أقرأ أيضاً
التاريخ: 25/12/2022
1148
التاريخ: 2024-06-25
514
التاريخ: 2024-06-22
461
التاريخ: 12-1-2023
1056
|
مفهوم التنمية الاقتصادية :
عند الحديث عن التنمية لا بد من المقارنة بين مفهومي النمو الاقتصادي والتنمية الاقتصادية: " فالنمو الاقتصادي يركز على التغير في الكم الذي يحصل عليه الفرد من السلع والخدمات في المتوسط دون أن يهتم بهيكل توزيع الدخل الحقيقي بين الأفراد ، أو بنوعية السلع والخدمات التي يحصلون عليها " (1).
فقد تقدم دولة غنية إعانة لدولة فقيرة تزيد من متوسط الدخل الحقيقي فيها لمدة عام أو عامين، ولكن لا تعتبر هذه الزيادة المؤقتة نمواً اقتصادياً ، فالزيادة في الدخل يجب أن تكون ناتجة عن تفاعلات قوى داخلية مع خارجية بحيث تضمن للنمو الاستمرار لفترة طويلة نسبياً (2), كما أن الزيادة في متوسط الدخل لا تعني أن كل فرد من أفراد المجتمع قد زاد دخله من الناحية المطلقة أو النسبية، فقد تحصل الطبقة القليلة من الأغنياء على كل الزيادة في الدخل الكلي وتحرم منها الطبقة العريضة من الفقراء ، وبالرغم من ذلك يزداد متوسط الدخل الفردي بشكل عام، كما أن النمو يحصل بشكل عفوي دون تدخل الدولة، فقد يزداد الناتج القومي الإجمالي خلال فترة طويلة ، بحيث يتضمن بالإضافة إلى زيادة الناتج، زيادة في الطاقة الإنتاجية التي تتحقق في إطار البنى الهيكلية القائمة التي تتطور ببطء أو حتى لا تتطور، وبالتالي فإن معدلات النمو تكون عفوية عالية أو منخفضة بحسب الظروف التي يمر بها البلد المعني .
أما التنمية الاقتصادية فهي تنطوي على تغير في هيكل توزيع الدخل ، وتغير في هيكل الإنتاج وفي نوعية السلع والخدمات المقدمة للأفراد، إلى جانب التغير في كمية السلع والخدمات التي يحصل عليها الفرد في المتوسط، وبالتالي التنمية الاقتصادية لا ترتكز على التغير الكمي فقط ، بل تمتد لتشمل التغير النوعي والهيكلي.
ومن خلال ما تقدم يمكن إيجاز الفروقات التالية بين مفهومي النمو والتنمية :
ومن خلال ما تقدم يمكن إيجاز الفروقات التالية بين مفهومي النمو والتنمية :
١- تقود التنمية إلى تغيرات جذرية في البنى الاقتصادية القائمة، وتعمل على بنائها بصورة واعية بشكل يضمن استمرارية النمو المدعم ذاتياً ، بينما النمو لا يقود إلى مثل هذه التغيرات الجذرية في هيكل الاقتصاد الوطني .
٢- التنمية تركز على التغيرات النوعية والهيكلية، بينما النمو يركز على التغير الكمي في السلع والخدمات فقط .
٣- تحدث التنمية باعتماد تدابير وإجراءات مقصودة غالباً ما تتخذ طابع البرامج الاستثمارية أو الخطط الاقتصادية ، أي أنها زيادة إرادية في الإنتاج والناتج، بينما النمو يحدث من خلال قانونية التطور الاقتصادي في اقتصاد السوق أي أنه يعبر عن زيادة عفوية في الإنتاج والناتج .
٤. إن معدلات التنمية الاقتصادية هي معدلات مخططة ومستقرة وغالباً ما تكون مرتفعة، بينما تكون معدلات النمو الاقتصادي غير محددة وتتذبذب وفقاً لتغير الشروط المحيطة، وغالباً ما تكون منخفضة خلال الفترات الطويلة .
