المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
القيمة الغذائية للثوم Garlic
2024-11-20
العيوب الفسيولوجية التي تصيب الثوم
2024-11-20
التربة المناسبة لزراعة الثوم
2024-11-20
البنجر (الشوندر) Garden Beet (من الزراعة الى الحصاد)
2024-11-20
الصحافة العسكرية ووظائفها
2024-11-19
الصحافة العسكرية
2024-11-19

الحث الخارق Superinduction
8-5-2020
القوة الكهربائية
25-7-2019
الحجم والكثافة النوويان
3-1-2016
عامل القدرة للعازل dielectric power factor
7-8-2018
معرفة المادي والإلاهي للطبيعة
3-10-2014
سيرة الشيخ أحمد الأحسائي(1)
27-05-2015


ما يؤدي الى نجاح الوالدين في التربية  
  
2092   10:18 صباحاً   التاريخ: 28-4-2017
المؤلف : الشيخ ياسين عيسى
الكتاب أو المصدر : التربية الفاشلة وطرق علاجها
الجزء والصفحة : ص141-142
القسم : الاسرة و المجتمع / الحياة الاسرية / الآباء والأمهات /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 8-5-2018 1842
التاريخ: 2023-02-19 907
التاريخ: 9-1-2016 2047
التاريخ: 7-9-2018 2178

1ـ تثبيت عقيدة الطفل :

قال الإمام جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام): (بادروا أولادكم بالحديث قبل أن يسبقكم إليه المرجئة)(1).

والمرجئة مذهب عقائدي يقول بأنه لا تضرُّ مع الإيمان معصية كما لا تنفع مع الكفر طاعة وقيل بأنهم يرجئون ولا يحكمون بإيمان أو كفر صاحب الكبيرة ويؤخرون حكمه الى يوم القيامة كما في كتاب الملل والنحل ج1 ص125 : ويحتمل أن يكون المراد من هذه الكلمة هو المرجئة العقائدية المنحرفة التي توجد في كل عصر ومصر, ومن كلمة الحديث العقيدة السليمة.

وكان أمير المؤمنين (عليه السلام) يشجع على تعليم الأطفال شعر أبي طالب(عليه السلام), فعن جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام) قال: (كان أمير المؤمنين (عليه السلام) يعجبه أن يروي شعر أبي طالب وأن يدون, وقال: تعلموه وعلموه أولادكم فإنه كان على دين الله وفيه علم كثير)(2).

إن (من أهم القيم التي يجب غرسها في الطفل.. مما سوف يعطيه الأمل في الحياة هو الاعتماد على الخالق, حيث يوجد عنده الوازع الديني الذي يحميه من اقتراف المآثم)(3).

والطفل في هذه المرحلة يكون مقلد لوالديه في كل شيء بما فيها الإيمان بالله تعالى, يقول الدكتور (سوك): (إن الأساس الذي يؤمن به الابن بالله وحبه للخالق العظيم هو نفس الاساس الذي يحب به الوالدان الله).

ويقول: (بين العمر الثالث والعمر السادس يحاول تقليد الأبوين في كل شيء فإِذا حدثاه عن الله فإنه يؤمن بالصورة التي تحددها كلماتهما عن الله حرفيا)(4) .

2- ربط الطفل بالقدوة الحسنة والمثل الأعلى :

قال رسول الله (صلى الله عليه واله): (أدبوا أولادكم على ثلاث خصال: حب نبيكم, وحب أهل بيته , وقراءة القرآن)(5).

علينا ربط أولادنا بمحمد وآل محمد (عليهم السلام) وتعويدهم على حبهم واحترامهم بل واحترام كل ما ينسب إليهم (عليهم السلام) كمقاماتهم الشريفة وتربتهم المنيفة وأسمائهم المباركة , فهم أساس وجودنا وغايته وبتوسطهم نبقى ونستمر (6) في طريق السعادة والتكامل.

إن (الطفل في الأعوام المتأخرة من هذه المرحلة يحاول التشبه بالأشخاص الأكثر حيوية والأشد فاعلية في المجتمع , يطلق علماء النفس مفهوم المحاكاة للتعبير عن التشبه الفجائي السريع الذي ينتهي بانتهاء المؤثر, فهو تشبه آني ويطلقون عبارة الاقتباس على التشبه البطيء (7) الذي يستحكم في العقل والعاطفة ومن مصاديقه التقليد والاقتداء, والنماذج العالية من الشخصية هي المؤثر في التشبه, فأهل الكرامة وأهل القدوة يكرمهم الشعب ويبجلهم وهم الذين (يقتدي بهم عامة الشعب)(8) .

والطفل غالبا ما يتشبه بمن لهم سلطان روحي ونفسي على الناس ومنهم الملوك والحكام, والفائزون والناجحون في الحياة , وكل من له تأثير على الناس كالمعلم وعالم الدين.

ويرى بعض علماء النفس الحاجة الى تصور المثل الأعلى لدى كل إنسان (9) وهي حاجة

ضرورية, والمثل الأعلى في رأي هؤلاء العلماء يختلف باختلاف الناس, ويتبدل بتبدل ظروفهم المادية والنفسية والاجتماعية, ويعتبرون المثل الأعلى متجسدا في القيم المعنوية والأهداف المتوخاة في الحياة .

والمثل الأعلى بهذا المفهوم ضروري جدا لكل إنسان وخصوصا الطفل في الأعوام المتأخرة من هذه المرحلة, ولكن المثل الأعلى إن لم يتحول من المفهوم الى المصادق والى من تتجسد فيه قيم هذا المثل الأعلى يبقى محدودا في حدود التصورات، فالطفل بحاجة الى التشبه والاقتداء بما هو ملموس في الواقع الموضوعي, وخير من يتجسد به المثل الأعلى هو النموذج الأعلى للشخصية الإنسانية , والاقتداء بالأسلاف (أكثر من الاقتداء بالطبقة العليا) .

ومن هنا فالضرورة الحاكمة في الاقتداء بالسلف الصالح وهم الأنبياء والأئمة من أهل البيت (عليهم السلام), والصالحون من الصحابة والتابعين, والماضون من علماء الدين, فهم قمم في الفضائل والمكارم والمواقف النبيلة, ومما يساعد على التشبه والاقتداء بهم وبتأثيرهم الروحي على مختلف طبقات الناس الذين يكنّون لهم التبجيل والتقديس .

وحياة الصالحين مليئة بجميع القيم والمكارم التي يريد الإنسان التمسك بها, والاقتداء هو الذي يجعل الطفل إنسانا عظيما تبعا لمن يقتدي بهم, وإذا فقد الاقتداء جمدت جذوة الحياة وضعف الطموح وانحرف عن مساره للتعلق والاقتداء بالهامشيين من الأشخاص العاديين .

فالواجب على الوالدين توجيه أنظار الطفل وأفكاره وعواطفه ومواقفه نحو الشخصيات النموذجية ابتداءً من آدم وانتهاءً بالعظماء المعاصرين, ولكلِّ نبي (عليه السلام) أو إمام من أئمة الهدى (عليهم السلام) تاريخ حافل بجميع المكارم والقيم والمواقف السائدة في الحياة.

والقدوة الصالحة لها تأثير ومواقف مشرّفة في كل زاوية من زوايا الحياة, والاقتداء بها تنعكس آثاره على جميع جوانب شخصية الطفل العاطفية والعقلية والسلوكية, فتندفع الشخصية للوصول الى المقامات العالية التي وصلها الصاحون المقتدى بهم)(10).

ولقد أغنانا الله سبحانه بلطفه ورحمته بالمثل العليا وعلى رأس النساء سيدتنا ومولاتنا فاطمة الزهراء (عليها السلام) سيدة نساء العالمين, وفي زمان الغيبة الكبرى يوجد الإمام المعصوم المهدي المنتظر (عج) وهو الغائب الحاضر والحامل لكل المميزات الشخصية للسلف الصالح من الانبياء والأولياء (عليهم السلام) بل كل ما لديهم هو مشتمل عليه حتى إرث النبوة وعلم الأولين والآخرين .

ولذا ورد في السلام على الإمام المهدي (عجل الله فرجه الشريف) عند رؤيته : (السلام عليكم يا أهل بيت الرحمة والنبوة ومعدن العلم وموضع الرسالة)(11).

3- تربية الطفل على طاعة الوالدين :

من الأمور التي تنجح التربية تعويد الطفل منذ الصغر على الطاعة خاصة طاعة الوالدين, بل ينبغي تعويدهم على احترام كل كبير, قال الإمام الحسن بن علي العسكري (عليه السلام): (جرأة الولد على والده في صغره, تدعو الى العقوق في كبره)(12) .

وقال الإمام محمد بن علي الباقر (عليه السلام): (... شر الأبناء من دعاه التقصير الى العقوق)(13).

يقول الدكتور (يسري عبد المحسن) : (أهم العوامل التي تساعد الطفل على الطاعة.. الحب والحنان الذي يشعر به الطفل من افراد الأسرة)(14).

ومن الوسائل التي تجعله مطيعا هي إشباع حاجاته الأساسية وهي (الأمن, والمحبة, والتقدير,

والحرية , والحاجة الى سلطة ضاغطة)(15).

ويرى الدكتور (فاخر عاقل) هذه الحاجات بالشكل التالي (الحاجة الى توكيد الذات, أو المكانة  أن يتعرف به وبمكانته , وأن ينتبه إليه.. والحاجة الى الأمان والحاجة الى المحبة والحاجة الى الاستقلال) (16) .

فإذا شعر الطفل بالحب والحنان والتقدير من قبل والديه, فإنه يحاول المحافظة على ذلك بإرضاء والديه وأهم مصاديق الإرضاء هو طاعتهما (17) .

فالوالدان هما الأساس في تربية الطفل على الطاعة, قال رسول الله (صلى الله عليه واله): (رحم الله والدين أعانا ولدهما على برّهما) (18) .

وأسلوب إعانة الولد كما حدده رسول الله (صلى الله عليه واله): (رحم الله عبدا أعان ولده على بره بالإحسان إليه, والتألف له , وتعليمه وتأديبه)(19).

وقال (صلى الله عليه واله): (رحم الله من أعان ولده على بره, وهو أن يعفو عن سيئته , يدعو له فيما بينه وبين الله)(20) .

وقال (صلى الله عليه واله): (رحم من أعان ولده على بره.. يقبل ميسوره, ويتجاوز عن معسوره, ولا يرهقه ولا يخرق به...)(21).

وهذه الطاعة هي المنطلق التأديبي لطاعة الله تعالى في أوليائه وحججه على خلقه وعلى رأسهم الإمام المنتظر (عج) ولا تصلح الرعية من غير راع, وكل راع يفتقر الى طاعة رعيته حتى يبلغ الأهداف المرجوة في مشروع العدالة في الأرض والتي هي في مصلحة سعادة الإنسان فردا وجماعات في الدنيا والآخرة .

4- عدم الإباحية أمام الطفل :

بعض الناس يتهاونون في الأمور الجنسية أمام الأطفال , فيتكلمون بالكلام الذي يثير انتباههم أو يحرك تفكيرهم نحو أمور كلها سلبيات , أو يمارسون بعض الأفعال مع نسائهم أمامهم كالتقبيل والضم وبعض الإثارات الجنسية والأخطر هو ممارسة الأهل الجنس أمام الأولاد كما تدعو لذلك بعض الظواهر المنحرفة في بلاد الغرب , وقد حذر الإسلام من ذلك كثيرا وأنه يترك أثرا سيئا على أولادهم وفلذة أكبادهم , فعن الإمام جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام) قال: (قال رسول الله (صلى الله عليه واله): والذي نفسي بيده لو أن رجلا غشي امرأته , وفي البيت صبي مستيقظ يراهما ويسمع كلامهما ونَفَسَهُما ما أفلح أبدا إن كان غلاما كان زانيا , أو جارية كانت زانية)(22).

وقال الإمام جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام) : (لا يجامع الرجل امرأته ولا جاريته, وفي بيت صبي فإن ذلك مما يورث الزنى)(23).

5- عدم الشجار أمام الطفل :

(إن الاضطرابات السلوكية والأمراض النفسية التي تصيب الطفل في حداثته والرجل في مستقبله, تكون نتيجة المعاملة الخاطئة للأبوين كالاحتكاكات الزوجية التي تخلق الجو العائلي المتوتر الذي يسلب الطفل الأمن النفسي)(24).

ويقول العالم (جيرارد فوجان): (والأم التي لا تجد التقدير الكافي إنسانة وأم وزوجة في المنزل لا تستطيع أن تعطي الشعور بالأمن)(25).

فالشعور بالأمن والاستقرار من أهم العوامل في بناء شخصية الطفل بناء سويا متزنا, وهذا الشعور ينتفي في حالة استمرار الخلافات والعلاقات المتشنجة , والطفل في حالة مثل هذه يكون مترددا حيرانا لا يدري ماذا يفعل, فهو لا يستطيع إيقاف النزاع والخصام وخصوصا إذا كان مصحوبا بالشدة, ولا يستطيع أن يقف مع أحد والديه دون الآخر, إضافة الى محاولات كل من الوالدين بتقريب الطفل اليهما بإثبات حقه واتهام المقابل بإثارة المشاكل والخلافات, وكل ذلك يترك بصماته الداكنة على قلب الطفل وعقله وإرادته .

يقول الدكتور سوك: (إن العيادات النفسية تشهد آلاف الحالات من الأبناء الذين نشأوا وسط ظروف عائلية مليئة بالخلاف الشديد, إن هؤلاء الابناء يشعرون في الكبر بأنهم ليسوا كبقية البشر, وتنعدم فيهم الثقة بالنفس, فيخافون من إقامة علاقات عاطفية سليمة ويتذكرون أن معنى تكون أسرة هو الوجود في بيت يختلفون فيه مع طرف آخر ويتبادلون معه الإهانات)(26).

بل نقول : إن تحويل البيت الأسري الى حلبة صراع مكشوف هو على خلاف الفطرة وتعاليم السماء وما عليه بناء العقلاء فاطمة, وهنيئا للأسرة التي تبانت على حل مشاكلها على طاولة الحوار والتقييم, إن المشاكل منتظرة وليست بمستهجنة إلا أن سر النجاح يكمن في كيفية التغلب على المشاكل وأخذ القرار الشجاع في إنهائها وأن تكون بعيدة عن أعين الأطفال, إن ظهر منها أمر أمامهم فعليهم بجرأة الشجاعة الحكيمة أن يظهروا التفاهم السريع أمام عدسات أولادهم البريئة .

6- السعي لإصلاح المجتمع :

ومن الأمور التي تنجح التربية الأسرية هو السعي الى إصلاح المجتمع ضمن مشروع الدولة المتكامل إن أمكن أو المؤسسات الهادفة والأنشطة الفردية كحد أدنى ؛ لأن الجو العام السائد في المجتمع له أثر كبير على الزمن الفرد والأسرة , ولعل عادة سيئة شائعة بين الناس تطغى على أي مشروع تربوي داخل البيت , كما إن عشرة الأولاد مع أصدقائهم في المدارس فيهم أكثر من تعاليم آبائهم .

إن الخطر كبير من الثقافة غير الإسلامية والتي تأتينا عبر شاشة التلفزيون والستالايت, الأنترنت ناهيك عن البرامج المعدة سلفا حتى على مستوى المجلة والجريدة والنشرة الصغيرة  ويافطات الأعلام والذي يتمحور في الغزو الثقافي لمجتمعنا وبيوتنا والذي يسعى لتفكيك القيم من المجتمعات, في خلفية السيطرة على البُنى التحتية والموارد الاقتصادية وأسواقها .

إن الأمر ذو أهمية بمكان ويحتاج الى جهود متنوعة ومخلصة على كل الأصعدة ولا ننسى التنويه بالمؤسسات الإعلامية والثقافية والمدرسية التي أخذت على عاتقها المشروع الإصلاحي وإن كنا نتأسف من عدم قيام الدول بالمسؤوليات الملقاة على عاتقها .

وتبقى جهود الأهل هي سيدة الموقف في التوجيه والهداية والمراقبة للأولاد .

مما يصعب السيطرة عليه إلا بمراقبة الأولاد ...

قال الشيخ محمد تقي الفلسفي : إن من أهم شروط التعالي والتكامل للأطفال والكبار هو كون الجو الذي يعيشون فيه حرا ذلك أنه عندما يكفهر وجه المجتمع بالظلم والتجاوز ويسود الاستبداد والضغط الشديد... وحين يحل اليأس محل الأمل, والظلم محل العدل، والاستهتار والفوضى بدل القانون, والخوف بدل الهدوء... فمن المحتم أن ينقطع السبيل الى التكامل في ذلك المجتمع, والذين يعيشون في أمثال هذه المجتمعات لا يقدرون على إخراج استعداداتهم الخفية وذخائرهم المعنوية من مرحلة القوة الى حيز الوجود والفعلية بالشكل المناسب, ولا ينالون الترقي والتكامل اللذين يصبون إليهما, الأسرة هي مهد تربية الأطفال, والوطن الواسع هو البيئة التربوية للكبار,

وإن ما لا شك فيه هو أن الشرط الأول للتربية الصحيحة وإحياء الاستعدادات المختلفة هو الجو

المناسب والعوامل المساعدة .. (27).

7- وحدة المنهج بين الوالدين :

(يجب على الوالدين الاتفاق على منهج واحد مشترك يحدد لهما العلاقات والأدوار والواجبات في مختلف الجوانب , والمنهج الإسلامي بقواعده الثابتة هو من أفضل المناهج التي يجب تبنيها  في الأسرة المسلمة (وفي كل المجتمعات إن كان هناك انصاف خال من العصبية والتعصب), فهو منهج رباني موضوع من قبل الله تعالى المهيمن على الحياة بأسرها والمحيط بكل دقائق الأمور وتعقيدات الحياة, وهو منهج منسجم مع الفطرة الإنسانية, لا لبس فيه ولا غموض ولا تعقيد ولا تكليف بما لا يُطاق, وهو موضع قبول بالفطرة الإنسانية السليمة فجميع التوجيهات والقواعد السلوكية تستمد قوتها وفاعليتها من الله تعالى , وهذه الخاصية تدفع الاسرة الى الاقتناع باتباع هذا المنهج وتقرير مبادئه في برامجها, فلا مجال للنقاش في خطئه أو محدوديته أو عدم القدرة على تنفيذه, نعم هو بحاجة الى التعمق به والى حُسن إدراكه وفهمه والى الفن العالي في تحصيل لآلئه وجواهره, فهو الكفيل بتحقيق السعادة الأسرية التي تساعد على تربية الطفل تربية صالحة وسليمة, على إصلاح الخلل في العلاقات والتقصير في أداء الأدوار .

والمنهج الإسلامي وضع قواعد كلية في التعامل والعلاقات والأدوار والسلوك, أما القواعد الفرعية  أو تفاصيل القواعد الكلية ومصاديقها فإنها تتغير بتغير الظروف والعصور, فيجب على الوالدين الاتفاق على التفاصيل والمسائل الفرعية ولو بمراجعة المراجع الدينيين والأخصائيين فيتفقان, على قواعد ومعايير ثابتة ومقبولة من كليهما, سواء في العلاقات القائمة بينهما أو علاقاتهما مع الأطفال والأسلوب التربوي الذي يجب اتباعه معهم؛ لأن الاختلاف في طرق التعامل وفي اسلوب العلاقات يؤدي الى اضطراب في الضوابط والقواعد في آن واحد, وهذا ما يؤدي الى قلقه النفسي والعاطفي والسلوكي. (فإن الأطفال الذي يأتون من بيوت لا يتفق فيها الأب والأم فيما يخص تربية أطفالهم يكونون أطفالا معضلين أكثر ممن عداهم)(28). ويتأكد هذا الأمر بحق الوالدين اللذين ينتميان الى منهجين دينيين أو سياسيين .

8- الصبر الممكن دون خيار الطلاق : 

من الأمور التي تؤدي إلى سوء التربية وفشل الأولاد تعليمياً واجتماعيا هو لجوء الأهل الى خيار الطلاق وقد (حذر الإسلام من الطلاق وإنهاء العلاقة الزوجية للآثار السلبية التي يتركها على الزوجين وعلى الأطفال وعلى المجتمع, فالطلاق مصدر القلق عند الأطفال ومصدر للاضطراب النفسي والعاطفي والسلوكي, حيث إن الطفل بحاجة الى الحب والحنان من كلا الوالدين على حد سواء, بل إن التفكير المجرد بالطلاق يولد القلق والاضطراب في أعماقه, فيبقى في دوامة من المخاوف والاضطرابات التي تنعكس سلبيا على ثباته وإدامتها للحيلولة دون الوصول الى قرار فصم العلاقات الزوجية, وتهديم الأسرة, فحذر من الطلاق في مواضع مختلفة, قال رسول الله (صلى الله عليه واله) : (أوصاني جبرائيل (عليه السلام) بالمرأة  حتى ظننت أنه لا ينبغي طلاقها إلا من فاحشة مبينة) (29) .

وقال الإمام جعفر الصادق (عليه السلام): (ما من شيء مما أحله الله عز وجل أبغض إليه من الطلاق وإن الله يبغض المطلاق الذواق)(30) .

وقال (عليه السلام): (إن الله عز وجل يحب البيت الذي فيه العرس, ويبغض البيت الذي فيه

الطلاق , وما من شيء أبغض الى الله عز وجل من الطلاق) (31) .

وحث الإسلام على اتخاذ التدابير الموضوعية للحيلولة دون وقوع الطلاق, فدعا الى توثيق

روابط المودة والمحبة, ودعا الى حل المشاكل والخلافات التي تؤدي الى الطلاق, فأمر الله بالعشرة بالمعروف, قال الله تعالى: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا}[النساء: 19]

وحث على الإصلاح وإعادة التمسك الأسري, قال الله تعالى: {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ}[النساء:128] فالصلح أولى من عدمه, وبما أن القلوب والمشاعر تتغير من وقت لآخر ومن ظرف لآخر فإن الإسلام حث الى إجراء مفاوضات الصلح قبل القرار بالانفصال, قال تعالى: {وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا}[النساء: 35]

(وإذا لم تنفع كل محاولات الإصلاح وإعادة العلاقات الى مجاريها, وإذا لم تتوقف التشنجات والتوترات إلا بالطلاق ,فقد يكون الطلاق سعادة لكلا الزوجين, ولكنه يؤثر على نفسية الطفل, وينعكس على سلوكه, ولهذا منح الإسلام فرصة جديدة للعودة الى الحياة الزوجية فأعطى للرجل حق العودة أثناء العدة دون عقد جديد, بعد العدة بعقد جديد وجعل للرجل حق العودة بعد الطلاق الأول والثاني, فإذا لم تنجح محاولات إعادة العلاقة الزوجية, وتم انفصالها, يجب على الوالدين مراعاة مشاعر الطفل ومنحه الحنان والحب, ويجب عليهما توفير كل الظروف التي تساعده على الإيمان والراحة والسعادة , كما يجب المحافظة على سلوكها الأخلاقي مع بعضهما البعض فلا يقعان في البهتان والغيبة وكشف المساوئ, متى يستطيع الطفل تحمل صدمة الطلاق, أما إذا لم يتبع الوالدان المتفارقان القيم الأخلاقية مع بعضهم البعض, فإن الطفل سوف يبغض الحياة ويحتقر نفسه, وستنعكس على عواطفه اتجاه والديه نظرة غير سليمة, فهو يحبهما ويبغضهما في آن واحد بعد اطلاعه على مساوئهما, فيبقى يعيش في دوامة من القلق والاضطراب وتزداد همومه يوما بعد يوم وتنعكس سلبيا على علاقاته الاجتماعية, وعلاقاته الأسرية في المستقبل(32), ويكون عندئذ محلا قابلا لأي انحراف تربوي يتعرض له.

ـ جسور التواصل الإيجابي مع الأبناء :

- استمعوا لشكواهم وتفاعلوا معهم وساعدوهم على حلها .

- افسحوا لهم المجال للتعبير عن آرائهم وأفكارهم بحرية .

- عاملوهم باحترام مثلما ترغبون أن يعاملوكم .

- سامروهم بين الحين والآخر مما يقربهم إليكم .

- تجنبوا توجيه الانتقادات لهم والتي تؤدي الى ضعف شخصيتهم وثقتهم بأنفسهم أمام الناس أو غير ذلك .

- حاسبوا سلوكهم ولا تحكموا عليهم .

ـ التوجيه الأسري :

1ـ الاحترام .

2- العاطفة .

3- النظام .

4- المرونة .

5- الحوار .

ـ التوجيه النفسي :

يعتمد التوجيه النفسي على تحقيق التوجيه الأسري. والسؤال هو: لماذا أغلب أبناء هذا الجيل يعاني من ابتعاد الأهل العاطفيين, ألم تلاحظوا بأن معظم المشاكل سببها ابتعاد الأهل!!!

العجب أن عادة الأهل يقولون أثناء غياب الأبناء أمام الناس (أولادي هم أغلى الناس عندي) بينما الأهل يبخلون عليهم بالكلام المهذب والأسلوب اللطيف !!!

____________

1ـ الكافي 47:6 ح5 باب تأديب الولد .

2ـ مستدرك الوسائل 625:2 . وكان من شعره (عليه السلام) قوله :

ألـم تعـلمـوا أنـا وجــدنـا محمدا         رسولا كموسى خط في أول الكتب

وأن عـلـيه فـي الـعـبـاد محبـة       ولا حيف فيمن خصه الله بالحب

وإن الـذي رقـشـتـم في كـتابكم       يكون لكم يوما كراغية السقب

أفيقوا أفيقوا قبل أن تحفر الزبى     ويصبح من لم يحن ذنبا كذي الذنب

ولا تتبعوا أمر الغواة وتقطعوا       أواصرنا بعد المودة والقرب

راجع بحار الأنوار : 31/160 وما بعدها .

3ـ قاموس الطفل الطبي : 294 , عنه تربية الطفل في الإسلام : 54 , مركز الرسالة , قم مع تصرف غير مخل.

4ـ مشاكل الآباء في تربية الأبناء: 248, عنه تربية الطفل في الإسلام: 55,مركز الرسالة, قم.

5- كنز العمال 456:16 ح45409 .

6- قد فصلنا ذلك في كتاب عجائب قدرة آل محمد (عليهم السلام) ط , دار الصفوة .

7- علم الاجتماع نقولا الحداد : 86 .

8- علم الاجتماع : 140 .

9- علم النفس جميل صليبا : 728 .

10- تربية الطفل في الإسلام : 112 – 110 , مركز الرسالة , قم .

11- كمال الدين وتمام النعمة : 3/653 .

12- تحف العقول : 368 .

13- تاريخ اليعقوبي 320:2 .

14- قاموس الطفل الطبي : 328 , عنه تربية الطفل في الإسلام : 58 , مركز الرسالة قم .

15- علم النفس , لعبد العزيز القوصي : 264 .

16- علم النفس التربوي , لفاخر عاقل : 100 – 101 .

17- تربية الطفل في الإسلام : 58 , مركز الرسالة , قم.

18- مستدرك الوسائل 618:2 .

19- مستدرك الوسائل 626:2 .

20- عدة الداعي : 61 .

21- الكافي 50:6 ح6 بر الأولاد .

22- وسائل الشيعة 133:20 ح2 باب 67 .

23- وسائل الشيعة 134:20 ح7 باب 67 .

24- أضواء على النفس البشرية , للدكتور الزين عباس عمارة : 302 – دار الثقافة ببيروت – 1407هـ ط1 .

25- أضواء على النفس البشرية , للدكتور الزين عباس عمارة : 302 – دار الثقافة ببيروت – 1407هـ ط1 , عنه كتاب تربية الطفل في الإسلام : 18 , مركز الرسالة , قم .

26- مشاكل الآباء في تربية الأبناء : 45 , عنه كتاب تربية الطفل في الإسلام : 19 , مركز الرسالة , قم.

27- الطفل بين الوراثة والتربية – الشيخ محمد تقي الفلسفي : 1/379 المحاضرة الخامسة

عشرة .

28ـ علم النفس التربوي، للدكتور فاخر عاقل:111- دار العلم للملايين1985ط11، عنه تربية الطفل في الاسلام:10-11،مركزالرسالة،قم (مع بعض التصرف داخل الهلالين).

29- من لا يحضره الفقيه 278:3 باب حق المرأة على الزوج .

30- الكافي 54:6 باب كراهية طلاق الزوجة الموافقة – الذواق : السريع النكاح السريع الطلاق .

31- الكافي 54:6 باب كراهية طلاق الزوجة الموافقة .

32- تربية الطفل في الإسلام : 23 – 25 , مركز الرسالة , قم .




احدى اهم الغرائز التي جعلها الله في الانسان بل الكائنات كلها هي غريزة الابوة في الرجل والامومة في المرأة ، وتتجلى في حبهم ورعايتهم وادارة شؤونهم المختلفة ، وهذه الغريزة واحدة في الجميع ، لكنها تختلف قوة وضعفاً من شخص لآخر تبعاً لعوامل عدة اهمها وعي الاباء والامهات وثقافتهم التربوية ودرجة حبهم وحنانهم الذي يكتسبونه من اشياء كثيرة إضافة للغريزة نفسها، فالابوة والامومة هدية مفاضة من الله عز وجل يشعر بها كل اب وام ، ولولا هذه الغريزة لما رأينا الانسجام والحب والرعاية من قبل الوالدين ، وتعتبر نقطة انطلاق مهمة لتربية الاولاد والاهتمام بهم.




يمر الانسان بثلاث مراحل اولها الطفولة وتعتبر من اعقد المراحل في التربية حيث الطفل لا يتمتع بالإدراك العالي الذي يؤهله لاستلام التوجيهات والنصائح، فهو كالنبتة الصغيرة يراقبها الراعي لها منذ اول يوم ظهورها حتى بلوغها القوة، اذ ان تربية الطفل ضرورة يقرها العقل والشرع.
(أن الإمام زين العابدين عليه السلام يصرّح بمسؤولية الأبوين في تربية الطفل ، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى ، وأن التقصير في ذلك يعرّض الآباء إلى العقاب ، يقول الإمام الصادق عليه السلام : « وتجب للولد على والده ثلاث خصال : اختياره لوالدته ، وتحسين اسمه ، والمبالغة في تأديبه » من هذا يفهم أن تأديب الولد حق واجب في عاتق أبيه، وموقف رائع يبيّن فيه الإمام زين العابدين عليه السلام أهمية تأديب الأولاد ، استمداده من الله عز وجلّ في قيامه بذلك : « وأعني على تربيتهم وتأديبهم وبرهم »)
فالمسؤولية على الاباء تكون اكبر في هذه المرحلة الهامة، لذلك عليهم ان يجدوا طرقاً تربوية يتعلموها لتربية ابنائهم فكل يوم يمر من عمر الطفل على الاب ان يملؤه بالشيء المناسب، ويصرف معه وقتاً ليدربه ويعلمه الاشياء النافعة.





مفهوم واسع وكبير يعطي دلالات عدة ، وشهرته بين البشر واهل العلم تغني عن وضع معنى دقيق له، الا ان التربية عُرفت بتعريفات عدة ، تعود كلها لمعنى الاهتمام والتنشئة برعاية الاعلى خبرة او سناً فيقال لله رب العالمين فهو المربي للمخلوقات وهاديهم الى الطريق القويم ، وقد اهتمت المدارس البشرية بالتربية اهتماماً بليغاً، منذ العهود القديمة في ايام الفلسفة اليونانية التي تتكئ على التربية والاخلاق والآداب ، حتى العصر الاسلامي فانه اعطى للتربية والخلق مكانة مرموقة جداً، ويسمى هذا المفهوم في الاسلام بالأخلاق والآداب ، وتختلف القيم التربوية من مدرسة الى اخرى ، فمنهم من يرى ان التربية عامل اساسي لرفد المجتمع الانساني بالفضيلة والخلق الحسن، ومنهم من يرى التربية عاملاً مؤثراً في الفرد وسلوكه، وهذه جنبة مادية، بينما دعا الاسلام لتربية الفرد تربية اسلامية صحيحة.