أقرأ أيضاً
التاريخ: 9-4-2017
4259
التاريخ: 12-6-2016
5780
التاريخ: 15-10-2017
10626
التاريخ: 2024-04-20
894
|
الأصل ان الإدارة، وهي بصدد مباشرتها لوظائفها، غير مقيدة بشكل معين او باجراء معين حين اتخاذها لقراراتها، فلها ان تفصح عن ارادتها الملزمة باية صيغة او طريقة، مالم يحتم عليها القانون اتباع شكل خاص او اتخاذ اجراء بعينه. ويقصد بعيب الشكل والاجراء عدم الالتزام الإدارة بالشروط الشكلية والاجراءات الواجب اتباعها في اصدار القرارات الإدارية، فيعتبر القرار مشوبا بعيب الشكل او الاجراء اذا ما اغفلت الإدارة عند اتخاذه الشكل او الاجراء الواجب قانونا، او قامت به على وجه غير كامل او غير صحيح(1). وتهدف قواعد الشكل والاجراء – في الغالب الى حماية المصلحة العامة وضمان حسن سير المرافق العامة، كما تهدف أيضا الى حماية المصلحة الخاصة بتوفير الضمانات للافراد في مواجهة الإدارة، اذ ان اشتراط شكليات او إجراءات معينة قبل اتخاذ القرار او عند اتخاذه من شانه ان يمل الإدارة على التأني وعدم الارتجال ودراسة العمل الإداري للتأكد من مشروعيته قبل الاقدام عليه. وتسليما بهذه الأهمية، فقد قامت دولا عدة بوضع قواعد قانونية تحدد الشروط الشكلية المطلوبة في القرار والإجراءات اللازمة لاتخاذه(2)، خلافا لما هو عليه الحال في فرنسا، اذ يتطلب الامر العودة الى النصوص المتناثرة في القوانين واللوائح والسوابق القضائية لاستنباط هذه القواعد. وبالرغم من الأهمية – المتقدمة – لقواعد الشكل والاجراء، الا ان الاسراف او الاكثار منها من شانه ان يؤدي الى البطء في سير العمل الإداري وتعقيد الوظيفة الإدارية مما يؤدي الى الاضرار بالمصلحة العامة ومصالح الافراد. وتطبيقا لذلك فقد عمل القضاء الإداري على خلق توازن بين عدم التشدد ي التمسك بقواعد الشكل او الاجراء الى الحد الذي يعوق من نشاط الإدارة، وبين عدم التفريط بهذه القواعد الى الحد الذي يصل الى اهدار المصلحة العامة ومصالح الافراد، فاستقر على عدم تقرير البطلان للقرار الإداري لمجرد مخالفته أي اجراء شكلي، فهناك شروط شكلية يتحتم اتباعها اذ يؤدي عدم احترامها الى الغاء القرار، بينما لا يؤدي مخالفة بعض قواعد الشكل او الاجراء الى تقرير البطلان. وهكذا ميز مجلس الدولة الفرنسي بين الشكل او الاجراء الجوهري، والشكل او الاجراء غير الجوهري او الثانوي(3). على النحو الذي سياتي:
الفرع الأول
الشكل والاجراء الجوهري والشكل
والاجراء غير الجوهري (الثانوي) تعد التفرقة بين الشكل والاجراء الجهري، وبين الشكل والاجراء الثانوي امرا في غاية الأهمية بسبب البطلان الذي يلحق الأول نتيجة مخالفته دون الثاني. ان معيار التمييز بين ما هو جوهري وما هو ثانوي يستند الى ما اذا كان ثمة نص في القانون يجب على الإدارة اتباع شكل او اجراء معين ام لا. فالشكل او الاجراء يعد جوهريا اذا نص القانون على ضرورة اتباعه مقررا البطلان جزاءا على مخالفته. ولكن قد يحدد القانون إجراءات شكلية معينة دون ان يرتب جزاء على مخالفتها بان يسكت عن تقرير بطلان القرار الإداري الصادر على خلاف تلك الإجراءات التي نص عليها القانون، فهنا يثور التساؤل عما اذا كان يمكن تقرير البطلان بغير نص يقضي بذلك...؟! لا جدال بانه اذا تبين للمحكمة ان الاجراء الشكلي المنصوص عليه يعد من الإجراءات الشكلية الجوهرية، فان جزاء الاخلال بهذا الاجراء الجوهري يكون البطلان دون حادة الى وجود نص يقرر ذلك. على انه ليس كل ما يرد في القانون ممن إجراءات يعد جوهريا، فهناك إجراءات شكلية وجوهرية وأخرى ثانوية ينص عليها القانون، وبالمقابل هناك إجراءات شكلية ينص عليها القانون ولا تؤدي مخالفتها الى الغاء القرار الإداري، وهناك إجراءات شكلية وجوهرية وأخرى ثانوية ينص عليها القانون، وبالمقابل هناك إجراءات شكلية قررها القانون بل لمخالفة إجراءات شكلية تجد سندها في القواعد القانونية غير المدونة، وذلك على اعتبار انها شكليات لا يمكن اغفالها او مخالفتها. واذا كان مجلس الدولة الفرنسي قد تفادى وضع معيار محدد للشكل او الاجراء الجوهري، فان الفقه المعاصر يتجه الى انه الشكلية الجوهرية هي الشكلية التي يؤدي اغفالها او القيام بها على وجه غير صحيح الى التاثر على مضمون القرار الإداري(4)، وبالمقابل فان الشكل او الاجراء الثانوي يقصد به الشكلية التي لو اغفلت، او تم القيام بها على وجه غير صحيح لما كان لها اثر على مضمون القرار، بمعنى ان الشكل او الاجراء يكون ثانوية اذا كان اغفاله او تاديته على وجه مخالف للقانون لا يؤثر على مضمون القرار. وعلى ذلك فلو ان القانون اوجب استشارة هيئة قبل اتخاذ القرار او تشكيل لجنة لدراسة موضوعه قبل اتخاذه، فهذا الاجراء الشكلي واجب الاتباع ويترتب على مخالفته البطلان ذلك ان من شان الاستشارة ا الدراسة قد تدفع القرار ليتخذ اتجاها غير الاتجاه الذي سلكه نتيج لأغفال هذه الاستشارة او تلك الدراسة. والحقيقة انه لابد من اجاد معيار يستند الى شكليات القرار قائمة لوحدها دون محالة إدخالها في ممحل القرار الإداري ذاته، لان العيب الذي يشوب محل القرار وهو مخالفة القانون هو عيب مستقل بذاته ومنفصل عن عيب الشكل على ما سياتي تفصيله، ويمكن القول في هذا الصدد ان الشكلية ان لم تكون لازمة قبل اصدار القرار ولم تكن من متطلباته الإجرائية فلا اثر لها على صحة القرار، فمعار البطلان هو لزوم الشكل بوصفه متطلبا اجرائيا بصرف النظر عن وجود نص قانوني يقرر هذا البطلان عند عدم مراعاة شكل معين، ومن ذلك – على سبيل – وجوب عرض مشروعات الأنظمة التي تعدها الوزارات والهيئات غير المرتبطة بوزارة عى مجلس شورى الدولة ليتولى تدقيقها والتاكد من مطابتها للقواد التشريعية الأعلى وإعادة صياغتها اذا اقتضى الامر، وذلك لضمان وحدة التشريع وتوحيد أسس الصياغ التشريعية(5). فان اغفلت وزارة ا جهة ما – غير مرتبطة بوزارة – هذا الاجراء وادرت نظاما دون عرضه على المجلس، فان القانون وان لم يرد به نص صريح على البطلان الذي يترتب على الاخلال ببهذا الاجراء، فانه يتعين استخلاص هذا الجزاء من روح القانون ومن الحكمة التي توخاها المشرع عندما جعل ذلك الاجراء واجبا. فاذا تبين ان هذه الحكمة من شانها ان تجعل الاجراء جوهريا وجب ان يكون جزاء الاخلال به هو البطلان، وبخلاف ذلك اذا تبين ان طبيعة العملية لا تتطلب مثل ذلك الاجراء فان عدم القيام به لا يبطل القرار لانه ليس من متطلباته الإجرائية(6).
