العوامل الاجتماعية والاقتصادية وتأثيرها على انتاج وتوزيع المحاصيل |
7877
01:30 مساءً
التاريخ: 11-10-2017
|
أقرأ أيضاً
التاريخ: 11-10-2017
7355
التاريخ: 2024-09-12
280
التاريخ: 2024-09-11
230
التاريخ: 15-3-2016
10937
|
العوامل الاجتماعية والاقتصادية وتأثيرها على انتاج وتوزيع المحاصيل
بالإضافة الى العوامل البيئية التي تؤثر على الانتاج الزراعي فان العوامل البشرية الاجتماعية والاقتصادية والسياسية تحتل موقعاً مؤثراً في عملية الانتاج الزراعي. وينعكس تأثيرها على انتشار بعض المحاصيل والتوسع في زراعتها دون غيرها في تلك المنطقة. وفي الحقيقة فان الكثير من العوامل بيئية كانت ام بشرية تتداخل مع بعضها بحيث يصعب الفصل بينها، ويختلف تأثيرها تبعا لنوع المحصول وتبعا لطبيعة المنطقة وللظروف السائدة وحسب الاقطار. وفيما يلي توضيح لتأثير كل من هذه العوامل.
العوامل الاجتماعية:
يظهر تأثير العوامل الاجتماعية من تفضيل سكان المنطقة طعاما معينا على بعض الانواع الاخرى مما يجعل ابناء المنطقة او القطر يميلون الى زراعة ذلك المحصول ويتوسعون بزراعته على حساب الانواع الاخرى وبذلك تتكون بعض العادات والتقاليد الاجتماعية التي يتوارثها سكان تلك المنطقة ويجعلهم يتمسكون بها ويعتزون بزراعة ذلك المحصول او القيام بذلك النوع من العمل الزراعي وينظرون الى الفئات الاخرى من المجتمع الزراعي نظرة ازدراء. فمثلا زراع الشلب في جنوب العراق ينظرون الى مهنتهم بفخر واعتزاز ويقبلون على زراعة هذا المحصول اكثر من غيره فزادت المساحات المزروعة منه وهم بنفس الوقت ينظرون نظرة استهجان لمربي الدواجن.
والقبائل العربية الساكنة في منطقة الجزيرة شمال العراق تقوم بتربية الاغنام وتحتقر تربية الابقار لأن ذلك يمثل حياة البداوة والرعي والتنقل وزراع الحنطة متمسكون بزراعة هذا المحصول ويأنفون من زراعة الخضروات، وقد يتجه سكان المنطقة الى زراعة محصول معين لأهميته في غذائهم اليومي بالإضافة الى انه يحقق اغراضا اجتماعية يفتخرون بها في تكريم الضيف واقامة الولائم في الافراح والاحزان وفي الاعياد والمناسبات كما هو الحال في الاقبال على زراعة الشلب في العراق. بالإضافة إلى هذا فان زراعة الشلب هي زراعة شاقة لا يقدم عليها الا من اوتي القوة والعزيمة.
وربما تنطبق هذه الاغراض الاجتماعية وتتحكم العادات والتقاليد بالنسبة لشعوب آسيا التي تفضل زراعة الرز علي غيره.
اما في أوربا مثلاً فان زراعة الشوفان والشيلم والبطاطا السائدة لتوارث تلك الاتجاهات الاجتماعية ولأفضلية تلك المحاصيل لغذائهم وتغذية حيواناتهم. اما في الامريكتين فان زراعة الذرة الصفراء كانت منذ اجيال بعيدة وما زالت المحصول الذي يعطيه معظم المزارعين الافضلية على غيره . ونفس الشيء يمكن ان ينحسب على زراعة الذرة البيضاء والدخن لدى العديد من المزارعين في افريقيا.
ويدخل في مجال الاعراف الاجتماعية التي تعمل على الاقبال على زراعة محصول او محاصيل معينة او الامتناع عن اداء بعض انواع الانتاج الزراعي هو الوازع الديني ففي المجتمعات الاسلامية تنعدم تربية الخنازير وزراعة الحشيشة ولنفس السبب تنعدم زراعة محاصيل الخس واللهانة والسلق في المناطق التي تسكنها الطائفة اليزيدية من شمال العراق لأنها محاصيل محرم اكلها دينيا لدي الطائفة المذكورة بينما تنتشر زراعة البصل في هذه المناطق بشكل اوسع من غيرها من محاصيل الخضر.
وقد تقوم بعض الشعوب بنقل زراعة نوع من المحاصيل من منطقة الى اخري عند انتقال افرادها الى مناطق اخرى جديدة فكثيراً ما تقوم بنقل زراعة ذلك المحصول الذي تفضله على غيره والذي اعتادت زراعته. فبعض الباحثين يرى ان هناك علاقة بين انتشار العرب وزراعة النخيل الي المناطق التي وصلوا اليها وسكنوها حيث نقل العرب النخيل من منطقة نشوئه من شبه الجزيرة العربية. فعندما خرجت هذه الجماعات السكانية من شبه الجزيرة العربية الى اطرافها قامت بنقل النخيل الى مصر قبل الميلاد بفترة طويلة ومن هناك انتقل الى شمال افريقيا وخاصة بعد وصول العرب الى هذه المناطق وقيامهم بزراعة النخيل حتى انهم نقلوا زراعته الى اسبانيا بعد فتحها.
ومن الامثلة الاخرى على انتشار زراعة المحاصيل هو انتشار زراعة الرز مع انتشار الصينيين الى المناطق التي وصلوها في اسيا وفي الهند الصينية. وكذلك انتشار زراعة البطاطا في امريكا في منطقة نيو انكلاند بعد هجرة الايرلنديين اليها سنة ۱۷۱۹ رغم ان امريكا هي الموطن الاصلي لزراعة هذا المحصول. وكذلك نقل الاوروبيون زراعة الحنطة الى الأمريكيتين والى كندا ومحاصيل أخرى بعد هجرتهم اليها.
والسؤال الذي يتبادر الى الاذهان ما هو السبيل الصحيح الناجح للقضاء علي بعض العادات التي تقف حائلا امام زراعة محاصيل مهمة اقتصاديا للبلاد. والجواب على ذلك هو الدور الذي تؤديه وسائل الاعلام واجهزة الارشاد الزراعي وحملات التوعية من خلال المنظمات الفلاحية والجمعيات التعاونية والمنظمات الشعبية والرسمية لتوعية الفلاح توعية وطنية ، والأخذ بأساليب التطور الحديث ومكافحة الامية وغيرها والتي يتبنى العراق حاليا مشاريع مكثفة في هذا المجال.
العوامل الاقتصادية:
للعوامل الاقتصادية اهمية تفوق العوامل الاجتماعية خاصة في المناطق التي يعتمد السكان فيها على الزراعة لغرض الربح التجاري حيث تكون الغاية الاساسية من زراعة المحصول هو الربح النقدي المتحقق للفلاح.
ومن أهم العوامل الاقتصادية المؤثرة على زراعة محاصيل معينة في اماكن معينة هي ما يلي:
1- التسويق:
حيث ان الاقبال على استهلاك محصول او محاصيل معينة يجعل الطلب متزايدا عليها ويدفع المزارعين الى التوسع بزراعتها. ويدخل ضمن هذا اسعار تلك المحاصيل والربح المتحقق كما يتضمن ايضاً حركة السوق المحلية أو العالمية والرسوم وتحديد الاسعار وغيرها.
علماً بان هناك بعض المحاصيل الزراعية تتطلب اسواقاً قريبة لتصريفها لأنها سريعة التلف. الا ان تطور المواصلات ووجود وسائل نقل مكيفة قد ساعد على نقل المنتجات الزراعية لمسافات بعيدة كما يحصل في الوقت الحاضر نقل الفواكه والبطاطا والبيض ومنتجات الالبان الى الاسواق العالمية البعيدة عن مصادر انتاجها.
وتساهم في التسويق الزراعي في العراق عدة مؤسسات تعود الى القطاع الاشتراكي اضافة الى القطاع الخاص الذى كان في سنوات قليلة مضت هو المسيطر على عمليات التسويق الزراعي الا انه فقد تلك السيطرة بعد تطبيق تسويق المنتجات الزراعية وانقذت الفلاح من جشع واستغلال المرابين والوسطاء.
وكانت السوق المحلية العراقية في بداية هذا القرن محدودة لان السكان كانوا ينتجون لسد حاجاتهم الضرورية متبعين طريقة الاكتفاء الذاتي ولكنها المزارعين التوسع في زراعة بعض المحاصيل خاصة الخضروات والفواكه للحصول على الارباح المجزية، هذا بالإضافة الى الدعم الذى تقدمه الدولة الى المزارعين من تزويدهم بالأسمدة والبذور المحسنة وتأجير المكائن وكلها بأسعار مناسبة ومواد المكافحة بأسعار رمزية او مجاناً ومنح السلف وتقديم افضل الخدمات العلمية والارشادية.
اما بالنسبة للسوق العالمية فقد بدأ الطلب يزداد على المنتجات العراقية خاصة الشعير والتمور واضافة إلى الخضروات والفواكه التي وجدت لها اسواقاً خارجية ورواجا فيها ولا شك ان اسواق امارات الخليج العربي بدأت تستهلك قسما من الخضروات والفواكه بسبب قربها منها ومناسبة الاسعار اضافة الى العامل القومي في تفضيل ابناء الاقطار العربية منتجات اخوانهم العرب.
2- حركة النقل:
ويدخل ضمن هذا الموضوع توفر طرق المواصلات ووسائل النقل وتحمل المحصول لحركة النقل والتصدير لمسافات بعيدة من مناطق الانتاج الى الاسواق كمحاصيل الحبوب والبقول والقطن يمكن ان تنقل من اماكن انتاجها الي مناطقي واقطار بعيدة دون ان يلحق بها ضرر بعكس محاصيل الخضر او المحاصيل السكرية.
الا ان وسائل النقل المكيفة والمبردة والسريعة قد ساعدت على نقل المنتجات الزراعية واللحوم لمسافات بعيدة وقد ساعد اتساع المواصلات الى استغلال اراضي جديدة في كثير من اقطار العالم كما هو الحال في بعض اقسام كندا والاتحاد السوفياتي والصين واستراليا وغيرها من الاقطار بعد ان امتدت طرق المواصلات اليها. ان ربط المناطق الريفية بطرق المواصلات الحديثة في غاية الاهمية. لتصريف الانتاج وايصاله الي الاسواق بأقرب وقت ممكن خاصة ما كان منها سريع التلف وبذلك تتحقق الاهمية الاقتصادية للفلاح والمستهلك وللثروة القومية.
ان شريان النقل الجوي في العراق يمتد بشكل طولي من الشمال الى الجنوب أي ما بين الموصل والبصرة فالسكك الحديدية وطرق السيارات بالإضافة إلى الطرق النهرية ممثلة بدجلة والفرات.
ان خطوط السكك الحديدية في العراق هي غير كافية حالياً. على الرغم من ان الطرق الرئيسة التي تربط مدن العراق قد اصبحت مبلطة تبليطا حديثا الا ان الطرق الثانوية التي تربط المدن بمناطق الانتاج الزراعي تحتاج الى جهود كبيرة للتطور ولا يستطيع العراق ان يجني ثمار موارده الطبيعية وموارده الاقتصادية الضخمة ما لم تتكامل فوق سطحه شبكة واسعة من الطرق المبلطة الجيدة بواسطتها يمكن ايصال الفائض من الانتاج الى الاسواق. ولا شك ان جهودا ضخمة في الوقت الحاضر تتخذ في هذا المجال رغم انها ستأخذ وقتا ليس بالقليل.
3- التصنيع:
ان قيام الصناعات الوطنية يساعد كثيرا على التوسع بإنتاج محاصيل معينة يصعب استهلاكها بدون تصنيع كالمحاصيل الزيتية او محاصيل الالياف او يصعب نقلها لمسافات بعيدة مثل محاصيل السكر ومحاصيل العلف. وكذلك الحال بالنسبة لصناعة التعليب للفواكه والخضروات وهكذا يحفظ الفائض من التلف ويجهز المستهلك به في مواسم شحتها. ومن جهة اخرى فان قيام الصناعات في الريف المعتمدة على الانتاج الزراعي في مناطق قريبة من مزارع الانتاج وخاصة الصناعات بطاقات صغيرة تجعل الفلاح اكثر ارتباطا بمنطقته وتقليل الهجرة من الريف الى المدينة.
4- الايدي العاملة:
للأيدي العاملة دور مهم في تحديد نوع الانتاج وكميته حيث ان انتاج المحاصيل الزراعية الرخيصة كثيرا ما يساعد الى التوسع بزراعة المحاصيل كما هو الحال في زراعة الرز في اقطار اسيا. ورغم توفير الآلات الحديثة وتطور المكننة في الزراعة الا ان هذه الآلات لا تزال تفتقر الى التشغيل والاستخدام الافضل ولذلك استوجب توفير الايدي الفنية الماهرة وتثقيف الفلاح وتدريبه على استعمالها وصيانتها، ولا تزال هناك الكثير من المحاصيل تعتبر الايدي العاملة هي السائدة في انتاجها مثل زراعة وجني الخضروات والفاكهة. وفي المناطق الاهلة بالسكان يمكن زراعة محاصيل معينة تتطلب خدمة وعناية كبيرتين مثل زراعة الخضروات والرز والتبغ.
