1

المرجع الالكتروني للمعلوماتية

القانون العام

القانون الدستوري و النظم السياسية

القانون الاداري و القضاء الاداري

القانون الاداري

القضاء الاداري

القانون المالي

المجموعة الجنائية

قانون العقوبات

قانون العقوبات العام

قانون العقوبات الخاص

قانون اصول المحاكمات الجزائية

الطب العدلي

التحقيق الجنائي

القانون الدولي العام و المنظمات الدولية

القانون الدولي العام

المنظمات الدولية

القانون الخاص

قانون التنفيذ

القانون المدني

قانون المرافعات و الاثبات

قانون المرافعات

قانون الاثبات

قانون العمل

القانون الدولي الخاص

قانون الاحوال الشخصية

المجموعة التجارية

القانون التجاري

الاوراق التجارية

قانون الشركات

علوم قانونية أخرى

علم الاجرام و العقاب

تاريخ القانون

المتون القانونية

القانون : القانون الخاص : القانون المدني :

البيع مع شرط الاحتفاظ بالملكية

المؤلف:  عبير نوري محمد القطان

المصدر:  النظام القانوني لتخصيص الضمانات العينية

الجزء والصفحة:  ص84-93

2025-03-24

167

إن عقد البيع بطبيعته عقد فوري التنفيذ تتولد آثاره الكاملة بمجرد انعقاد العقد صحيحًا مستوفيا لشروطه وأركانه القانونية ، أن يتم انعقاد وتنفيذ الالتزامات الناشئة عنه في وقت واحد ، بل إن الالتزام ينقل الملكية ليتم تنفذه فوراً بمجرد العقد إذا كان المبيع منقولا معينا بذاته ، ويعلق المشرع أحيانا تنفيذ هذا الالتزام على القيام بإجراء معين (1) ، وتؤدي حاجة المعاملات في بعض الأحيان إلى الاتفاق على تأخير تنفيذ بعض الالتزامات أو التزام معين، وهذا يعبر عنه بالبيع الائتماني (2) ، وتجنبا للمخاطر التي تهدد البائع في البيع الائتماني نجد البائع كثيراً أما يشترط على المشتري الاحتفاظ بملكية المبيع إلى حين استيفائه كامل حقه في الثمن وهذا هو شرط الاحتفاظ بالملكية الذي بموجبه يتم الاتفاق بين البائع والمشتري على أن يتم انتقال الملكية في أجل محدد ، على سبيل المثال عندما يقوم المشتري بسداد كامل ثمن المبيع، عندئذ يظل البائع محتفظا بملكيته رغم تسليمه للمشتري إلى أن يوفي هذا الأخير الثمن المتفق عليه، فشرط الاحتفاظ بالملكية يترتب عليه إبقاء ملكيته للبائع وعدم انتقالها للمشتري فور العقد تطبيقاً للقواعد العامة وانما بتمام سداده بالثمن، لذلك فهذا الشرط يتحلل إلى مجرد إبقاء الملكية للبائع وعدم انتقالها للمشتري إلا بعد سداد كامل الثمن (3).
من هنا كان لشرط الاحتفاظ بالملكية أداة ضمان هامة وأصبح بمقتضاها لحق الملكية دور تأميني لضمان استيفاء الحق إذا اعتبر الفقه في فرنسا البيع مع الاحتفاظ بالملكية أحد أنواع (الملكية الضمان) (4) ، والذي يجبر المشتري على السداد أو إعادة المبيع، لذلك اصبح شرط الاحتفاظ بالملكية من الشروط الدارجة في بيع المنقولات الهامة على وجه الخصوص على الرغم من معارضة المشترين لهذا الشرط يرون فيه قيداً كبيراً نحو إعادة بيعهم للبضائع المشترات بسهولة (5) .
بالنسبة إلى العقارات فيمكن اللجوء إلى شرط الاحتفاظ بالملكية ، إلا أن البائع يستطيع الوصول إلى نفس النتيجة من خلال الامتناع عن القيام بالإجراءات اللازمة لتسجيل البيع، ذلك أن التسجيل اجراء لا غنى عنه لنقل ملكية العقار، وغالباً ما يتم الاتفاق بين البائع والمشتري على ارجاء التسجيل لحين الانتهاء من سداد الثمن ، ويندر اللجوء إلى شرط الاحتفاظ بالملكية في بيع المنقولات المعينة بالنوع ، ذلك أن ملكية تلك المنقولات لا تنتقل إلى المشتري بمجرد العقد بل يلزم الإفراز، وغالباً ما يعلق البائع ذلك الإجراء على استيفاء حقوقه(6).
من هنا كان الشرط الاحتفاظ بالملكية دوراً هاماً يتمثل في ضمان عيني يكفل للبائع المالك استيفاء حقه (7)
قد اختلف الفقه في تحديد الطبيعة القانونية لشرط الاحتفاظ بالملكية، بين فكرتي الشرط والاجل، كما اختلفت الآراء التي اعتبرت البيع مع شرط الاحتفاظ بالملكية (شرطاً) ، بين اعتباره بيع معلق على شرط واقف أو بيع معلق على شرط فاسخ أو مقترن بشرط فاسخ صريح، في ح، فقد ذهب رأي بالفقه إلى أن البيع مع شرط الاحتفاظ هو بيع معلق على شرط واقف يتمثل في وفاء المشتري بالثمن في الموعد المحدد (8) .
قد تعرض هذا التكييف إلى انتقادات شديدة من قبل جانب من الفقه ، كونه يجرد شرط الاحتفاظ بالملكية من قيمته الائتمانية التي يسعى اليها البائع من وراء تضمينه لعقد البيع (9)، فإذا أفلس المشتري والشرط لا يزال معلقاً ، كان الباقي من الثمن ديناً في التفليسة يزاحمه سائر دائني المشتري (10).
ذهب رأي آخر في تكييف البيع مع شرط الاحتفاظ بالملكية بأنه شرط فاسخ مع تباين الآراء باعتباره معلقاً على شرط فاسخ أو اعتباره بيع مقترن بشرط صريح فاسخ (11)، ومضمون البيع المعلق على شرط فاسخ أن الملكية تنتقل للمشتري معلقة على شرط فاسخ منذ انعقاد البيع ، فإذا لم يقم المشتري بالوفاء في الوقت المحدد ، فان الملكية تزول بأثر رجعي ويعود البائع مالكا للبيع بقوة القانون بدون حكم واعذار (12).
قد وجهت انتقادات لهذا الرأي كونه ينافي جوهر شرط الاحتفاظ بالملكية ، الذي يقتضي بقاء ملكية المبيع للبائع ، فلا تنقل ملكيته حتى ينفذ التزامه بدفع الثمن (13).
قد ذهب جانب آخر من الفقه إلى أن البيع مع شرط الاحتفاظ بالملكية هو بيع بات يقترن بشرط صريح فاسخ ، يستعمله البائع كجزاء يتمكن بموجبه من فسخ العقد في حالة اخلال المشتري بالتزامه بالوفاء بالثمن (14).
إلا أن هذا الشرط الفاسخ الصريح لا يسلم من النقد هو الآخر ، كونه يتعارض مع إرادة المتعاقدين المتمثلة بعدم انتقال الملكية حتى وفاء كامل الثمن ، فليس من شأن هذا التكييف حفظ الملكية للبائع ، بل نقلها إلى المشتري ثم إعادة نقلها للبائع في حالة الفسخ ، وأن صيغة الشرط الصريح الفاسخ تقتضي أن يكون قاطع الدلالة على وقوع الفسخ من تلقاء نفسه بمجرد تخلف المشتري عن الوفاء (15).
وفق الانتقادات التي وجهت إلى كونه بيع معلق على شرط واقف أو فاسخ ، فقد ذهب جانب آخر إلى أنه بيع معلق فيه انتقال الملكية على شرط واقف ، أي إن الشرط لا يوقف عقد البيع وانما يوقف الالتزام بنقل الملكية فقط (16).
إلا أن هذا التكييف لم يسلم من النقد ، فإذا كانت الملكية وحدها معلقة على شرط واقف ، فإن ذلك يؤدي إلى زوال الملكية بأثر رجعي عند عدم تحقق الشرط ، ويستتبع ذلك زوال البيع أيضاً مما يعني إن الشرط الواقف يؤثر على العقد ذاته وليس فقط نقل الملكية (17).