الفرع الثاني
حالات عيب الشكل والإجراءات
تتوزع حالات هذا العيب بين ما يتصل بالشكل وما يتصل بالإجراءات وعلى النحو الاتي:
أولا: حالات عيب الشكل غالبا ما يكون ثانويا ما لم ينص القانون على خلاف ذلك، ومن حالات المظهر الخارجي للقرار:
1- الكتابة "لا تعد الكتابة شكلية جوهرية يترتب البطلان على عدم التقيد بها الا اذا نص عليها القانون صراحة او اقتضاها ضمنا كان يوجب نشر القرار.
2- التوقيع على القرار وذكر تاريخ اصدراه.... اذ يجب ان يذيل القرار بتوقيع مصدره وغياب التوقيع بنفي وجود القرار.
واغفال ذكر تاريخ اصدار القرار يكون من قبيل الأخطاء المادية ولذا فهو عيب ثانوي، فلا يؤثر على صحة القرار كون التاريخ الموضوع عليه لا حق للتوقيع بالرغم ان لذكر التاريخ في القرار أهمية في حالة الطعن في مشروعية القرار، اذ تقدر هذه المشروعية وفقا للنظام القانوني السائد وقت اتخاذ القرار، كما ان القانون قد يفرض اتخاذ القرار في مدة زمنية معينة فضلا عما يمكن ان يدعيه صاحب الشأن ما بين التوقيع وكتابة التاريخ من انه قد جد ظرف قانوني او واقعي يستدعي تغيير القرار.
3- اغفال النص التشريعي الذي يستند عليه القرار او الخطا فيه، يعد من الأخطاء المادية ومن ثم فهو من عيوب الشكل الثانوية التي لا تؤثر في مشروعية القرار، الا في حالة ان يكن النص هو السبب الذي أوصى بالقرار.
4- تسبيب القرار، ويقصد به الكشف عن الأسباب التي تمثل الوقائع والاعتبارات المادية والقانونية التي اوحت بالقرار، في صلب القرار ذاته. والاصل ان الإدارة غير ملزمة بتسبيب قراراتها وان فعلت وضمنت القرار أسبابه خضعت تلك الأسباب لرقابة القضاء الإداري، ولكن قد يفرض عليها المشرع أحيانا وجوب ذكر السبب في قراراتها فعلى الإدارة التقيد بذلك والا يعتبر قرارها غير مشروع لعيب التسبيب.
ويجب التمييز – هنا – بين (عيب السبب) و(عيب التسبيب)، فالاول هو الأخطاء في الوقائع المادية والقانونية التي اعتمدتها الإدارة عند إصدارها للقرار، بينما العيب الاخر فهو عيب شكلي يراد به اغفال الإدارة ذكر السبب في قرارها الإداري.
5- نشر القرار: لا يعد النشر عنصرا من عناصر الشكل الجوهري، ومن ثم لا يترتب البطلان على اغفاله بالنسبة للقرارات الإدارية الفردي لكن الام يختلف بالنسبة للقرارات الإدارية التنظيمية اذ يفرض المشرع على الإدارة نشرها ومن ثم يصبح النشر في هذه الحالة ملزما للإدارة.
ثانيا: حالات عيب الإجراءات:
1- الإجراءات السابقة على القرار، واهم تطبيقاتها:
1- الاستشارة، فقد يفرض القانون على الإدارة قبل اصدار قرارها اخذ راي خبير (خبراء) او هيئة متخصصة، وقد تكون هذه الاستشارة اختيارية في طلبها واتباعها، او الزامية في طلبها واختيارية في اتباعها، وقد تكون واجبة على الإدارة في طلبها واتباعها، فعلى الإدارة في مثل هذه الأحوال طلب الراي المذكور واتباعه ان كان ذلك وجوبيا بنص القانون، ويعد اغفالها له، او تاديته على الوجه غير المطلوب عيبا اجرائيا جوهريا يستوجب الإلغاء.
2- تشكيل اللجان: وأوضح تطبيق لهذه الحالة يظهر في ميدان العقوبات التاديبية حيث يشترط المشرع – غالبا – بالنسبة للعقوبات المهمة(7) كتنزيل الدرجة او الفل او العزل – قبل توقيعها – وجوب ان توصي بها لجنة تحقيقية مشكلة لهذا الغرض. وينظر المشرع عادة كيفية تشكيل هذه اللجأ وتحديد أعضائها(8).
ومن ثم فان العقوبة التأديبية الصادرة بدون الايصاء بها من لجنة تحقيقية ا عن لجنة معيبة في تشكيلها تصبح غير مشروعة وقابلة للالغاء وتقتصر مهمة القاضي الإداري في هذا المجال على احترا الجهة الإدارية لتلك القواعد.
3- الاجتماع والتصويت، قد يوجب القانون او النظام على الإدارة قبل اتخاذ قراراها عرضه عيب اجتماع معين لدراسة موضوعه والتثبت من جدواه، وفي هذه الحالة يجب مراعاة المكان والزمان المحدد للاجتماع، ويكون انعقاده صحيحا بتوافر النصاب القانوني، وفي حالة عدم وجود نص يحدد النصاب، فان النصاب القانوني يحدد بأكثر من النصف طبقا للمستقر قضاء. ويتم التصويت طبقا للقانون، وفي حالة عدم وجود نص يحدد الأغلبية اللازمة في التصويت، فانه يعتد بالأغلبية المطلقة، ولا يكون صوت الرئيس مرجحا الا اذا نص القانون على ذلك.
2- الإجراءات اللاحقة على القرار: واهم تطبيق لها يظهر في المصادقة، سواء اكان في النظام الإداري المركزي ام في النظام الإداري اللامركزي، وتظهر هذه الصورة في النظام الإداري المركزي، حين تقوم السلطة الأعلى بالمصادقة على القرارات الصادرة من السلطة الأدنى، صراحة او ضمنا، كما تظهر في النظام الإداري اللامركزي حيث تمارس السلطة المركزية وصاية إدارية على الهيئات اللامركزية ولا تعد قرارات الأخيرة نافذة الا بعد المصادقة عليها من السلطة المركزية.
______________________
1- leferriere, op. cit, p. 521.
2- ومن تلك الدول: النمسا في عام 1925، والولايات المتحدة الامريكية في 1946، وألمانيا – الغربية – في عام 1976. د. فهد الدغيثر، رقابة القضاء على قرارات الإدارة، دار النهضة العربية، القاهرة، 1988، ص245.
3- ومع ذلك يوصف مسلك مجلس الدولة الفرنسي في هذا الشأن بالتوسع حيث يستند تفسيره للنصوص القانونية او الاحكام القضائية التي تتضمن شروطا للشكل والاجراء، على القياس وروح القانون سعيا منه الى حماية الافراد. د. سليمان محمد الطماوي، الوجيز في القانون الإداري، جامعة عين شمس، القاهرة، 1989، ص735.
4- debbasch et ricci, op. cit, pp. 787 – 788; auby et drago, op. cit, pp. 301 – 302.
5- انظر المادة من قانون مجلس شورى الدولة في العراق رقم (65) لسنة 1979.
6- د. محمود خلف الجبوري، القضاء الإداري (مذكرات لطلبة قسم القانون بكلية التراث الامعة)، بغداد، 2008/2009، ص33 – 34.
7- انظر المادة (10/4) من قانون انضباط موظفي الدولة – العراقي – رقم (14) لسنة 1991 حيث جعلت عقوبة التوبيخ وانقاص الراتب وتنزيل الدرجة والفصل والعزل من اختصاص الوزير المختص او رئيس الدائرة غير المرتبطة بوزارة بناء على توصية من لجنة تحقيقية.
8 - وتوجب المادة (10/4) من قانون انضباط موظفي الدولة تشكيل لجان التحقيق في العقوبات التأديبية – أعلاه – من رئيس وعضوين من ذوي الخبرة على ان يكون احدهم حاصلا على شهادة جامعة أولية في القانون.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|