وسيتم الآن إيراد مجموعة من تعاريف التنمية الاقتصادية حسب آراء بعض الاقتصاديين :
فقد رأى الأستاذ بالدوين : (أن التنمية الاقتصادية عبارة عن عملية يزداد بواسطتها الدخل القومي للنظام الاقتصادي خلال فترة طويلة من الزمن) (3) .
من خلال التعريف يتبين أن الأستاذ بالدوين يعتبر أن التغير في الهيكل الاقتصادي عنصر من عناصر التنمية، وأن التنمية الاقتصادية عملية مستمرة عبر الزمن ، وذلك خلال فترة طويلة، وبالتالي هي ليست حدثاً عفوياً أو جارياً ، بل عملية مستمرة وتؤدي إلى زيادة الدخل القومي الحقيقي، فلذلك لا بد أن تكون معتمدة على تفاعل قوى في العضوية الاقتصادية تؤدي إلى تغيرات كمية ونوعية .
ولقد عرف. د. ميشيل تودارو التنمية : بأنها قدرة الاقتصاد القومي والذي ظلت ظروفه الاقتصادية الأولية ساكنة نوعاً ما ولفترة طويلة على توليد زيادة سنوية في الناتج القومي الإجمالي لهذا الاقتصاد بمعدلات تتراوح بين ٥% إلى ٧% أو أكثر من ذلك (4) .
ويتضح من تعريف د. ميشيل أنه أعطى مؤشراً عاماً للتنمية وهو الناتج القومي الإجمالي GNP ولكن هناك مؤشر آخر وهو استخدام معدلات نمو متوسط دخل الفرد أو الناتج القومي الإجمالي لكل فرد، كي تؤخذ بعين الاعتبار قدرة المجتمع على توسيع وزيادة الناتج والمخرجات بمعدلات أسرع من معدلات نمو سكان ذلك المجتمع ، وتستخدم معدلات ومستويات نمو الناتج القومي الحقيقي للفرد (النمو النقدي في متوسط نصيب دخل الفرد- معدل التضخم) لقياس الرفاهية الاقتصادية التي يتمتع بها السكان ، أي كمية السلع والخدمات الحقيقية المتاحة للمواطنين من أجل الاستهلاك والاستثمار .
ومن هنا يتبين أنه أصبح هناك نظرة اقتصادية جديدة للتنمية ، وهي النمو مع تحسين توزيع الدخل، فقد أعيد تعريف التنمية الاقتصادية في فترة السبعينيات من قدرة الاقتصاد القومي على توليد زيادة سنوية في ناتجه القومي الإجمالي وتحقيق معدلات نمو متوسط لدخل الفرد من الناتج إلى صورة تقليل أو إزالة الفقر وعدم المساواة والبطالة في سياق اقتصاد يرفع شعار إعادة التوزيع مع النمو أو النمو مع تحسن توزيع الدخل .
وبذلك أصبح من الضروري إعادة تحديد أولويات التنمية في البلدان النامية ، بحيث لا تقتصر على تعظيم معدلات نمو الناتج المحلي الإجمالي بل وتتسع لتشمل الأهداف الاجتماعية العريضة مثل استئصال الفقر وتخفيض الفجوة الواسعة في تباين الدخل , ويمكن الآن الاعتبار أن آلية توزيع الدخل تعد مؤشراً من مؤشرات التنمية إلى جانب الناتج المحلي لإجمالي وهو ما سيتم دراسته بشكل مفصل لاحقاً .
