المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

العقائد الاسلامية
عدد المواضيع في هذا القسم 4870 موضوعاً
التوحيد
العدل
النبوة
الامامة
المعاد
فرق و أديان
شبهات و ردود
أسئلة وأجوبة عقائدية
الحوار العقائدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر



وجود الصانع تعالى‏ وأحكام وجوده‏  
  
700   07:40 صباحاً   التاريخ: 28-3-2017
المؤلف : شرف الدين مقداد بن عبد اللَّه السيوري الأسدي
الكتاب أو المصدر : اللوامع الالهية
الجزء والصفحة : ص129
القسم : العقائد الاسلامية / التوحيد / اثبات وجود الله تعالى و وحدانيته /

أمّا الأوّل: فهو وإنْ كان غنيّاً عن الاستدلال...، فإنّ الضرورة قاضية بافتقار ما لم يكن ثمَّ كان إلى‏ فاعل، حتّى‏ أنّ ذلك مركوز في جبلّة كلِّ ذي إدراك، فإنّ الحمار إذا أحسّ بحدوث الضرب أسرع في المشي.

لكنّ تكميل الصناعة بإيراد الأدلّة على‏ أعيان المسائل أوثق في النفس وأبعد عن اللبس، ولنذكر هنا طرقاً شريفةً، منها بديع، ومنها مشهور:

أمّا الأوّل، فدليلان:

أ- مخترع المحقّق الطوسي رحمه الله‏(1) وتقريره:

لو لم يكن الواجب موجوداً لم يكن لشي‏ء من الممكنات وجود أصلًا، واللازم كالملزوم في البطلان، وبيان الملازمة: أنّ الموجود يكون حينئذٍ منحصراً في الممكن، وهو ليس له وجود من ذاته،...بل من غيره، فإذا لم يعتبر ذلك الغير، لم يكن للممكن وجود، وإذا لم يكن له وجود، لم يكن لغيره عنه وجود، لأنّ إيجاده لغيره، فرع على‏ وجوده، لاستحالة كون المعدوم موجداً.

ب- مخترع العلّامة القاشي رحمه الله‏(2)

وتقريره موقوف على‏ مقدّمتين، إحداهما تصوّريّة: وهي أنّ مرادنا بالموجِب التام ما يكون كافياً في وجود أثره، وثانيهما تصديقيّة: وهي أنّه لا شي‏ء من الممكن بموجِب تامّ لغيره، لأنّه لو أوجبه وموجِبيّته له تتوقّف على‏ موجوديّته، وهي متوقّفة على‏ موجوديّة سببه، فلا يكون ذلك الموجِب كافياً في إيجاد غيره...، وحينئذٍ نقول: لا شكّ في وجود موجود، فإنْ كان واجباً لذاته فالمطلوب، وإنْ كان ممكناً فلابدّ له من موجِب، وليس بممكن ...، فيكون واجباً لذاته، وهو المطلوب.

لا يقال: يلزم من ذلك قدم الحوادث لقدم موجبِها، لأنّا نقول: إنّما يلزم لو كان الكافي في وجودها موجَباً بالذّات، أمّا إذا كان فاعلًا بالاختيار يرجّح أحد مقدوريه بلا مرجّح فلا يلزم ذلك.

وأمّا الثاني: فهو إمّا الإمكان أو الحدوث، والأوّل طريقة الحكماء وتقريره:

أنّ‏ هنا موجوداً بالضرورة، فإنْ كان واجباً فالمطلوب، وإنْ كان ممكناً، افتقر إلى‏ مؤثّر، فإنْ كان واجباً فالمطلوب، وإنْ كان ممكناً دار أو تسلسل، وهما محالان كما تقدم.

قالوا: وهذه طريقة شريفة أُشير إليها في الكتاب العزيز بقوله: {أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ } [فصلت: 53] وهو برهان لمّيّ، لأنّه استدلال به تعالى‏ على‏ غيره.

والثاني، طريقة المتكلّمين: وهو إمّا استدلال بحدوث الذوات أو الصفات:

فالأوّل تقريره: أنّ العالم مُحدَث، وكلّ مُحدَثٍ مفتقرٌ إلى‏ محدِثٍ..

