أقرأ أيضاً
التاريخ: 8-8-2017
![]()
التاريخ: 19-8-2017
![]()
التاريخ: 3-9-2017
![]()
التاريخ: 7-8-2017
![]() |
كان ركب الإمام في كربلاء فأصرّ عليه الحرّ أن ينزل فيها ولم يجد الإمام بُدّاً من النزول فالتفت إلى أصحابه قائلاً : ما اسم هذا المكان ؟ .. .
كربلاء .. .
وفاضت عيناه بالدموع وراح يقول : اللهمّ إنّي أعوذ بك من الكرب والبلاء .. .
وأيقن الإمام بنزول الرزء القاصم فالتفت إلى أصحابه ينعي إليهم نفسه ونفوسهم قائلاً : هذا موضع كرب وبلاء ها هنا مناخ ركابنا ومحطّ رحالنا وسفك دمائنا .. .
وسارع أبو الفضل العباس مع الفتية من أهل البيت : وسائر الأصحاب الممجدين إلى نصب الخيام لعقائل الوحي ومخدرات النبوة وقد خيّم عليهنّ الرعب وأيقن بمواجهة الأحداث الرهيبة على صعيد هذه الأرض.
ورفع الإمام الممتحن يديه بالدعاء إلى الله شاكياً إليه ما ألمّ به من عظيم المحن والخطوب قائلاً :
اللهمّ .. انّا عترة نبيّك محمد (صلى الله عليه واله) قد أخرجنا وطردنا وأزعجنا عن حرم جدّنا وتعدّت بنو أميّة علينا اللهمّ فخذ لنا بحقّنا وانصرنا على القوم الظالمين .. .
وأقبل الإمام على أهل بيته وأصحابه فقال لهم : الناس عبيد الدنيا والدين لعق على ألسنتهم يحوطونه ما درت معائشهم فإذا مُحصوا بالبلاء قلَّ الديّانون .. .
يا لها من كلمات ذهبية حكت واقع الناس واتجاهاتهم في جميع مراحل التأريخ فهم عبيد الدنيا وعبيد السلطة وأما الدين والمثل العليا فلا ظلّ لها في أعماق نفوسهم فإذا دهمتهم عاصفة أو بلاء هربوا من الدين ولم يثبت عليه إلاّ من امتحن الله قلبه للإيمان أمثال الصفوة العظيمة من أهل بيت الحسين وأصحابه.
ثم حمد الامام (عليه السلام) الله وأثنى عليه والتفت إلى أصحابه قائلاً : أمّا بعد : فقد نزل بنا ما قد ترون. وان الدنيا قد تغيّرت وتنكّرت وأدبر معروفها ولم يبق منها إلاّ صبابة كصبابة الإناء وخسيس عيش كالمرعى الوبيل ألا ترون إلى الحقّ لا يعمل به وإلى الباطل لا يتناهى عنه ليرغب المؤمن في لقاء الله فاني لا أرى الموت إلاّ سعادة والحياة مع الظالمين إلاّ برما .. .
لقد أعلن أبو الأحرار بهذا الخطاب عمّا حلّ به من المحن والبلوى وأعلم أهل بيته وأصحابه عن عزمه الجبّار وأرادته الصلبة في مقارعة الباطل واقامة الحق الذي آمن به في جميع أدوار حياته ... وقد وجه إليهم هذا الخطاب ليكونوا على بيّنة من أمرهم ويشاركوه في تحمّل المسؤولية وقد هبّوا جميعاً وهم يسجّلون في تأريخ البشرية أروع الأمثلة للتضحية والفداء من أجل إقامة دولة الإسلام وكان أول من تكلّم منهم زهير بن القين وهو من أفذاذ الأحرار فقال له :
سمعنا يا بن رسول الله (صلى الله عليه واله) مقالتك ولو كانت الدنيا لنا باقية وكنّا فيها مخلّدين لآثرنا النهوض معك على الإقامة فيها .. .
ومثلت هذه الكلمات شرف الإنسان الذي لا يضاهيه شرف وقد حكى ما في نفوس أصحابه الأحرار من الولاء لريحانة رسول الله (صلى الله عليه واله) والتفاني في سبيله وانبرى بطل آخر من أصحاب الإمام وهو برير الذي وهب حياته لله فقال له : يا بن رسول الله (صلى الله عليه واله) لقد منّ الله بك علينا أن نقاتل بين يديك وتقطع فيك أعضاؤنا ثم يكون جدّك شفيعنا يوم القيامة .. .
ولا يوجد في البشرية مثل هذا الإيمان الخالص لقد أيقن أن نصرته لابن رسول الله (صلى الله عليه واله) فضل ومنّة من الله عليه ليفوز بشفاعة جدّه الأعظم يوم يلقى الله.
وانبرى بطل آخر من أصحاب الإمام وهو نافع فأعلن نفس المصير الذي اختاره الأبطال من أصحابه فقال : أنت تعلم أن جدّك رسول الله (صلى الله عليه واله) لم يقدر أن يشرب الناس محبّته ولا أن يرجعوا إلى أمره ما أحبّ وقد كان منهم منافقون يعدونه بالنصر ويضمرون له الغدر يلقونه بأحلى من العسل ويخلفونه بأمرّ من الحنظل حتى قبضه الله إليه وان أباك عليّاً كان في مثل ذلك فقوم قد أجمعوا على نصره وقاتلوا معه الناكثين والقاسطين والمارقين حتى أتاه أجله فمضى إلى رحمة الله ورضوانه وأنت اليوم عندنا في مثل تلك الحالة فمن نكث عهده وخلع بيعته فلن يضرّ إلاّ نفسه فسر بنا راشداً معافى مشرقاً ان شئت أو مغرباً فوالله ما اشفقنا من قدر الله ولا كرهنا لقاء ربّنا ، وإنّا على نيّاتنا وبصائرنا نوالي من والاك ونعادي من عاداك .. .
دلّ هذا الخطاب الرائع على وعي نافع وإدراكه العميق للأحداث ودراسته لأبعادها فقد أعرب أن الرسول الأعظم (صلى الله عليه واله) بما يملك من طاقات روحية لم يستطع أن يجمع الناس على محبّته ويخضعهم إلى الإيمان برسالته فقد كان هناك طائفة من المنافقين انتشروا في صفوف المسلمين وهم يضمرون الكفر في دخائل نفوسهم ويظهرون الإسلام على ألسنتهم وكانوا يبغون للنبيّ (صلى الله عليه واله) الغوائل ويكيدون له في غلس الليل وفي وضح النهار وكذلك حال وصيّه وباب مدينة علمه الإمام أمير المؤمنين من بعده فقد ابتلي بمثل ما ابتلي به النبيّ (صلى الله عليه واله) فقد آمن به قوم وحاربه قوم آخرون وحال الإمام الحسين (عليه السلام) كحال جدّه وأبيه فقد آمنت به قلّة مؤمنة من أصحابه وزحفت لحربه الجموع الهائلة من الذين نزع الله الإيمان من قلوبهم.
وعلى أيّ حال فقد تكلّم أكثر أصحاب الإمام بمثل كلام نافع وهم يعلنون له الإخلاص والتفاني وقد شكرهم الامام وأثنى عليهم ودعا لهم بالمغفرة والرضوان.
|
|
دخلت غرفة فنسيت ماذا تريد من داخلها.. خبير يفسر الحالة
|
|
|
|
|
ثورة طبية.. ابتكار أصغر جهاز لتنظيم ضربات القلب في العالم
|
|
|
|
|
العتبة العباسية المقدسة تقدم دعوة إلى كلية مزايا الجامعة للمشاركة في حفل التخرج المركزي الخامس
|
|
|