المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
القيمة الغذائية للثوم Garlic
2024-11-20
العيوب الفسيولوجية التي تصيب الثوم
2024-11-20
التربة المناسبة لزراعة الثوم
2024-11-20
البنجر (الشوندر) Garden Beet (من الزراعة الى الحصاد)
2024-11-20
الصحافة العسكرية ووظائفها
2024-11-19
الصحافة العسكرية
2024-11-19

mtDNA
1-4-2019
Hypersphere
20-4-2020
كيفية صلة الرحم
2024-08-28
Topological Spaces-Topological Spaces
22-9-2016
معنى كلمة وسق
9/11/2022
Level Set
30-9-2021


مشروعية التدخل الدولي لحماية حقوق الانسان  
  
3083   09:43 صباحاً   التاريخ: 6-8-2017
المؤلف : موسى سليمان موسى
الكتاب أو المصدر : التدخل الدولي الانساني ومشروعية التدخل السوري في لبنان
الجزء والصفحة : ص44-52
القسم : القانون / القانون العام / القانون الدولي العام و المنظمات الدولية / القانون الدولي العام /

ان التدخل الدولي لأسباب انسانية له انصاره الذين يدافعون عنه ليس لغايته، بل يرونها وسيلة لحماية الانسان ، وبرأيهم لم تعد علاقة الدولة مع مواطنيها أمراً داخلياً يمنع على الدول الاخرى من التدخل في أمرها بشأن القضايا المتعلقة بالأوضاع الانسانية. وتختلف الاوضاع الانسانية المزرية من دولة الى أخرى - رغم عدم جوازها - ففي بعضها تصل تلك الاوضاع الى حد الكوارث تمتد بآثارها الى دول أخرى، لذلك لم يعد الأمر في هذه الأوضاع يخص الدولة المعنية ، الامر الذي يكون من الواجب التدخل لوضع حد لتلك الانتهاكات الكارثية كالجرائم ضد الانسانية وإبادة الجنس البشري  .

وقد عبر الدكتور بطرس بطرس غالي الامين السابق للأمم المتحدة في كلمته الافتتاحية أمام المؤتمر العالمي حول حقوق الانسان المنعقد في فيينا عام 1993 بقوله "إن المجتمع الدولي يوكل الى الدولة مهمة تأكيد حماية الأفراد ، ولكنه حال خرق هذه الدول للمبادئ الأساسية التي وضعها الميثاق، فان ذلك يوجب على المجتمع الدولي أن يعمل محل الدولة حال فشل الأخيرة في التزاماتها" (1) .

يتبين ان علاقة الدولة مع مواطنيها لم تعد أمراً داخلياً، خاصة إذا ما أدى سلوك الدولة نحو مواطنيها الى كوارث انسانية تمتد بآثارها الى دول اخرى ، ولهذا يبرر انصار التدخل الدولي لأسباب انسانية مشروعية التدخل ، ويرون ان قدسية المفهوم التقليدي للسيادة الوطنية الذي كان يشكل عائقاً أمام التدخل الدولي لحماية الانسان قد بدأ يتراجع أمام اهتمام المجتمع الدولي بتلك القضايا ، وبضرورة احترام السلطات في الدولة لحقوق الافراد وكذلك الاهتمام بقضاياه الانسانية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية ، وإلا فان المجتمع الدولي سيكون مضطراً للتدخل تنفيذاً للمبادئ الواردة في ميثاق الامم المتحدة والاعلان العالمي لحقوق الانسان والاتفاقيات الدولية المتعلقة بالاوضاع الانسانية ، وخاصة بعد أن أنتقل القانون الدولي الانساني من العرف الى التقنين والتدويل .  

أولاً : تدويل قواعد حقوق الانسان .

كانت القواعد المتعلقة بحقوق الانسان تعتبر من صميم السلطان الداخلي للدول التي يحرم التدخل من اجلها في شؤون الدول الاخرى ،حيث نصت المادة /2ف7/ من ميثاق الامم المتحدة ، على عدم جواز التدخل في الشؤون التي تكون من صميم السلطان الداخلي لدولة ما. ورغم اعتبار مبدأ عدم التدخل من المبادئ الاساسية التي تعمل هيئة الامم المتحدة وفقها ، إلا ان استثناءً ورد في ميثاق الامم المتحدة بموجب الفصل السابع بشأن  تهديد الامن والسلم الدوليين أو الاخلال به أو حالة وقوع عمل من أعمال العدوان ،أن يدعو مجلس الامن المتنازعين ، للاخذ بما يراه ضرورياً أو مستحسناً من تدابير مؤقتة،أما إذا رأى مجلس الأمن إن التدابير المؤقتة والمنصوص عليها في المادة /14/ لا تفي بالغرض جاز له بطريقة القوات الجوية والبحرية من الاعمال ، ما يلزم لحفظ السلم والأمن الدولي، أو إعادته الى نصابه .

ورغم ان المقصود به هو حالات تهديد السلم والامن الدولي للخطر إلا ان هذا لا يستبعد أن يكون التدخل مشروعاً لا جل الحماية الانسانية ، وخاصة إذا ما أدى سلوك الدول الى انتهاكات خطيرة قد تمتد تأثيراتها الى دول أخرى مما يهدد الامن والسلم الدوليين للخطر. كما ان عدم التدخل الذي ورد في مواد ميثاق الامم المتحدة لم يتم تحديده ، بل ترك ذلك للتطورات التي تحدث في مجال العلاقات الدولية. وبمرور اكثر من خمسون عاماً على نشأة الامم المتحدة الى يومنا هذا انتقل الكثير من الامور التي كانت تعتبر من صميم السلطان الداخلي للدول ، الى مجال الاهتمام الدولي،وأصبح التدخل لا جلها في  شؤون الدول مشروعاً ، وهذا ما نلاحظه في مسائل الاصلاحات الديمقراطية والارهاب وحقوق الانسان.  ورغم النص على ضرورة احترام حقوق الانسان في ميثاق الامم المتحدة الا انه لم ينشأ التزامات على عاتق الدول ، ما يستوجب احترامها ، كما لم يقرر عقوبات عليها في حالة انتهاكها   . لكن الاتفاقيات الدولية المبرمة واللاحقه على ميثاق الامم المتحدة بدءاً من الاعلان العالمي لحقوق الانسان عام 1948 الصادر عن الجمعية العامة للامم المتحدة استطاعت أن تخفف من وطأة الانظمة التي أنتهكت وتنتهك حقوق الانسان ، كما استطاعت بموجب تلك الاتفاقيات أن تساعد الكثير من الشعوب التي عانت من سلوك الحكومات في انقاذهم من جرائم ابادة الجنس البشري وغيرها ، كما في جنوب العراق وشماله  عندما تعرض الشيعة ، والاكراد لجرائم الابادة   والجرائم ضد الانسانية ، بغض النظر إذا ما كانت المنظمة الدولية أو المنظمات الاقليمية قد نجحت في كل مساعيها  في مختلف الازمنة والامكنة أم لا.

 ثانياً- القانون الدولي  و مشروعية التدخل الدولي الانساني  .

1- ميثاق الامم المتحدة : 

وقع ميثاق الامم المتحدة في 26 حزيران عام 1945 في سان فرانسيسكو في ختام مؤتمر الامم المتحدة الخاص بنظام الهيئة الدولية .

وحسب ما جاء في الديباجة ، آل شعوب الامم المتحدة على انفسهم أن ينقذوا الأجيال المقبلة من ويلات الحرب ، كما أكدوا من جديد ايمانهم بالحقوق الأساسية للإنسان وبكرامة الفرد وقدره ، وبما يكون للرجال والنساء حقوقاً متساوية ، كما وللأمم الصغيرة نفس الحقوق التي للكبيرة . كما وقد ركزت الديباجة أيضاً على الاحوال التي يمكن في ظلها تحقيق العدالة واحترام الالتزامات الناشئة عن المعاهدات ، وغيرها من مصادر القانون الدولي ، وان يدفعوا بالرقي الاجتماعي قدماً ، وأن يرفعوا مستوى الحياة في جو من الحرية أفسح .  ان ديباجة ميثاق الامم المتحدة ، لا يمكن فصلها عن مواده ، بل كلها جزء لا يتجزء ، بمعنى ان حقوق الانسان الاساسية ، والمكرسة في الديباجة ، هي صحته ومعيشته وأمنه وأمانه،  وهي كلها حقوقاً شخصية يلامس الانسان  والمجتمع ، وبهذا قد منع الميثاق على الدول الاقدام على ما يخالف ذلك ، فتلك الحقوق أصبحت معنية بها بموجب القانون الدولي .

وقد نصت المادة /1ف 3/ من الميثاق على تحقيق التعاون الدولي على حل المسائل الدولية ذات الصبغة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والانسانية، وعلى تعزيز احترام حقوق الانسان وحرياته الاساسية دون أي تمييز بسبب اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين ، وكما لم يفرق بين النساء والرجال .

وقد حسمت المادة /4 ف 1/ بان العضوية في الامم المتحدة تكون للدول المحبة للسلام ، وتلتزم بما يتضمنه الميثاق ، وبهذا حمل الميثاق التزاماً على عاتق الدول الاعضاء ،عليهم تنفيذها ، دون أي مجال للتنحي عن التزاماتهم تلك ، وقد جاءت صياغة المادة المذكورة  بعبارتها الصريحة دون اي لبس أو غموض .

وقد أوكلت المادة /10/ من الميثاق،  للجمعية العامة ، مناقشة كافة المسائل التي تدخل في نطاق الميثاق ، وباعتبار ان المسائل المتعلقة بالحقوق والحريات هي من صلب الميثاق ، لذلك تدخل في نطاق المناقشة وتوصي بها اعضاء الهيئة أو مجلس الأمن أو كليهما بما تراه مناسباً .

ولمجلس الامن ، بموجب الفصل السابع ، أن يتخذ ما يراه ضرورياً أو مستحسناً من تدابير مؤقتة ، ويجوز لمجلس الأمن أن يقرر التدابير التي لا تتطلب استخدام القوة ، مثل وقف العلاقات الاقتصادية والمواصلات بأشكاله المختلفة وقفاً جزئياً أو كلياً ، وقطع العلاقات الدبلوماسية ، أما إذا رأت ان تلك التدابير لا تفي بالغرض ، فلها أن تستعمل القوة لحفظ السلم والامن ، وكثيراً ما أصبحت ارتكاب الجرائم بحق الانسانية في دولة ما تهديداً للامن والسلم الدوليين ، خاصة في حالات امتداد تأثير تلك الجرائم الى الدول الاخرى ، مما استوجب تدخل الامم المتحدة لوقف تلك الانتهاكات باستعمال القوة .

وقد نصت المادة /55/ تأكيداً على إشاعة احترام ومراعاة حقوق الانسان وحرياته الأساسية بلا تمييز، كما أكدت على عملها في تحقيق مستوى أعلى للمعيشة ، وتوفير أسباب الاستخدام  المتصل لكل فرد والنهوض بعوامل التطور والتقدم الاقتصادي والاجتماعي .

وعاد الميثاق ليذكر الامم في المادة /56/  بتعهد جميع الاعضاء ، منفردين أو مشتركين ، بما يجب عليهم من عمل بالتعاون مع الهيئة لما جاء في المادة /55/  . وقد جاءت الاعلانات - الاعلان العالمي لحقوق الانسان - والاتفاقيات الدولية تكريساً لما جاء في الميثاق وتقريراً للحقوق والحريات .

2- الاعلان العالمي لحقوق الانسان .

صدر الاعلان العالمي لحقوق الانسان عن الجمعية العامة للامم المتحدة في 10 كانون الاول 1948على شكل مناداة ، كما ورد في الديباجة " فان الجمعية العامة تنادي بهذا الاعلان العالمي لحقوق الانسان..." كما واعتبرت الديباجة ، الاعلان ، يشكل مستوى ينبغي ان تستهدفه كافة الشعوب والامم.

بمعنى ان يكون بما ورد في الاعلان ، من مبادئ ،أهدافاً على الشعوب والامم السعي لبلوغها . ولاجل ذلك البلوغ ، لابد من وجود  آليات ، للسير عليه حتى يتم ذلك البلوغ بهدف اسعاد البشرية من خلال العيش الحر والكريم للانسان .

 وتلك الاليات ، من وجهة نظري ، تكمن في الاتفاقيات الدولية اللاحقة على الاعلان ، أما الاعلان نفسه رغم نشره للحقوق التي يجب ان يتمتع بها الانسان ، فلم تصبح هي المسعى ، بل توطيد واحترام ما ينص عليه من خلال التعليم والتربية ، واتخاذ اجراءات مطردة قومية ، وعالمية لضمان الاعتراف بها ، ومراعاتها بصورة عالمية فعالة .

 وأرى من جانبي ان الاجراءات القومية والعالمية تكمن في وجوب ادراج نصوص الاعلان في الدساتير، والنص عليها في القوانين ، وادراجها في المناهج الدراسية .

وقيمة الاعلان تكمن في كونها مبادئ ، لا يجوز للدول تركها دون ان تنص دساتيرها وقوانينها عليها .

وقد انقسم الفقه حول القيمة القانونية للإعلان من حيث الزام الدول أو عدم الزامهم في تبنيه ، رغم عدم وجود ما يشير في الاعلان من عقوبات على الاخلال به الى :

ا- اتجاه يرى التشكيك في القيمة القانونية للإعلان العالمي لحقوق الانسان ، كون صياغته يحتوي على عبارات تنطوي على الدعوات ، والامتيازات ، كما ان صدوره عن الجمعية العامة للأمم المتحدة في شكل توصيات ، والتي تختلف عن القرارات ، لذلك لا يتمتع بأية قيمة إلزامية  .

ب- اتجاه يرى بان الاعلان  يتمتع بقيمة معنوية وأدبية ، كونه أول وثيقة عالمية صادرة عن منظمة دولية بالأجماع دون اعتراض من اي دولة، بالاضافة الى تبني الكثير من الدول لنصوصه في دساتيرها وتشريعاتها (2). 

وقد حسم الزامية الاعلان العالمي لحقوق الانسان واصبح يتمتع بقوة قانونية وذلك في المؤتمر الدولي لحقوق الانسان المنعقد في طهران في 13 ايار عام 1968 حيث جاء في البند الثاني منه مايلي"ان الاعلان العالمي لحقوق الانسان يمثل تفاهماً تشترك فيه شعوب العالم على ما لجميع اعضاء الاسرة البشرية من حقوق ثابتة منيعة الحرمة ويشكل التزاماً على كاهل اعضاء المجتمع الدولي"

3- اتفاقية منع جريمة الابادة الجماعية والمعاقبة عليها .

اعتمدت هذه الاتفاقية وعرضت للتوقيع والتصديق ، أو للانضمام بقرار الجمعية العامة رقم 260 ألف ( د-3 ) المؤرخ في 9 كانون الاول 1948 ليبدأ نفاذه في 12 كانون الأول 1951 وفقاً لاحكام المادة /13/ حيث رأت الجمعية العامة وأعلنت ان الابادة الجماعية جريمة بمقتضى القانون الدولي، وجاءت المادة /1/ من الاتفاقية لتعلن مصادقة الاطراف المتعاقدة على اعتبار الابادة الجماعية ، سواء في أيام السلم أو أثناء الحرب ، هي جريمة بمقتضى القانون الدولي وتتعهد بمنعها والمعاقبة عليها .

وقد بينت المادة /3 /منها ، بان العقاب يشمل الفاعلين ، والمتآمرين ،والمحرضين، والذين يحاولون ارتكاب الابادة الجماعية ، وكذلك المشاركون في جرائم الابادة الجماعية .

ولم تستثنى الاتفاقية أحداً ، من الذين حددتهم المادة الثالثة ، من العقاب سواءً أكانوا حكاماً دستوريين ، أم موظفين عاديين ، أم أفراداً ، اي ان انزال العقوبة يشمل حتى رئيس الدولة اذا ما اتهم  بتلك الافعال .

وقد جاء عدم الاستثناء من العقوبة كي لا يفلت الحكام من العقوبة بدعوى الحصانة التي يتمتعون بها ، إضافة الى امكانية المحاكمة خارج الدولة المعنية لاعتبارات حسن سير عملية المحاكمة ، فكثيراً ما تخضع المحاكمات الوطنية  في سيرها تحت تأثير أصحاب النفوذ ، مما يفقد القضاء استقلاليته فيفلت الجاني من العقاب .

ويلاحظ من نص المادة /8/ عدم سريان الاتفاقية على الاطراف الموقعة فقط ، بل يشمل جميع الدول ، بدلالة قبول اجهزة الامم المتحدة لطلب أحد الاطراف المتعاقدة  ،من اتخاذ ما تراه مناسباً من التدابير لمنع وقمع أفعال الابادة الجماعية ، أو أي من الأفعال الأخرى ، المذكورة في المادة الثالثة .

وفي هذه الحالة لا تقوم  اجهزة الامم المتحدة باتخاذ التدابير بناءً على ان تلك الافعال تشكل تهديداً للسلم والامن الدوليين ، بل تتخذ التدابير باعتبار ان جريمة الابادة الجماعية قد وقعت وخاصةً اذا ما شكلت تلك الجريمة تهديداً للسلم والامن الدوليين، أو اذا كان هناك تآمراً على ارتكابه ، أو تحريضاً ، أو محاولة ، بمعنى انه يجوز لأجهزة الامم المتحدة المختصة اتخاذ التدابير حتى قبل وقوع جريمة الابادة الجماعية ، أي انه من الجائز التدخل واتخاذ ما تراه الامم المتحدة مناسباً ، وقاية للجماعة البشرية من جريمة الابادة الجماعية التي تنتظره ، كون جريمة الابادة الجماعية تعتبر من أشد الجرائم خطورة موضع اهتمام المجتمع الدولي بأسره كما جاء في المادة /5/ من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية المعتمد من قبل مؤتمر الامم المتحدة الدبلوماسي للمفوضين المعني بإنشاء محكمة جنائية دولية بتاريخ 17 تموز 1998 تاريخ النفاذ 1 حزيران 2001 ، ولخطورتها تلك أصبحت واحدة من الجرائم التي تدخل ضمن اختصاص محكمة الجنايات الدولية بجانب الجرائم ضد الانسانية – وجرائم الحرب – وجريمة العدوان. وتطابقت المادة /6/ من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية مع المادة /2/ من اتفاقية منع جريمة الابادة الجماعية والمعاقبة عليها ، في توصيف الابادة الجماعية بانها تعني أياً من الأفعال التالية المرتكبة بقصد التدمير الكلي أو الجزئي لجماعة قومية ، أو اثنية ، أو عنصرية ، أو دينية بصفتها هذه :

  • قتل اعضاء من الجماعة   .

ب- الحاق اذى جسدي أو روحي خطير بأعضاء من الجماعة .

ج- إخضاع الجماعة ، عمداً ، لظروف معيشية يراد بها تدميرها المادي كلياً أو جزئياً .

ء- فرض تدابير تستهدف الحؤول دون انجاب الأطفال داخل الجماعة .

ه- نقل اطفال من الجماعة ، عنوة الى جماعة أخرى .

ولا يجب أن ينسى بان الاختصاص الزمني لمحكمة الجنايات الدولية بموجب المادة /11/   اختصاص النظر فقط فيما يتعلق بالجرائم التي ترتكب بعد بدء نفاذ هذا النظام ، أي اعتباراً من 1 حزيران 2001 بموجب المادة /126/ .أما بشأن جرائم الابادة وجرائم ضد الانسانية المرتكبة قبل ذلك التاريخ فهي لا تخضع للتقادم الزمني بموجب اتفاقية عدم تقادم جرائم الحرب والجرائم المرتكبة ضد الانسانية ، المؤرخ في 26 تشرين الثاني 1968 تاريخ النفاذ 11 تشرين الثاني 1970 .

فقد نصت المادة /1/ منها ، بانه لا يسري أي تقادم على الجرائم التالية بصرف النظر عن وقت ارتكابها :

  • جرائم الحرب .

ب- الجرائم المرتكبة ضد الانسانية ، سواء في زمن الحرب أو في زمن السلم ، والطرد بالاعتداء المسلح أو الاحتلال ، والافعال المنافية للاإنسانية والناجمة عن سياسة الفصل العنصري ، وجريمة الابادة الجماعية ، كما واعتبرت الاتفاقية في ديباجتها ان انتهاك حقوق سكان البلاد الأصليين الاقتصادية والسياسية من ناحية ، وسياسة الفصل العنصري ، جريمتان ضد الانسانية .

وبالإضافة الى ميثاق  الامم المتحدة والاعلان العالمي لحقوق الانسان والاتفاقيات الدولية المذكورة سابقاً ، هناك الكثير من الاتفاقيات الدولية الاخرى التي تناولت المسائل المتعلقة بحماية حقوق الانسان وحرياته الأساسية مثل :

1- اتفاقية الحرية النقابية وحماية حق التنظيم النقابي لعام 1948 .

2- الاتفاقية الخاصة بوضع اللاجئين لعام 1951 .

3- اتفاقية بشأن الحقوق السياسية للمرأة لعام 1952 .

4- الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع اشكال التمييز العنصري لعام 1965.

5- العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لعام 1966 .

6- العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية لعام 1966 .

7- الاتفاقية الدولية لقمع جريمة الفصل العنصري والمعاقبة عليها لعام 1976 .

8- اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة لعام 1979 .

9- اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة لعام 1984 .

10- اتفاقية حقوق الطفل لعام 1989 .

كما وهناك الكثير من الاتفاقيات الدولية المعنية بالحقوق والحريات الاساسية للإنسان،لذلك لم تبق مسائل حقوق الانسان حبيسة الدولة ، ضمن حدودها الدولية، بل أصبحت تنتقل رويداً رويداً من الاختصاص الداخلي للدولة الى مجال الاهتمام الدولي ، بدءاً من تاريخ انشاء منظمة الامم المتحدة ، وسريان ميثاقها وابرام الكثير من المعاهدات والاتفاقيات الدولية ، والاعلانات الصادرة من المنظمات الدولية ، والاقليمية واجهزتها المتخصصة ، فأصبحت تلك المسائل تنظم وتحمى بموجب القانون الدولي ، وتشرف على تطبيقها واحترامها المنظمات والمحاكم الدولية ، مما أدى الى عدم امكانية الافراد سواءً أكانوا حكاماً دستوريين ، أم افراداً عاديين ، من الاقدام على انتهاك واهدار حقوق الانسان ، وحرياته الأساسية ، دون أن يفلتوا من الملاحقة القضائية ، وطنية كانت ام دولية .

ثالثاً – الامم المتحدة والتدخل الدولي الانساني . 

أ -   فترة ما قبل 1990 :

لقد كانت جهود الامم المتحدة حثيثة منذ نشأتها في العمل على تحقيق المقاصد التي أنشأت من أجلها، وكانت نظرتها الى مسألة التدخل الدولي الانساني ليست على وتيرة واحدة، حيث اتخذت السياسة الدولية بانتهاء الحرب الباردة وانهيار الاتحاد السوفياتي منحىً جديداً،بدأت بها الولايات المتحدة الامريكية في ظل القطبية الاحادية وأصبحت المسائل المتعلقة بحقوق الانسان والديمقراطية ومحاربة الارهاب - التي بلغت أوجها بعد أحداث سبتمبر- على رأس مهام الدول القوية، وخاصة أمريكا، وجعلتها ذريعة للتدخل في شؤون الدول حتى ولو لم تحظى على موافقة المنظمة الدولية - الامم المتحدة- إلا فيما بعد . كما ان الامم المتحدة نفسها اتخذت لها مساراً جديداً بدءاً من نهاية الحرب الباردة في بداية التسعينات من القرن الماضي حيث أعطت أهمية أكثر لمسائل حقوق الانسان وحرياته، وقد جاء ذلك على لسان الامين السابق للأمم المتحدة السيد بطرس بطرس غالي في كلمته الافتتاحية أمام المؤتمر العالمي حول حقوق الانسان المنعقد في فيينا عام 1993 بقوله "إن المجتمع الدولي يوكل الى الدولة مهمة تأكيد حماية الافراد ولكنه حال خرق هذه الدول للمبادئ الأساسية التي وضعتها الميثاق ، فإن ذلك يوجب على المجتمع الدولي أن يحل محل الدولة حال فشل الاخيرة في التزاماتها " .

كما ان تقرير السيد غالي الامين السابق للأمم المتحدة الذي قدمه بناء على دعوة  مجلس الامن المؤرخ في 31 كانون الثاني 1992 جاء في البند الثامن والتاسع منه ما يلي

8- خلال السنوات القليلة الماضية ، انهار الحاجز الايديولوجي الهائل .... وتداعت أدوات الدمار الرهيبة التي لازمتها ...

9- لقد حلت قوى اكثر ديمقراطية وحكومات اكثر استجابة محل الانظمة التسلطية ..." .

حيث يبين الامين العام  تسلطية نظام الاتحاد السوفياتي وايديولوجيته التي أثارت على مدى عقود من الزمن،حالة من عدم الثقة والعداء . وقد تداعت الآن وانهارت أدوات الدمار الرهيبة التي لازمتها كما

يبين في تقريره بان على الدول ان تتخلى عن بعض امتيازاتها السيادية لصالح الترابطات السياسية

المشتركة الأوسع .

ففي هذه الفترة أي ما قبل 1990 كان تدخل الامم المتحدة بشكل فعلي يقتصر على اصدار القرارات والتوصيات دون أن تتدخل في شؤون الدول على أساس أعمال قواعد حقوق الانسان، وكانت تتمسك بضرورة موافقة الدول المعنية حتى تمكنها المشاركة في التدخل الانساني ، كما في تدخلها في نيجيريا حول اقليم بيافرا سنة 1967 لتقديم المساعدات الانسانية لضحايا الصراع المسلح بناءً على موافقة الحكومة الفيدرالية هناك (22) .

وقد جاء في قرار الجمعية العامة رقم 103 بشأن عدم جواز التدخل بجميع انواعه في الشؤون الداخلية الصادر في 9 كانون الاول عام 1981 على ان " واجب في الامتناع عن استغلال وشؤون قضايا حقوق الانسان كوسيلة للتدخل في الشؤون الداخلية للدول أو لممارسة الضغط على دول أخرى أو خلق عدم الثقة والفوضى خارج الدول " ،مما يشير بان  التوجه نحو التدخل الدولي الانساني في شؤون الدول لحماية حقوق الانسان أصبح ملحاً وضرورياً في فترة ما بعد 1990.

ب -  فترة ما بعد 1990 : في معرض حديث للسيد غالي الامين العام السابق للامم المتحدة في مقابلته مع العربية بتاريخ الاحد 26/9/2004

قال : " قبل نهاية الحرب الباردة كان من الصعب للأمم المتحدة أن تتدخل في الشئون الداخلية للدول .لان دولاً اختارت النظام الديمقراطي الغربي،ودولاً أختارت النظام الشيوعي . وعندما انتهت الحرب الباردة وأصبح النظام السائد في مختلف انحاء العالم هو الديمقراطي ، حينئذ استطعنا أن نربط بين حقوق الانسان والديمقراطية ،على أساس ان حكومة غير ديمقراطية لا تستطيع أن تدافع عن حقوق الانسان ، وبالتالي انفتحت الى حد ما امكانية تدخل المنظمات الاقليمية الى جانب الامم المتحدة لكي تطلب الى جانب الدفاع عن حقوق الانسان،الدفاع عن النظام الديمقراطي ، على أساس ان النظام الديمقراطي هو الوحيد الذي يستطيع أن يحمي حقوق الانسان" .

 وسأعرض هنا أمثلةً ثلاثة في سياق حديث السيد بطرس غالي :

1- العراق: ان الانتهاكات التي تعرض لها الشعب العراقي ، من اهدار الحقوق والاقصاء عن الحياة

السياسية والاجتماعية والاقتصادية ، وصل الى الحد الذي امتدت نتائجها الى الدول المجاورة ، و الى المجتمع الدولي ، وخاصة الانتهاكات بحق الشيعة والاكراد والتي ازدادت اكثر اثناء الحرب العراقية الايرانية ، وما تبعها من استعمال السلاح الكيميائي في الشمال ضد الاكراد والجنوب والوسط ضد الشيعة ، كما امتد الى الثروة المائية ، والبيئة الطبيعية من تسميم وتجفيف الاهوار، وجرف مزارع النخيل بهدف القضاء على شيعة العراق وعلى ثروة مناطقه ، الى أن أصدر مجلس الامن قراره رقم 688 المؤرخ في 5 نيسان 1991 والذي جاء فيه :

- يدين القمع الذي تتعرض له السكان المدنيون العراقيون في اجزاء كثيرة من العراق ، والذي شمل مؤخراً المناطق السكانية الكردية ، وتهدد نتائجه السلم والامن الدوليين في المنطقة .

ب- يطالب بأن يقوم العراق على الفور كإسهام منه في ازالة الخطر الذي يتهدد السلم والامن الدوليين في المنطقة، بوقف هذا القمع ، ويعرب عن الأمل في السياق نفسه في إقامة حوار مفتوح لكفالة احترام حقوق الانسان والحقوق السياسية لجميع المواطنين العراقيين . 

ج- يصر على أن يسمح العراق ، بوصول المنظمات الانسانية الدولية على الفور الى جميع من يحتاجون الى المساعدة في جميع أنحاء العراق، ويوفر جميع التسهيلات اللازمة لعملياتها" .

2- الصومال: كان من نتائج الحرب الاهلية التي اندلعت في الصومال بعد سقوط نظام سياد بري في 1991 مقتل ما يقارب /300/ الف شخص، وهجرة مليوني صومالي كلاجئين الى الدول المجاورة لها . فأصدر مجلس الامن القرار 733 في 23 كانون الثاني لعام 1992 معتبراً ان استمرار تلك الاوضاع يشكل تهديداً للامن والسلم الدوليين ، وطالب الى الامين العام للامم المتحدة، باقناع الاطراف المتحاربة بوقف اطلاق النار والسماح بوصول الاغاثات الانسانية ، وتضمن القرار بنداً بموجب الفصل السابع ، يفرض فيه حظراً شاملاً على توريد الاسلحة والمعدات العسكرية للفصائل المتحاربة ، بهدف تحقيق السلام والاستقرار .

كما واصدر قراراً آخر برقم 775 (1992) هدد فيه باستعمال سلطاته بموجب الفصل السابع من الميثاق ، كما اثنى فيه بجهود الامين العام على المبادرة التي اتخذها في الميدان الانساني ، وشعر بالقلق من ان استمرار الحال هذه يشكل - كما جاء في تقرير الامين العام - تهديداً للسلم والامن الدوليين ،ويطلب من الامين العام ، أن يتطلع فوراً بالاجراءات اللازمة لزيادة المساعدة الانسانية التي تقدمها الامم المتحدة ، ووكالاتها المتخصصة الى السكان المتضررين في جميع انحاء الصومال ، كما ويطلب من الامين العام ، أن يقوم بالتعاون مع الامين العام لمنظمة الوحدة الافريقية ، والامين العام لجامعة الدول العربية ، بالاتصال فوراً بجميع الاطراف المشتركة في ذلك الصراع ، والتماس التزامها بوقف الاعمال العدائية  لاتاحة توزيع المساعدة الانسانية والتشجيع على الالتزام بوقف اطلاق النار، والامتثال له والمساعدة في عملية ايجاد تسوية سياسية للصراع في الصومال ، ويحث بشدة جميع أطراف الصراع على أن توقف الاعمال العدائية فوراً، وتتفق على وقف لاطلاق النار وتعزيز عملية المصالحة  والتسوية السياسية في الصومال . وجاء في البند الخامس من القرار ، استعماله لسلطته بموجب الفصل السابع من الميثاق ، على أن تقدم جميع الدول فوراً من أجل تحقيق مقاصد اقرار السلم والاستقرار في الصومال ، بتنفيذ حظر عام كامل على تسليم أي نوع من انواع الأسلحة ، والمعدات العسكرية للصومال ، الى أن يقرر المجلس خلاف ذلك . كما واصدرالمجلس القرار رقم 794 في 3 كانون الاول 1992 جاء في البند /7/  منه ، ان مجلس الامن يؤيد توصية الامين العام الواردة في رسالته المؤرخة

في 29 تشرين الثاني 1992 باتخاذ تدابير، بموجب الفصل السابع من ميثاق الامم المتحدة ، من اجل تهيئة بيئة آمنة لعمليات الاغاثة الانسانية في الصومال في أسرع وقت ممكن .

أما البند /10/  نص على  اذن المجلس ، بموجب الفصل السابع من الميثاق، للأمين العام وللدول الاعضاء والمتعاونة في تنفيذ العرض المشار اليه في الفقرة /8/ أعلاه باستخدام كل الوسائل اللازمة لتهيئة بيئة آمنة لعمليات الاغاثة الانسانية في الصومال في أسرع وقت ممكن . كما أصدر مجلس الامن القرار رقم 814 في 26 آذار لعام 1993 يسلم فيه بضرورة التحول الفوري والسلس والتدريجي لقوة العمل الموحدة الى عملية الامم المتحدة الموسعة في الصومال.

3- يوغسلافيا أصدر مجلس الامن قراره رقم 713 في 25 ايلول لعام 1991 . مبدياً فيه شعوره  ببالغ  القلق ازاء القتال في يوغسلافيا ، الذي يسبب خسارة فادحة في الارواح وأضراراً مادية ، ويساوره القلق،لان استمرار هذه الحالة يشكل تهديداً للسلم والامن الدوليين ، وإذ يشير الى مسؤوليته الرئيسية بموجب ميثاق الامم المتحدة عن صون السلم والامن الدوليين ، ويشير كذلك الى المبادئ ذات الصلة المجسدة في الميثاق ، وإذ يحيط علماً في هذا السياق بالاعلان الذي أصدرته في 2 أيلول  ،1992 الدول المشاركة في مؤتمر الامن والتعاون في اوربا بعدم قبول أي مكاسب أو تغيرات إقليمية داخل يوغسلافيا تأتي عن طريق العنف . وقد قرر المجلس، في البند السادس، أن تنفذ جميع الدول على الفور،لأغراض اقرار السلم والاستقرار في يوغسلافيا ، حظراً عاماً وكاملاً على تسليم اية اسلحة ، او معدات عسكرية ليوغسلافيا ، حتى يقرر المجلس غير ذلك ، بعد التشاور بين الأمين العام وحكومة يوغسلافيا.

كما واصدر قراراً برقم 752 في 10 أيار 1992 جاء في البند /3/ منه ، مطالبة المجلس بالوقف الفوري لجميع أشكال التدخل من خارج البوسنة والهرسك،بما في ذلك من جانب وحدات الجيش الشعبي اليوغسلافي فضلاً عن عناصر الجيش الكرواتي،وان تتخذ جارات البوسنة والهرسك تدابير عاجلة لا نهاء مثل هذا التدخل، وان تحترم السلامة الاقليمية للبوسنة والهرسك .

كما طالب في النبد /4/ بوجوب سحب وحدات الجيش الشعبي اليوغسلافي وعناصر الجيش الكرواتي الموجودة الآن في البوسنة والهرسك أو خضوعها لسلطة حكومة البوسنة والهرسك أو تسريحها .

واكد في البند السابع من القرار،على الحاجة الملحة الى تقديم مساعدات انسانية ومادية ومالية،مع مراعاة العدد الكبير للاجئين والمشردين. وجاء قرار مجلس الامن رقم 757 في 30 أيار لعام 1992 ليطبق حظراً شاملاً على جمهورية يوغسلافيا (صربيا والجبل الأسود ) .حيث تصرف المجلس بموجب الفصل السابع من ميثاق الامم المتحدة وقرر أن تمنع جميع الدول ما يلي :

1- ان تستورد من اقاليمها أية سلعة اساسية ومنتجات يكون منشؤها جمهورية يوغسلافيا الاتحادية (صربيا والجبل الأسود ) وتكون مصدره منها بعد تاريخ هذا القرار . وكذلك قرر أن تمتنع جميع الدول عن توفير أية أموال أو أية موارد مالية أو اقتصادية أخرى للسلطات في جمهورية يوغسلافيا الاتحادية (صربيا والجبل الأسود ) أو لأية مشاريع تجارية أو صناعية أو المرافق العامة . كما قرر أن تقوم جميع الدول بعدم السماح لأية طائرة باقلاع من اقليمها ، أو الهبوط فيه ، أو التحليق فوقه إذا كانت متجهة الى الهبوط في اقليم جمهورية يوغسلافيا (صربيا والجبل الاسود ) أو كانت قد أقلعت منه ما لم تكن تلك الرحلة بالذات كانت لاغراض انسانية . كما قرر بتخفيف عدد الموظفين في البعثات الدبلوماسية ليوغسلافيا و منع المشاركة في الانشطة الرياضية ، وتعليق التعاون التقني .  وبهذه القرارات قد تم الاعتراف بانفصال البوسنة والهرسك من الاتحاد اليوغسلافي السابق وطبقت جميع انواع الحظر على الأخيرة باستثناء تقديم المعونات الانسانية للجميع.

رابعاً – ضمانات حماية حقوق الانسان .

بعد انتقال المسائل المتعلقة بحقوق الانسان من سلطان الاختصاص الداخلي للدول الى الاختصاص الدولي،من خلال الاتفاقيات الدولية، وبإرادات الدول ذاتها نتيجة اشتراكها وانضمامها الى تلك الاتفاقيات  والتزامها بنصوصها بدءاً من ميثاق الامم المتحدة، أصبحت تلك القواعد ملزمة للدول، تولدت عنها التزامات دولية بضمان احترام الحقوق والحريات الأساسية للإنسان، كما ان قبول الجهات المختصة في الامم المتحدة، كمجلس حقوق الانسان، التقارير من الدول حول مدى احترامها للحقوق والحريات الواردة في العهود والمواثيق الدولية، وقبولها واستقبالها للجان الدولية العاملة في مجال حقوق الانسان، لزيارة الدول ورصدها لا وضاع حقوق الانسان، ومنها زيارة السجون والتعرف على واقع المساجين، مما يدل على ان الدول قبلت بالتزاماتها حيال تلك المسائل، كونها أصبحت قواعد قانونية آمرة،تتعلق بالنظام القانوني الدولي، ومخالفتها تستوجب الملاحقة القضائية وانزال العقاب على مرتكبيها من خلال المحاكم الوطنية أو أمام محكمة الجنايات الدولية أو محاكم جنائية خاصة ، تنشأ خصيصاً لمحاكمة مرتبكي الجرائم التي نصت الاتفاقيات الدولية عليها، كالجرائم ضد الانسانية، وجرائم الابادة الجماعية، وجرائم الحرب وغيرها . والسوابق الدولية تشير الى العديد من تلك المحاكمات كما في المانيا واليابان وراوندا ويوغسلافيا والعراق، وقد شكلت بشأنها محاكم خاصة لمحاكمة مرتكبي الجرائم، جزاءً على ما اقترفوه بحق الانسانية .

وقد تكرست الضمانات لحماية حقوق الانسان في :

1- اعتماد القوانين الوطنية لقواعد القانون الدولي لحقوق الانسان، حيث تبنت أغلب دساتير دول العالم  القواعد المتعلقة بالحقوق والحريات الاساسية التي وردت في المواثيق الدولية . وباعتبار الدستور في كل دولة هو القانون الاساسي، لذلك لا يجوز ان تسن القوانين التي تأتي في المرتبة الادنى منه بما يخالفه، وقد كفل نظام الرقابة على دستورية القوانين، عدم مخالفة القوانين للدستور، أو الغاء القوانين التي تصدر مخالفاً للدستور، مما يجعل - ولو نظرياً - الحقوق والحريات الاساسية مصانة من كل مخالفة .

2- نظام قبول التبليغات والشكاوي والطعون الفردية ضد الانتهاكات المرتكبة بالحقوق والحريات الاساسية للإنسان، والذي يقوم  مجلس حقوق الانسان – لجنة حقوق الانسان سابقاً – بدراستها وفحصها وتقديم التوصيات بشأنها وتحويلها الى الجمعية العامة للأمم المتحدة .

3- دور الامين العام للأمم المتحدة على تنفيذ المواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الانسان .

4- الحماية الجنائية الدولية والمتمثلة في المحكمة الجنائية الدولية ، ومحاكم الجنايات الخاصة والمنشأة لمحاكمة مرتكبي تلك الجرائم ، وانزال العقاب عليهم .  

______________

1- فتح الرحمن عبدالله الشيخ - مشروعية العقوبات الدولية والتدخل الدولي - الدوحة 1998  ص 109 .

2- عمر حسين حنفي - التدخل في شؤون الدول بذريعة حماية حقوق الانسان - ط1 ، دار النهضة القاهرة 2004/2005 ص 314




هو قانون متميز يطبق على الاشخاص الخاصة التي ترتبط بينهما علاقات ذات طابع دولي فالقانون الدولي الخاص هو قانون متميز ،وتميزه ينبع من أنه لا يعالج سوى المشاكل المترتبة على الطابع الدولي لتلك العلاقة تاركا تنظيمها الموضوعي لأحد الدول التي ترتبط بها وهو قانون يطبق على الاشخاص الخاصة ،وهذا ما يميزه عن القانون الدولي العام الذي يطبق على الدول والمنظمات الدولية. وهؤلاء الاشخاص يرتبطون فيما بينهم بعلاقة ذات طابع دولي . والعلاقة ذات الطابع الدولي هي العلاقة التي ترتبط من خلال عناصرها بأكثر من دولة ،وبالتالي بأكثر من نظام قانوني .فعلى سبيل المثال عقد الزواج المبرم بين عراقي وفرنسية هو علاقة ذات طابع دولي لأنها ترتبط بالعراق عن طريق جنسية الزوج، وبدولة فرنسا عن طريق جنسية الزوجة.





هو مجموعة القواعد القانونية التي تنظم كيفية مباشرة السلطة التنفيذية في الدولة لوظيفتها الادارية وهو ينظم العديد من المسائل كتشكيل الجهاز الاداري للدولة (الوزارات والمصالح الحكومية) وينظم علاقة الحكومة المركزية بالإدارات والهيآت الاقليمية (كالمحافظات والمجالس البلدية) كما انه يبين كيفية الفصل في المنازعات التي تنشأ بين الدولة وبين الافراد وجهة القضاء التي تختص بها .



وهو مجموعة القواعد القانونية التي تتضمن تعريف الأفعال المجرّمة وتقسيمها لمخالفات وجنح وجرائم ووضع العقوبات المفروضة على الأفراد في حال مخالفتهم للقوانين والأنظمة والأخلاق والآداب العامة. ويتبع هذا القانون قانون الإجراءات الجزائية الذي ينظم كيفية البدء بالدعوى العامة وطرق التحقيق الشُرطي والقضائي لمعرفة الجناة واتهامهم وضمان حقوق الدفاع عن المتهمين بكل مراحل التحقيق والحكم , وينقسم الى قسمين عام وخاص .
القسم العام يتناول تحديد الاركان العامة للجريمة وتقسيماتها الى جنايات وجنح ومخالفات وكما يتناول العقوبة وكيفية توقيعها وحالات تعددها وسقوطها والتخفيف او الاعفاء منها . القسم الخاص يتناول كل جريمة على حدة مبيناً العقاب المقرر لها .