وقد عرف د. مطانيوس حبيب التنمية الاقتصادية على أنها: (مجموعة من الإجراءات والتدابير الاقتصادية والاجتماعية والثقافية الهادفة إلى بناء آلية اقتصادية ذاتية، تضمن زيادة حقيقية مضطردة في الناتج الإجمالي ورفع مستمر لدخل الفرد الحقيقي، كما تهدف إلى تحقيق توزيع عادل لهذا الناتج بين طبقات الشعب المختلفة التي تساهم في تحقيقه) (5) وهو تعريف شامل إذ اهتم بجانب التوزيع العادل للناتج بين طبقات المجتمع إلى جانب الزيادة الحقيقية في الناتج القومي . وهذا التعريف يتضمن عناصر متعددة للتنمية وهي :
١- التنمية عملية إرادية مقصودة وليست عملية عفوية جارية :
فالتنمية مجموعة إجراءات وتدابير اقتصادية اجتماعية تفترض تدخلاً من قبل المجتمع المتمثل في الدولة، ويختلف هذا التدخل تبعاً لطبيعة نظام الاقتصاد السائد في المجتمع ، فإذا كان أساس النظام الاقتصادي الملكية العامة لوسائل الإنتاج ، فإن الدولة تعمد إلى توجيه الفعاليات الاقتصادية بما يحقق الأهداف المرسومة ضمن خطة اقتصادية واجتماعية متكاملة، أما إذا كان النظام يقوم على مبدأ الحرية الاقتصادية فإن الدولة ستقتصر على استخدام مجموعة إجراءات وتدابير اقتصادية (مثل الحماية الجمركية، الإعفاءات الضريبية، تقديم مساعدات مالية، فرض عقوبات معينة...) من شأنها توجيه الاستثمارات إلى فروع معينة تساهم في عملية تسريع النمو الاقتصادي .
٢- تغيير البنيان أو الهيكل الاقتصادي وذلك لبناء آلية اقتصادية ذاتية و متكاملة :
والمقصود بالبنيان أو الهيكل الاقتصادي، مجموعة النسب والعلاقات التي يتميز بها الاقتصاد الوطني، مثال ذلك : العلاقة بين الناتج القومي وحجم رأس المال القومي المتراكم ، نسبة مساهمة كل من الصناعة والزراعة في الناتج القومي، النسبة بين الادخار والاستهلاك، ونسبة العاملين إلى عدد المؤهلين، والنسبة بين القطاع المنتج لوسائل الإنتاج والقطاع المنتج لمواد الاستهلاك .
لذا فإن التغيير البنياني المطلوب من عملية التنمية الاقتصادية، يعني تغيير هذه النسب وفقاً لحاجات الاقتصاد القومي ، وبالتالي إحداث تغيير مناسب بين مجموعتي عوامل الطلب والعرض بما يكفل خلق آلية اقتصادية تضمن النمو المضطرد على أساس محلي .
ومن أهم التغيرات التي تتضمنها التنمية في جانب العرض (6) :
- اكتشاف موارد جديدة.
- التوسع في تجميع رأس المال.
- تزايد السكان.
- إدخال أساليب إنتاج جديدة.
- تحسين المهارات وتطوير القدرات الإدارية والتنظيمية.
- تعديلات مؤسسية وتنظيمية في إطار التشريعات والأنظمة.
أما أهم التغيرات في جانب الطلب(7) :
- حجم السكان وتركيبه العمري.
- مستوى الدخل ونمط توزيعه.
- الأذواق.
- التغيرات المؤسسية الأخرى (أي طبيعة هذه المؤسسات القائمة وأهداف عملها وطبيعته).
والتغيير المطلوب إحداثه في البنيان الاقتصادي للبلدان النامية ، يهدف إلى خلق عضوية اقتصادية متكاملة ذاتية، تقوم على وحدة السوق الداخلية وتكون قادرة على سد الطلبات المتنامية على السلع الرأسمالية والاستهلاكية معاً ، فليس من المعقول أن يرتقي بلد إلى سلم التقدم الاقتصادي وهو تابع لأسواق البلدان الأخرى ، سواء للحصول على آلات وتجهيزات أو لتصريف القسم الأكبر من منتجاته، فبعض بلدان العالم الثالث تصرف حوالي ٥٠% من ناتجها القومي في الأسواق الخارجية وتستورد كل الآلات والتجهيزات اللازمة لإعادة تجديد الإنتاج الاجتماعي (8)
وخلاصة القول : إن خلق آلية اقتصادية داخلية يعتبر أحد أهم عناصر التنمية لأنها تشكل أساساً للتطور الاقتصادي المستقل، ولا نريد من ذلك انعزال اقتصاد البلد عن السوق العالمية وإنما جعل السوق الداخلية ككيان متكامل ، وهذا يشكل العامل الحاسم في التطور اللاحق .
