انتثار الحقول المتعاكسة

عند تأثير حقول مغنطيسية متغيرة على البلازما يمكن ان يتشكل وضع داخل البلازما يكون الحقل المغنطيسي فيه متغير الاشارة. يمكن ان ينشأ مثل هذا التماس المباشر بين منطقتين بحقلين متعاكسين من جراء اسباب اخرى منها على سبيل المثال ما ينتج عن الحركات العشوائية للمناطق المغنطيسية في جو الشمس. واخيرا فان احداث متعمد لحقل خارجي معاكس للحقل الداخلي اقترح كطريقة للاستقرار الكامل للتضيق.

في كل حالات تماس حقلين مغنطيسيين متعاكسين يؤدي الانتثار المتبادل لهذين الحقلين الى ظواهر خاصة. اذا ما ادى تمازج لحقلين متعاكسين سيؤدي الى اطفاء احدهما الاخر. لنطرح مسألة الحالة الاكثر وضوحا، عندما تكون متجهتا الحقلين متساويتين بالمقدار ومتعاكستين بالاتجاه، في هذه الحالة يؤدي انتثارهما المتبادل الى تشكيل طبقة معتدلة، حيث لا وجود لحقل مغنطيسي (الشكل 1) ففي الطبقة المعتدلة يساوي الضغط المغنطيسي الى صفر، في الوقت الذي تتعرض الطبقة من كلا الجانبين لقوى الضغط المغنطيسي التي تعمل على انضغاط الطبقة. وتقاوم مادة الطبقة المعتدلة الحرة من حقول الانضغاط كغاز عادي فقط. ولدى انضغاط هذه المادة تبلغ فيها الكثافة ودرجة الحرارة قيما عالية. اذا ما حدث انتثار الحقلين بسرعة كافية فان الانضغاط يمكن ان يؤدي الى تشكل امواج صدم التي تتقارب من كلا جانبي الطبقة لتتصادم في منتصفها. والامواج المتولدة بالانعكاس بعد الصدم يمكن ان تحدث اهتزازات في البلازما.

الشكل (1)

وكما هو دائما يمكن وصف انضغاط طبقة معتدلة باستخدام مصطلحات الضغط المغنطيسي وذلك ما تم القيام به الان، ويمكن بنفس الدرجة من النجاح القيام بنفس الوصف باستخدام مصطلحات القوة المحركة الثقالية. عندئذ امكننا القول بان الاطفاء المتبادل للحلقين يؤدي الى نشوء تدرج حاد في الحقل المغنطيسي باتجاه عرضي عليه وهذا يحدث في قوانين التحريك الكهربائي تيارا قويا متعامدا على الحقل كما على التدرج. ويخلق تفاعل هذا التيار مع الحقل المغنطيسي قوة محركة ثقالية تعمل على انضغاط الطبقة المعتدلة.

اذا كان الحقلان غير متساويين بالمقدار فانه يجب ان تلحظ ظواهر مماثلة ولكن فقط بقوة اقل . وسوف يطفئ الحقلان بعضيهما ولكن بشكل غير كامل. وعوضا عن الطبقة المعتدلة سوف تبرز طبقة بحقلين معتدلين جزئيا. حيث شدة الحقل اصغر بكثير مما هي في المنطقتين المحازيتين للطبقة المغنية من جانبيها (الشكل 2) وسيكون لانضغاط هذه الطبقة نفس الطبيعة كما في حالة الطبقة المعتدلة ولكنه يتوقف قبلا ويؤدي الى كثافات ودرجات حرارة محدودة،. ولكن ليست بالعالية كما يجب . ولظواهر انضغاط الطبقة المعتدلة في البلازما اثار مهمة في الطبيعة كما في المخبر وذلك عن الانتثار المتبادل لحقلين متعاكسين . وبهذه الطريقة تم بلوغ اعلى درجات الحرارة للبلازما في المخبر. وهذا ما جرى في التجارب على ما يدعى التضيق- θ اي الحبل البلازمي الذي ينضغط بواسطة حقل مغنطيسي طولي متزايد.

الشكل (2): انتثار حقلين متعاكسين بقوتين مختلفتين مع تشكل طبقة معتدلة جزئيا.

