المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

القرآن الكريم وعلومه
عدد المواضيع في هذا القسم 17761 موضوعاً
تأملات قرآنية
علوم القرآن
الإعجاز القرآني
قصص قرآنية
العقائد في القرآن
التفسير الجامع
آيات الأحكام

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
{افان مات او قتل انقلبتم على اعقابكم}
2024-11-24
العبرة من السابقين
2024-11-24
تدارك الذنوب
2024-11-24
الإصرار على الذنب
2024-11-24
معنى قوله تعالى زين للناس حب الشهوات من النساء
2024-11-24
مسألتان في طلب المغفرة من الله
2024-11-24

ذبابة الفاصوليا
26-11-2021
Soils and Mineral Availability
31-10-2016
أولاد الإمام الصادق(عليه السلام)
16-10-2015
قراءة القرآن في المصحف‏
3-05-2015
المحاصيل الثانوية التي تنتمي للعائلة البقولية
11-12-2020
الغلاف الحيوي biosphere
26-11-2015


تفسير آية (145-147) من سورة الانعام  
  
18643   06:53 مساءً   التاريخ: 6-11-2017
المؤلف : اعداد : المرجع الإلكتروني للمعلوماتية
الكتاب أو المصدر : تفاسير الشيعة
الجزء والصفحة : ......
القسم : القرآن الكريم وعلومه / التفسير الجامع / حرف الألف / سورة الأنعام /

قال تعالى : {قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (145) وَعَلَى الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُمَا إِلَّا مَا حَمَلَتْ ظُهُورُهُمَا أَوِ الْحَوَايَا أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ ذَلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِبَغْيِهِمْ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ (146) فَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ رَبُّكُمْ ذُو رَحْمَةٍ وَاسِعَةٍ وَلَا يُرَدُّ بَأْسُهُ عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ} [الأنعام : 145 - 147].

 

تفسير مجمع البيان
- ذكر الطبرسي في تفسير هذه الآيات (1) :

قال تعالى : {قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [الأنعام : 145] .

لما قدم سبحانه ، ذكر ما حرمه المشركون ، عقبه ببيان المحرمات ، فقال : {قل} يا محمد لهؤلاء {لا أجد فيما أوحي إلي} أي : ما أوحاه الله تعالى إلي ، شيئا {محرما على طاعم يطعمه} أي : على آكل يأكله {إلا أن يكون ميتة أو دما مسفوحا} أي : مصبوبا ، وإنما خص المصبوب بالذكر ، لأن ما يختلط باللحم منه ، مما لا يمكن تخليصه منه ، معفو عنه مباح {أو لحم خنزير} إنما خص الأشياء الثلاثة هنا بذكر التحريم ، مع أن غيرها محرم ، فإنه سبحانه ذكر في المائدة تحريم المتخنقة ، والموقودة ، والمتردية ، وغيرها ، لأن جميع ذلك يقع عليه اسم الميتة ، فيكون في حكمها ، فأجمل هاهنا ، وفصل هناك .

وأجود من هذا أن يقال : إنه سبحانه خص هذه الأشياء بالتحريم ، تعظيما لحرمتها ، وبين تحريم ما عداها في مواضع أخر ، إما بنص القرآن ، وإما بوحي غير القرآن ، وأيضا فإن هذه السورة مكية ، والمائدة مدنية ، فيجوز أن يكون غير ما في الآية من المحرمات ، إنما حرم فيما بعد ، والميتة عبارة عما كان فيه حياة ، فقدت من غير تذكية شرعية .

{فإنه رجس ، أي : نجس ، والرجس اسم لكل شيء مستقذر منفور عنه ، والرجس أيضا العذاب . والهاء في قوله {فإنه} عائد إلى ما تقدم ذكره ، فلذلك ذكره {أو فسقا} عطف على قوله {أو لحم خنزير} فلذلك نصبه {أهل لغير الله به} أي : ذكر عليه اسم الأصنام والأوثان ، ولم يذكر اسم الله عليه ، وسمي ما ذكر عليه اسم الصنم فسقا ، لخروجه عن أمر الله ، وأصل الإهلال : رفع الصوت بالشيء ، وقد ذكرناه في سورة المائدة {فمن اضطر} إلى تناول شيء مما ذكرناه {غير باغ ولا عاد} قد سبق معناه في سورة البقرة {فإن ربك غفور رحيم} حكم بالرخصة ، كما حكم بالمغفرة ، والرحمة .

