الاهتزازت والامواج في البلازما

يمكن ان تولد في البلازما اهتزازات من انواع مختلفة. ويمكن القول بكلام اخر ان البلازما تمتلك درجات حرية اهتزاز كثيرة جدا. وكقاعدة ان العملية الاهتزازية التي تبدأ في موضع ما سوف تنتشر في الفضاء. تحمل هذه الاهتزازت المنتشرة اسم الامواج ، وعموما تتميز العملية الاهتزازية بثلاثة مقادير اساسية هي:

السعة اي المطال الاعظمي للاهتزاز، والتواتر اي عدد ادوار الاهتزاز في وحدة الزمن، والطور هو لحظة مرور الدور في نقطة مميزة (اعظمية، اصغرية، او غيرها). ان السعة و التواتر مقدران مطلقان، اي انهما محددان في اي عملية اهتزازية قائمة بذاتها وليس بالمقارنة مع عمليات اخرى. في حين ان الطور- مقدار نسبي، بمعنى انه اختياري القيمة، ولكن لفرق الطور او الصفحة- بين عمليتين اهتزازيتين معنى محددا.

العمليات الاهتزازية في البلازما ترتبط بتغير جملة من المقادير التي يتعلق بعضها ببعض في الوقت ذاته، بعضها اولي – والبعض الاخر ثانوي.

واذا ما اهتز في البلازما توتر الحقلين الكهربائي والمغنطيسي فانهما يثيران تيارات دورية. ويتفاعل التيار مع الحقل المغنطيسي مولدا قوة لورنتس ( قوة محركة) تقود البلازما الى الحركة . لذلك وكقاعدة فان كل عملية اهتزازية في البلازما تترافق​ مع تغير دوري في حركة البلازما نفسها الشيء الذي يؤدي بدوره الى اهتزازات في الضغط. واذا ما توخينا الدقة في الكلام فانه باستثناء حالات جزئية خاصة فان اهتزازات البلازما تعتبر في آن معا كهرطيسية وهدروديناميكية. ولكن في بعض الحالات المحددة يمكن ان تكون لتغيرات هذه المقادير او تلك قيمة اساسية، ولهذا السبب يمكن الحديث ولو ان بشكل تقريبي عن اهتزازات البلازما من نوع كهروساكن وكهرطيسي وهدروديناميكي مغنطيسي وصوتي وغيرهما. ولكن يجب ان لا يغيب عن البال ان مثل هذا الفصل لا يعتبر شاملا. ففي بعض الحالات تتشابك انواع مختلفة من الاهتزازات فيما بينها وتنتج عملية تكون فيها تغيرات جميع المقادير على قدم المساواة مميزة للبلازما.

تختصر خواص الاهتزازات على نحو حاد او كبير عندما تكون سعتها صغيرة مثل هذه الاهتزازات تدعى بالخطية لانها توصف بمعادلات خطية وتهمل الحدود التربيعية والجداءات والمراتب الاعلى للسعات.

ونذكر ان الصفة الاساسية للاهتزازات الخطية هي ان تواترها لا يتعلق بالسعة. وان خواص الاهتزازات اللاخطية تكون اعقد كثرا وتعود معارفنا الاساسية عن اهتزازات البلازما تحديدا الى المنطقة الخطية.

ينتشر الاضطراب الناجم عن اهتزاز في موضع ما بسرعة محددة تدعى سرعة انتشار الامواج. وهي لا تتعلق بالتواتر في الحالات البسيطة، ولكن فيزياء البلازما غالبا ما نصادف تابعية سرعة الانتشار للتواتر. وهذه التابعية تسمى التبدد. وفي حالة التبدد لابد من التمييز بين سرعتين هما السرعة الطورية والسرعة المجموعية لانتشار الامواج. فالسرعة الطورية هي سرعة انتشار طور محدد في الفضاء كقمة الموجة مثلا( سرعة الموجة) وعند التحريك مع هذه الموجة بسرعتها الطورية تبقى كل المقادير المهتزة (مثل سرعة وشدات الحقول وغيرها) محافظة على قيمتها الثابتة. حيث يخفي تغيرها الزمني تغيرها الفراغي. اما سرعة المجموعة فهي السرعة الحقيقية لانتشار باقة الامواج.