من الانسب توليد الحقل المغنطيسي عمليا بشكل متغير لا ان يكون متزايدا بشكل قفزات. فعند تغير اشارة الحقل الخارجي تنشأ تلك اللوحة التي خلصنا منها للتو، الا وهي ولوحة تجانس حقلين متعاكسين وانضغاط الطبقة المعتدلة . وبالتحديد في هذه المرحلة من مراحل العملية قام التجريبيون بتسجيل درجات حرارة عالية جدا (قدرت وفق بعض التقديرات بحوالي 1 KeV او ما يقابل 10 ملايين درجة )⁽¹⁾.

واصدار نيترونات على الاغلب تكون ذات منشأ اندماجي ننوي. وبدون شك يجري تسخين البلازما في هذه التجارب على حساب انضغاط الطبقة المعتدلة. يمكن تاكيد هذا القول بواسطة المخطط الاهتزازي للحقل داخل البلازما الوارد في الشكل 30 المنحني b وللمقارنة يؤخذ المنحني b الذي يبين سير الحقل الخارجي مع الزمن. ففي اللحظة التي يغير فيها الحقل الخارجي اشارته يتباطأ تزايد الحقل الداخلي بشكل حاد. وهذا يفسر بتوسع البلازما مع الحقل المغنطيسي المتجمد فيها،​ عندما تضغط البلازما الطبقة المعتدلة.

وتتولد موجة صدم قوية في نهاية انضغاط الطبقة، التي سرعان ما تضغط العمود الداخلي للبلازما. وهذا مبين في المخطط الاهتزازي بالتزايد الحاد للحقل المتجمد. سيؤدي انعكاس امواج الصدم لاحقا الى ظهور نبضات في عمود البلازما التي ترى على مخطط الاهتزاز كنبضات للضغط.

الشكل (3) المخطط الاهتزازي للحقل داخل البلازما في تضيق – θ.

تلاحظ ظواهر مماثلة تماما ولكن بمقياس عملاق على شكل ومضات على سطح الشمس (تدعى ومضات الكروموسفير- وهي المنطقة من الشمس الواقعة بين الاكليل او التاج والطبقة العاكسة). تبين القياسات الدقيقة بمساعدة جهاز قياس خاص- راسم المغنطيسية الشمسية – ان الومضات تحدث دائما على الحد الفاصل بين منطقتين فعالتين مغنطيسيا بطبقتين متعاكستين (اي باتجاهين متعاكسين للحقلين المغنطيسيين).

يمكن تصور منشأ الومضات على النحو التالي:

هناك على اعماق سحيقة تحت سطح الشمس ونتيجة لحركات الحمل تولد انابيب قوة مغنطيسية. يدفع الضغط المغنطيسي المرتفع مادة الانبوبة الى الخارج، مما يؤدي الى حدوث تناقص في قيمة كثافة المادة داخل الانبوبة وتصعد بالتالي لتعوم على سطح الشمس، ولتكون هناك منطقة حقل مغنطيسي. اذا ما تجاورت انبوبتان بقطبين متعاكسين فانه تنشأ عن ذلك لوحة كتلك التي سبق وصفها من تمازج حقلين متعاكسين وانضغاط طبقة معتدلة مع تشكل امواج صدم متقاربة . ان تسخين الطبقة المنضغطة يترافق مع تسارع جزء من المادة. ويتولد التسارع عن خروج امواج الى وسط منخفض الكثافة. كما الحال عند تولده عن حقول كهرطيسية ايضا.

العمليات المسؤولة عن تجليات الومضات بأكملها هي: ضياء واصدار تدفقات جسيمية (اي تدفقات جسيمات سريعة) هذه التدفقات تحدث في الغلاف الجوي لذى بلوغها الارض تألقات قطبية ، ورياحا مغنطيسية، وتوقف الاتصالات اللاسلكية وطرطشة في شدة الاشعة الكونية. ويوجد اساسا لافتراض ان قسما من هذه المفاعيل ينتج ليس عن جسيمات وانما عن امواج صدم هدروديناميكية مغنطيسية، تصل الى الارض عبر بلازما متخلخلة للفضاء ما بين الكواكب حاملة معها حقلا مغنطيسيا.

_________________________________________

(1) عندما يجري الحديث على مرتبة المقدار يكتفي تميزه بالمرتبة العشرية . لذا وعلى الرغم من ان 1KeV يساوي 11.6مليون درجة، نقول ان هذا المقدار هو من مرتبة 10 ملايين درجة فقط.