3ـ حدوث زيادة مستمرة في متوسط الدخل الحقيقي للفرد ولفترة طويلة من الزمن، أي أن تكون عملية التنمية عملية طويلة الأجل (9) :
يرتبط دخل الفرد بمتغيرين أساسيين هما الناتج القومي وعدد السكان , ويقصد بالناتج القومي : مجموعة قيم السلع والخدمات النهائية المتحصلة لعوامل الإنتاج والعائدة للمقيمين في بلد معين خلال فترة محددة (عادة السنة) معبراً عنها بالنقود ومقومة بسعر السوق .
وبذلك فإن قيمة الناتج القومي ما دامت مقومة بسعر السوق فهي تخضع لعاملين أساسيين :
العامل الأول : زيادة أو نقص حجم السلع والخدمات وهو ما يعبر عنه بالتغير الحقيقي .
العامل الثاني : ارتفاع الأسعار أو انخفاضها وهو ما يدعى بالتغير الظاهري أو الوهمي .
وعادة يساهم هذان العاملان معاً في زيادة الناتج القومي، ولهذا يكون من الضروري تصحيح قيم الإنتاج بتغيرات الأسعار لمعرفة الزيادة الحقيقية، ذلك أن دخل الفرد الحقيقي مرتبط بزيادة أو نقص حجوم السلع والخدمات .
وبالطبع ليست كل زيادة حقيقية في الناتج القومي تؤدي إلى زيادة حقيقية في دخل الفرد لأن هذه الزيادة الحقيقية في الناتج قد تتوزع على فئات دون فئات أخرى ومن هنا جاء العنصر الرابع من عناصر التنمية .
٤ـ تحسين في توزيع الدخل لصالح الطبقة الفقيرة ولصالح الفئات التي ساهمت في زيادة هذا الدخل :
وبالتالي أحد شروط التنمية أن يصاحب النمو الاقتصادي تحسن في توزيع الدخل لصالح الطبقة الفقيرة .
________________________________________________________________
1- Flaming R,A., "Economic Growth and Economic Development: counterparts or
competitors", Economic Development and cultural change, oct.1979. pp47-61 .
2- عطية ، عبد القادر محمد عبد القادر، اتجاهات حديثة في التنمية، الدار الجامعية ، الإسكندرية ، عام ٢٠٠٠ ، ص ١٣- ١٦ . 3- حبيب ، مطانيوس ، التنمية الاقتصادية ، مطابع مؤسسة الوحدة ، جامعة دمشق، ١٩٨٢ ، ص ١ .
4- تودارو، ميشيل ب ، تعريب د. محمود حسن حسني ، د. محمود عبد الرزاق ، التنمية الاقتصادية ، دار المريخ للنشر، الرياض، المملكة العربية السعودية، ٢٠٠٦ م ، ص 50-51 .
5- حبيب ، مطانيوس ، التنمية الاقتصادية، مرجع سابق، ص ١٥٩، السياسات المالية .
6- خلف . فليح حسن، التنمية والتخطيط الاقتصادي ، عالم الكتاب الحديث للتوزيع و النشر، إربد ، الأردن، عام ٢٠٠٦ م، ص ١٧٩ .
7- خلف. فليح حسن ، التنمية والتخطيط الاقتصادي ، مرجع سابق ، ص180 .
8- حبيب. مطانيوس ، التنمية الاقتصادية ، مرجع سابق ، ص 163 .
9- عطية. عبد القادر، اتجاهات حديثة في التنمية ، مرجع سابق ، ص17 .
|
|
مخاطر عدم علاج ارتفاع ضغط الدم
|
|
|
|
|
اختراق جديد في علاج سرطان البروستات العدواني
|
|
|
|
|
مدرسة دار العلم.. صرح علميّ متميز في كربلاء لنشر علوم أهل البيت (عليهم السلام)
|
|
|