1

x

هدف البحث

بحث في العناوين

بحث في المحتوى

بحث في اسماء الكتب

بحث في اسماء المؤلفين

اختر القسم

القرآن الكريم
الفقه واصوله
العقائد الاسلامية
سيرة الرسول وآله
علم الرجال والحديث
الأخلاق والأدعية
اللغة العربية وعلومها
الأدب العربي
الأسرة والمجتمع
التاريخ
الجغرافية
الادارة والاقتصاد
القانون
الزراعة
علم الفيزياء
علم الكيمياء
علم الأحياء
الرياضيات
الهندسة المدنية
الأعلام
اللغة الأنكليزية

موافق

الفضائل

الاخلاص والتوكل

الامر بالمعروف والنهي عن المنكر

الإيثار و الجود و السخاء و الكرم والضيافة

الايمان واليقين والحب الالهي

التفكر والعلم والعمل

التوبة والمحاسبة ومجاهدة النفس

الحب والالفة والتاخي والمداراة

الحلم والرفق والعفو

الخوف والرجاء والحياء وحسن الظن

الزهد والتواضع و الرضا والقناعة وقصر الامل

الشجاعة و الغيرة

الشكر والصبر والفقر

الصدق

العفة والورع و التقوى

الكتمان وكظم الغيظ وحفظ اللسان

بر الوالدين وصلة الرحم

حسن الخلق و الكمال

السلام

العدل و المساواة

اداء الامانة

قضاء الحاجة

فضائل عامة

آداب

اداب النية وآثارها

آداب الصلاة

آداب الصوم و الزكاة و الصدقة

آداب الحج و العمرة و الزيارة

آداب العلم والعبادة

آداب الطعام والشراب

آداب الدعاء

اداب عامة

حقوق

الرذائل وعلاجاتها

الجهل و الذنوب والغفلة

الحسد والطمع والشره

البخل والحرص والخوف وطول الامل

الغيبة و النميمة والبهتان والسباب

الغضب و الحقد والعصبية والقسوة

العجب والتكبر والغرور

الكذب و الرياء واللسان

حب الدنيا والرئاسة والمال

العقوق وقطيعة الرحم ومعاداة المؤمنين

سوء الخلق والظن

الظلم والبغي و الغدر

السخرية والمزاح والشماتة

رذائل عامة

علاج الرذائل

علاج البخل والحرص والغيبة والكذب

علاج التكبر والرياء وسوء الخلق

علاج العجب

علاج الغضب والحسد والشره

علاجات رذائل عامة

أخلاقيات عامة

أدعية وأذكار

صلوات و زيارات

قصص أخلاقية

قصص من حياة النبي (صلى الله عليه واله)

قصص من حياة الائمة المعصومين(عليهم السلام) واصحابهم

قصص من حياة امير المؤمنين(عليه السلام)

قصص من حياة الصحابة والتابعين

قصص من حياة العلماء

قصص اخلاقية عامة

إضاءات أخلاقية

الاخلاق و الادعية : أخلاقيات عامة :

كيف تؤدّي حقّ أخيك

المؤلف:  مركز نون للتأليف والترجمة

المصدر:  إخوة الإيمان

الجزء والصفحة:  ص57-76

2024-08-27

220

عظمة حقّ الأخ:

عن مولانا الإمام الصادق (عليه السلام): "ما عُبِدَ اللهُ بشيءٍ أفضلَ من أداءِ حقِّ المؤمنِ، إنَّ المؤمنَ أفضلُ حقًّا من الكعبةِ"[1].

إنّ للأخ المؤمن حقوقًا عظيمة في الإسلام، بما له من مكانة وحرمة هي أعظم وأكبر من حرمة الكعبة المشرّفة، تُوجب علينا أن نتعامل معه على أساسها من خلال معرفتها ومراعاتها مع كلّ ما تحمله من أبعاد إيمانيّة لاستقامة مسيرة الحياة الفاضلة، سواء من الناحية الفرديّة أو الاجتماعيّة, لذلك لم يكن بالإمكان التجاوز عن معرفة العوامل الإيجابيّة الّتي هي مصدر التواصل والتعارف، ولا عن معرفة العوامل السلبيّة الّتي هي مصدر الافتراق والاختلاف، لأنّ الإقدام على شيء أو الإحجام عنه، إنّما يكونان بعد الاطّلاع على الموجب لذلك في كليهما، وعلى ضوء ما ذُكِرَ يعطينا الإمام زين العابدين (عليه السلام) درسًا من دروس الإسلام شارحًا الوظيفة في كِلا الاتّجاهين ضمن رسالة الحقوق، فلنفتح آذان قلوبنا لما سيقوله (عليه السلام) في الفقرة الآتية:

 

مع رسالة الحقوق

يقول الإمام (عليه السلام): "وحقُّ أخيكَ، أن تعلمَ أنَّه يدكَ الّتي تبسطُها، وظهرُك الّذي تلتجىءُ إليهِ، وعزُّك الّذي تعتمدُ عليهِ، وقوَّتك الّتي تصولُ بها، فلا تتّخذْهُ سلاحًا على معصيةِ اللهِ، ولا عُدَّةً للظلمِ لخلقِ اللهِ، ولا تدعْ نصرتَه على نفسِه ومعونَتَه على عدوِّهِ، والحؤولَ بينَه وبينَ شياطينِه، وتأديةَ النصيحةِ إليهِ، والإقبالَ عليهِ في اللهِ، فإنِ انقادَ لربِّهِ وأحسنَ الإجابةَ لهَ، وإلَّا فليكُن اللهُ آثرَ عندَكَ وأكرمَ عليكَ منهُ"[2].

ومعنى ذلك أنَّ الأخ يجسّد القوّة الّتي تستطيع أن تقهر بها الأعداء وتذلّ بها الباطل، وهو مورد عزّك الّذي تستطيع أن تُعلي هامتك به، وظهرك الّذي تستند إليه، ويدك الّتي تبطش بها وإذا كان الأخ بهذه المثابة والمنزلة فلا يجوز استغلاله في معصية الله وقهـر عباده، بمعنى أن يتحوّل إلى أداة فساد وعـنصر ضـلال، كمـا أنـّه إذا كان على الحقّ يجب عليك أن تنصره وتُعينه على حلّ مشاكله وتنصحه في شؤونه، فإذا كان مطيعًا لله عاملًا بأمره منقادًا لحكمه، فهذه غاية أمنيَّتك، وإذا انحـرف عن ذلك وابتعد عنه فليكن الله تعالى أكرم عليك منه وآثر لديك.

 

أداء الحقوق:

إنّ أكثر ما تكون المشكلة في مرحلة العمل والأداء، لا في مرحلة العلم فقط، لأنّ المهمّ أن أعمل بما علمت لا أن أقرأ الحقوق وأتعرّف إليها وأُحْسِنَ تعدادها ثمّ لا أراعيها، فإنّ المطلوب هو أن أتعاطى معها بالأحقّيّة الّتي هي عليها حيث رتّبها الإسلام العزيز وجعل بعضها متقدّمًا على الآخر، وإلَّا لو كان السلوك العمليّ في الحياة لا يبرهن على صدق الموقف فهذا يعني أنّنا لم نتقدّم خطوة واحدة إلى الأمام في العلاقة مع الآخر، بل من خلال معرفتنا بالحقوق أصبحت الحجّة علينا أكبر، والحساب أعظم.

ولذلك لو تفحّصنا مليًّا عن أساليب التعامل والتعاطي بين كثير من الأخوة، ووقفنا في بعض شوارع المسلمين أو مدارسهم أو أسواقهم، لوجدنا ما يعاكس الاتّجاه الّذي تدعو إليه المدرسة القرآنيّة وتحثّ عليه السيرة المباركة لأهل البيتعليهم السلام ، وما ذلك إلَّا لانتهاك الحقوق والتعدّي والقيام بما لا يسوغ القيام به ولأجل عدم الالتزام العملي بأيسر حقّ من الحقوق الّتي عدّدها الإمام الصادق (عليه السلام) ألا وهو أن تحبّ لأخيك ما تحبّ لنفسك، فهل ترى أنّ هذا الحق الأيسر مراعى حينما يعمل أحدنا على الإضرار بالآخر أو مضايقته في مسكنه أو متجره أو موقف سيارته، أو يتمنّى زوال النعمة عنه ويسعى في تشويه سمعته، وكيف إذا كان ذلك على مستوى الجماعة في ما إذا قطع طريقهم وحال بينهم وبين مقاصدهم وهو يكره ذلك لنفسه فهل يكرهه لغيره؟?

من هنا، كان الواجب أن نقرأ هذه الحقوق في حياتنا اليوميّة من خلال الأعمال لأنّه ربما تخوننا الذاكرة، فننسى ما مرّ بنا وتعود المشكلة كما كانت عليه.

 

انتهاك الحقوق:

كثيرًا ما تكون المودّة قائمة بأجمل معانيها وصورها بين أخوين، وبعد ذلك تزول لتنقلب إلى كراهية، وفي بعض الحالات إلى عداوة بعد صداقة قديمة وأخوّة حميمة، فما هو السبب يا ترى؟

إنّ السبب هو انتهاك الإنسان لحقّ أخيه، وقيامه بالأسباب الّتي توجب زوال المودّة، والتي من الواجب اجتنابها لا ارتكابها.

 

أسباب زوال المودّة:

1- المراء

وهو في اللغة أن يطعن الرجل في قول الآخر تزييفًا للقول، وتصغيرًا للقائل على نحو الاعتراض.

فإنّ أقلّ ما يمثّله هذا التعامل السيّىء هو التكذيب والإهانة وتقزيم الآخر، مع أنّه من حقّه أن يُحترم ويُوقّر ويصدّق، فكيف تدوم الأخوّة والمودّة دون احترام وكرامة؟
وممّا جاء في ذلك عن الإمام الهادي (عليه السلام): "المراءُ يُفسِدُ الصداقةَ القديمةَ ويحلُّ العقدةَ الوثيقةَ، وأقلُّ ما فيه أن تكونَ فيه المغالبة والمغالبةُ أسُّ[3] أسبابُ القطيعةِ"[4].

 

2- إطاعة الواشي[5]

عن الإمام عليّ (عليه السلام): "من أطاعَ الواشي ضيّعَ الصديقَ"[6].

حيث من الطبيعيّ جدًّا أن تؤدّي الوشاية إلى إفساد للمودّة بين طرفين، وزرع الأضغان في صدر كلّ واحد منهما من خلال افتراء كاذب، لا واقع له يتصوّر معه أنّ أحدهما لا يكنّ للآخر أيّ تقدير وإنّما يتربّص به الدوائر، وهذا إنّما يحصل فيما إذا استجاب الإنسان وأصغى للنمّام الكاذب الّذي أراد الوقيعة به، أمّا إذا تابع موازين الشرع المبين وكذّب سمعه، وردّ مقالة هذا المبطل فإن المودّة والإخاء يدومان بأمن وسلامة.

وعليه، ما يفسد العلاقة هنا ليس الواشي لوحده فهو جزء السبب والجزء الآخر هو المطيع لوشايته، إذ ما كانت لتُحلُّ العرى الوثيقة بينه وبين أخيه لو لم يُطعه ولكان الأمر سيبقى على ما يرام، وهنا يكون المورد محلًّا للامتحان من أجل أن يعرف مدى الوعي لدى الإنسان هل هو متسرّع يعير أذنه لأيّ شخص، ويحكم على أساس الكلام الواهن، أو أنّه متأنٍّ غير عجول يسلك سبيل الاحتياط الّذي فيه النجاة؟

 

3- ذهاب الحشمة

فقد جاء عن الإمام الصادق (عليه السلام): "لا تُذهِبِ الحشمةَ بينَك وبين أخيكَ وأبقِ منها، فإنّ ذهابَ الحشمةِ ذهابُ الحياءِ، وبقاءَ الحشمةِ بقاءُ المودَّةِ"[7].

لا شكّ أنّ الابتذال والتصرّف أمام الآخر كأنّه غير موجود، ولجوء الأخ إلى القيام ببعض الأعمال بداعي أنّه لا كلفة بين الإخوان مع أنّها غير لائقة ولا مناسبة، يؤدّي إلى هوان الإنسان على أخيه ويُسقطه من عينه، فلا يقيم له وزنًا ولا تدوم بينهما مودّة لأنّها قائمة على تقدير كلّ منهما للآخر واحترامه، فإذا أهان الواحد نفسه من خلال عدم حيائه كيف يطلب من الآخرين تكريمه بعدما لم يترك ما يساعده على الاحتفاظ بكيانه الجميل من حشمته؟

 

4- عدم التناصف والتراحم

في الحديث عن مولانا الإمام الصادق (عليه السلام): "تحتاجُ الأخوّةُ بينهُم إلى ثلاثةِ أشياءٍ، فإنِ استعملوها وإلَّا تبايَنوا وتباغَضوا وهي التناصفُ والتراحمُ ونفيُ الحسدِ"[8].