وبما ان السرعة الطورية لا تعبر عن سرعة حقيقية لانتشار فيزيائيلاي مقدار كان، لذا فلا تطبق عليها قيود النظرية النسبية: فالسرعة الطورية يمكن تفوق سرعة الضوء. فطول الموجة يساوي السرعة الطورية مضروبة بالدور اي مقسومة على تواتر الاهتزاز.

من الانسب وصف الموجة بواسطة متجهة الموجة وهي شعاع ينطبق اتجاهه على اتجاه الانتشار وطوله يساوي العدد الموجي:

حيث  λ  طول الموجة. عندئذ تعطي السرعة الطورية بالعلاقة:

وسرعة المجموعة:

حيث ɷ التواتر الدائري وƒ – التواتر العادي: ɷ =2π ƒ 

وبغياب التبدد يكون :

U _p =U _g= const

ذلك لانه عند سرعة لا تتعلق بالتواتر تتحقق المساواة

. k / ɷ / dk = ɷ d

والنسبة بين سرعة الضوء في الخلاء والسرعة الطورية للموجة هي قرينة الانكسار أي:

يثير كل اضطراب في الفضاء غير المحدود(المترامي الاطراف) امواجا راحلة، التي يتغير طورها في الفضاء وفقا للسرعة الطورية للانتشار: ففي البلازما المقيدة يؤدي الانعكاس المتكرر للامواج على حد البلازما الى نشوء ما يدعى بالموجة المستقرة ذات الطور الواحد في كل مكان. من اجل هذا لابد من ان يتحقق بين السرعة الطورية وابعاد الحيز الذي تشغله البلازما علاقات تجاوب (طنين) معينة. مثل هذا الحيز يدعى بالمجاوب. وتسمى الاهتزازات من نموذج الامواج المستقرة فيه بالاهتزازات الخاصة بالمجاوب. وتسمى تواترات هذه الاهتزازات بالتواترات الخاصة للمجاوب. ويدعى التواتر الاصغري الخاص بالتواتر الاساسي والاهتزازات ذات التواترات الاعلى تدعى المدروجات او الانغام الاضافية. واما الامواج الوسطية بين الامواج الراحلة في فضاء حر والامواج المستقرة في المجاوب فهي تنتشر داخل قناة (انبوبة) محددة بجدران المجاوب ويجرى انتشار الامواج على محور القناة ويبقى مقطعها العرضي مستقرا، مثل هذه القناة تدعى دليل الموجة (waveguide).

اذا ما ازيح نواس عن وضع توازنه وترك يهتز بشكل حر دون ان يتلقى اي دفع فان الاهتزازات سوف تتخامد باستمرار بسبب الاحتكاك وتتحول بذلك طاقة الاهتزازات الى حرارة. هذه الظاهرة تدعى بظاهرة تبعثر الطاقة او تبددها كذلك الامر بالنسبة لاهتزازات البلازما فهي تتخامد ايضا بفعل عمليات تبدد مختلفة.

ان الالية الابسط لتبيد الطاقة في البلازما هي التصادم بين الجسيمات التي تحول طاقة الاهتزازات المنتظمة الى حرارة أي الى حركة عشوائية للجسيمات. اذا مر تيار كهربائي في البلازما فان جزءا من طاقة التيار يتحول الى حرارة وذلك بفعل المقاومة الكهربائية أي بوجود ناقلية محدودة للبلازما. مثل هذه الحرارة التي يصرفها التيار تدعى كما هي دوما بحرارة جول. ان تبدد جول هو حالة خاصة من الحالات التي تبدد الحاصل من جراء التصادمات لان المقاومة الكهربائية للبلازما تنتج عن التصادم بين الجسيمات الحاملة للتيار وجسيمات البلازما الاخرى. اذا كانت البلازما متحركة ككتلة واحدة فان التصادمات سوف تبدو وكأنها احتكاك داخلي- وهو ما يدعى التبدد اللزج. وتعتبر آليات التبدد هذه من الاليات الاساسية للتبدد في البلازما الكثيفة. ومن الصفات العجيبة للبلازما المتخلخلة هو تخامد الاهتزازات غير المتعلق بالتصادم.

ويرتبط هذا التبدد الشاذ او الخاص بتحول طاقة الاهتزاز الى انواع اخرى من الاهتزازات او الى حركات جماعية بشكل عام، وليس الى حرارة.