وإزاء الانتقادات السابقة إلى تكييف الشرط سواءاً كان واقفاً أم فاسخاً ، ظهر رأي في الفقه يرجح الاجل الواقف ومضمونه ، أن البيع مع شرط الاحتفاظ بالملكية هو بيع مضاف إلى أجل واقف يتفق فيه الأطراف على إرجاء تنفيذ العقد إلى حين حلول الأجل وهو الموعد المحدد لدفع الثمن ، وفي هذه الحال فان ملكية المبيع تنتقل من البائع إلى المشتري من وقت الوفاء التام بالثمن وليس بأثر رجعي (18) ، فشرط الاحتفاظ بالملكية مجرد اجل يترتب عليه وفقا للصيغة المستعملة في الغالب من الجانب العملي ، وفق نقل الملكية حتى دفع كامل الثمن (19).
إلا أن هذا القول ايضاً تم انتقاده، ومن هذه الانتقادات هو قول الدكتور عبد الرزاق السنهوري أن الاتفاق على تأخير نقل الملكية ليس اتفاقاً على أجل تنتقل بعده الملكية ، بل هو اتفاق على شرط يعلق انتقال الملكية إلى حيث تحققه ، ذلك أن الملكية تستعصي طبيعتها على أن تقترن باجل ، فالأجل يجعلها مؤقتة والملكية حق دائم لا يلحقه التوقيت ، فتأخير نقل الملكية إلى تمام وفاء أقساط الثمن هو تعليق لنقل الملكية على شرط وفاء الأقساط (20)
اما بالنسبة إلى القانون المقارن الفرنسي والمصري والعراقي فقد نصت المادة الأولى من قانون 12 مايو ، 1980 الفرنسي وهو القانون المتعلق بتنظيم اثار شرط الاحتفاظ بالملكية في عقود البيع بالنسبة إلى الغير في إطار الإجراءات الجماعية للتسوية القضائية وتصفية الأموال على أنه " أن الشرط يوقف نقل الملكية على الدفع الكامل الثمن " ، وذهب الفقه الفرنسي في تفسير النص بأنه لم يفرق إذا كان البيع بسيطاً أو موصوفاً وعليه لا يستبعد تطبيق هذا القانون أن يطبق على العقد نفسه ؛ لأن تعليق عقد البيع على دفع الثمن يؤدي في الوقت نفسه إلى تعليق انتقال الملكية (21).
ثم جاء المرسوم التشريعي رقم 346 - 2006 في 23 اذار 2006 والذي نظم شرط الاحتفاظ بالملكية في المنقولات المادية فنص في المادة (2367) منه " لا يمكن الاحتفاظ بملكية المال على سبيل الضمان بفعل بند احتفاظ بالملكية يعلق الأثر الناقل للعقد حتى الإيفاء الكلي للالتزام"، وهكذا تكون الملكية المحتفظ بها والضامنة للإيفاء مقابلة للدين ، فنجد أن المشرع الفرنسي قد نص على بند الاحتفاظ بالملكية يعلق الأثر الناقل للعقد، أي الأثر الناقل للملكية، إلا أن الاخذ بهذا التكييف في التشريع الفرنسي يحقق نتيجة هامة ، مؤداها تحمل البائع تبعة هلاك المبيع رغم تسليمه إلى المشتري، لأنه يظل مالكاً له لحين استيفاء الثمن ، لذا فان مصلحة البائع تقتضي أن يكمل شرط الاحتفاظ بالملكية بشرط صريح يخالف قاعدة هلاك الشيء والتي لا تعد من النظام العام ويمكن الاتفاق على خلافها ، إذ يقتضي الشرط الاضافي بتحمل المشتري تبعة الهلاك ، ولا شك في صحة هذا الشرط ( 22 ).
يتضح أن المشرع الفرنسي من خلال مبادرته في قانون 12 مايو 1980، والمرسوم التشريعي رقم 346 - 2006، بأنه تبنى ما تبنته محكمة النقض الفرنسية في شرط الاحتفاظ بالملكية بوقف نقل الملكية لحين الوفاء بالثمن (23).
أما المشرع المصري فقد نص في المادة (1/430) من القانون المدني على أنه "إذا كان البيع مؤجل الثمن، جاز للبائع أن يشترط أن يكون نقل الملكية إلى المشتري موقوفا على استيفاء الثمن كله ولو تم التسليم"، يرى البعض في شرح المادة (430) بأن المشرع اعتبر البيع غير باتاً، بل معلق على شرط واقف هو وفاء المشتري بالثمن في الوقت المحدد له ، وتنتقل الملكية معلقة على شرط واقف إلى المشتري ويستبقي البائع ملكية المبيع معلقة على شرط فاسخ، وكل من الشرط الواقف والفاسخ المحدد ، فإذا تحقق الشرط انتقلت الملكية بأثر رجعي للمشتري، وتحقق في نفس الوقت الشرط الفاسخ وزالت ملكيته عن البائع (25) ، إلا أن من الفقهاء من انتقد هذا الرأي بان المشرع لم يصرح بأن الملكية تبقى للبائع معلقة على شرط فاسخ ، كما أن إرادة الافراد لم تفصح عن ذلك ، إذ أن النص القانوني صريح بان نقل الملكية ذاته يكون موقوفا على استيفاء الثمن (26)، وعليه أن البيع وفق المادة (1/430) من القانون المدني المصري ينعقد باتا لا موقوفاً على شرط وان غاية الأمر أن الثمن فيه يكون مؤجلاً ، وان انتقال الملكية يكون موقوفا على وفاء الثمن ، اما باقي التزامات البائع والمشتري فإنها تكون منجزة طالما لم ينص العقد على غير ذلك (27) .فالمشرع المصري في المادة (430) سالفة الذكر لم يعط الخيار للطرفين في تحديد انتقال الملكية، بل جعل انتقال الملكية بحكم القانون مستنداً إلى وقت البيع ، وعليه فإن البيع لا يمكن أن يكون معلقاً على اجل واقف لأن الاجل لا يرتد بأثر رجعي (28).
وهذا بخلاف المشرع العراقي، إذ نصت المادة (534) على أنه "إذا كان البيع مؤجل الثمن، جاز للبائع أن يحتفظ بالملكية إلى أن يستوفي الثمن كله حتى لو تم تسليم المبيع. 2- . 3- وإذا سددت الأقساط جميعا انتقلت ملكية المبيع إلى المشتري من وقت البيع إلا إذا وجد اتفاق على غير ذلك" ، إذ جعل المشرع العراقي انتقال الملكية مستندا إلى وقت البيع كأصل عام وسمح للطرفين الاتفاق على خلاف ذلك، أي إنه أجاز انتقال الملكية من تاريخ وفاء الأقساط ( 5 )، فالاحتجاج على عدم سريان الاجل بأثر رجعي ، يرد عليه بأنه لا يوجد نص قانوني يحول دون أن يرتد الاجل بأثر رجعي إلى وقت إبرام العقد ، خاصة وان الفقرة الثالثة من المادة (534) من القانون المدني العراقي بعد أن نصت على انتقال الملكية من وقت البيع عادت إلى القول " إلا إذا وجد اتفاق على غير ذلك"
مع هذه الاجتهادات الفقهية في تحديد طبيعة شرط الاحتفاظ بالملكية وتفسير النصوص القانونية فقد كان لمحكمة النقض الفرنسية قرارات مختلفة إذ جاء في قرار لها " إن البيع مع شرط الاحتفاظ بالملكية هو بيع معلق على شرط واقف (30) ، أي إن شرط الوفاء بالثمن هو شرط واقف يتوقف على تحققه وجود البيع ذاته فلا ينعقد البيع قبل الوفاء بالثمن .
في حكم آخر لها ذهبت إلى أن شرط الاحتفاظ بالملكية يعد بمثابة الشرط الفاسخ إذ ساوت بين الأثر المترتب على الشرط الفاسخ وشرط الاحتفاظ بالملكية إذ قضت على أنه " ... إن دعوة الاسترداد المؤسسة على حكم المادتين (1184) و (1654) من القانون المدني أو على شرط يستبقي البائع بمقتضاها ملكية الأشياء المبيعة لا تنتج اثرها في مواجهة جماعة الدائنين إلا إذا كانت قد رفعت قبل صدور الحكم بشهر الإفلاس" (31).
قد استمر تردد القضاء في فرنسا حول الطبيعة القانونية لشرط الاحتفاظ بالملكية بين اعتباره شرطاً واقفا أو اعتباره شرطاً فاسخاً حتى عام 1979 حين حسمت محكمة النقض الفرنسية هذا بتبنيها فكرة الشرط الواقف، إلا أنها قررت أن هذا الشرط لا يوقف عقد البيع وانما يوقف الالتزام بنقل الملكية (32) ، فوفق هذا الشرط أن عقد البيع ينعقد صحيحاً نافذاً منتجاً لآثاره عدا نقل الملكية الذي يتأخر لحين تحقق الشرط .
