1

x

هدف البحث

بحث في العناوين

بحث في اسماء الكتب

بحث في اسماء المؤلفين

اختر القسم

القرآن الكريم
الفقه واصوله
العقائد الاسلامية
سيرة الرسول وآله
علم الرجال والحديث
الأخلاق والأدعية
اللغة العربية وعلومها
الأدب العربي
الأسرة والمجتمع
التاريخ
الجغرافية
الادارة والاقتصاد
القانون
الزراعة
علم الفيزياء
علم الكيمياء
علم الأحياء
الرياضيات
الهندسة المدنية
الأعلام
اللغة الأنكليزية

موافق

التاريخ والحضارة

التاريخ

الحضارة

ابرز المؤرخين

اقوام وادي الرافدين

السومريون

الساميون

اقوام مجهولة

العصور الحجرية

عصر ماقبل التاريخ

العصور الحجرية في العراق

العصور القديمة في مصر

العصور القديمة في الشام

العصور القديمة في العالم

العصر الشبيه بالكتابي

العصر الحجري المعدني

العصر البابلي القديم

عصر فجر السلالات

الامبراطوريات والدول القديمة في العراق

الاراميون

الاشوريون

الاكديون

بابل

لكش

سلالة اور

العهود الاجنبية القديمة في العراق

الاخمينيون

المقدونيون

السلوقيون

الفرثيون

الساسانيون

احوال العرب قبل الاسلام

عرب قبل الاسلام

ايام العرب قبل الاسلام

مدن عربية قديمة

الحضر

الحميريون

الغساسنة

المعينيون

المناذرة

اليمن

بطرا والانباط

تدمر

حضرموت

سبأ

قتبان

كندة

مكة

التاريخ الاسلامي

السيرة النبوية

سيرة النبي (صلى الله عليه وآله) قبل الاسلام

سيرة النبي (صلى الله عليه وآله) بعد الاسلام

الخلفاء الاربعة

ابو بكر بن ابي قحافة

عمربن الخطاب

عثمان بن عفان

علي ابن ابي طالب (عليه السلام)

الامام علي (عليه السلام)

اصحاب الامام علي (عليه السلام)

الدولة الاموية

الدولة الاموية *

الدولة الاموية في الشام

معاوية بن ابي سفيان

يزيد بن معاوية

معاوية بن يزيد بن ابي سفيان

مروان بن الحكم

عبد الملك بن مروان

الوليد بن عبد الملك

سليمان بن عبد الملك

عمر بن عبد العزيز

يزيد بن عبد الملك بن مروان

هشام بن عبد الملك

الوليد بن يزيد بن عبد الملك

يزيد بن الوليد بن عبد الملك

ابراهيم بن الوليد بن عبد الملك

مروان بن محمد

الدولة الاموية في الاندلس

احوال الاندلس في الدولة الاموية

امراء الاندلس في الدولة الاموية

الدولة العباسية

الدولة العباسية *

خلفاء الدولة العباسية في المرحلة الاولى

ابو العباس السفاح

ابو جعفر المنصور

المهدي

الهادي

هارون الرشيد

الامين

المأمون

المعتصم

الواثق

المتوكل

خلفاء بني العباس المرحلة الثانية

عصر سيطرة العسكريين الترك

المنتصر بالله

المستعين بالله

المعتزبالله

المهتدي بالله

المعتمد بالله

المعتضد بالله

المكتفي بالله

المقتدر بالله

القاهر بالله

الراضي بالله

المتقي بالله

المستكفي بالله

عصر السيطرة البويهية العسكرية

المطيع لله

الطائع لله

القادر بالله

القائم بامرالله

عصر سيطرة السلاجقة

المقتدي بالله

المستظهر بالله

المسترشد بالله

الراشد بالله

المقتفي لامر الله

المستنجد بالله

المستضيء بامر الله

الناصر لدين الله

الظاهر لدين الله

المستنصر بامر الله

المستعصم بالله

تاريخ اهل البيت (الاثنى عشر) عليهم السلام

شخصيات تاريخية مهمة

تاريخ الأندلس

طرف ونوادر تاريخية

التاريخ الحديث والمعاصر

التاريخ الحديث والمعاصر للعراق

تاريخ العراق أثناء الأحتلال المغولي

تاريخ العراق اثناء الاحتلال العثماني الاول و الثاني

تاريخ الاحتلال الصفوي للعراق

تاريخ العراق اثناء الاحتلال البريطاني والحرب العالمية الاولى

العهد الملكي للعراق

الحرب العالمية الثانية وعودة الاحتلال البريطاني للعراق

قيام الجهورية العراقية

الاحتلال المغولي للبلاد العربية

الاحتلال العثماني للوطن العربي

الاحتلال البريطاني والفرنسي للبلاد العربية

الثورة الصناعية في اوربا

تاريخ الحضارة الأوربية

التاريخ الأوربي القديم و الوسيط

التاريخ الأوربي الحديث والمعاصر

التاريخ : التاريخ الاسلامي : السيرة النبوية : سيرة النبي (صلى الله عليه وآله) بعد الاسلام :

غزوة المريسيع

المؤلف:  الواقدي

المصدر:  المغازي

الجزء والصفحة:  ص 371- 375

18-7-2019

1593

غزوة المريسيع

في سنة خمسٍ خرج رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) يوم الاثنين لليلتين خلتا من شعبان، وقدم المدينة لهلال رمضان وغاب شهراً إلا ليلتين.

حدثنا الواقدي قال: حدثني محمد بن عبد الله، وعبد الله بن جعفر، وابن أبي سبرة، ومحمد بن صالح، وعبد الحميد بن جعفر، وابن أبي حبيبة، وهشام بن سعد، ومعمر بن راشد، وأبو معشر، وخالد بن إلياس وعائذ بن يحيى، وعمر بن عثمان المخزومي، وعبد الله بن يزيد بن قسيط، وعبد الله بن يزيد الهذلي، وكل قد حدثني بطائفةٍ، وغير هؤلاء قد حدثني قالوا: إن بلمصطلق من خزاعة كانا ينزلون ناحية الفرع، وهم حلفاء في بني مدلج، وكان رأسهم وسيدهم الحارث بن أبي ضرار، وكان قد سار في قومه ومن قدر عليه من العرب، فدعاهم إلى حرب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم). وجعلت الركبان تقدم من ناحيتهم فيخبرون بمسيرهم، فبلغ ذلك رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) فبعث بريدة بن الحصيب الأسلمي يعلم علم ذلك، واستأذن النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) أن يقول فأذن له، فخرج حتى ورد عليهم ماءهم، فوجد قوماً مغرورين قد تألبوا وجمعوا الجموع، فقالوا: من الرجل؟ قال: رجلٌ منكم، قدمت لما بلغني عن جمعكم لهذا الرجل، فأسير في قومي ومن أطاعني فتكون يدنا واحدةً حتى نستأصله. قال الحارث بن أبي ضرار: فنحن على ذلك، فعجل علينا. قال بريدة: أركب الآن فآتيكم بجمعٍ كثيفٍ من قومي ومن أطاعني. فسروا بذلك منه، ورجع إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) فأخبره خبر القوم، فندب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) الناس، وأخبرهم خبر عدوهم فأسرع الناس للخروج، وقادوا الخيول وهي ثلاثون فرساً، في المهاجرين منها عشرةٌ وفي الأنصار عشرون، ولرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) فرسان، وكان علي عليه السلام فارساً، وأبو بكر، وعمر، وعثمان، والزبير، وعبد الرحمن بن عوف، وطلحة بن عبيد الله، والمقداد بن عمرو، وفي الأنصار سعد بن معاذ، وأسيد بن حضير، وأبو عبس بن جبر، وقتادة بن النعمان، وعويم بن ساعدة، ومعن بن عدي، وسعد بن زيد الأشهلي، والحارث بن حزمة، ومعاذ بن جبل، وأبو قتادة، وأبي بن كعب، والحباب بن المنذر، وزياد بن لبيد، وفروة بن عمرو، ومعاذ بن رفاعة بن رافع.

قالوا: وخرج مع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) بشرٌ كثيرٌ من المنافقين لم يخرجوا في غزاةٍ قط مثلها، ليس بهم رغبةٌ في الجهاد إلا أن يصيبوا من عرض الدنيا. وقرب عليهم السفر فخرج رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) حتى سلك على الحلائق فنزل بها. فأتى يومئذٍ برجلٍ من عبد القيس، فسلم على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) فقال له رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) أين أهلك؟ قال: بالروحاء. قال: أين تريد؟ قال: إياك جئت لأومن بك وأشهد أن ما جئت به الحق، وأقاتل معك عدوك. قال له رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم): الحمد لله الذي هذاك للإسلام. قال: يا رسول الله، أي الأعمال أحب إلى الله؟ قال: الصلاة في أول وقتها. قال: فكان الرجل بعد ذلك يصلي حين تزيغ الشمس، وحين يدخل وقت العصر، حين تغرب الشمس، لا يؤخر الصلاة إلى الوقت الآخر.

قال: فلما نزل ببقعاء أصاب عيناً للمشركين فقالوا له: ما وراءك؟ أين الناس؟ قال: لا علم لي بهم.

فحدثني هشام بن سعد، عن يعقوب، عن زيد بن طلحة، قال: قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: لتصدقن أو لأضربن عنقك. قال: فأنا رجلٌ من بلمصطلق، تركت الحارث بن أبي ضرار قد جمع لكم الجموع، وتجلب إليه ناسٌ كثير، وبعثني إليكم لآتيه بخبركم وهل تحركتم من المدينة. فأتى عمر بذلك رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) فأخبره الخبر، فدعاه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) إلى الإسلام وعرضه عليه، فأبى وقال: لست بمتبع دينكم حتى أنظر ما يصنع قومي، إن دخلوا في دينكم كنت كأحدهم، وإن ثبتوا على دينهم فأنا رجلٌ منهم. فقال عمر: يا رسول الله، أضرب عنقه! فقدمه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) فضرب عنقه، فذهب الخبر إلى بلمصطلق. فكانت جويرية بنت الحارث تقول بعد أن أسلمت: جاءنا خبره ومقتله ومسير رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) قبل أن يقدم علينا النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) فسىء أبي ومن معه وخافوا خوفاً شديداً، وتفرق عنهم من كان قد اجتمع إليهم من أفناء العرب، فما بقى منهم أحدٌ سواهم.

ثم انتهى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) إلى المريسيع وهو الماء فنزله، وضرب لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) قبةٌ من أدم، ومعه من نسائه عائشة وأم سلمة. وقد اجتمعوا على الماء وأعدوا وتهيأوا للقتال، فصف رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) أصحابه، ودفع راية المهاجرين إلى أبي بكر رضي الله عنه، وراية الأنصار إلى سعد بن عبادة رضي الله عنه، ويقال كان مع عمار بن ياسر رضي الله عنه راية المهاجرين. ثم أمر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) عمر بن الخطاب رضي الله عنه فنادى في الناس: قولوا لا إله إلا الله، تمنعوا بها أنفسكم وأموالكم. ففعل عمر رضي الله عنه فأبوا. فكان أول من رمى رجلٌ منهم بسهم، فرمى المسلمون ساعةً بالنبل، ثم إن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) أمر أصحابه أن يحملوا، فحملوا حملة رجلٍ واحدٍ فما أفلت منهم إنسان، وقتل عشرةٌ منهم وأسر سائرهم. وسبى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) الرجال والنساء والذرية، وغنمت النعم والشاء، وما قتل أحدٌ من المسلمين إلا رجلٌ واحد.

