المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

الفقه الاسلامي واصوله
عدد المواضيع في هذا القسم 8117 موضوعاً
المسائل الفقهية
علم اصول الفقه
القواعد الفقهية
المصطلحات الفقهية
الفقه المقارن

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
تربية أنواع ماشية اللحم
2024-11-05
زكاة الذهب والفضة
2024-11-05
ماشية اللحم في الولايات المتحدة الأمريكية
2024-11-05
أوجه الاستعانة بالخبير
2024-11-05
زكاة البقر
2024-11-05
الحالات التي لا يقبل فيها الإثبات بشهادة الشهود
2024-11-05

المتغيرات التي تحكم حجم واتجاه ومضمون التدفق الإعلامي
16-8-2022
استراتيجيات النجاح وقوة الصبر - ايهاب كمال
1-10-2014
رجب بن حسين
24-8-2016
تصنيفات الخطة العمرانية - المناطق غير المخططة
28/9/2022
Legion,s Numbers
15-11-2020
معوضات الهيدرازيد
2024-03-30


مَسَائِلُ في الشك والسهو  
  
1143   10:00 صباحاً   التاريخ: 19-8-2017
المؤلف : زين الدين الجبعي العاملي
الكتاب أو المصدر : الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية
الجزء والصفحة : ج1[ ص : 243]
القسم : الفقه الاسلامي واصوله / المسائل الفقهية / الصلاة / الخلل في الصلاة (مسائل فقهية) /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 12-1-2020 1143
التاريخ: 10-10-2016 640
التاريخ: 10-10-2016 837
التاريخ: 2024-06-02 587

الْأُولَى - ( لَوْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ ) بَعْدَ التَّرَوِّي ( أَحَدُ طَرَفَيْ مَا شَكَّ فِيهِ ، أَوْ أَطْرَافِهِ بَنَى عَلَيْهِ ) أَيْ عَلَى الطَّرَفِ الَّذِي غَلَبَ عَلَيْهِ ظَنُّهُ ، وَالْمُرَادُ أَنَّهُ غَلَبَ ظَنُّهُ عَلَيْهِ ثَانِيًا ، بَعْدَ أَنْ شَكَّ فِيهِ أَوَّلًا ، لِأَنَّ الشَّكَّ لَا يُجَامِعُ غَلَبَةَ الظَّنِّ ، لِمَا عَرَفْتَ مِنْ اقْتِضَاءِ الشَّكِّ تَسَاوِي الطَّرَفَيْنِ ، وَالظَّنُّ رُجْحَانُ أَحَدِهِمَا .

وَلَا فَرْقَ فِي الْبِنَاءِ عَلَى الطَّرَفِ الرَّاجِحِ بَيْنَ الْأُولَيَيْنِ وَغَيْرِهِمَا ، وَلَا بَيْنَ الرُّبَاعِيَّةِ وَغَيْرِهَا ، وَمَعْنَى الْبِنَاءِ عَلَيْهِ فَرْضُهُ وَاقِعًا ، وَالْتِزَامُ حُكْمِهِ مِنْ صِحَّةٍ وَبُطْلَانٍ ، وَزِيَادَةٍ وَنُقْصَانٍ ، فَإِنْ كَانَ فِي الْأَفْعَالِ وَغَلَبَ الْفِعْلُ بَنَى عَلَى وُقُوعِهِ ، أَوْ عَدَمُهُ فَعَلَهُ إنْ كَانَ فِي مَحَلِّهِ ، وَفِي عَدَدِ الرَّكَعَاتِ يُجْعَلُ الْوَاقِعُ مَا ظَنَّهُ مِنْ غَيْرِ احْتِيَاطٍ .

فَإِنْ غَلَّبَ الْأَقَلَّ بَنَى عَلَيْهِ وَأَكْمَلَ ، وَإِنْ غَلَّبَ الْأَكْثَرَ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ فِي عَدَدِ الصَّلَاةِ كَالْأَرْبَعِ تَشَهَّدَ وَسَلَّمَ ، وَإِنْ كَانَ زِيَادَةً كَمَا لَوْ غَلَّبَ ظَنَّهُ عَلَى الْخَمْسِ صَارَ كَأَنَّهُ زَادَ رَكْعَةً آخِرَ الصَّلَاةِ ، فَتَبْطُلُ إنْ لَمْ يَكُنْ جَلَسَ عَقِيبَ الرَّابِعَةِ بِقَدْرِ التَّشَهُّدِ وَهَكَذَا .

( وَلَوْ أَحْدَثَ قَبْلَ الِاحْتِيَاطِ ، أَوْ الْأَجْزَاءِ الْمَنْسِيَّةِ ) الَّتِي تَتَلَافَى بَعْدَ الصَّلَاةِ ( تَطَهَّرَ وَأَتَى بِهَا ) مِنْ غَيْرِ أَنْ تَبْطُلَ الصَّلَاةُ ( عَلَى الْأَقْوَى ) لِأَنَّهُ صَلَاةٌ مُنْفَرِدَةٌ ، وَمِنْ ثَمَّ وَجَبَ فِيهَا النِّيَّةُ وَالتَّحْرِيمَةُ وَالْفَاتِحَةُ ، وَلَا صَلَاةَ إلَّا بِهَا وَكَوْنُهَا جَبْرًا لِمَا يُحْتَمَلُ نَقْصُهُ مِنْ الْفَرِيضَةِ وَمِنْ ثَمَّ وَجَبَتْ الْمُطَابَقَةُ بَيْنَهُمَا لَا يَقْتَضِي الْجُزْئِيَّةَ ، بَلْ يُحْتَمَلُ ذَلِكَ ، وَالْبَدَلِيَّةُ إذْ لَا يَقْتَضِي الْمُسَاوَاةَ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ ، وَلِأَصَالَةِ الصِّحَّةِ .

وَعَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ فِي مُخْتَصَرَاتِهِ ، وَاسْتَضْعَفَهُ فِي الذِّكْرَى ، بِنَاءً عَلَى أَنَّ شَرْعِيَّتَهُ لِيَكُونَ اسْتِدْرَاكًا لِلْفَائِتِ مِنْهَا .

فَهُوَ عَلَى تَقْدِيرِ وُجُوبِهِ جُزْءٌ ، فَيَكُونُ الْحَدَثُ وَاقِعًا فِي الصَّلَاةِ ، وَلِدَلَالَةِ ظَاهِرِ الْأَخْبَارِ عَلَيْهِ .

وَقَدْ عَرَفْتَ دَلَالَةَ الْبَدَلِيَّةِ ، وَالْأَخْبَارُ إنَّمَا دَلَّتْ عَلَى الْفَوْرِيَّةِ وَلَا نِزَاعَ فِيهَا ، وَإِنَّمَا الْكَلَامُ فِي أَنَّهُ بِمُخَالَفَتِهَا هَلْ يَأْثَمُ خَاصَّةً - كَمَا هُوَ مُقْتَضَى كُلِّ وَاجِبٍ - أَمْ يُبْطِلُهَا .

وَأَمَّا الْأَجْزَاءُ الْمَنْسِيَّةُ فَقَدْ خَرَجَتْ عَنْ كَوْنِهَا جُزْءًا مَحْضًا ، وَتَلَاقِيهَا بَعْدَ الصَّلَاةِ فِعْلٌ آخَرُ .

وَلَوْ بَقِيَتْ عَلَى مَحْضِ الْجُزْئِيَّةِ كَمَا كَانَتْ لَبَطَلَتْ بِتَخَلُّلِ الْأَرْكَانِ بَيْنَ مَحَلِّهَا وَتَلَافِيهَا .

( وَلَوْ ذَكَر مَا فَعَلَ فَلَا إعَادَةَ إلَّا أَنْ يَكُونَ قَدْ أَحْدَثَ ) أَيْ دَبْرَ نُقْصَانِ الصَّلَاةِ بِحَيْثُ يَحْتَاجُ إلَى إكْمَالِهَا بِمِثْلِ مَا فَعَلَ صَحَّتْ الصَّلَاةُ وَكَانَ الِاحْتِيَاطُ مُتَمِّمًا لَهَا وَإِنْ اشْتَمَلَ عَلَى زِيَادَةِ الْأَرْكَانِ مِنْ النِّيَّةِ ، وَالتَّكْبِيرِ ، وَنُقْصَانِ بَعْضٍ كَالْقِيَامِ لَوْ احْتَاطَ جَالِسًا ، وَزِيَادَةِ الرُّكُوعِ ، وَالسُّجُودِ فِي الرَّكَعَاتِ الْمُتَعَدِّدَةِ لِلِامْتِثَالِ الْمُقْتَضِي لِلْإِجْزَاءِ ، وَلَوْ اُعْتُبِرَتْ الْمُطَابَقَةُ مَحْضًا لَمْ يَسْلَمْ احْتِيَاطٌ ذَكَرَ فَاعِلُهُ الْحَاجَةَ إلَيْهِ ، لِتَحَقُّقِ الزِّيَادَةِ وَإِنْ لَمْ تَحْصُلْ الْمُخَالَفَةُ ، وَيَشْمَلُ ذَلِكَ مَا لَوْ أَوْجَبَ الشَّكُّ احْتِيَاطَيْنِ ، وَهُوَ ظَاهِرٌ مَعَ الْمُطَابَقَةِ ، كَمَا لَوْ تَذَكَّرَ أَنَّهَا اثْنَتَانِ بَعْدَ أَنْ قَدَّمَ رَكْعَتَيْ الْقِيَامِ ، وَلَوْ ذَكَرَ أَنَّهَا ثَلَاثٌ اُحْتُمِلَ كَوْنُهُ كَذَلِكَ ، وَهُوَ ظَاهِرُ الْفَتْوَى لِمَا ذُكِرَ .

وَإِلْحَاقُهُ بِمَنْ زَادَ رَكْعَةً آخِرَ الصَّلَاةِ سَهْوًا ، وَكَذَا لَوْ ظَهَرَ الْأَوَّلُ بَعْدَ تَقْدِيمِ صَلَاةِ الْجُلُوسِ ، أَوْ الرَّكْعَةِ قَائِمًا إنْ جَوَّزْنَاهُ وَلَعَلَّهُ السِّرُّ فِي تَقْدِيمِ رَكْعَتَيْ الْقِيَامِ .