قد أخذ القضاء في مصر بهذا التكييف إذ قضت محكمة النقض المصرية في قرار لها بأنه " أن مؤدى نص المادة (311/430) من القانون المدني أن البيع مع الاحتفاظ بحق الملكية هو بيع بات تام وإن تراخى تنفيذ الالتزام بنقل الملكية إلى حين سداد كامل الثمن ، فهو ليس بيعاً موقوفاً على شرط سداد الثمن ، وإنما المعلق على هذا الشرط هو انتقال الملكية فقط... (33).
قد اتخذت محكمة التمييز العراقية موقفا مماثلا لنظيرتها المصرية في قرار لها قضت فيه " إن اشتراط عدم تسجيل الدار حتى دفع الثمن كاملاً هو شرط واقف يعلق عليه انتقال الملكية (34).
يبدو أن شرط الاحتفاظ بالملكية ضماناً عينيا اتفاقيا باعتبار مصدره اتفاق الطرفين وأنه يرد على الملكية فهو ضمان عيني ، فشرط الاحتفاظ بالملكية يوفر ضماناً لحق البائع في دين الثمن ، وهذا الضمان العيني لا يؤثر في طبيعة عقد البيع ، فالعقد ينعقد صحيحاً بسيطاً غير موصوف ، وتترتب عليه جميع آثاره ، ما عدا نقل الملكية الذي يتعطل مؤقتا لارتباطه بواقعة دفع الثمن كاملا ، فكونه ضماناً هي الوظيفة الرئيسية في عقد البيع، وهذا الضمان كالرهن إذ من الممكن أن يتفق الطرفان على بيع ائتماني مع تقديم المدين رهناً معيناً لضمان استيفاء الثمن فيكون الاتفاق في صلب عقد البيع وعندها يكون الرهن شرطاً مقترناً بالعقد وبند من بنوده ويكون صحيحاً إذا كان مما يقتضيه العقد أو يلائمه أو جرى به العرف أو العادة وفيه منفعة لأحد المتعاقدين أو كلاهما وغير مخالف للنظام العام والآداب (35) ، فالحال نفسه مع شرط الاحتفاظ بالملكية ، إذ أن هذا الشرط يكون في صلب عقد البيع وبند من بنوده فهو من الشروط التي تلائم العقد لأنه يوثق استيفاء الثمن وهو شرط فيه منفعة لكلا المتعاقدين ، إذ أنه يحقق مصلحة للبائع في ضمان حقه في الثمن ويحقق مصلحة للمشتري في الحصول على المبيع دون أن يكون مضطراً إلى دفع الثمن كاملا دفعة واحدة، وعليه يترتب تقييد انتقال الملكية لحين سداد الأقساط، ويبقى عقد البيع بسيطاً غير موصوف منجزاً تترتب عليه جميع الآثار عدا نقل الملكية الذي تنقيد بالشرط ، إذ إن تخلف المشتري عن الوفاء بالثمن فالعقد لا ينفسخ بقوة القانون، بل يحتاج إلى إجراءات من البائع لفسخه دون أن يؤثر ذلك على البائع في استرداد المبيع .
إلا أن الاختلاف بين الرهن وشرط الاحتفاظ بالملكية هو أن مصدر الدين قد يتعدد بالرهن والبيع أحد مصادره الاتفاقية، بينما شرط الاحتفاظ بالملكية فهو لا يرد إلا في عقد البيع وإذا كان ايجارا فقد وضع المشرع ضماناً آخر للبائع بصورة البيع الإيجاري.
كما أن شرط الاحتفاظ بالملكية يختلف عن الرهن في كونه يرد على ذمة الدائن المالية ، بينما الرهن يرد على ذمة الغير المالية (36).
إذا شرط الاحتفاظ بالملكية هو ضمان عيني تبعي كالرهن فهو ضمان كونه يضمن الثمن وعيني لأنه يرد على حق الملكية وأنه تبعي تابع لعقد البيع الذي أسس عليه.
كما أن طبيعة شرط الاحتفاظ بالملكية القانونية هي شرط مقترن بالعقد وجزءاً منه وبند من بنوده.
_______________
1- كالتسجيل بالنسبة لعقد البيع الوراد على العقار والافراز بالنسبة لبيع المنقول المعين بنوعه ولا يعني ذلك بطبيعة الحال شكلية البيع في هذه الحالات، لأن الاجراء المطلوب هنا غير لازم لانعقاد التصرف بل يلزم لترتيب أثر معين او الاحتجاج به على الغير . ينظر : في ذلك د. محمد حسين منصور، شرط الاحتفاظ بالملكية، دور الشرط في عقد البيع- آثار الشرط فيما بين الأطراف وبالنسبة للغير والدائنين الشرط كأداة ضمان ووسيلة ائتمان الطبيعة القانونية للشرط احكام الشرط في ظل قانون التجارة الجديد، الطبعة الأولى، دار الجامعة الجديدة، الإسكندرية، 2007، ، ص 15 كذلك. ينظر : د . عبد القاهر توفيق العطار، الاجل في الالتزام ، بدون طبع، مطبعة دار التأليف ، مصر ، 1965 ، ص 160
2- البيع الانتمائي : هو بيع عادي ينعقد صحيحا ومن شأنه ترتيب اثاره كاملة ، الا أن أحد الأطراف يأتمن الآخر على رجاء تنفيذ التزام ما لفترة محددة لسبب أو لآخر ، أي انه يتم الاتفاق بين الأطراف على أرجاء دفع الثمن أو جزء منه لأجل أو أجال محددة ، او ارجاء تسليم المبيع لحين الحصول عليه او لحين استكماله ، أو ارجاء تنفيذ نقل الملكية لحين استيفاء الثمن . ينظر : د . محمد حسين منصور النظرية العامة للائتمان، صور الائتمان وضماناته والوسائل التقليدية والحديثة لحمايته الكفالة الرهن الرسمي حق الاختصاص- الرهن الحيازي حقوق الامتياز، مطبعة كلية الحقوق، جامعة الاسكندرية 2015، ص 25 .
3- د. إبراهيم الدسوقي أبو الليل ، البيع بالتقسيط والبيوع الائتمانية الأخرى ، مطبوعات الجامعة ، جامعة الكويت ، الطبعة الأولى ، 1984 ، ص 268 - 269 . كذلك ينظر : د . توفيق حسن فرج، الطبعة الأولى، عقد البيع والمقايضة، مؤسسة الثقافة الجامعية ، 1979، ص 299.
4- أن العقدين الرئيسين اللذان يشكلان ضمانات للبائع هما البيع مع الاحتفاظ بالملكية ، والبيع بصورة إيجار ينظر في ذلك : جاك مستر عما نوئيل بوتمان مارك بيو ، المطول في القانون المدني، قانون التأمينات العينة العام ، ترجمة منصور القاضي، الطبعة الأولى ، مجد المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع ، بيروت ، 2006 ، ص 26-27
5- انظر:
La clause de reserve de propriete et le droit des procedures collectives, Dalloz-Sirey, 1980, chronique-XLI, 293.
أشار إليه د. إبراهيم دسوقي أبو الليل ، البيع بالتقسيط والبيوع الائتمانية الأخرى ، الطبعة الأولى ، مطبوعات الجامعة، جامعة الكويت ، 1984 هامش رقم 579، ص 270
6- ومن المتصور ورود شرط الاحتفاظ بالملكية بصدد بيع الحقوق الذهنية كحق المؤلف والملكية الفنية والصناعية ، كمن يبيع الحق في براءة الاختراع مع الاحتفاظ بملكيته لضمان استيفاء حقوقه ولعل المثال والتطبيق البارز في هذا المجال يتمثل في بيع المحل التجاري، وهو منقول معنوي مع الاحتفاظ بملكيته. ينظر في ذلك د. محمد حسين منصور ، شرط الاحتفاظ بالملكية ، المرجع السابق ، ص 28 - 30 .
7- د. إبراهيم دسوقي أبو الليل ، البيع بالتقسيط والبيوع الائتمانية الأخرى ، الطبعة الأولى ، مطبوعات الجامعة، جامعة الكويت ، 1984 ، ص 269 .
8- د . أنور سلطان ، العقود المسماة شرح عقدي البيع والمقايضة ، الطبعة الأولى ، مطبعة دار نشر الثقافة، الإسكندرية، 1951، ص 172 د. رمضان ابو السعود ، دروس في العقود المسماة عقد البيع في القانون المصري واللبناني ، الدار الجامعية، بيروت، 1989، ص 17. د . جميل الشرقاوي ، شرح العقود المدنية ، البيع والمقايضة، دار النهضة العربية ، القاهرة ، 1967 ، ص 137 . د. عباس حسن الصراف ، شرح عقد البيع والايجار في القانون المدني العراقي ، مطبعة الأهالي ، بغداد ، 1956 ، ص ، 132 . د . غني حسون طه ، الوجيز في العقود المسماة ، عقد البيع ، مطبعة المعارف ، بغداد ، 1969 ، ص 36 .
9- د. إبراهيم سعد ، الملكية كوسيلة للضمان ، دار الجامعة الجديدة ، الإسكندرية ، 2007 ، ص 23 .
10- د. عبد الرزاق السنهوري، الوسيط في شرح القانون المدني الجديد، الجزء الرابع ، نظرية الالتزام بوجه عام مصادر الالتزام بلا تاريخ ، ص .147
11- الشرط الفاسخ : هو امر مستقبلي غير محقق الوقوع يعلق عليه زوال الالتزام وله مقومات عدة منها ، أن يكون امرا عارضا ومستقبلا وغير محقق الوقوع ، ويؤدي تحقق الشرط الفاسخ إلى زوال الالتزامات المعلقة عليه باثر رجعي، فيعتبر الالتزام كأن لم يكن دون حاجة إلى حكم واعذار . ينظر في ذلك : د . احمد عبد الرزاق السنهوري، الوسيط في شرح القانون المدني ، الجزء الثالث ، المرجع السابق ، ص 52 . اما الشرط الصريح الفاسخ : هو اتفاق اطراف العقد مسبقا على أن يكون العقد مفسوخا من تلقاء نفسه دون الحاجة إلى حكم أو دون أن يكون للقاضي سلطة تقديرية في ذلك ، عند عدم الوفاء بالالتزامات الناشئة عنه ، ولا يقع الفسخ الا بعد اعذار المدين ما لم يتفق الأطراف صراحة على الاعفاء من الاعذار . ينظر في ذلك : د . محمد حسين منصور ، الشرط الصريح الفاسخ ، دار الجامعة الجديدة ، الإسكندرية، مصر ، 2007 ، ص 16.
12- د. محمد حسين منصور، شرط الاحتفاظ بالملكية ، المرجع السابق، ص 301 . د . عبد الرزاق السنهوري، الوسيط في شرح القانون المدني، الجزء الثالث ، المرجع السابق ، ص 52 .
13- د. صبري حمد خاطر، الاحتفاظ بالملكية ، دراسة تأصيلية في عقد البيع ، بحث منشور في مجلة جامعة النهرين ، المجلد الرابع ، العدد الخامس ، 200 ، ص 100
14- انظر:
Demoures.y; L avente avec r esrve de propriete ، R.T. D. Com ، 1982.
أشار إليه : د . محمد حسین منصور، شرط الاحتفاظ بالملكية ، المرجع السابق ، ص 304 .
15- د. محمد حسين منصور ، الشرط الصريح الفاسخ ، دار الجامعة الجديدة ، الإسكندرية، مصر ، 2007 ، ص 51 . كذلك ينظر للمؤلف نفسه : شرط الاحتفاظ بالملكية ، المرجع نفسه، ص 305 .
16- د. توفيق حسن فرج، الطبعة الأولى، عقد البيع والمقايضة، مؤسسة الثقافة الجامعية ، 1979، ، ص 188 . د . سليمان مرقس ، شرح القانون المدني، العقود المسماة، الجزء الأول، عقد البيع، الطبعة الرابعة عالم الكتب، القاهرة، 1980، ص 110. د. سعيد مبارك .د . طه الملا حويش . د. صاحب عبيد الفتلاوي، الموجز في العقود المسماة ، مكتبة السنهوري، بغداد ، 2012، ص 85 .
17- د. صبري حمد خاطر، الاحتفاظ بالملكية ، دراسة تأصيلية في عقد البيع ، بحث منشور في مجلة جامعة النهرين ، المجلد الرابع ، العدد الخامس ، 200 ، ص 106 .
18- د. محمد حسين منصور ، النظرية العامة للائتمان ، المرجع السابق ، ص 42 . د. صبري حمد خاطر المرجع السابق ، ص 105
19- د. نبيل إبراهيم سعد ، الملكية كوسيلة للضمان ، دار الجامعة الجديدة ، الإسكندرية ، 2007 ، ص 38 .
20- د. عبد الرزاق السنهوري، الوسيط في شرح القانون المدني الجديد، الجزء الرابع ، نظرية الالتزام بوجه عام مصادر الالتزام بلا تاريخ ، ص 71 .
