x

هدف البحث

بحث في العناوين

بحث في المحتوى

بحث في اسماء الكتب

بحث في اسماء المؤلفين

اختر القسم

القرآن الكريم
الفقه واصوله
العقائد الاسلامية
سيرة الرسول وآله
علم الرجال والحديث
الأخلاق والأدعية
اللغة العربية وعلومها
الأدب العربي
الأسرة والمجتمع
التاريخ
الجغرافية
الادارة والاقتصاد
القانون
الزراعة
علم الفيزياء
علم الكيمياء
علم الأحياء
الرياضيات
الهندسة المدنية
الأعلام
اللغة الأنكليزية

موافق

القانون العام

القانون الدستوري و النظم السياسية

القانون الاداري و القضاء الاداري

القانون الاداري

القضاء الاداري

القانون المالي

المجموعة الجنائية

قانون العقوبات

قانون العقوبات العام

قانون العقوبات الخاص

قانون اصول المحاكمات الجزائية

الطب العدلي

التحقيق الجنائي

القانون الدولي العام و المنظمات الدولية

القانون الدولي العام

المنظمات الدولية

القانون الخاص

قانون التنفيذ

القانون المدني

قانون المرافعات و الاثبات

قانون المرافعات

قانون الاثبات

قانون العمل

القانون الدولي الخاص

قانون الاحوال الشخصية

المجموعة التجارية

القانون التجاري

الاوراق التجارية

قانون الشركات

علوم قانونية أخرى

علم الاجرام و العقاب

تاريخ القانون

المتون القانونية

دساتير الدول

وسائل ديمومة النص القانوني

المؤلف:  علي محمود حميد

المصدر:  ديمومة النص في القانون المدني

الجزء والصفحة:  ص 69-78

2024-03-24

199

تتطلب ديمومة النص القانوني ، العمل وفق وسائل تجعل من هذا النص القانوني متلائما مع مستجدات الحياة ومتطلباتها ، إذ تضمن هذا الوسائل استيعاب النص القانوني لأغلب الحالات التي تحصل والتي من الممكن ان تحصل في المستقبل ، مما يعطي النصوص القانونية القدرة على مسايرة التقدم والتطور الحتمي في مختلف مجالات الحياة ، ويضع الحلول للمشاكل التي لابد ان تحصل كنتيجة طبيعية لاختلاط الافراد وتعاملهم مع بعضهم البعض .
ومن الوسائل الكفيلة بديمومة النص القانوني هي ( الصياغة التشريعية والتفسير المتطور للقانون والقواعد العامة في القانون المدني والافتراض القانوني ) ، وسنقوم بالحديث عن هذه الوسائل وتفصيلها فيما يلي تباعا وعلى اربع فقرات :-
أولا : الصياغة التشريعية .
سبق وان تم الحديث عن الصياغة التشريعية كأحد مقومات ديمومة النص القانوني ، لذا ومنعا للتكرار نحيل القارئ الكريم الى مقال موجود في المرجع الالكتروني للمعلوماتية
ثانيا : التفسير المتطور للقانون .
يقصد بتفسير القانون هو ) تحديد المعنى الذي تشتمل عليه القاعدة القانونية ويترتب على طريقة التفسير تعيين مدى نطاق تطبيق القاعدة القانونية على الحالات الواقعية المختلفة ) (1) ، او هو ( الوقوف على معنى القاعدة القانونية وتحديد نطاقها حتى يتسنى إعمال حكمها على ما يعرض من حالات خاصة ) (2 ) ، وبذلك فان المفسر يقوم بتفسير النص القانوني وفقا لما جاء في مضمونه ولا يجوز له الذهاب الى ابعد من ذلك ، والا سيكون التفسير معبرا عن إرادة القائم بالتفسير وليس عن إرادة المشرع (3) .
هذا ما يقصد بالتفسير بشكل عام ، اما التفسير المتطور للقانون فيقصد به ( الكشف عن محتوى القاعدة القانونية المتحرك والذي يستجيب لحاجات المجتمع القائمة وقت تطبيق القاعدة ) (4) ، او هو ( ان يتعامل القاضي من النص وفقا للحاجة الاجتماعية في عصره ، بان يناقش ، او يبحث بما كان يذهب اليه المشرع فيما لو عُهد اليه التشريع في هذا اليوم ، وليس بما كان يفكر به يوم وضع التشريع الواجب التطبيق ) (5) ، والقائم بالتفسير في هذا الحال انما يقوم بتوضيح غموض الفاظ النصوص التشريعية وتقويم عيوبها ، و ، ويستكمل النقص في احكام القانون ان وجد ، ويوفق بين الأجزاء المتعارضة وتكييف النص على نحو يواكب التطور في المجتمع ، فلا يقف التفسير للقانون موقفا جامدا وهو التفسير وقت وضع التشريع وانما يتعداه الى كل وقت يتم فيه تفسير القانون وفق متطلبات المجتمع الراهنة (6) .
والتفسير يكون على ثلاثة أنواع وهي التفسير التشريعي ، الذي تقوم وتضطلع به السلطة التشريعية لتوضيح ما شاب قانونا ما من غموض ، وهذا النوع من التفسير يكون ملزما للجميع ويعتبر بمثابة القانون نفسه ، والتفسير القضائي الذي يكون من اختصاص المحاكم وهي بصدد الحكم بشأن النزاع والقضايا المعروضة عليها ، ولا يلزم هذا النوع من التفسير الا اطراف القضية التي صدر التفسير بصددها وهو غير ملزم حتى للمحاكم الأخرى ، وأخيرا التفسير الفقهي الذي يقوم به شراح القانون والفقهاء وهم بصدد شرح القوانين واحكام القضاء والتعليق عليها ، وهذا النوع من التفسير غير ملزم لأي احد وانما يؤخذ به فقط على سبيل الاستئناف (7) .
وللتفسير اتجاهات متعددة اهمها هو التفسير الضيق للقانون الذي تمثله مدرسة الشرح على المتون او مدرسة التزام النص ، وقد تبلورت هذه المدرسة عقب صدور المدونات القانونية الفرنسية ، والتفسير الواسع للقانون تمثله المدرسة التاريخية او الاجتماعية ، والتي تعتد بإرادة المشرع المحتملة وقت التفسير ، وأيضا مدرسة البحث العلمي الحر التي تعتد بإرادة المشرع وقت وضع التشريع ، واذا لم يوجد حكم ففي هذه الحالة يتم البحث في المصادر الأخرى للقانون ، فان لم تسعف هذه المصادر في إيجاد حل فانه يتعين البحث بالطريقة العلمية وفق العوامل والحقائق التي تسهم في خلق القاعدة القانونية (8) .
وقد الزم المشرع العراقي القاضي بالتفسير المتطور للقانون وذلك بموجب المادة الثالثة من قانون الاثبات العراقي رقم (107) لسنة 1979 المعدل (9) ، وبذلك فان المشرع العراقي قد اخذ بالأسلوب الواقعي للتفسير القانوني وحسنا فعل في ذلك ؛ لما يحققه هذا الأسلوب من منافع ومزايا جيدة نابع عن تفكير قانوني ناضج ، إذ ان المصلحة او الحكمة من التشريع مزايا متعددة منها، انها وسيلة لتوسيع المعنى للنص القانوني وتوسيع نطاق تطبيقه ، كما انها ( الحكمة من التشريع ) وسيلة من وسائل تفسير النص عند غموضه ، واذا ما علمنا ان النصوص التشريعية متناهية والوقائع القانونية والفروض هي غير متناهية ، ومن ثم فانه ليس للمتناهي ان يحيط ويستوعب اللامتناهي الا باعتماد وسائل منها مراعاة الحكمة من التشريع عند تطبيقه ، وأيضا فان الزام القاضي باتباع التفسير المتطور للقانون يوحد قرارات المحكمة الصادرة بخصوص مواضيع معينة عندما تراعي في ذلك مصالح لم تتغير ، مما يصب في ديمومة النص القانوني (10) .
والقاضي ملزم باتباع التفسير وليس بإنشائه ، اذ ان عليه بموجب المادة الثالثة من قانون الاثبات اتباع التفسير المتطور ان وجد فيما يخص الحالة المعروضة عليه ، ولا يمكن له ان يخلق تفسيرا متطورا من عنده ؛ لأنه سيكون في غير الموقع الذي يجب ان يكون عليه وهو الاتباع وليس الخلق للتفسير ، ولكن ذلك لا يمنع في الحالة الواقعية بان يخلق القاضي تفسيرا متطورا للقانون ، لا فقط اتباعه ، إذ انه باتباعه لتفسير متطور سابق هذا يعني ان هناك قاضيا قبله توصل الى هذا التفسير ، مما يعني ان الزام القاضي باتباع التفسير المتطور لا يمنعه من خلقه ، إذ انه اذا لم يجد تفسيرا متطورا سابق فانه بالنتيجة كان ملزما باتباع منهج التفسير المتطور (11) .
ونجد انه من المناسب الإشارة الى انه كان على المشرع النص على اتباع التفسير المتطور في متن القانون المدني وليس فقط في قانون الاثبات ؛ لان التفسير المتطور هو من مسائل القانون الموضوعي وليس من مسائل قانون الاثبات ، إذ ان التفسير هو الكشف عن الحكم القانوني ، اما موضوع الاثبات هو الكشف عن الواقع ، والواقع يقدم من قبل الخصوم ولا يكون القاضي ملزما به ، اما القانون فمن المفترض ان يكون القاضي عالما به ولا يطلبه من الخصوم (12) .
واذا كان التفسير المتطور يجد أساسه القانوني الاول في قانون الاثبات ، فان هناك عددا من المواد في القانون المدني تؤسس الى فكرة التفسير المتطور ، من خلال توجيه القضاء الى التعمق في فهم النص القانوني والعمل به على وفق المصلحة المبتغاة منه ، ونجد ذلك واضحا من خلال قراءة المادة الخامسة من القانون المدني العراقي (13) ، وتأكد لنا ذلك من سؤال عن كفاية النصوص القانونية في القانون المدني لإصدار الاحكام ، إذ كانت الإجابة بالنفي إذ استجدت الكثير من الوقائع والحالات التي لم يتطرق لها التقنين المدني ، مثل حالات الأفعال المضرة الحاصلة نتيجة خرق الخصوصية واستخدام وسائل التواصل الاجتماعي ، وغيرها من المواضيع التي تطلبت تدخلا تشريعيا مثل قانون الاستثمار وقانون التوقيع الالكتروني وغيرها ، إذ ان هناك قاعدة عامة مفادها أن التشريع محدود ومتناهي والحالات والوقائع غير متناهية ، لذا فانه وحالة النقص تلجأ المحكمة الى التفسير المتطور للقانون لمعالجة القضايا المستجدة ، كما ان هناك مبدأ عاما وهو ( لا ينكر تغير الاحكام بتغير الازمان ) ، وهذا المبدأ هو صريح ما جاءت به المادة الخامسة من القانون المدني (14) .
ثالثا : القواعد العامة في القانون المدني .
إن للقواعد العامة دورا مهما في حل مختلف القضايا عند عدم وجود نص خاص بشأنها ، اذ تلجأ المحاكم في الكثير من المرات للاستعانة بالقواعد العامة للقانون لتقرير حكم قانوني على حالة واقعية ، اذ ان هناك الكثير من القواعد التي يفرضها المنطق القانوني والعلمي للأشياء بدون ان تكون مدونة ، فهناك مبادئ تكون جزءا من النظام القانوني وان لم يُنص عليها صراحة ، وقد يشكل المبدأ العام قاعدة قانونية قائمة او يكون مشتقا من قواعد قانونية عدة تكوّن في مجموعها المبدأ القانوني (15) .
وتختلف القواعد العامة في القانون عن المبادئ العامة للقانون ، اذ ان الأخيرة هي مبادئ مستقرة في ضمير الجماعة ولا تكون مكتوبة عادة ، يلجا اليها القاضي لتسبيب حكمه عندما لا يجد نصا ينطبق على القضية المعروضة امامه ، فيعطي بذلك قوة الالزام للمبدأ القانوني وعلى الجميع احترامه ، اما اذا تبناها المشرع في قاعدة قانونية فإنها تُعد من القواعد العامة ، ومن خلال تبني المشرع لبعض المبادئ القانونية ، يستطيع التقليل من اللجوء الى النصوص القانونية بشأن الأمور التفصيلية إذ يتفادى تضخم التشريع (16) .
وهنالك كثير من القواعد العامة في القانون المدني منها ما جاء بتقرير المسؤولية التقصيرية (17) إذ ينص المشرع على حالات وشروط هذه المسؤولية وكيف تقع ومن يتحملها وغيرها من الأمور ، وتكون بمثابة مرجع عام لهذا العنوان ، وكذلك الحال بالنسبة للمواضيع الأخرى التي تناولها القانون المدني ، أيضا يصار الى تطبيق القواعد العامة في القانون المدني عند عدم النص عليها في القوانين الخاصة ، او خلو القانون الخاص من قاعدة معينة او قصوره عنها ، اذ ان القانون المدني يعد المرجع لجميع القوانين الخاصة واساسها ، وتفرعت منه العديد من القوانين كالقانون التجاري وقانون العمل وغيرها (18) .
ومصداقا لهذا الكلام فقد جاء في المادة الرابعة من قانون التجارة العراقي رقم (30) لسنة 1984 ، ان القانون المدني يكون مرجعا لكل ما لم يرد بشأنه نص في هذا القانون (19) ، اذ انه ووفقا لقانون التجارة فان مصادر القانون التجاري تتدرج حسب قوتها القانونية لذا فان التشريع التجاري يأتي بالمرتبة الأولى ، سواء اكانت القاعدة القانونية آمرة ام مفسرة، ومن ثم تأتي قواعد القانون المدني وهي ما تسمى بالقواعد العامة (20) .
أيضا فان قانون العمل رقم (37) لسنة 2015 هو قانون خاص ، وكل ما لم يرد بشأنه حكم فيه يمكن الرجوع به الى القواعد العامة في القانون المدني ، إذ لم ينص قانون العمل النافذ على الغاء المواد المتعلقة بالعامل ، وعقد العمل في القانون المدني ، كما فعل قانون الاثبات (21) ومن ثم فان المواد التي تختص وتنظم عقد العمل تبقى سارية المفعول ، ومن ثم فان هذه المواد يتم الرجوع اليها كل ما دعت الحاجة لذلك (22) ، وهذا ما يعطي نصوص القانون المدني الاستمرارية والديمومة .
وفي قرار لمحكمة التمييز الاتحادية الهيأة المدنية الموسعة ، قضت المحكمة بموجب القواعد العامة في القانون المدني واسست حكمها عليها ، ضمن نطاق احكام المسؤولية التقصيرية ، وجاء القرار بهدف تحقيق العدالة وذلك بالحكم بمشروعية التعويض عن العمل غير المشروع، رغم تفسير محكمة البداءة والحكم بعدم استحقاق التعويض للشخص الأجنبي استنادا الى الفقرة أولا من المادة رقم (2) (23) من قانون هيأة دعاوى الملكية رقم (13) لسنة 2010 ، والتي يتم التعويض بموجبها فقط للمواطن و ( المواطن ) من يحمل الجنسية العراقية، ومن ثم استحق المدعي التعويض استنادا الى احكام المسؤولية التقصيرية وفقا للقواعد العامة ، ولیس استنادا الى قانون هيأة دعاوى الملكية (24) .
وبذلك فان القواعد العامة بوصفها وسيلة من وسائل ديمومة النص القانوني ، كان لها دور كبير في إرساء الحقوق وتحقيق العدالة ، من خلال لجوء المحكمة اليها في تقرير مصلحة جديرة بالاعتبار
رابعا : الافتراض القانوني .
الافتراض القانوني يعني ( تصور ذهني يقوم على افتراض مخالف للحقيقة ) (25) ، ويراد بذلك ( إعطاء وضع من الأوضاع حكما يخالف الحقيقة توصلا الى ترتيب اثر قانوني معين عليه ما كان ليترتب لولا هذه المخالفة وبذلك تبدو طريقة الحيل او الافتراض تغييرا للواقع وتعكس صورة غير حقيقية له من اجل تغليب
الحكم الذي يبتغي المشرع اقراره وترجيحه ) (26) ، وقد عرف البعض الافتراض (27) على انه ( خلق حالة قانونية مستنبطة من النص القانوني وجعلها تنطبق على واقعة مادية معروضة امام القضاء لم ينطبق عليها النص القانوني من قبل لتحقيق العدالة بين الأطراف ) ، وبذلك فان المشرع قد يلجأ الى الحيلة القانونية ويؤسس حكمه على افتراض مخالف للواقع من اجل تحقيق منفعة اجتماعية أو عدالة لا يمكن تحقيقهما الا من خلال هذا الافتراض المخالف للحقيقية (28)
وتختلف الحيلة القانونية عن القرينة القانونية من جهة ان الافتراض الذي تبنى عليه الحيلة القانونية دائما ما يخالف الحقيقة ، فلا يمكن للحقيقة ان تلتقي بالخيال في اطار الحيلة القانونية ، فيكون التصور هنا مخالفا للواقع دائما ، بينما تقوم القرينة القانونية على احتمال يمكن ترجيحه لإمكان حصوله في غالب الأمور ، ومن ثم فان الافتراض الذي تتضمنه القرينة القانونية ممكن ان يكون متفقا مع الواقع في أحيان كثيرة ، وان الاختلاف بينهما يكون محدودا (29) .
والامثلة على الافتراض القانوني كثيرة منها الشخصية المعنوية (30) ، التي حددت بموجب المادة (47) مدني عراقي ونظمت احكامها المواد (48) - (49) من القانون المدني (31) ، والعقار بالتخصيص الذي يكون له مغزى ومنفعة في عدّ بعض المنقولات ومعاملتها معاملة العقار وذلك من اجل استمرار الانتفاع بالعقار وقد اشار المشرع العراقي الى العقار بالتخصيص بموجب المادة (63) مدني (32) ، وأيضا أشار المشرع المصري الى العقار بالتخصيص وقبلهم المشرع الفرنسي في قانونه المدني لعام 11804 (33) .
لم يتفق الفقه على تقسيم واحد للافتراض القانوني ، بل اختلفوا في ذلك تبعا للزاوية التي ينظر اليه من خلالها (34) ، فقد تم تقسيم الافتراض على اقسام عدة لما له من وظائف متعددة ، فهو من جهة وظيفته يقسم على افتراض تاريخي وافتراض علمي ، ومن جهة طبيعته يقسم على افتراض تصوري وافتراض قياسي اما من جهة دوره في القاعدة القانونية فيقسم على افتراض منشئ للقواعد القانونية ، وافتراض موسع من نطاق عمل القاعدة القانونية ، وأخيرا افتراض معنون للقاعدة القانونية (35) .
ان ما يهمنا في موضوع بحثنا ( ديمومة النص القانوني ) هو التقسيم الثالث للافتراض ، أي تقسيمه من جهة دوره في صياغة وبناء القواعد القانونية ، لذا سنركز البحث على هذا التقسيم وكما يلي :-
1- الافتراض المنشئ للمراكز القانونية .
اذ ان هناك قواعد قانونية قائمة على مخالفة الواقع ، إذ تنطوي على الافتراض في مضمونها ، مثال ذلك تصحيح نسب الابن غير الشرعي ، بافتراض وجود العلاقة الشرعية بين الاب والام السابقة على ولادة الابن ، إذ يجعل الافتراض الابن غير الشرعي شرعيا (36) ، والموت المدني أي افتراض موت المفقود لمدة زمنية معينة وذلك لاهتمامات معقولة ، لكي لا تبقى الزوجة معلقة ويبقى مصير أموال المفقود مجهولا إذ يوزع على الورثة للاستفادة منه ، والحلول الشخصي أي حلول شخص آخر محل الدائن في مواجهة المدين بعد سداده الدين عن هذا المدين ، إذ يسهم هذا النوع من الافتراض في إقامة وبناء النظام القانوني (37) .
