أقرأ أيضاً
التاريخ: 25-3-2018
867
التاريخ: 28-3-2017
701
التاريخ: 2-07-2015
1375
التاريخ: 27-3-2018
1015
|
أمّا الأوّل: فهو وإنْ كان غنيّاً عن الاستدلال...، فإنّ الضرورة قاضية بافتقار ما لم يكن ثمَّ كان إلى فاعل، حتّى أنّ ذلك مركوز في جبلّة كلِّ ذي إدراك، فإنّ الحمار إذا أحسّ بحدوث الضرب أسرع في المشي.
لكنّ تكميل الصناعة بإيراد الأدلّة على أعيان المسائل أوثق في النفس وأبعد عن اللبس، ولنذكر هنا طرقاً شريفةً، منها بديع، ومنها مشهور:
أمّا الأوّل، فدليلان:
أ- مخترع المحقّق الطوسي رحمه الله(1) وتقريره:
لو لم يكن الواجب موجوداً لم يكن لشيء من الممكنات وجود أصلًا، واللازم كالملزوم في البطلان، وبيان الملازمة: أنّ الموجود يكون حينئذٍ منحصراً في الممكن، وهو ليس له وجود من ذاته،...بل من غيره، فإذا لم يعتبر ذلك الغير، لم يكن للممكن وجود، وإذا لم يكن له وجود، لم يكن لغيره عنه وجود، لأنّ إيجاده لغيره، فرع على وجوده، لاستحالة كون المعدوم موجداً.
ب- مخترع العلّامة القاشي رحمه الله(2)
وتقريره موقوف على مقدّمتين، إحداهما تصوّريّة: وهي أنّ مرادنا بالموجِب التام ما يكون كافياً في وجود أثره، وثانيهما تصديقيّة: وهي أنّه لا شيء من الممكن بموجِب تامّ لغيره، لأنّه لو أوجبه وموجِبيّته له تتوقّف على موجوديّته، وهي متوقّفة على موجوديّة سببه، فلا يكون ذلك الموجِب كافياً في إيجاد غيره...، وحينئذٍ نقول: لا شكّ في وجود موجود، فإنْ كان واجباً لذاته فالمطلوب، وإنْ كان ممكناً فلابدّ له من موجِب، وليس بممكن ...، فيكون واجباً لذاته، وهو المطلوب.
لا يقال: يلزم من ذلك قدم الحوادث لقدم موجبِها، لأنّا نقول: إنّما يلزم لو كان الكافي في وجودها موجَباً بالذّات، أمّا إذا كان فاعلًا بالاختيار يرجّح أحد مقدوريه بلا مرجّح فلا يلزم ذلك.
وأمّا الثاني: فهو إمّا الإمكان أو الحدوث، والأوّل طريقة الحكماء وتقريره:
أنّ هنا موجوداً بالضرورة، فإنْ كان واجباً فالمطلوب، وإنْ كان ممكناً، افتقر إلى مؤثّر، فإنْ كان واجباً فالمطلوب، وإنْ كان ممكناً دار أو تسلسل، وهما محالان كما تقدم.
قالوا: وهذه طريقة شريفة أُشير إليها في الكتاب العزيز بقوله: {أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ } [فصلت: 53] وهو برهان لمّيّ، لأنّه استدلال به تعالى على غيره.
والثاني، طريقة المتكلّمين: وهو إمّا استدلال بحدوث الذوات أو الصفات:
فالأوّل تقريره: أنّ العالم مُحدَث، وكلّ مُحدَثٍ مفتقرٌ إلى محدِثٍ..
والثاني منحصر في نوعين:
أ- دلائل الأنفس: وهي أنّ النطفة جسم متشابه الأجزاء، يتكوّن منه بدن مرّكب من أعضاء مختلفة في الكمّ، والكيف، والشكل، والطبيعة، فلو كان الفاعل في ذلك الحرارة، أو فعل الكواكب، لكان فعلًا متساوياً، وإذا كان تأثير المؤثّر متساوياً وأجزاء القابل متشابهة كان الأثر متشابهاً، ولهذا قال الحكماء: الشكل الطبيعيّ هو الكرة، لكنّ الأثر مختلف كما عرفت، فدلّ ذلك على فاعل حكيم مدبّرٍ بالقدرة والإختيار.
ب- دلائل الآفاق: فإمّا في العالم الفلكيّ، أو العالم العنصريّ، من الحيوان والمعدن والنبات، وتفصيل ذلك مذكور في مظانّه المطوّلة، وأُشير في الكتاب العزيز إلى هذه الطريقة بقوله: {سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ} [فصلت: 53] ، وهو استدلالي إنّيّ.
وأمّا الثاني(3)، فنقول: الواجب تعالى قديم- أي: لا أوّل لوجوده- وأزليّ كذلك، وباقٍ- أي مستمر الوجود- وأبديّ- أيْ لا آخر لوجوده- وسرمديّ - أي أ نّه مصاحب لجميع الأزمنة المحقّقة والمقدّرة، ماضيةً كانت أو حاضرة أو مستقبلة- إذ لولا ذلك لجاز عليه العدم وقتاً ما، ويكون ممكناً فيفتقر إلى المؤثّر، فيلزم الدور أو التسلسل، وهما باطلان، وقد تقدّم في خواصّ الواجب(4) أنّه لا يزيد وجوده ولا وجوبه على ماهيّته، فلا حاجة إلى إعادته.
______________
(1) ذكره المحقّق قدس سره في كتابه الفصول وشرحه المصنف رحمه الله في كتابه الأنوار الجلالية في شرح الفصول النصيرية: 56.
(2) قال المصنف قدس سره في إرشاد الطالبين: 177:« وهاهنا برهان بديع غير متوقف على اثبات الدور والتسلسل، سمعناه من شيخنا دام شرفه، وهو من مخترعات العلامة سلطان المحققين وارث الأنبياء والمرسلين نصير الملة والدين علي بن محمد القاشي قدس سره وبحضيرة القدس سرّه». وهو من أجلة متكلّمي الامامية وكبار فقهائهم ولد بكاشان ونشأ بالحلة وتوفي بالنجف الأشرف سنة 55 ه، أثنى عليه الشهيد الأول وحكى عنه بعض المطالب وروى عنه ابن معية وابن العقايقي، له آثار كثيرة، منها: معرب زبدة الهيئة، والنكات في مسائل امتحانية في علمي المنطق والكلام، وحاشية على شرح الاشارات. راجع أعيان الشيعة 8: 309، 316 والحقائق الراهنة: 149- 150 ورياض العلماء 4: 236.
(3) أي أحكام وجوده، وكان الأوّل في وجوده تعالى.
(4) تقدم في ص53.
|
|
مخاطر عدم علاج ارتفاع ضغط الدم
|
|
|
|
|
اختراق جديد في علاج سرطان البروستات العدواني
|
|
|
|
|
مدرسة دار العلم.. صرح علميّ متميز في كربلاء لنشر علوم أهل البيت (عليهم السلام)
|
|
|