- {وَعَلَى الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُمَا إِلَّا مَا حَمَلَتْ ظُهُورُهُمَا أَوِ الْحَوَايَا أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ ذَلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِبَغْيِهِمْ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ * فَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ رَبُّكُمْ ذُو رَحْمَةٍ وَاسِعَةٍ وَلَا يُرَدُّ بَأْسُهُ عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ} [الأنعام : 146 - 147] .

ثم بين سبحانه ما حرمه على اليهود فقال : {وعلى الذين هادوا} أي : على اليهود في أيام موسى {حرمنا كل ذي ظفر} اختلف في معناه ، فقيل : هو كل ما ليس بمنفرج الأصابع كالإبل ، والنعام ، والإوز ، والبط ، عن ابن عباس ، وسعيد بن جبير ، وقتادة ، ومجاهد ، والسدي . وقيل : هو الإبل فقط ، عن ابن زيد . وقيل : يدخل فيه كل السباع ، والكلاب ، والسنانير ، وما يصطاد بظفره ، عن الجبائي . وقيل : كل ذي مخلب من الطير ، وكل ذي حافر من الدواب ، عن القتيبي ، والبلخي {ومن البقر والغنم حرمنا عليهم شحومهما} أخبر سبحانه أنه كان حرم عليهم شحوم البقر والغنم من الثرب ، وشحم الكلى ، وغير ذلك مما في أجوافها ، واستثنى من ذلك فقال {إلا ما حملت ظهورهما} (2) من الشحم ، وهو اللحم السمين ، فإنه لم يحرم عليهم {أو الحوايا} أي ما حملته الحوايا من الشحم ، فإنه غير محرم عليهم أيضا ، والحوايا : هي المباعر ، عن ابن عباس ، والحسن ، وسعيد بن جبير ، وقتادة ، ومجاهد ، والسدي . وقيل : هي بنات اللبن ، عن ابن زيد . وقيل : هي الأمعاء التي عليها الشحوم ، عن الجبائي .

{أو ما اختلط بعظم} ذلك أيضا مستثنى من جملة ما حرم ، وهو شحم الجنب ، والألية ، لأنه على العصعص (3) ، عن ابن جريج ، والسدي . وقيل : الألية لم تدخل في هذا ، لأنها لم تستثن ، عن الجبائي ، فكأنه لم يعتد بعظم العصعص ، قال الزجاج : إنما دخلت {أو} هاهنا على طريق الإباحة ، كما قال سبحانه : {ولا تطع منهم آثما أو كفورا} والمعنى : إن كل هؤلاء أهل أن يعصى فاعص هذا ، أو اعص هذا ، وأو بليغة في هذا المعنى ، لأنك إذا قلت : لا تطع زيدا وعمرا ، فجائز أن يكون نهيتني عن طاعتهما في حال معا ، فإن أطعت زيدا على حدته ، لم أكن عصيتك ، وإذا قلت : لا تطع زيدا ، أو عمرا أو خالدا ، فالمعنى : إن هؤلاء كلهم أهل أن لا يطاع فلا تطع واحدا منهم ، ولا تطع الجماعة ، ومثله جالس الحسن ، أو ابن سيرين ، أو الشعبي .

{ذلك جزيناهم ببغيهم} المعنى : حرمنا ذلك عليهم عقوبة لهم بقتلهم الأنبياء ، وأخذهم الربا ، واستحلالهم أموال الناس بالباطل ، فهذا بغيهم وهو كقوله : {فبظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم طيبات أحلت لهم} وقيل : بغيهم ظلمهم على أنفسهم في ارتكابهم المحظورات . وقيل : إن ملوك بني إسرائيل ، كانوا يمنعون فقراءهم من أكل لحوم الطير ، والشحوم ، فحرم الله ذلك ببغيهم على فقرائهم ، ذكره علي بن إبراهيم في تفسيره .