وَعَلَى مَا اخْتَرْنَاهُ لَا تَظْهَرُ الْمُخَالَفَةُ إلَّا فِي الْفَرْضِ الْأَوَّلِ مِنْ فُرُوضِهَا ، وَأَمْرُهُ سَهْلٌ مَعَ إطْلَاقِ النَّصِّ ،وَتَحَقُّقِ الِامْتِثَالِ الْمُوجِبِ لِلْإِجْزَاءِ وَكَيْفَ كَانَ فَهُوَ أَسْهَلُ مِنْ قِيَامِ رَكْعَتَيْنِ مِنْ جُلُوسٍ مَقَامَ رَكْعَةٍ مِنْ قِيَامٍ إذَا ظَهَرَتْ الْحَاجَةُ إلَيْهِ فِي جَمِيعِ الصُّوَرِ .

هَذَا إذَا ذُكِرَ بَعْدَ تَمَامِهِ ، وَلَوْ كَانَ فِي أَثْنَائِهِ فَكَذَلِكَ مَعَ الْمُطَابَقَةِ أَوْ لَمْ يَتَجَاوَزْ الْقَدْرَ الْمُطَابَقَ فَلْيُسَلِّمْ عَلَيْهِ .

وَيُشْكِلْ مَعَ الْمُخَالَفَةِ - خُصُوصًا مَعَ الْجُلُوسِ - إذَا كَانَ قَدْ رَكَعَ لِلْأُولَى ، لِاخْتِلَالِ نَظْمِ الصَّلَاةِ ، أَمَّا قَبْلَهُ فَيُكْمِلُ الرَّكْعَةَ قَائِمًا ، وَيُغْتَفَرُ مَا زَادَهُ مِنْ النِّيَّةِ ، وَالتَّحْرِيمَةُ كَالسَّابِقِ وَظَاهِرُ الْفَتْوَى اغْتِفَارُ الْجَمِيعِ .

أَمَّا لَوْ كَانَ قَدْ أَحْدَثَ أَعَادَ لِظُهُورِهِ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ ، مَعَ احْتِمَالِ الصِّحَّةِ ، وَلَوْ ذَكَرَ بَعْدَ الْفَرَاغِ تَمَامَ الصَّلَاةِ فَأَوْلَى بِالصِّحَّةِ ، وَلَكِنَّ الْعِبَارَةَ لَا تَتَنَاوَلُهُ ، وَإِنْ دَخَلَ فِي ذِكْرِ مَا فَعَلَ إلَّا أَنَّ اسْتِثْنَاءَ الْحَدَثِ يُنَافِيهِ ، إذْ لَا فَرْقَ فِي الصِّحَّةِ بَيْنَ الْحَالَيْنِ وَلَوْ ذَكَرَ التَّمَامَ فِي الْأَثْنَاءِ تَخَيَّرَ بَيْنَ قَطْعِهِ وَإِتْمَامِهِ وَهُوَ الْأَفْضَلُ .

( الثَّانِيَةُ - حَكَمَ الصَّدُوقُ أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ بَابَوَيْهِ بِالْبُطْلَانِ ) أَيْ بُطْلَانِ الصَّلَاةِ ( فِي ) صُورَةِ ( الشَّكِّ بَيْنَ الِاثْنَتَيْنِ وَالْأَرْبَعِ ) اسْتِنَادًا إلَى مَقْطُوعَةِ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ قَالَ : سَأَلْتُهُ عَنْ الرَّجُلِ لَا يَدْرِي أَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ أَمْ أَرْبَعًا ؟ قَالَ : يُعِيدُ الصَّلَاةَ ، ( وَالرِّوَايَةُ مَجْهُولَةُ الْمَسْئُولِ ) فَيُحْتَمَلُ كَوْنُهُ غَيْرَ إمَامٍ ، مَعَ مُعَارَضَتِهَا بِصَحِيحَةِ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ الصَّادِقِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِيمَنْ لَا يَدْرِي أَرَكْعَتَانِ صَلَاتُهُ ، أَمْ أَرْبَعٌ ؟ قَالَ : يُسَلِّمُ وَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ ، وَيَتَشَهَّدُ وَيَنْصَرِفُ ، وَفِي مَعْنَاهَا غَيْرُهَا ، وَيُمْكِنُ حَمْلُ الْمَقْطُوعَةِ عَلَى مَنْ شَكَّ قَبْلَ إكْمَالِ السُّجُودِ ، أَوْ عَلَى الشَّكِّ فِي غَيْرِ الرُّبَاعِيَّةِ .

( الثَّالِثَةُ - أَوْجَبَ ) الصَّدُوقُ ( أَيْضًا الِاحْتِيَاطَ بِرَكْعَتَيْنِ جَالِسًا لَوْ شَكَّ فِي الْمَغْرِبِ بَيْنَ الِاثْنَتَيْنِ وَالثَّلَاثِ ، وَذَهَبَ وَهْمُهُ ) أَيْ ظَنُّهُ ( إلَى الثَّالِثَةِ عَمَلًا بِرِوَايَةِ عَمَّارِ ) بْنِ مُوسَى ( السَّابَاطِيِّ عَنْ الصَّادِقِ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَهُوَ ) أَيْ عَمَّارٌ ( فَطْحِيُّ ) الْمَذْهَبِ مَنْسُوبٌ إلَى الْفَطْحِيَّةِ وَهُمْ الْقَائِلُونَ بِإِمَامَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرِ الْأَفْطَحِ فَلَا يُعْتَدُّ بِرِوَايَتِهِ ، مَعَ كَوْنِهَا شَاذَّةً ، وَالْقَوْلُ بِهَا نَادِرٌ ، وَالْحُكْمُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُ مَعَ ظَنِّ أَحَدِ الطَّرَفَيْنِ يَبْنِي عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَلْزَمُهُ شَيْءٌ .

( وَأَوْجَبَ ) الصَّدُوقُ ( أَيْضًا رَكْعَتَيْنِ جُلُوسًا لِلشَّاكِّ بَيْنَ الْأَرْبَعِ وَالْخَمْسِ ، وَهُوَ ) قَوْلٌ ( مَتْرُوكٌ ) ، وَإِنَّمَا الْحَقُّ فِيهِ مَا سَبَقَ مِنْ التَّفْصِيلِ ، مِنْ غَيْرِ احْتِيَاطٍ ، وَلِأَنَّ الِاحْتِيَاطَ جَبْرٌ لِمَا يُحْتَمَلُ نَقْصُهُ ، وَهُوَ هُنَا مَنْفِيٌّ قَطْعًا .

وَرُبَّمَا حُمِلَ عَلَى الشَّكِّ فِيهِمَا قَبْلَ الرُّكُوعِ ، فَإِنَّهُ يُوجِبُ الِاحْتِيَاطَ بِهِمَا كَمَا مَرَّ ( الرَّابِعَةُ - خَيَّرَ ابْنُ الْجُنَيْدِ ) رَحِمَهُ اللَّهُ ( الشَّاكَّ بَيْنَ الثَّلَاثِ وَالْأَرْبَعِ بَيْنَ الْبِنَاءِ عَلَى الْأَقَلِّ وَلَا احْتِيَاطَ ، أَوْ عَلَى الْأَكْثَرِ وَيُحْتَاطُ بِرَكْعَةٍ ) قَائِمًا ( أَوْ رَكْعَتَيْنِ ) جَالِسًا ( وَهُوَ خِيَرَةُ الصَّدُوقِ ابْنِ بَابَوَيْهِ ) ، جَمْعًا بَيْنَ الْأَخْبَارِ الدَّالَّةِ عَلَى الِاحْتِيَاطِ الْمَذْكُورِ ، وَرِوَايَةُ سَهْلِ بْنِ الْيَسَعَ عَنْ الرِّضَا عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ قَالَ : " يَبْنِي عَلَى يَقِينِهِ ، وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ " بِحَمْلِهَا عَلَى التَّخْيِيرِ ، وَلِتَسَاوِيهِمَا فِي تَحْصِيلِ الْغَرَضِ مِنْ فِعْلِ مَا يُحْتَمَلُ فَوَاتُهُ ، وَلِأَصَالَةِ عَدَمِ فِعْلِهِ ، فَيَتَخَيَّرُ بَيْنَ فِعْلِهِ وَبَدَلِهِ .

( وَتَرُدُّهُ ) أَيْ هَذَا الْقَوْلَ ( الرِّوَايَاتُ الْمَشْهُورَةُ ) الدَّالَّةُ عَلَى الْبِنَاءِ عَلَى الْأَكْثَرِ ، إمَّا مُطْلَقًا كَرِوَايَةِ عَمَّارٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ : " إذَا سَهَوْتَ فَابْنِ عَلَى الْأَكْثَرِ ، فَإِذَا فَرَغْتَ وَسَلَّمْتَ فَقُمْ فَصَلِّ مَا ظَنَنْتَ أَنَّك نَقَصْتَ ، فَإِنْ كُنْتَ أَتْمَمْتَ لَمْ يَكُنْ عَلَيْك شَيْءٌ ، وَإِنْ ذَكَرْتَ أَنَّك كُنْتَ نَقَصْتَ كَانَ مَا صَلَّيْتَ تَمَامَ مَا نَقَصْتَ " ، وَغَيْرِهَا .

وَإِمَّا بِخُصُوصِ الْمَسْأَلَةِ كَرِوَايَةِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سِيَابَةَ ، وَأَبِي الْعَبَّاسِ عَنْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ : " إذَا لَمْ تَدْرِ ثَلَاثًا صَلَّيْتَ ، أَوْ أَرْبَعًا ، وَوَقَعَ رَأْيُك عَلَى الثَّلَاثِ فَابْنِ عَلَى الثَّلَاثِ وَإِنْ وَقَعَ رَأْيُك عَلَى الْأَرْبَعِ فَسَلِّمْ وَانْصَرِفْ ، وَإِنْ اعْتَدَلَ وَهْمُك فَانْصَرِفْ وَصَلِّ رَكْعَتَيْنِ وَأَنْتَ جَالِسٌ " ، وَفِي خَبَرٍ آخَرَ عَنْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ : " هُوَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ صَلَّى رَكْعَةً قَائِمًا ، أَوْ رَكْعَتَيْنِ جَالِسًا " وَرِوَايَةُ ابْنِ الْيَسَعِ مُطْرَحَةٌ لِمُوَافَقَتِهَا لِمَذْهَبِ الْعَامَّةِ ، أَوْ مَحْمُولَةٌ عَلَى غَلَبَةِ الظَّنِّ بِالنَّقِيصَةِ .

( الْخَامِسَةُ - قَالَ عَلِيُّ بْنُ بَابَوَيْهِ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي الشَّكِّ بَيْنَ الِاثْنَتَيْنِ وَالثَّلَاثِ : إنْ ذَهَبَ الْوَهْمُ ) وَهُوَ الظَّنُّ ( إلَى الثَّالِثَةِ أَتَمَّهَا رَابِعَةً ثُمَّ احْتَاطَ بِرَكْعَةٍ ، وَإِنْ ذَهَبَ الْوَهْمُ إلَى الِاثْنَتَيْنِ بَنَى عَلَيْهِ وَتَشَهَّدَ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ تَبْقَى عَلَيْهِ ) أَيْ بَعْدَهَا ، أَمَّا عَلَى الثَّانِيَةِ فَظَاهِرٌ ، وَأَمَّا عَلَى الثَّالِثَةِ فَلِجَوَازِ أَنْ تَكُونَ رَابِعَةً ، بِأَنْ تَكُونَ صَلَاتُهُ عِنْدَ شَكِّهِ ثَلَاثًا ، وَعَلَى الرَّابِعَةِ ظَاهِرٌ ، ( وَسَجَدَ لِلسَّهْوِ ، وَإِنْ اعْتَدَلَ الْوَهْمُ تَخَيَّرَ بَيْنَ الْبِنَاءِ عَلَى الْأَقَلِّ وَالتَّشَهُّدِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ ، وَبَيْنَ الْبِنَاءِ عَلَى الْأَكْثَرِ وَالِاحْتِيَاطِ ) .

وَهَذَا الْقَوْلَ مَعَ نُدُورِهِ لَمْ نَقِفْ عَلَى مُسْتَنِدِهِ ( وَالشُّهْرَةُ ) بَيْنَ الْأَصْحَابِ فِي أَنَّ حُكْمَ هَذَا الشَّاكِّ مَعَ اعْتِدَالِ وَهْمِهِ الْبِنَاءُ عَلَى الْأَكْثَرِ ، وَالِاحْتِيَاطُ الْمَذْكُورُ ( تَدْفَعُهُ ) .

وَالتَّحْقِيقُ أَنَّهُ لَا نَصَّ مِنْ الْجَانِبَيْنِ عَلَى الْخُصُوصِ ، وَالْعُمُومُ يَدُلُّ عَلَى الْمَشْهُورِ ، وَالشَّكُّ بَيْنَ الثَّلَاثِ وَالْأَرْبَعِ مَنْصُوصٌ وَهُوَ يُنَاسِبُهُ .

وَاعْلَمْ أَنَّ هَذِهِ الْمَسَائِلَ مَعَ السَّابِعَةِ ، خَارِجَةٌ عَنْ مَوْضُوعِ الْكِتَابِ ، لِالْتِزَامِهِ فِيهِ أَنْ لَا يَذْكُرَ إلَّا الْمَشْهُورَ بَيْنَ الْأَصْحَابِ ، لِأَنَّهَا مِنْ شَوَاذِّ الْأَقْوَالِ ، وَلَكِنَّهُ أَعْلَمُ بِمَا قَالَ .

( السَّادِسَةُ - لَا حُكْمَ لِلسَّهْوِ مَعَ الْكَثْرَةِ ) لِلنَّصِّ الصَّحِيحِ الدَّالِ عَلَيْهِ مُعَلِّلًا بِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَلْتَفِتْ تَرَكَهُ الشَّيْطَانُ فَإِنَّمَا يُرِيدُ أَنْ يُطَاعَ فَإِذَا عُصِيَ لَمْ يَعُدْ .

وَالْمَرْجِعُ فِي الْكَثْرَةِ إلَى الْعُرْفِ وَهِيَ تَحْصُلُ بِالتَّوَالِي ثَلَاثًا وَإِنْ كَانَ فِي فَرَائِضَ .

وَالْمُرَادُ بِالسَّهْوِ مَا يَشْمَلُ الشَّكَّ ، فَإِنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يُطْلَقُ عَلَى الْآخَرِ ، اسْتِعْمَالًا شَرْعِيًّا ، أَوْ تَجَوُّزًا لِتَقَارُبِ الْمَعْنَيَيْنِ ، وَمَعْنَى عَدَمِ الْحُكْمِ مَعَهَا عَدَمُ الِالْتِفَاتِ إلَى مَا شَكَّ فِيهِ مِنْ فِعْلٍ ، أَوْ رَكْعَةٍ ، بَلْ يَبْنِي عَلَى وُقُوعِهِ وَإِنْ كَانَ فِي مَحَلِّهِ حَتَّى لَوْ فَعَلَهُ بَطَلَتْ .