 

5- الحسد

حيث لا تجتمع الأخوّة الصادقة مع الحسد، وتمنّي الأخ زوال النعمة عن أخيه، وهذا ما أشير إليه في الحديث السابق.

 

6- المخاصمة

وهي الجدل ابتداءً، وعدم التوافق والاجتماع في الموقف والرأي أو العمل والسيرة.

 

7- الملاعبة

وهي عبارة عن التزييف وإبهام الأمور، وإلباسها غير لباسها الحقيقيّ والواقعي، بغية الوصول إلى مآرب لا تتّفق مع التعامل في القضايا بحسب ما هي عليه.

 

8- المجاراة

ويراد بها عدم الصدق في الموقف وعدم المصارحة.

 

9- الممازحة

الّتي هي الهزل في الخطاب وعدم الجدّيّة، وربما تعدّت إلى جملة من الأعمال مّا يؤذي ويسبّب حرجًا أو ضررًا للطرف الآخر.

أمّا الملاطفة والتراحم، فهما على العكس تمامًا، فإنّ الّذي يلاطف أخاه بغية إدخال السرور على قلبه يكون مأجورًا، وهو أمر مطلوب ورد الحثّ عليه في أخبار المعصومين (عليهم السلام).

 

10- المواضعة

ويعنى بها وضع شأن الآخر وتصغيره وخفضه وكثيرًا ما يقع في هذه الآفّة الأقران والزملاء إذا كانوا في صفّ واحد في مدرستهم أو جامعتهم أو مكان عملهم، فأثنى بعض الناس على أحدهم بما فيه من مميّزات ومؤهّلات، فسرعان ما تثور ثائرة قرينه ليسارع إلى تصغيره ووضعه، نتيجة شعوره بنقصٍ في نفسه ودنوٍّ في درجته فيسوّل له الشيطان اختيار أحد أمرين إمّا الاستعلاء الكاذب وادّعاء الرفعة لكي يصل إلى درجة صاحبه، وإمّا إنزال الآخر إلى مستواه، وفي الحالتين سيكون السبيل مذمومًا ومنهيًّا عنه، لأنّ من أقبح الأخلاق أن يدّعي الإنسان صفة ليست فيه وميزة لا يمتلكها، وكذلك أن يسلب الآخر محاسنه وميّزاته بإنكارها، أو من خلال إخفاء المناقب واظهار المثالب.

 

11- المرافعة

وهي رفع شأن الآخر بما هو ليس فيه من خلال الإطراء والمديح، وإبرازه في صورة لامعة لا مثيل لها مع أنّه ليس كذلك، وهذا ما يكثر حينما تتقاطع المصالح بين الناس أو مع أصحاب المال وذوي النفوذ من الرؤساء والوزراء والمسؤولين في شتّى ميادين الحياة، إذا لم يكن الإنسان الّذي يعمل معهم حرًّا وكريمًا، وقد جاء التحذير من هذه الأمور الستّة الأخيرة على لسان الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام)، حيث قال له الحارث يا أمير المؤمنين أنا والله أحبّك، فقال له يا حارث: "أمّا إذا أحببتَني فلا تخاصِمني ولا تلاعِبني، ولا تُجاريني، ولا تُمازِحني، ولا تواضِعني ولا ترافِعني"[9].

 

12- التكلّف

وهو أن يجعل الحواجز بينه وبين أخيه ويختلق الرسميّات والبروتوكولات، والأساليب الّتي يصعب معها التعامل والسهولة في المواصلة، وحينئذ يشعر بثقل العلاقة به، وعدم الراحة في الاستمرار ما دام ذلك بينهما.

يقول الإمام الصادق (عليه السلام): "أثقلُ إخواني من يتكلَّفُ لي واتحفّظُ منه وأخفُّهم على قلبي من أكونُ معه كما أكونُ وحدي"[10].

 

13- التأفّف

فقد جاء في الحديث عن الإمام الصادق (عليه السلام): "إذا قالَ المؤمنُ لأخيهِ أفٍّ خرجَ من ولايَتِه"[11].

 

14- الإهانة

روي أنّه نزل جبرائيل على النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) وقال له: "يا محمّدُ إنَّ ربكَ يقولُ من أهانَ عبدي المؤمنَ فقدْ استقبلَني بالمحاربةِ"[12].

 

15- تتبّع العثرات

فيما قاله الإمام الصادق (عليه السلام): "أقربُ ما يكونُ العبدُ إلى الكفرِ أن يكونَ الرجلُ مؤاخيًا للرجلِ على الدينِ ثمَّ يحفظُ زلّاتهِ وعثراتهِ ليضعَه بها يومًا ما"[13].

وفي حديث آخر: "لا ترموا المؤمنينَ ولا تتَّبِعوا عثراتهِم فإنَّ من يتبعْ عثرةَ مؤمنٍ يتبعِ اللهُ عزَّ وجلَّ عثرتَه، ومن يتبعِ اللهُ عزَّ وجلَّ عثرتَه فضحَه في بيتِه"[14].

 

ثلاثون حقًّا لأخيك عليك:

بعد معرفة أسباب القطيعة وزوال المودّة بين الأخوة، نتعرّف معًا إلى الحقوق الأخويّة، وإن كان بعضها أصبح واضحًا حيث تقدّم الحديث عن أضدادها، لكن فلنسمعها مباشرة من فم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) حيث يقول: "للمسلم على أخيه ثلاثونَ حقًّا، لا براءةَ لهُ إلَّا الأداءُ أو العفوُ يغفرُ زلّتَه، ويرحمُ عبرتَه، ويسترُ عورتَه، ويُقيلُ عثرتَه، ويقبلُ معذِرتَه، ويردُّ غيبتَه، ويُديمُ نصيحتَه، ويحفظُ خلّتَه، ويرعى ذِمّتَه، ويعودُ مرضَتَه، ويشهدُ ميتتَه، ويجيبُ دعوتَه، ويقبلُ هديّتَه، ويكافىءُ صِلتَه، ويشكرُ نعمتَه، ويُحسنُ نصرتَه، ويحفظُ خليلتَه، ويقضي حاجتَه، ويشفعُ مسألتَه، ويُسمِتُ عطستَه، ويُرشِدُ ضالَّتَه، ويردُّ سلامَه، ويطيبُ كلامَه، ويبرُّ أنعامَه، ويصدِّقُ أقسامَه، ويوالي وليَّه ويعادي عدوَّه، وينصرُه ظالمًا أو مظلومًا - فأمّا نصرتُه ظالمًا فيردُّه عن ظلمِه، وأمّا نصرتُه مظلومًا فيُعينُه على أخذِ حقِّه - ولا يسلمُه، ولا يخذلُه، ويحبُّ له من الخيرِ ما يحبُّ لنفسِه ويكرهُ له من الشرِّ ما يكرهُ لنفسِه، ولا يبرأُ المسلمُ يومَ القيامةِ من هذهِ الحقوقِ إلَّا إذا أدّاها أو نالَ من صاحبِه العفوَ[15].

 

وقفة خاطفة:

إنّ إفراد كلّ حق على حدة أكثر إعانة لمحاسبة النفس على مراعاته أو انتهاكه، لذا لا بدّ لنا من وقفة تأمّل في هذه العُجالة نستعرض ضمنها هذه الحقوق عارضين أنفسنا عليها عمليًّا، في مقارنة لو نجحت لساهمت في سعادتنا الأبديّة.

 

1ـ العفو عن الزلّات

إنّ أخاك ليس ملَكًا من الملائكة ولا نبيًّا من الأنبياء، بل هو بشر مثلك يصدر عنه الزلل ويخطىء في بعض الأحيان، ومن حقّه عليك أن تغفر له زلّته وتتجاوز عن خطيئته.

يقول الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام): "شرُّ الناسِ من لا يعفو عن الهفوةِ ولا يسترُ العورةَ"[16].

وقيلَ لأحدِهم أيُّ الأخوانِ أحبُّ إليكَ؟ فقالَ "الذي يغفِرُ زللي ويسدُّ خللي"[17].

 

2ـ المواساة في المصائب

في الحديث عنه (صلى الله عليه وآله وسلم): "من أكرمَ أخاهُ المسلمَ بكلمةٍ يلطّفُه بها وفرّجَ عنه كُربَته لم يزلْ في ظلِّ اللهِ الممدودِ عليهِ الرحمةُ ما كانَ في ذلكَ"[18].

 

3ـ ستر العورة

فإنّه من واجب الأخ إذا رأى بادرة سيّئة من أخيه، أن يسترها لأنّ الله سبحانه يحذّر من نشر الفواحش يقول تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾[19].

 

4ـ إقالة العثرة

حيث إنّ من أخلاق المؤمن أن يمتلك قلبًا كبيرًا وروحًا سامية، يستوعب بهما عثرات إخوانه، ولا يعطي الأمور أكثر من ما هي عليه، بل يتسامح ويقبل عذر الآخر، والأفضل أن يتغاضى دون الحاجة إلى الاعتذار. في الحديث: "شرُّ إخوانِكَ من أحوجَك إلى مداراةٍ وألجأَك إلى اعتذارٍ"[20].

 

5ـ ردّ الغيبة

إنّ الغيبة انتهاك فاضح لحقوق الآخرين، ويحرم استماعها، ويجب ردّها، وإلَّا فقد ورد عن أمير المؤمنين (عليه السلام): "السامع للغيبة كالمغتاب"[21], "السامعُ للغيبةِ أحدُ المغتابين"[22].

 

6ـ قبول المعذرة

ليس من الصواب ألاّ يعترف إليك أخوك بخطئه إذا كان، ولكن الأسوء أن لا تقبل معذرته حينما يأتيك نادمًا.

يقول الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام): "واقبلْ عذرَ أخيكَ فإن لم يكن له عذرٌ فالتمس له عذرًا، ولا تُكثِرَنَّ العتابَ فإنَّه يورثُ الضغينةَ"[23].

 

7ـ تقديم النصيحة

عن الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم): "لينصح الرجلُ منكمْ أخاهُ كنصيحتِه لنفسِه"[24].

 

8ـ حفظ الأخوَّة

الأخ الصالح جوهرة ثمينة لا تقدّر بشيء، ولا بدّ من الحفاظ عليها.

 

9ـ رعاية الذمّة

فالمؤمن له كرامة عند الله لا بدّ من رعايتها وصيانتها، ومنها رعاية ذمّته في الحرب والسلم وفي السرّاء والضرّاء.

 

ـ10 عيادة المريض

عن الإمام الباقر (عليه السلام): "كان فيما ناجى به موسى بنُ عمرانَ ربَّه عزَّ وجلَّ أن قالَ لَهُ يا ربِّ ما بلغَ من عيادةِ المريضِ من الأجرِ؟ فقالَ تعالى أُوكلَ بهِ ملَكًا يعودُه في قبرِه إلى محشرِه"[25].

 

11ـ حضور الجنازة

إنّ من حقّ الأخ على إخوانه أن يحضروا جنازته ويشيّعوه إذا مات.

في الحديث عن الإمام أبي عبد الله (عليه السلام): "من حملَ أخاهُ الميتَ بجوانبِ السريرِ الأربعة محى اللهُ عنه أربعينَ كبيرةً من الذنوبِ الكبائرِ"[26].

 

12- إجابة الدعَوة

قد يقول بعضنا إنّ كثيرين يدعونني إلى بيوتهم ومآدبهم، لكنّني عادة لا أجيب دعوة أحد إنّ ذلك ليس من أخلاق الإسلام طالما أنّ عدم الاستجابة لم يكن لعذر واضح كمرض ونحوه.

يقول الإمام الصادق (عليه السلام): "منَ الحقوقِ الواجباتِ للمؤمنِ على المؤمن أن يُجيبَ دعوتَه"[27].

 

13ـ قبول الهديّة

إذا قدَّم لك أخوك هديّة فمن حقِّه عليك أن تقبلها منه.

في الحديث: "من تكرمةِ الرجلِ لأخيهِ المسلمِ أن يقبلَ تحفَتَه وأن يُتحِفَه بما عندَه ولا يتكلَّف لَهُ شيئًا"[28].

وعنه (صلى الله عليه وآله وسلم): "لو أُهدِي إليَّ ذراعٌ لقبلْتُ"[29].

 

14ـ مكافأة الصلة

من الحقوق المتبادلة المكافأة بالمثل، فإذا قدّم لك أخوك خدمة عليك أن لا تنساها وبادر إلى تقديم خدمة مماثلة لها.

 

15ـ الشكر على النعمة

والمراد أن يشكر الله تعالى أنّه قد أنعم على أخيه وقضى حاجته، فلا ينافسه ولا يحسده، بل يفرح كما لو أنّ النعمة كانت له تمامًا، وليس من غلٍّ في قلبه على الاطلاق كما في الوصف القرآنيّ ﴿وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ﴾[30].

 

16ـ الانتصار لأخيه

عن النبيّ الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم): "من ردَّ عن عُرضِ أخيهِ بالغيبِ كانَ حقًّا على اللهِ أن يردَّ عن عرضِه يومَ القيامةِ"[31].

 

وعن الإمام الصادق (عليه السلام): "ما منْ مؤمنٍ يعينُ مؤمنًا مظلومًا إلَّا كان أفضلَ من صيامِ شهرِ رمضانَ واعتكافِه في المسجدِ الحرامِ"[32].

 

17- رعاية عائلته

ويكون ذلك فيما إذا كان أخوك مسافرًا، فمن حقّه أن تتفقّد عائلته، وترعى أولاده، وتسألهم عن احتياجاتهم.

 

18ـ قضاء حوائجه

عن الإمام الصادق (عليه السلام): "قضاءُ حاجةِ المؤمنِ خيرٌ من عتقِ ألفِ رقبةٍ، وخير من حملانِ ألفِ فرسٍ في سبيلِ اللهِ"[33].

 

19ـ الشفاعة في مسألته

والمراد بها أن يقوم الأخ بدور الوسيط، لأجل أن يبلغ الآخر مسألته الّتي يطلبها، والوساطة مع القدرة عليها حقّ له عليك.

 

20ـ تسميتُ العطسة

فإنّه ليست الحقوق الكبرى وحدها أولاها النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) اهتمامه في تعدادها، بل الأمور الصغيرة الّتي تعبّر عن احترام المؤمن لأخيه، كما تقدّم في الحديث النبويّ الحقوقيّ الجامع وممّا ورد كنّا جلوسًا عند أبي عبد الله (عليه السلام) إذ عطس رجل، فما ردّ عليه أحد من القوم شيئًا حتّى ابتدأ هو فقال: "سبحانَ اللهِ ألا سمّتُّم? إنّ من حقِّ المسلمِ على المسلمِ أن يعودَه إذا اشتكى وأن يجيبَه إذا دعاهُ وأن يشهدَهُ إذا ماتَ وأن يُسمِتَه إذا عطسَ"[34].

 

21ـ إرشاد ضالّته

والمراد بذلك أن ترشده إلى السبيل وتساعده في العثور على طفله إن ضاع منه، أو على ماله إن فقده.

 

22ـ ردّ التحية

يقول النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم): "السلامُ تطوّعٌ والردُّ فريضةٌ"[35].

وعنه (صلى الله عليه وآله وسلم): "إذا سلّمَ المسلمُ على المسلمِ فردَّ عليهِ صلَّتْ عليهِ الملائكةُ سبعينَ مرّةٍ"[36].

 

23ـ تحسين كلامه

أي أن يقول له أحسنت أو طيّب الله أنفاسكم، لأنّ في ذلك تشجيعًا له على قول الحقّ وكلمة الخير.

 

24- موالاة صديقه

أي من حقّ أخيك عليك أن تصادق أصدقاءه، يقول الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام): "أصدقاؤكَ ثلاثةٌ صديقُكَ وصديقُ صديقِكَ وعدوُّ عدوِّكَ"[37].

 

25ـ الامتناع عن معاداته

وذلك بأن لا تقف في جبهة من يعادونه ويكيدون له، جاء في الخبر: "لا تتخذَنَّ عدوَّ صديقِكَ صديقًا فتُعادي صديقَك ولا تعمل بالخديعةِ فإنَّها خُلُقُ اللئيمِ"[38].

 

26ـ نُصرته ظالمًا ومظلومًا

في الحديث الشريف: "انصرْ أخاكَ ظالمًا أو مظلومًا، فأمَّا نصرَتُه ظالمًا فيردُّه عن ظلمِه وأما نُصرَتَه مظلومًا فيُعينُه على أخذِ حقِّهِ"[39].

