المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

علوم اللغة العربية
عدد المواضيع في هذا القسم 2764 موضوعاً
النحو
الصرف
المدارس النحوية
فقه اللغة
علم اللغة
علم الدلالة

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
{افان مات او قتل انقلبتم على اعقابكم}
2024-11-24
العبرة من السابقين
2024-11-24
تدارك الذنوب
2024-11-24
الإصرار على الذنب
2024-11-24
معنى قوله تعالى زين للناس حب الشهوات من النساء
2024-11-24
مسألتان في طلب المغفرة من الله
2024-11-24

سحلب هرمي، ذيل الثعلب Anacamptis pyramidalis
2-8-2019
ما هو معنى الشيعة؟ ولماذا أطلق هذا الاسم؟
2023-06-01
الدليل على حرمة الغيبة من السنة الشريفة
9-7-2021
Different Universes?
10-11-2016
تفسير الآية (12-20) من سورة ص
21-4-2020
تمويل شبكة الاعلام العراقي
5-7-2021


نظرية السياق  
  
834   01:59 مساءً   التاريخ: 14-8-2017
المؤلف : د. احمد مختار عمر
الكتاب أو المصدر : علم الدلالة
الجزء والصفحة : ص68- 78
القسم : علوم اللغة العربية / علم الدلالة / نظريات علم الدلالة الحديثة / نظرية السياق /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 14-8-2017 835
التاريخ: 19-8-2017 984


عرفت مدرسة لندن بما سمي بالمنهج السياقي Contextual Approach أو المنهج العملي Operational Approach (1) . وكان زعيم هذا الاتجاه Firth الذي وضع تأكيداً كبيراً على الوظيفة الاجتماعية للغة ، كما ضم الاتجاه أسماء مثل : Halliday و Mc Intosh ، و Sinclair ، و Mitchell (2) . وعد Lyons أحد التطورين الهامين المرتبطين بفيرث (نظريته السياقية للمعنى) (3) .
ومعنى الكلمة عند أصحاب هذه النظرية هو (استعمالها في اللغة) (4) ، أو (الطريقة التي تستعمل بها) ، أو (الدور الذي تؤديه) (5) . ولهذا يصرح فيرث بأن المعنى لا ينكشف إلا من خلال تسييق الوحدة اللغوية ، أي وضعها في سياقات مختلفة (6) . ويقول أصحاب هذه النظرية في شرح وجهة نظرهم: (معظم الوحدات الدلالية تقع في مجاورة وحدات أخرى . وإن معاني هذه الوحدات لا 
__________________
(1) The Scope ص5 ، و Meaning and Style ص5 ، 8 .
(2) The Scope ص5 .
(3) Firth's Theory of Meaning ص 288 .
(4) لاحظ مثلا الاستعمالات الآتية لكلمة (دم) في العاميات العربية : دمه فار - دمه بيغلي - دمه ثقيل - دمه خفيف - يا دمك - برتقال بدمه ... واستعمالي كلمة (يعور) في التعبيرين : راسى تعورني - السكينة تعورني .
(5) Meaning and Style ص8 .
(6) Fowler : A Note ص418 ؛ وانظر : Semantic Fields ص174 .
ص68
يمكن وصفها أو تحديدها إلا بملاحظة الوحدات الأخرى التي تقع مجاورة لها) (7) .
ومن أجل تركيزهم على السياقات اللغوية التي ترد فيها الكلمة وأهمية البحث عن ارتباطات الكلمة بالكلمات الأخرى نفوا أن يكون الطريق الى معنى الكلمة هو رؤية المشار إليه ، أو وصفه ، أو تعريفه (8) .
وعلى هذا فدراسة معاني الكلمات تتطلب تحليلاً للسياقات والمواقف التي ترد فيها ، حتى ما كان منها غير لغوي (9) . ومعنى الكلمة - على هذا - يتعدل تبعا لتعدد السياقات التي تقع فيها ، أو بعبارة أخرى تبعا لتوزعها اللغوي Linguistic distribution .
وقد اقترح k. Ammer تقسيماً للسياق ذا أربع شعب يشمل :
1- السياق اللغوي linguistic context .
2- السياق العاطفي emotional context .
3- سياق الموقف situational context .
4- السياق الثقافي cultural context (10) .
أما السياق اللغوي فيمكن التمثيل له بكلمة good الإنجليزية (ومثلها كلمة (حسن) العربية ، أو (زين) العامية ) التي تقع في سياقات لغوية متنوعة وصفا لـ :
1- أشخاص : رجل - امرأة - ولد ..
2- أشياء مؤقتة : وقت - يوم - حفلة - رحلة ..
3- مقادير : ملح - دقيق - هواء - ماء ..
فإذا وردت في سياق لغوي مع كلمة (رجل) كانت تعني الناحية الخلقية .
_______________
(7) Componential ص196 .
(8) المرجع والصفحة .
(9) The Scope ص8 .
(10) Coseriu ص131 ، 132 .
ص69
وإذا وردت وصفا لطبيب مثلا كانت تعني التفوق في الأداء (وليس الناحية الأخلاقية) .
وإذا وردت وصفا للمقادير كان معناها الصفاء والنقاوة .. وهكذا كما يمكن التمثيل له بكلمة (يد) التي ترد في سياقات متنوعة منها :
1- أعطيته مالا عن ظهر (يد) يعني تفضلا ليس من بيع ولا قرض ولا مكافأة.
2- هم (يد) على من سواهم : إذا كان أمرهم واحدا .
3- (يد) الفأس ونحوه : مقبضها .
4- (يد) الدهر : مد زمانه .
5- (يد) الريح : سلطانها .
6- (يد) الطائر : جناحه .
7- خلع (يده) من الطاعة : مثل نزع يده .
8- بايعته (يدا) بيد : أي نقدا .
9- ثوب قصير (اليد) : إذا كان يقصر أن يلتحف به .
10- فلان طويل (اليد) : إذا كان سمحا .
11- مالي بد (يد) : أي قوة .
12- سقط في (يده) : ندم .
13- هذه (يدي) لك : أي استسلمت وانقدت لك .
14- حتى يعطوا الجزية عن (يد) : عن ذل واعتراف للمسلمين بعلو أيديهم .
15- إن بين (يدي) الساعة أهوالا : أي قدامها .
16- (يد) الرجل : جماعة قومه وأنصاره (11) .
وأما السياق العاطفي فيحدد درجة القوة والضعف في الانفعال ، مما يقتضي تأكيدا أو مبالغة أو اعتدالا . فكلمة love الإنجليزية غير كلمة like رغم اشتراكهما 
________________
(11) المنجد لكراع ص46 ، 47 ؛ واللسان مادة يدي .
ص70
في أصل المعنى ، وهو الحب . وكلمة (يكره) العربية غير كلمة (يبغض) رغم اشتراكهما في أصل المعنى كذلك .
وأما سياق الموقف فيعني الموقف الخارجي الذي يمكن ان تقع فيه الكلمة . مثل استعمال كلمة (يرحم) في مقام تشميت العاطس : (يرحمك الله) (البدء بالفعل) ، وفي مقام الترحم بعد الموت : (الله يرحمه) (البدء بالاسم) . فالأولى تعني طلب الرحمة في الدنيا ، والثانية طلب الرحمة في الآخرة . وقد دل على هذا سياق الموقف الى جانب السياق اللغوي المتمثل في التقديم والتأخير .
وأما السياق الثقافي فيقتضي تحديد المحيط الثقافي أو الاجتماعي الذي يمكن أن تستخدم فيه الكلمة . فكلمة مثل looking glass تعتبر في بريطانيا علامة على الطبقة الاجتماعية العليا بالنسبة لكلمة mirror . وكذلك كلمة rich بالنسبة لكلمة wealthy . وكلمة (عقيلته) تعد في العربية المعاصرة علامة على الطبقة الاجتماعية المتميزة بالنسبة لكلمة (زوجته) مثلا .
وكلمة (جذر) لها معنى عند المزارع ، ومعنى ثان عند اللغوي ، ومعنى ثالث عند عالم الرياضيات ..
وقد ذكر leech أن Firth تأثر في نظرته السياقية بالأنثروبولوجي البولندي المولد B. Malinowski الذي عرف عنه - في دراسته للدور الذي تلعبه اللغة في المجتمعات البدائية - أنه يعالج اللغة كصيغة من الحركة ، وليس كأداة للانعكاس . اللغة في حركتها ، والمعنى كما يستعمل يمكن أن ينظر اليهما على أنهما شعار مزدوج لمدرسته الفكرية . (12) .
ولم تكن الأنثروبولوجيا وحدها التي أيدت الاتجاه السياقي ، فقد جاء التأييد كذلك من جانب الفلسفة . فقد أيد الفيلسوف Wittgenstein في كتابته Philosophical Investigation (الذي نشر عام 1953 بعد وفاة مؤلفه) كون
____________________
(12) Leech ص71 . وانظر كذلك : Coseriu ص130 .
ص71
معنى الكلمة هو استعمالها في اللغة (13) . ويقول برتراند راسل : (الكلمة تحمل معنى غامضا لدرجة ما . ولكن المعنى يكتشف فقط عن طريق ملاحظة استعماله . الاستعمال يأتي أولا ، وحينئذ يتقطر المعنى منه ) (14).
كذلك جاء التأييد من علم النفس حيث أيد كثير من علماء النفس النظرة السياقية أو القرينية (15) .
كما أن من اللغويين من اعتبر المنهج السياقي خطوة تمهيدية للمنهج التحليلي، ومن هؤلاء Ullamann الذي صرح بأن (المعجمي يجب أولا ان يلاحظ كل كلمة في سياقها (كما ترد في الحديث او النص المكتوب) . بمعنى أننا يجب أن ندرسها في واقع عملي in operation (أي في الكلام) ، ثم نستخلص من هذه الأحداث الواقعة العامل المشترك العام ، ونسجله على أنه المعنى (أو المعاني) للكلمة (16) .
ويرى Ullamann أنه (بعد أن يجمع المعجمي عددا من السياقات الممثلة التي ترد فيها كلمة معينة ، (وحينما يتوقف أي جمع آخر للسياقات عن إعطاء أي معلومات جديدة يأتي الجانب العملي الى نهايته ، ويصبح المجال مفتوحاً أمام المنهج التحليلي)(17). وبذا يخفض العدد اللامحدود من الاحداث الكلامية الفردية المتنوعة الى عدد محدود من الأحداث الثابتة (18) .
ولهذا فإن أولمان كان حريصاً على التنبيه على أن المنهجين التحليلي والسياقي ليسا متضاربين كلا مع الآخر ، وإنما يمثلان خطوتين متتاليتين في نفس الاتجاه .
____________________
(13) ولذلك فهم يقومون بتحويل أي سؤال مثل : ماذا تعني س ؟ الى : كيف تستعمل س ؟ أو كيف تستعمل الجمل التي تحتوي على س ؟ (انظر Meaning and Speech Acts ص154 ؛ و Leech ص72 ؛ و Meaning and Style ص8 ) .
(14) الأخير ص 9 .
(15) Leech ص27 .
(16) New Trends ص133 .
(17) Meaning and Style ص9 .
(18) New Trends ص133 .
ص72
ولعل أهم ميزات يتمتع بها المنهج السياقي :
1- أنه - على حد تعبير أولمان - يجعل المعنى سهل الانقياد للملاحظة والتحليل الموضوعي (19) ، وعلى حد تعبير فيرث أنه يبعد عن فحص الحالات العقلية الداخلية التي تعد لغزا مهما حاولنا تفسيرها ، ويعالج الكلمات باعتبارها أحداثا وأفعالا وعادات تقبل الموضوعية والملاحظة في حياة الجماعة المحيطة بنا (20) .
2- أنه لم يخرج في تحليله اللغوي عن دائرة اللغة ، وبذا نجا من النقد الموجه الى جميع المناهج السابقة (الإشاري - التصوري - السلوكي) ، وهو النقد الذي عبر عنه Leech بقوله : (مشكلة اتجاهات أوجدن وريتشاردز وبلومفيلد في دراسة المعنى أن كلا منهم حاول شرح السيمانتيك على ضوء متطلبات علمية أخرى ) ، وقوله : (إن البحث عن تفسير للظاهرة اللغوية خارج إطار اللغة يشبه البحث عن منفذ للخروج من حجرة ليس لها نوافذ ولا أبواب . المطلوب منا أن نقنع بتقصي ما هو موجود داخل الحجرة ، أي أن ندرس العلاقات داخل اللغة) (21) . (وانظر مميزات نظرية الرصف آخر هذا الفصل) .
ومع هذا فقد وجهت عدة اعتراضات على هذه النظرية ، منها : 
1- أن فيرث لم يقدم نظرية شاملة للتركيب اللغوي ، واكتفى فقط بتقديم نظرية للسيمانتيك ، مع أن المعنى يجب أن يعتبر مركبا من العلاقات السياقية، ومن الأصوات والنحو المعجم والسيمانتيك .
2- لم يكن فيرث محددا في استخدامه للمصطلح السياق context مع أهميته، كما كان حديثه عن المواقف situation غامضا غير واضح ، كما أنه بالغ كثيرا في إعطاء ثقل زائد لفكرة السياق (22) .
__________________
(19) Meaning and Style ص8 .
(20) Leech ص 71 .
(21) السابق ص 4 ، 5 .
(22) Firth's Theory of Meaning ص 288 ، 289 ، 290 ، 292.
ص73
3- ان هذا المنهج لا يفيد من تصادفه كلمة ما عجز السياق عن إيضاح معناها. فلن يفيده شيئا ان تقول له إن هذه الكلمة ترد في السياقات الآتية ..
ولكنه يفيد الباحث الذي يريد أن يتتبع استعمالات الكلمة ، واستخداماتها العملية في التعبيرات المختلفة .
******
وهناك من أصحاب هذه النظرية من ركز على السياق اللغوي وتوافق الوقوع أو (الرصف) . وعلى الرغم من اعتبار هذا الرأي امتداداً لنظرية السياق أو تطوراً عنه فهناك من عده نظرية مستقلة Collocational Theory (23) نظرا لما تميزت به من أحكام ، وما وضع لها من قواعد. يقول Ullamann: (هناك تطور هام للمفهوم العملي للمعنى تمثل في دراسة طرق الرصف أو النظم Collocations وهو ما ركز عليه فيرث وأتباعه)(24) . وقد عرف الرصف بأنه (الارتباط الاعتيادي لكلمة ما في لغة ما بكلمات أخرى معينة)(25) أو : (استعمال وحدتين معجميتين منفصلتين - استعمالها عادة مرتبطتين الواحدة بالأخرى)(26) . ومن أمثلة ذلك ارتباط كلمة (منصهر) مع مجموعة الكلمات : حديد - نحاس - ذهب - فضة ... ولكن ليس مع (جلد) مطلقاً . وعدم تلاؤم (جلد) مع هذه المجموعة لا يكفي لعدم صحة الارتباط أو توافق الوقوع بين (جلد) و (منصهر) . ولذا يلجأ الى الدليل الشكلي لإثبات عدم الملائمة . وسيثبت الدليل الشكلي أن الحديد والنحاس والذهب ...