نَعَمْ لَوْ كَانَ الْمَتْرُوكُ رُكْنًا لَمْ تُؤَثِّرْ الْكَثْرَةُ فِي عَدَمِ الْبُطْلَانِ ، كَمَا أَنَّهُ لَوْ ذَكَرَ تَرْكَ الْفِعْلِ فِي مَحَلِّهِ ، اسْتَدْرَكَهُ وَيَبْنِي عَلَى الْأَكْثَرِ فِي الرَّكَعَاتِ مَا لَمْ يَسْتَلْزِمْ الزِّيَادَةَ عَلَى الْمَطْلُوبِ مِنْهَا فَيَبْنِي عَلَى الْمُصَحَّحِ ، وَسُقُوطِ سُجُودِ السَّهْوِ لَوْ فَعَلَ مَا يُوجِبُهُ بَعْدَهَا ، أَوْ تَرَكَ وَإِنْ وَجَبَ تَلَافِي الْمَتْرُوكِ بَعْدَ الصَّلَاةِ تَلَافِيًا مِنْ غَيْرِ سُجُودٍ .

وَيَتَحَقَّقُ الْكَثْرَةُ فِي الصَّلَاةِ الْوَاحِدَةِ بِتَخَلُّلِ الذِّكْرِ ، لَا بِالسَّهْوِ عَنْ أَفْعَالٍ مُتَعَدِّدَةٍ مَعَ اسْتِمْرَارِ الْغَفْلَةِ ، وَمَتَى ثَبَتَتْ بِالثَّلَاثِ سَقَطَ الْحُكْمُ فِي الرَّابِعِ ، وَيَسْتَمِرُّ إلَى أَنْ تَخْلُوَ مِنْ السَّهْوِ وَالشَّكِّ فَرَائِضُ يَتَحَقَّقُ فِيهَا الْوَصْفُ ، فَيَتَعَلَّقُ بِهِ حُكْمُ السَّهْوِ الطَّارِئِ وَهَكَذَا ( وَلَا لِلسَّهْوِ فِي السَّهْوِ ) أَيْ فِي مُوجِبِهِ مَنْ صَلَاةٍ ، وَسُجُودٍ ، كَنِسْيَانِ ذِكْرٍ ، أَوْ قِرَاءَةٍ ، فَإِنَّهُ لَا سُجُودَ عَلَيْهِ نَعَمْ لَوْ كَانَ مِمَّا يُتَلَافَى تَلَافَاهُ مِنْ غَيْرِ سُجُودٍ .

وَيُمْكِنُ أَنْ يُرِيدَ بِالسَّهْوِ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا الشَّكَّ ، أَوْ مَا يَشْمَلُهُ عَلَى وَجْهِ الِاشْتِرَاكِ ، وَلَوْ بَيْنَ حَقِيقَةِ الشَّيْءِ وَمَجَازِهِ ، فَإِنَّ حُكْمَهُ هُنَا صَحِيحٌ ، فَإِنْ اُسْتُعْمِلَ فِي الْأَوَّلِ فَالْمُرَادُ بِهِ الشَّكُّ فِي مُوجِبِ السَّهْوِ مِنْ فِعْلٍ ، أَوْ عَدَدٍ ، كَرَكْعَتَيْ الِاحْتِيَاطِ فَإِنَّهُ يُبْنَى عَلَى وُقُوعِهِ ، إلَّا أَنْ يَسْتَلْزِمَ الزِّيَادَةَ كَمَا مَرَّ ، أَوْ فِي الثَّانِي فَالْمُرَادُ بِهِ مُوجِبُ الشَّكِّ كَمَا مَرَّ ، وَإِنْ اُسْتُعْمِلَ فِيهِمَا فَالْمُرَادُ بِهِ الشَّكُّ فِي مُوجِبِ الشَّكِّ ، وَقَدْ ذُكِرَ أَيْضًا ، أَوْ الشَّكُّ فِي حُصُولِهِ ، وَعَلَى كُلِّ حَالٍ لَا الْتِفَاتَ ، وَإِنْ كَانَ إطْلَاقُ اللَّفْظِ عَلَى جَمِيعِ ذَلِكَ يَحْتَاجُ إلَى تَكَلُّفٍ ، ( وَلَا لِسَهْوِ الْإِمَامِ ) أَيْ شَكِّهِ وَهُوَ قَرِينَةٌ لِمَا تَقَدَّمَ ( مَعَ حِفْظِ الْمَأْمُومِ وَبِالْعَكْسِ ) فَإِنَّ الشَّاكَّ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا يَرْجِعُ إلَى حِفْظِ الْآخَرِ وَلَوْ بِالظَّنِّ ، وَكَذَا يَرْجِعُ الظَّانُّ إلَى الْمُتَيَقِّنِ ، وَلَوْ اتَّفَقَا عَلَى الظَّنِّ وَاخْتَلَفَ مَحَلُّهُ تَعَيَّنَ الِانْفِرَادُ .

وَيَكْفِي فِي رُجُوعِهِ تَنْبِيهُهُ بِتَسْبِيحٍ ، وَنَحْوِهِ وَلَا يُشْتَرَطُ عَدَالَةُ الْمَأْمُومِ ، وَلَا يَتَعَدَّى إلَى غَيْرِهِ وَإِنْ كَانَ عَدْلًا نَعَمْ لَوْ أَفَادَهُ الظَّنُّ رَجَعَ إلَيْهِ لِذَلِكَ ، لَا لِكَوْنِهِ مُخْبَرًا .

وَلَوْ اشْتَرَكَا فِي الشَّكِّ وَاتَّحَدَا لَزِمَهُمَا حُكْمُهُ وَإِنْ اخْتَلَفَا رَجَعَا إلَى مَا اتَّفَقَا عَلَيْهِ ، وَتَرَكَا مَا انْفَرَدَ كُلٌّ بِهِ ، فَإِنْ لَمْ يَجْمَعْهُمَا رَابِطَةٌ تَعَيَّنَ الِانْفِرَادُ ، كَمَا لَوْ شَكَّ أَحَدُهُمَا بَيْنَ الِاثْنَيْنِ وَالثَّلَاثِ ، وَالْآخَرُ بَيْنَ الْأَرْبَعِ وَالْخَمْسِ .

وَلَوْ تَعَدَّدَ الْمَأْمُومُونَ وَاخْتَلَفُوا مَعَ الْإِمَامِ ، فَالْحُكْمُ كَالْأَوَّلِ فِي رُجُوعِ الْجَمِيعِ إلَى الرَّابِطَةِ ، وَالِانْفِرَادِ بِدُونِهَا ، وَلَوْ اشْتَرَكَ بَيْنَ الْإِمَامِ وَبَعْضِ الْمَأْمُومِينَ رَجَعَ الْإِمَامُ إلَى الذَّاكِرِ مِنْهُمْ وَإِنْ اتَّحَدَا ، وَبَاقِي الْمَأْمُومِينَ إلَى الْإِمَامِ ، وَلَوْ اُسْتُعْمِلَ السَّهْوُ فِي مَعْنَاهُ أَمْكَنَ فِي الْعَكْسِ لَا الطَّرْدِ .

بِنَاءً عَلَى مَا اخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ الْمُصَنِّفُ فِي الذِّكْرَى ، مِنْ أَنَّهُ لَا حُكْمَ لِسَهْوِ الْمَأْمُومِ مَعَ سَلَامَةِ الْإِمَامِ عَنْهُ ، فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ سُجُودُ السَّهْوِ لَوْ فَعَلَ مَا يُوجِبُهُ لَوْ كَانَ مُنْفَرِدًا .

نَعَمْ لَوْ تَرَكَ مَا يُتَلَافَى مَعَ السُّجُودِ سَقَطَ السُّجُودُ خَاصَّةً وَلَوْ كَانَ السَّاهِي الْإِمَامَ فَلَا رَيْبَ فِي الْوُجُوبِ عَلَيْهِ إنَّمَا الْخِلَافُ فِي وُجُوبِ مُتَابَعَةِ الْمَأْمُومِ لَهُ وَإِنْ كَانَ أَحْوَطَ .

( السَّابِعَةُ - أَوْجَبَ ابْنَا بَابَوَيْهِ ) عَلِيٌّ وَابْنُهُ مُحَمَّدٌ الصَّدُوقَانِ ( رَحِمَهُمَا اللَّهُ سَجْدَتَيْ السَّهْوِ عَلَى مَنْ شَكَّ بَيْنَ الثَّلَاثِ وَالْأَرْبَعِ وَظَنَّ الْأَكْثَرَ ) وَلَا نَصَّ عَلَيْهِمَا فِي هَذَا الشَّكِّ بِخُصُوصِهِ ، وَأَخْبَارُ الِاحْتِيَاطِ خَالِيَةٌ مِنْهُمَا ، وَالْأَصْلُ يَقْتَضِي الْعَدَمَ ، ( وَفِي رِوَايَةِ إِسْحَاقَ بْنِ عَمَّارٍ عَنْ الصَّادِقِ عَلَيْهِ السَّلَامُ : " إذَا ذَهَبَ وَهْمُك إلَى التَّمَامِ أَبَدًا فِي كُلِّ صَلَاةٍ فَاسْجُدْ سَجْدَتَيْ السَّهْوِ ) ، فَتَصْلُحُ دَلِيلًا لَهُمَا ، لِتَضَمُّنِهِمَا مَطْلُوبَهُمَا ، ( وَحُمِلَتْ هَذِهِ ) الرِّوَايَةُ ( عَلَى النَّدْبِ ) .

وَفِيهِ نَظَرٌ .

لِأَنَّ الْأَمْرَ حَقِيقَةٌ فِي الْوُجُوبِ ، وَغَيْرُهَا مِنْ الْأَخْبَارِ لَمْ يَتَعَرَّضْ لِنَفْيِ السُّجُودِ ، فَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَهُمَا إذَا اشْتَمَلَتْ عَلَى زِيَادَةٍ ، مَعَ أَنَّهَا غَيْرُ مُنَافِيَةٍ لِجَبْرِ الصَّلَاةِ ، لِاحْتِمَالِ النَّقْصِ ، فَإِنَّ الظَّنَّ بِالتَّمَامِ لَا يَمْنَعُ النَّقْصَ بِخِلَافِ ظَنِّ النُّقْصَانِ فَإِنَّ الْحُكْمَ بِالْإِكْمَالِ جَائِزٌ نَعَمْ يُمْكِنُ رَدُّهَا مِنْ حَيْثُ السَّنَدُ .




قواعد تقع في طريق استفادة الأحكام الشرعية الإلهية وهذه القواعد هي أحكام عامّة فقهية تجري في أبواب مختلفة، و موضوعاتها و إن كانت أخصّ من المسائل الأصوليّة إلاّ أنّها أعمّ من المسائل الفقهيّة. فهي كالبرزخ بين الأصول و الفقه، حيث إنّها إمّا تختص بعدّة من أبواب الفقه لا جميعها، كقاعدة الطهارة الجارية في أبواب الطهارة و النّجاسة فقط، و قاعدة لاتعاد الجارية في أبواب الصلاة فحسب، و قاعدة ما يضمن و ما لا يضمن الجارية في أبواب المعاملات بالمعنى الأخصّ دون غيرها; و إمّا مختصة بموضوعات معيّنة خارجية و إن عمّت أبواب الفقه كلّها، كقاعدتي لا ضرر و لا حرج; فإنّهما و إن كانتا تجريان في جلّ أبواب الفقه أو كلّها، إلاّ أنّهما تدوران حول موضوعات خاصة، و هي الموضوعات الضرريّة و الحرجية وبرزت القواعد في الكتب الفقهية الا ان الاعلام فيما بعد جعلوها في مصنفات خاصة بها، واشتهرت عند الفرق الاسلامية ايضاً، (واما المنطلق في تأسيس القواعد الفقهية لدى الشيعة ، فهو أن الأئمة عليهم السلام وضعوا أصولا كلية وأمروا الفقهاء بالتفريع عليها " علينا إلقاء الأصول وعليكم التفريع " ويعتبر هذا الامر واضحا في الآثار الفقهية الامامية ، وقد تزايد الاهتمام بجمع القواعد الفقهية واستخراجها من التراث الفقهي وصياغتها بصورة مستقلة في القرن الثامن الهجري ، عندما صنف الشهيد الأول قدس سره كتاب القواعد والفوائد وقد سبق الشهيد الأول في هذا المضمار الفقيه يحيى بن سعيد الحلي )


آخر مرحلة يصل اليها طالب العلوم الدينية بعد سنوات من الجد والاجتهاد ولا ينالها الا ذو حظ عظيم، فلا يكتفي الطالب بالتحصيل ما لم تكن ملكة الاجتهاد عنده، وقد عرفه العلماء بتعاريف مختلفة منها: (فهو في الاصطلاح تحصيل الحجة على الأحكام الشرعية الفرعية عن ملكة واستعداد ، والمراد من تحصيل الحجة أعم من اقامتها على اثبات الاحكام أو على اسقاطها ، وتقييد الاحكام بالفرعية لإخراج تحصيل الحجة على الاحكام الأصولية الاعتقادية ، كوجوب الاعتقاد بالمبدء تعالى وصفاته والاعتقاد بالنبوة والإمامة والمعاد ، فتحصيل الدليل على تلك الأحكام كما يتمكن منه غالب العامة ولو بأقل مراتبه لا يسمى اجتهادا في الاصطلاح) (فالاجتهاد المطلق هو ما يقتدر به على استنباط الاحكام الفعلية من أمارة معتبرة أو أصل معتبر عقلا أو نقلا في المورد التي لم يظفر فيها بها) وهذه المرتبة تؤهل الفقيه للافتاء ورجوع الناس اليه في الاحكام الفقهية، فهو يعتبر متخصص بشكل دقيق فيها يتوصل الى ما لا يمكن ان يتوصل اليه غيره.


احد اهم العلوم الدينية التي ظهرت بوادر تأسيسه منذ زمن النبي والائمة (عليهم السلام)، اذ تتوقف عليه مسائل جمة، فهو قانون الانسان المؤمن في الحياة، والذي يحوي الاحكام الالهية كلها، يقول العلامة الحلي : (وأفضل العلم بعد المعرفة بالله تعالى علم الفقه ، فإنّه الناظم لأُمور المعاش والمعاد ، وبه يتم كمال نوع الإنسان ، وهو الكاسب لكيفيّة شرع الله تعالى ، وبه يحصل المعرفة بأوامر الله تعالى ونواهيه الّتي هي سبب النجاة ، وبها يستحق الثواب ، فهو أفضل من غيره) وقال المقداد السيوري: (فان علم الفقه لا يخفى بلوغه الغاية شرفا وفضلا ، ولا يجهل احتياج الكل اليه وكفى بذلك نبلا) ومر هذا المعنى حسب الفترة الزمنية فـ(الفقه كان في الصدر الأول يستعمل في فهم أحكام الدين جميعها ، سواء كانت متعلقة بالإيمان والعقائد وما يتصل بها ، أم كانت أحكام الفروج والحدود والصلاة والصيام وبعد فترة تخصص استعماله فصار يعرف بأنه علم الأحكام من الصلاة والصيام والفروض والحدود وقد استقر تعريف الفقه - اصطلاحا كما يقول الشهيد - على ( العلم بالأحكام الشرعية العملية عن أدلتها التفصيلية لتحصيل السعادة الأخروية )) وتطور علم الفقه في المدرسة الشيعية تطوراً كبيراً اذ تعج المكتبات الدينية اليوم بمئات المصادر الفقهية وبأساليب مختلفة التنوع والعرض، كل ذلك خدمة لدين الاسلام وتراث الائمة الاطهار.