x

هدف البحث

بحث في العناوين

بحث في المحتوى

بحث في اسماء الكتب

بحث في اسماء المؤلفين

اختر القسم

القرآن الكريم
الفقه واصوله
العقائد الاسلامية
سيرة الرسول وآله
علم الرجال والحديث
الأخلاق والأدعية
اللغة العربية وعلومها
الأدب العربي
الأسرة والمجتمع
التاريخ
الجغرافية
الادارة والاقتصاد
القانون
الزراعة
علم الفيزياء
علم الكيمياء
علم الأحياء
الرياضيات
الهندسة المدنية
الأعلام
اللغة الأنكليزية

موافق

الأدب

الشعر

العصر الجاهلي

العصر الاسلامي

العصر العباسي

العصر الاندلسي

العصور المتأخرة

العصر الحديث

النثر

النقد

النقد الحديث

النقد القديم

البلاغة

المعاني

البيان

البديع

العروض

تراجم الادباء و الشعراء و الكتاب

شعراء الطبيعة

المؤلف:  شوقي ضيف

المصدر:  تاريخ الادب العربي - العصر الاسلامي

الجزء والصفحة:  ص:386-389

11-7-2021

4236

شعراء الطبيعة

لعلنا لا نبالغ إذا قلنا إن الطبيعة دائما كانت ملهما بالغ التأثير في نفسية الشاعر العربي، وقد مضي أسلافه في الجاهلية يصدرون عنها في أشعارهم، فلم يتركوا كبيرة ولا صغيرة في صمتها ولا في حركتها دون أن يرسموها في أشعارهم، فهم يصورون فلواتها بكثبانها ورمالها وغدرانها وغيثها وسيولها وخصبها وجد بها ونباتاتها وأشجارها وحيوانها وطيرها وزواحفها وهواجرها وما قد ينزل ببعض مرتفعاتها وأطرافها من البرد وقوارصه.

386

 

ومضي شعراء العصر الأموي-علي سنة آبائهم-يستلهمون صحراءهم، مزاوجين على شاكلتهم بين حب الطبيعة وحب المرأة، إذ يفتتح الشاعر غالبا مطولاته بوصف أطلال الديار التي قضي بها شبابه مع بعض صواحبه، ويسترسل في الحديث عن ذكريات حبه. ولا يلبث أن يتحدث عن رحلته في الصحراء، وما قطع فيها من مفاوز على ناقته التي يسهب في وصفها لما لها من جمال في نفسه، كما يسهب في وصف فرسه إن كان فارسا، وهو في ثنايا ذلك يحدثنا عن كل ما تقع عليه عينه في صحرائه ويخلف أثرا في ذهنه من طير وحيوان في الأرض ونجوم وكواكب في السماء.

وعلي الرغم من أن جمهور الشعراء لهذا العصر عاش في بيئات متحضرة، فإن الصحراء لم تجف ينابيعها في نفوسهم، بل لقد ظلت ملهمهم الأول في أشعارهم، على نحو ما نجد عند مبرزيهم من أمثال الفرزدق والأخطل وجرير، ومن خير ما يصور ذلك أبيات للفرزدق يوازن فيها بين طبيعة الصحراء ونهير دجيل وما يجري فيه من سفن، موازنة يعلي فيها الطبيعة الاولى علوا كبيرا، يقول (1):

لفلج وصحراواه لو سرت فيهما … أحب إلينا من دجيل وأفضل (2)

وراحلة قد عودوني ركوبها … وما كنت ركابا لها حين ترحل (3)

قوائمها أيدي الرجال إذا انتحت … وتحمل من فيها قعودا وتحمل (4)

إذا ما تلقتها الأواذي شقها … لها جؤجؤ لا يستريح وكلكل (5)

إذا رفعوا فيها الشراع كأنها … قلوص نعام أو ظليم شمردل (6)

وواضح أنه يؤثر الطبيعة الصحراوية البدوية على طبيعة البيئات الجديدة وما فيها من أنهار وسفن تحمل الناس في رحلات نهرية ممتعة. وهو يعبر بذلك

 

387

عن شعوره وشعور من حوله من الشعراء الذين فتنوا مثله بالصحراء ومناظرها الطبيعية أمثال ذي الرمة، وسنعرض له عما قليل. وكان يعاصره العجاج وغيره من الرجاز. أمثال رؤبة الذي يقول (7):

إن الردافي والكري الأرقبا … يكفيك درء الفيل حتي تركبا (8)

فهو يفضل ركوب الإبل على ركوب الفيل الذي يحتاج الى الدفع قبل اعتلائه.

وليس معني ذلك أن الشاعر الأموي لم يفسح لطبيعة البيئات الجديدة في شعره، إنما معناه أن الطبيعة الصحراوية هي التي كانت تستولي على ملكاته، أما بعد ذلك فقد كانت تنفذ طبيعة الأقاليم الجديدة الى حواسه، فيصور ما يراه بها من جبال وثلوج. وقد صور الفرزدق نفسه في بعض رحلاته الى دمشق ما كان ينزل عليه وعلي صحبه في طريقه شتاء من نثير الثلج، يقول (9):

مستقبلين شمال الشام تضربهم … بحاصب كنديف القطن منثور (10)

علي عمائمنا يلقي، وأرحلنا … على زواحف نزجيها محاسير (11)

وكان جرير على شاكلته لا يزال يبدئ ويعيد في وصف المناظر الصحراوية ومع ذلك تلقانا في ديوانه قطعة صور فيها نهيرات شقها هشام بن عبد الملك من نهر الفرات، وخاصة نهير الهنئ، وما نبت على ضفافها من زرع وزيتون وأعناب ونخيل ومن كل الثمرات، وهي تطرد على هذا النمط (12):

شققت من الفرات مباركات … جواري قد بلغن كما تريد

وسخرت الجبال وكن خرسا … يقطع في مناكبها الحديد

 

388

بلغت من الهنئ فقلت شكرا … هناك، وسهل الجبل الصلود (13)

بها الزيتون في غلل ومالت … عناقيد الكروم فهن سود (14)

فتمت في الهنئ جنان دنيا … فقال الحاسدون هي الخلود

يعضون الأنامل أن رأوها … بساتينا يؤازرها الحصيد (15)

ومن أزواج فاكهة ونخل … يكون لحمله طلع نضيد (16)

وجرير يحدثنا عن شق الطرق للنهيرات في الجبال وتحطيم ما يعترض من الصخور، كما يحدثنا عن المناظر الطبيعية في تلك البيئة وما حف بها من أشجار فاكهة وغير فاكهة وزروع مختلفة.

فالشاعر الأموي مع استغراق مناظر الصحراء له لم يغمض عينيه عن مناظر البيئات الجديدة، فقد كان يسجلها من حين الى حين، وخاصة منهم من كانوا يلهجون بالصيد وكلابه وصقوره وفهوده، وسنعرض لذلك في حديثنا عن الرجاز، وقد تعرضت طائفة منهم لوصف الفيل، على شاكلة قول رؤبة يصفه (17):

أجرد كالحصن طويل النابين … مشرف اللحي صغير الفقمين (18)

عليه أذنان كفضل الثوبين

واشتهر في هذا المجال هرون مولي الأزد (19). فالطبيعة الجديدة المتحركة والصامتة ألهمتهم كثيرا من الشعر والرجز، ولكن من الحق أن بيئتهم الصحراوية كانت ملهمهم الأول في هذا العصر.

389

 

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) ديوان الفرزدق (طبعة الصاوي) ص 626.

(2) فلج: واد من أودية تميم بين البصرة وحمي ضرية. ودجيل: من أنهار دجلة.

(3) ترحل: تهيأ للرحيل.

(4) القوائم هنا: المجاذيف بأيدي الملاحين.

(5) الأواذي: الأمواج. الجؤجؤ: بطن السفينة من أمام، الكلكل: الصدر.

(6) قلوص النعام: طويلة القوائم، الظليم: ذكر النعام، الشمردل: الطويل تام الخلق.

(7) الحيوان 7/ 90.

(8) الردافي: الحادي. الكري: الذي يكري دابته ويؤجرها. والأرقب: غليظ الرقبة. دره الفيل: ذفعه وكفه.

(9) الديوان ص 262.

(10) شمال الشام: ريح شمالية. الحاصب: ما تحمله الريح من دقاق التراب أو الثلج. النديف: نثير الثلج والبرد.

(11) نزجيها: نسوقها وندفعها، محاسير: كليلة.

(12) ديوان جرير (طبعة الصاوي) ص 150.

(13) الصلود: اليابس.

(14) الغلل: الماء الجاري تحت الشجر على وجه الأرض. الكروم: الأعناب.

(15) الحصيد: الزروع التي تحصد ثمارها كالقمح.

(16) الطلع: ثمر النخل في إبانه. نضيد: منتظم.

(17) الحيوان 7/ 79.

(18) الفقمان: اللحيان.

(19) الحيوان 7/ 114 وما بعدها.

 

 

 

 شعار المرجع الالكتروني للمعلوماتية




البريد الألكتروني :
info@almerja.com
الدعم الفني :
9647733339172+