وكان أبو قتادة يحدث قال: حمل لواء المشركين يومئذٍ صفوان ذو الشقر، فلم تكن لي بأهبةٍ حتى شددت عليه وكان الفتح، وكان شعارهم: يا منصور، أمت، أمت! وكان ابن عمر يحدث أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) أغار على بني المصطلق وهم غارون، ونعمهم تسقى على الماء، فقتل مقاتلتهم وسبى ذراريهم. والحديث الأول أثبت عندنا.

وكان هاشم بن ضبابة قد خرج في طلب العدو، فرجع في ريحٍ شديدةٍ وعجاج، فتلقى رجلاً من رهط عبادة بن الصامت يقال له أوس، فظن أنه من المشركين فحمل عليه فقتله، فعلم بعد أنه مسلم، فأمر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) أن تخرج ديته. ويقال قتله رجلٌ من بني عمرو ابن عوف، فقدم أخوه مقيس على النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم)، فأمر له بالدية فقبضها، ثم عدا على قاتل أخيه فقتله، ثم خرج إلى قريش مرتداً وهو يقول:

شفى النفس أن قد بات بالقاع مسنداً ... يضرج ثوبيه دماء الأخادع

ثأرت به فهراً وحملت عقله ... سراة بني النجار أرباب فارع

حللت به وترى وأدركت ثؤرتي ... وكنت إلى الأوثان أول راجع

سمعت عبد الرحمن يقول: أنشدنيها أبي فأهدر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) دمه حتى قتله نميلة يوم الفتح.

وحدثني سعيد بن عبد الله بن أبي الأبيض، عن أبيه، عن جدته، وهي مولاة جويرية قالت: سمعت جويرية بنت الحارث تقول: أتانا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) ونحن على المريسيع فأسمع أبي يقول: أتانا ما لا قبل لنا به. قالت: فكنت أرى من الناس والخيل مالا أصف من الكثرة، فلما أن أسلمت وتزوجني رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) ورجعنا جعلت أنظر إلى المسلمين فليسوا كما كنت أرى، فعلمت أنه رعب من الله تعالى يلقيه في قلوب المشركين. فكان رجلٌ منهم قد أسلم فحسن إسلامه يقول: لقد كنا نرى رجالاً بيضاً على خيلٍ بلق، ما كنا نراهم قبل ولا بعد.

حدثني ابن أبي سبرة، عن الحارث بن الفضيل، قال: حدثني ابن مسعود بن هنيدة، عن أبيه، قال: لقيت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) ببقعاء فقال: أين تريد يا مسعود؟ فقلت: جئت لأن أسلم عليك وقد أعتقني أبو تميم. قال: بارك الله عليك، أين تركت أهلك؟ قال: تركتهم بموضعٍ يعرف بالخذوات، والناس صالحون، وقد رغب الناس في الإسلام وكثر حولنا. قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم): فلله الحمد الذي هداهم! ثم قال مسعود: يا رسول الله، قد رأيتني أمس ولقيت رجلاً من عبد القيس فدعوته إلى الإسلام فرغبته فيه فأسلم. فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم): لإسلامه على يديك كان خيراً لك مما طلعت عليه الشمس أو غربت. ثم قال: كن معنا حتى نلقى عدونا، فإني أرجو أن ينفلنا الله أموالهم. قال: فسرت مع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) حتى غنمه الله أموالهم وذراريهم، فأعطاني رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) قطعةً من إبلٍ، وقطعةً من غنم، فقلت: يا رسول الله، كيف أقدر أن أسوق الإبل ومعي الغنم؟ اجعلها غنماً كلها أو إبلاً كلها. فتبسم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) ثم قال: أي ذلك أحب إليك؟ قلت: تجعلها إبلاً. قال: أعطه عشراً من الإبل. قال: فأعطيتها. فيقال له: قارعه من المال أو من الخمس؟ قال: والله ما أدرى، فرجعت إلى أهلي، فوالله ما زلنا في خيرٍ منها إلى يومنا هذا.

فحدثني أبو بكر بن عبد الله بن أبي سبرة، عن أبي بكر بن عبد الله ابن أبي جهم، قال: أمر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) بالأسرى فكتفوا وجعلوا ناحيةً، واستعمل عليهم بريدة بن الحصيب وأمر بما وجد في رحالهم من رثة المتاع والسلاح فجمع، وعمد إلى النعم والشاء فسيق. واستعمل عليهم شقران مولاه، وجمع الذرية ناحية، واستعمل على المقسم مقسم الخمس وسهمان المسلمين ومحمية بن جزء الزبيدي، فأخرج رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) الخمس من جميع المغنم، فكان يليه محمية بن جزء الزبيدي.

وحدثني محمد بن عبد الله، عن الزهري، عن عروة بن الزبير، وعبد الله بن عبد الله بن الحارث بن نوفل، قالا: جعل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) على خمس المسلمين محمية بن جزء الزبيدي. قالا: وكان يجمع الأخماس وكانت الصدقات على حدتها، أهل الفىء بمعزلٍ عن الصدقة، وأهل الصدقة بمعزلٍ عن الفىء، وكان يعطى من الصدقة اليتيم والمسكين والضعيف. فإذا احتلم اليتيم نقل إلى الفىء وأخرج من الصدقة، ووجب عليه الجهاد، فإن كره الجهاد وأباه لم يعط من الصدقة شيئاً، وخلوا بينه وبين أن يكسب لنفسه. وكان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) لا يمنع سائلاً. فأتاه رجلان يسألانه من الخمس فقال: إن شئتما أعطيتكما منه، ولاحظ فيها لغنىٍّ ولا لقوىٍّ مكتسب. قالوا: فاقتسم السبى وفرق، فصار في أيدي الرجال، وقسمت الرثة وقسم النعم والشاء، وعدلت الجزور بعشرٍ من الغنم وبيعت الرثة فيمن يريد وأسهم للفرس سهمان ولصاحبه سهم، وللراجل سهم. وكانت الإبل ألفى بعيرٍ وخمسة آلاف شاة، وكان السبى مائتي أهل بيت. فصارت جويرية بنت الحارث في سهم ثابت بن قيس وابن عم له، فكاتبها على تسع أواق ذهب.

فحدثني عبدالله بن يزيد بن قسيط عن أبيه، عن ثوبان، عن عائشة رضي الله عنه، قالت: كانت جويرية جاريةً حلوة، لا يكاد يراها أحدٌ إلا ذهبت بنفسه، فبينا النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) عندي ونحن على الماء إذ دخلت عليه جويرية تسأله في كتابتها. قالت عائشة: فوالله ما هو إلا أن رأيتها فكرهت دخولها على النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم)، وعرفت أنه سيري منها مثل الذي رأيت، فقالت: يا رسول الله، إني امرأةٌ مسلمةٌ أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله، وأنا جويرية بنت الحارث ابن أبي ضرار سيد قومه، أصابنا من الأمر ما قد علمت، ووقعت في سهم ثابت بن قيس بن شماس وابن عم له، فتخلصني من ابن عمه بنخلات له بالمدينة، فكاتبني ثابت على مالا طاقة لي به ولا يدان، وما أكرهني على ذلك إلا أني رجوتك صلى الله عليك فأعنى في مكاتبتي! فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم): أو خيرٌ من ذلك؟ فقالت: ما هو يا رسول الله؟ قال: أؤدي عنك كتابتك وأتزوجك. قالت: نعم يا رسول الله، قد فعلت! فأرسل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) إلى ثابت فطلبها منه، فقال ثابت: هي لك يا رسول اله بأبي وأمي. فأدى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) ما كان عليها من كتابتها، وأعتقها وتزوجها. وخرج الخبر إلى الناس، ورجال بني المصطلق قد اقتسموا وملكوا ووطى نساوهم، فقالوا: أصهار النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم)! فأعتنقوا ما بأيديهم من ذلك السبى. قالت عائشة: فأعتق مائة أهل بيت بتزويج رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) إياها، فلا اعلم امرأةً أعظم بركةً على قومها منها.

