أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-01-03
1123
التاريخ: 20/12/2022
1147
التاريخ: 20-6-2016
7624
التاريخ: 20-6-2016
1974
|
عانت العصبة ومنذ البداية من غياب الولايات المتحدة الأمريكية ، والتي قصد بها أن تكون العامل المعتدل بمعنى أو بأخر ، ولقد كانت الوظائف السياسية للعصبة مزدوجة ، فمن جهة عهد إليها القيام بواجبات معينة في تنفيذ معاهدات السلام ، ومن جهة أخرى كرست العصبة لبلوغ السلم والأمن الدوليين حسب تعبير العهد(1)، غير أن العصبة فشلت في بلوغ هذه الغاية لأسباب عديدة في مقدمتها الطريقة التي صيغ بها عهدها(2)، ولعل أكبر ما يؤخذ على عهد العصبة من نقص وضعف هو استخدام مصطلح (اللجوء إلى الحرب) في المادتين 12،16 هذا المصطلح الذي أصبغ بطابع ذاتي سواء من خلال قرارات المحافل الدولية ، أو من خلال ممارسات الدول ، ولم تعد الحرب حالة قانونية مرتبطة بمظهر موضوعي ، بل عدت حالة قانونية مستندة على إرادة الدول المعنية ، إن معنى ذلك ، هو عدم اعتبار حالات اللجوء لاستخدام القوة من قبل الدول أعمالا حربية تؤدي بالضرورة إلى إعلان حالة الحرب ، إلا إذا أعلنت الدول عن نيتها في اعتبارها كذلك (3) . إن كون عهد العصبة جزءا مهم من معاهدة فرساي وهي معاهدة صلح قد جعل من العهد مرتبط بالمعاهدة قبولا ورفضا ، وبالتالي أدى ذلك إلى عدم ابراز ذاتية العصبة، يضاف إلى ذلك سلوك الدول الكبرى نحو العصبة وانسحاب بعضها وعدم انضمام البعض الأخر ، ناهيك عن عدم تمثيل معظم دول أفريقيا وغالبية دول أسيا فيها الأمر الذي جعل منها عصبة أمم أوربية – أمريكية (4) . أن كل هذه الأمور قد جعلت من الدول تسعى جاهدة لتلافي المآخذ والنواقص التي أصابت العهد ويرجع البعض إلى العصبة الفضل الروحي والسياسي في التوصل إلى بعض المواثيق والاتفاقيات التي استهدفت البحث عن وسائل افضل لتسوية المنازعات الدولية وتتلخص تلك المواثيق بما يلي :
1. ميثاق لوكارنو عام 1925 والذي تعهدت بموجبه فرنسا وألمانيا وبلجيكا بأتباع سياسة مشتركة بعدم الاعتداء في وقت ضمنت بموجبه بريطانيا وإيطاليا الحدود المشتركة للدول المذكورة واشتمل الميثاق المذكور أيضا على اتفاقيات التحكيم بين ألمانيا من جهة وفرنسا وبولندا وبلجيكا وتشيكوسلوفاكيا من جهة أخرى وتضمن الميثاق أيضا آلية للتسوية السلمية للمنازعات غير الخاضعة للقضاء الدولي(5) ... .
2. ميثاق بريان – كيلوج عام 1928 ... حيث تضمن هذا الميثاق مبدأين أساسيين
آ. أن جميع الخلافات والمنازعات التي تقوم بين الدول لا يمكن معالجتها إلا بالطرق السلمية .
ب. أن تعلن الدول المشاركة استنكارها الالتجاء إلى القوة (الحرب) لتسوية المنازعات الدولية ونبذها كأداة للسياسة القومية في علاقاتها المتبادلة .
لقد كان هذا الميثاق محط تقدير وإعجاب من الفقهاء نظرا لما أتصف به من شمولية ودقة غير أنه يؤخذ عليه أنه لا يتضمن أي جزاء يفرض على الدول التي تخرج عن أحكامه(6)، على الرغم من أن الكثيرون يعدونه قد دشن حقبة جديدة في القانون الدولي .
3. الصك العام للتسوية السلمية للمنازعات ، حيث كان هذا الصك اتفاقية مفتوحة ومتعددة الأطراف قبلت الدول الموقعة عليه الولاية الإلزامية للمحكمة الدائمة في شأن نزاعاتها المستقبلية ، وذلك في غياب إخضاعها لأية هيئة قضائية دولية أخرى (النزاعات القابلة للتقاضي) أما النزاعات الأخرى (غير القابلة للتقاضي) أو نزاعات السياسية فتم الاتفاق على تسويتها وفقا لإجراءات تحكيم خاصة ، وقد اعتمد هذا الصك من أكثر من عشرين دولة بضمنها فرنسا وبريطانيا غير أنه لم يطبق مطلقا(7).
ومع كل الانتقادات والمآخذ على عهد العصبة فإنها قد نجحت في تسوية بعض المنازعات وبالتالي الإسهام والى حد ما في حل بعض من الخلافات الدولية حيث تمكنت من تسوية النزاع الحدودي بين السويد وفنلندا حول جزر الآند عام 1921(8) ، كذلك النزاع بين إيطاليا واليونان عام 1923 وتتلخص وقائع هذا النزاع بمقتل المندوب الإيطالي الجنرال (تنلي) أثناء قيام لجنة تعيين الحدود بين ألبانيا واليونان بأداء أعمالها حيث طلبت إيطاليا اليونان بتقديم تعويض لها والاعتذار ، غير أن اليونان تأخرت في الاستجابة لذلك الطلب ، الأمر الذي دفع إيطاليا إلى احتلال جزيرة كورفو فلجأت اليونان إلى مجلس العصبة الذي تدخل في النزاع وقرر أن تدفع اليونان تعويضاً لإيطاليا مقداره (50) مليون ليرة إيطالية على أن تقوم إيطاليا بالانسحاب من كورفو ، كما قام المجلس بالتدخل لحل النزاع بين اليونان وبلغاريا عام 1925 والذي نجم عن دخول القوات اليونانية إلى الإقليم البلغاري فقامت اليونان بناءا على قرار من مجلس العصبة يدفع تعويضا لبلغاريا عن الخسائر تكبدها المواطنون البلغاريون الساكنون في منطقة الحدود (9) . غير أن ما ينبغي أن يذكر أن العصبة قد فشلت في حل منازعات أخرى ومنها أزمة إقليم منشوريا الصيني حيث دخلت القوات اليابانية إلى هذا الإقليم واحتلته بسبب خشيتها من ضلوع أميره بصورة لا تناسبها بأمور تخدم الصين وبالتالي احتمال وقوع هذا الإقليم تحت قبضة القيادة الشيوعية في موسكو ، فقامت اليابان بعد الاحتلال (احتلال الإقليم) بإقامة دولة خاضعة للنفوذ الياباني ، إذ وقفت العصبة إزاء هذه القضية عاجزة عن حماية الإقليم الصيني ووحدته ولم تستجب اليابان للتوصية التي أصدرتها العصبة بحصول منشورياً على الاستقلال الذاتي تحت الحكم الصيني ، إذ قامت اليابان بالانسحاب من العصبة وبالتالي فشلت العصبة في فرض عقوبات عليها ، كذلك فشلت العصبة في إيقاف الهجوم الإيطالي على الحبشة واحتلالها عام 1935 بحملة عسكرية مزودة بالدبابات والطائرات والغازات السامة إذ فشلت العقوبات الاقتصادية في كبح جماح الجيش الإيطالي ، ووقفت العصبة عاجزة أمام إعلان ألمانيا عام 1936 بأنها سوف تعيد احتلال أراضي الراين بعد أن كانت هذه الأراضي منطقة منزوعة السلاح بموجب معاهدة السلام ، إذ تحدت ألمانيا بإعلانها هذا معاهدة فرساي التي اعتبرتها أنها فرضت عليها بقوة السلاح وأنها بالتالي (ألمانيا) ليست ملزمة بمعاهدة فرضت عليها بالقوة(10)، هذه بعض الأسباب التي أدت إلى إخفاق العصبة وعدم قدرتها باعتبارها تنظيما دوليا على احتواء الخلافات الإقليمية والدولية ومحاولات فرض حلول لها، وكذلك الاستجابة لتحقيق العدالة والمساواة بين الدول(11)، وهكذا وقفت العصبة عاجزة عن الصمود أمام الخلافات التي بدأت تعصف بها من كل جهة ، إذ أسفر تدهور العلاقات وتفاقم الخلافات عن اندلاع الحرب العالمية الثانية عام 1939، فكانت هذه الحرب المسمار الأخير في نعش عصبة الأمم ولتقوم على أنقاضها منظمة الأمم المتحدة.
___________________
1- آرثر نوسبوم ، الوجيز في تاريخ القانون الدولي ، ترجمة وتعليق د. رياض القيسي ، بيت الحكمة ، بغداد ، 2002، ص343 .
2- د. عبد العزيز محمد سرحان ، الأصول العامة للمنظمات الدولية ، القاهرة 1967 ص363 .
3- د. علاء الدين حسين مكي خماس ، ص51 نقلا عن (oppenhiem , international law , vo1 p28).
4- د. إبراهيم احمد شلبي، التنظيم الدولي، دراسة في النظرية العامة والمنظمات الدولية، الدار الجامعية، بيروت 1985، ص137 .
5- ارثر نوسبوم ، مصدر سابق ص343 .
6- د. عبد العزيز الدوري ، سلطة مجلس الأمن في اتخاذ التدابير المؤقتة ، دار الشؤون الثقافية ، بغداد ، 2001 ، ص40 .
7- ارثر نوسبوم ، مصدر سابق ص363 .
8- د. محمد السعيد الدقاق ، المنظمات الدولية العالمية والإقليمية ، مؤسسة الثقافة الجامعية ، 1978 ، ص26 .
9- جابر الراوي، المنازعات الدولية، مطبعة دار السلام بغداد 1987، ص118 .
10- د . محمد صالح المسفر، منظمة الأمم المتحدة، خلفية النشأة والمبادئ، ط1، 1997، ص93 وما بعدها .
11- د. محمد صالح المسفر ، مصدر سابق ص95 .
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|