2- الافتراض الموسع من نطاق القاعدة القانونية .
يؤدي هذا النوع من الافتراض دورا في توسيع نطاق القواعد القانونية القائمة ، ولا ينشئ قواعد قانونية جديدة بل يدخل حالات جديدة في حكم القاعدة القانونية ، ومثال ذلك العقار بالتخصيص فهو يدخل بعض المنقولات في حكم العقار، دون الحاجة الى انشاء قواعد قانونية جديدة لتنظم هذا الموضوع ، فيكون دور الافتراض في هذه الحالة هو إيجاد حلول جديدة من خلال نفس القواعد القانونية ، ومن هنا فان الافتراض يقوم بتعديلات على فرض القاعدة القانونية لتشمل وقائع جديدة ، إذ يؤدي استخدامه الى تقليل الحاجة الى صياغة قواعد قانونية جديدة ، ومن ثم الاسهام في ديمومة النص القانوني القائم (38) .
3- الافتراض القانوني معنون ومبرر لوجود القاعدة القانونية .
وهنا لا يكون للافتراض دور في انشاء القاعدة القانونية او توسيع نطاقها ، وانما فقط يقتصر دوره على شرح وتبرير وجود القاعدة القانونية ، وغالبا ما يكون هذا النوع من الافتراض من صناعة الفقهاء لتبرير وضع معين لا يوجد له مبررا في الواقع، مثل دية الجنين التي تستند على افتراض وجوده حيا لتنتقل تركته الى الورثة ، إذ يقوم هذا الافتراض على مخالفة الواقع لإيجاد حل ومبرر لهذه المخالفة (39) .
ولكن ومع كل ذلك فلا ينبغي للمشرع التوسع في اللجوء الى الحيلة القانونية في الصياغة القانونية ، وذلك لما تنطوي عليه من مخالفة الحقيقة وتضييق استخدامها في الحالات الضرورية التي يتعذر بلوغها الا عن طريقها ، كما يتعين الالتزام بالتفسير الضيق في نطاق الحيلة القانونية لكي لا ينحرف التشريع عن الغاية المبتغاة منه (40) .
__________
1- الدكتور احمد شوقي محمد عبد الرحمن ، المدخل للعلوم القانونية ، النظرية العامة للقانون، منشأة المعارف ، الإسكندرية ، 2005 ص 265
2- الدكتور محمد حسين قاسم، المدخل لدراسة القانون (القاعدة القانونية - نظرية الحق ) ، الجزء الأول ، الطبعة الأولى ، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت - لبنان ، ص 389
3- الدكتور مصطفى العوجي ، القاعدة القانونية في القانون المدني ، ط 2 ، منشورات الحلبي الحقوقية ، بدون مكان طبع ، 2010 ، ص 163 .
4- حسن ضعيف حمود ، التفسير المتطور للقانون ( دراسة مقارنة ) ، أطروحة دكتوراه مقدمة الى مجلس كلية القانون جامعة بابل ، 2022 ، ص 16
5- الدكتور هادي محمد عبد الله ، دور إرادة المشرع في تفسير النصوص القانونية ، ( دراسة مقارنة في ضوء فلسفة القانون ) ، ط 1 ، مكتبة يادكار ، السليمانية ، 2017 ، ص 100 .
6- فارس محمد عبد الكريم، الإدارات العامة والتفسير الرجعي للقانون ، مقال منشور على الانترنيت متاح على الرابط التالي http://al-nnas.com/ARTICLE/is/2lo2.htm ، تاريخ الزيارة 2023/7/13 ، وقت الزيارة 12:30 مساءا .
7- الدكتور حسين عثمان ، قراءة في كتاب تفسير القوانين ( النص والسياق والتفسير المقاصيدي ) ، إلمار دريدجر ، تفسير القوانين ( النص والسياق والتفسير المقاصيدي ) ، ترجمة الدكتور محمد احمد سراج والدكتور احمد علي ضبش ، مركز نهوض للدراسات والبحوث ، بدون سنة طبع ولا مكان طبع ، ص 3 - 4 .
8- الدكتور احمد شوقي، مرجع سابق ، ص 270 – 273
9- إذ نصت هذه المادة على ( الزام القاضي باتباع التفسير المتطور للقانون ومراعاة الحكمة من التشريع عند تطبيقه ) .
10- الدكتور هادي محمد عبد الله ، مرجع سابق ، ص 109 – 110 .
11- حسن ضعيف حمود ، مرجع سابق ، ص 13
12- حسن ضعیف حمود ، مرجع سابق ، ص 12 – 13
13- اذ تنص هذه المادة على ( لا ينكر تغير الاحكام بتغير الازمان ) .
14- مقابلة مع قاضي محكمة بداءة كربلاء ، السيد حسين إبراهيم الناطور ، تاريخ المقابلة في 2023/7/9 ، حيث أشار الى نص المادة الخامسة من القانون المدني .
15- الدكتور مصطفى العوجي، مرجع سابق ، ص 81 - 83 .
16- الدكتور عبد الكريم صالح عبد الكريم والدكتور عبد الله فاضل حامد ، تضخم القواعد القانونية - التشريعية ، بحث منشور في مجلة جامعة تكريت للعلوم القانونية ، العدد 23 ، 2014 ، ص 164 – 165
17- اذ نظم المشرع العراقي احكام هذه المسؤولية بموجب المواد ( 186 - 233 ) ينظر الدكتور تحسين حمد سمايل ، التفاقم السلبي في نصوص القانون المدني العراقي وآليات علاجه ، بحث منشور في مجلة القانون والعلوم السياسية ، ضمن وقائع المؤتمر الدولي الثالث للقضايا القانونية ، أربيل ، 2018 ، ص 241 .
18- الدكتور رمضان محمد أبو السعود والدكتور محمد حسين منصور ، المدخل الى القانون ، منشورات الحلبي الحقوقية ، بيروت - لبنان ، 2003 ، ص 71
19- نصت هذه المادة على ( 1 يسري هذا القانون على النشاط الاقتصادي للقطاع الاشتراكي والمختلط والخاص . 2 - يسري القانون المدني على جميع المسائل التي لم يرد بشأنها حكم خاص في هذا القانون أو أي قانون خاص اخر ) .
20- الدكتور باسم محمد صالح ، القانون التجاري، بدون طبعة ، القسم الأول ، شركة العاتك لصناعة الكتاب ، بيروت ، بدون سنة طبع ، ص 22 – 24
21- يذكر انه بصدور قانون الاثبات رقم (107) لسنة 1979 ، فقد ألغي بموجبه المادة (13) من القانون المدني والباب السادس منه ، المتضمن المواد (444) - (505) وذلك بموجب الفقرة أولا من المادة (147) من القانون .
22- إذ نظم المشرع موضوع عقد العمل واركانه والتزامات طرفيه وكيفية انتهائه ، وذلك بموجب المواد (900 - 925 ) من القانون المدني رقم (40) لسنة 1951 المعدل ، وتعد هذه المواد قواعدا عامة بالنسبة لقانون العمل النافذ .
23- إذ نصت هذه المادة على ( يهدف هذا القانون الى ما يأتي :
أولا : ضمان حقوق المواطنين الذين انتزعت عقاراتهم خلافا للقانون . ثانيا : الحفاظ على المال العام ومعالجة عدم التوازن بين مصالح المواطنين ومصلحة الدولة ) .
24- قرارها المرقم 368 / الهيأة المدنية الموسعة / 2015 في 2015/11/16 ، قرار غير منشور .
25- الدكتور احمد شوقي ، المرجع السابق ، ص 195
26- الدكتور رافد خلف هاشم والدكتور عثمان سلمان غيلان، التشريع بين الصناعة والصياغة، الطبعة الأولى ، دار الكتب والوثائق ، بغداد ، 2009 ، ص 40 - 41 .
27- استاذنا الدكتور جمال عبد كاظم الحاج ياسين والدكتور علي شمران حميد الشمري، وسائل تطور النصوص القانونية ، بحث منشور في مجلة اهل البيت (ع) / كلية القانون ، 2018 ، العدد 22 ، ص 208
28- الدكتور همام محمد محمود ، المدخل الى القانون، نظرية القانون ، بدون طبعة ، منشأة المعارف ، الإسكندرية ، 2001 ، ص 173
29- الدكتور احمد شوقي ، مرجع سابق ، ص 195
30- الدكتور ياسر باسم ذنون ، الافتراض القانوني ودوره في تطوير القانون ، بحث منشور في مجلة تكريت للعلوم الإنسانية العدد 1 ، المجلد 12 ، 2005 ، ص 133
31- اذ نصت المادة (47) على ( الأشخاص المعنوية هي : أ - الدولة . ب - الإدارات والمنشآت العامة التي يمنحها القانون شخصية معنوية مستقلة عن شخصية الدولة بالشروط التي يحددها . ج - الالوية والبلديات والقرى التي يمنحها القانون شخصية معنوية بالشروط التي يحددها . د - الطوائف الدينية التي يمنحها القانون شخصية معنوية بالشروط التي يحددها . هـ - الأوقاف . و - الشركات التجارية والمدنية الا ما استثني منها بنص في القانون . ز - الجمعيات المؤسسة وفقا للأحكام المقررة في القانون . ح - كل مجموعة من الأشخاص او الأموال يمنحها القانون شخصية معنوية ) .
32- إذ نصت هذه المادة على ( يعتبر عقارا بالتخصيص المنقول الذي يضعه مالكه في عقار مملوك له رصدا على خدمة هذا العقار او استغلاله ) .
33- إذ اشار المشرع المصري الى العقار بالتخصيص بموجب المادة (82/ف 2) ، بقوله ( ومع ذلك يعتبر عقارا بالتخصيص ، المنقول الذي يضعه صاحبه في عقار يملكه ، رصدا على خدمة هذا العقار او استغلاله ) ، اما المشرع الفرنسي فقد أشار الى بموجب المادة (524) من القانون المدني الفرنسي، بقوله ( ان الحيوانات والاشياء التي وضعها مال فيها لخدمة واستغلال هذه الأرض هي عقارات بالتخصيص ... ) ، ينظر ايناس مكي عبد نصار ، الافتراض القانوني ( دراسة مقارنة بالفقه الإسلامي ) ، أطروحة دكتوراه مقدمة الى مجلس كلية القانون جامعة كربلاء ، 2022 . ، ص 254 و هامشها .
34- الدكتور أبو زيد عبد الباقي مصطفى ، الافتراض ودوره في تطور القانون (دراسة نظرية وتطبيقية لفكرة الافتراض القانوني ) ، ط 1 ، مطبعة دار التأليف ، بدون مكان طبع ، 1980 ص 33
35- ايناس مكي عبد نصار ، الافتراض القانوني ( دراسة مقارنة بالفقه الإسلامي ) ، أطروحة دكتوراه مقدمة الى مجلس كلية القانون جامعة كربلاء ، 2022 ، ص 120
36- ينظر استاذنا الدكتور جمال عبد كاظم الحاج ياسين والدكتور علي شمران حميد الشمري، وسائل تطور النصوص القانونية ، بحث منشور في مجلة اهل البيت (ع) / كلية القانون ، 2018 ، ص 211 .
37- الدكتور أبو زيد عبد الباقي مصطفى ، مرجع سابق ، ص43
38- الدكتور ياسر باسم ذنون ، الافتراض القانوني ودوره في تطوير القانون ، بحث منشور في مجلة تكريت للعلوم الإنسانية العدد 1 ، المجلد 12 ، 2005 ، ص 133.
39- ايناس مكي عبد نصار ، مرجع سابق ، ص 129
40- الدكتور احمد شوقي، مرجع سابق ، ص 196 .

 شعار المرجع الالكتروني للمعلوماتية




البريد الألكتروني :
info@almerja.com
الدعم الفني :
9647733339172+