فأما قول الشاعر:
أنا سيف العشيرة فاعرفوني حميدا قد تذريت السناما
فإنه أجراه في الوصل على حد ما كان عليه في الوقف، وعلى هذا قول أبي النجم:
أنا أبو النجم وشعري شعري
أي: وشعري الذي سمعت به، وقد أجرت العرب كثيرا من ألفاظها في الوصل على حد ما تكون عليه في الوقف، وأكثر ما يجيء ذلك في ضرورة الشعر، حكى سيبويه عن العرب "ثلاثهَ رْبَعه" بفتح الهاء من ثلاثة وحذف الهمزة من أربعة وإلقاء حركتها على الهاء، وكان قياسه إذا حركها أن يردها تاء، إلا أنها لما كانت هاء في الوقف تركها في الوصل على ذلك، وأنشد سيبويه أيضا:
ضخما يحب الخلق الأضخما
يريد الأضخم خفيف الميم، وهذا التثقيل إنما يكون في الوقف ليعلم باجتماع الساكنين في الوقف أنه متحرك في الوصل، حرصا على البيان؛ لأنه معلوم أنه لا يجتمع في الوصل ساكنان، وعلى هذا قالوا: "خالد, وهو يجعل", فإذا وصلوا قالوا: "خالدٌ يا فتى" فكان سبيله إذا أطلق الميم في "الأضخم" بالنصب أن يزيل التثقيل، إلا أنه أجراه في الوصل مجراه في الوقف للضرورة، ومثله:
ص10
المنصف لابن جني، شرح كتاب التصريف لأبي عثمان المازني
باب الأسماء والأفعال
ببازل وجناء أو عيهل كأن مهواها على الكلكل
يريد العيهل والكلكل، وهذا أكثر من أن أضبطه لك لسعته وكثرته، والذي أذكر منه ومن أشباهه فوق ما يحتاج إليه استظهارا وتأنيسا بالأمثال والنظائر، فإن سيبويه كثيرا ما كان يعتمد في كتابه على إيراد النظائر ليؤنس بها، فكذلك أجرى الشاعر قوله:
أنا سيف العشيرة فاعرفوني
في الوصل مجراه في الوقف.
ص11
الاكثر قراءة في الوقف
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة