1

إيمان أبي طالب (عليه السّلام)

بقلم: الشيخ علي آل محسن

 

لقد اتّفقت كلمة أئمّة أهل البيت (عليهم السلام)، وشيعتهم تبعاً لهم، على أنّ أبا طالب (عليه السلام) كان مؤمناً مستكمل الإيمان، وأنّه كان يكتم إيمانه رعاية لمصالح الدعوة الإسلاميّة، وأمّا أهل السنّة فاختلفوا في إسلامه، فذهب المشهور إلى أنّه (عليه السلام) مات كافراً، وذهب قلّة من علمائهم إلى أنّه كان مؤمناً.

والأدلّة الدالة على إيمانه كثيرة، وكل دليل منها كافٍ في الجزم بإيمانه.

منها: مواقفه العظيمة في نصرة الإسلام والدفاع عن رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وحسبك دليلاً على إيمانه أشعاره الكثيرة التي كان يصرّح فيها باعتقاده بنبوّة رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وهي كثيرة جداً:

منها: ما أخرجه الحاكم في المستدرك 2 / 623 بإسناده عن ابن إسحاق قال: قال أبو طالب أبياتاً للنجاشي يحضّهم على حسن جوارهم والدفع عنهم ـ يعني عن المهاجرين إلى الحبشة من المسلمين ـ:

ليعلمْ خيارُ الناسِ أنَّ محمداً *** وزيرٌ لموسى والمسيحِ ابنِ مريمِ

أتانا بهديٍ مثلِ ما أتيا به *** فكلٌّ بأمرِ اللهِ يهدي ويعصمُ

وإنكمُ تتلونه في كتابِكم *** بصدقِ حديثٍ لا حديثِ المبرجمِ

وإنّك ما تأتيك منها عصابةٌ *** بفضلِك إلا أرجعوا بالتكرّمِ

ومن أشعاره الدالة على إيمانه قوله:

ألا أبلغا عنّي على ذاتِ بينِها *** لويا وخصّا من لوي بني كعبِ

ألم تعلموا أنّا وجدنا محمّداً *** رسولاً كموسى خُطَّ في أوّلِ الكُتْبِ؟

وأنَّ عليه في العبادِ محبّةً *** ولا حيفَ فيمن خصَّه اللهُ بالحبِّ

فلسنا وبيتِ اللهِ نُسْلِمُ أحمداً *** لعزاء من عضّ الزمانِ ولا كربِ

ومن أشعاره قوله مخاطباً النبي (صلى الله عليه وآله):

واللهِ لن يصلوا إليك بجمعِهم *** حتى أُوسدَ في الترابِ دفينا

فاصدعْ بأمرِك ما عليك غضاضةٌ *** وأبشرْ بذاك وقرَّ منك عيونا

ودعوتَني وعلمتُ أنّك ناصحي *** ولقد دعوتَ كنتَ ثم أمينا

ولقد علمتُ بأنَّ دينَ محمّدٍ *** مِن خيرِ أديانِ البريةِ دينا

وهذه الأبيات ذكرها الثعلبي في تفسيره وقال: قد اتفق على صحّة نقل هذه الأبيات عن أبي طالب: مقاتل، وعبد الله بن عباس، والقسم بن محضرة، وعطاء بن دينار.

كما ذكرها ابن كثير في تاريخه 3 / 42، وأبو الفداء في تاريخه 1 / 120، وابن حجر في فتح الباري 7 / 153، 155، والإصابة 4 / 116، والقسطلاني في المواهب اللدنية 1 / 61 وغيرهم.

قال ابن أبي الحديد في شرحه 2 / 315 بعد ذكر جملة من شعر أبي طالب: فكلّ هذه الأشعار قد جاءت مجيء التواتر؛ لأنّه إن لم يكن آحادها متواترة فمجموعها يدلّ على أمر واحد مشترك، وهو تصديق محمد (صلى الله عليه وآله)، ومجموعها متواتر، كما أنّ كلّ واحدة من قتلات علي (عليه السلام) الفرسان منقولة آحاداً، ومجموعها متواتر، يفيدنا العلم الضروري بشجاعته، وكذلك القول فيما روي من سخاء حاتم، وحلم الأحنف،... وغير ذلك.

وقال القسطلاني في المواهب اللدنية 1 / 48 قال ابن التين: إنّ في شعر أبي طالب هذا دليلاً على أنّه كان يعرف نبوة النبي (صلى الله عليه [وآله] وسلم) قبل أن يُبعث لمّا أخبره به (بحيرا) وغيره من شأنه.

وأورد السيد أحمد زيني دحلان أبياتاً في السيرة النبويّة هامش الحلبيّة 1 / 88 ثم قال: قال الإمام عبد الواحد السفاقسي في شرح البخاري: إنّ في شعر أبي طالب هذا دليلاً على أنّه كان يعرف نبوة النبي (صلى الله عليه [وآله] وسلم) قبل أن يبعث لما أخبره به (بحيرا) الراهب وغيره من شأنه، مع ما شاهده من أحواله، ومنها الاستسقاء به في صغره، ومعرفة أبي طالب بنبوّته (صلى الله عليه [وآله] وسلم) جاءت في كثير من الأخبار زيادة على أخذها من شعره.

وقال شيخنا الأميني (قدّس سرّه) في الغدير 7 / 340: أنا لا أدري كيف تكون الشهادة والاعتراف بالنبوّة إن لم يكن منها هذا الأساليب المتنوعة المذكورة في هذه الأشعار؟ ولو وجد واحد منها في شعر أي أحد أو نثره لأصفق الكلّ على إسلامه، لكن جميعها لا يدلّ على إسلام أبي طالب، فاعجب واعتبر!.

 

شبهة حول الآية الثالثة والثلاثين من سورة الأنفال والردّ عليها

إيمان أبي طالب (عليه السّلام)

الإمام موسى الكاظم (عليه السلام) في سطور

الشيعة في سوريا ولبنان

مَن العلّامة الأميني؟

مذهب الجبريّة

الإمام الهادي (عليه السلام) يمهّد للغيبة

السيّد محمد ابن الإمام الهادي ـ عليهما السلام ـ (سبعُ الدُجيلِ)

ما المراد من مصطلح "الصفات السلبيّة"؟

ما المقصود من أنّ الله سبحانه وتعالى «شدید المحال»؟

ما معنى سوق المسلمين في المصطلح الفقهيّ؟

الاحتفال بمواليد الأئمة (عليهم السلام)

المشي على الجمر

حرق جثمان الشهيد العظيم زيد (عليه السلام)

طهارة نبي الله يوسف الصدّيق (عليه السلام)

قلب حديث المباهلة

1

المزيد
EN

تصفح الموقع بالشكل العمودي