 

27- الامتناع عن تسليمه للعدو

فمن حقوق المؤمن على أخيه أن لا يتركه فريسة للعدوّ ولقمة سائغة، وحينما يشتدّ النزال يتجاهله ويتناساه.

في الحديث: "المسلمُ أخو المسلمِ لا يظلِمُه ولا يخذُلُه ولا يسلمْه"[40].

 

28- ترك خِذلانه

حيث يجب أن يكون ظهره الّذي يستند ويلتجىء إليه، وقوّته الّتي يصول بها ويجول.

فيما جاء عن الصادق (عليه السلام): "ما منْ مؤمنٍ يخذلُ أخاهُ وهو يقدرُ على نصرَتِه إلَّا خذلَه اللهُ في الدنيا والآخرةِ"[41].

 

29ـ أن تحبّ له ما تحبّه لنفسك

ورد في الخبر عن محمّد بن مسلم أنّه قال أتاني رجل من أهل الجبل فدخلت معه على أبي عبد الله (عليه السلام) فقال له عند الوداع أوصني فقال (عليه السلام): "أوصيكَ بتقوى اللهِ وبرِّ أخيكَ المسلمِ، وأحبَّ لهُ ما تحبُّ لنفسِكَ واكرَهْ لهُ ما تكرَهُ لنفسِكَ"[42].

 

30ـ أن تكره له ما تكرهه لنفسك

ممّا جاء في وصيّة مولانا الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) لولده الإمام الحسن (عليه السلام): "أيْ بنيّ تفهّمْ وصيَّتي واجعلْ نفسَكَ ميزانًا فيما بينَك وبينَ غيرِك، فأحبِبْ لغيرِك ما تحبُّ لنفسِكَ واكرَهْ لهُ ما تكرَهَ لنفسِكَ، ولا تظلمْ كما لا تحبُّ أن تُظْلَمَ وأحسنْ كما تحبُّ أنْ يُحسَنَ إليكَ، واستقبِحْ من نفسِكَ ما تستقبحُ من غيرِكَ"[43].


[1] بحار الأنوار, ج 47, ص 342.

[2] رسالة الحقوق, حق الأخ.

[3] أس الشيئ يعني أصله.

[4] ميزان الحكمة, ح 39201.

[5] الواشي والوشاء: النمّام.

[6] بحار الأنوار, ج 71, ص 164.

[7]  ميزان الحكمة, ح 961.

[8] تحف العقول, ص 223.

[9] الخصال, ص 433.

[10] المحجة البيضاء, ج 3.

[11] المؤمن للأهوازي, ح 891.

[12] المؤمن, م.س, ح 681.

[13]  م.ن, ح 171.

[14] م.ن, ح 881.

[15] كنز الفوائد, ج1, ص 603.

[16] تحف العقول, ص 63.

[17] كنز الفوائد, ج1, ص 100.

[18] الكافي, ج2, ص 260.

[19] سورة النور, الآية: 19.

[20]  غرر الحكم ودرر الكلم, 1 - 403 - 28.

[21] م.ن, 1 - 56 - 1215.

[22] م.ن, 1 - 10 - 1639.

[23] تحف العقول, ص 79.

[24] الكافي:, ج2, ص 208.

[25] وسائل الشيعة, ج3, ص 154.

[26]  م.ن, ج3, ص 415.

[27] المحاسن, ص 411, ح 141.

[28] الكافي, ج5, ص 143.

[29] م.ن.

[30] سورة الحجر, الآية: 47.

[31] المحجة البيضاء, ج3, ص 261.

[32] ثواب الأعمال, ص 147.

[33] مصادقة الإخوان, ص 54, ح3.

[34] الكافي, ج2, ص 653, ح3.

[35] حلية المتقين, ص 540.

[36] المحجة البيضاء, ج3, ص 382.

[37] نهج البلاغة, ج4, ص71.

[38] تحف العقول, ص 60.

[39] دار السلام, ج3, ص 451.

[40] عوالي اللئالي, ابن أبي جمهور الإحسائي, ج1, ص128.

[41] أمالي الصدوق, ص 393.

[42] أمالي الطوسي, ص 94.

[43] تحف العقول, ص 56.