الشريف الحسين ونجد
المؤلف:
احمد السباعي
المصدر:
تاريخ مكة دراسات في السياسة والعلم والاجتماع
الجزء والصفحة:
ج2، ص 700- 703
10-12-2020
1589
الحسين ونجد
مر بنا فيما سبق من فصول أن الخلاف بين أشراف مكة وحكام نجد قديم العهد وكان العثمانيون يستفيدون من هذا الخلاف لتدعيم سلطتهم في بلاد العرب. لقد كانوا يعلمون ان الحركة الدينية التي ينادون بها تلازمها حركة واسعة لبسط النفوذ والفتح على حساب السلطة العثمانية فهم لهذا كانو يكلفون أشراف مكة ويمدونهم بالذخيرة والاموال ليستعيدوا بعض ما يفقده النفوذ العثماني من سلطان في شرقي الجزيرة أو جنوبها.
وعندما تولى الحسين امارة مكة كان الاتحاديون العثمانيون قد زاد استياؤهم من نجد فأوعزوا الى الحسين أن يعمل على ارهابهم وكان استياء الحسين لا يقل عن استياء العثمانيين لانه شعر أن دعوة نجد شرعت تستميل بعض القبائل التي تواليه وأهمها (عتيبة) وتمد نفوذها الى غيرها وان انتشار الدعوة تعني انتشار الفتح على حساب امارته فأعد جيشه للمسير الى ديار عتيبة في عام ١٣٣٠.
وفي هذه الاثناء كان سعد بن عبد الرحمن شقيق الامام عبد العزيز آل سعود قد دخل ديار عتيبة فاستطاع الحسين أن يغريهم بالقبض عليه وتقديمه مأسورا وبذلك استطاع ان يشترط على امام نجد (الملك عبد العزيز آل سعود فيما بعد) ان يعترف تلقاء اطلاق أخيه بسيادة العثمانيين وان يدفع ستة آلاف مجيدي تعويضا للدولة فقبلت نجد ما طلبه منها.
ولما اشتعلت الحرب العامة وثار الحسين ثورته المعروفة على الاتراك واتصلت الاخبار بنجد رحب إمامها بالفكرة وتبادل والحسين كتب الود والمجاملة والهدايا (١) الا ان الحسين ما فتيء أن أعلن نفسه ملك العرب وشرع يتكلم في مؤتمرات الصلح باسم العرب فأثيرت الشكوك في نجد وخيف أن يطمع الحسين في ضمها فأنطلق ابن السعود يحتج ويعترض ويطلب تحديد الحدود التي تفصل نجدا فأستاء الحسين وعظم عليه الامر.
واشتد استياء الحسين أكثر عندما بلغه أن دعوة نجد تنشط بين القبائل المتاخمة وفيهم من والاه في حروب الاتراك وساعده في جميع أعمال الثورة فأرسل الى تلك القبائل حملات تأديبية حاول أن يدعم بها نفوذه فلم تنجح محاولته بقدر ما بثت من الاضطرابات بين القبائل المتاخمة.
وأراد الحسين أن يضرب بقوة تترك صداها في ديار نجد فأوعز الى ابنه وقائده الظافر في المدينة الامير عبد الله (ملك الاردن فيما بعد) أن يميل بجيشه ومعداته الثقيلة الى تربة والخرمة فتقدم حتى انتهى الى تربة في ٢٤ شعبان سنة ١٣٣٧ وبات ليلته فيها فلم تمهله العشائر التي استثارها حماس الدعوة الدينية في نجد من قبائل عتيبة وسبيع والبقوم بل فاجأته على غرة ووضعت السيوف في جيشه ولم تترك سبيلا للفارين الا نفرا قليلا استطاعوا النجاة بأنفسهم وكان من بينهم القائد والامير عبد الله.
وفي هذه الاثناء كان الامام عبد العزيز (الملك فيما بعد) قد زحف على رأس جيوشه الى تربة فوافته قبل أن يصلها أخبار هزيمة الجيش الهاشمي فيها فمضى في طريقه حتى دخلها.
وأهل عام ١٣٣٨ والعلاقة بين الحسين ونجد على أشد ما تكون سوءا وحلت أشهر الحج فأعلن منع النجديين من الحج واستمر على ذلك في العام الذي يليه ثم توسط الحلفاء بينه وبين جيرانه فأذن لهم في عام ١٣٤٠ بالحج على أن يكون عددهم محدودا فقبلوا ، ثم عادوا في سنة ١٣٤١ يطلبون الاذن لقدر غير محدود فعاد الحسين الى أبائه وأعلن منعهم من الحج الا اذا أخلوا البلاد التي اكتسبوها في الحدود وتوسط الحلفاء فهيئوا مؤتمرا في الكويت يجمع بين مندوبي الحسين وأولاده في العراق والاردن فلم ينجح المؤتمر وانفض المندوبون على غير وفاق ، وسنعود الى تفصيل ذلك في البحث عن العهد السعودي الثاني (2)
________________
(١) كان مما كتبه الامام عبد العزيز فى شعبان عام ١٣٢٨ الى الحسين «لقد قدمنا أخينا عبد العزيز بن عبد الله السعود لموجب خدمتكم وأجبنا المصاوغة منه لموجب التبريك بأقدامكم ولا شك فى غايتنا نبى نقرب أنفسنا منكم (راجع جزيرة العرب فى القرن العشرين للشيخ حافظ وهبه ص ٣١٢)
(2) كان من أهم أسباب الخلاف ان ابن السعود اشترط في المؤتمر ان لا يتضامن مندوبو الحجاز والعراق والاردن ليستطيع مفاوضة كل على حدته كما ان مندوب الاردن اشترط للمفارضة ان تعود حائل لآل الرشيد وان تنسحب جنود نجد من تربة وسائر الاراضي الحجازية التى احتلها النجديون (جزيرة العرب في القرن العشرين ٢٤٧)
الاكثر قراءة في مكة
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة