x

هدف البحث

بحث في العناوين

بحث في المحتوى

بحث في اسماء الكتب

بحث في اسماء المؤلفين

اختر القسم

القرآن الكريم
الفقه واصوله
العقائد الاسلامية
سيرة الرسول وآله
علم الرجال والحديث
الأخلاق والأدعية
اللغة العربية وعلومها
الأدب العربي
الأسرة والمجتمع
التاريخ
الجغرافية
الادارة والاقتصاد
القانون
الزراعة
علم الفيزياء
علم الكيمياء
علم الأحياء
الرياضيات
الهندسة المدنية
الأعلام
اللغة الأنكليزية

موافق

الفضائل

الاخلاص والتوكل

الامر بالمعروف والنهي عن المنكر

الإيثار و الجود و السخاء و الكرم والضيافة

الايمان واليقين والحب الالهي

التفكر والعلم والعمل

التوبة والمحاسبة ومجاهدة النفس

الحب والالفة والتاخي والمداراة

الحلم والرفق والعفو

الخوف والرجاء والحياء وحسن الظن

الزهد والتواضع و الرضا والقناعة وقصر الامل

الشجاعة و الغيرة

الشكر والصبر والفقر

الصدق

العفة والورع و التقوى

الكتمان وكظم الغيظ وحفظ اللسان

بر الوالدين وصلة الرحم

حسن الخلق و الكمال

السلام

العدل و المساواة

اداء الامانة

قضاء الحاجة

فضائل عامة

آداب

اداب النية وآثارها

آداب الصلاة

آداب الصوم و الزكاة و الصدقة

آداب الحج و العمرة و الزيارة

آداب العلم والعبادة

آداب الطعام والشراب

آداب الدعاء

اداب عامة

حقوق

الرذائل وعلاجاتها

الجهل و الذنوب والغفلة

الحسد والطمع والشره

البخل والحرص والخوف وطول الامل

الغيبة و النميمة والبهتان والسباب

الغضب و الحقد والعصبية والقسوة

العجب والتكبر والغرور

الكذب و الرياء واللسان

حب الدنيا والرئاسة والمال

العقوق وقطيعة الرحم ومعاداة المؤمنين

سوء الخلق والظن

الظلم والبغي و الغدر

السخرية والمزاح والشماتة

رذائل عامة

علاج الرذائل

علاج البخل والحرص والغيبة والكذب

علاج التكبر والرياء وسوء الخلق

علاج العجب

علاج الغضب والحسد والشره

علاجات رذائل عامة

أخلاقيات عامة

أدعية وأذكار

صلوات و زيارات

قصص أخلاقية

قصص من حياة النبي (صلى الله عليه واله)

قصص من حياة الائمة المعصومين(عليهم السلام) واصحابهم

قصص من حياة امير المؤمنين(عليه السلام)

قصص من حياة الصحابة والتابعين

قصص من حياة العلماء

قصص اخلاقية عامة

إضاءات أخلاقية

الاخلاق و الادعية : الرذائل وعلاجاتها : علاج الرذائل : علاج الغضب والحسد والشره :

دواء الحسد.

المؤلف:  الشيخ زين الدين الجبعي العاملي (الشهيد الثاني).

المصدر:  كشف الريبة عن أحكام الغيبة

الجزء والصفحة:  ص 72 ـ 78.

22/12/2022

904

اعلم أنَّ الحسد من الأمراض العظيمة للقلوب، ولا تُداوى أمراض القلب إلاَّ بالعلم والعمل، والعلم النافع لمرض الحسد هو أن تعلم يقيناً أنَّ الحسد ضرر عليك في الدنيا والدين، ولا ضرر به على المحسود في الدنيا ولا في الدين، بل ينتفع به فيهما.

ومتى عرفت هذا عن بصيرة ولم تكن عدوّ نفسك وصديق عدوّك فارقتَ الحسد لا محالة.

 أمَّا كونه ضرراً عليك في الدين فهو أنَّك بالحسد سخطت قضاء الله تعالى وكرهت نعمته التي قسمها لعباده وعدله الذي أقامه في ملكه لخفيّ حكمته واستنكرت ذلك واستَشْنَعْتَه.

وهذه جناية على حدقة التوحيد وقذى في عين الايمان، وناهيك بها جناية على الدّين، وقد انضاف إليه أنَّك غششت رجلاً من المؤمنين وتركت نصيحته وفارقت أولياء الله وأنبياءه في حبّهم للخير لعباد الله وشاركت إبليس وسائر الكفَّار في محبّتهم للمؤمنين البلاء وزوال النعم.

وهذه خبائث في القلب تأكل حسنات القلب كما تأكل النار الحطب وتمحوها كما يمحو الليل النهار.

