبُ البخَاريِّ وغَيْرِهِمْ (9).

والصحيحُ تَرجيحُ السَّمَاعِ (10) مِنْ لَفْظِ الشَّيْخِ، والحكْمُ بأنَّ القِرَاءَةَ عليهِ مَرْتَبَةٌ ثَانيةٌ، وقَدْ قِيْلَ: إنَّ هَذَا مَذْهَبُ جُمْهُورِ أهْلِ المشْرِقِ (11)، واللهُ أعلمُ.

وأمَّا العِبَارَةُ عَنْهَا عندَ الروايةِ بها فهِيَ عَلَى مَرَاتِبَ، أجْوَدُها وأسْلَمُهَا أنْ يَقُولَ: قَرَأْتُ عَلَى فُلانٍ، أوْ قُرِئَ عَلَى فُلاَنٍ وأنَا أسْمَعُ فَأَقَرّ بهِ، فَهَذا سَائِغٌ (12) مِنْ غَيْرِ إشْكَالٍ. ويَتْلُوَ ذَلِكَ مَا يَجُوزُ مِنَ العِبَاراتِ في السَّماعِ (13) مِنْ لَفْظِ الشَّيْخِ مُطْلَقَةً، إذا أتَى بها هَاهُنا مُقَيَّدَةً بأنْ يَقُولَ: حَدَّثَنا فُلانٌ قِرَاءَةً عليْهِ، أوْ أخْبَرَنا قِرَاءَةً عليهِ ونَحْوَ ذَلِكَ، وكَذَلِكَ: أنْشَدنا قِرَاءَةً عليهِ في الشِّعْرِ. وأمَّا إطْلاَقُ حَدَّثَنا، وأخْبَرَنا في القِرَاءَةِ عَلَى الشَّيْخِ فَقَدِ اخْتَلَفُوا (14) فيهِ عَلَى مَذَاهِبَ: فَمِنْ أهْلِ الحديْثِ مَنْ مَنَعَ مِنْهُما جَمِيْعاً، وقِيْلَ: إنَّهُ قَوْلُ ابنِ المبَارَكِ (15)، ويَحْيَى بنِ يَحْيَى التَّمِيْمِيِّ (16)، وأحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ(17)، والنَّسَائيِّ (18)، وغَيْرِهِمْ.

ومِنْهُمْ مَنْ ذَهَبَ إلى تَجْوِيْزِ (19) ذَلِكَ، وأنَّهُ كالسَّمَاعِ مِنْ لَفْظِ الشَّيْخِ في جَوَازِ إطْلاَقِ: حَدَّثَنا، وأخْبَرَنا، وأنْبَأَنا. وقَدْ قِيْلَ: إنَّ هذا مَذْهَبُ مُعْظَمِ الحجَازِيِّيْنَ، والكُوفِيِّيْنَ، وقَوْلُ الزُّهْرِيِّ (20) ومَالِكٍ (21)، وسُفيانَ بنِ عُيَينةَ (22)، ويَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ القَطَّانِ (23) في آخَرِينَ مِنَ الأَئِمَّةِ المتَقَدِّمِيْنَ، وهوَ مَذْهَبُ البخَارِيِّ - صَاحِبِ "الصحيحِ" - في جَمَاعَةٍ مِنَ المحدِّثِينَ، ومِنْ هَؤُلاَءِ مَنْ أجَازَ فيها أيْضاً أنْ يَقُولَ: سَمِعْتُ فُلاَناً (24).

والمذهَبُ الثالِثُ: الفَرْقُ بينَهُمَا في ذَلِكَ، والمنْعُ مِنْ إطْلاَقِ: حَدَّثَنا، وتَجْوِيْزُ إطْلاَقِ: أخْبَرَنا، وهوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ (25) وأصْحَابِهِ، وهوَ مَنْقُولٌ عَنْ مُسْلِمٍ - صَاحِبِ "الصحيحِ" (26) -، وجمهورِ أهْلِ المشْرِقِ.

وذَكَرَ صَاحِبُ كِتَابِ "الإنْصَافِ" محمَّدُ بنُ الحسَنِ التَّمِيْمِيُّ الجوْهَرِيُّ (27) المِصْرِيُّ: أنَّ هذا مَذْهَبُ الأكْثَرِ مِنْ أصْحَابِ الحدِيْثِ الذِيْنَ لاَ يُحْصِيهِمْ أحَدٌ، وأنَّهُمْ جَعَلُوا: أخْبَرَنا عَلَماً يَقُومُ مَقَامَ قَولِ (28) قَائِلِهِ: ((أنَا قَرَأْتُهُ عَلَيْهِ لاَ أنَّهُ لَفَظَ بهِ لِي)). قَالَ: ((ومِمَّنْ كَانَ يَقُولُ بهِ مِنْ أهْلِ زَمَانِنا أبو عَبْدِ الرَّحْمَانِ النَّسَائِيُّ في جَمَاعَةٍ مِثْلِهِ مِنْ مُحَدِّثِيْنا)).

قُلْتُ: وَقَدْ قِيْلَ: إنَّ أوَّلَ مَنْ أحْدَثَ الفَرْقَ بينَ هَذَيْنِ اللَّفْظَيْنِ ابنُ وَهْبٍ بمِصْرَ، وهَذَا يَدْفَعُهُ أنَّ ذَلِكَ مَرْوِيٌّ عَنِ ابنِ جُرَيْجٍ، والأوْزَاعِيِّ حَكَاهُ عَنْهُمَا الخطِيْبُ أبو بَكْرٍ (29) إلاَّ أنْ يَعْنِي أنَّهُ أوَّلُ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ بِمِصْرَ، واللهُ أعْلَمُ.

قُلْتُ: الفَرْقُ بَيْنَهُما صَارَ هُوَ الشَّائِعَ الغَالِبَ عَلَى أهْلِ الحدِيْثِ (30)، والاحْتِجَاجُ لِذَلِكَ مِنْ حَيْثُ اللُّغَةُ عَنَاءٌ وتَكَلُّفٌ؛ وخَيْرُ مَا يُقَالُ فيهِ: إنَّهُ اصْطِلاَحٌ مِنْهُمْ، أرَادُوا بهِ التَّمييزَ بينَ النَّوْعَيْنِ، ثُمَّ خُصِّصَ النَّوْعُ الأوَّلُ بِقَوْلِ: ((حَدَّثَنا)) لِقُوَّةِ إشْعَارِهِ بالنطْقِ والمشَافَهَةِ، واللهُ أعْلَمُ (31).

ومِنْ أحْسَنِ مَا يُحْكَى عَمَّنْ يَذْهَبُ هذا المذْهَبَ (32)، مَا حَكاهُ الحافِظُ أبو بَكْرٍ البَرْقَانيُّ عَنْ أبي حاتِمٍ محمدِ بنِ يَعْقُوبَ الهَرَوِيِّ - أحَدِ رُؤَسَاءِ أهلِ الحديثِ بخُرَاسَانَ - أنَّهُ قَرَأَ عَلَى بَعْضِ الشُّيوخِ عَنِ الفِرَبْرِيِّ (33) "صحيحَ البخاريِّ"، وكانَ يَقُولُ لهُ في كُلِّ حديثٍ: ((حَدَّثَكُمُ الفِرَبْرِيُّ)) فلَمَّا فَرَغَ مِنْ الكِتَابِ، سَمِعَ الشَّيخَ يذكُرُ أنَّهُ إنَّما سَمِعَ الكِتَابَ مِنَ الفِرَبْرِيِّ قِرَاءَةً عليهِ، فأعَادَ أبو حاتِمٍ قِرَاءةَ الكِتَابِ كُلِّهِ، وقَالَ لهُ في جميعِهِ: ((أخْبَرَكُمْ الفِرَبْرِيُّ)) (34)، واللهُ أعلمُ.

 

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الإلماع: 103.

(2) ذهب جمع من السلف إلى عدم صحّة القراءة على الشيخ، منهم: أبو عاصم النبيل، وعبد الرحمن بن سلام الجمحي، ووكيع ومحمد بن سلام، ينظر: المحدّث الفاصل: 420، والكفاية: (395 - 398 ت، 271 - 273 هـ‍)، والإبهاج 2/ 322، ونكت الزركشي 3/ 179، وفتح المغيث 2/ 25.

(3) الكفاية: (400 ت، 276 هـ‍)، والإلماع: 73، وفي هذين المصدرين يظهر أنّ لأبي حنيفة أكثر من قول.

(4) المحدّث الفاصل: 522، والكفاية (444 ت، 309 هـ‍)، والإلماع: 71.

(5) انظر: نكت الزركشي 3/ 480.

(6) الكفاية: (401 ت، 276 هـ‍)، والإلماع: 73.

(7) صحيح البخاري 1/ 22، والإلماع: 71.

(8) انظر: نكت الزركشي 3/ 481.

(9) انظر: معرفة علوم الحديث: 257 - 258، والكفاية: (393 - 394، 270 - 271 هـ‍)، والإلماع: 71.

(10) راجع نكت الزركشي 3/ 482.

(11) الإلماع: 73.

(12) في (ب): ((شائع)).

(13) انظر: نكت الزركشي 3/ 482.

(14) أي: من غير تقييد بقوله: ((بقراءتي))، أو قراءة عليه، وما حكاه من المنع، قال القاضي أبو بكرٍ: إنّه الصحيح، وصحّحه الغزالي في المستصفى 1/ 165، والآمدي في الإحكام 2/ 90، وانظر: نكت الزركشي 3/ 482 - 483.

(15) ينظر: المحدّث الفاصل: 434، والكفاية: (430 ت، 298 هـ‍)، والإلماع: 125.

(16) الإلماع: 125.

(17) المحدّث الفاصل: 434، والكفاية: (431 ت، 299 هـ‍)، والإلماع: 125.

(18) الإلماع: 125.

(19) حكاه الخطيب في جامعه 2/ 50 عن أكثر أهل العلم. وانظر: نكت الزركشي 3/ 483.

(20) المحدّث الفاصل: 428، والكفاية: (439 ت، 305 - 306 هـ‍)، والإلماع: 123.

(21) جامع بيان العلم وفضله 2/ 218، والإلماع: 123.

(22) صحيح البخاري 1/ 23، والمحدّث الفاصل: 518، والكفاية: (424ت، 293هـ‍)، والإلماع: 124.

(23) المحدّث الفاصل: 522، والكفاية: (444 ت، 309 هـ‍)، والإلماع: 71.

(24) قال البلقيني في المحاسن: 251: ((وممّن جوّز إطلاق: حدّثنا في ذلك عطاء والحسن، وأبو حنيفة وصاحباه، وزفر، ومنصور)).

(25) المحدّث الفاصل: 425، والكفاية: (435 ت، 303 هـ‍)، والإلماع: 73 و 125.

(26) الإلماع: 73 و 125.

(27) هو أبو بكر محمد بن الحسن بن محمد بن أحمد التميمي المصري الجوهري، كان من المعاصرين للنسائي، له كتاب "الإنصاف فيما بين الأئمّة في حدّثنا وأنبأنا من الخلاف". ينظر: فتح المغيث 2/ 31.

(28) لم ترد في (ب).

(29) الكفاية: (434 ت، 302 هـ‍).

(30) بعد هذا في (ب): ((المتأخّرين)).

(31) جملة: ((والله أعلم)) لم ترد في (م).

(32) شكّك الزركشي في هذه القصة في نكته 3/ 486 - 487 ثم قال: ((فكأنّ هذه الحكاية لم تصحّ)). وانظر: محاسن الاصطلاح 252 - 253، وفتح المغيث 1/ 418.

(33) هو أبو عبد الله، محمد بن يوسف بن مطر الفِرَبْرِيُّ، راوي الجامع الصحيح عن البخاري، توفي سنة (320 هـ‍). قال صاحب الأنساب 4/ 334 عن الفِرَبْرِيُّ: ((بفتح الفاء والراء، وسكون الباء الموحدة وبعدها راء أخرى. هذه النسبة إلى فربر، وهي بلدة على طرف جيحون ممّا يلي بخارى))، ومثل هذا في وفيات الأعيان 4/ 290. وفي التاج 13/ 311: ((فِرَبْر، كسبحل، وضبط بالفتح أيضاً، وذكر الحافظ في التبصير الوجهين))، وبالوجهين في سير أعلام النبلاء 15/ 12، ومعجم البلدان 4/ 245.

(34) هذه القصّة في الكفاية: (436 ت، 303 - 304 هـ‍)، وانظر: محاسن الاصطلاح 252 - 253.

 

 

EN

تصفح الموقع بالشكل العمودي