x

هدف البحث

بحث في العناوين

بحث في المحتوى

بحث في اسماء الكتب

بحث في اسماء المؤلفين

اختر القسم

القرآن الكريم
الفقه واصوله
العقائد الاسلامية
سيرة الرسول وآله
علم الرجال والحديث
الأخلاق والأدعية
اللغة العربية وعلومها
الأدب العربي
الأسرة والمجتمع
التاريخ
الجغرافية
الادارة والاقتصاد
القانون
الزراعة
علم الفيزياء
علم الكيمياء
علم الأحياء
الرياضيات
الهندسة المدنية
الأعلام
اللغة الأنكليزية

موافق

النحو

اقسام الكلام

الكلام وما يتالف منه

الجمل وانواعها

اقسام الفعل وعلاماته

المعرب والمبني

أنواع الإعراب

علامات الاسم

الأسماء الستة

النكرة والمعرفة

الأفعال الخمسة

المثنى

جمع المذكر السالم

جمع المؤنث السالم

العلم

الضمائر

اسم الإشارة

الاسم الموصول

المعرف بـ (ال)

المبتدا والخبر

كان وأخواتها

المشبهات بـ(ليس)

كاد واخواتها (أفعال المقاربة)

إن وأخواتها

لا النافية للجنس

ظن وأخواتها

الافعال الناصبة لثلاثة مفاعيل

الأفعال الناصبة لمفعولين

الفاعل

نائب الفاعل

تعدي الفعل ولزومه

العامل والمعمول واشتغالهما

التنازع والاشتغال

المفعول المطلق

المفعول فيه

المفعول لأجله

المفعول به

المفعول معه

الاستثناء

الحال

التمييز

الحروف وأنواعها

الإضافة

المصدر وانواعه

اسم الفاعل

اسم المفعول

صيغة المبالغة

الصفة المشبهة بالفعل

اسم التفضيل

التعجب

أفعال المدح والذم

النعت (الصفة)

التوكيد

العطف

البدل

النداء

الاستفهام

الاستغاثة

الندبة

الترخيم

الاختصاص

الإغراء والتحذير

أسماء الأفعال وأسماء الأصوات

نون التوكيد

الممنوع من الصرف

الفعل المضارع وأحواله

القسم

أدوات الجزم

العدد

الحكاية

الشرط وجوابه

الصرف

موضوع علم الصرف وميدانه

تعريف علم الصرف

بين الصرف والنحو

فائدة علم الصرف

الميزان الصرفي

الفعل المجرد وأبوابه

الفعل المزيد وأبوابه

أحرف الزيادة ومعانيها (معاني صيغ الزيادة)

اسناد الفعل الى الضمائر

توكيد الفعل

تصريف الاسماء

الفعل المبني للمجهول

المقصور والممدود والمنقوص

جمع التكسير

المصادر وابنيتها

اسم الفاعل

صيغة المبالغة

اسم المفعول

الصفة المشبهة

اسم التفضيل

اسما الزمان والمكان

اسم المرة

اسم الآلة

اسم الهيئة

المصدر الميمي

النسب

التصغير

الابدال

الاعلال

الفعل الصحيح والمعتل

الفعل الجامد والمتصرف

الإمالة

الوقف

الادغام

القلب المكاني

الحذف

المدارس النحوية

النحو ونشأته

دوافع نشأة النحو العربي

اراء حول النحو العربي واصالته

النحو العربي و واضعه

أوائل النحويين

المدرسة البصرية

بيئة البصرة ومراكز الثقافة فيها

نشأة النحو في البصرة وطابعه

أهم نحاة المدرسة البصرية

جهود علماء المدرسة البصرية

كتاب سيبويه

جهود الخليل بن احمد الفراهيدي

كتاب المقتضب - للمبرد

المدرسة الكوفية

بيئة الكوفة ومراكز الثقافة فيها

نشأة النحو في الكوفة وطابعه

أهم نحاة المدرسة الكوفية

جهود علماء المدرسة الكوفية

جهود الكسائي

الفراء وكتاب (معاني القرآن)

الخلاف بين البصريين والكوفيين

الخلاف اسبابه ونتائجه

الخلاف في المصطلح

الخلاف في المنهج

الخلاف في المسائل النحوية

المدرسة البغدادية

بيئة بغداد ومراكز الثقافة فيها

نشأة النحو في بغداد وطابعه

أهم نحاة المدرسة البغدادية

جهود علماء المدرسة البغدادية

المفصل للزمخشري

شرح الرضي على الكافية

جهود الزجاجي

جهود السيرافي

جهود ابن جني

جهود ابو البركات ابن الانباري

المدرسة المصرية

بيئة مصر ومراكز الثقافة فيها

نشأة النحو المصري وطابعه

أهم نحاة المدرسة المصرية

جهود علماء المدرسة المصرية

كتاب شرح الاشموني على الفية ابن مالك

جهود ابن هشام الانصاري

جهود السيوطي

شرح ابن عقيل لالفية ابن مالك

المدرسة الاندلسية

بيئة الاندلس ومراكز الثقافة فيها

نشأة النحو في الاندلس وطابعه

أهم نحاة المدرسة الاندلسية

جهود علماء المدرسة الاندلسية

كتاب الرد على النحاة

جهود ابن مالك

اللغة العربية

لمحة عامة عن اللغة العربية

العربية الشمالية (العربية البائدة والعربية الباقية)

العربية الجنوبية (العربية اليمنية)

اللغة المشتركة (الفصحى)

فقه اللغة

مصطلح فقه اللغة ومفهومه

اهداف فقه اللغة وموضوعاته

بين فقه اللغة وعلم اللغة

جهود القدامى والمحدثين ومؤلفاتهم في فقه اللغة

جهود القدامى

جهود المحدثين

اللغة ونظريات نشأتها

حول اللغة ونظريات نشأتها

نظرية التوقيف والإلهام

نظرية التواضع والاصطلاح

نظرية التوفيق بين التوقيف والاصطلاح

نظرية محاكات أصوات الطبيعة

نظرية الغريزة والانفعال

نظرية محاكات الاصوات معانيها

نظرية الاستجابة الصوتية للحركات العضلية

نظريات تقسيم اللغات

تقسيم ماكس مولر

تقسيم شليجل

فصائل اللغات الجزرية (السامية - الحامية)

لمحة تاريخية عن اللغات الجزرية

موطن الساميين الاول

خصائص اللغات الجزرية المشتركة

اوجه الاختلاف في اللغات الجزرية

تقسيم اللغات السامية (المشجر السامي)

اللغات الشرقية

اللغات الغربية

اللهجات العربية

معنى اللهجة

اهمية دراسة اللهجات العربية

أشهر اللهجات العربية وخصائصها

كيف تتكون اللهجات

اللهجات الشاذة والقابها

خصائص اللغة العربية

الترادف

الاشتراك اللفظي

التضاد

الاشتقاق

مقدمة حول الاشتقاق

الاشتقاق الصغير

الاشتقاق الكبير

الاشتقاق الاكبر

اشتقاق الكبار - النحت

التعرب - الدخيل

الإعراب

مناسبة الحروف لمعانيها

صيغ اوزان العربية

الخط العربي

الخط العربي وأصله، اعجامه

الكتابة قبل الاسلام

الكتابة بعد الاسلام

عيوب الخط العربي ومحاولات اصلاحه

أصوات اللغة العربية

الأصوات اللغوية

جهود العرب القدامى في علم الصوت

اعضاء الجهاز النطقي

مخارج الاصوات العربية

صفات الاصوات العربية

المعاجم العربية

علم اللغة

مدخل إلى علم اللغة

ماهية علم اللغة

الجهود اللغوية عند العرب

الجهود اللغوية عند غير العرب

مناهج البحث في اللغة

المنهج الوصفي

المنهج التوليدي

المنهج النحوي

المنهج الصرفي

منهج الدلالة

منهج الدراسات الانسانية

منهج التشكيل الصوتي

علم اللغة والعلوم الأخرى

علم اللغة وعلم النفس

علم اللغة وعلم الاجتماع

علم اللغة والانثروبولوجيا

علم اللغة و الجغرافية

مستويات علم اللغة

المستوى الصوتي

المستوى الصرفي

المستوى الدلالي

المستوى النحوي

وظيفة اللغة

اللغة والكتابة

اللغة والكلام

تكون اللغات الانسانية

اللغة واللغات

اللهجات

اللغات المشتركة

القرابة اللغوية

احتكاك اللغات

قضايا لغوية أخرى

علم الدلالة

ماهية علم الدلالة وتعريفه

نشأة علم الدلالة

مفهوم الدلالة

جهود القدامى في الدراسات الدلالية

جهود الجاحظ

جهود الجرجاني

جهود الآمدي

جهود اخرى

جهود ابن جني

مقدمة حول جهود العرب

التطور الدلالي

ماهية التطور الدلالي

اسباب التطور الدلالي

تخصيص الدلالة

تعميم الدلالة

انتقال الدلالة

رقي الدلالة

انحطاط الدلالة

اسباب التغير الدلالي

التحول نحو المعاني المتضادة

الدال و المدلول

الدلالة والمجاز

تحليل المعنى

المشكلات الدلالية

ماهية المشكلات الدلالية

التضاد

المشترك اللفظي

غموض المعنى

تغير المعنى

قضايا دلالية اخرى

نظريات علم الدلالة الحديثة

نظرية السياق

نظرية الحقول الدلالية

النظرية التصورية

النظرية التحليلية

نظريات اخرى

النظرية الاشارية

مقدمة حول النظريات الدلالية

علوم اللغة العربية : علم الدلالة : ماهية علم الدلالة وتعريفه :

مباحث علم الدلالة (مبحث اللغة)

المؤلف:  منقور عبد الجليل

المصدر:  علم الدلالة اصوله ومباحثه

الجزء والصفحة:  ص52- 57

28-4-2018

1973

 

المبحث الأول: اللغة

لقد بحث موضوع اللغة في بداية نشأة علم الدلالة وعلوم الألسنية بوجه عام، من الجانب التاريخي، حيث اتسع مجال البحث في نشأة اللغة، وهي مسألة شغلت اهتمام العلماء قديماً وحديثاً، أما في المرحلة الثانية فقد بحث موضوع اللغة بمنهج وصفي آني وهو منهج يأخذ دراسة اللغة من جانب بنيتها الداخلية باعتبار اللغة نظاماً من الرموز اللسانية أو مجموعة من الأصوات الدالة. كما تناول علماء الدلالة وظائف اللغة والنواميس الخفية التي تتحكم في نظام بنيتها وحركيتها(1) التي وسموها بالتعقيد. يظهر ذلك من اختلافهم في تعريفها. فيعرفها أحدهم بأنها نظام من الرموز والإشارات ويعرفها آخر بأنها مجموعة الأصوات الدالة أو أداة للفكر، بينما يحددها أنيس فريحة بقوله: "الواقع أن اللغة أكثر من مجموعة أصوات، وأكثر من أن تكون أداة للفكر أو تعبيراً عن عاطفة اللغة جزء من كياننا البسيكولوجي الروحي وهي عملية فيزيائية اجتماعية بسيكولوجية على غاية من التعقيد(2).

إن البحث في أصل اللغة من المسائل الفكرية الصعبة التي بقي معها فكر العلماء يدور في حلقة مفرغة، بحيث انقسمت آراؤهم حول تحديد نشأة اللغة، وبرزت في ثلاثة اتجاهات: اتجاه يذهب إلى أن اللغة توقيفية طبيعية، واتجاه يذهب إلى أن اللغة عرفية اصطلاحية واتجاه ثالث يجمع بين الرأيين. وكان جل العلماء اللغويين يأملون التوصل إلى تفسير شامل لهذه المسألة، ولكنه لم يتمكنوا من ذلك وأضحت أبحاثهم لا تقدم لمسألة نشأة اللغة أي حل مقنع قد يفتح المجال أمام جهود الباحثين في هذا الميدان، بل إن المسألة ازدادت تعقيداً، بكثرة الآراء والنظريات التي نشأت حولها مما حدا بالجمعية اللغوية الفرنسية (la societe de linguistique) إلى إصدار قانون يمنع إلقاء محاضرات في موضوع نشأة اللغة. إن اعتماد النظريات اللغوية الحديثة على معطيات مبنية على الحدس والافتراض، هو الذي أبعدها من التوصل إلى نتائج علمية دقيقة، ولقيت بعض هذه النظريات اعترافاً علمياً، لأنها استندت في تعليلها لنشأة اللغة على معطيات لغوية ملموسة من ذلك نظرية (bow waw) التي تذهب إلى أن أصل اللغة هو محاكاة لأصوات استقاها الإنسان من الطبيعة، تدعم رأيها بوجود ألفاظ مأخوذة من

ص52

 

أصوات تصدرها عناصر من الطبيعة كالزقزقة والخرير، والحفيف، والخشخشة، والعواء، والمواء وما إلى ذلك، رأي مماثل تذهب إليه نظرية الأصوات التعجبية العاطفية، وتفيد أن الكلمات الأولى التي نطق بها الإنسان، كانت أصوات تعجبية عاطفية تعبر عن ألم أو دهشة أو فرح من تلك الكلمات "أف" وي "أنين" وغير ذلك(3).

إن المنهج الوصفي الآني، يرمي إلى تحليل البنية الداخلية للغة، وذلك باستنباط الشبكة التنظيمية التي تبدو كنواميس خفية تنتظم في إطارها اللغة. يرى جان بياجي أن اللغة مؤسسة اجتماعية تحكمها نواميس خفية مفروضة على الأفراد، تتناولها الأجيال بضرب من الحتمية التاريخية إذ كل ماضي اللغة راهنا- إنما هو منقول عن أشكال سابقة، هي الأخرى منحدرة من أنماط أكثر بدائية، وهكذا إلى الأصل الأوحد أو الأصول الأولية المتعددة(4).

هذه القوانين الخفية التي تنتظم في إطارها اللغة، تعود إلى الأصول الأولية للغة الخطاب وهي تشكل النظام اللغوي، وبذلك سعى اللغويون وعلماء الدلالة بوجه خاص، إلى تفكيك بنية هذا النظام لاكتشاف اللغة اكتشافاً علمياً، قد يقدم تفسيراً مقبولاً لمشكلات لغوية، في عالم أصبح يعتمد على اللغة في الاتصال والإعلام في مستويات رفيعة وهامة يقول بيار جيرو: "إنّ اللغة نظام من الإشارات وهي تخدمنا في إيصال الأفكار واستدعاء صور مفاهيم الأشياء التي تكونت في أذهاننا إلى ذهن الآخرين(5).

إن الدرس الدلالي الحديث يهدف أساساً إلى التعرف على القوانين التي تشرف على النظام اللغوي، وذلك بتحليل نصوص لغوية بقصد ضبط المعاني المختلفة بأدوات محددة وفي هذا سعي إلى تنويع التراكيب اللغوية لأداء وظائف دلالية معينة، وهذا التنويع هو الذي يثري اللغة إثراء يحفظ أصول هذه اللغة ولا يكون حاجزاً أمام تطورها وتجددها، ويمكن في خضم هذا البحث على النواميس الخفية "خلق" نواميس لغوية جديدة لتشرف على النظام الكلامي والخطابي بين أفراد المجتمع الواحد، يقول عبد السلام المسدي شارحاً ذلك بتعريفه لدور النحوي: "أما النحوي نعني فقيه اللغة بالاصطلاح المطرد- فمرامه أن يعي وجود اللسان من خلال وجود الكلام، ويأتي عالم اللسان ليكون همه الوعي باللغة عبر إدراك

ص53

 

نواميس السلوك الكلامي(6) وأشارت البحوث الدلالية، في خضم بحثها في موضوع اللغة، إلى أن اكتساب التراكيب اللغوية يخضع إلى التلقائية والعفوية أثناء الحدث الكلامي، غير أن هذه التلقائية تحمل في جوهرها تلك القواعد التي تحدد للغة الخطاب والتواصل إطارها، ويتعرف المجتمع اللغوي على سننها ويتمرس في توظيفها، يوضح عبد السلام المسدي ذلك قائلاً: "إن الحدث الكلامي يكتسب تلقائياً عن طريق التحصيل بالأمومة، غير أن هذا الاكتساب الأمومي، سرعان ما يتحول إلى ضرب من الإدراك الخفي بقوانين تلك اللغة ذلك أن الظاهرة اللسانية من شروطها الأولية، أنها عقد جماعي يلتزم به الفرد ضمنياً بعد أن يحذق استخدام ما تنص عليه بنوده الصوتية والنحوية والمعجمية والدلالية"(7). وإلى هذه السنن اللغوية ذاتها أشار نوام تشومسكي في سياق حديثه عن البنية السطحية والبنية العميقة للغة، محدداً مسألة الأداء الكلامي والكفاية اللغوية التي تتيح للفرد التوصل إلى نسج جمل كثيرة وجديدة، بواسطة ما يحمل ذهنه من قواعد وسنن لغوية. يشرح ريمون طحان هذه العملية اللغوية بكيفية مفصلة فيقول: "إن البنى السطحية نتيجة آلية وميكانيكية لبني كانت  في الأعماق ودفعتها اللغة إلى السطح، ويبدو أن البنى العميقة هي أسس التفكير وهي التي تستوعب المفاهيم، وأن البنى السطحية تقوم فقط بصوغ المفهوم على شكل جملة أصولية، ويبدو أن هناك تماثل بين هياكل اللغة وهياكل الذهن، وتصبح البنى الفكرية الخفية، قوالب لغوية بارزة واللسان مرآة صادقة تعكس صورة الفكر"(8).

إن تعميق البحث العلمي في اللغة، مكن من تجاوز البنى السطحية لهذه اللغة إلى بنى عميقة تكشف عن الشبكة الداخلية التي تصنف الأداءات اللغوية وتستمر معها عملية التواصل والإبلاغ إذ، "ليس للساني من مهمة في خاتمة المطاف، سوى استنباط الشبكة التصنيفية التي تقوم عليها الظاهرة اللغوية مما يتيح له استطلاع مقومات الانتظام الداخلي عبر اكتشاف النواميس المحددة لبنية اللغة والمحركة لوظيفتها في آن معاً"(9).

إن اللغة تشكل مجموعة الخبرات اللغوية للمجتمع والتي تراكمت عبر مراحل التاريخ، وهي لهذا نظام كامل لا يمكن أن يوجد لدى فرد واحد. وقد عبر أفلاطون

ص54

 

عن ذلك بقوله: "إن الإنسان لن يجرؤ على أن يعبر باللغة على كل ما يدور بخلده من أفكار وأشياء"(10) ولذلك تقف اللغة عاجزة عن الإلمام بكل ما يريد أن يفصح عنه الإنسان، من أفكار ومشاعر، ومع ذلك تبقى اللغة الأداة الأساسية للتعبير ولتمييز اللغة كنظام واستخدام الإنسان لهذا النظام قسم سوسير دراسة اللغة إلى قسمين:

1- دراسة جوهرية موضوعها اللغة المعنية التي هي اجتماعية في جوهرها ومتكاملة في نظامها.

2- دراسة تتناول الاستخدام الفردي للغة باعتباره تطبيقاً علمياً لنظام اللغة المتكامل الذي هو عبارة عن مجموعة من العلامات المختزنة في العقل الجمعي، ولا تنطق لأنها ليست فردية(11). يشرح سوسير بكيفية مفصلة التقابل الذي تشكله اللغة بنظامها، والأداء الفردي لهذا النظام مشبها اللغة بالقاموس الذي توجد فيه الكلمات صامتة غير منطوقة، صالحة للنطق والاستعمال، وإنما يستخرج منه الفرد بحسب الحاجة إليها وبحسب الاختيار وهي القاسم المشترك بين أفراد المجتمع اللغوي وتوجد في حاصل جمع عقولهم جميعاً وإذا استطعنا أن نستخرج الصور الكلامية المختزنة في عقول جميع الأفراد في مجتمع لغوي واحد، فإننا سنلمس تلك الرابطة الاجتماعية التي تربطهم جميعاً وهي ما يسمى "باللغة المعينة" وهي لا تمكن أن تكون كاملة في ذهن أي فرد بعينه، بل لا تكتمل إلا في الوعي الجمعي وتمثلها هذه المعادلة الحسابية:(12) 1+1+1+1+1=1

وما يلاحظ على المناهج التي تناولت اللغة كمادة للبحث، أنها تختلف من مرحلة لأخرى لاختلاف النمط الفكري والعلمي السائدين في العصر، فيمكن أن نذكر المنهج السلوكي، الذي يعتبر اللغة مجموعة عادات صوتية يكيفها حافز البيئة، ويفترض أصحاب هذا المنهج حصول الاستجابة الكلامية للحافز على نحو شبيه في الواقع إلى حد كبير بما يحصل عند الحيوان. وهناك المنهج العقلي المستمد أساساً من فلسفة ديكارت، وينظر هذا المنهج إلى الأداء الكلامي، كونه يخفي وراءه معرفة ضمنية بقواعد معينة، ويحرص العقلانيون على تبيان السنن

ص55

 

القاعدية في النظام اللغوي، بغية التوصل إلى إدراك الآلية العقلية المحركة لعمل اللغة(13).

هذا التناول اللغوي الموسوم بالتحليل العميق لبنية اللغة الداخلية، يبين المدى الذين توصلت إليه الدراسات اللسانية والدلالية في العصر الحديث، فلم تعد الدراسة تكتفي بالوصف السطحي للظاهرة اللغوية فحسب، وإنما تلاقح العلوم الحديثة من فلسفية ونفسية واجتماعية، أثرى المنهج اللغوي المعتمد في استنباطات سنن اللغة وقواعد نظامها، وتمكن العلماء معه إلى تحديد وظائف اللغة حسب العملية التواصلية، حيث يميز رومان جاكسون في الحديث اللساني ست وظائف هي(14)

1- الوظيفة المرجعية (referentielle): وهي تعني إشارة اللغة إلى محتوى معين لإيصاله إلى أذهان الآخرين وتبادل الرأي معهم.

2- الوظيفة التعبيرية أو الانفعالية (emotive): وهي التي تشير فيها اللغة إلى موقف المرسل من مختلف القضايا التي يتحدث عنها.

3- الوظيفة الإنشائية (conative): تظهر في اللغة التي يتوجه بها إلى المخاطب قصد لفت انتباهه إلى أمر أو طلب منه القيام بعمل معين.

4- الوظيفة الورألسنية (Metalinguistique): وهي تعكس شعور المعبّر بنظام التواصل وتتمحور حول اللغة نفسها.

5- وظيفة الاتصال (phatique): وهي تقوم على تعابير تتيح للمرسل إقامة الاتصال أو قطعه .

6- الوظيفة الشعرية (poetique): وهي تتمحور حول اللغة باعتبارها تحمل ظلالاً من المعاني والقيم الدلالية.

هذه الوظائف الست هي التي تتمحور في إطارها العملية الإبلاغية التي تتخذ اللغة كخطاب يؤدي الدلالات المقصودة في الأحوال العادية، وهي تشير إلى مدى العمق العلمي التحليلي الذي سارت عليه الدراسات اللغوية الحديثة، من أجل إبراز القيم الجوهرية في اللغة باعتبارها أهم نظام للتواصل. يقول سوسير:

ص56

 

"إن اللغة هي نظام من العلامات المعبرة عن أفكار، وبهذا ومقارنة بالأنظمة التواصلية الأخرى كنظام لغة الصم البكم أو نظام الطقوس والشعائر أو الإشارات العسكرية، وما إلى ذلك تبقى اللغة الأهم من هذه الأنظمة"(15).

ويدعم هذه الفكرة الدكتور أحمد مختار عمر بقوله: "ورغم اهتمام علم الدلالة بدراسة الرموز وأنظمتها حتى ما كان منها خارج نطاق اللغة، فإنه يركز على اللغة من بين أنظمة الرموز باعتبارها ذات أهمية خاصة بالنسبة للإنسان.(16).

هذه الجوانب من مبحث اللغة كما تناولته الدراسات الألسنية والدلالية الحديثة، والتي كانت ترمي إلى تأسيس رؤية علمية شاملة، تبرز الدور الوظيفة الأساسي للغة، وذلك بتفكيك بنيتها الداخلية للتعرف على الشبكة التنظيمية التي تشرف على عملية التواصل والإبلاغ، وهو ما دأب عليه علماء اللسانيات والدلالة في دراسات مستفيضة، استعانت بمناهج علمية مختلفة أحدثت في مبحث اللغة نقلة نوعية، وأنتجت نظريات رغم قدمها- ما زالت تعتمد كمراجع في البحث اللغوي المعاصر.

ص57

_______________________

([1]) أطلق عليها سوسير مصطلح "ميكانيزم" محاضرات في اللسانيات العامة ص177.

(2) أنيس فريحة نظريات في اللغة ص11

(3) أنيس فريحة نظريات في اللغة ص17-18

(4) عبد السلام المسدي اللسانيات وأسسها المعرفية، ص161.

(5) بيار جيرو، ترجمة د. منذر عياشي علم الدلالة ص51

(6) عبد السلام المسدي: اللسانيات وأسسها المعرفية، ص104.

(7) المرجع السابق ص31.

(8) ريمون طحان : الألسنية العربية ص144.

(9) عبد السلام المسدي: اللسانيات وأسسها المعرفية، ص30.

(10) ستيفن أولمان ترجمة ك مسلم كمال بشر: دور الكلمة في اللغة ص6.

(1[1]) 38-37: p cours de linguistique generale f. de saussure

(12) المرجع السابق ص37-38 .

(13) د. ميشال زكريا: الألسنية (علم اللغة الحديث) المبادئ والأعلام ص73-74.

(4[1]) انظر المرجع السابق ص54 وكتاب intiation aux problemes des lingustiques contemporaires c. fuchs et p. le goffi c. p. 115-116

(5[1]) cours de linguistiques generale f .de sausure

(6[1]) علم الدلالة ص12.