وأمَّا كونه ضرراً عليك في الدُّنيا، فهو أنَّك تتألَّم بحسدك وتتعذَّب به ولا تزال في كدر وغمّ إذ أعداؤك لا يخليهم الله عن نِعَم يفيضها عليهم، فلا تزال تتعذَّب بكلّ نعمة تراها، وتتألَّم بكلّ بليَّة تنصرف عنهم، فتبقى مغموماً محروماً، منشعب القلب، ضيّق النفس، كما تشتهيه لأعدائك، وكما يشتهي أعداؤك لك، فقد كنت تريد المحنة لعدوّك فتنجَّزت في الحال محنتك وغمُّك نقداً ولا تزول النعمة عن المحسود بحسدك. ولو لم تكن تؤمن بالبعث والحساب لكان مقتضى الفطنة إن كنت عاقلاً أن تحذر من الحسد لما فيه من ألم القلب ومساءته وعدم النفع، فكيف وأنت عالم بما في الحسد من العذاب الشديد في الآخرة، فما أعجب من العاقل أن يتعرَّض لسخط الله من غير نفع يناله، بل مع ضرر يحتمله، وألم يقاسيه، فيهلك دينه ودنياه من غير جدوى ولا فائدة.

وأمَّا أنّه لا ضرر على المحسود في دينه ودنياه، فواضح؛ لأنَّ النعمة لا تزول عنه بحسدك، بل ما قدّره الله تعالى من إقبال ونعمة فلا بدَّ وأن يدوم الى أجل قدّره الله تعالى، فلا حيلة في رفعه وإن كانت النعمة قد حصلت بسعيه من علم أو عمل فلا حيلة في دفعه أيضاً، بل ينبغي أن تلوم أنت نفسك حيث يسعى وقعدت، وشمَّر وكسلت، وسهر ونمت وكان حالك كما قيل:

       هلاَّ سعوا سعي الكرام فأدركوا      أو ســلَّمــــوا لمـــواقــــع الأقـــــــــدار

ومهما لم تزل النعمة بالحسد لم يكن على المحسود من ضرر في الدنيا ولا كان عليه إثمٌ في الآخرة، ولعلَّك تقول: ليت النعمة كانت تزول عن المحسود بحسدي.

وهذا غاية الجهل والغباوة، فإنَّه بلاءٌ تشتهيه أوَّلاً لنفسك، فإنَّك لا تخلو أيضاً من عدوّ يحسدك فلو كانت النعم تزول بالحسد لم يُبقِ الله عليك نعمة ولا على الخلق نعمة حتى نعمة الإيمان لأنَّ الكفَّار يحسدون المؤمنين عليه، قال الله تعالى: {وَدَّتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يُضِلُّونَكُمْ وَمَا يُضِلُّونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ} [آل عمران: 69].

وإن اشتهيت أن تزول نعمة الغير عنه بحسدك ولا تزول عنك بحسد الغير، فهذا غاية الجهل والغباوة، فإنَّ كلَّ واحدٍ من حمقاء الحسَّاد أيضاً يشتهي أن يخصّ بهذه الخاصة ولست بأولى من غيرك، فنعمة الله عليك في آنٍ لم تزل نعمة عليك بحسد غيرك من النعم التي يجب عليك شكرها وأنت بجهلك تكرهها.

وأمَّا أنَّ المحسود ينتفع به في الدين والدنيا فواضح.

وأمَّا منفعته في الدين فهو أنَّه مظلوم من جهتك لا سيَّما إذا أخرجك الحسد إلى القول والفعل بالغيبة والقدح فيه وهتك سرّه وذكر مساوئه، فهي هدايا تهديها إليه، فإنَّك تهدي إليه حسناتك حتى تلقاه يوم القيامة مُفلساً محروماً عن النعمة كما خرجت في الدنيا محروماً عن النعمة، فكأنَّك أردت زوال النعمة عنه فلم يزل نعمه وكان عليك نقمة إذ وفَّقك الله للحسنات فنقلتها إليه فأضفت له نعمة إلى نعمة وأضفت إلى نفسك شقاوة إلى شقاوة.

وأمَّا منفعته في الدُّنيا فهو أنَّ أهمَّ أغراض الخلق مساءة الأعداء، وغمّهم وشقاوتهم وكونهم معذّبين مغمومين فلا عذاب أعظم ممّا أنت فيه من ألم الحسد، وغاية أماني أعدائك أن يكونوا في نعمة وأن تكون في غمّ وحسرة بسببهم وقد فعلت في نفسك ما هو مرادهم.

وقد قال علي (عليه السلام): "لا راحة للحسود" (1).

وقال (عليه السلام): "الحاسد مغتاظ على مَن لا ذنب له" (2).

وقد عرفت من تضاعيف هذه المباحث وجه الكلمتين، ومن أجل ذلك ينبغي ألّا تشتهي أعداؤك موتك، بل تشتهي أن تطول حياتك في عذاب الحسد لتنظر إلى نعمة الله تعالى عليهم فينقطع قلبك حسداً، ولذلك قيل:

لا مات أعـداؤُكَ بل خلّـدوا     حتَّى يَروْا منكَ الَّذِي يَكْمـدُ

لا زلتَ محسوداً على نِعْمَةٍ    فـإنَّمــا الكـامـلَ مـن يُحْسَــدُ

ففرح عدوّك بغمّك وحسدك أعظم من فرحه بنعمته.

فإذا تأمَّلت هذا عرفت أنَّك عدوّ نفسك، وصديق عدوّك، إذ تعاطيت مع ما تضررّت به في الدنيا والآخرة، وانتفع به عدوّك في الدنيا والآخرة، وصرتَ شقيّاً عند الخلق والخالق، مذموماً في الحال والمآل.

ثمَّ لم تقتصر على تحصيل مراد عدوّك حتى أدخلت أعظم السرور على إبليس الذي هو من أعدى أعدائك لأنَّك لم تحبّ ما أحبّه أهل الخير لأنفسهم، فتكون معهم لأنَّ المرء مع من أحبّ فأحبّك إبليس لذلك فكنت معه.

وقد تضافرت الأخبار عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بأنَّ المرء مع من أحب (3)، وأنَّك وإن لم تكن عالماً ولا متعلِّماً فكن محبَّاً، فقد فاتك بحسدك ثواب الحبّ واللحاق بهم، وعساك تحاسد رجلاً من أهل العلم وتحبّ أن يخطىء في دين الله وينكشف خطؤه ليفتضح وتحبّ أن يعرض له ما يمنعه عن العلم والتعليم، وأيّ إثم يزيد على هذا فليتك إذا فاتك اللحاق بهم ثم اغتممت به فاتك الإثم وعذاب الآخرة. وقد جاء في الأحاديث أنَّ أهل الجَّنة ثلاثة: المُحسن والمحبّ له والكافّ عنه (4)، أي من يكفّ عنه الأذى والحسد والبغض. فانظر كيف أبعدكَ إبليس عن المداخل الثلاثة، فقد نفذ عليك حسد إبليس وما نفذ حسدك على عدوّك بل على نفسك، فلو انكشفت حالك لك في يقظة أو منام لرأيت نفسك أيّها الحاسد في صورة من يرمي عدوّه بحجارة ليصيب بها مقلته فلا يصيبه بل يرجع حجره على حدقته اليمنى فيعميها فيزداد غضبه ثانياً فيعود الى الرمي أشدّ من الأول فيرجع على عينه الأخرى فيعميها فيزداد غضبه فيعود ثالثة فيرجع على رأسه فيشجّه وعدوّه سالم على كلّ حال، وأعداؤه حوله يفرحون بما أصابه ويضحكون منه.

فهذه حال الحسود، لا بل حاله أقبح؛ لأنّ الحجر المفوّت للعين إنَّما يفوّت ما لو بقي لفات بالموت لا محالة بخلاف الإثم الحاصل للحسود فإنَّه لا يفوت بالموت، بل يسوقه إلى غضب الله وإلى النار، فلئن تذهب عينه في الدنيا خير من أن تبقى له عين يدخل بها النار فيعميها لهيب النار، فانظر كيف انتقام الله تعالى من الحاسد إذا أراد زوال النعمة عن المحسود، فأزالها عن نفسه إذ السلامة من الإثم نعمة، ومن الغمّ نعمة أخرى، وقد زالتا منه تصديقاً لقوله تعالى: {وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ} [فاطر: 43].

 وربّما يُبتلى بعين ما يشتهيه لعدوّه إذ قلَّ ما شمت شامت بمساءة أحد إلاَّ وابتلى بمثلها، فهذه هي الأدوية العلمية، فمهما تفكَّر الانسان فيها بذهنٍ صافٍ وقلبٍ حاضرٍ انطفأ من قلبه نار الحسد، وعلم أنَّه مُهلكٌ نفسه، ومفرّح عدوّه، ومسخط ربّه، ومنغّص عيشه.

وأمّا الدواء العملي فبعد أن يتدبّر ما تقدَّم ينبغي أن يكلّف نفسه نقيض ما يبعثه الحسد عليه، فيمدح المحسود عند بعثه على القدح ويتواضع له عند بعثه على التكبّر ويزيد في الإنعام عند بعثه على كفّه فينتج هذه المقدّمات تمام الموافقة وتنقطع مادَّة الحسد ويستريح القلب من ألمه وغمّه. فهذه أدوية نافعة جدَّاً إلاَّ أنها مرَّة جداً، لكن النفع في الدواء المرّ، ومن لم يصبر على مرارة الدواء لم يظفر بحلاوة الشفاء.

والباعث على هذه الخصال الحميدة، الرغبة في ثواب الله تعالى، والخوف من عقابه، وفَّقنا الله وإيّاكم لاستعماله بمحمد وآله (صلَّى الله عليهم أجمعين).

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) غرر الحكم، ص 525.

(2) جامع الأخبار، ص 186.

(3) إحياء علوم الدين، ج3، ص 186.

(4) المصدر نفسه، ص 187.