تتقاسم عددا من الترابطات مثل الصلابة والثقل والبريق والبرودة .. التي لا توجد في مجموعة الجلد ، وإنما يوجد بدلا منها صفات الخفة والليونة وانطفاء اللون .. (27) .
_________________
(23) من الممكن أن تسمى كذلك المنهج التوزيعي Distributional Method كما سماها Coseriu (ص 129) .
(24) Meaning and Style ص9 .
(25) السابق ص10 .
(26) Dictionary of Language and Linguistics ص41 .
(27) The Scope ص14 .
ص74
وأهم ما يميز هذه النظرية أو هذا الاتجاه ما يأتي :
1- أنه لا يهتم من بين أنواع السياق إلا بالسياق اللغوي أو السياق اللفظي verbal context ، أي ببيان مجموعة الكلمات التي تنتظم معها الكلمة موضوع الدراسة . فكلمة night ترد في تجمع مع dark وكلمة day في تجمع مع sunny ولما كان من المعتاد أن تنتظم الكلمة مع أكثر من مجموعة، وأن تقع في أكثر من سياق لغوي فقد ظهر مصطلح (الوقوع المشترك) Co - occurrence ، والمصطلح (احتمالية الوقوع) . ووضع فيرث ما سماه اختبار الوقوعية او الرصفية collocability الذي يقوم على اساس تبدي المفردات المعجمية ، او تبديل انواع السياق اللغوي لإصدار الأحكام (28) .
ولعل من الأمثلة الهامة التي مثل بها أصحاب هذه النظرية التمثيل بكلمتي Strong و powerful . فكلا اللفظين ينتظم مع argument ولكنهما لا يتقاسمان نفس السياقات اللغوية الأخرى . فكلمة powerful تنتظم مع car مثلا و strong مع tea مثلا (29) .
ومثال آخر يتعلق بكلمات الزمان مثل : night و day و morning ...
فعلى الرغم من انها جميعا تكون مشتركة لأنها تقع متوافقة مع كلمة (mid-) فإنها قد تتوزع في مجموعات مختلفة في مواقع اخرى . فكلمة night تقع بصورة مطردة مع drak و black و clear و fall و time . وبعض هذه الكلمات لا يقع مع كلمة day أو morning (30) .
وقد حاول Joos في أحد مقالاته (31) (1958) باستخدام هذا المنهج أن يفسر 
___________________
(28) Semantic Fields ص 174 ؛ و Theory of Meaning ص13 ، Dillon في Introduction ص 26 .
(29) Semantic Fields ص 174 .
(30) Theory of Meaning ص 13 .
(31) Semology : Linguistic Theory of Meaning .
ص75
اختلاف المعنى على أنه اختلاف في التوزيع distribution في سياقات متعددة . وشرح منهجه بواسطة المفردة الإنجليزية Code التي ذكر لها أربعة عشر استعمالا موقعيا (32). 
‏ويندر أن تكون العلاقات السياقية متطابقة في لغتين ، إلا اذا تم ذلك عن طريق الترجمة الحرفية . فكلمة " يشرب " مثلا تتوافق في بعض العاميات العربية مع كلمات مثل : " يثرب مقلب " و" يشرب سيجارة " و"يشرب من البحر " ‏و" يشرب من كيعانه " . . . ولو ترجمت العبارات بنصها إلى لغة أجنبية أو ربما لو نقلت الى اللغة الفصحى أو الى لهجة عربية أخرى لكانت محل دهشة ، ومثاراً للضحك . واللغة الانجليزية مثلا تطلق على الفول السوداني monkey nut . 
ولو نقلناها إلى العربية فقلنا بندق القرد لما فهمها احد . ويستعمل الانجليز كلمة ‏pigeonhole للدلالة على الفتحة المربعة التي يوضح فيها البريد مثلا . ولو نقلت الى العربية فقيل مثلا "بيت الحمامة" للإشارة الى نفس الفتحة المعينة لما قبلت . 
 ‏2- أنه يتهم ببيان الخصائص النحوية والصرفية ، ويستخدمها في تحديد السياقات التي تقح فيها الكلمة . فلفظ (cat) مثلا يقع بعد (the) التعريفية مثل : 
The …. Caught the mouse .
‏او بعد ضمير الملكية مثل :
I bought fish for my ….
‏وكلمتا argue و strong تتراصفان في شكل (فعل - حال) : 
He argued strongly
__________________
(32) Coseriu ص129 ، 130 .
ص76

‏وفى شكل (اسم - اسم ) . 
The strength of his argument was considerable .
وفي شكل (اسم - فعل) :
His argument was strengthened by fact he cited .(33)
وقد ميز Firth بين نوعين من الرصف هما :
‏أ- الرصف العادي الموجود بكثرة في أنواع مختلفة من الكلام . 
‏ب - الرصف غير العادي الموجود في بعض الأساليب الخاصة ، وعند بعض الكتاب المعينين (34) . 
‏وهناك فرق بين التحليل الرصفي والتحليل النحوي . ففي حين يعالج النحوي (مجموعات الكلمات) ( اسم / فعل / صفة ) التي تحوي آلاف الكلمات التي ليس لها علاقات متبادلة ذات أهمية دلالية - يعالج الرصف الكلمات المفردة التي لها علاقة متبادلة ذات أهمية دلالية (35) . 
٣- أنه لا يعتبر الجملة كاملة المعنى meanigful إلا إذا صيغت طبقا لقواعد النحو ، وراعت توافق الوقوع بين مفردات الجملة ، وتقبلها أبناء اللغة وفسروها تفسيراً ملائماً ، وهو ما أطلق عليه اسم التقبلية acceptability(36) . 
‏وقد اعتبر بعضهم التحليل الرصفي غاية في ذاته . وذكر Firth ان قائمة الكلمات المتراصفة مع كل كلمة تعد جزءا من معناها (37) . 
‏وهناك مميزات تحققها هذه ‏النظرية منها :
_________________________
(33) Theory of Meaning ص13 .
(34) Semantic Fields ص174 .
(35) Theory of Meaning ص13 .
(36) Lyons في Firth's Theory of Meaning : ص291 .
(37) Theory of Meaning ص13 .
ص77
1- انها تعطينا معيارا لتمييز الهومونيمي (انظر الباب الثالث من هذا الكتاب) من الكلمة المفردة ذات المجال المحدد من المعنى . فالهومونيمي مفردات تتفق نطقا ، ولكن تقع في مجموعات مختلفة من الرصف .
2- انها يمكن ان تساعد في تحديد التعبيرات idioms . فاذا كان لفظ يقع في صبحة آخر دائما فمن الممكن ان يستخدم هذا التوافق في الوقوع كمعيار لاعتبار هذا المجتمع مفردة معجمية واحدة (تعبيرا) (38) .
3- انها تحدد مجالات الترابط والانتقام بالنسبة لكل كلمة ، مما يعني تحديد استعمالات هذه الكلمة في اللغة . وتحديد هذه المجالات يساعد على كشف الخلاف بين ما يعد ترادفا في اللغات . لأنه من النادر أن تأخذ الكلمات التي تعتبر مترادفة في لغة اخرى نفس السياق أو التجمع اللغوي المماثل (39) . وهو أمر لازم لمن يريد استخدام اللغة أو يريد تعلمها (40) ، أو يشتغل بالترجمة من لغة الى أخرى .
4- وكما استخدمت النظرية في كشف الخلاف بين المترادفات في اللغات - استخدمها J. Dubois لتمييز المترادفات في داخل اللغة الواحدة على أساس بيان توزيع كل منها (41) .
5- ان طرق الرصف تتميز بصفة العملية . ولذا تتسم بالدقة والموضوعية . كما قال أحد اتباع مدرسة Firth : (المعيار الشكلي للرصف يعتبر معيارا لانه اكثر موضوعية ودقة وقابلية للملاحظة ) (42) .
ص78
___________________
(38) Semantic Fields ص175 .
(39) Dictionary of Linguistics ص41 .
(40) وهذا يبين أهمية المعاجم السياقية التي تعتمد على تحديد السياقات الخاصة بالكلمة ، وهو ما يتلاءم مع الغرض العملي من استعمال اللغة (الكتابة - التعبير الشفوي) .
(41) Coseriu ص130 .
(42) Meaning and Style ص10 .

 




هو العلم الذي يتخصص في المفردة اللغوية ويتخذ منها موضوعاً له، فهو يهتم بصيغ المفردات اللغوية للغة معينة – كاللغة العربية – ودراسة ما يطرأ عليها من تغييرات من زيادة في حروفها وحركاتها ونقصان، التي من شأنها إحداث تغيير في المعنى الأصلي للمفردة ، ولا علاقة لعلم الصرف بالإعراب والبناء اللذين يعدان من اهتمامات النحو. واصغر وحدة يتناولها علم الصرف تسمى ب (الجذر، مورفيم) التي تعد ذات دلالة في اللغة المدروسة، ولا يمكن أن ينقسم هذا المورفيم الى أقسام أخر تحمل معنى. وتأتي أهمية علم الصرف بعد أهمية النحو أو مساويا له، لما له من علاقة وطيدة في فهم معاني اللغة ودراسته خصائصها من ناحية المردة المستقلة وما تدل عليه من معانٍ إذا تغيرت صيغتها الصرفية وفق الميزان الصرفي المعروف، لذلك نرى المكتبة العربية قد زخرت بنتاج العلماء الصرفيين القدامى والمحدثين ممن كان لهم الفضل في رفد هذا العلم بكلم ما هو من شأنه إفادة طلاب هذه العلوم ومريديها.





هو العلم الذي يدرس لغة معينة ويتخصص بها – كاللغة العربية – فيحاول الكشف عن خصائصها وأسرارها والقوانين التي تسير عليها في حياتها ومعرفة أسرار تطورها ، ودراسة ظواهرها المختلفة دراسة مفصلة كرداسة ظاهرة الاشتقاق والإعراب والخط... الخ.
يتبع فقه اللغة من المنهج التاريخي والمنهج الوصفي في دراسته، فهو بذلك يتضمن جميع الدراسات التي تخص نشأة اللغة الانسانية، واحتكاكها مع اللغات المختلفة ، ونشأة اللغة الفصحى المشتركة، ونشأة اللهجات داخل اللغة، وعلاقة هذه اللغة مع أخواتها إذا ما كانت تنتمي الى فصيل معين ، مثل انتماء اللغة العربية الى فصيل اللغات الجزرية (السامية)، وكذلك تتضمن دراسة النظام الصوتي ودلالة الألفاظ وبنيتها ، ودراسة أساليب هذه اللغة والاختلاف فيها.
إن الغاية الأساس من فقه اللغة هي دراسة الحضارة والأدب، وبيان مستوى الرقي البشري والحياة العقلية من جميع وجوهها، فتكون دراسته للغة بذلك كوسيلة لا غاية في ذاتها.





هو العلم الذي يهتم بدراسة المعنى أي العلم الذي يدرس الشروط التي يجب أن تتوفر في الكلمة (الرمز) حتى تكون حاملا معنى، كما يسمى علم الدلالة في بعض الأحيان بـ(علم المعنى)،إذن فهو علم تكون مادته الألفاظ اللغوية و(الرموز اللغوية) وكل ما يلزم فيها من النظام التركيبي اللغوي سواء للمفردة أو السياق.