21- انظر:
J. Ghenis; Re flexions d un civiliste sur La clause dereserve de propriete D. 1980. 1. p. 17
أشار إليه : د. محمد حسین منصور، شرط الاحتفاظ بالملكية، المرجع السابق، ص 342.
22- جيروم هوييه، المطول في القانون المدني، الجزء الأول، مجد المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، 2003، ص186-187.
23- Ghestin . op.cit .. n. 17
24- أشار إليه: محمد حسين منصور، شرط الاحتفاظ بالملكية ، المرجع السابق ، هامش رقم واحد ص342.
25- د. عبد الرزاق السنهوري، الوسيط في شرح القانون المدني الجديد، الجزء الرابع ، نظرية الالتزام بوجه عام مصادر الالتزام بلا تاريخ ، ص 220
26- د. نبيل إبراهيم سعد / الملكية كوسيلة للضمان ، المرجع السابق ، ص 33 .
27- د. سليمان مرقس ، شرح القانون المدني ، العقود المسماة ، الجزء الأول ، ص 110
28- د. عبد الرزاق احمد السنهوري، الوسيط في شرح القانون المدني، التأمينات الشخصية والعينية، دار النهضة العربية، القاهرة ، 1970 ج3، ص 71 .
29- د. صبري حمد خاطر ، المرجع السابق ، ص 105
30- وهذا هو الاتجاه السابق للقضاء الفرنسي. انظر على سبيل المثال:
Req. 21 juill.1897, D.P. 1897.1. 269- Toulouse 19 loct. 1960, D.1962 p.96, note Breau - Paris 3 juill. 1968, J.C.P. 1969. 11. 15820. note Guerrin.
أشار إليه : د . محمد حسین منصور ، شرط الاحتفاظ بالملكية هامش رقم 1، ص 295
31- انظر :
CASS CIV. 3 Mai 1935. S. 1945. p. 277
قرار حكم مشار إليه لدى : د. علي سيد قاسم شرط الاحتفاظ بالملكية ونظام الإفلاس، دار النهضة العربية ، القاهرة ، 1991 ، ص 26 .
32- انظر:
Cass.com 20 nov. 1979 (Afffaire Mecarex) Bull. civ, IV, NO77-15-978, Inedit.
أشار إليه: د. حسين عبدالله عبد الرضاء الطبيعة القانونية لشرط الاحتفاظ بالملكية على سبيل الضمان (دراسة مقارنة)، مجلة جامعة الانبار للعلوم القانونية والسياسية، العدد 13 المجلد الثاني سنة 2017، هامش رقم 62
33- قرار طعن رقم 4609 سنة 61 ق في 1999/7/5 ، قرار منشور لدى د. عبد الحكيم فوده، موسوعة التعليق على القانون المدني في ضوء قضاء النقض ، الجزء الثالث ، العقود التي تقع على الملكية ، دون سنة طبع، المكتب الفني للموسوعات القانونية ، الإسكندرية ، ص 300 .
34- قرار رقم (381) لسنة 1970، منشور في مجلة القضاء الصادرة عن نقابة المحاميين العراقية، العدد الثالث، 1970 ، ص 243
35- أن الشرط الذي يقترن بالعقد هو شرط يضاف إلى العقد ليغير بعض احكامه العامة، مثال ذلك أن يقول شخص لأخر ابيعك داري هذه بمبلغ قدره.... على أن أبقى فيها ستة أشهر، وهذا هو النوع الذي يهمنا في موضوعنا، أما العقد المعلق على شرط هو ما علق وجودا او زوالا على أمر آخر كأن يقول شخص لآخر: استأجر دارك هذه بمبلغ ... في السنة إذا نُقلت إلى مدينة بغداد، انظر في ذلك كله د حسن علي الذنون، النظرية العامة للالتزامات المرجع السابق، ص 139.
36- جاك مستر عما نوئيل بوتمان مارك بيو ، المطول في القانون المدني، قانون التأمينات العينة العام ، ترجمة منصور القاضي، الطبعة الأولى ، مجد المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع ، بيروت ، 2006 ، ص 43.

EN

تصفح الموقع بالشكل العمودي