ويسأل فيقال : كيف يكون التكليف عقوبة ، وهو تابع للمصلحة ، وتعريض للثواب ؟ وجوابه : إنه إنما سمي جزاء وعقابا ، لأن عظيم ما فعلوه من المعاصي ، اقتضى تحريم ذلك ، وتغيير المصلحة فيه ، ولولا عظم جرمهم لما اقتضت المصلحة ذلك {وإنا لصادقون} أي : في الإخبار عن التحريم ، وعن بغيهم ، وفي كل شيء ، وفي أن ذلك التحريم عقوبة لأوائلهم ، ومصلحة لمن بعدهم إلى وقت النسخ {فإن كذبوك} يا محمد فيما تقول {فقل ربكم ذو رحمة واسعة} لذلك لا يعجل عليكم بالعقوبة ، بل يمهلكم {ولا يرد بأسه} أي : لا يدفع عذابه إذا جاء وقته {عن القوم المجرمين} أي : المكذبين .

______________________________

1 . تفسير مجمع البيان ، ج4 ، ص 183-186 .

2 . [أي ما حملته ظهورهما] .

3 . العصعص : عجب الذنب وهو عظمه .

 

تفسير الكاشف
- ذكر محمد جواد مغنيه في تفسير هذه الآيات (1) :

{ قُلْ لا أَجِدُ فِي ما أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلى طاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقاً أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ باغٍ ولا عادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ } . الرجس القذر ، والفسق الحرام ، بعد أن بيّن سبحانه افتراء المشركين على اللَّه فيما حللوا وحرموا من المأكولات - بيّن في هذه الآية المحرمات عند اللَّه سبحانه مما يؤكل ، وهي أربعة : الميتة ، والدم المسفوح ، ولحم الخنزير ، وما ذبح على غير اسم اللَّه ، ولا يجوز لأحد أن يتناول منها شيئا إلا المضطر إلى أكلها ، فله ، والحال هذه ، أن يتناول منها ما يدفع به الضرر عن نفسه ، وتقدم الكلام عن ذلك مفصلا عند تفسير الآية 173 من سورة البقرة ج 1 ص 264 . وأجبنا هناك عن سؤال من سأل ان ظاهر الآية يدل على حصر المأكولات المحرمة بهذه الأربعة ، مع انها كثيرة ، وأيضا سبق الكلام عن ذلك بصورة أوسع في أول هذا المجلد عند تفسير الآية 3 من سورة المائدة .

{ وعَلَى الَّذِينَ هادُوا حَرَّمْنا } . الذين هادوا هم اليهود . . حرّم سبحانه الأصناف المذكورة في الآية السابقة على الناس جميعا اليهود وغير اليهود ، أما المحرم في هذه الآية فيختص باليهود وحدهم بدليل قوله : { وعَلَى الَّذِينَ هادُوا حَرَّمْنا } .

أولا : { كُلَّ ذِي ظُفُرٍ } بجميع أجزائه ، دون استثناء ، وقال الطبري في تفسيره : ذو الظفر من البهائم والطير ما لم يكن مشقوق الأصابع - يريد منفرج الأصابع - كالإبل والنعام والإوز والبط .

ثانيا : { ومِنَ الْبَقَرِ والْغَنَمِ حَرَّمْنا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُما } . لم يحرم على اليهود جميع أجزاء البقر والغنم ، بل اللحم الأبيض ، دون اللحم الأحمر ، بل استثنى من شحوم البقر والغنم ثلاثة أصناف : الأول ما أشار إليه بقوله : { إِلَّا ما حَمَلَتْ ظُهُورُهُما } وهو الشحم الملتصق بالظهر . الثاني : { أَوِ الْحَوايا } وهي المصارين والأمعاء ، والمراد ان الشحوم الملتصة بها غير محرمة . { أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ } وهو شحم الألية في قول جميع المفسرين على عهدة الرازي ، أما العظم الذي اختلط به شحم الألية فهو العصعص .

{ ذلِكَ جَزَيْناهُمْ بِبَغْيِهِمْ وإِنَّا لَصادِقُونَ } هذا بيان لسبب حرمان اليهود من هذه الطيبات ، وانه جزاء على جرائمهم التي لا يبلغها الإحصاء ، ومنها قتل الأنبياء ، وأكلهم أموال الناس بالباطل ، وقولهم : اللَّه فقير ، ويده مغلولة . .

وفي تفسير الآية 93 من سورة آل عمران ج 2 ص 114 ما يتصل بقوله تعالى :

وعلى الذين هادوا حرمنا .

{ فَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ رَبُّكُمْ ذُو رَحْمَةٍ واسِعَةٍ ولا يُرَدُّ بَأْسُهُ عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ } .

أي ان كذبوك يا محمد فلا توئسهم من رحمة اللَّه ، وقل لهم : ان اللَّه يقبلكم ويصفح عنكم ان تبتم وأنبتم ، كما انه ينتقم منكم إذا أصررتم على ما أنتم عليه ، وفي هذه الآية وعد ووعيد ، رضا اللَّه وغضبه ، رضاه عمن التجأ إليه طالبا المغفرة ، وغضبه على من أصر على التمرد والعناد : {لَئِنْ شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ ولَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذابِي لَشَدِيدٌ} [إبراهيم - 7] .

__________________________

1. تفسير الكاشف ، ج3 ، ص 276-277 .

 

تفسير الميزان
- ذكر الطباطبائي في تفسير هذه الآيات (1) :

قوله تعالى : {قُلْ لا أَجِدُ فِي ما أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلى طاعِمٍ يَطْعَمُهُ} إلخ ، معنى الآية ظاهر (2) .

قوله تعالى : {وَعَلَى الَّذِينَ هادُوا حَرَّمْنا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ} إلخ ، الظفر واحد الأظفار وهو العظم النابت على رءوس الأصابع ، والحوايا المباعر قال في المجمع : ، موضع الحوايا يحتمل أن يكون رفعا عطفا على الظهور وتقديره : أو ما حملت الحوايا ، ويحتمل أن يكون نصبا عطفا على ما في قوله : {إِلَّا ما حَمَلَتْ} فأما قوله : {أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ} فإن ما هذه معطوفة على ما الأولى [انتهى] والوجه الأول أقرب .

ثم قال : ذلك في قوله ـ [ذلِكَ جَزَيْناهُمْ] ـ يجوز أن يكون منصوب الموضع بأنه مفعول ثان لجزيناهم التقدير : جزيناهم ذلك ببغيهم ، ولا يجوز أن يرفع بالابتداء لأنه يصير التقدير : ذلك جزيناهموه فيكون كقولهم : زيد ضربت أي ضربته ، وهذا إنما يجوز في ضرورة الشعر . انتهى .

والآية كأنها في مقام الاستدراك ودفع الدخل ببيان أن ما حرم الله على بني إسرائيل من طيبات ما رزقهم إنما حرمه جزاء لبغيهم فلا ينافي ذلك كونه حلا بحسب طبعه الأولى كما يشير إلى ذلك قوله : {كُلُّ الطَّعامِ كانَ حِلًّا لِبَنِي إِسْرائِيلَ إِلَّا ما حَرَّمَ إِسْرائِيلُ عَلى نَفْسِهِ مِنْ قَبْلِ أَنْ تُنَزَّلَ التَّوْراةُ} [آل عمران : 93] وقوله : {فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هادُوا حَرَّمْنا عَلَيْهِمْ طَيِّباتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَنْ سَبِيلِ اللهِ كَثِيراً} [النساء : 160] .

قوله تعالى : {فَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ رَبُّكُمْ ذُو رَحْمَةٍ واسِعَةٍ} إلى آخر الآية ، معنى الآية ظاهر ، وفيها أمر بإنذارهم وتهديدهم إن كذبوا بالبأس الإلهي الذي لا مرد له لكن لا ببيان يسلط عليهم اليأس والقنوط بل بما يشوبه بعض الرجاء ، ولذلك قدم عليه قوله : {رَبُّكُمْ ذُو رَحْمَةٍ واسِعَةٍ} .

