مولى
الأزد. كان شاعرا أديبا نحويا لغويا حاذقا عروضيا كثير التصنيف حسن التأليف وكان
بينه وبين ابن شرف الأديب مناقضات ومحاقدات وصنف في الرد عليه عدة تصانيف. كان
أبوه رشيق روميا ذكر ذلك هو في الرد على ابن شرف بعد ذكره نسب ابن شرف: هو اسم
امرأة نائحة ثم قال وأما أنا فنضر الله وجه هذا الشيخ في وأتم به النعمة علي فما
أبغي به أبا ولا أرضى بمذهبه مذهبا رضيت به روميا لا دعيا ولا بدعيا.
تأدب
ابن رشيق على أبي عبد الله بن جعفر القزاز القيرواني النحوي اللغوي وغيره من أهل
القيروان. ومات بالقيروان سنة ست وخمسين وأربعمائة عن ست وستين سنة ذكر ابن رشيق
هذا نفسه في كتابه الذي صنفه في شعراء عصره ووسمه بالنموذج فقال في اخره صاحب
الكتاب هو حسن بن رشيق مولى من موالي الأزد ولد بالمحمدية سنة تسعين وثلاثمائة
وتأدب بها يسيرا. وقدم إلى الحضرة سنة ست وأربعمائة وامتدح سيدنا خلد الله دولته
قال المؤلف يعني المعز بن باديس بن المنصور سنة عشر بقصيدة أولها: [الكامل]
(ذمت لعينك أعين الغزلان ... قمر أقر لحسنه القمران)
(ومشت ولا والله ما حقف النقا ... مما أرتك ولا
قضيب البان)
(وثن الملاحة غير أن ديانتي ... تأبى علي عبادة الأوثان)
منها:
(يا ابن الأعزة من أكابر حمير ... وسلالة
الأملاك من قحطان)
(من كل أبلج واضح بلسانه ... يضع السيوف مواضع التيجان)
قال ومن مدحه القصيدة التي دخل بها في جملته
ونسب إلى خدمته فلزم الديوان وأخذ الصلة والحملان: [البسيط]
(لدن
الرماح لما يسقي أسنتها ... من مهجة القيل أو من ثغرة البطل)
(لو أثمرت من دم الأعداء سمر قنا ... لأورقت
عنده سمر القنا الذبل)
(إذا توجه في أولى كتائبه ... لم تفرق العين بين
السهل والجبل)
(فالجيش ينفض حوليه أسنته ... نفض العقاب جناحيه
من البلل)
(يأتي الأمور على رفق وفي دعة ... عجلان كالفلك
الدوار في مهل)
قال ومن رثائه: [البسيط]
(أما لئن صح ما جاء البريد به ... ليكثرن من
الباكين أشياعي)
(ما زلت أفزع من يأس ومن طمع ... حتى ترفع يأسي
فوق أطماعي)
(فاليوم أنفق كنز العمر أجمعه ... لما مضى واحد
الدنيا بإجماع)
قال ومن هجائه: [البسيط]
(قالوا رأينا فراتا ليس يوجعه ... ما يوجع الناس
من هجو إذا قذفا)
وله من كتاب سر السرور: [الطويل]
(معتقة
يعلو الحباب متونها ... فتحسبه فيها نثير جمان)
(رأت من لجين راحة لمديرها ... فطافت له من عسجد
ببنان)
ومن غير كتابه له: [الطويل]
(ومن حسنات الدهر عندي ليلة ... من العمر لم
تترك لأيامها ذنبا)
(خلونا بها ننفي القذا عن عيوننا ... بلؤلؤة
مملوءة ذهبا سكبا)
(وملنا لتقبيل الثغور ولثمها ... كميل جناح
الطير يلتقط الحبا)
قال الأبيوردي هذا أحسن من قول ابن المعتز: [المنسرح]
(كم من عناق لنا ومن قبل ... مختلسات حذار مرتقب)
(نقر العصافير وهي خائفة ... من النواطير يانع الرطب)
وله أيضا: [مجزوء الكامل]
(قد حنكت مني التجارب ... كل شيء غير جودي)
(أبدا أقول لئن كسبت ... لأقبضن بيدي شديد)
(حتى إذا أثريت عدت ... إلى السماحة من جديد)
(إن المقام بمثل حالي ... لا يتم مع القعود)
(لا بد لي من رحلة ... تدني من الأمل البعيد)
وله أيضا: [السريع]
(في الناس من لا يرتجى نفعه ... إلا إذا مس بإضرار)
(كالعود لا يطمع في طيبه ... إن أنت لم تمسسه بالنار)
ومما
أورده ابن رشيق لنفسه في النموذج: [السريع]
(أقول كالمأسور في ليلة ... ألقت على الافاق كلكالها)
(يا ليلة الهجر التي ليتها ... قطع سيف الوصل أوصالها)
(ما أحسنت جمل ولا أجملت ... هذا وليس الحسن إلا
لها)
وأنشد لنفسه أيضا: [الوافر]
(أحب أخي ولو أعرضت عنه ... وقل على مسامعه كلامي)
(ولي في وجهه تقطيب راض ... كما قطبت في وجه المدام)
(ورب تجهم من غير بغض ... وضغن كامن تحت ابتسام)
وله أيضا: [الخفيف]
(من جفاني فإنني غير جاف ... صلة أو قطيعة في عفاف)
(ربما هاجر الفتى من يصافيـ ... ـه ولاقى بالبشر
من لا يصافي)
وأنشد لنفسه في كتاب فسح اللمح: [المنسرح]
(المرء في فسحة كما علموا ... حتى يرى شعره وتأليفه)
(فواحد منهما صفحت له ... عنه وجازت له زخاريفه)
(واخر نحن منه في غرر ... إن لم يوافق رضاك تثقيفه)
(وقد
بعثنا كيسين ملؤهما ... نقد أمرئ حاذق وتزييفه)
(فانظر وما زلت أهل معرفة ... يا من لنا علمه ومعروفه)
ثم قال في ورقة أخرى تمام الأبيات العينية وما
وجدتها أعني الأبيات التي هذه تمامها: [الطويل]
(ولو غيرك الموسوم عندي بريبة ... لأعطيت فيه
مدعي القوم ما ادعى)
(فلا تتخالجك الظنون فإنها ... مآثم واترك
للصنائع موضعا)
(فوالله ما طولت باللوم فيكم ... لسانا ولا عرضت
للذم مسمعا)
(ولا ملت عنكم بالوداد ولا انطوت ... حبالي ولا
ولى ثنائي مودعا)
(بلى ربما أكرمت نفسي فلم تهن ... وأجللتها عن
أن تذل وتخضعا)
(فباينت لا أن العداوة باينت ... وقاطعت لا أن
الوفاء تقطعا)
وختم كتاب العمدة بهذه الأبيات: [الكامل]
(إن
الذي صاغت يدي وفمي ... وجرى لساني فيه أو قلمي)
(مما عنيت بسبك خالصه ... واخترته من جوهر الكلم)
(لم أهده إلا لتكسوه ... ذكرا يجدده على القدم)
(لسنا نزيدك فضل معرفة ... لكنهن مصايد الكرم)
(فاقبل هدية من أشدت به ... ونسخت عنه آية العدم)
(لا تحسن الدنيا أبا حسن ... تأتي بمثلك فائق الهمم)
الاكثر قراءة في تراجم الادباء و الشعراء و الكتاب
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة