المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

القرآن الكريم وعلومه
عدد المواضيع في هذا القسم 17644 موضوعاً
تأملات قرآنية
علوم القرآن
الإعجاز القرآني
قصص قرآنية
العقائد في القرآن
التفسير الجامع
آيات الأحكام

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر

الشائعات وآثارها السلبيّة.
25/12/2022
الهدف الذريعة
5-4-2021
المناهج المستخدمة في الجغرافيا السياحية - المنهج التجريبي
4-4-2022
الاهتداء إلى الطريق والهدف
2023-05-28
الايمان بقدرة الله
25-09-2014
المولى حسين بن موسى الأردبيلي
18-7-2017


تفسير الاية (16-19) من سورة الحديد  
  
798   04:54 مساءً   التاريخ: 22-9-2017
المؤلف : اعداد : المرجع الإلكتروني للمعلوماتية
الكتاب أو المصدر : تفاسير الشيعة
الجزء والصفحة : ......
القسم : القرآن الكريم وعلومه / التفسير الجامع / حرف الحاء / سورة الحديد /

قال تعالى : {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ (16) اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (17) إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقَاتِ وَأَقْرَضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا يُضَاعَفُ لَهُمْ وَلَهُمْ أَجْرٌ كَرِيمٌ (18) وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ أُولَئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَدَاءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ } [الحديد: 16 - 19].

 

تفسير مجمع البيان
- ذكر الطبرسي في تفسير هذه  الآيات (1) :

دعى الله سبحانه إلى الطاعة بقوله {ألم يأن للذين آمنوا} أي أ ما حان للمؤمنين {أن تخشع قلوبهم} أي ترق وتلين قلوبهم {لذكر الله} أي لما يذكرهم الله به من مواعظه {وما نزل من الحق} يعني القرآن ومن شدد فالمراد وما نزله الله من الحق {ولا يكونوا كالذين أوتوا الكتاب} من اليهود والنصارى {من قبل فطال عليهم الأمد} أي طال الزمان بينهم وبين أنبيائهم وقيل طال عليهم الأمد للجزاء أي لم يعاجلوا بالجزاء فاغتروا بذلك.

 {فقست قلوبهم} أي فغلظت قلوبهم وزال خشوعها ومرنوا على المعاصي واعتادوها وقيل طالت أعمارهم وساءت أعمالهم فقست قلوبهم وينبغي أن يكون هذا متوجها إلى جماعة مخصوصة لم يوجد منهم الخشوع التام فحثوا على الرقة والخشوع فأما من وصفهم الله تعالى بالخشوع والرقة والرحمة فطبقة من المؤمنين فوق هؤلاء عن الزجاج ومن كلام عيسى (عليه السلام) ((لا تكثروا الكلام بغير ذكر الله فتقسو قلوبكم فإن القلب القاسي بعيد من الله ولا تنظروا في ذنوب العباد كأنكم أرباب وانظروا في ذنوبكم كأنكم عبيد والناس رجلان مبتلى ومعافى فارحموا أهل البلاء واحمدوا الله على العافية)).

 {وكثير منهم فاسقون} أي خارجون عن طاعة الله تعالى إلى معصيته أي فلا تكونوا مثلهم فيحكم الله فيكم بمثل ما حكم فيهم ثم قال {اعلموا أن الله يحيي الأرض بعد موتها} أي يحييها بالنبات بعد اليبس والجدوبة أي فكذلك يحيي الكافر بالهدى إلى الإيمان بعد موته بالضلال والكفر بأن يلطف له ما يؤمن عنده وقيل معناه(2) أن الله يلين القلوب بعد قسوتها بالألطاف والتوفيقات {قد بينا لكم الآيات} أي الحجج الواضحات والدلائل الباهرات {لعلكم تعقلون} فترجعون إلى طاعتنا وتعملون بما أمرناكم به {إن المصدقين والمصدقات} قد مضى الوجه في اختلاف القراءتين ومعناهما.

 {وأقرضوا الله قرضا حسنا} أي وأنفقوا في وجوه الخير {يضاعف لهم} ذلك القرض الحسن أي يجازون أمثال ذلك {ولهم أجر كريم} مر معناه {والذين آمنوا بالله ورسله} أي صدقوا بتوحيد الله وأقروا بنبوة رسله {أولئك هم الصديقون} قال مجاهد كل من آمن بالله ورسله فهو صديق وشهيد وقرأ هذه الآية والصديق الكثير الصدق المبالغ فيه وهو اسم مدح وتعظيم.

{والشهداء عند ربهم} أي وأولئك الشهداء عند ربهم والتقدير أولئك الصديقون عند ربهم والشهداء عند ربهم ثم قال {لهم أجرهم ونورهم} أي لهم ثواب طاعاتهم ونور إيمانهم الذي يهتدون به إلى طريق الجنة وهذا قول عبد الله بن مسعود ورواه البراء بن عازب عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) وروى العياشي بالإسناد عن منهال القصاب قال قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) ادع الله أن يرزقني الشهادة فقال إن المؤمن شهيد وقرأ هذه الآية وعن الحرث بن المغيرة قال كنا عند أبي جعفر (عليه السلام) فقال العارف منكم هذا الأمر المنتظر له المحتسب فيه الخير كمن جاهد والله مع قائم آل محمد (صلى الله عليه وآله وسلّم) بسيفه ثم قال بل والله كمن جاهد مع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) بسيفه ثم قال الثالثة بل والله كمن استشهد مع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) في فسطاطه وفيكم آية من كتاب الله وقلت وأي آية جعلت فداك قال قول الله {عز وجل} {والذين آمنوا بالله ورسله أولئك هم الصديقون والشهداء عند ربهم} ثم قال صرتم والله صادقين شهداء عند ربكم.

 وقيل إن الشهداء منفصل مما قبله مستأنف والمراد بالشهداء الأنبياء (عليهم السلام) الذين يشهدون للأمم وعليهم وهو قول ابن عباس ومسروق ومقاتل بن حيان واختاره الفراء والزجاج وقيل هم الذين استشهدوا في سبيل الله عن مقاتل بن سليمان وابن جرير {والذين كفروا وكذبوا ب آياتنا أولئك أصحاب الجحيم} يبقون فيها دائمين .

______________________

1- مجمع البيان ، الطبرسي ، ج9 ، ص394-396.

2- في نسختين : اعملوا ان .

تفسير الكاشف
- ذكر محمد جواد مغنية في تفسير هذه  الآيات (1) :

 {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وما نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ} . عطف ما نزل من الحق على ذكر اللَّه من باب عطف التفسير إذ لا تغاير بين المعطوف والمعطوف عليه إلا باللفظ والعنوان ، والمراد بالذين آمنوا في الآية فئة منهم ، وقبل بيانها نقدم بأن الايمان يختلف قوة وضعفا ، فمن ايمان من وجبت له العصمة ولا تجوز عليه المعصية كالأنبياء إلى ايمان صفوة الصفوة كبعض الصحابة إلى من هو دونهم بدرجة . . إلى أدنى درجات الايمان .

والمراد بالذين آمنوا هنا من اكتفى من الدين والايمان بالقشور دون اللباب ، وبالظاهر دون الواقع ، ولا يعنيه شيء من أمور الناس والصالح العام . وقد نبه سبحانه هذه الفئة من المؤمنين إلى ما أنزله في كتابه من آيات الجهاد ، والحث على إقامة العدل ، ونصرة الحق وأهله ، والإصلاح بين الناس ، نبههم إلى حقيقة الدين والايمان بهذا الأسلوب الودود الرحيم : {أَلَمْ يَأْنِ} لعلهم يسمعون ويعقلون .

{ولا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلُ فَطالَ عَلَيْهِمُ الأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ} .

أهل الكتاب هم اليهود والنصارى ، وقست قلوبهم كناية عن إعراضهم عما أنزل اللَّه في التوراة والإنجيل ، والمعنى : ان اليهود انقلبوا على أعقابهم بعد موسى ، وكذلك النصارى بعد عيسى فلا تنقلبوا أنتم أيها المسلمون بعد محمد (صلى الله عليه واله وسلم) كما انقلب أهل الكتاب من قبل ، ومثله قوله تعالى : {وما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ ماتَ أَو قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ} - 144 آل عمران .

{وكَثِيرٌ مِنْهُمْ فاسِقُونَ} . المراد بهؤلاء الكثير رؤساء اليهود والنصارى الذين حرفوا التوراة والإنجيل حرصا على مناصبهم ومكاسبهم .

{اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهً يُحْيِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها} . قال كثير من المفسرين : ان هذا تشبيه للقلوب القاسية بالأرض الميتة ، وانه تعالى كما يحيي هذه بالمطر كذلك يهدي القلوب القاسية بالموعظة . . وفي رأينا انه تهديد للذين ينقلبون على أعقابهم بعد محمد (صلى الله عليه واله وسلم) وانه تعالى سيحييهم تماما كما يحيي الأرض ، ويجزيهم على ارتدادهم بعد نبيهم ، ويؤيد إرادة هذا المعنى قوله تعالى بلا فاصل : {قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآياتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} . انكم مسؤولون يوم القيامة عما أحدثتم بعد رسول اللَّه (صلى الله عليه واله وسلم) .

{إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ والْمُصَّدِّقاتِ وأَقْرَضُوا اللَّهً قَرْضاً حَسَناً يُضاعَفُ لَهُمْ ولَهُمْ أَجْرٌ كَرِيمٌ} . المراد بالمصدقين والمصدقات المتصدقون والمتصدقات ، وبالقرض الحسن الصدقة لوجه اللَّه تعالى ، وعليه فلا تكرار ، والمراد بالأجر الكريم أن يسعى نورهم بين أيديهم يوم القيامة بالإضافة إلى الحور والقصور وما أشبه . وتقدم مثله في الآية 11 من هذه السورة و245 من سورة البقرة ج 1 ص 374 {والَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ ورُسُلِهِ} وعملوا بموجب ايمانهم {أُولئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ} أي الذين داوموا على الصدق في ايمانهم قولا وعملا ، والصدق سبيل النجاة من كل هلكة .

{والشُّهَداءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ ونُورُهُمْ} . الشهداء هم الذين يقتلون في سبيل اللَّه ، أما أجرهم عند ربهم فقد بينه سبحانه بقولهم : {إِنَّ اللَّهً اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وأَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ ويُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْراةِ والإِنْجِيلِ والْقُرْآنِ} - 111 التوبة . أما نورهم فقد أشار إليه سبحانه بقوله : {يَسْعى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ} - 12 الحديد . وقال الرسول الأعظم (صلى الله عليه واله وسلم): (ما من أحد يدخل الجنة ، ثم يحب أن يخرج منها إلى الدنيا ولو كانت له الأرض بما فيها إلا الشهيد ، فإنه يتمنى أن يرجع إلى الدنيا ، فيقتل عشر مرات لما رآه من الكرامة عند اللَّه) . {والَّذِينَ كَفَرُوا وكَذَّبُوا بِآياتِنا أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَحِيمِ} . هذا على عادة القرآن الحكيم ، يقابل المتقين بالمجرمين ، وثوابهم بعقابهم بقصد الترغيب والترهيب .

______________________
1- الكاشف ، محمد جواد مغنية ، ج7 ، ص248-249.

تفسير الميزان
- ذكر الطباطبائي في تفسير هذه الآيات (1) :

جرى على وفق مقصد الكلام السابق وهو الحث والترغيب في الإيمان بالله ورسوله والإنفاق في سبيل الله وتتضمن عتاب المؤمنين على ما يظهر من علائم قسوة القلوب منهم، وتأكيد الحث على الإنفاق ببيان درجة المنفقين عند الله والأمر بالمسابقة إلى المغفرة والجنة وذم الدنيا وأهلها الذين يبخلون ويأمرون الناس بالبخل.

وقد تغير السياق خلال الآيات إلى سياق عام يشمل المسلمين وأهل الكتاب بعد اختصاص السياق السابق بالمسلمين وسيجيء توضيحه.

قوله تعالى: {أ لم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق} إلى آخر الآية، يقال: أنى يأني إنى وإناء أي جاء وقته، وخشوع القلب تأثره قبال العظمة والكبرياء، والمراد بذكر الله ما يذكر به الله، وما نزل من الحق هو القرآن النازل من عنده تعالى و{من الحق} بيان لما نزل، ومن شأن ذكر الله تعالى عند المؤمن أن يعقب خشوعا كما أن من شأن الحق النازل من عنده تعالى أن يعقب خشوعا ممن آمن بالله ورسله.

وقيل: المراد بذكر الله وما نزل من الحق جميعا القرآن، وعلى هذا فذكر القرآن بوصفيه لكون كل من الوصفين مستدعيا لخشوع المؤمن فالقرآن لكونه ذكر الله يستدعي الخشوع كما أنه لكونه حقا نازلا من عنده تعالى يستدعي الخشوع.

وفي الآية عتاب للمؤمنين على ما عرض لقلوبهم من القسوة وعدم خشوعها لذكر الله والحق النازل من عنده تعالى وتشبيه لحالهم بحال أهل الكتاب الذين نزل عليهم الكتاب وطال عليهم الأمد فقست قلوبهم.

وقوله: {ولا يكونوا كالذين أوتوا الكتاب من قبل فطال عليهم الأمد فقست قلوبهم} عطف على قوله: {تخشع} إلخ، والمعنى: أ لم يأن لهم أن تخشع قلوبهم وأن لا يكونوا إلخ، والأمد الزمان، قال الراغب: الفرق بين الزمان والأمد أن الأمد يقال باعتبار الغاية والزمان عام في المبدأ والغاية ولذلك قال بعضهم: إن المدى والأمد يتقاربان.

انتهى.

وقد أشار سبحانه بهذا الكلام إلى صيرورة قلوبهم كقلوب أهل الكتاب القاسية والقلب القاسي حيث يفقد الخشوع والتأثر عن الحق ربما خرج عن زي العبودية فلم يتأثر عن المناهي واقترف الإثم والفسوق، ولذا أردف قوله: {فقست قلوبهم} بقوله: {وكثير منهم فاسقون}.

قوله تعالى: {اعلموا أن الله يحيي الأرض بعد موتها} إلى آخر الآية في تعقيب عتاب المؤمنين على قسوة قلوبهم بهذا التمثيل تقوية لرجائهم وترغيب لهم في الخشوع.

ويمكن أن يكون من تمام العتاب السابق ويكون تنبيها على أن الله لا يخلي هذا الدين على ما هو عليه من الحال بل كلما قست قلوب وحرموا الخشوع لأمر الله جاء بقلوب حية خاشعة له يعبد بها كما يريد.

فتكون الآية في معنى قوله: {هَا أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ تُدْعَوْنَ لِتُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَمِنْكُمْ مَنْ يَبْخَلُ وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ} [محمد: 38].

ولذلك ذيل الآية بقوله: {قد بينا لكم الآيات لعلكم تعقلون}.

قوله تعالى: {إن المصدقين والمصدقات وأقرضوا الله قرضا حسنا يضاعف لهم ولهم أجر كريم} تكرار لحديث المضاعفة والأجر الكريم للترغيب في الإنفاق في سبيل الله وقد أضيف إلى الذين أقرضوا الله قرضا حسنا المصدقون والمصدقات.

والمصدقون والمصدقات - بتشديد الصاد والدال - المتصدقون والمتصدقات، وقوله: {وأقرضوا الله} عطف على مدخول اللام في {المصدقين}، والمعنى: أن الذين تصدقوا والذين أقرضوا الله قرضا حسنا يضاعف لهم ما أعطوه ولهم أجر كريم.

قوله تعالى: {والذين آمنوا بالله ورسله أولئك هم الصديقون والشهداء عند ربهم} إلخ، لم يقل: آمنوا بالله ورسوله كما قال في أول السورة: {آمنوا بالله ورسوله وأنفقوا} وقال في آخرها: {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وآمنوا برسوله} لأنه تعالى لما ذكر أهل الكتاب في الآية السابقة بقوله: {ولا يكونوا كالذين أوتوا الكتاب من قبل} عدل عن السياق السابق إلى سياق عام يشمل المسلمين وأهل الكتاب جميعا كما قال بعد: {لقد أرسلنا رسلنا بالبينات} وأما الآيتان المذكورتان في أول السورة وآخرها فالخطاب فيهما لمؤمني هذه الأمة خاصة ولذا جيء فيهما بالرسول مفردا.

والمراد بالإيمان بالله ورسله محض الإيمان الذي لا يفارق بطبعه الطاعة والاتباع كما مرت الإشارة إليه في قوله: {آمنوا بالله ورسوله} الآية، والمراد بقوله: {أولئك هم الصديقون والشهداء} إلحاقهم بالصديقين والشهداء بقرينة قوله: {عند ربهم} وقوله: {لهم أجرهم ونورهم} فهم ملحقون بالطائفتين يعامل معهم معاملة الصديقين والشهداء فيعطون مثل أجرهم ونورهم.

والظاهر أن المراد بالصديقين والشهداء هم المذكورون في قوله: {ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا{: النساء: 69، وقد تقدم في تفسير الآية أن المراد بالصديقين هم الذين سرى الصدق في قولهم وفعلهم فيفعلون ما يقولون ويقولون ما يفعلون، والشهداء هم شهداء الأعمال يوم القيامة دون الشهداء بمعنى المقتولين في سبيل الله.

فهؤلاء الذين آمنوا بالله ورسله ملحقون بالصديقين والشهداء منزلون منزلتهم عند الله أي بحكم منه لهم أجرهم ونورهم.

وقوله: {لهم أجرهم ونورهم} ضمير {لهم} للذين آمنوا، وضمير {أجرهم ونورهم} للصديقين والشهداء أي للذين آمنوا أجر من نوع أجر الصديقين والشهداء ونور من نوع نورهم، وهذا معنى قول من قال: إن المعنى: لهم أجر كأجرهم ونور كنورهم.

وربما قيل: إن الآية مسوقة لبيان أنهم صديقون وشهداء على الحقيقة من غير إلحاق وتنزيل فهم هم لهم أجرهم ونورهم، ولعل السياق لا يساعد عليه.

