أقرأ أيضاً
التاريخ: 8-3-2017
1875
التاريخ: 8-3-2017
1905
التاريخ: 13/12/2022
1329
التاريخ: 7-3-2017
4264
|
إن قواعد حقوق الإنسان كانت قد مرت بمراحل عدة لحين وصولها الى مرحلتها الحالية اليوم . إذ إن هذه القواعد ظهرت إبتداءً على صعيد القانون الداخلي . ويرجع ذلك تاريخياً الى البدايات الأولى لظهور المجتمعات البشرية التي عرفت المبادئ الأولى للمدنية وظهور القواعد القانونية الأولى على اختلاف أنواعها في تلك المجتمعات(1) . إن قواعد حقوق الإنسان حتى على صعيد القانون الداخلي ، قد مرّت بعدة مراحل تطور من حيث مدى أهميتها والالتزام بها ومدى انتهاكها ، ومكانتها في النظام القانوني ،فقد تضمن الطور الأول لظهورها ، تركيز جهد من تبناها ودافع عنها وسعى الى تقويتها على إبراز أهميتها وفوائد الأخذ بها للكائن البشري سواء بشكل فردي أو جماعي . في ضوء تلك الجهود البشرية ومدى قوتها وضعفها ، تباين من حيث المكان والزمان مدى الاقتناع والايمان بمبادئ حقوق الإنسان ، وفي ضوء ذلك تباين مدى الالتزام والانتهاك بقواعد حقوق الإنسان عبر التاريخ . وعلى أثر كل تلك المعطيات تغيرت مكانة قواعد حقوق الإنسان في النظام القانوني الداخلي من حيث مدى الأهمية والسمو ، فقد بقيت في العديد من المجتمعات مجرد قواعد عادية ليس لها سموّ أو مكانة خاصة في النظام القانوني بل أنها قد تكون دون القواعد القانونية العادية في بعض من المجتمعات البشرية التي كانت قد ألفت الانتهاكات لحقوق الإنسان ، في حين أنها في مجتمعات أخرى سمت على بقية القواعد القانونية العادية وأصبحت لها مكانة مهمة وخاصة في النظام القانوني بحيث تضمن لها أعلى درجات الاحترام وأقوى الضمانات التي تصونها من الانتهاك ، وكان ذلك واضحاً من حيث الأثر ، عند انتقال قواعد حقوق الإنسان وتطورها في العديد من المجتمعات البشرية من مجرد قواعد قانونية عادية في النظام القانوني للمجتمع الى قواعد سامية وعالية ضمن النظام القانوني . وكان ذلك بانتقال قواعد حقوق الإنسان الى النطاق الدستوري والنص عليها ضمن القواعد الدستورية ذات الأهمية العالية في التكوين القانوني للنظام القانوني الداخلي لأية دولة واعتبارها من المبادئ العليا المهمة التي تعتمد عليها هيكلية الدولة جنباً الى جنب مع القواعد العامة المتعلقة بتنظيم السلطات العامة وتوزيع اختصاصاتها والعلاقة فيما بينها وبقية الأمور العليا في الدولة(2) .من هذه المقدمة البسيطة يتضح أن مسيرة قواعد حقوق الإنسان كانت قد مرّت بعدة مراحل تطور الى أن وصلت الى مرحلتها الحالية اليوم . إن السير بهذه المسيرة ذات الطريق الطويل والمرتبطة بالإنسان كإنسان كما خلقه وأراده الخالق العظيم لم تكن ثمرة جهود عدد معين من بني البشر أو جهة معينة ، بل أنها كانت ثمار جهود كل أبناء البشرية الذين يريدون للانسان ، أن يحكم بقواعد تخاطبه في أدميته وفقاً لطبيعة الإنسانية التي أرادها الخالق الكريم ، ونتيجة لذلك تضافر الكثير من الظروف الايجابية والسلبية التي أحاطت بهذه المسيرة ، والتي تباينت من حيث فائدتها لمسيرة حقوق الإنسان خدمة أو إعاقة . إن مراحل التطور التي مرّت بها مسيرة حقوق الإنسان كانت لأسباب ودوافع وغايات اختلفت باختلاف كل مرحلة منها والظروف المحيطة بها ، فقد كانت المرحلة القانونية الأولى لقواعد حقوق الإنسان على شكل قواعد عرفية ولوجود الحاجة الى تدوين هذه القواعد ووثبيبتها صيانة لها أخذت هذه القواعد تدون على شكل قواعد مكتوبة ، فكان الظهور للمرحلة التشريعية لها ، ولكون هذه القواعد وان كانت قد اتخذت صفة القانون وموضوعة من قبل البشر لذا قد تكون عرضه للتلاعب أو التعديل أو الالغاء بشكل هدام يسيء الى مسيرة حقوق الإنسان . لذا قد اتخذ وضعها ضمن القواعد الدستورية التي تمثل قمة الهرم القانوني في الدولة ، وذلك صيانة لها وضماناً لتطبيقها على أحسن وجه ، وعدم مخالفتها بإصدار قوانين عادية تنتهكها(3) إذ ان فكرة الدستور تقتضي أن يكون له علوّ وسمو على مادونه من قواعد عادية ، فضلاً على أن للقواعد الدستورية ضمانة تتمثل بعدم إمكانية تعديلها أو إلغائها بسهولة بل لابد أن يكون ذلك وفقاً لإجراءات أعقد من الإجراءات اللازمة لتعديل القواعد العادية وإلغائها ، وهذا يضمن عدم المساس السلبي بها بسهولة(4) . لذا نجد أن مسيرة حقوق الإنسان قد شهدت تطوراً ايجابياً مهماً وذلك خلال مرحلة دسترة قواعد حقوق الإنسان ، ولكن مع هذا نجد أن هذه المسيرة قد تلتها مرحلة أخرى ، وهي بحد ذاتها كانت نقلة نوعية مهمة ، ألا وهي مرحلة تدويل قواعد حقوق الإنسان ، أي نقلها الى صعيد قانوني جديد وهو صعيد القانون الدولي(5) . فما هي الأسباب التي دفعت الى ذلك ؟ وما الأهداف من وراء ذلك ؟ إن ذلك يرجع الى تطور الحياة البشرية على مستوى العالم وتطور طرق المواصلات ووسائلها وظهور الثورة الصناعية وما يعنيه ذلك من تطور تجاري واقتصادي ، الأمر الذي أدى الى التقارب والأختلاط بين الشعوب وحصول التمازج بين الثقافات والحضارات ، وبفضل هذا الاحتكاك أخذت الشعوب تتعرف على ثقافات غيرها من الشعوب ومن بين هذه الثقافات والمعارف ما يتعلق بحقوق الإنسان سواء كانت على شكل قواعد قانونية مطبّقة على اختلاف أنواعها ، أم على شكل ثقافات اجتماعية أم عرفية متداولة ، الأمر الذي أدى الى الشعور بضرورة الاقتداء بالأمثلة الجيدة في مجالات حقوق الإنسان ، لابل أكثر من ذلك لتطبيق تلك الأمثلة بشكل عام وفي كل مكان ، وبالتأكيد أن تحقيق ذلك ممكن عن طريق تدويل قواعد حقوق الإنسان(6) . ومن بداهة القول أن تطور الحياة الاقتصادية وظهور مبادئ دعت الى الانفتاح الاقتصادي وزيادة التبادل التجاري الخارجي ، واختلاف توفر فرص العمل من دولة الى أخرى ، الأمر الذي أدى الى زيادة هجرة اليد العاملة بحثاً عن فرص العمل والتكسب ومايعنيه ذلك من زيادة في عدد الأجانب المتواجدين على أقاليم دول غير تلك التي ينتمون اليها برابطة الجنسية ، وما تعنيه هذه الزيادة من زيادة انتهاكات حقوق هؤلاء الأجانب وزيادة خطورة ذلك عليهم من جهة ، وعلى اعتبارات الأمن والسلم الدوليين من جهة اخرى(7) . مما يدفع الاسرة الدولية الى العمل على ايجاد وتطوير اعراف على المستوى الدولي في سبيل منع الإساءة الى هؤلاء الأجانب .
ولمثل هذه الأسباب وغيرها ولأهمية حقوق الإنسان فقد تولد شعور لدى الضمير العالمي بعدم كفاية نظم القانون الداخلي لحماية هذه الحقوق ، وان السبيل لضمان احترامها وصيانتها هو حمايتها عن طريق نظم جديدة ضمن القانون الدولي ، وذلك لضمان تطبيق أفضل النظم المعروفة التي توصلت اليها الحضارات والمدنيات الكبرى بهذا الخصوص ونشرها على مستوى العالم ، لأنها مهما اختلفت ، فانها تتفق على أن الإنسان هو محلها وغايتها ، ولايجاد ضمانه إضافية الى جانب ضمانات النظم الداخلية لحماية حقوق الإنسان وتعزيزها بحيث تكمل إحداهما الأخرى ، وتسد النقص الموجود في هذا المجال ، حيث أن النظم الدولية بهذا الخصوص – وعلى سبيل المثال – تتسم بالعمومية من حيث السريان والزاميه من نوع خاص، وإمكانية التطور ضمن مفاهيم وأطر تتسم بالعمومية والتطور المستمر نحو الأفضل ، فضلاً عن ميزة مهمة هي أن القواعد الدولية لحقوق الإنسان ، شأنها شأن الغالبية من قواعد القانون الدولي ، تمتاز بأنها تخاطب الدول ، أي أنها قواعد تخاطب الحكومات في مجال احترام حقوق الإنسان ، وان هذا يعني تحقيق ميزة مهمة ، إذ أنها تجبر الحكومات وتلزمها وتوجهها نحو أحترام هذه الحقوق ، لأن الغالبية من انتهاكات حقوق الإنسان ناشئة عن علاقات بين الأفراد والسلطات .
ونخلص من كل ما تقدم إلى أن تدويل حقوق الإنسان ونقلها الى صعيد العلاقات الدولية يعد أهم خطوة شهدتها مسيرة حقوق الإنسان في سبيل تعزيز هذه الحقوق .
__________________
1- للمزيد من التفصيل ، انظر : البير بايي ، تاريخ إعلان حقوق الإنسان نقله إلى العربية . د. محمد مندور– القاهرة – 1950 ص23
2- د. صبحي المحمصاني ، أركان حقوق الإنسان . دار العلم للملايين بيروت ، 1979 . ص37 .
3- المصدر نفسه .
4- د. محمود محمد حافظ . الوجيز في القانون الدستوري ، ط3 دار النهضة العربية القاهرة ، 1999 ص60 .
5- strupp K. les regles generales . du droit dela Paic. A.D.I.R.C.1934.I.P.488 .
6- د. صبحي المحمصاني ، مصدر سابق ، ص47 .
7- حيث أن مثل هذه الانتهاكات قد تسيئ إلى العلاقات بين الدول التي ينتمي اليها هؤلاء الأجانب والدول التي يقيمون فيها مما قد يؤدي إلى تهديد الأمن والسلم الدوليين أو المساس بهما .
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
ضمن أسبوع الإرشاد النفسي.. جامعة العميد تُقيم أنشطةً ثقافية وتطويرية لطلبتها
|
|
|