قدم الأستاذ في كلّية الإمام الكاظم(عليه السلام) الدكتور مصطفى هيل الأنباري، بحثاً بعنوان (الإمامة واستثنائية قيادة المجتمع في ضوء نظرية الرتبة الإمام الحسين "عليه السلام" أنموذجاً). جاء ذلك خلال مشاركته في فعّاليات اليوم الثالث من المؤتمر العلمي الأوّل، الموسوم بـ (الحسن والحسين "عليهما السلام" إمامان قاما أو قعدا)، الذي تقيمه الأمانة العامّة للعتبة العباسية المقدسة وتُشرف عليه جامعةُ العميد وجمعيةُ العميد العلمية والفكرية. ويُقام أسبوع الإمامة الدوليّ الأوّل تحت شعار (النبوّة والإمامة صنوان لا يفترقان) وبعنوان (الإمامة نظام الأمّة). وتطرّق الباحث إلى صعوبة الخوض في مدار محاولات فهم العلاقة الحاكمة على المجتمعات، فهو أمر يتّسم بالصعوبة تارة والخطورة تارة أخرى، أمّا الصعوبة فإن ملامح تشكيلات علم الاجتماع ونتاجاته حتّى يومنا، حفرت في تلك المسألة كثيراً، بل إن ما توصلت إليه بعض الدراسات قد يراه البعض بأنه سبر أغوار القضية، الأمر الذي لزم الانتقال إلى الدراسات الوصفية أو التطبيقية أو النظريات الصغيرة، التي تجتزئ من الظاهرة الكبرى ما يناسبها وتحاول أن تقدّم له تفسيراً. وبيّن الباحث أن الصعوبة تكمن في عملية فرز الحدود التي ينطلق فيها هذا الطرح عمّا سبقه من الطروحات، وأن لا تكون محاولة مجترّة لما سبق وبذل فيها جهدٌ كبير، ولا يعني هذا أن النظريات السابقة لم تقدّم أطروحات امتازت بالجدّة والأصالة فيما طرحته، بل إن منها ما يشكّل مرتكزاً ظاهراً أو خفيّاً في كلّ حركة تنظيريّة لحقتها، ولكن هذا لا يعني أفول إسهامات البحث في تلك القضية. ولفت الباحث إلى أنه ما زال المؤشّر البياني للوضع القائم للمجتمع الإنسانيّ، في انحدارٍ مستمرّ لاسيّما فيما يتعلّق بالاستحقاقات الطبيعيّة لأفراده ولجماعاته، إلّا أن كثرة التدارس لظاهرةٍ ما من شأنه أن يُسهم في تطوير حلولها واستجلاء متطلّبات تلك الحلول.
وأوضح أن الصعوبة الأخرى تكمن في حالة التناص التي لا تخلو منها نظرية اجتماعية مع نظرية أخرى، فمنها ما قام على أنقاض نظريات سابقة ومنها ما استفاد من حالة التأسيس والمنهجية التي وصلت إليها الكثير من العلوم، وهذا ما يجعل الخطّ الفاصل بين بعضها، خطّاً رفيعاً يحتاج إلى حالة من اليقظة الفكرية لدرء حالة التداخل، التي قد تحصل عند البعض في بعض النظريات الاجتماعية، ما يُسهم في خلق حالةٍ من تشويش وعي المتلقّي لمرتكزات النظرية ومفاهيمها، من خلال نسختها الفكرية الأخرى.