المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
القيمة الغذائية للثوم Garlic
2024-11-20
العيوب الفسيولوجية التي تصيب الثوم
2024-11-20
التربة المناسبة لزراعة الثوم
2024-11-20
البنجر (الشوندر) Garden Beet (من الزراعة الى الحصاد)
2024-11-20
الصحافة العسكرية ووظائفها
2024-11-19
الصحافة العسكرية
2024-11-19



معيار اختصاص القضاء الإداري  
  
23608   11:38 صباحاً   التاريخ: 4-4-2017
المؤلف : وسام صبار العاني
الكتاب أو المصدر : القضاء الاداري
الجزء والصفحة : ص160-175
القسم : القانون / القانون العام / القانون الاداري و القضاء الاداري / القضاء الاداري /

يختص القضاء الإداري بنظر المنازعات الإدارية، وتتحقق هذه الصفة في المنازعة اذا كان موضوعها يتعلق بنشاط الإدارة باعتبارها شخصا من اشخاص القانون العام، اما الأنشطة التي تقوم بها الإدارة بوصفها شخصا من اشخاص القانون الخاص فتخرج عن نطاق القانون الإداري وتخضع – شانها شان المنازعات بين الافراد – الى احكام القانون الخاص، ومن ثم يكون القضاء العادي هو صاحب الولاية في نظرها. ومعنى ذلك، ان ثمة علاقة قائمة وارتباط شديد بين المنازعات التي يكون موضوعها نشاطا صادرا عن الإدارة بوصفها شخصا عاما وبين أساس القانون الإداري ونطاق تطبيقه، الامر الذي يستدعي البحث عن معيار مناسب لتحديد العمل الإداري الذي يكون موضوعا للمنازعة الإدارية التي يختص بها القضاء الإداري. ولم يكن منهج التشريع المقارن – لا في فرنسا ولا في غيرها من دول القضاء المزدوج – كافيا لوضع مثل هذا المعيار. ويختلف منهج المشرع من هذه المسالة، فقد يكون سلبيا فيسكت عن وضع القواعد الكفيلة بتوزيع الاختصاص بين جهتي القضاء الإداري والعادي، تاركا هذه المهمة للفقه والقضاء. وقد يكتفي المشرع بتحديد اختصاص احدى الجهتين بنظر موضوعات معينة تاركا اختصاص النظر فيها عداها للجهة الأخرى، أي ان تكون الجهة الأولى ذات اختصاص محدود بينما تكون الثانية ذات الولاية العامة او الاختصاص الشامل (1). ولم يستطع المشرع الفرنسي صياغة معيار حاسم لحل هذه المسالة بل كان موقفه منها يتسم بالعمومية والغموض(2)، ولذلك كانت المعايير المختلفة لتوزيع الاختصاص من وضع القضاء الفرنسي نفسه سواء في ذلك محكمة التنازع او مجلس الدولة او محكمة النقض. وسنعرض لمحاولات القضاء بشان هذه المسالة ثم موقف الفقه منها.

المطلب الأول

المعايير القضائية لتوزيع الاختصاص القضائي

رغم التطور الذي لحق بمحاولات القضاء بشان صياغة معيار حاسم لتحديد اختصاص كل من جهتي القضاء الإداري والعادي، الا انها تدور بين فكرتي طبيعة العمل والمرفق العام.

الفرع الأول

معيار طبيعة العمل الإداري – السلطة العامة

لقد كان المعيار السائد خلال النصف الأول من القرن التاسع عشر، واسعا جدا بحيث أدى الى اتساع اختصاص القضاء الإداري ليشمل جميع المنازعات التي تكون الإدارة طرفا فيها، ومرد ذلك يمكن فيما كانت تستهدفه الإدارة من انشاء مجلس الدولة من استقلال تام في مواجهة المحاكم العادية. ثم اتجه القضاء، منذ بدايات النصف الثاني للقرن التاسع عشر، نحو التمييز بين نوعين من اعمال الإدارة، اعمال السلطة العامة، واعمال الإدارة العادية. فالاولى هي اعمال الإدارة التي تصدر عنها بوصفها سلطة عامة وتتخذ صورة الأوامر والنواهي وهذه الاعمال وحدها تخضع للقانون الإداري ويختص بنظرها القضاء الإداري، كالقرارات الإدارية. اما الطائفة الثانية من اعمال الإدارة، فهي اعمال الإدارة العادية التي لا تصدر عن الإدارة بوصفها سلطة عامة ولا تصدر عن ارادتها المنفردة – وهي العقود – وهي شبيهة بالاعمال او التصرفات التي يقوم بها الافراد، ومن ثم فانها تخضع لقواعد القانون الخاص ويختص بنظرها القضاء العادي. ويسوغ معيار السلطة العامة من الناحية القانونية سببان، أولهما ان رقابة القضاء العادي لا تعد انتهاكا لاستقلال الإدارة الا في مجال السلطة العامة لانها الاعمال التي تاتيها الإدارة باعتبارها صاحبة السلطة، فيكون تدخل القضاء العادي بشانها اعتداء على هذه السلطة، اما السبب الثاني فيتمثل في ان اعمال السلطة العامة وحدها التي تستلزم وجود قانون اداري متميز عن القانون المدنية وقضاء متخصص، لانها تختلف عن الاعمال والتصرفات العادية التي تصدر عن الافراد، ولذلك يجب ان تكون لوحدها مجال ومناط اختصاص القضاء الإداري، وترتب على الاخذ بهذا المعيار التضييق من دائرة اختصاص مجلس الدولة(3)، اذ خرجت منها المنازعات المتعلقة باعمال الإدارة العادية(4). ويعد (برتلمي) و (هوريو) من اشهر المنادين بمعيار السلطة العامة او طبيعة العمل الإداري. ولم يدم اعماد القضاء الفرنسي على هذا المعيار لحل مشكلة توزيع الاختصاص بين جهتي القضاء الإداري والقضاء العادي، اذ سرعان ما تخلى عنه ليعتنق معيارا جديدا يقوم على أساس تحديد اختصاص القضاء الإداري بنظر الناع كلما كان متعلقا بتنظيم او سير مرفق من المرافق العامة، بصرف النظر عما اذا كانت تتصرف بصفتها سلطة عامة او كان تصرفها عاديا.

الفرع الثاني

معيار المرفق العام

عدل القضاء الفرنسي عن معيار السلطة العامة بمناسبة قضية (blanco) سنة 1873، الصادر عن محكمة التنازع الفرنسية، اذ استبدلت المحكمة معيار المرفق العام بمعيار السلطة العامة بوصفه أساسا لتحديد اختصاص للقضاء الإداري(5). ومؤدى هذا المعيار ان الدولة ليست مجرد شخصا يتمتع بالسيادة والسلطان او ان لها ارادة ذاتية تعلو إرادة الافراد فقط، بل هي – أيضا – مجموعة من المرافق العامة تعمل لخدمة المجتمع واشباع حاجات الافراد، وهذه المرافق تتميز بانها مشروعات يعجز الافراد عن القيام بها، او انه ليس لهم مصلحة في القيام بها، ولذلك تصبح المرافق العامة هي الميدان الحقيقي لتطبيق القانون الإداري وتحديد اختصاص القضاء الإداري، فوجود قانون اداري يستلزم قضاء متخصصا، ومجال هذا القانون هو تنظيم وسير المرافق العامة، اما أوجه نشاط الإدارة خارج ميدان المرافق العامة فانها لا تحتاج الى قواعد خاصة متميزة عن قواعد القانون المدني، ومن ثم لا تستلزم وجود قضاء متخصص. ولقد ترتب على هذا المعيار توسيع اختصاص مجلس الدولة، ذلك ان تنظيم المرافق العامة وسيرها يمثلان الحيز الأكبر في ميدان النشاط الإداري ووظائف الإدارة. ونتيجة للواقع العلمي والاقتصادي الجديد الذي اعقب الحرب العالمية الأولى، وما رافقه من ظهور الحاجة لمرافق جديدة ات طابع خاص، فقط طرا على معيار المرفق العام تطور جديد نحو التضييق من نطاق تطبيقه. ونجم هذا التطور عن اعتبارين: الأول قانوني يتمثل في اخراج بعض المنازعات المتعلقة بالمرافق العامة التي تستعمل الإدارة لتسييرها وسائل القانون الخاص، والاعتبار الثاني عملي يتمثل في الزيادة الكبيرة في عدد القضايا المعروضة على القضاء الإداري نتيجة للأخذ بهذا المعيار مما اضطر مجلس الدولة الى ان يترك للقضاء العادي جانبا من المنازعات المتعلقة بالمرافق العامة. وبذلك اصبح تعلق النزاع بمرفق عام شرطا ضروريا لانعقاد الاختصاص لجهة القضاء الإداري، ولكنه لم يعد شرطا كافيا لترتيب هذه النتيجة.

المطلب الثاني

المعايير الفقهية لتوزيع الاختصاص القضائي

لقد استمر العمل بمعيار المرفق العام لتحديد اختصاص القضاء الإداري، في فرنسا، منذ حكم (بلانكو) سنة 1873 والى الان، وان كان قد طرا عليه عقب الحرب العالمية الأولى تطور كبير، اذ قاد الواقع السياسي والاقتصادي والاجتماعي الذي نتج عن التطور العلمي والتكنولوجي الى تدخل الدولة في مجالات جديدة كانت وقفا على النشاط الفردي، وقيامها بانشاء مرافق عامة صناعية وتجارية تباشر نشاطا شبيها بنشاط الافراد، مما أدى الى التضييق من نطاق تطبيق نظرية المرفق العام بخروج كثير من المنازعات المتعلقة بنشاط المرافق العامة من اختصاص القضاء الإداري، لان نشاط المرافق الجديدة قد اخضع الى قواعد القانون الخاص، فضلا عن الاستثناءات التقليدية القديمة على هذا المعيار. وعلى صعيد الفقه يعد (دوجي) زعيم مدرسة المرق العام ويؤيده فريق من الفقهاء منهم (جيز) و(بونارد). ويرى (دروجي) بان المرافق العامة هي حجر الزاوية في القانون الإداري، بل هي أساس القانون العام كله، فالدولة في نظره ليست الا كتلة من المرافق العامة المنظمة الخاضعة لرقابة الحكومة، ويتحدد نطاق القانون الإداري بالاهداف التي تسعى الدولة الى تحقيقها، وهي أداء خدمات عامة للجمهور أي القيام بالمرافق العامة. فهدف المرفق العام هو الذي يسوغ ويفسر النظام القانوني الاستثنائي الذي يطبق على الأشخاص الذين يعملون في المرافق العامة، وعلى الأموال المخصصة المرافق العامة، وعلى الأموال المخصصة للمرافق العامة، وعلى تصرفات واعمال الإدارة في قيامها بالمرافق العامة. ويرى (جيز) ان فكرة المرافق العامة هي الفكرة الأساسية المركزية للقانون الإداري، كما يعرف (بونارد) القانون الإداري بانه قانون المرافق العامة. والدولة في نظر هذه المدرسة، تسعى الى تحقيق هدف معين هو أداء المرافق العامة، وتستخدم في سبيل ذلك وسيلة السلطة العامة، فهذه السلطة لا يبررها الا الهدف الذي تستخدم لتحقيقه وهو المرافق العامة. وبالرغم من ان الأساس القانون والمنطقي الذي ترتكز عليه مدرسة (المرفق العام) وجهود أنصارها في ترسيخ هذا الأساس، الا ان فكرة (المرفق العام) بحد ذاتها لم تعد كافية لتحديد نطاق تطبيق القانون الإداري، ومن ثم لم تعد صالحة بوصفها معيارا لتوزيع الاختصاص بين كل من القضاء الإداري والقضاء العادي، بفعل الازمة التي عصفت بهذه الفكرة وتراجع المعيار الذي يستند عليها، مما دفع الفقهاء للبحث عن معيار جديد لتحديد نطاق اختصاص القضاء الإداري.

الفرع الأول

معيار السلطة العامة

لقد كان معيار السلطة العامة الذي صاغه القضاء الفرنسي يقوم على أساس ان الدولة تتمتع بحق السيادة والسلطان وان لها تبعا لذلك ان تعلو ارادتها على إرادة المحكومين، وتسم اعمالها الى طائفتين: اعمال السلطة التي تصدر عن الإدارة بصورة أوامر ونواهي، واعمال الإدارة العادية وبينما تخضع الأولى للقانون الإداري ويختص بنظرها القضاء الإداري كالقرارات الإدارية، فان الثانية، وهي العقود، تخضع الى قواعد القانون الخاص ورقابة القضاء العادي. ويؤمن فريق من الفقهاء بالسلطة العامة بوصفها أساسا للقانون الإداري ويتزعم (هوريو) هذا الاتجاه، ويعد (بارتلمي) من اشهر أنصاره. وفي حين يتمسك (بارتلمي) بالفكرة القديمة التي صاغها القضاء الفرنسي لتحديد نطاق القانون الإداري واختصاص القضاء الإداري، التي تقوم على التمييز بين اعمال السلطة العامة واعمال الإدارة العادية، فان (هوريو)، بالرغم من اعتراضه على نظرية (المرفق العام) يرفض الرجوع الى الفكرة القديمة للسلطة العامة، فهو يرى ان العنصر الاساسي للنظام الإداري انما يتركز في استعمال وسائل القانون العام وامتيازاته أي في السلطة العامة، فالقانون الإداري ليس هو قانون المرافق العامة، وانما هو قانون السلطة العامة، أي القانون الذي ينظم ممارسة الإدارة لامتيازات وحقوق السلطة العامة، وهذه السلطة هي محور القانون الإداري ومسوغ نشأته. وما ينادي به (هوريو) في مفهومه الجديد عن السلطة العامة، يختلف عن المفهوم السابق الذي كان يقوم على أساس التمييز بين اعمال السلطة العامة والاعمال العادية للإدارة، فوفقا للمفهوم القديم كانت عقود الإدارة جميعها تعد من الاعمال العادية للإدارة ومن ثم كانت تخرج من اختصاص القضاء الاداري، اما النظرية الجديدة فانها تدخل في هذا الاختصاص طائفة من العقود الإدارية، وهي التي تلجا فيها الإدارة الى استعمال امتيازات وسلطات القانون العام، بتضمينها شروطا استثنائية غير مألوفة في عقود القانون الخاص.

الفرع الثاني

معيار المنفعة العامة

ذهب (فالين) الى المناداة باستبعاد معيار المرفق العام بناء على ما وجه لهذا المعيار من نقد، لانه لا يتوائم مع الحالات التي تلجا فيها السلطة العامة الى أساليب القانون الخاص في ادارتها للمرافق العامة وكذلك بالنسبة للمرافق الصناعية والتجارية اذ تضع بعض المنازعات المتعلقة بالمرافق المذكورة لاختصاص المحاكم العادية، ولان هذا المعيار يضيق في أحيان أخرى للحد الذي لا يستوعب فيه الحالات التي يمتد فيها نطاق اختصاص القضاء الإداري خارج دائرة المرافق العامة.  كما نادي (فالين) باستبعاد معيار (السلطة العامة) – أيضا – لان استعمال وسائل وامتيازات السلطة العامة وان كان دائما يؤدي الى تطبيق القانون الإداري وانعقاد الاختصاص للقضاء الإداري، الا انه لا يصلح معيارا، لانه لا يفسر تطبيق

هذا القانون واختصاص ذلك القضاء في حالات أخرى لا تمارس فيها مظاهر السلطة العامة(6). ولذلك ذهب (فالين) الى المناداة باحلال فكرة (المنفعة العامة) محل نظريتي (المرفق العام) و(السلطة العامة)، بوصفه أساسا لتحديد القانون الإداري واختصاص القضاء الإداري، باعتبار ان هذه الفكرة وحدها هي التي تفسر تطبيق القانون الإداري في جميع الحالات التي يطبق فيها. فالادارة – في نظر (فالين) – تستهدف بنشاطها الإداري تحقيق النفع العام وان المرفق العام ليس سوى وسيلة من الوسائل الموجهة لخدمة المنفعة العامة. لكن فكرة (المنفعة العامة) وارتهان تطبيق القانون الإداري واختصاص القضاء الإداري بهدف تحقيقها على النحو الذي نادى به (فالين)، لم تلق قبولا لدى الفقه وتعرضت لنقد شديد، على أساس انها لا تفسر خضوع المشروعات الخاصة المملوكة للدولة للقانون الخاص وللقضاء العادي بالرغم من انها تستهدف النفع العام في النهاية، او حين تلجا الدولة الى أساليب القانون الخاص – أحيانا – في ادارتها لبعض المرافق العامة كان تبرم بهذا الشأن عقدا مدنيا بدلا من الالتجاء الى أسلوب العقد الإداري بحثا عن اكبر قدر من المنفعة العامة وكذا الحال بالنسبة للمرافق العامة الصناعية والتجارية، فلا شك ان الإدارة تستهدف بها تحقيق النفع العام، ومع ذلك فهي لا تخضع – دائما – للقانون الإداري، بل هي تخضع أساسا للقانون الخاص او لنظام قانوني مختلط، في بعض الأحيان. فضلا عن ان تحقيق المنفعة العامة هدفا يتوخاه الافراد بمشروعاتهم الخاصة ذات النفع العام فهل يكفي استهداف هذه المشروعات للنفع العام لتطبيق القانون العام عليها، وانعقاد الاختصاص للقضاء الإداري بالنسبة لجميع المنازعات المتعلقة بها؟ وبالرغم من ان مجلس الدولة الفرنسية قد اعتمد هذا المعيار بمناسبة حكمه في قضية (مونسيكو) سنة 1921، الا ان المجلس سرعان ما تخلى عنه(7).

الفرع الثالث

معيار امتيازات السلطة العامة

يرى (فيدل) ان امتيازات السلطة العامة هي الطابع المميز للقانون العام القائم على عدم المساواة، عن علاقات القانون الخاص المبني على المساواة المطلقة بين الافراد، وان هذه الامتيازات هي الحد الفاصل بين قواعد القانون العام وقواعد القانون الخاص، وتكون هي وحدها مجال تطبيق القانون العام ومعيار اختصاص القضاء الإداري. وعليه فان تطبيق القانون الإداري وانعقاد الاختصاص للقضاء الإداري مرهون بالحالات التي تباشر فيها الإدارة امتيازات السلطة العامة بشان مرفق عام من مرافقها، ففكرة (المرفق العام) هي عنصر هام من عناصر القانون الإداري، اما حدر الزاوية في بناء هذا القانون فهو امتيازات السلطة العامة فيها يرتبط تطبيق القانون الإداري، واختصاص القضاء الإداري، فخضوع المرفق العام لنظام القانون العام او نظام القانون الخاص يكون تبعا لما اذا كانت الإدارة تستعمل امتيازات السلطة العامة أو لا تستعملها. ولذلك فان فكرة (السلطة العامة) عند (فيدل) تختلف عن تلك التي نادى بها (هوريو) بالرغم مما قيل من ان ما ذهب اليه (فيدل) تختلف عن تلك التي نادى بها (هوريو) بالرغم مما قيل من ان ما ذهب اليه (فيدل) تختلف عن تلك التي نادى بها (هوريو). فالسلطة التنفيذية – في نظر (فيدل) – تمارس نوعين من الأنشطة، الأول يهدف الى اشباع الحاجات العامة عن طريق المرافق العامة، والثاني يهدف الى حماية النظام العام بوساطة الضبط الإداري، ولا يكفي لتعيين مجال القانون الإداري واختصاص القضاء الإداري مجرد وجود هذه الأنشطة، بل لا بد من مصاحبة هذه الأنشطة لسلطة عامة، وان هذه السلطة ترتب للإدارة امتيازات بموجب الدستور والقانون مما يجعلها في مركز اقوى من الافراد – كسلطتها في التنفيذ المباشر، ونزع الملكية للمنفعة العامة – ومن ثم فان هذه الامتيازات المتحققة للإدارة بصفتها سلطة عامة هي التي تسوغ تطبيق قواعد القانون الإداري واختصاص القضاء الإداري على المنازعات المتعلقة بها. لكن المتامل لفكرة امتيازات السلطة العامة يجدها لا تصلح أساسا لتفسير وتسويغ كل قواعد القانون الإداري، فليست جميع قواعد هذا القانون من شانها ان تمنح الإدارة سلطات او امتيازات، بل العكس فمنها ما يضع على عاتقها التزامات، ويكبلها بقيود فيما تمارسه من نشاط اداري وهي بصدد القيام بوظائفها، فمثلا تتقيد الإدارة باختيار المرشحين للتعيين بالوظائف العامة بسلم ترتيبهم في النجاح في امتحان المسابقة الذي يعقد لهم، كما تخضع الإدارة فيما تبرمه من عقود باجراء المناقصات او المزايدات التي تضمن احسن شروط الشراء والتنفيذ وكذا البيع والامتياز، كما تلتزم الإدارة في استعملها لسلطات الضبط الإداري بالا تستهدف سوى الغرض الذي قصده المشرع من وراء منحها تلك السلطات وهو المحافظة على الامن العام والصحة العامة والسكينة العامة.

الفرع الرابع

معيار وسائل القانون العام

ان العبرة في تحديد نطاق القانون الإداري واختصاص القضاء الإداري، بيست بالنظر الى المرفق او المشروع بوصفه كلا، وانما بالنظر الى كل عمل او كل تصرف قانوني على حدة، وذلك بتحليل المركز القانون لجهة التصرف ووسائل القانون المستعملة فيما اذا كانت وسائل القانون العام ام وسائل القانون الخاص، وذلك بصرف النظر عما اذا كان المشروع مرفقا عاما او مشروعا خاصا، وبصرف النظر عن طبيعة المرفق العام وهل هو اداري ام اقتصادي. وعلى ذلك فحين تكون الجهة التي أصدرت العمل او قامت بالتصرف من اشخاص القانون العام واستعملت بشان إصداره او القيام به وسائل القانون العام، فان النظام القانوني المطبق – في هذه الحالة – هو نظام القانون العام ويكون القضاء المختص هو القضاء الإداري بصرف النظر عن طبيعة المرفق او المشروع ونوعه. اما بالنسبة للاعمال او الوقائع المادية، كالتصرفات التي تسبب بها الإدارة ضررا للافراد، فان العبرة، في تحديد النظام القانوني التي تخضع له، بمجموع العملية او المشروع الذي تقوم به الإدارة، وفيما اذا يغلب فيه استعمال وسائل القانون العام او وسائل القانون الخاص. وبناء على ذلك تخضع مسؤولية الإدارة عن اعمالها المادية لاحكام القانون العام ولاختصاص القضاء الإداري اذا كانت وسائل القانون العام هي الغالبة في إدارة المرفق الذي تسبب في الضرر. ويؤخذ على هذا الراي انكاره التام لفكرة المرفق العام وتجاهله كل أهمية له بوصفه معيارا او عنصرا من عناصر المعيار الذي يحدد تطبيق القانون الإداري، كما ان مضمون هذا المعيار لا يختلف في حقيقته عن راي انصار مذهب السلطة العامة او امتيازات القانون العام، غاية الامر انه لا يقتصر على مجرد الامتيازات التي يقررها القانون العام وانما يضيف اليها الأعباء والالتزامات التي يفرضها هذا القانون.

الفرع الخامس

معيار المرفق العام وأساليب القانون العام

يذهب (ريفيرو) الى ان عيب المعايير السابقة يتركز في اقتصارها على أساس واحد للقانون الإداري، والحقيقة انه لا يوجد معيار واحد للقانون الإداري وانما يرتكز هذا القانون على أساس مزدوج يتمثل في أوجه النشاط التي تستهدف تحقيق النفع العام التي تستخدم فيها أساليب القانون العام، وهي تلك الاساليب المختلفة عن أساليب القانون الخاص، اما لانها تمنح الإدارة امتيازات تجعلها في مركز اقوى من الافراد، واما لانها تقيد الإدارة وتحملها بأعباء والتزامات فتجعل حريتها اقل من الافراد. وقد انتقد هذا المعيار، بقصد تطويره، من جهة إصراره على التمسك بفكرة النفع العام بوصفها احدى الدعامتين التي يقوم عليها، وقد سبق وبينا الانتقادات الشديدة التي وجهت الى معيار المنفعة العامة والتي أدت الى ان يتخلى (فالين) عنه، لانه معيار واسع وفضفاض لانه جميع أنشطة الإدارة تستهدف في النهاية تحقيق النفع العام، كما ان استهداف النفع العام ليس حكرا على الإدارة، فكثير من المشروعات الخاصة تسهم في هذا المجال كالمشروعات الخاصة ذات النفع العام. فذهب الفقيه (دولوبادير) الى ان فكرة المرفق العام ما زالت تمثل حجر الأساس في شان تحديد نطاق تطبيق القانون الإداري واختصاص القضاء الإداري، لكن هذه الفكرة لا يمكن الاعتماد عليها لوحدها كما كانت عليه في السابق، نظرا لظهور المرافق العامة الصناعية والتجارية، فلابد وجود أساس اخر مكمل لها هو استخدام وسائل السلطة العامة او القانون العام. والحقيقة ان المرفق العام، كان أساس تطبيق القانون الإداري واختصاص القضاء الإداري وما زال، لكنه لم يعد وحده كافيا بسبب تزايد المرافق العامة وتنوعها وظهور المرافق الاقتصادية والصناعية، فكان لابد من إضافة عنصر جديد اليه، هو استعمال، أساليب القانون العام.  وقد أدى النقد الذي وجه الى هذا المعيار، من جهة فكرة المنفعة العامة كونها احد عنصريه، الى تطويره باتجاه إحلال فكرة المرفق العام محل فكرة النفع العام، باعتبار ان فكرة المرفق العام لم تفقد كل أهميتها بوصفها معيارا لتحديد نطاق القانون الإداري واختصاص القضاء الإداري بالرغم من الازمة التي تعرضت لها، لكنها لم تعد شرطا كافيا لها التحدي، فلا بد ان تقترن بعنصر اخر يتمثل في وجوب استعمال الإدارة، في نشاطها، لأساليب السلطة العامة او القانون العام. ان هذا الأساس او المعيار المزدوج الذي يجمع بين عنصري المرفق العام ووسائل السلطة العامة او القانون العام، هو الراي الراجح – حاليا – في الفقه والقضاء الفرنسيين، وكذلك في الفقه المصري الحديث(8).

__________________

1- انظر المادة (7) من قانون التعديل الثاني رقم (106) لسنة 1989 لقانون مجلس شورى الدولة، والمادة (9) من قانون محكمة العدل العليا – في الأردن – لسنة 1992.

2- وقد اكتفى المشرع الفرنسي، في القانون الأساسي الصادر في 16 – 24 أغسطس (اب) سنة 1790، بوضع قاعدة عامة تنص على ان: ((الوظائف القضائية متميزة وتظل منفصلة عن الوظائف الإدارية ولا يسوغ للقضائي العادي ان يأتي ما من شانه ان يؤثر في نشاط الإدارة، ولا ان يجبر رجال الإدارة على المثول امامه بسبب وظائفهم)).

3- د. محمود محمد حافظ، القضاء الإداري، ط5، دار النهضة العربية، القاهرة، 1972، ص223.

4- وتمت معالجة ذلك وارجاع بعض هذه الاعمال الى اختصاص القضاء الإداري عن طريق تطبيق نظرية (الدولة المدنية) او المانعة للقضاء العادي من تقرير مديونية الدولة، ومؤداها ان المشرع قد حرم على المحاكم العادية – بموجب قانون 26 سبتمبر (أيلول) سنة 1793 – نظر أي دعوى تهدف الى الحكم على الدولة بمبلغ من المال، ولم يمنع المحاكم الإدارية من نظر مثل هذه الدعاوى، فتكون هذه الأخيرة هي المختصة بنظرها ولو انها متعلقة باعمال او تصرفات عادية للإدارة. اضافة الى تقرير اختصاص القضاء الإداري بنظر المنازعات المتعلقة باعمال الإدارة العادية في الحالات التي ينص عليها المشرع صراحة، وبذلك يكون اختصاص المحاكم الإدارية شاملا لنوعين من المنازعات الإداري: المنازعات الإدارية بطبيعتها، والمنازعات الإدارية بطبيعتها، والمنازعات الإدارية بناء على نص القانون. د. محمود محمد حافظ، المصدر السابق – ص223، 224.

5- لم يكن حكم (بلانكو) هو الأول من نوعه في الكشف عن اتجاه القضاء الإداري الفرنسي نحو اعتناق معيار المرافق العام، فقد سبق مجلس الدولة محكمة التنازع الى الاخذ بهذا المعيار في قضية (rotchild) سنة 1855، وفي قضية (dekeister) سنة 1861.  ص224.

6- ومن هذه الحالات – مثلا – تقرير اختصاص القضاء الإداري وتطبيق القانون الإداري على مسؤولية الإدارة عن الحوادث التي تصيب الافراد بضرر خلال الاحتفالات والاعياد، وكذلك مسؤوليتها عما تسببه من ضرر للمرضى اثناء علاجهم في المستشفيات الحكومية، انظر د. محمود محمد حافظ، المصدر السابق، ص257.

7- وقد شعر (فالين) نفسه بالعيوب التي تشوب فكرة (المنفعة العامة) وكونها غامضة وغير محددة ومن ثم لا تصلح معيارا دقيقا لتحديد مجال القانون الإداري واختصاص القضاء الإداري، فعدل في مطوله (القانون الإداري) عن هذا المعيار واعلن اعتناقه لمعيار (السلطة العامة). انظر في تفصيل ذلك د. محمود محمد حافظ، المصدر السابق، ص259.

8- انظر في تفصيل ذلك د. محمود محمد حافظ، المصدر السابق، ص267 وما بعدها.

 




هو قانون متميز يطبق على الاشخاص الخاصة التي ترتبط بينهما علاقات ذات طابع دولي فالقانون الدولي الخاص هو قانون متميز ،وتميزه ينبع من أنه لا يعالج سوى المشاكل المترتبة على الطابع الدولي لتلك العلاقة تاركا تنظيمها الموضوعي لأحد الدول التي ترتبط بها وهو قانون يطبق على الاشخاص الخاصة ،وهذا ما يميزه عن القانون الدولي العام الذي يطبق على الدول والمنظمات الدولية. وهؤلاء الاشخاص يرتبطون فيما بينهم بعلاقة ذات طابع دولي . والعلاقة ذات الطابع الدولي هي العلاقة التي ترتبط من خلال عناصرها بأكثر من دولة ،وبالتالي بأكثر من نظام قانوني .فعلى سبيل المثال عقد الزواج المبرم بين عراقي وفرنسية هو علاقة ذات طابع دولي لأنها ترتبط بالعراق عن طريق جنسية الزوج، وبدولة فرنسا عن طريق جنسية الزوجة.





هو مجموعة القواعد القانونية التي تنظم كيفية مباشرة السلطة التنفيذية في الدولة لوظيفتها الادارية وهو ينظم العديد من المسائل كتشكيل الجهاز الاداري للدولة (الوزارات والمصالح الحكومية) وينظم علاقة الحكومة المركزية بالإدارات والهيآت الاقليمية (كالمحافظات والمجالس البلدية) كما انه يبين كيفية الفصل في المنازعات التي تنشأ بين الدولة وبين الافراد وجهة القضاء التي تختص بها .



وهو مجموعة القواعد القانونية التي تتضمن تعريف الأفعال المجرّمة وتقسيمها لمخالفات وجنح وجرائم ووضع العقوبات المفروضة على الأفراد في حال مخالفتهم للقوانين والأنظمة والأخلاق والآداب العامة. ويتبع هذا القانون قانون الإجراءات الجزائية الذي ينظم كيفية البدء بالدعوى العامة وطرق التحقيق الشُرطي والقضائي لمعرفة الجناة واتهامهم وضمان حقوق الدفاع عن المتهمين بكل مراحل التحقيق والحكم , وينقسم الى قسمين عام وخاص .
القسم العام يتناول تحديد الاركان العامة للجريمة وتقسيماتها الى جنايات وجنح ومخالفات وكما يتناول العقوبة وكيفية توقيعها وحالات تعددها وسقوطها والتخفيف او الاعفاء منها . القسم الخاص يتناول كل جريمة على حدة مبيناً العقاب المقرر لها .