ان التطور الصناعي والزراعي في اي قطر يصحبه نقص في الايدي العاملة في الريف حيث تمتص الصناعة نسبة كبيرة من سكان الريف كما ان الآلة الزراعية تعوض عن نسبة من الايدي العاملة ولكنها تدفع الى التوسع بالزراعة وتطوير الانتاج كماً ونوعاً. وقد انخفضت نسبة المشتغلين بالريف بالعراق في السنوات الاخيرة وهذه الظاهرة صحية في الاقطار النامية التي تمر بمرحلة انتقال نحو التطور الصناعي واستعمال المكننة والاساليب الفنية الحديثة في الزراعة حيث سيكون بالإمكان ان تقوم نسبة قليلة من السكان بالإنتاج الزراعي مستخدمة وسائل الانتاج المتطورة ويشتغل الباقي من سكان الريف بالصناعة وفي اعمال الخدمات الاخرى التي تتطلبها الحياة الحضارية المدينة والريف ان نسبة المشتغلين في الزراعة في الاتحاد السوفياتي حوالي 19 ٪ من السكان وفي الولايات المتحدة نحو 4٪ من مجموع السكان.
ويسود الاعتقاد لدى بعض الباحثين في العراق بانه توجد مشكلة بطالة مقنعة في الريف العراقي، والواقع ان اسباب هذه المشكلة تختلف عن الاسباب التي ادت الى انتشار هذا النوع من البطالة في الاقطار المزدحمة بالسكان. وهذه البطالة عارضة مؤقتة يمكن تفاديها بواسطة استغلال الموارد الطبيعية المتوفرة وبإقامة المشاريع الزراعية العديدة في القطر كما يجري حالياً في العراق وزج العاملين في الريف العراقي الى العمل في هذه المشاريع الزراعية خاصة وان استصلاح التربة يحظى بالأولوية وهو سائر بخطي واسعة.
5- الخزن:
من العوامل الاقتصادية المهمة في الانتاج الزراعي هو توفير المخازن حيث يضمن للفلاح خزن المحصول دون تلف وضمان تسويقه وقت الحاجة والطلب. ويقوم القطاع الاشتراكي في العراق بتوفير المخازن الحديثة في مناطق مختلفة من القطر وفي الاماكن القريبة من مراكز الانتاج.
6- رأس المال:
يعتبر عامل توفر رأس المال ضروري جدا للتوسع بزراعة المحاصيل من الناحية الاقتصادية حيث ان الزراعة الحديثة تتطلب شراء الآلات والمكائن والمضخات والبذور المحسنة والاسمدة والمبيدات واقامة بعض المنشآت في المزرعة، كذلك مصاريف نقل وخزن المحاصيل المنتجة وغير ذلك.
السياسة الزراعية للدولة:
لسياسة الدولة الزراعية تأثير على نوع الانتاج الزراعي وكميته وهذه السياسة قد تكون محلية أو عالمية. ففي الفترات التي تنشب فيها الحروب كثيراً ما يهبط الانتاج الزراعي نتيجة اتجاه دولة ما الى انتاج مواد حربية وكذلك تجنيد العاملين في القطاع الزراعي وقد يهبط انتاج محاصيل معينة خلال تلك الفترة كما حصل في مصر حيث كان انتاج القطن قبل الحرب العالمية الثانية ١٨٤٤ الف بالة قطن انخفض في سنوات الحرب الى 1٢٢٨ الف بالة قطن. وقد تتجه سياسة الدولة الى انتاج الحبوب خلال تلك الفترة أكثر من غيرها. وقد تسن الدولة بعض القوانين تحد او تمنع زراعة محاصيل معينة كما هو الحال في منع زراعة القنب في العراق لاحتوائه على مادة مخدرة والاستعاضة عنه بمحاصيل الجوت والجلجل. وقد تحدد الدولة زراعة محصول معين للمحافظة على الاسعار والتوازن الاقتصادي كما هو الحال في تحديد زراعة القطن في الولايات المتحدة الامريكية لبعض السنوات وتحديد زراعة البن في البرازيل.
كما ان السياسة الزراعية الداخلية تحدد طبيعة الانتاج الزراعي الحديث لكي يقوم على خطة اقتصادية تضعها الدولة مراعية فيها الاكتفاء الذاتي وتوفير منتجات زراعية تخدم الصناعة والاقتصاد الوطني وتحقق الرخاء الزراعي الاقتصادي للقطر مثل تشجيع زراعة المحاصيل الزيتية والسكرية في العراق ومحاصيل اساسية كالجوت والجلجل واستغلال القصب في الأهوار لإنتاج الورق هذا بالإضافة الى التوسع بمحاصيل الحبوب.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
العتبة الحسينية تطلق فعاليات المخيم القرآني الثالث في جامعة البصرة
|
|
|