والثاني منحصر في نوعين:

أ- دلائل الأنفس: وهي أنّ النطفة جسم متشابه الأجزاء، يتكوّن منه بدن مرّكب من أعضاء مختلفة في الكمّ، والكيف، والشكل، والطبيعة، فلو كان الفاعل في ذلك الحرارة، أو فعل الكواكب، لكان فعلًا متساوياً، وإذا كان تأثير المؤثّر متساوياً وأجزاء القابل متشابهة كان الأثر متشابهاً، ولهذا قال الحكماء: الشكل الطبيعيّ هو الكرة، لكنّ الأثر مختلف كما عرفت، فدلّ ذلك على‏ فاعل حكيم مدبّرٍ بالقدرة والإختيار.

ب- دلائل الآفاق: فإمّا في العالم الفلكيّ، أو العالم العنصريّ، من الحيوان والمعدن والنبات، وتفصيل ذلك مذكور في مظانّه المطوّلة، وأُشير في الكتاب العزيز إلى‏ هذه الطريقة بقوله: {سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ} [فصلت: 53] ، وهو استدلالي إنّيّ.

وأمّا الثاني(3)، فنقول: الواجب تعالى‏ قديم- أي: لا أوّل لوجوده- وأزليّ كذلك، وباقٍ- أي مستمر الوجود- وأبديّ- أيْ لا آخر لوجوده- وسرمديّ‏ - أي أ نّه مصاحب لجميع الأزمنة المحقّقة والمقدّرة، ماضيةً كانت أو حاضرة أو مستقبلة- إذ لولا ذلك لجاز عليه العدم وقتاً ما، ويكون ممكناً فيفتقر إلى‏ المؤثّر، فيلزم الدور أو التسلسل، وهما باطلان، وقد تقدّم في خواصّ الواجب(4) أنّه لا يزيد وجوده ولا وجوبه على‏ ماهيّته، فلا حاجة إلى‏ إعادته.

______________

(1) ذكره المحقّق قدس سره في كتابه الفصول وشرحه المصنف رحمه الله في كتابه الأنوار الجلالية في شرح الفصول النصيرية: 56.

(2) قال المصنف قدس سره في إرشاد الطالبين: 177:« وهاهنا برهان بديع غير متوقف على اثبات الدور والتسلسل، سمعناه من شيخنا دام شرفه، وهو من مخترعات العلامة سلطان المحققين وارث الأنبياء والمرسلين نصير الملة والدين علي بن محمد القاشي قدس سره وبحضيرة القدس سرّه». وهو من أجلة متكلّمي الامامية وكبار فقهائهم ولد بكاشان ونشأ بالحلة وتوفي بالنجف الأشرف سنة 55 ه، أثنى عليه الشهيد الأول وحكى عنه بعض المطالب وروى عنه ابن معية وابن العقايقي، له آثار كثيرة، منها: معرب زبدة الهيئة، والنكات في مسائل امتحانية في علمي المنطق والكلام، وحاشية على شرح الاشارات. راجع أعيان الشيعة 8: 309، 316 والحقائق الراهنة: 149- 150 ورياض العلماء 4: 236.

(3) أي أحكام وجوده، وكان الأوّل في وجوده تعالى‏.

(4) تقدم في ص53.




مقام الهي وليس مقاماً بشرياً، اي من صنع البشر، هي كالنبوة في هذه الحقيقة ولا تختلف عنها، الا ان هنالك فوارق دقيقة، وفق هذا المفهوم لا يحق للبشر ان ينتخبوا ويعينوا لهم اماماً للمقام الديني، وهذا المصطلح يعرف عند المسلمين وهم فيه على طوائف تختصر بطائفتين: طائفة عموم المسلمين التي تقول بالإمامة بانها فرع من فروع الديني والناس تختار الامام الذي يقودها، وطائفة تقول نقيض ذلك فترى الحق واضح وصريح من خلال ادلة الاسلام وهي تختلف اشد الاختلاف في مفهوم الامامة عن بقية الطوائف الاخرى، فالشيعة الامامية يعتقدون بان الامامة منصب الهي مستدلين بقوله تعالى: (وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ) وبهذا الدليل تثبت ان الامامة مقام الهي وليس من شأن البشر تحديدها، وفي السنة الشريفة احاديث متواترة ومستفيضة في هذا الشأن، فقد روى المسلمون جميعاً احاديث تؤكد على حصر الامامة بأشخاص محددين ، وقد عين النبي الاكرم(صلى الله عليه واله) خليفته قد قبل فاخرج احمد في مسنده عن البراء بن عازب قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فنزلنا بغدير خم فنودي فينا الصلاة جامعة وكسح لرسول الله صلى الله عليه وسلم تحت شجرتين فصلى الظهر وأخذ بيد علي رضى الله تعالى عنه فقال ألستم تعلمون اني أولى بالمؤمنين من أنفسهم قالوا بلى قال ألستم تعلمون انى أولى بكل مؤمن من نفسه قالوا بلى قال فأخذ بيد علي فقال من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه قال فلقيه عمر بعد ذلك فقال له هنيئا يا ابن أبي طالب أصبحت وأمسيت مولى كل مؤمن ومؤمنة


مصطلح اسلامي مفاده ان الله تعالى لا يظلم أحداً، فهو من كتب على نفسه ذلك وليس استحقاق البشر ان يعاملهم كذلك، ولم تختلف الفرق الدينية بهذه النظرة الاولية وهذا المعنى فهو صريح القران والآيات الكريمة، ( فلا يظن بمسلم ان ينسب لله عز وجل ظلم العباد، ولو وسوست له نفسه بذلك لأمرين:
1ـ تأكيد الكتاب المجيد والسنة الشريفة على تنزيه الله سبحانه عن الظلم في آيات كثيرة واحاديث مستفيضة.
2ـ ما ارتكز في العقول وجبلت عليه النفوس من كمال الله عز وجل المطلق وحكمته واستغنائه عن الظلم وكونه منزهاً عنه وعن كل رذيلة).
وانما وقع الخلاف بين المسلمين بمسألتين خطرتين، يصل النقاش حولها الى الوقوع في مسألة العدل الالهي ، حتى تكون من اعقد المسائل الاسلامية، والنقاش حول هذين المسألتين أمر مشكل وعويص، الاولى مسالة التحسين والتقبيح العقليين والثانية الجبر والاختيار، والتي من خلالهما يقع القائل بهما بنحو الالتزام بنفي العدالة الالهية، وقد صرح الكتاب المجيد بان الله تعالى لا يظلم الانسان ابداً، كما في قوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا * فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا).

مصطلح عقائدي، تجده واضحاً في المؤلفات الكلامية التي تختص بدراسة العقائد الاسلامية، ويعني الاعتقاد باليوم الاخر المسمى بيوم الحساب ويوم القيامة، كما نص بذلك القران الحكيم، وتفصيلاً هو الاعتقاد بان هنالك حياة أخرى يعيشها الانسان هي امتداد لحياة الانسان المطلقة، وليست اياماً خاصة يموت الانسان وينتهي كل شيء، وتعدّت الآيات في ذكر المعاد ويوم القيامة الالف اية، ما يعني ان هذه العقيدة في غاية الاهمية لما لها الاثر الواضح في حياة الانسان، وجاء ذكر المعاد بعناوين مختلفة كلها تشير بوضوح الى حقيقته منها: قوله تعالى: (لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ) ،وهنالك آيات كثيرة اعطت ليوم القيامة اسماء أخرى كيوم القيامة ويوم البعث ويوم النشور ويوم الحساب ، وكل هذه الاشياء جزء من الاعتقاد وليس كل الاعتقاد فالمعاد اسم يشمل كل هذه الاسماء وكذلك الجنة والنار ايضاً، فالإيمان بالآخرة ضرورة لا يُترك الاعتقاد بها مجملاً، فهي الحقيقة التي تبعث في النفوس الخوف من الله تعالى، والتي تعتبر عاملاً مهماً من عوامل التربية الاصلاحية التي تقوي الجانب السلوكي والانضباطي لدى الانسان المؤمن.