1

x

هدف البحث

بحث في العناوين

بحث في المحتوى

بحث في اسماء الكتب

بحث في اسماء المؤلفين

اختر القسم

القرآن الكريم
الفقه واصوله
العقائد الاسلامية
سيرة الرسول وآله
علم الرجال والحديث
الأخلاق والأدعية
اللغة العربية وعلومها
الأدب العربي
الأسرة والمجتمع
التاريخ
الجغرافية
الادارة والاقتصاد
القانون
الزراعة
علم الفيزياء
علم الكيمياء
علم الأحياء
الرياضيات
الهندسة المدنية
الأعلام
اللغة الأنكليزية

موافق

التاريخ والحضارة

التاريخ

الحضارة

ابرز المؤرخين

اقوام وادي الرافدين

السومريون

الساميون

اقوام مجهولة

العصور الحجرية

عصر ماقبل التاريخ

العصور الحجرية في العراق

العصور القديمة في مصر

العصور القديمة في الشام

العصور القديمة في العالم

العصر الشبيه بالكتابي

العصر الحجري المعدني

العصر البابلي القديم

عصر فجر السلالات

الامبراطوريات والدول القديمة في العراق

الاراميون

الاشوريون

الاكديون

بابل

لكش

سلالة اور

العهود الاجنبية القديمة في العراق

الاخمينيون

المقدونيون

السلوقيون

الفرثيون

الساسانيون

احوال العرب قبل الاسلام

عرب قبل الاسلام

ايام العرب قبل الاسلام

مدن عربية قديمة

الحضر

الحميريون

الغساسنة

المعينيون

المناذرة

اليمن

بطرا والانباط

تدمر

حضرموت

سبأ

قتبان

كندة

مكة

التاريخ الاسلامي

السيرة النبوية

سيرة النبي (صلى الله عليه وآله) قبل الاسلام

سيرة النبي (صلى الله عليه وآله) بعد الاسلام

الخلفاء الاربعة

ابو بكر بن ابي قحافة

عمربن الخطاب

عثمان بن عفان

علي ابن ابي طالب (عليه السلام)

الامام علي (عليه السلام)

اصحاب الامام علي (عليه السلام)

الدولة الاموية

الدولة الاموية *

الدولة الاموية في الشام

معاوية بن ابي سفيان

يزيد بن معاوية

معاوية بن يزيد بن ابي سفيان

مروان بن الحكم

عبد الملك بن مروان

الوليد بن عبد الملك

سليمان بن عبد الملك

عمر بن عبد العزيز

يزيد بن عبد الملك بن مروان

هشام بن عبد الملك

الوليد بن يزيد بن عبد الملك

يزيد بن الوليد بن عبد الملك

ابراهيم بن الوليد بن عبد الملك

مروان بن محمد

الدولة الاموية في الاندلس

احوال الاندلس في الدولة الاموية

امراء الاندلس في الدولة الاموية

الدولة العباسية

الدولة العباسية *

خلفاء الدولة العباسية في المرحلة الاولى

ابو العباس السفاح

ابو جعفر المنصور

المهدي

الهادي

هارون الرشيد

الامين

المأمون

المعتصم

الواثق

المتوكل

خلفاء بني العباس المرحلة الثانية

عصر سيطرة العسكريين الترك

المنتصر بالله

المستعين بالله

المعتزبالله

المهتدي بالله

المعتمد بالله

المعتضد بالله

المكتفي بالله

المقتدر بالله

القاهر بالله

الراضي بالله

المتقي بالله

المستكفي بالله

عصر السيطرة البويهية العسكرية

المطيع لله

الطائع لله

القادر بالله

القائم بامرالله

عصر سيطرة السلاجقة

المقتدي بالله

المستظهر بالله

المسترشد بالله

الراشد بالله

المقتفي لامر الله

المستنجد بالله

المستضيء بامر الله

الناصر لدين الله

الظاهر لدين الله

المستنصر بامر الله

المستعصم بالله

تاريخ اهل البيت (الاثنى عشر) عليهم السلام

شخصيات تاريخية مهمة

تاريخ الأندلس

طرف ونوادر تاريخية

التاريخ الحديث والمعاصر

التاريخ الحديث والمعاصر للعراق

تاريخ العراق أثناء الأحتلال المغولي

تاريخ العراق اثناء الاحتلال العثماني الاول و الثاني

تاريخ الاحتلال الصفوي للعراق

تاريخ العراق اثناء الاحتلال البريطاني والحرب العالمية الاولى

العهد الملكي للعراق

الحرب العالمية الثانية وعودة الاحتلال البريطاني للعراق

قيام الجهورية العراقية

الاحتلال المغولي للبلاد العربية

الاحتلال العثماني للوطن العربي

الاحتلال البريطاني والفرنسي للبلاد العربية

الثورة الصناعية في اوربا

تاريخ الحضارة الأوربية

التاريخ الأوربي القديم و الوسيط

التاريخ الأوربي الحديث والمعاصر

التاريخ : العصر البابلي القديم :

عبد المطلب بن غالب للمرة الثالثة في مكة

المؤلف:  احمد السباعي

المصدر:  تاريخ مكة دراسات في السياسة والعلم والاجتماع

الجزء والصفحة:  ج2، ص 612 - 623

4-12-2020

1450

عبد المطلب بن غالب للمرة الثالثة :

 واتصل الخبر بدار السلطنة فوجه عبد الحميد الامارة الى عبد المطلب بن غالب للمرة الثالثة وكان يقيم يومها في الاستانة فتوجه منها في ١٧ ربيع الآخر عام ١٢٩٨ (١).

وقد نشرت جريدة الجوائب التركية (٢) تقول : «توجه حضرة السيد الجليل الاثيل مولانا الهمام الكامل عقد آل البيت النبوي المعظم سلالة الاماجد القاطنين ببلد الله الامين والحطيم وزمزم الشريف عبد المطلب بن المرحوم مولانا الشريف غالب».

ويذكر الحضراوي (٣) في تاج تواريخ البشر انه توجه في باخرة سلطانية خاصة كلفت الدولة ما يزيد عن ١٧٠٠ جنيه (عثماني) عدا ألفي جنيه تسلمها كنفقات سفر وأنه صحبته في الباخرة لجنة فنية لتخطيط ديار حرب التي كانت تضطرب بالفتن وحوادث العدوان وقد انتهى الى ينبع في ٧ جمادي الاول فأقام اسبوعا ومنها بلغه ان المدينة تعاني من الضنك والشدة كثيرا لقلة ورود الأرزاق اليها نتيجة لارتباك طرق القوافل فأمر بنقل الأرزاق اليها من ينبع فسارت الاحمال في قافلة بلغت ألف جمل فاستقبلت المدينة ذلك بسرور عظيم وهبطت الاسعار حتى بلغت أقة اللحم ثلاثة قروش وكيلة الارز خمسة قروش ونصف وكيلة القمح أربعة قروش ونصف.

وبعد أن أقام عبد المطلب في المدينة نحو اسبوعين استأنف عودته الى ينبع فاستقل الباخرة التي كانت قائمة تنتظره فتوجه بها الى جدة حيث أقام أربعة أيام استقبل أعيان الاهالي في جدة وكبار الوافدين من مكة ثم انتقل الى مكة فدخلها ليلة الجمعة ١٨ جمادي الاخرة ١٢٩٧ ه‍ في حفل عظيم ونزل في قصره بالقرارة (4).

ويشير الحضراوي (5) الى رجال الدوائر الاميرية فيقول ان عبد المطلب كان قد صحبه رجل من الشام يسمى جمال أفندي وآخر من اليمن يسمى محمد جابر وقد قيل أن الاخير كان مأمورا لبعض الجمارك فاعتقل في مكة بتهمة تبديد أموال الدولة في عهد الأمير عبد الله ثم استطاع أن يلحق بالاستانة وان يتصل بالشريف عبد المطلب ويلتحق بمعيته فاصطحبه بعد أن تقلد الامارة الى مكة وجعله رئيسا لدائرته يعاونه في ذلك كاتب تركي يسمى ايوان افندي وآخر من مولدي المدينة الاتراك اسمه حسين طلعت الى ان قال ما معناه : ان هؤلاء الموظفين استبدوا باعمال عبد المطلب على اثر وصوله الى مكة ومنعوا الناس من الوصول اليه فاستاء الاهالي ورجال البادية ورجال قبائل حرب بالخصوص.

ويذكر الدحلان (6) ما معناه ان الشريف عبد المطلب تقلد امارته الاخيرة بعد ان تقدمت به السن لذلك ارتبكت عليه بعض الامور واستطاع بعض رجال قصره ان يستبدوا بالامر دونه ويوجهوه الى وجهات كانوا يستغلون فوائدها لأنفسهم.

وما كاد الامير يصل الى مكة حتى لاحظ دارا في القرارة تعلو داره بناها الشريف مهدي بن ابي طالب العبدلي في مدى غيابه عن الامارة فأمر باحضار لجنة للاشراف على دعواه في الضرر فوافقته اللجنة فأحضر أبناء الشريف مهدي وقرر أن يدفع أربعة آلاف ريال ثمنا للدار فقبلوا مكرهين فكتب القاضي صكا بذلك ثم أمر بها فهدمت وبذلك بدأ استياء الناس وكثر لغطهم في شأن الامير.

وما لبث عبد المطلب ان قبض على شيخ حارة الغزة محمد الهابط وعبد الله ابن قويحص ومحمد تركي بدعوى انهم يتكلمون في السياسة وأمر بهم فجلدوا في بيته ـ البياضية بالمعابدة ـ حتى فقدوا وعيهم ثم جروا الى الابطح وتركوا فيه حتى مات اثنان منهم ولم يعش الا شيخ الغزة واستمر القبض يوميا حتى اشتد نفور الناس منه.

 

وقبض على ابراهيم قاضي صاحب ينبغ وعايض بن هليل شيخ قرية السيل وابن حراثيم من أهلها وأرسلوهم مقيدين الى الاستانة.

ولا أستبعد ان تكون اعمال الارهاب هذه حلقة متممة لسلسلة الاضطهاد التي اعلنها عبد الحميد في الاستانة ضد خصومه من أنصار الاتحاد او من يشتبه فيهم فقد رأينا عبد الحميد يختار عبد المطلب لامارة مكة على اثر اغتيال الحسين الشهيد فلا يبعد أن يكون قد كلفه بتعقب من يشتبه فيهم من أنصار الاتحاديين خصوصا وقد رأيناه يرسل بهم الى الاستانة كما لا يستبعد ان تكون بعض اعمال عبد المطلب خاصة به وانه اغتنم لتبريرها فرصة دعوة عبد الحميد ضد الاتحاديين ورجال السياسة تنكيلا بخصومه ومجاملة للارهاب العام في دار الخلافة.

وبلغ من وثوق عبد الحميد بعبد المطلب أن نفى كبار خصومه ويبلغ عددهم نحو ١١ شخصا على رأسهم مدحت وزملاؤه الى مكة ووكل اليه المحافظة على سجنهم واسكات من اقتضت سياسة عبد الحميد اسكاتهم فقد حوكم هؤلاء الخصوم في محكمة عبد الحميد في الاستانة وصدر الحكم عليهم بالقتل الا ان عبد الحميد رأى تأجيل ذلك فاعلن العفو عنهم من القتل واستبدل ذلك بالنفي فرحلوا في محافظة شديدة الى مكة حيث ظلوا فيها يومين ثم استأنفوا رحلتهم الى الطائف حيث سجنوا بها في القشلاق المعروف (7).

ومما يؤيد صلة عبد المطلب بفكرة الملكية واخلاصه لعبد الحميد ما اخبرني به الشيخ حسن عشي وكان من المقربين في قصر الامارة في مكة فقد ذكر ان عبد المطلب كان يقيم في الطائف يوم وصول مدحت وزملائه اليها وانه كان يطل عليهم من نافذته وهم في طريقهم الى السجن ويقول «نصحت لك يا مدحت فلم تقبل».

وكان في معية الصدر الاعظم مدحت باشاز ميله محمود باشا الداماد وكان صدرا أعظم قبله وخير الله افندي شيخ الاسلام وكان قد افتى بخلع عبد الحميد وكان الأخير قد نفي قبلهم الى المدينة ثم الحق بهم عندما وصلوا الى الطائف واعتقل معهم في سجنه.

وقد وصل المعتقلون الى الطائف في سنة ١٢٩٧ وظلوا في اعتقالهم الى ان اغتيل فيه مدحت ومحمود وبقي شيخ الاسلام.

واخبرني بعض المعمرين أنهما قتلا بضغط الخصيتين ضغطا شديدا حتى ماتا وقد اخبرهم بذلك من سمع اصواتهم المكتومة في بعض البيوت القريبة من القشلاق.

وقد ظل جثمان مدحت مدفونا في الطائف حتى أوفدت الجمهورية التركية في عام ١٣٧٠ ه‍ لجنة تولت نقل جثمانه من الطائف الى أنقرة.

ويذكر الدحلان (8) في حوادث عام ١٢٩٧ ان بازان أجياد تمت عمارته فيها وأجريت الى خزانة عين زبيدة.

ويذكر أن عبد المطلب كان يعتمد في اعماله بجدة على وكيله الشيخ حسن هزازي ثم ما لبث أن غضب عليه فسجنه ونقل اعماله الى عمر أفندي نصيف وكيل الأشراف من آل عون.

ويستمر الدحلان (9) في وصف الشدة التي كان يعامل بها عبد المطلب الرعايا في مكة الى أن يقول وقدمات له ولدان كان قد توليا أعماله بعنف فلم تطل مدتهما ثم ولى حفيده مساعد بن رضا بك قائمقاما فظل نحو أربعين يوما يذيق الناس فيها أصنافا من العذاب والسجن حتى ضج الناس ورجال البادية فنزل عبد المطلب يوما الى القرارة وامر باطلاق جميع المسجونين وولى القائمقامية عليا بن سعد السروري فلم يكن أقل منه عنفا في الحكم ثم ولى حامدا المنعمي فازداد السوء واضطربت البادية برجالها وارتبكت شؤون الأمن.

ويذكر ايضا (10) ان عبد المطلب آثر بالمنافع بعض المقربين اليه في حلقات الفاكهة وغيرها ويقول صاحب افادة الأنام أن رجال ادارته كانوا يحسنون له ذلك مقابل الرشاوي التي يستفيدون بها لأنفسهم.

 

ولقد كان للفاكهة والخضار سوق شائع بين الدلالين يمارسون فيه عملية المزاد بين البائعين والمشترين فاستطاع ، دخيل الله العواجي أن يحتكر حقوق الدلالة على جميع الخضار والفواكه لنفسه في الحلقة بموجب تقرير موقع من عبد المطلب وبذلك منع جميع المحترفين ثم اباح لهم العمل لقاء مبالغ تحصلها لنفسه منهم وفعل مثل ذلك في حلقات الحشيش والفحم والحطب فقد أقر فيها بعض الاشراف بموجب تقارير خاصة تمنع غيرهم من مزاولة الدلالة الا برسوم يدفعونها لقاء ذلك لصاحب التقرير وفعل مثل ذلك في تقرير تخريج الجمال الخاصة بالجاويين في بيوت معينة تتمتع بمصالحها وحدها.

والواقع ان هذا الاحتكار لم ينفرد بتقريره عبد المطلب وحده فقد شاركه فيه كثير من أمراء مكة قبله من عهد أبي نمي الثاني ولا نزال نشاهد آثار ذلك باقيا الى اليوم في كثير من البيوتات القديمة وقد رزح الأهلون تحت وطأته أجيالا طويلة دون أن يغير ذلك من وضعه شيئا لأن العرف غشاه بمسحة يتألق فيها تقديس القديم ، أمامنا بيوتات احتكرت تخريج الجمال لاقطار كاملة واخرى احتكرت التطويف لاجناس خاصة واخرى احتكرت مالا أدرى من انواع الاحتكار فطغى احتكارها على مجال العمل في تلك الميادين وحرم الى جانب ذلك مئات الأسر التي كانت تزاحم بأقدامها ولم يكن ذلك الاحتكار قاصرا على تقارير عبد المطلب الا ان تكون تقارير عبد المطلب صدرت في احتكار ميادين تأثرت أكثر من غيرها أو انها كانت أشد محاباة من غيرها.

على كل فان الذي نستنتجه من أقوال المؤرخين ان اعمال عبد المطلب من هذا النوع بالاضافة الى ما قدمناه من اعمال العنف أساءت الى بعض رجال القبائل فبدأت القلاقل تنتاب البادية وشرع الناس يتذمرون من صاحب الحكم واضطرب حبل الامن في كثير من الطرق بفعل عدوان بعض البدو فوجد الوالي التركي الفرصة سانحة للعمل ضد عبد المطلب لدى الخليفة في الاستانة الا ان مركز عبد المطلب عند الخليفة كان اقوى مما ظن الوالي فقد اختار الخليفة ان يسخو بالوالي ويضن بعبد المطلب فأصدر أمره بعزل ناشد باشا وتعيين صفوت باشا في منصب الولاية وذلك في تمام ذي الحجة من عام ١٢٩٧ واصطحب الوالي الجديد أوامر بالغاء تقارير عبد المطلب التي خصصت الحلقات لبعض الاسر والغاء تقارير بعض الجمالة والمخرجين واعادة ما كان الى ما كان.

ويبدو ان عبد المطلب استاء لأوامر الالغاء كما استاء من أسلوب التبليغ الذي اصدره الوالي الجديد فما لبث ان نشب الخلاف بينهما بسبب ذلك ولأسباب أخرى اقتضاها احتكاك القضايا وتنازع الحكم بين ادارتين في بلد واحد فتوسعت امور الخلاف مع صفوت أكثر مما كانت مع من سبقه واتصلت الاخبار بالاستانة فصدر الامر بعزل صفوت وتعيين احمد عزت باشا الارزنجاني وكان قد سبق ان تولى ذلك في عام ١٢٦٩ أي في عهد حكم عبد المطلب في مرة سابقة وقد وصل عزت باشا فى اوائل المحرم ١٢٩٩ وكان قد طعن في السن وشارف عمره التسعين. ولم يطل أمر احمد عزت لأن الخلاف لم يلبث أن نشب بينهما فعزل وتولى امر الولاية عثمان نوري باشا في شعبان من السنة المذكورة ١٢٩٩ (11)

والذي يبدو ان الشريف عبد المطلب كان بالرغم من كبر سنه يعتد بشخصيته اعتدادا كبيرا وكان يحول دون اتساع نفوذ الوالي التركي الذي تخوله صلاحيته التدخل في حكم البلاد الى قدر يتسع بقدر ما يهن الأمير او يضعف.

وتوزيع السلطة في مكة بين الامارة والولاية سياسة لها غرابتها ولكنني احسب ان العثمانيين كانوا معذورين في اتباعها للحيلولة دون استبداد بعض الامراء بآرائهم في الحكم وغير معذورين لانه كان في استطاعتهم تقرير نظام شامل يحد سلطة الامير ويوضح علاقته بالرعايا في البلاد.

وبالجملة فقد ظل الخلاف على حاله الى ان جاء عثمان نوري باشا وكان عثمان نوري باشا فيما يبدو أكثر جرأة من غيره فقد استطاع أن يقنع الخلافة باقصاء عبد المطلب ويستصدر أمرا سريا بعزله وتولية عبد الله بن محمد بن عون بالوكالة الى صدور الامر الاخير (12). وكان عبد المطلب يومها في مصيفه بالمثناه من ضواحي الطائف فأعد عثمان عدته للأمر بأن وزع في هدأة الليل بعض عسكره فوق الجبال المحيطة بالمثناه وزودهم بالمدافع وأعد بعض الاشراف بسيوفهم ثم ارسل في الصباح الى الشريف عبد المطلب يبلغه امر العزل فلما ابصر المدافع في الجبال المحيطة به استسلم للامر الواقع فتقدم اليه الباشا وطلب منه ان ينتقل الى نزل العسكر «القشلة» الذي كان يعتقل فيه مدحت ورفاقه بالطائف.

ثم اقام عليه الحراس واطلق المنادي في الطائف ومكة بعزله وتولية عبد الله ابن محمد بن عون وذلك في ٢٨ شوال عام ١٢٩٩ (13) وقد أقام عبد المطلب بقشلاق الطائف الى نهاية عام ١٢٩٩ ثم نقل الى قصره «البياضية» في المعابدة فظل معتقلا تخفره ثلة من جنود النظام وكان يعيش بين اهله وخدمه الى ان توفي في شهر ربيع الثاني عام ١٣٠٣ وقد صلى عليه مفتي السادة الشافعية السيد احمد زيني دحلان وشيع جنازته الشريف عون الرفيق والوالي عثمان باشا وكان عمره يشارف المائة (14).

https://books.rafed.net/Books/2297_tarikh-mecca/images/image029.gif

 

 

عون الرفيق :

 وظل عبد الله في وكالته اياما ثم تبلغ توجيه الامارة الى اخيه عون الرفيق بن محمد بن عبد المعين بن عون ثم ما لبث أن وافته الأنباء بقدوم اخيه فندب للقائه في جدة بعض الاشراف من أبناء اخيه يتقدمهم الحسين بن علي «ملك الحجاز فيما بعد» فاستقبلوه في جدة في ٩ ذي الحجة عام ١٢٩٩ في موكب حافل وظلوا بقية اليوم معه بعد ان فاتهم موقف عرفات ثم توجهوا جميعا الى منى حيث احتفل بقدومه فيها. وغادر مكة عبد الله على اثر ذلك وابن اخيه ناصر بن علي الى الاستانة حيث انعم عليهما برتبة الباشوية ثم عين عبد الله باشا عضوا فى مجلس شورى الدولة بالاستانة كما انعم بالباشوية على الحسين بن علي (15).

وعبث بعض المفسدين من قبائل زبيد وبشر ومعبد (16) وسليم (17) بالأمن وقطعوا طريق القوافل بين جدة ومكة في رمضان عام ١٣٠٠ فجهز الشريف عون جيشا لقتالهم ففروا الى عسفان فأدركهم وأوقع بهم حتى اطاعوا له.

وفي هذا العهد توفي الشيخ احمد زيني دحلان صاحب «خلاصة الكلام» وذلك عام ١٣٠٤ وما لبث أن نشب الخلاف بين عون والوالي التركي عثمان باشا نوري بسبب الخلاف على السلطة فعزلت الدولة عثمان وعينت حسين جميل باشا.

وفي عام ١٣٠٤ قبض عون على موسى البغدادي وأمين ماصية لي ومحمد السعدي فنفاهم الى خارج البلاد (18).

ثم القبض على الشيخ ابراهيم العجيمي وعبد الله كردي امام الشافعية والشيخ احمد بن الشيخ عبد الله فقيه أحد الأئمة والشيخ علي زين العابدين هندية ونفاهم كذلك.

وقد ذكر انهم كانوا يتصلون بالوالي عثمان باشا فنهاهم عن ذلك حتى انتهوا ثم ما لبثوا ان عادوا الى الاتصال بالوالي الجديد على أثر وصوله فعاقبهم بالنفي.

كما عزل الشيخ عبد الرحمن الشيبي من وظيفة السدانة ونفاه الى الهدى فظل فيها الى ان مات وعين للسدانة غيره من آل الشيبي.

وقد رفعت قضايا النفي الى دار الخلافة فلم توافق عليها واباحت لهم العودة الى مكة فعادوا وفي سنة ١٣١٤ صدر أمر الشريف عون بابعاد الشيخ عبد الرحمن سراج مفتي الاحناف والشيخ محمد عابدين حسين مفتي المالكية والسيد ابراهيم نائب الحرم والسيد علوي سقاف شيخ السادة بمكة والسيد عبد الله بن محمد الزواوي (19).

 

ويذكر بعض من عاصر الشريف عونا ان المنفيين كانوا قد كتبوا الى الخليفة عبد الحميد يشكون من اعمال الشريف عون في مكة في «مضابط» موقعة بأسمائهم فاعادها الى الخليفة او المسؤولون في القصر ممن يميل الى سياسة الشريف عون. اعاد تلك المضابط الى الشريف عون ليطلع عليها فانتقم لنفسه من اصحابها وعاقب بعضهم بالسجن والبعض الاخر بالنفي.

ويذكر بعضهم ان المضابط أعيدت الى مكة تصحبها لجنة على رأسها احمد راتب باشا للتحقيق في موضوعها وان عونا استطاع ان يكسب ود أحمد راتب باشا ويظفر بنتيجة التحقيق ، وقد ظل راتب باشا في مكة على اثر ذلك يقوم بوظيفة الوالي بعد ان عزل جميل باشا.

ويذكر هؤلاء ان عونا غدا اشد وطأة على الاهالي بعد قضية المضابط وانه بعد ان انتقم من أصحابها اشتط في معاملاته مع غيرهم مما كان له أسوأ الأثر.

ويبدو ان الشريف عونا كان ـ بغض النظر عن موضوع المضبطة ـ غريب الاطوار متناقض الاعمال يقدس بعض معاصريه فيه غزارته العلمية ومحبته للخير العام وتبسطه في مجالسه الخاصة وتودده للمسالمين ، وينعون عليه في الوقت نفسه تبذله بين ندمائه وقسوته في معاملة الحجاج وامعانه في عقوبة مخالفيه واصطناعه «الخزناوية» الذين كانوا يضطهدون عامة الشعب.

_______________

(١) تذييل شفاء الغرام للشيخ عبد الستار الصديقي ٣١٣

(٢) ننقل الخبر عن تاج تواريخ البشر للعلامة الحضراوي «مخطوط».

(٣) المصدر نفسه.

(4) هدم القصر في عام ١٣٨٢ وقام على انقاضه شوارع ودكاكين

(5) تاج وتواريخ البشر «مخطوط»

(6) خلاصة الكلام ٣٧٢

(7) خلاصة الكلام ٣٧٢. وقد تحول القشلاق (الثكنة) سنة ١٣٩٨ الى مجمع للوزارات بالطائف في اشهر الصيف. وأهل الحجاز يسمون القشلاق : (قشلة) (ع)

(8) خلاصة الكلام ٣٢٧

(9) المصدر نفسه ٣٢٨

(10) خلاصة الكلام ٣٢٨.

(11) خلاصة الكلام ٣٢٧

(12) ينطقون عبد الله بكسر الدال في جميع الحالات ويكتب بعضهم ذلك هكذا «عبد اللا» للتفرقة بينا وبين اسم عبد الله المعتاد وهو خطأ مشهور

(13) تذييل شفاء الغرام للشيخ عبد الستار الصديقي ٣١٥

(14) تاج تواريخ البشر للعلامة الحضراوي

(15) افادة الأنام «مخطوط»

(16) هذه الثلاثة البطون من حرب (ع)

(17) هم بنو سليم بن منصور ، القبيلة القيسية المشهورة. (ع)

(18) افادة الأنام «مخطوط»

(19) افادة الأنام للشيخ عبد الله غازي «مخطوط»