فحدثني حزام بن هشام، عن أبيه، قال: قالت جويرية: رأيت قبل قدوم النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) بثلاث ليالٍ كأن القمر يسير من يثرب حتى وقع في حجري، فكرهت أن أخبرها أحداً من الناس، حتى قدم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) فلما سبينا رجوت الرؤيا، فلما أعتقني وتزوجني والله ما كلمته في قومي حتى كان المسلمون هم الذين أرسلوهم، وما شعرت إلا بجاريةٍ من بنات عمي تخبرني الخبر، فحمدت الله عز وجل. ويقال إن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) جعل صداقها عتق كل أسيرٍ من بني المصطلق، ويقال جعل صداقها عتق أربعين من قومها.

فحدثني ابن أبي سبرة عن عمارة بن غزية، قال: كان السبى منهم من من عليه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) بغير فداء، ومنهم من افتدى، وذلك بعد ما صار السبى في أيدي الرجال، فافتديت المرأة والذرية بست فرائض. وكانوا قدموا المدينة ببعض السبى، فقدم عليهم أهلوهم فافتدوهم، فلم تبق امرأةٌ من بني المصطلق إلا رجعت إلى قومها. وهذا الثبت.

فحدثني عمر بن عثمان، عن عبد الملك بن عبيد، عن عبد الرحمن ابن سعيد بن يربوع، عن عمران بن حصين، قال: قدم الوفد المدينة فافتدوا السبى بعد السهمان.

وحدثني عبد الله بن أبي الأبيض، عن جدته وهي مولاة جويرية كان عالماً بحديثهم، قالت: سمعت جويرية تقول: افتداني أبي من ثابت بن قيس بن شماس بما افتدى به امرأةٌ من السبى، ثم خطبني رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) إلى أبي فأنكحني. قالت: وكان اسمها بر فسماها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) جويرية، وكان يكره أن يقال خرج من بيت برة. قال ابن واقد: وأثبت من هذا عندنا حديث عائشة أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) قضى عنها كتابتها وأعنقها وتزوجها.

وحدثني إسحاق بن يحيى، عن الزهري، عن مالك بن أوس بن الحدثان، عن عمر بن الخطاب، أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) كان يقسم لها كما كان يقسم لنسائه، وضرب عليها الحجاب.

وحدثني الضحاك بن عثمان، عن محمد بن يحيى بن حبان، عن أبي محيرير، وأبي ضمرة، عن أبي سعيد الخدري، قال: خرجنا مع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) في غزوة بني المصطلق فأصبنا سبايا، وبنا شهوة النساء، واشتدت علينا العزبة، وأحببنا الفداء فأردنا العزل فقلنا: نعزل. ورسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) بين أظهرنا قبل أن نسأله عن ذلك، فسألناه فقال: ما عليكم ألا تفعلوا، ما من نسمةٍ كائنةٍ إلى يوم القيامة إلا هي كائنة. وكان أبو سعيد يقول: فقدم علينا وفودهم فافتدوا الذرية والنساء، ورجعوا بهن إلى بلادهم، وخير من خير منهن أن تقيم عند من صارت في سهمه، فأبين إلا الرجوع.

قال الضحاك: فحدثت هذا الحديث أبا النضر فقال: أخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمن، عن أبي سعيد الخدري، قال: قال رجلٌ، من اليهود، وخرجت بجارية لي أبيعها في السوق، فقال لي: يا أبا سعيد، لعلك تريد بيعها وفي بطنها منك سخلة! قال: فقلت كلا، إني كنت أعزل عنها. فقال: تلك الموءودة الصغرى. قال: فجئت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) فأخبرته ذلك. فقال: كذبت اليهود! كذبت اليهود!