____________________________

1. تفسير الميزان ، ج7 ، ص 309-310 .

2. وقد تقدم في نظيره الآية من سورة المائدة آية 3 ، وفي سورة البقرة آية 173 ما ينفع في المقام .

 

تفسير الأمثل
- ذكر الشيخ ناصر مكارم الشيرازي في تفسير هذه الآيات (1) :

قال تعالى : {قُلْ لا أَجِدُ فِي ما أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلى طاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلاَّ أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقاً أُهِلَّ لِغَيْرِ اللهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ باغٍ وَلا عادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [الأنعام : 145] .

بعض الحيوانات المحرّمة :

ثمّ إنّه تعالى ـ بهدف تمييز المحرمات الإلهية عن البدع التي أحدثها المشركون وأدخلوها في الدين الحق ـ أمر نبيّه صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلم في هذه الآية بأن يقول لهم بكل صراحة ، ومن دون إجمال أو إبهام : {لا أَجِدُ فِي ما أُوحِيَ إِلَيَ} من الشريعة أي شيء من الأطعمة يكون {مُحَرَّماً عَلى طاعِمٍ يَطْعَمُهُ} من ذكر أو أنثى ، وصغير أو كبير .

اللهم {إِلَّا} عدّة أشياء ، الأوّل : {أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً} .

أو يكون {دَماً مَسْفُوحاً} وهو ما خرج من الذبيحة عند التزكية بالقدر المتعارف (لا الدّماء التي تبقى في جسم الذبيحة في عروقها الشعرية الدقيقة ، بعد خروج قدر كبير منها بعد الذبح) .

{أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ} .

لأنّ جميع هذه الأشياء رجس ومنشأ لمختلف الأضرار {فَإِنَّهُ رِجْسٌ} .

إنّ الضمير في «فإنّه» وإن كان ضمير الإفراد ، إلّا أنّه يرجع ـ حسب ما يذهب إليه أكثر المفسّرين ـ إلى الأقسام الثلاثة المذكورة في الآية (الميتة ، الدم ، لحم الخنزير) فيكون معنى الجملة الأخيرة هي : فإنّ كل ما ذكر رجس (2) . وهذا هو المناسب لظاهر الآية وهو عودة الضمير إلى جميع تلك الأقسام ، إذ لا شك في أن الميتة والدم هما أيضا رجس كلحم الخنزير .

ثمّ أشار تعالى إلى نوع رابع فقال : {أَوْ فِسْقاً أُهِلَّ لِغَيْرِ اللهِ بِهِ} (3) أي التي لم يذكر اسم الله عليها عند ذبحها .

والجدير بالتأمل أنّه ذكرت لفظة «فسقا» بدلا عن كلمة «الحيوان» .

و «الفسق» كما أسلفنا يعني الخروج عن طاعة الله وعن رسم العبودية ، ولهذا يطلق على كل معصية عنوان الفسق .

وأمّا ذكر هذه اللفظة في هذا المورد في مقابل الرجس الذي أطلق على الموارد الثلاثة المذكورة سابقا ، فيمكن أن يكون إشارة إلى أنّ اللحوم المحرمة على نوعين :

اللحوم المحرّمة لخباثتها بحيث تنفر منها الطباع ، وتوجب أضرارا جسدية ، ويطلق عليها وصف الرجس (أي النجس) .

اللحوم التي لا تعدّ من الخبائث ، ولا تستتبع أضرارا جسميّة وصحيّة ، ولكنّها ـ من الناحية الأخلاقية والمعنوية ـ تدلّ على الابتعاد عن الله وعن جادة التوحيد ، ولهذا حرّمت أيضا .

وعلى هذا الأساس لا يجب أن نتوقع أن تنطوي اللحوم المحرمة دائما على أضرار صحيّة ، بل ربّما حرّمت لأجل أضرارها المعنوية والأخلاقية ، ومن هنا يتضح أنّ الشروط الإسلامية المقرّرة في الذبح على نوعين أيضا :

بعضها ـ مثل قطع الأوداج الأربعة ، وخروج القدر المتعارف من دم الذبيحة ـ لها جانب صحّي .

وبعضها الآخر ـ مثل توجيه مقاديم الذبيحة نحو القبلة عند الذبح ، وذكر اسم الله عنده ، وكون الذابح مسلما ـ لها جانب معنويّ .

ثمّ إنّه سبحانه استثنى ـ في آخر الآية ـ من اضطر إلى تناول شيء ممّا ذكر من اللحوم المحرّمة ، كما لو لم يجد أيّ طعام آخر وتوقفت حياته على تناول شيء من تلك اللحوم ، إذ قال : {فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ باغٍ وَلا عادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} (4) يعني أنّ من اضطرّ إلى أكل شيء ممّا ذكر من المنهيّات فلا إثم عليه ، بشرط أن يكون للحفاظ على حياته ، لا للذة ، ولا مستحلّا لما حرّمه الله ، أو متجاوزا حدّ الضرورة ، ففي هذه الصورة {فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} .

وإنّما اشترط هذان الشرطان لكي لا يتذرع المضطرون بهذه الإباحة فيتعدّوا حدود ما قرّره الله بحجة الاضطرار ، ويتخذوا من ذلك ذريعة لتجاهل حمى القوانين الإلهية .

ولكنّنا نقرأ في بعض الأحاديث الواردة عن آل البيت عليهم‌ السلام ، مثل الحديث المنقول عن الإمام الصادق عليه ‌السلام : «الباغي : الظالم ، والعادي : الغاصب» (5) .

كما نقرأ في حديث آخر منقول عن الإمام عليه ‌السلام أنّه قال : «الباغي : الخارج على الإمام ، والعادي : اللص» (6) .

هذه الرّوايات ونظائرها تشير إلى أنّ الاضطرار إلى تناول اللحوم المحرمة يتفق عادة في الأسفار ، فإذا أقدم أحد على السفر في سبيل الظلم أو الغصب أو السرقة ثمّ فقد الطعام الحلال في خلال السفر لم يجز له تناول اللحوم المحرّمة ، وإن كانت وظيفته ـ للحفاظ على حياته من التلف ـ هو التناول من تلك اللحوم ، ولكنّه يعاقب على إثمه هذا ، لأنّه أوجد بنفسه المقدمات لمثل هذا السفر الحرام ، وعلى كل حال فإنّ هذه الرّوايات تنسجم مع المفهوم الكليّ للآية انسجاما كاملا .

جواب على سؤال :

وهنا ويطرح سؤال هو : كيف حصرت جميع المحرمات الإلهية ـ في مجال الأطعمة ـ في أربعة أشياء ، مع أنّنا نعلم بأنّ الأطعمة المحرمة لا تنحصر في هذه الأشياء ، مثل لحوم الحيوانات المفترسة ، ولحوم الحيوانات البحرية (إلّا ما كان له فلس من الأسماك) وما شابه ، فهذه كلّها حرام ، في حين لم يجيء في الآية أي ذكر عن تلك اللحوم ، بل حصرت المحرمات في هذه الأشياء الأربعة؟!

قال البعض في مقام الإجابة على هذا السؤال ، بأنّ هذه الآيات نزلت في مكّة وحكم الأطعمة المحرمة الأخرى لم ينزل بعد .

غير أنّ هذه الإجابة تبدو غير صحيحة ، والشاهد على ذلك أنّ نفس هذا التعبير أو نظيره قد ورد في السور المدنية مثل الآية (173) من سورة البقرة .

والظاهر أنّ هذه الآية ناظرة ـ فقط ـ إلى نفي الأحكام الخرافية التي كانت شائعة وسائدة في أوساط المشركين ، فالحصر «حصر إضافي» لا حقيقيّ .

وبعبارة أخرى : كأنّ الآية تقول : المحرمات الإلهية هذه ، وليس ما نسجته أوهامكم .

ولكي تتضح هذه الحقيقة لا بأس بأنّ نضرب لذلك مثلا .

يسألنا أحد : لها جاء الحسن والحسين كلاهما ، فنجيب : كلا بل جاء الحسن فقط ، لا شك أننا هنا نريد نفي مجيء الشخص الثاني (أي الحسين) ولكن لا مانع من أن يكون آخرون ـ ممن لم يكونوا محور حوارنا أصلا ـ قد جاؤوا أيضا ، وهذا هو ما يسمى بالحصر الإضافي (أو النسبيّ) .

نعم ، لا بدّ من الانتباه إلى نقطة مهمّة ، وهي أنّ ظاهر الحصر عادة ـ الحصر الحقيقي إلّا في الموارد التي يوجد فيها قرائن صارفة عن مدلول الظاهر مثل ما نحن فيه الآن .

{وَعَلَى الَّذِينَ هادُوا حَرَّمْنا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُما إِلاَّ ما حَمَلَتْ ظُهُورُهُما أَوِ الْحَوايا أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ ذلِكَ جَزَيْناهُمْ بِبَغْيِهِمْ وَإِنَّا لَصادِقُونَ * فَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ رَبُّكُمْ ذُو رَحْمَةٍ واسِعَةٍ وَلا يُرَدُّ بَأْسُهُ عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ} [الأنعام : 146-147] .

ما حرّم على اليهود :

في الآيات السابقة حصرت المحرمات من الحيوان في أربعة ، غير أنّ هاتين الآيتين تشيران إلى بعض ما حرم على اليهود ليتبيّن أن أحكام الوثنيين الخرافية والمجهولة لا تنطبق لا على أحكام الإسلام ، ولا على دين اليهود (بل ولا على دين المسيح الذي يتبع في أكثر أحكامه الدين اليهودي) .

ثمّ إنّه قد صرح في هذه الآيات أن هذا النوع من المحرمات على اليهود كان له طابع المعاقبة وصفة المجازاة ، ولو أنّ اليهود لم يرتكبوا الجنايات والمخالفات لما حرّم عليهم هذه الأمور ، وعلى هذا الأساس لسائل أن يسأل الوثنيين : من أين أتيتم بهذه الأحكام المصطنعة ؟

ولهذا يقول سبحانه في البداية : {وَعَلَى الَّذِينَ هادُوا حَرَّمْنا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ} .

و «الظفر» هو في الأصل المخلب ، ولكنّه يطلق أيضا على ظلف الحيوانات من ذوات الأظلاف (من الحيوانات التي لها أظلاف غير منفرجة الأصابع كالحصان لا كالغنم والبقر التي لها أظلاف منفرجة) لأنّ أظلافها تشبه الظفر ، كما أنّه يطلق على خف البعير الذي يكون منتهاه مثل الظفر ، ولا يكون فيه انشقاق وانفراج مثل انفراج الأصابع .

وعلى هذا الأساس فإنّ المستفاد من الآية المبحوثة هو أنّ جميع الحيوانات التي لا تكون ذات أظلاف ـ دوابا كانت أو طيورا ـ كانت محرّمة على اليهود .

ويستفاد هذا المعنى ـ على نحو الإجمال أيضا ـ من سفر اللاويين من التّوراة الحاضرة الإصحاح 11 حيث يقول : «وأمر الربّ موسى وهارون : أوصيا بني إسرائيل : هذه هي الحيوانات التي تأكلونها من جميع بهائم الأرض : تأكلون كل حيوان مشقوق الظّلف ومجتر ، أمّا الحيوانات المجترة فقط ذو المشقوقة الظلف فقط ، فلا تأكلوا منها ، فالجمل غير طاهر لكم لأنّه مجتر ولكنّه غير مشقوق الظلف» (7) .

كما أنّه يمكن أن يستفاد من العبارة التّالية في الآية المبحوثة التي تحدثت عن خصوص البقر والغنم فقط حرمة لحم البعير على اليهود بصورة كلية أيضا .(تأمل بدقّة) .

ثمّ يقول سبحانه : {وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُما} .

ثمّ يستثني بعد هذا ثلاثة موارد : أوّلها الشحوم الموجودة في موضوع الظهر من هذين الحيوانين إذ يقول : {إِلَّا ما حَمَلَتْ ظُهُورُهُما} .

وثانيا : الشّحوم الموجودة على جنبيها ، أو بين أمعائها : {أَوِ الْحَوايا} (8) .

وثالثا : الشحوم التي امتزجت بالعظم والتصقت به {أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ} .

ولكنّه صرّح في آخر الآية بأنّ هذه الأمور لم تكن محرّمة على اليهود ـ في الحقيقة ـ ولكنّهم بسبب ظلمهم وبغيهم حرموا ـ بحكم الله وأمره ـ من هذه اللحوم ولشحوم التي كانوا يحبّونها {ذلِكَ جَزَيْناهُمْ بِبَغْيِهِمْ} .

ويضيف ـ لتأكيد هذه الحقيقة ـ قوله : {وَإِنَّا لَصادِقُونَ} وإن ما نقوله هو عين الحقيقة .

___________________________

1. تفسير الأمثل ، ج4 ، ص 242-247 .

2. وفي الحقيقة يكون معنى كلمة «فإنّه» هو «فإن ما ذكر» .

3. «أهلّ» أصله «الإهلال» ، وهو مأخوذ في الأصل من الهلال ، والإهلال يعني رفع الصوت عند رؤية الهلال ، ثمّ استعمل لكل صوت رفيع ، كما أنّه يطلق على بكاء الصبي عند الولادة الاستهلال ، وحيث أنّهم كانوا يذكرون أسماء أصنامهم بصوت عال عند ذبح الأنعام عبرّ عن فعلهم هذا بالإهلال .

4. «الباغي» من «البغي» وهو يعني الطلب ، «والعادي» من «العدو» وهو يعني التجاوز .

5. بحار الأنوار ، ج 65 ، ص 136 و 137 .

6. بحار الأنوار ، ج 65 ، ص 136 و 137 .

7. الكتاب المقدس ، سفر اللّاويين ، الاصحاح 11 ، ص 142 .

8. «الحوايا» جمع «حاوية» وهي مجموعة ما يوجد في بطن الحيوان والتي تكون على هيئة كرة تتضمّن الأمعاء .

 




وهو تفسير الآيات القرآنية على أساس الترتيب الزماني للآيات ، واعتبار الهجرة حدّاً زمنيّاً فاصلاً بين مرحلتين ، فكلُّ آيةٍ نزلت قبل الهجرة تُعتبر مكّيّة ، وكلّ آيةٍ نزلت بعد الهجرة فهي مدنيّة وإن كان مكان نزولها (مكّة) ، كالآيات التي نزلت على النبي حين كان في مكّة وقت الفتح ، فالمقياس هو الناحية الزمنيّة لا المكانيّة .

- المحكم هو الآيات التي معناها المقصود واضح لا يشتبه بالمعنى غير المقصود ، فيجب الايمان بمثل هذه الآيات والعمل بها.
- المتشابه هو الآيات التي لا تقصد ظواهرها ، ومعناها الحقيقي الذي يعبر عنه بـ«التأويل» لا يعلمه الا الله تعالى فيجب الايمان بمثل هذه الآيات ولكن لا يعمل بها.

النسخ في اللغة والقاموس هو بمعنى الإزالة والتغيير والتبديل والتحوير وابطال الشي‏ء ورفعه واقامة شي‏ء مقام شي‏ء، فيقال نسخت الشمس الظل : أي ازالته.
وتعريفه هو رفع حكم شرعي سابق بنص شرعي لا حق مع التراخي والزمان بينهما ، أي يكون بين الناسخ والمنسوخ زمن يكون المنسوخ ثابتا وملزما بحيث لو لم يكن النص الناسخ لاستمر العمل بالسابق وكان حكمه قائما .
وباختصار النسخ هو رفع الحكم الشرعي بخطاب قطعي للدلالة ومتأخر عنه أو هو بيان انتهاء امده والنسخ «جائز عقلا وواقع سمعا في شرائع ينسخ اللاحق منها السابق وفي شريعة واحدة» .