x

هدف البحث

بحث في العناوين

بحث في المحتوى

بحث في اسماء الكتب

بحث في اسماء المؤلفين

اختر القسم

القرآن الكريم
الفقه واصوله
العقائد الاسلامية
سيرة الرسول وآله
علم الرجال والحديث
الأخلاق والأدعية
اللغة العربية وعلومها
الأدب العربي
الأسرة والمجتمع
التاريخ
الجغرافية
الادارة والاقتصاد
القانون
الزراعة
علم الفيزياء
علم الكيمياء
علم الأحياء
الرياضيات
الهندسة المدنية
الأعلام
اللغة الأنكليزية

موافق

الحياة الاسرية

الزوج و الزوجة

الآباء والأمهات

الأبناء

مقبلون على الزواج

مشاكل و حلول

الطفولة

المراهقة والشباب

المرأة حقوق وواجبات

المجتمع و قضاياه

البيئة

آداب عامة

الوطن والسياسة

النظام المالي والانتاج

التنمية البشرية

التربية والتعليم

التربية الروحية والدينية

التربية الصحية والبدنية والجنسية

التربية العلمية والفكرية والثقافية

التربية النفسية والعاطفية

مفاهيم ونظم تربوية

معلومات عامة

كيف تصنع الثقة؟

المؤلف:  هادي المدرسي

المصدر:  كيف تبدأ نجاحك من الحد الأدنى؟

الجزء والصفحة:  ص63ــ71

8-8-2022

1058

هل صنع الثقة بين الناس موهبة أم صناعة؟

قد يُخيل للبعض أن الثقة مكرمة سماوية لبعض دون آخرين، وهي لذلك جديرة بالديمومة والبقاء. وإذا حلت لدى شخص فإنها لا تنفك عنه أبداً .. غير أن الأمر ليس كذلك.

ألا ترى، كيف اننا أحياناً نصاب بخيبة الأمل، لأن من نثق به يخون، فتلازمنا الريبة والشكوك وسوء الظن بالناس.. وبعدها ندرك أن الثقة ليست موهبة إلهية، وإنما هي رد فعل لتصرفات الآخرين، فلو كانت هذه التصرفات حسنة فسنمنح لهم كل الثقة، أما لو خالفت العرف والعقل فإننا سنسحب هذه الثقة منهم بلا ندم.

فالثقة هي من صنع الإنسان، وبإمكان أي شخص أن يغرسها في قلب أي إنسان آخر، إذا ما رغب في أن يثق به الناس. ولكن الثقة مثل نبتة غُرست للتو، فهي بحاجة إلى سقيها بالإرادة، وإلا فهي تذبل وتموت.. فإذا اتفقت إرادة طرفين على التعاون ينبغي عليهما أن ينميا الثقة بينهما من خلال التصرفات الحسنة، كل واحد منهما تجاه الآخر.

والصراحة هنا أفضل أسلوب لتحقيق الثقة بين الأفراد، لأنها ستساعد كل واحد من الطرفين على معرفة بعضهما البعض، وتقرب قلوبهما، لأنهما سيشعران بنفس الشعور الذي ينتاب أحدهما تجاه مختلف القضايا، فالصراحة أقرب الطرق للوصول إلى القلوب.

وإذا لم يتحقق التوافق إلا في إرادة أحد الطرفين، فإنه يتوجب على هذا الطرف أن يسعى لتحريك إرادة الطرف المقابل نحو الاتفاق، وهذا بالطبع يتطلب جهداً بالغاً ، لأن زرع الثقة في الإنسان ليس كلاماً يقال، وإنما لابد أن يترجم على شكل أفعال تجلب الثقة.

فالثقة كالمحبة يمكن أن تهبط على قلبين فتربطهما من دون شعور منهما، كما يمكن أن ينسج خيوطها أحد الطرفين ويتدرج في ربطها بالقلب الآخر، فعلينا أن نصنع الثقة وأن نحرص على بقائها، لأن الإبقاء على الثقة قد يكون أصعب من صنعها.

فكم من صديقين حميمين عاشا عقوداً من الزمن في ثقة وانسجام، ثم انفرط العقد بينهما وحلت العداوة مكانها؟

وكم من أعداء أصبحوا أصدقاء وتوثقت العلاقات فيما بينهم، وصمموا على تبادل الثقة، من بعد نزاعات ومقاطعات بين الأطراف؟

فالثقة صفة أخلاقية تربط ما بين الناس وتجمعهم في علاقات حسنة، وأكثر الناس حاجة إليها، هم السياسيون والزعماء ورجال الأعمال، وكلما كان موقع الإنسان حساساً كانت حاجته إلى ثقة الناس أكثر.

والسؤال هنا هو: ما هو أساس صنع الثقة؟

والجواب: إنه الالتزام بمعاني الأخلاق، فهي التي تكسب ثقة الناس وتجعل صاحبها سكناً لهم، فقوام المجتمع مبني على أساس الأخلاق و«المعروف» المتفق عليه، فلا يوجد مجتمع مدني من غير أساس أخلاقي، كما لا توجد حضارة من غير أصول أخلاقية.

حقاً إن الأخلاق جوهر الحضارات والديانات، ولهذا فقد جاء في الحديث الشريف المروي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق»(1).

ثم إن للأخلاق بُعدان؛ أحدهما : يصعد إلى الله (عز وجل)، والثاني: يصل إلى الناس، فلولا الأخلاق لما غفر الله تعالى للعباد، ولولا الأخلاق لما تحاب العباد وتعارفوا فيما بينهم.

يقول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن البعد الأول: «جعل الله سبحانه مكارم الأخلاق صلة بينه وبين عباده، فحسب أحدكم أن يتمسك بخلق تصل بالله»(2).

وعن البعد الثاني، يقول الإمام علي عليه السلام: «لو كنا لا نرجو جنة ولا نخشى ناراً، ولا ثواباً ولا عقاباً، لكان ينبغي لنا أن نطلب مكارم الأخلاق، فإنها مما تدل على سبيل النجاح»(٣).

فما هي الأخلاق؟

بالطبع: هنالك قائمة طويلة للمفردات الأخلاقية، غير إن أصولها معروفة، وقد تدلنا على هذه الأصول الكلمة الذهبية التي يقول فيها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم «أحب عباد الله إلى الله جل جلاله أنفعهم لعباده، وأقومه بحقه، الذين يحبب إليهم المعروف وفعاله»(4).

فالقاعدة الأساسية التي نستخلصها من هذا الحديث هي: أن عليك أن تعامل الناس بما ترغب أن يعاملوك به.

فماذا تريد؟ وماذا تحب؟ وفيم ترغب؟ حدد كل ذلك ثم اعطها للناس. فإن المعروف الذي تسديه إلى الآخرين سوف يرجع إليك.

وقبل أن تأمر الناس بشيء إفعله أنت، فلا تكن ممن يأمر بشيء ولا يأتمر به، وينهى عن شيء ولا ينتهي عنه، وقد قال ربنا (عز وجل) : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ * كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ} [الصف: 2، 3].

ويقول الشاعر:

لا تنه عن خلق وتأتي مثله             عار عليك إذا فعلت عظيم

إبدأ بنفسك، فانهها عن غيها            فإذا انتهت عنه فأنت حكيم

فمادامت الأخلاق هي دعامة الحياة، وهي التي تتحكم في تصرفات الإنسان، في الوقت الذي تقوم القوانين بوضع إطار لتلك الدعامة، فإن الأخلاق الفاضلة هي أولاً قرار أخلاقي.

فمن يصمم على الالتزام بمفردات الأخلاق، يكون حينئذ قد قطع نصف الطريق، وأما النصف الآخر فهو التعود على ذلك بمرور الزمن.

والأخلاق بعد ذلك دعامة الحياة الاجتماعية، بها يكون التآلف والتقارب، والوحدة والانسجام، وبها تتحقق سعادة الفرد، وسعادة الأسرة، وسعادة المجتمع.

فالبيت السعيد هو الذي يتمتع أهله بأخلاق حسنة، لا يتخاصم فيه أحد على أمور تافهة، ويثق بعضه ببعض، وكل يؤدي واجباته، ويأخذ حقوقه، ويعفو ويصفح.

إن مثل هذا البيت السعيد يضحك لأهله، ويلفّهم في حنانه وحبه، والمنازل سواء كانت في القرى أو المدن هي كالبشر سواء بسواء. فهي تحزن، وتتألم، وتلطم خدودها إذا سكنها طغاة البشر، ممن ليس لهم أخلاق أو ممن يفسد في الأرض.

كما أنها تفرح وتستبشر إذا سكنها أناس طيبون، يخافون الله تعالى، ويرجون رحمته. ويجمعهم الحب والإخلاص، وحسن النية، وتؤلف بينهم الثقة. مثل هذه البيوت تدخلها الملائكة، ولا يدخلها الشيطان، وإنها تزهر لأهل السماء، كما تزهر الكواكب لأهل الأرض.

_______________________________

(١) كنز العمال، خ 5217.

(٢) تنبيه الخواطر، ص ٣٦٢.

(3) مستدرك الوسائل، ج ٢، ٢٨٣.

(4) بحار الأنوار، ج ٧٧، ص ١٥٢. 

 شعار المرجع الالكتروني للمعلوماتية




البريد الألكتروني :
info@almerja.com
الدعم الفني :
9647733339172+