المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية



حقوق الوالدين  
  
2938   11:28 صباحاً   التاريخ: 20-6-2017
المؤلف : السيد سعيد كاظم العذاري
الكتاب أو المصدر : آداب الأسرة في الاسلام
الجزء والصفحة : ص72ـ77
القسم : الاسرة و المجتمع / الحياة الاسرية / الآباء والأمهات /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 12-1-2016 1874
التاريخ: 2023-12-08 1008
التاريخ: 10-1-2016 2198
التاريخ: 17-6-2016 1901

للوالدين الدور الأساسي في بناء الاُسرة والحفاظ على كيانها ابتداءً وإدامة ، وهما مسؤولان عن تنشئة الجيل طبقا لموازين المنهج الاسلامي ، لذا حدّد الإسلام أُسس العلاقة بين الوالدين والأبناء ، طبقا للحقوق والواجبات المترتّبة على أفراد الاُسرة تجاه بعضهم البعض ، فقد قرن اللّه تعالى في كتابه الكريم بوجوب برّ الوالدين والإحسان إليهما بوجوب عبادته ، وحرّم جميع ألوان الاساءة إليهما صغيرها وكبيرها ، فقال تعالى: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا}[الإسراء: 23]

وأمر بالإحسان إليهما والرحمة بهما والاستسلام لهما ، فقال تعالى:{وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا} [الإسراء: 24]

وقرن اللّه تعالى الشكر لهما بالشكر له ، فقال:{أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ}[لقمان: 14]

وأمر تعالى بصحبة الوالدين بالمعروف ، فقال: {وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا} [لقمان: 15]

وتجب طاعة الأبناء للوالدين، قال رسول اللّه (صلى الله عليه وال): (... ووالديك فأطعمها وبرهما حيّين كانا أو ميتين ، وان أمراك أن تخرج من أهلك ومالك فافعل ، فإنّ ذلك من الايمان)(1).

وقرن الامام جعفر الصادق (عليه السلام) بر الوالدين بالصلاة والجهاد ، عن منصور بن حازم، عن أبي عبداللّه (عليه السلام) ، قال : قلت : أي الأعمال أفضل؟ قال: (الصلاة لوقتها ، وبر الوالدين ، والجهاد في سبيل اللّه عزَّ وجلَّ) (2).

ومن حقوق الوالد على ولده كما قال رسول اللّه (صلى الله عليه واله): (لا يسميه باسمه ، ولا يمشي بين يديه ، ولا يجلس قبله ، ولا يستسبّ له) (3).

ومعنى (لا يستسب له) أي لا يفعل ما يصير سببا لسبّ الناس له.

وقدّم رسول اللّه برّ الوالدة على برّ الوالد لأنّها أكثر منه في تحمّل العناء من أجل الأولاد في الحمل والولادة والرضاع ، عن الإمام جعفر الصادق (عليه السلام) ، قال: (جاء رجل إلى النبي فقال : يا رسول اللّه ، من أبرُّ؟ قال : أُمّك ، قال : ثم من؟ قال : أمك ، قال : ثم من؟ قال : أُمّك ، قال ثم من؟ قال : أباك) (4).

وكانت سيرة رسول اللّه قائمة على تكريم من يبر والديه ، فقد أتته أُخته من الرضاعة ، فلمّا نظر إليها سرَّ بها وبسط ملحفته لها فأجلسها عليها ، ثم أقبل يحدّثها ويضحك في وجهها ، ثم قامت وذهبت وجاء أخوها ، فلم يصنع به ما صنع بها ، فقيل له : يا رسول اللّه ، صنعت بأخته مالم تصنع به وهو رجل؟! فقال: (لأنّها كانت أبرَّ بوالديها منه) (5).

وقدّم رسول اللّه (صلى الله عليه واله) طاعة الوالدين على الجهاد ، ففي رواية جاءه رجل وقال: يا رسول اللّه ، إنّ لي والدين كبيرين يزعمان أنهما يأنسان بي ويكرهان خروجي؟ فقال: (فقرَّ مع والديك ، فو الذي نفسي بيده لأنسهما بك يوما وليلة خير من جهاد سنة) (6).

وورد في الحديث أنّه يجب برّ الوالدين وإن كانا فاجرين ، قال الإمام محمد الباقر (عليه السلام): (ثلاث لم يجعل اللّه عزَّ وجلَّ لأحد فيهنَّ رخصة: أداء الامانة إلى البرّ والفاجر ، والوفاء بالعهد للبرّ والفاجر ، وبر الوالدين برّين كانا أو فاجرين)(7). وفي الآية المتقدمة (واخفِض لهما جَناحَ الذُلِّ مِن الرحمةِ) قال الإمام الصادق (عليه السلام): (لا تملأ عينيك من النظر إليهما إلاّ برحمة ورقّة ، ولا ترفع صوتك فوق أصواتهما ، ولا يدك فوق أيديهما ، ولا تقدَّم قدّامهما) (8).

وبرّ الوالدين لا يقتصر على حال حياتهما ، بل يشملهما حال الحياة وحال الممات ، قال الامام الصادق (عليه السلام): (ما يمنع الرجل منكم أن يبرَّ والديه حيّين وميّتين ، يصلي عنهما ، ويتصدّق عنهما ، ويحجّ عنهما ، ويصوم عنهما ، فيكون الذي صنع لهما ، وله مثل ذلك ، فيزيده اللّه عزَّ وجلَّ ببره وصلته خيرا كثيرا) (9).

ويجب على الولد الأكبر أن يقضي عن والده ما فاته من صلاة وصوم (10) ، أما بقية الأولاد فلا يجب عليهما القضاء عن والدهم ، بل يستحب للرواية المتقدمة.

وحرّم الإسلام عقوق الوالدين بجميع ألوانه ومراتبه ، قال أمير المؤمنين (عليه السلام): (من أحزن والديه فقد عقّهما) (11).

وعن الإمام جعفر الصادق (عليه السلام) قال : (أدنى العقوق أفّ ، ولو علم اللّه عزَّ وجلَّ شيئا أهون منه لنهى عنه) (12).

وقال (عليه السلام): (... ومن العقوق أن ينظر الرجل إلى والديه فيحدّ النظر إليهما) (13).

وقال (عليه السلام): (من نظر إلى أبويه نظر ماقتٍ وهما ظالمان له ، لم يقبل اللّه له صلاة)(14).

وعقوق الوالدين من الكبائر التي تستلزم دخول النار ، قال الإمام الصادق (عليه السلام): (عقوق الوالدين من الكبائر ، لأنّ اللّه عزَّ وجلَّ جعل العاقّ عصيا شقيا) (15).

ولا يقتصر وجوب البر وحرمة العقوق على الجوانب المعنوية والروحية ، بل يتعداها إلى الجوانب المادية ، فتجب النفقة عليهما إن كانا معسرين (16).

وتجب رعاية الوالدين رعاية صحية ، عن إبراهيم بن شعيب قال : قلت لأبي عبداللّه (عليه السلام) : إنّ أبي قد كبر جدا وضعف ، فنحن نحمله إذا أراد الحاجة؟ فقال (عليه السلام): (إنّ استطعت أن تلي ذلك منه فافعل ، ولقّمه بيدك ، فإنّه جُنّة لك غدا) (17).

وخلاصة القول : يجب طاعة الوالدين في جميع ما يأمرون به إلاّ المعصية أو ما يترتب عليه مفسدة فلا تجب طاعتهما.

ومع جميع الظروف يجب على الأبناء إحراز رضا الوالدين بأيّ أُسلوب شرعي إن أمكن ، لأنّ رضاهما مقرونا برضى اللّه تعالى ، قال رسول اللّه (صلى الله عليه واله): (رضا اللّه مع رضى الوالدين ، وسخط اللّه مع سخط الوالدين)(18).

وبرّ الوالدين بطاعتهما والإحسان إليهما ، كفيل بإشاعة الودّ والحبّ والوئام في أجواء الاُسرة وبالتالي إلى تحكيم بنائها وإنهاء جميع عوامل الاضطراب والتخلخل الطارئ عليها ، ولا يتحقق ذلك إلاّ بالالتزام بالحقوق والواجبات المترتبة على أفرادها.

____________

1ـالكافي 2 : 158 ، كتاب الايمان والكفر ، باب البر بالوالدين.

2ـ المصدر السابق : 158 / 4.

3ـ المصدر السابق : 159 / 5.

4ـ المصدر السابق : 159 ـ 160 / 9.

5ـ المصدر السابق : 161 / 12.

6ـ المصدر السابق : 160 / 10.

7ـ المصدر السابق : 159 / 7.

8ـ منهاج الصالحين / السيد السيستاني ، العبادات : 248 ، 338.

9ـ بحار الانوار 74 : 72 ، كتاب العشرة ، باب بر الوالدين / 53.

10ـ الكافي 2 : 348 كتاب الايمان والكفر ، باب العقوق.

11ـ المصدر السابق : 349.

12ـ المصدر السابق : 349.

13ـ بحار الانوار 74 : 74.

14ـ الوسيلة إلى نيل الفضيلة : 286.

15ـ الكافي 2 : 162.

16ـ بحار الانوار 74 : 80.

17ـ المصدر السابق : 6.

18ـ مستدرك الوسائل 2 : 626.




احدى اهم الغرائز التي جعلها الله في الانسان بل الكائنات كلها هي غريزة الابوة في الرجل والامومة في المرأة ، وتتجلى في حبهم ورعايتهم وادارة شؤونهم المختلفة ، وهذه الغريزة واحدة في الجميع ، لكنها تختلف قوة وضعفاً من شخص لآخر تبعاً لعوامل عدة اهمها وعي الاباء والامهات وثقافتهم التربوية ودرجة حبهم وحنانهم الذي يكتسبونه من اشياء كثيرة إضافة للغريزة نفسها، فالابوة والامومة هدية مفاضة من الله عز وجل يشعر بها كل اب وام ، ولولا هذه الغريزة لما رأينا الانسجام والحب والرعاية من قبل الوالدين ، وتعتبر نقطة انطلاق مهمة لتربية الاولاد والاهتمام بهم.




يمر الانسان بثلاث مراحل اولها الطفولة وتعتبر من اعقد المراحل في التربية حيث الطفل لا يتمتع بالإدراك العالي الذي يؤهله لاستلام التوجيهات والنصائح، فهو كالنبتة الصغيرة يراقبها الراعي لها منذ اول يوم ظهورها حتى بلوغها القوة، اذ ان تربية الطفل ضرورة يقرها العقل والشرع.
(أن الإمام زين العابدين عليه السلام يصرّح بمسؤولية الأبوين في تربية الطفل ، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى ، وأن التقصير في ذلك يعرّض الآباء إلى العقاب ، يقول الإمام الصادق عليه السلام : « وتجب للولد على والده ثلاث خصال : اختياره لوالدته ، وتحسين اسمه ، والمبالغة في تأديبه » من هذا يفهم أن تأديب الولد حق واجب في عاتق أبيه، وموقف رائع يبيّن فيه الإمام زين العابدين عليه السلام أهمية تأديب الأولاد ، استمداده من الله عز وجلّ في قيامه بذلك : « وأعني على تربيتهم وتأديبهم وبرهم »)
فالمسؤولية على الاباء تكون اكبر في هذه المرحلة الهامة، لذلك عليهم ان يجدوا طرقاً تربوية يتعلموها لتربية ابنائهم فكل يوم يمر من عمر الطفل على الاب ان يملؤه بالشيء المناسب، ويصرف معه وقتاً ليدربه ويعلمه الاشياء النافعة.





مفهوم واسع وكبير يعطي دلالات عدة ، وشهرته بين البشر واهل العلم تغني عن وضع معنى دقيق له، الا ان التربية عُرفت بتعريفات عدة ، تعود كلها لمعنى الاهتمام والتنشئة برعاية الاعلى خبرة او سناً فيقال لله رب العالمين فهو المربي للمخلوقات وهاديهم الى الطريق القويم ، وقد اهتمت المدارس البشرية بالتربية اهتماماً بليغاً، منذ العهود القديمة في ايام الفلسفة اليونانية التي تتكئ على التربية والاخلاق والآداب ، حتى العصر الاسلامي فانه اعطى للتربية والخلق مكانة مرموقة جداً، ويسمى هذا المفهوم في الاسلام بالأخلاق والآداب ، وتختلف القيم التربوية من مدرسة الى اخرى ، فمنهم من يرى ان التربية عامل اساسي لرفد المجتمع الانساني بالفضيلة والخلق الحسن، ومنهم من يرى التربية عاملاً مؤثراً في الفرد وسلوكه، وهذه جنبة مادية، بينما دعا الاسلام لتربية الفرد تربية اسلامية صحيحة.