وربما قيل: إن قوله: {والشهداء} ليس عطفا على قوله: {الصديقون} بل استئناف و{الشهداء} مبتدأ خبره {عند ربهم} وخبره الآخر {لهم أجرهم} فقد قيل: والذين آمنوا بالله ورسله أولئك هم الصديقون، وقد تم الكلام ثم استؤنف وقيل: {والشهداء عند ربهم} كما قيل: {بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ } [آل عمران: 169] ، والمراد بالشهداء المقتولون في سبيل الله، ثم تمم الكلام بقوله: { لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ} [الحديد: 19] .

وقوله: {والذين كفروا وكذبوا بآياتنا أولئك أصحاب الجحيم} أي لا يفارقونها وهم فيها دائمين.

وقد تعرض سبحانه في الآية لشأن الملحقين بالصديقين والشهداء وهم خيار الناس والناجون قطعا، والكفار المكذبين لآياته وهم شرار الناس والهالكون قطعا وبقي فريق بين الفريقين وهم المؤمنون المقترفون للمعاصي والذنوب على طبقاتهم في التمرد على الله ورسوله، وهذا دأب القرآن في كثير من موارد التعرض لشأن الناس يوم القيامة.

وذلك ليكون بعثا لقريحتي الخوف والرجاء في ذلك الفريق المتخلل بين الخيار والشرار فيميلوا إلى السعادة ويختاروا النجاة على الهلاك.

ولذلك أعقب الآية بذم الحياة الدنيا التي تعلق بها هؤلاء الممتنعون من الإنفاق في سبيل الله ثم بدعوتهم إلى المسابقة إلى المغفرة والجنة ثم بالإشارة إلى أن ما يصيبهم من المصيبة في أموالهم وأنفسهم مكتوبة في كتاب سابق وقضاء متقدم فليس ينبغي لهم أن يخافوا الفقر في الإنفاق في سبيل الله، فيبخلوا ويمسكوا أو يخافوا الموت في الجهاد في سبيل الله فيتخلفوا ويقعدوا.

________________________
1- الميزان ، الطباطبائي ، ج19 ، ص141-144.

تفسير الامثل
- ذكر الشيخ ناصر مكارم الشيرازي في تفسير هذه  الآيات (1) :

إلى متى هذه الغفلة؟

بعد ما وجّهت الآيات السابقة مجموعة من الإنذارات الصارمة والتنبّهات الموقظة، وبيّنت المصير المؤلم للكفّار والمنافقين في يوم القيامة، جاءت الآية الاُولى مورد البحث بشكل إستخلاص نتيجة كليّة من ذلك، فتقول: {ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله، وما نزل من الحقّ، ولا يكونوا كالذين اُوتوا الكتاب من قبل فطال عليهم الأمد فقست قلوبهم وكثير منهم فاسقون}(2).

«تخشع» من مادّة «خشوع» بمعنى حالة التواضع مقترنة بالأدب الجسمي والروحي، حيث تنتاب الإنسان هذه الحالة ـ عادةً ـ مقابل حقيقة مهمّة أو شخصية كبيرة.

ومن الواضح أنّ ذكر الله عزّوجلّ إذا دخل أعماق روح الإنسان، وسماع الآيات القرآنية بتدبّر فإنّها تكون سبباً للخشوع، والقرآن الكريم هنا يلوم بشدّة قسماً من المؤمنين لعدم خشوعهم أمام هذه الاُمور. لأنّه قد إبتلى كثير من الاُمم السابقة بمثل هذا من الغفلة والجهل. وهذه الغفلة تؤدّي إلى قساوة القلب وبالتالي إلى الفسق والعصيان.

ولهذا هل نقتنع بادّعاء الإيمان، والعيش في رفاه والإنشغال بالأكل والشرب ونمرّ أمام هذه المسائل المهمّة ببساطة؟ وهل أنّ أعمالنا ومسؤولياتنا تتناسب مع الإيمان الذي ندّعيه؟

هذه التساؤلات لابدّ من الإجابة عنها مع أنفسنا بهدوء وموضوعية.

جملة: {طال عليهم الأمد) قد تكون إشارة إلى الفاصلة الزمنية بينهم وبين أنبيائهم، ويحتمل أن يكون المقصود بها طول العمر، أو طول الأمانيّ، أو عدم نزول العذاب الإلهي منذ مدّة طويلة، أوكلّ ذلك، لأنّ كلّ واحدة من هذه الأسباب يمكن أن تكون عاملا للغفلة والقساوة، وهي بدورها تسبّب الذنب والإثم.

جاء في حديث للإمام علي (عليه السلام): «لا تعالجوا الأمر قبل بلوغه فتندموا، ولا يطولنّ عليكم الأمد فتقسوا قلوبكم»(3).

ونقرأ في حديث آخر عن لسان عيسى المسيح (عليه السلام): «لا تكثروا بالكلام بغير ذكر الله فتقسوا قلوبكم، فإنّ القلب القاسي بعيد من الله، ولا تنظروا في ذنوب العباد كأنّكم أرباب، وانظروا في ذنوبكم كأنّكم عبيد، والناس رجلان: مبتلى ومعافى، فارحموا أهل البلاء، واحمدوا الله على العافية»(4).

ولأنّ إحياء القلوب الميتة لا يكون إلاّ بالذكر الإلهي، الحياة الروحية التي لن تكون إلاّ بظلّ الخشوع والخضوع وخاصّة في أجواء القرآن الكريم .. لذا فإنّ القرآن يشبّه عملية إحياء القلوب الميتة بإحياء الأراضي الميتة، فكما أنّ هذه تحيا ببركة نزول الأمطار كذلك فإنّ القلوب تحيا بذكر الله سبحانه .. حيث يضيف سبحانه في الآية اللاحقة: {اعلموا أنّ الله يحيي الأرض بعد موتها قد بيّنا لكم الآيات لعلّكم تعقلون}.

هذه الآية تشير إلى إحياء الأراضي بوسيلة المطر، كذلك فإنّ إحياء القلوب الميتة يكون بواسطة ذكر الله وقراءة القرآن المجيد الذي نزل من سماء الوحي على القلب الطاهر للنبي محمّد (صلى الله عليه وآله وسلم) وكلاهما جديران بالتدبّر والتعقّل، لذا اُشير في الروايات السابقة إلى كليهما.

ونقرأ في حديث للإمام الصادق (عليه السلام) في تفسيره لهذه الآية أنّه قال: «العدل بعد الجور»(5).

كما نقرأ في حديث عن الإمام الباقر (عليه السلام) في تفسيره للآية: {اعلموا أنّ الله يحيي الأرض بعد موتها} قال: «يحيي الله تعالى الأرض بالقائم بعد موتها، يعني بموتها كفر أهلها، والكافر ميّت»(6).

ومن الواضح أنّ هذه التفاسير في الحقيقة هي بيان لمصاديقها البارزة، ولا تحدّ من مفهوم الآية أبداً.

وجاء في حديث آخر عن الإمام الكاظم (عليه السلام): «فإنّ الله يحيي القلوب الميتة بنور الحكمة كما تحيا الأرض الميتة بوابل المطر»(7).

ويرجع مرّة اُخرى في الآية اللاحقة إلى مسألة الإنفاق، والتي هي إحدى ثمار شجرة الإيمان والخشوع، حيث يتكرّر نفس التعبير الذي قرأناه في الآيات السابقة مع إضافة، حيث يقول تعالى: {إنّ المصدّقين والمصدّقات وأقرضوا الله قرضاً حسناً يضاعف لهم ولهم أجر كريم}(8).

أمّا لماذا طرحت مسألة الإنفاق بعنوان القرض الحسن لله سبحانه؟ ولماذا كان الجزاء المضاعف الأجر الكريم؟

يمكن معرفة الإجابة على هذه التساؤلات في البحث الذي بيّناه في نهاية الآية (11) من نفس هذه السورة.

احتمل البعض أنّ المقصود من القرض الحسن لله في هذه الآيات والآيات المشابهة(9) بمعنى الإقراض للعباد، لأنّ الله تعالى ليس بحاجة للقرض، بل إنّ العباد المؤمنين هم الذين بحاجة إلى القرض، ولكن بملاحظة سياق الآيات يفهم أنّ المقصود من «القرض الحسن» في كلّ هذه الآيات هو الإنفاق في سبيل الله، بالرغم من أنّ القرض لعباد الله هومن أفضل الأعمال أيضاً.

ويرى «الفاضل المقداد» أيضاً في كنز العرفان في تفسير القرض الحسن بأنّه كلّ الأعمال الصالحة(10).

موعظة وتوبة:

إنّ آية: {ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله ...} من الآيات المثيرة في القرآن الكريم، حيث تليّن القلب، وترطّب الروح وتمزّق حجب الغفلة وتعلن منبّهة: ألم يأن للقلوب المؤمنة أن تخشع مقابل ذكر الله وما نزّل من الحقّ! وتحذّر من الوقوع في شراك الغفلة كما كان بالنسبة لمن سبق حيث آمنوا وتقبّلوا آيات الكتاب الإلهي، ولكن بمرور الزمن قست قلوبهم.

لذلك نلاحظ بصورة مستمرة أنّ أفراداً مذنبين جدّاً قد هداهم الله إلى طاعته بعد سماعهم هذه الآية التي وقعت في نفوسهم كالصاعقة، وأيقظتهم من سباتهم وغفلتهم التي كانوا فيها، ولهذا شواهد عديدة حيث تنقل لنا كتب التاريخ العديد منها، حتّى أنّ البعض منهم أصبح في صفّ الزهّاد والعبّاد، ومن جملتهم العابد المعروف «فضيل بن عيّاض» الزاهد.

حيث يحكى عنه أنّه كان في أوّل أمره يقطع الطريق بين «أبيورد» و«سرخس»، وعشق جارية، فبينما هو يرتقي الجدران إليها سمع تالياً يتلو: {ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله} قال: (بلى والله قد آن) فرجع وأوى إلى خربة فإذا فيها رفقة، فقال بعضهم: نرتحل، وقال بعضهم: حتّى نصبح، فإنّ فضيلا قد قطع الطريق علينا. فتاب الفضيل وأمّنهم.

وحكي أنّه جاور الحرم حتّى مات(11).

ونقل بعض المفسّرين أنّ أحد رجال البصرة المعروفين قال: بينما كنت أسير في طريق فسمعت فجأة صيحة، فذهبت متتبعاً آثارها، فشاهدت رجلا مغمى عليه على الأرض، قلت: ما هذا! قالوا: رجل واعي القلب سمع آية من القرآن وإندهش، قلت: أي آية؟ قالوا: {ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله ...} وفجأة أفاق الرجل عند سماع صوتنا وبدأ بقراءة هذا الشعر المؤثّر:

أما آن للهجران أن ينصرما وللغصن غصن البان أن يتبسّما

وللعاشق الصبّ الذي ذاب وإنحنى ألم يأن أن يبكي عليه ويرحما

كتبت بماء الشوق بين جوانحي كتاباً حكى نقش الوشي المنمنما

قال ذلك ثمّ سقط على الأرض. مدهوشاً مرّة اُخرى، فحرّكناه وإذا به قد سلّم روحه إلى بارئه وربّه(12).

الدنيا متاع الغرور:

استمراراً للبحث الذي تناولته الآيات السابقة في بيان حال المؤمنين وأجرهم عند الله تعالى، تضيف الآية التالية بهذا الصدد قوله تعالى: {والذين آمنوا بالله ورسله اُولئك الصدّيقون والشهداء عند ربّهم}.

«الصدّيق» صيغة مبالغة من (الصدق) بمعنى الشخص الذي يستوعب الصدق جميع وجوده، حيث يصدّق عمله قوله، وهو النموذج التامّ للصدق.

«شهداء» جمع «شهيد» من مادّة (شهود) بمعنى الحضور مع المشاهدة سواء كانت بالعين المجرّدة أو البصيرة، وإذا أُطلقت على «الشاهد» كلمة شاهد وشهيد، فالسبب هو حضوره ومشاهدته في المكان، كما يطلق هذا المصطلح على «الشهداء في سبيل الله» بسبب حضورهم في ميدان الجهاد.

إلاّ أنّ المراد من (الشهداء) في الآية مورد البحث قد يكون الشهادة على الأعمال، كما يستفاد من الآيات القرآنية الاُخرى، فالأنبياء شهداء على أعمال اُممهم، ورسول الإسلام شاهد عليهم وعلى الاُمّة الإسلامية، والمسلمون أيضاً شهداء على أعمال الناس(13).

وبناءً على هذا، فإنّ الشهادة على الأعمال مقام عال، والذي يكون من نصيب المؤمنين.

واحتمل البعض أنّ (شهداء) هنا هو الشهداء في سبيل الله، أي الأشخاص المؤمنون الذين لهم أجر وثواب الشهادة، يحسبون بمنزلة الشهداء، لذا ذكر في حديث أنّ شخصاً ذهب إلى الإمام الصادق (عليه السلام)، فقال له: ادع الله أن يرزقني الشهادة. فقال الإمام (عليه السلام) أنّ المؤمن شهيد، ثمّ قرأ هذه الآية: {والذين آمنوا بالله ورسله ..}(14).

ومن الطبيعي أنّه يمكن الجمع بين المعنيين، خصوصاً أنّ القرآن الكريم أطلق مصطلح «شهيد وشهداء» في الغالب على الأعمال وما إلى ذلك.

وعلى كلّ حال، فإنّ الله تعالى يصف المؤمنين الحقيقيين هنا بوصفين: الأوّل: «الصدّيق» والآخر: «الشهيد»، وهذا يرينا أنّ المقصود من المؤمنين في الآية مورد البحث هم أصحاب الدرجات العالية في الإيمان لا المؤمن العادي(15).

ثمّ يضيف تعالى: {لهم أجرهم ونورهم}.

إنّ هذا التعبير المختصر يشير إلى عظيم الأجر والنور الذي ينتظرهم.

وفي النهاية يضيف تعالى: {والذين كفروا وكذّبوا بآياتنا اُولئك أصحاب الجحيم) وذلك كي تتوضّح بهذه المقارنة النتيجة التي آلت إليها المجموعتان، والتي تتدرّج بين القمّة والقاع، حيث إنّ القسم الأوّل في المقام العالي من دار الخلد، والقسم الثاني في الدرك الأسفل من النار يندبون سوء حظّهم وإنحطاط مصيرهم.

____________________________

1- الامثل ، ناصر مكارم الشيرازي ، ج13، ص583-588.

2 ـ (يأن) من مادّة (أنّى) من مادّة (إنا) على وزن (ندا) ومن مادّة (أناء) على وزن جفاء بمعنى الإقتراب وحضور وقت الشيء.

3 ـ بحار الأنوار، ج78، ص83، الحديث 85.

4 ـ مجمع البيان، ج9، ص238.

5 ـ روضة الكافي مطابق لنقل الثقلين، ج5، ص243.

6 ـ كمال الدين مطابق لنقل نور الثقلين، ج5، ص242.

7 ـ بحار الأنوار، ج78، ص308.

8 ـ المصدّقين والمصدّقات بمعنى «المتصدقين والمتصدقات»، وعطف (أقرضوا الله) الذي هو «جملة فعلية» على «الجملة الإسمية» السابقة، لأنّ معنى هذه الجملة هو «الذين أقرضوا الله».

9 ـ تراجع الآية (245 من سورة البقرة) (الحديد الآية11) و(التغابن آية17) و(المزمل آية20).

10 ـ كنز العرفان، ج2، ص58.

11 ـ سفينة البحار، ج2، ص369. وروح البيان، ج9، ص365. وتفسير القرطبي، ج9، ص642.

12 ـ تفسير نور المعاني، ج27، ص156.

13 ـ يراجع التّفسير الأمثل، تفسير الآية (78) من سورة الحجّ، وتفسير الآية (41) من سورة النساء.

14 ـ تفسير العياشي طبقاً لنقل نور الثقلين، ج5، ص244.

15 ـ طبقاً للتفسير أعلاه فإنّ جملة (اُولئك هم الصدّيقون والشهداء، عند ربّهم) ليس لها أي تقدير، إذ أنّ هؤلاء الجماعة من المؤمنين اعتبروا مصداقاً للصدّيقين والشهداء، إلاّ أنّ بعض المفسّرين يعتقد أنّ هؤلاء بمنزلة الصدّيقين والشهداء، ولهم نفس الأجر، ولكن ليس لهم كامل مميّزاتهم ومفاخرهم. ويقولون: إنّ الآية تقديرها (اُولئك لهم مثل أجر الصدّيقين والشهداء).

تفسير روح المعاني، الميزان نهاية الآيات مورد البحث، وطبعاً فإنّ مرجع الضمائر (لهم، وأجرهم) يختلف أيضاً. إلاّ أنّ هذا التّفسير لا يتناسب مع ظاهر الآية (يرجى الإنتباه).




وهو تفسير الآيات القرآنية على أساس الترتيب الزماني للآيات ، واعتبار الهجرة حدّاً زمنيّاً فاصلاً بين مرحلتين ، فكلُّ آيةٍ نزلت قبل الهجرة تُعتبر مكّيّة ، وكلّ آيةٍ نزلت بعد الهجرة فهي مدنيّة وإن كان مكان نزولها (مكّة) ، كالآيات التي نزلت على النبي حين كان في مكّة وقت الفتح ، فالمقياس هو الناحية الزمنيّة لا المكانيّة .

- المحكم هو الآيات التي معناها المقصود واضح لا يشتبه بالمعنى غير المقصود ، فيجب الايمان بمثل هذه الآيات والعمل بها.
- المتشابه هو الآيات التي لا تقصد ظواهرها ، ومعناها الحقيقي الذي يعبر عنه بـ«التأويل» لا يعلمه الا الله تعالى فيجب الايمان بمثل هذه الآيات ولكن لا يعمل بها.

النسخ في اللغة والقاموس هو بمعنى الإزالة والتغيير والتبديل والتحوير وابطال الشي‏ء ورفعه واقامة شي‏ء مقام شي‏ء، فيقال نسخت الشمس الظل : أي ازالته.
وتعريفه هو رفع حكم شرعي سابق بنص شرعي لا حق مع التراخي والزمان بينهما ، أي يكون بين الناسخ والمنسوخ زمن يكون المنسوخ ثابتا وملزما بحيث لو لم يكن النص الناسخ لاستمر العمل بالسابق وكان حكمه قائما .
وباختصار النسخ هو رفع الحكم الشرعي بخطاب قطعي للدلالة ومتأخر عنه أو هو بيان انتهاء امده والنسخ «جائز عقلا وواقع سمعا في شرائع ينسخ اللاحق منها السابق وفي شريعة واحدة» .